المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فإذا تبين أن جنس عدم العقل والفقه لا يحمد بحال في الشرع بل - الاستقامة - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَمن اسباب ذَلِك مَا وَقع من الاشراك فِي لفظ الْغيرَة فِي كَلَام الْمَشَايِخ

- ‌فصل فِيمَا ذكره الاستاذ ابو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي بَاب الرِّضَا عَن الشَّيْخ ابي

- ‌فصل فِي السكر واسبابه وَأَحْكَامه

- ‌فصل وَمن أقوى الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للسكر سَماع الْأَصْوَات المريبة من وَجْهَيْن من

- ‌فصل اذا تبين هَذَا فَاعْلَم ان اللَّذَّة وَالسُّرُور امْر مَطْلُوب بل هُوَ مَقْصُود

- ‌فصل واذا كَانَت اللَّذَّة مَطْلُوبَة لنَفسهَا فَهِيَ انما تذم اذا اعقبت الما اعظم

- ‌فصل فَإِذا تبين ان السكر مؤلف من امرين وجودي وَهُوَ اللَّذَّة وعدمي وَهُوَ عدم

- ‌فصل فَإِذا تبين أَن جنس عدم الْعقل وَالْفِقْه لَا يحمد بِحَال فِي الشَّرْع بل

- ‌فصل فَهَكَذَا زَوَال الْعقل بالسكر هُوَ من نوع زَوَاله بالإغماء وَالْجُنُون وَنَحْو

- ‌فصل فقد تبين ان اُحْدُ وصفي السكر مَنْفَعَة فِي الاصل وَالْوَصْف الاخر اثم كَمَا

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى لما اهبط آدم وَمن مَعَه الى الارض

- ‌فصل فِي الامر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر

- ‌فصل واذا كَانَت جَمِيع الْحَسَنَات لَا بُد فِيهَا من شَيْئَيْنِ ان يُرَاد بهَا

- ‌فصل فِي الْإِكْرَاه وَمَا يتَعَلَّق بِهِ

الفصل: ‌فصل فإذا تبين أن جنس عدم العقل والفقه لا يحمد بحال في الشرع بل

وَقَالَ {اعلموا أَن الله شَدِيد الْعقَاب وَأَن الله غَفُور رَحِيم} سُورَة الْمَائِدَة 98

وَقَالَ {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} سُورَة مُحَمَّد 24

وَقَالَ اَوْ لم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَوَات والارض وَمَا خلق الله من شَيْء سُورَة الاعراف 185 وَقَالَ {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} سُورَة الْحَشْر 2

وَهَذَا كثير فِي الْقُرْآن يَأْمر ويمدح التفكر والتدبر والتذكر وَالنَّظَر وَالِاعْتِبَار وَالْفِقْه وَالْعلم وَالْعقل والسمع وَالْبَصَر والنطق وَنَحْو ذَلِك من انواع الْعلم واسبابه وكماله ويذم اضداد ذَلِك

‌فصل فَإِذا تبين أَن جنس عدم الْعقل وَالْفِقْه لَا يحمد بِحَال فِي الشَّرْع بل

يحمد الْعلم وَالْعقل وَيُؤمر بِهِ أَمر إِيجَاب أَو أَمر اسْتَجَابَ وَلَكِن من الْعلم مَالا يُؤمر بِهِ الشَّخْص نوعا أَو عينا إِمَّا لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَة فِيهِ لَهُ لِأَنَّهُ يمنعهُ عَمَّا يَنْفَعهُ وَقد ينْهَى عَنهُ إِذا كَانَ

ص: 159

فِيهِ مضرَّة لَهُ وَذَلِكَ ان من الْعلم مَالا يحملهُ عقل الانسان فيضره كَمَا قَالَ عَليّ بن ابي طَالب رضي الله عنه حدثوا النَّاس بِمَا يعْرفُونَ ودعوا مَا يُنكرُونَ اتحبون ان يكذب الله وَرَسُوله وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود مَا من رجل يحدث قوما بِحَدِيث لَا تبلغه عُقُولهمْ الا كَانَ فتْنَة لبَعْضهِم

وَمن الْكَلَام مَا يُسمى علما وَهُوَ جهل مثل كثير من عُلُوم الفلاسفة واهل الْكَلَام والاحاديث الْمَوْضُوعَة والتقليد الْفَاسِد واحكام النُّجُوم وَلِهَذَا روى ان من الْعلم جهلا وَمن القَوْل عيا وَمن الْبَيَان سحرًا

وَمن الْعلم مَا يضر بعض النُّفُوس لاستعانتها بِهِ على اغراضها الْفَاسِدَة فَيكون بِمَنْزِلَة السِّلَاح للمحارب وَالْمَال لِلْفَاجِرِ وَمِنْه مَا لامنفعة فِيهِ لعُمُوم الْخلق مثل معرفَة دقائق الْفلك وثوابته وتوابعه

ص: 160

وحركة كل كَوْكَب فَإِنَّهُ بمنزله حركات التَّغَيُّر عندنَا وَمِنْه مَا يصد عَمَّا يحْتَاج اليه فَإِن الانسان مُحْتَاج الى بعض الْعُلُوم والى اعمال وَاجِبَة فاذا اشْتغل بِمَا لَا يحْتَاج اليه عَمَّا يحْتَاج اليه كَانَ مذموما

فبمثل هَذِه الْوُجُوه يذم الْعلم بِكَوْنِهِ لَيْسَ علما فِي الْحَقِيقَة وان سَمَّاهُ اصحابه وَغَيرهم علما وَهَذَا كثير حدا اَوْ يكون الانسان يعجز عَن حمله اَوْ يَدعُوهُ ويعينه على مَا يضرّهُ اَوْ يمنعهُ عَمَّا يَنْفَعهُ

وَقد يكون فِي حق الانسان لَا مَحْمُودًا وَلَا مذموما هَذَا كُله فِي جنس الْعلم

وَكَذَلِكَ الْقُوَّة الَّتِي بهَا يعلم الانسان وَيعْقل وَتسَمى عقلا فَهَذِهِ لَا يحمد عدمهَا ايضا الا اذا كَانَ بوجودها يحصل ضَرَر فان من النَّاس من لَو جن لَكَانَ خيرا لَهُ فَإِنَّهُ يرْتَفع عَنهُ التَّكْلِيف وبالعقل يَقع فِي الْكفْر والفسوق والعصيان

فَإِن الْعقل قد يُرَاد بِهِ الْقُوَّة الغريزية فِي الانسان الَّتِي بهَا يعقل وَقد يُرَاد بِهِ نفس ان يعقل ويعى وَيعلم

فَالْأول قَول الامام احْمَد وَغَيره من السّلف الْعقل غريزة وَالْحكمَة فطنة

ص: 161