الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال اليها)
[1379]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ) أَمَّا الْأَنْقَابُ فَسَبَقَ شَرْحُهَا قَرِيبًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ الْمَدِينَةِ وَفَضِيلَةُ سُكْنَاهَا وَحِمَايَتُهَا مِنَ الطاعون والدجال
(باب المدينة تنفى خبثها وتسمى طابة وطيبة)
[1381]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فِي الْمَدِينَةِ انها تنفى خبثها وشرارها كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ
(وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ قَالَ
الْعُلَمَاءُ خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْفِضَّةِ هُوَ وَسَخُهُمَا وَقَذَرُهُمَا)
الَّذِي تُخْرِجُهُ النَّارُ مِنْهُمَا قَالَ الْقَاضِي الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِزَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصْبِرُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْمَقَامِ مَعَهُ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ إِيمَانُهُ وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ وَجَهَلَةُ الْأَعْرَابِ فَلَا يَصْبِرُونَ عَلَى شِدَّةِ الْمَدِينَةِ وَلَا يَحْتَسِبُونَ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِي أَصَابَهُ الْوَعَكُ أَقِلْنِي بَيْعَتِي هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ الْأَظْهَرُ لَيْسَ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْمَدِينَةَ فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ يُخْرِجُ اللَّهُ بِهَا مِنْهَا كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِزَمَنِ الدَّجَّالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي أَزْمَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1382]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أُمِرْتُ بَقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى) مَعْنَاهُ أُمِرْتُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَاسْتِيطَانِهَا وَذَكَرُوا فِي مَعْنَى أَكْلُهَا الْقُرَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَرْكَزُ جُيُوشِ الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَمِنْهَا فُتِحَتِ الْقُرَى وَغُنِمَتْ أَمْوَالُهَا وَسَبَايَاهَا وَالثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّ أَكْلَهَا وَمِيرَتَهَا تَكُونُ مِنَ الْقُرَى الْمُفْتَتِحَةِ وَإِلَيْهَا تُسَاقُ غَنَائِمُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَقُولُونَ يَثْرِبَ وَهِيَ الْمَدِينَةُ) يَعْنِي أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرَهُمْ يُسَمُّونَهَا يَثْرِبَ وَإِنَّمَا اسْمُهَا المدينة وطابة وطيبة فَفِي هَذَا كَرَاهَةُ تَسْمِيَتُهَا يَثْرِبُ وَقَدْ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ وَحُكِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَمَّاهَا يَثْرِبُ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ قَالُوا وَسَبَبُ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ لَفْظُ التَّثْرِيبِ الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ وَسُمِّيَتْ طَيْبَةُ وَطَابَةُ لِحُسْنِ لَفْظِهِمَا
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا فِي الْقُرْآنِ يَثْرِبُ فَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَسْمَاءٌ الْمَدِينَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِأَهْلِ المدينة وقال تعالى ومن أهل المدينة وَطَابَةُ وَطَيْبَةُ وَالدَّارُ فَأَمَّا الدَّارُ فَلِأَمْنِهَا وَالِاسْتِقْرَارِ بِهَا وَأَمَّا طَابَةُ وَطَيْبَةُ فَمِنَ الطِّيبِ وَهُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ وَالطَّابُ وَالطِّيبُ لُغَتَانِ وَقِيلَ مِنَ الطَّيِّبِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ الطَّاهِرُ لِخُلُوصِهَا مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَتِهَا وَقِيلَ مِنْ طِيبِ الْعَيْشِ بِهَا وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِأَهْلِ العربية أحدهما وبه جزم قطرب وبن فَارِسٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ دَانَ إِذَا أَطَاعَ وَالدِّينُ الطَّاعَةُ وَالثَّانِي أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَدَنَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ وَجَمْعُ الْمَدِينَةِ مُدُنٌ وَمُدْنٌ بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَضَمِّهَا وَمَدَائِنُ بِالْهَمْزِ وتركه والهمز أفصح وبه جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1383]
قَوْلُهُ (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعَكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا لَمْ يُقِلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بيعته لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَتْرُكَ الْإِسْلَامَ وَلَا لِمَنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ