الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1275]
قَوْلُهُ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَأَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنِ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ بِأَنْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ غَيْرَهُ اسْتَلَمَهُ بِعَصًا وَنَحْوِهَا ثُمَّ قَبَّلَ مَا اسْتَلَمَ بِهِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا
[1276]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ قَالَتْ فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ ب الطور وَكِتَابِ مَسْطُورٍ إِنَّمَا أَمَرَهَا صلى الله عليه وسلم بِالطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ سُنَّةَ النِّسَاءِ التَّبَاعُدُ عَنِ الرِّجَالِ فِي الطَّوَافِ وَالثَّانِي أَنَّ قُرْبَهَا يُخَافُ مِنْهُ تَأَذِّي النَّاسِ بِدَابَّتِهَا وَكَذَا إِذَا طَافَ الرَّجُلُ رَاكِبًا وَإِنَّمَا طَافَتْ فِي حَالِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهَا وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب بَيَانِ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ
الْحَجُّ إِلَّا بِهِ)
مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِ وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَلَا غَيْرِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ هُوَ تَطَوُّعٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ واجب فإن تركه عصى وجبره
بالدم وصح حَجَّهُ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَعَى وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَالْمَشْرُوعُ سَعْيٌ وَاحِدٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلَى مَا بَعْدِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ
[1277]
قَوْلُهُ (عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ ما معناه ان السعي ليس بواجب لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يطوف بهما وَأَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ لَكَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا مِنْ دَقِيقِ عِلْمِهَا وَفَهْمِهَا الثَّاقِبِ وَكَبِيرِ مَعْرِفَتِهَا بِدَقَائِقِ الألفاظ لِأَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ إِنَّمَا دَلَّ لَفْظُهَا عَلَى رَفْعِ الْجُنَاحِ عَمَّنْ يَطَّوَّفُ بِهِمَا وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ السَّعْيِ وَلَا عَلَى وُجُوبِهِ فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ فِيهَا دَلَالَةٌ لِلْوُجُوبِ وَلَا لِعَدَمِهِ وَبَيَّنَتِ السَّبَبَ فِي نُزُولِهَا وَالْحِكْمَةَ فِي نَظْمِهَا وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ حِينَ تَحَرَّجُوا مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ عُرْوَةُ لَكَانَتْ فَلَا جناح عليه أن لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ وَاجِبًا وَيَعْتَقِدُ إِنْسَانٌ أَنَّهُ يُمْنَعُ إِيقَاعُهُ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَذَلِكَ كَمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ إِنْ صَلَّيْتَهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيَكُونُ جَوَابًا صَحِيحًا وَلَا يَقْتَضِي نَفْيَ وُجُوبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ قَوْلُهَا (وَهَلْ تَدْرِي فِيمَا كَانَ ذَلِكَ انما كان ذلك لِأَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يُهِلُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَةٌ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ فِي الْبَابِ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ قال وهذا
هو المعروف ومناة صَنَمٌ كَانَ نَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ فِي جِهَةِ الْبَحْرِ بِالْمُشَلَّلِ مِمَّا يَلِي قُدَيْدًا وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَانَتِ الْأَزْدُ وَغَسَّانُ تُهِلُّ لَهُ بِالْحَجِّ وَقَالَ بن الْكَلْبِيِّ مَنَاةُ صَخْرَةٌ لِهُذَيْلٍ بِقُدَيْدٍ وَأَمَّا إِسَافٌ وَنَائِلَةٌ فَلَمْ يَكُونَا قَطُّ فِي نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا كَانَا فِيمَا يُقَالُ رَجُلًا وَامْرَأَةً فَالرَّجُلُ اسمه اساف بن بقاء ويقال بن عَمْرٍو وَالْمَرْأَةُ اسْمُهَا نَائِلَةُ بِنْتُ ذِئْبٍ وَيُقَالُ بِنْتُ سَهْلٍ قِيلَ كَانَا مِنْ جُرْهُمَ فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ فَنُصِّبَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَعْتَبِرَ النَّاسُ بِهِمَا وَيَتَّعِظُوا ثُمَّ حَوَّلَهُمَا قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا مُلَاصِقَ الْكَعْبَةِ وَالْآخَرَ بِزَمْزَمَ وَقِيلَ جَعَلَهُمَا بِزَمْزَمَ وَنَحَرَ عِنْدَهُمَا وَأَمَرَ
بِعِبَادَتِهِمَا فَلَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ كَسَرَهُمَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عياض قوله في حديث عمر والناقد وبن أبي عمر (بئس ما قلت يا بن أُخْتِي) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالتَّاءِ وَفِي بَعْضِهَا أَخِي بِحَذْفِ التَّاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَوْلُهُ (فَأَعْجَبَهُ وَقَالَ إِنَّ هَذَا الْعِلْمُ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ بِالتَّنْوِينِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ الْمُتْقَنُ وَمَعْنَاهُ اسْتِحْسَانُ قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَبَلَاغَتُهَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَوْلُهُ (فَأُرَاهَا قَدْ نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ) ضَبَطُوهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنْ أُرَاهَا وَفَتْحِهَا وَالضَّمُّ أَحْسَنُ وأشهر