الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرخص، وتحكيم الهوى في اختيار الفتوى. وقد تكلم الإمام الشاطبي عن هذه المسألة بشكل أوسع في كتابه الموافقات (1).
والصواب أن الفتوى ينبغي أن تكون بالقول الراجح الذي يعضده الدليل، سواء كان في المذهب أو في غيره من المذاهب الأخرى.
5 - اتهم أيضاً بمعاداة أولياء الله:
قال رحمه الله: "وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنِّي عَادَيْتُ بَعْضَ الْفُقَرَاءِ الْمُبْتَدِعِينَ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَّةِ، الْمُنْتَصِبِينَ -بِزَعْمِهِمْ- لِهِدَايَةِ الْخَلْقِ، وَتَكَلَّمْتُ لِلْجُمْهُورِ عَلَى جُمْلَةٍ مِنْ أَحْوَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَى الصُّوفِيَّةِ وَلَمْ يَتَشَبَّهُوا بهم"(2).
وقد وصف الإمام الشاطبي طريقة هؤلاء الصوفية في زمنه بقوله: "حَتَّى صَارَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهَا شَرِيعَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا أَتَى بِهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم"(3).
ولا شك أن هؤلاء تجب معاداتهم في الله.
6 - اتهم رحمه الله بأنه مخالف للسنة والجماعة، حيث قال:
"وَتَارَةً نُسِبْتُ إِلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي أُمِرَ بِاتِّبَاعِهَا وَهِيَ النَّاجِيَةُ، مَا عَلَيْهِ الْعُمُومُ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْجَمَاعَةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ"(4).
وقد تكلم الإمام الشاطبي عن المراد بالجماعة الواردة في الحديث بشكل أوسع في الباب التاسع من الكتاب (5).
وقد رد الإمام الشاطبي هذه الافتراءات بقوله: "وكذبوا عليَّ في جميع
(1)(4/ 146).
(2)
انظر النص المحقق (ص 27).
(3)
أنظر النص المحقق (ص 151).
(4)
انظر النص المحقق (ص 27).
(5)
انظر: "الاعتصام"(2/ 258 - 267).
ذَلِكَ، أَوْ وَهِمُوا (1)، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حال" (2).
ولا شك أن الإمام الشاطبي كان بريئاً من هذه التهم الزائفة التي لا مستند لها إلا الجهل والتعصب واتباع الهوى، فلم نجد في شيء من كتب الإمام الشاطبي ما يشهد لشيء من هذه المزاعم الكاذبة.
وقد كان لهذه المزاعم تأثير بالغ في نفس الإمام الشاطبي كما هو واضح من مقدمته للاعتصام، إلا أن ذلك لم يثنه عن الحق، بل ازداد ثباتاً على ما اعتقده وكان من ثمرات ما ابتلي به الإمام الشاطبي اعتناؤه بموضوع البدع والتأليف فيه.
(1) هذا أدب رفيع من المؤلف، حيث يلتمس لخصومه العذر مع رميهم له بهذه الاتهامات العظيمة.
(2)
انظر النص المحقق (ص 28).