الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب جواز تزويج الأب البكر الصغيرة)
[1422]
فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ (تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ) وَفِي رِوَايَةٍ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَبِ الصغيرة بغير اذنها لِأَنَّهُ لَا إِذْنَ لَهَا وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَنَا وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الْمَاضِي بَسْطُ الِاخْتِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ تزويجه بنته الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا بَلَغَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي فَسْخِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا عِنْدَ الشافعي والثوري ومالك وبن أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالْجُمْهُورِ قَالُوا فَإِنْ زَوَّجَهَا لَمْ يَصِحَّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ مِنَ السَّلَفِ يَجُوزُ لِجَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ وَيَصِحُّ وَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ فَقَالَ لَا خِيَارَ لَهَا وَاتَّفَقَ الْجَمَاهِيرُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يُزَوِّجُهَا وَجَوَّزَ شُرَيْحٌ وَعُرْوَةُ وَحَمَّادٌ لَهُ تَزْوِيجَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا يستحب أنْ لَا يُزَوِّجَ الْأَبُ وَالْجَدُّ الْبِكْرَ حَتَّى تَبْلُغَ وَيَسْتَأْذِنُهَا لِئَلَّا يُوقِعَهَا فِي أَسْرِ الزَّوْجِ وَهِيَ كَارِهَةٌ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَا يُخَالِفُ حديث عائشة لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا بالتأخير كحديث عائشة فيستحب تحصيل ذلك الزوج لِأَنَّ الْأَبَ مَأْمُورٌ بِمَصْلَحَةِ وَلَدِهِ فَلَا يُفَوِّتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا وَقْتُ زِفَافِ الصَّغِيرَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالدُّخُولُ بِهَا فَإِنِ اتَّفَقَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ عَلَى شَيْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرَةِ عُمِلَ بِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ دُونَ غَيْرِهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ حَدُّ ذَلِكَ أَنْ تُطِيقَ الْجِمَاعَ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِهِنَّ وَلَا يُضْبَطُ بِسِنٍّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَحْدِيدٌ وَلَا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَنْ أَطَاقَتْهُ قَبْلَ تِسْعٍ وَلَا الْإِذْنُ فيمن لَمْ تُطِقْهُ وَقَدْ بَلَغَتْ تِسْعًا قَالَ الدَّاوُدِيُّ وكانت عائشة قد شبت شبابا حسا رضى الله
عَنْهَا وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي رِوَايَةٍ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بِنْتُ سَبْعٍ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِنْتُ سِتٍّ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ كَانَ لَهَا سِتٌّ وَكَسْرٌ فَفِي رِوَايَةٍ اقْتَصَرَتْ عَلَى السِّنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ عَدَّتِ السَّنَةَ الَّتِي دَخَّلَتْ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ هَذَا) مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَمِثْلُ هَذَا تَجُوزُ رِوَايَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَقْتَصِرْ مُسْلِمٌ عَلَيْهِ بَلْ ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً لِغَيْرِهِ قَوْلُهَا (فَوُعِكْتُ شَهْرًا فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً) الْوَعَكُ ألم الحمى ووفى أي كمل وجميمة تَصْغِيرُ جُمَّةٍ وَهِيَ الشَّعْرُ النَّازِلُ إِلَى الْأُذُنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا أَيْ صَارَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ بِالْمَرَضِ قَوْلُهَا (فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ) أُمُّ رُومَانَ هِيَ أُمُّ عَائِشَةَ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ غيره وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ ضَمَّ الرَّاءِ وَفَتْحَهَا ورجح الفتح وليس هو براجح والارجوحة بِضَمِّ الْهَمْزَةِ هِيَ خَشَبَةٌ يَلْعَبُ عَلَيْهَا الصِّبْيَانُ وَالْجَوَارِي الصِّغَارُ يَكُونُ وَسَطُهَا عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ ويجلسون على طرفيها وَيُحَرِّكُونَهَا فَيَرْتَفِعُ جَانِبٌ مِنْهَا وَيَنْزِلُ جَانِبٌ قَوْلُهَا (فَقُلْتُ هَهْ هَهْ حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي) هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ هَذِهِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْمَبْهُورُ حَتَّى يَتَرَاجَعَ إِلَى حَالِ سُكُونِهِ وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ هَاءُ السَّكْتِ قَوْلُهَا (فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ) النِّسْوَةُ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ الكسر أفصح وأشهر والطائر الْحَظُّ يُطْلَقُ عَلَى الْحَظِّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْمُرَادُ هُنَا عَلَى أَفْضَلِ حَظٍّ وَبَرَكَةٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ قَوْلُهَا (فَغَسَلْنَ رَأْسِي وأصلحنني
فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَنْظِيفِ الْعَرُوسِ وَتَزْيِينِهَا لِزَوْجِهَا وَاسْتِحْبَابُ اجتماع النساء لذلك ولأنه يتضمن إعلان النكاح ولأنهن يُؤَانِسْنَهَا وَيُؤَدِّبْنَهَا وَيُعَلِّمْنَهَا آدَابَهَا حَالَ الزِّفَافِ وَحَالَ لِقَائِهَا الزَّوْجَ قَوْلُهَا (فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَفْجَأْنِي وَيَأْتِنِي بَغْتَةً إِلَّا هَذَا وَفِيهِ جَوَازُ الزِّفَافِ وَالدُّخُولِ بِالْعَرُوسِ نَهَارًا وَهُوَ جَائِزٌ لَيْلًا وَنَهَارًا وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الدُّخُولِ نَهَارًا وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابًا قَوْلُهُ (وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا (الْمُرَادُ هَذِهِ اللُّعَبُ الْمُسَمَّاةُ بِالْبَنَاتِ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الْجَوَارِي الصِّغَارُ وَمَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى صِغَرِ سِنِّهَا قَالَ الْقَاضِي وَفِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ اللُّعَبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ الْجَوَارِي بِهِنَّ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ تَدْرِيبُهُنَّ لِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ لِمَا ذكره