الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَوٌّ وَإِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ بِتَوٍّ) التَّوُّ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ الْوِتْرُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِجْمَارِ الِاسْتِنْجَاءُ قَالَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَإِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ بِتَوٍّ لَيْسَ لِلتَّكْرَارِ بَلِ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْفِعْلُ وَبِالثَّانِي عَدَدُ الْأَحْجَارِ وَالْمُرَادُ بِالتَّوِّ فِي الْجِمَارِ سَبْعٌ سَبْعٌ وَفِي الطَّوَافِ سَبْعٌ وَفِي السَّعْيِ سَبْعٌ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثٌ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الْإِنْقَاءُ بِثُلَاثٍ وَجَبَتِ الزِّيَادَةُ حَتَّى يُنَقَّى فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوِتْرٍ فَلَا زِيَادَةَ وَإِنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ اسْتُحِبَّ زِيَادَةُ مَسْحِهِ لِلْإِيتَارِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشْهُورُ الِاسْتِحْبَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب تَفْضِيلِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَجَوَازِ التَّقْصِيرِ)
[1301]
قوله (حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وَحَلَقَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ) وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ فِي دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَلْقِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى التَّقْصِيرِ وَتَصْرِيحٌ بِتَفْضِيلِ الْحَلْقِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَعَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِي إِلَّا ما حكاه بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ وَهَذَا إِنْ صَحَّ عَنْهُ
مَرْدُودٌ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَمَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ نُسُكٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِمَا لَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَّا بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِي مِنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رُبُعُ الرَّأْسِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نِصْفُ الرَّأْسِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَكْثَرُ الرَّأْسِ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ كُلُّ الرَّأْسِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ حَلْقُ جَمِيعِهِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي التَّقْصِيرِ عَنْ قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْرِ فَإِنْ قَصَّرَ دُونَهَا جَازَ لِحُصُولِ اسْمِ التَّقْصِيرِ وَالْمَشْرُوعُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ وَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْحَلْقُ فَلَوْ حَلَقْنَ حَصَلَ النُّسُكُ وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ النَّتْفُ وَالْإِحْرَاقُ وَالْقَصُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ إِزَالَةِ الشَّعْرِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ وَدُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا ثُمَّ لِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً كُلُّ هَذَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أَمَرَهُمْ بِالْحَلْقِ فَمَا فَعَلَهُ أَحَدٌ لِطَمَعِهِمْ بِدُخُولِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وذكر عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ قَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يشكوا قال بن عبد البر
وَكَوْنُهُ فِي الْحُدَيْبِيَةِ هُوَ الْمَحْفُوظُ قَالَ الْقَاضِي قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ خِلَافَ مَا قَالُوهُ وَإِنْ كَانَتْ أَحَادِيثُهُ جَاءَتْ مُجْمَلَةً غَيْرَ مفسرة موطن ذلك لأنه ذكر من رواية بن أَبِي شَيْبَةَ وَوَكِيعٍ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ وَكِيعًا لَمْ يَذْكُرْ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ قَبْلَ هَذَا فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ جَدَّتِهِ هَذِهِ أُمِّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ حَجَجْتُ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ فِي حَدِيثِهَا مُفَسَّرًا أَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَوَجْهُ فَضِيلَةِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِبَادَةِ وَأَدَلُّ عَلَى صِدْقِ النِّيَّةِ فِي التَّذَلُّلِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُقَصِّرَ مُبْقٍ عَلَى نَفْسِهِ الشَّعْرَ الَّذِي هُوَ زِينَةٌ وَالْحَاجَّ مَأْمُورٌ بِتَرْكِ الزِّينَةِ بَلْ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَبَعْدَ ذَبْحِ الْهَدْيِ إِنْ كَانَ مَعَهُ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ قَارِنًا أَوْ مفردا وقال بن الْجَهْمِ الْمَالِكِيُّ لَا يَحْلِقُ الْقَارِنُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا فِي آخِرِ