الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِإِثْبَاتِ الْبَاءِ وَحَذْفِهَا وَهُمَا صَحِيحَانِ وَفِي رِوَايَةٍ بِإِثْبَاتِ فِي قَبْرِهِ وَفِي رِوَايَةٍ بِحَذْفِهِ قَوْلُهُ فَقَامَ بِحِيَالِهِ يَبْكِي أَيْ حِذَاءَهُ وَعِنْدَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ يُعَذَّبُ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ يُبْكَى بِالْيَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ مَنْ بِمَعْنَى الَّذِي وَيَجُوزُ عَلَى لُغَةٍ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَتَثْبِيتَ الْيَاءِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
…
أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالْأَنْبَاءُ تَنْمِي
…
(قَوْلُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ الْقَائِلُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ هُوَ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَوْلُهُ عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ قَالَ مُحَقِّقُو أهل اللغة)
يُقَالُ عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَعْوَلَ لُغَتَانِ وَهُوَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقَالُ إِلَّا أَعْوَلَ وهذا الحديث يرد عليه
[928]
قوله عن بن أبي مليكة كنت جالسا إلى جنب بن عُمَرَ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أَمِّ أَبَانَ ابْنَةِ عثمان وعنده عمرو بن عثمان فجاء بن عباس يقوده قائد فأراه أخبره بمكان بن عُمَرَ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي فَكُنْتُ بَيْنَهُمَا فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ الْجُلُوسِ وَالِاجْتِمَاعِ لِانْتِظَارِ الجنازة واستحبابه وأما جلوسه بين بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَهُمَا أَفْضَلُ بِالصُّحْبَةِ وَالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَالنَّسَبِ وَالسِّنِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَدَبَ أَنَّ الْمَفْضُولَ لَا يَجْلِسُ بَيْنَ الْفَاضِلِينَ إِلَّا لِعُذْرٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى عُذْرٍ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَرْفَقُ بِابْنِ عَبَّاسٍ وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ قوله عن بن عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ مُرْسَلَةً مَعْنَاهُ أَنَّ بن عُمَرَ أَطْلَقَ فِي رِوَايَتِهِ تَعْذِيبَ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ الْحَيِّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِيَهُودِيٍّ كَمَا قَيَّدَتْهُ عَائِشَةُ وَلَا بِوَصِيَّةٍ كَمَا قَيَّدَهُ
آخَرُونَ وَلَا قَالَ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ كَمَا رواه أبوه عُمَرَ
[929]
قَوْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ فِي هَذِهِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِقَرَائِنَ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعِ الْإِنْسَانُ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمِنْ هَذَا قَالُوا لَهُ الْحَلِفُ بِدَيْنٍ رَآهُ بِخَطِّ أَبِيهِ الْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ إِذَا ظَنَّهُ فَإِنْ قِيلَ فَلَعَلَّ عَائِشَةَ لَمْ تَحْلِفْ عَلَى ظَنٍّ بَلْ عَلَى عِلْمٍ وَتَكُونُ سَمِعَتْهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ قُلْنَا هَذَا بَعِيدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أن عمر وبن عُمَرَ سَمِعَاهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَالثَّانِي لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاحْتَجَّتْ بِهِ عَائِشَةُ وَقَالَتْ سَمِعْتُهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تَحْتَجَّ به إنما
احْتَجَّتْ بِالْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[932]
قَوْلُهَا وَهِلَ هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ غَلِطَ وَنَسِيَ وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي إِنْكَارِهَا سَمَاعَ الْمَوْتَى فَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ حَيْثُ ذَكَرَ مُسْلِمٌ
أَحَادِيثَهُ
[934]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ قَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا إِلَى آخِرِهِ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ النِّيَاحَةِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ صِحَّةُ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يَمُتِ الْمُكَلَّفُ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى الْغَرْغَرَةِ
[935]
قَوْلُهَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ وَشَقُّ الْبَابِ تَفْسِيرٌ لِلصَّائِرِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقَالُ صَائِرُ وَإِنَّمَا يُقَالُ صِيرُ بِكَسْرِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم اذْهَبْ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ هُوَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَكَسْرِهَا يُقَالُ حَثَا يَحْثُو وَحَثَى يَحْثِي لُغَتَانِ وَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي انكار البكاء عليهم وَمَنْعِهِنَّ مِنْهُ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بُكَاءً بِنَوْحٍ وَصِيَاحٍ وَلِهَذَا تَأَكَّدَ النَّهْيُ وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدَ دَمْعِ الْعَيْنِ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَأَنَّهُ رَحْمَةٌ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بُكَاءً مِنْ غَيْرِ نِيَاحَةٍ وَلَا صَوْتٍ قَالَ وَيَبْعُدُ أَنَّ الصَّحَابِيَّاتِ يَتَمَادَيْنَ بَعْدَ تَكْرَارِ نَهْيِهِنَّ عَلَى مُحَرَّمٍ وَإِنَّمَا كَانَ بُكَاءً مُجَرَّدًا وَالنَّهْيُ عَنْهُ تَنْزِيهٌ وَأَدَبٌ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَلِهَذَا أَصْرَرْنَ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلَاتٍ قَوْلُهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفكَ وَاللَّهِ مَا تَفْعَلُ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَنَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّكَ قَاصِرٌ لَا تَقُومُ بِمَا أُمِرْتَ بِهِ مِنَ الْإِنْكَارِ لِنَقْصِكَ وَتَقْصِيرِكَ وَلَا تُخْبِرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِقُصُورِكَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يُرْسِلَ غَيْرَكَ وَيَسْتَرِيحَ مِنَ الْعَنَاءِ وَالْعَنَاءُ بِالْمَدِّ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ وَقَوْلُهُمْ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ أَيْ أَلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى إِذْلَالِهِ وَإِهَانَتِهِ قَوْلُهُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَا تَرَكْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من العي هكذا هو مُعْظَمِ نُسَخِ بِلَادِنَا هُنَا الْعِيُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ التَّعَبُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْعَنَاءِ السَّابِقِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى قَالَ الْقَاضِي وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ الْغَيُّ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَالَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ الْعَنَاءُ بِالْمَدِّ وَهُوَ الَّذِي نَسَبَهُ إِلَى الْأَكْثَرِينَ خِلَافَ سِيَاقِ مُسْلِمٍ لِأَنَّ مُسْلِمًا رَوَى الْأَوَّلَ الْعَنَاءَ ثُمَّ رَوَى الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ إِنَّهَا بِنَحْوِ الْأُولَى إِلَّا فِي هَذَا اللَّفْظِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ خِلَافَهُ
[936]
قَوْلُهَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الْبَيْعَةِ فِيهِ تَحْرِيمُ النَّوْحِ وَعَظِيمُ قبحه والاهتمام
بِإِنْكَارِهِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُهَيِّجٌ لِلْحُزْنِ وَرَافِعٌ لِلصَّبْرِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ وَالْإِذْعَانِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهَا فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا خَمْسٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ لَمْ يَفِ مِمَّنْ بَايَعَ مَعَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَايَعَتْ فِيهِ مِنَ النِّسْوَةِ إِلَّا خَمْسٌ لَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ النِّيَاحَةَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ غَيْرُ خَمْسٍ قَوْلُهُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ حِينَ نُهِينَ عَنِ النِّيَاحَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا آلَ فُلَانٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْخِيصِ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَحِلُّ النِّيَاحَةُ لِغَيْرِهَا وَلَا لَهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَدِيثِ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْعُمُومِ مَا شَاءَ فَهَذَا صَوَابُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً وَمَقْصُودِي التَّحْذِيرُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ النِّيَاحَةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ بِهَذَا الْحَدِيِثِ وَقِصَّةُ نِسَاءِ جَعْفَرٍ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ مَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ كَشَقِّ الْجُيُوبِ وَخَمْشِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ دليل صحيح لما ذكره والله أعلم