المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها) - شرح النووي على مسلم - جـ ٦

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِمَا وَتَخْفِيفِهِمَا)

- ‌(بَابٌ فَضْلُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرَائِضِ وَبَعْدَهُنَّ وَبَيَانُ

- ‌(باب جَوَازِ النَّافِلَةِ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَفِعْلِ بَعْضِ الركعة

- ‌(بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَعَدَدِ رَكَعَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ التَّرَاوِيحُ)

- ‌(باب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(باب الحث على صلاة الوقت وان قلت)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي بَيْتِهِ وَجَوَازِهَا فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الدَّائِمِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وغيره)

- ‌(باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو

- ‌(باب فضائل القرآن وما يتعلق به)

- ‌(باب الْأَمْرِ بِتَعَهُّدِ الْقُرْآنِ وَكَرَاهَةِ قَوْلِ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا

- ‌(باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن)

- ‌(باب نزول السكينة لقراءة القرآن)

- ‌(باب فَضِيلَةِ حَافِظِ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْحُذَّاقِ فِيهِ)

- ‌(باب فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه)

- ‌(باب فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَتَعَلُّمِهِ)

- ‌(باب فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْفَاتِحَةِ وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي)

- ‌(باب فَضْلِ قراءة قل هو الله أحد)

- ‌(باب فَضْلِ قِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(باب فضل من يقول بِالْقُرْآنِ وَيُعَلِّمُهُ وَفَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ حِكْمَةً)

- ‌(باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه)

- ‌(باب تَرْتِيلِ الْقِرَاءَةِ وَاجْتِنَابِ الْهَذِّ وَهُوَ الْإِفْرَاطُ)

- ‌(باب مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَاتِ)

- ‌(باب الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا)

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(كتاب الجمعة يُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا حَكَاهُنَّ

- ‌(كتاب صلاة العيدين هِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ

- ‌(كتاب صلاة الاستسقاء أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ

- ‌(كِتَاب الْكُسُوفِ يُقَالُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِفَتْحِ الْكَافِ

- ‌(كتاب الجنائز)[916]الْجِنَازَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ جَنَزَ إِذَا سَتَرَ ذَكَرَهُ بن

- ‌(قَالُوا فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا

- ‌(قَوْلُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ الْقَائِلُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ هُوَ

الفصل: ‌(باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها)

مَفْتُوحَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ أَيِ انْقِبَاضَهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْفِطْنَةَ وَالذَّكَاءَ يُقَالُ رَجُلٌ حُوشِيُّ الْفُؤَادِ أَيْ حَدِيدُهُ

(باب الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا)

فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ طُلُوعِهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُولَ وَعِنْدَ اصْفِرَارِهَا حَتَّى تَغْرُبَ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْفَرَائِضِ الْمُؤَدَّاةِ فِيهَا وَاخْتَلَفُوا فِي النَّوَافِلِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ كَصَلَاةِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ جَوَازُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي النَّهْيِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ

ص: 110

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ بِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي قَضَاءِ السُّنَّةِ الْفَائِتَةِ فَالْحَاضِرَةُ أَوْلَى وَالْفَرِيضَةُ الْمَقْضِيَّةُ أَوْلَى وَكَذَا الْجِنَازَةُ هَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِجُمْلَةِ أَحْكَامِ الْبَابِ وَفِيهِ فُرُوعٌ وَدَقَائِقُ سَنُنَبِّهُ عَلَى بَعْضِهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ أحَادِيثِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[825]

قَوْلُهُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَضَبَطْنَاهُ أَيْضًا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ بِلَادِنَا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ شَرَقَتِ الشَّمْسُ تَشْرُقُ أَيْ طَلَعَتْ عَلَى وَزْنِ طلعت تطلع وغربت تغرب ويقال شرقت تَشْرُقُ أَيِ ارْتَفَعَتْ وَأَضَاءَتْ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وأشرقت الأرض بنور ربها أَيْ أَضَاءَتْ فَمَنْ فَتَحَ التَّاءَ هُنَا احْتَجَّ بِأَنَّ بَاقِي الرِّوَايَاتِ قَبْلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَعْدَهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَوَجَبَ حَمْلُ هَذِهِ عَلَى مُوَافَقَتِهَا وَمَنْ قَالَ بِضَمِّ التَّاءِ احْتَجَّ لَهُ الْقَاضِي بِالْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ حَتَّى تَبْرُزَ وَحَدِيثِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّلُوعِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ ارْتِفَاعُهَا وَإِشْرَاقُهَا وَإِضَاءَتُهَا لَا مُجَرَّدَ ظُهُورِ قُرْصِهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ مُتَعَيَّنٌ لَا عُدُولَ عِنْدَهُ

ص: 111

لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيْ شَيْطَانٍ هَكَذَا هُوَ في الأصول بقرني شيطان في حديث بن عُمَرَ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَرْنَيِ الشَّيْطَانِ حِزْبُهُ وَأَتْبَاعُهُ وَقِيلَ قُوَّتُهُ وَغَلَبَتُهُ وَانْتِشَارُ فَسَادِهِ وَقِيلَ الْقَرْنَانِ نَاحِيَتَا الرَّأْسِ وَأَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَى قَالُوا وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْنِي رَأْسَهُ إِلَى الشَّمْسِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا مِنَ الْكُفَّارِ كَالسَّاجِدِينَ لَهُ فِي الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ وَلِبَنِيهِ تَسَلُّطٌ ظَاهِرٌ وَتَمَكُّنٌ مِنْ أَنْ يُلَبِّسُوا عَلَى الْمُصَلِّينَ صَلَاتَهُمْ فَكُرِهَتِ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ صِيَانَةً لَهَا كَمَا كُرِهَتْ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشَّيْطَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ وَفِي بَعْضِ أُصُولِ مُسْلِمٍ فِي حديث بن عُمَرَ هُنَا بِقَرْنَيِ الشَّيْطَانِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَسُمِّيَ شَيْطَانًا لِتَمَرُّدِهِ وَعُتُوِّهِ وَكُلُّ مَارِدٍ عَاتٍ شَيْطَانٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ شَطَنَ إِذَا بَعُدَ لِبُعْدِهِ مِنَ الْخَيْرِ

ص: 112

وَالرَّحْمَةِ وَقِيلَ مُشْتَقٌّ مِنْ شَاطَ إِذَا هَلَكَ وَاحْتَرَقَ

[829]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ لَفْظَةُ بَدَا هُنَا غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ مَعْنَاهُ ظَهَرَ وحاجبها طرفها وتبرز بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ حَتَّى تَصِيرَ الشَّمْسُ بَارِزَةً ظَاهِرَةً وَالْمُرَادُ تَرْتَفِعُ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ

[830]

قَوْلُهُ عَنْ خَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ هُوَ بِالْخَاءِ المعجمة قوله عن بن هُبَيْرَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِي بَصْرَةَ أَمَّا بَصْرَةُ فَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجَيْشَانِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَيْشَانَ قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنَ الْيَمَنِ وَاسْمُ أَبِي تَمِيمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ قَوْلُهُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ بِالْمُخْمَصِ هُوَ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ بِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ فِيهِ فَضِيلَةُ الْعَصْرِ وَشِدَّةُ الْحَثِّ عَلَيْهَا

ص: 113

[831]

قَوْلُهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا هُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ قَوْلُهُ تَضَيَّفَ لِلْغُرُوبِ هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ تَمِيلُ قَوْلُهُ حِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ الظَّهِيرَةُ حَالُ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ وَمَعْنَاهُ حِينَ لَا يَبْقَى لِلْقَائِمِ فِي الظَّهِيرَةِ ظِلٌّ فِي الْمَشْرِقِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ قَوْلُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ كَمَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ فَلَا يُكْرَهُ

[832]

قَوْلُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ

ص: 114

مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْقِرَ وَهِيَ نَاحِيَةٌ بِالْيَمَنِ قَوْلُهُ جُرَآءٌ عَلَيْهِ قَوْمُهُ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ جُرَآءٌ بِالْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ جَمْعُ جَرِيءٍ بِالْهَمْزِ مِنَ الْجُرْأَةِ وَهِيَ الْإِقْدَامُ وَالتَّسَلُّطُ وَذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ حِرَاءٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ المكسورة ومعناه غضاب ذو وغم قَدْ عِيلَ صَبْرُهُمْ بِهِ حَتَّى أَثَّرَ فِي أَجْسَامِهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ حَرَى جِسْمُهُ يَحْرِي كَضَرَبَ يَضْرِبُ إِذَا نَقَصَ مِنَ أَلَمٍ وَغَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِالْجِيمِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْتَ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ مَا أَنْتَ وَإِنَّمَا قَالَ مَا أَنْتَ وَلَمْ يَقُلْ مَنْ أَنْتَ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ صِفَتِهِ لَا عَنْ ذَاتِهِ وَالصِّفَاتُ مِمَّا لَا يُعْقَلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَكَسْرِ الْأَوْثَانِ وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ هَذَا فِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى صِلَةِ الْأَرْحَامِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَنَهَا بِالتَّوْحِيدِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَزَبَاتِ الْأُمُورِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مُهِمَّهَا وَبَدَأَ بِالصِّلَةِ وَقَوْلُهُ وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِمَا وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ قَوْلُهُ فَقُلْتُ إِنِّي مُتَّبِعُكَ قَالَ إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا أَلَا تَرَى حَالِي وَحَالَ النَّاسِ وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ فائتني معناه

ص: 115

قُلْتُ لَهُ إِنِّي مُتَّبِعُكَ عَلَى إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ هُنَا وَإِقَامَتِي مَعَكَ فَقَالَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ لِضَعْفِ شَوْكَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ أَذَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَلَكِنْ قَدْ حَصَلَ أَجْرُكَ فَابْقَ عَلَى إِسْلَامِكَ وَارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ وَاسْتَمِرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي مَوْضِعِكَ حَتَّى تَعْلَمَنِي ظَهَرْتُ فَأْتِنِي وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ لِلنُّبُوَّةِ وَهِيَ إِعْلَامُهُ بِأَنَّهُ سَيَظْهَرُ قَوْلُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي قَالَ نَعَمْ أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ فَقُلْتُ بَلَى فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَشَرْطُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَتَقَدَّمَهَا نَفْيٌ قَوْلُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ هَكَذَا هُوَ عَمَّا عَلَّمَكَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَخْبِرْنِي عَنْ حُكْمِهِ وَصِفَتِهِ وَبَيِّنْهُ لِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ لَا يَزُولُ بِنَفْسِ الطُّلُوعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الِارْتِفَاعِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ أَيْ تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ فَهِيَ أَقْرَبُ إِلَى الْقَبُولِ وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ مَعْنَى يَسْتَقِلُّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ أَيْ يَقُومُ مُقَابِلَهُ فِي جِهَةِ الشَّمَالِ ليس مَائِلًا إِلَى الْمَغْرِبِ وَلَا إِلَى الْمَشْرِقِ وَهَذِهِ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ وَفِي

ص: 116

الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامٌ عَجِيبٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ نَبَّهَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَمَعْنَى تُسْجَرُ جَهَنَّمُ تُوقَدُ عَلَيْهَا إِيقَادًا بَلِيغًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَلْ جَهَنَّمُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ أَمْ عَجَمِيٌّ فَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ جَهَامُ أَيْ عَمِيقَةٌ فَعَلَى هَذَا لَمْ تُصْرَفْ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَامْتَنَعَ صَرْفُهَا لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ مَعْنَى أَقْبَلَ الْفَيْءُ ظَهَرَ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْفَيْءُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَمَّا الظِّلُّ فَيَقَعُ عَلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ كَلَامٌ نَفِيسٌ بَسَطْتُهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَا يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَلَا بِصَلَاةِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَمْ يُكْرَهِ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يُدْنِيهِ وَالْوَضُوءُ هُنَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ أَيْ يُخْرِجُ الَّذِي فِي أَنْفِهِ يُقَالُ نَثَرَ وَانْتَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّثْرَةِ وَهِيَ الْأَنْفُ وَقِيلَ طَرَفُهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الطَّهَارَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ خَرَّتْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ إِلَّا بن أَبِي جَعْفَرٍ فَرَوَاهُ جَرَتْ بِالْجِيمِ وَمَعْنَى خَرَّتْ بِالْخَاءِ أَيْ سَقَطَتْ وَمَعْنَى جَرَتْ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ بِالْخَطَايَا الصَّغَائِرُ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ وَالْخَيَاشِيمُ جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ وَقِيلَ الْخَيَاشِيمُ عِظَامٌ رِقَاقٌ فِي أَصْلِ الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 117

ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَقَالَ الشِّيعَةُ الواجب مسحهما وقال بن جَرِيرٍ هُوَ مُخَيَّرٌ وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ يَجِبُ الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ قَوْلُهُ لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ مَا حَدَّثْتُ بِهِ أَبَدًا وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يَرَى التَّحْدِيثَ إِلَّا بِمَا سَمِعَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ مَرَّاتٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ سَمِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً جَازَ لَهُ الرِّوَايَةُ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا تَعَيَّنَ لَهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَوْ لَمْ أَتَحَقَّقْهُ وَأَجْزِمْ بِهِ لَمَا حَدَّثْتُ بِهِ وَذَكَرَ الْمَرَّاتِ بَيَانًا لِصُورَةِ حَالِهِ وَلَمْ يُرِدْ أن ذلك شرط والله أعلم

ص: 118

[833]

قَوْلُهَا وَهِمَ عُمَرُ تَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي رِوَايَتِهِ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ التَّحَرِّي قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا قَالَتْ عَائِشَةُ هَذَا لِمَا رَوَتْهُ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ وَمَا رَوَاهُ عُمَرُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هريرة وقد قال بن عَبَّاسٍ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ قُلْتُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَرِوَايَةُ التَّحَرِّي مَحْمُولَةٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْفَرِيضَةِ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ وَرِوَايَةُ النَّهْيِ مُطْلَقًا مَحْمُولَةٌ عَلَى غَيْرِ ذَوَاتِ الأسباب

[834]

قوله قال بن عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّاسَ عَلَيْهَا هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ أَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَفِي بَعْضٍ أَصْرِفُ النَّاسَ عَنْهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَضْرِبُهُمْ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ وَيَصْرِفُهُمْ عَنْهَا فِي وَقْتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ أَوْ يَصْرِفُهُمْ مَعَ الضَّرْبِ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَضْرِبُ مَنْ بَلَغَهُ النَّهْيُ ويصرف

ص: 119

مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِالدِّرَّةِ وَفِيهِ احْتِيَاطُ الْإِمَامِ لِرَعِيَّتِهِ وَمَنْعُهُمْ من البدع والمنهيات الشرعية وتعزيرهم عليها قَوْلُهُ قَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي بِهِ فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُهِمٍّ وَيَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ بِهِ أَوْ أعْرَفُ بِأَصْلِهِ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَفِيهِ الِاعْتِرَافُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ بِمَزِيَّتِهِمْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَدَبِ الرَّسُولِ فِي حَاجَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِتَصَرُّفٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ كُرَيْبٌ بِالذَّهَابِ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ فَلَمَّا أَرْشَدَتْهُ عَائِشَةُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ رَسُولًا لِلْجَمَاعَةِ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالذَّهَابِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَرْسَلُوهُ إِلَيْهَا قَوْلُهَا وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ سَبَقَ مَرَّاتٍ أَنَّ بَنِي حَرَامٍ بِالرَّاءِ وَأَنَّ حَرَامًا فِي الْأَنْصَارِ وَحِزَامًا بِالزَّايِ فِي قُرَيْشٍ قَوْلُهَا فَأَرْسَلَتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهَا فَقُولِي لَهُ تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّمَا قَالَتْ عَنْ نَفْسِهَا تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَنَّتْ نَفْسَهَا وَلَمْ تَقُلْ هِنْدُ بِاسْمِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ بِكُنْيَتِهَا وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِالْكُنْيَةِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا بِهَا أَوِ اشْتَهَرَ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا إِلَّا بِهَا وَكُنِّيَتْ بِأَبِيهَا سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَكَانَ صَحَابِيًّا وَقَدْ ذَكَرْتُ أَحْوَالَهُ فِي تَرْجَمَتِهَا مِنْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ قَوْلُهَا إِنِّي أَسْمَعُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا مَعْنَى أَسْمَعُكَ سَمِعْتُكَ فِي الْمَاضِي وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْمُضَارِعِ لِإِرَادَةِ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ نرى تقلب وجهك وَفِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلتَّابِعِ إِذَا رَأَى مِنَ الْمَتْبُوعِ شَيْئًا

ص: 120

يُخَالِفُ الْمَعْرُوفَ مِنْ طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَادَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِلُطْفٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا رَجَعَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَلَهُ مَعْنًى مُخَصَّصٌ عَرَفَهُ التَّابِعُ وَاسْتَفَادَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالٍ يَعْلَمُهَا وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا وَفِيهِ مَعَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ بِالسُّؤَالِ يَسْلَمُ مِنْ إِرْسَالِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بِتَعَارُضِ الْأَفْعَالِ أَوِ الْأَقْوَالِ وَعَدَمِ الِارْتِبَاطِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ قَوْلُهَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ فِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا إِثْبَاتُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ إِذَا فَاتَتْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَمِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مَا لَا سَبَبَ لَهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عُمْدَةُ أَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ لَنَا أَصَحُّ دَلَالَةً مِنْهُ وَدَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ دَاوَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَلَا يَقُولُونَ بِهَذَا قُلْنَا لِأَصْحَابِنَا فِي هَذَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ بِهِ فَمَنْ دَأْبُهُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ فَقَضَاهَا فِي وَقْتِ النَّهْيِ كَانَ لَهُ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى صَلَاةٍ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْصُلُ الدَّلَالَةُ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا الْأَصْلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَدَمُ التَّخْصِيصِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ بِهِ بَلْ هُنَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ وَهِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ أَنَّهَا سُنَّةُ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْفِعْلُ مُخْتَصٌّ بِي وَسُكُوتُهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمُهِمَّاتُ بُدِئَ بِأَهَمِّهَا وَلِهَذَا

ص: 121

بَدَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثِ الْقَوْمِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَرَكَ سُنَّةَ الظُّهْرِ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهَا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِإِرْشَادِهِمْ وَهِدَايَتِهِمْ وَقَوْمَهُمْ إلى الإسلام أهم قَوْلُهَا مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ يعني بعد يوم وفد عبد القيس

[835]

قَوْلُهُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّجْدَتَيْنِ رَكْعَتَانِ هُمَا سُنَّةُ الْعَصْرِ قَبْلَهَا وَقَالَ الْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى سُنَّةِ الظُّهْرِ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ لِيَتَّفِقَ الْحَدِيثَانِ وَسُنَّةُ الظُّهْرِ تَصِحُّ تَسْمِيَتُهَا أَنَّهَا قَبْلَ العصر

ص: 122