المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أحوال مستنبط هذا العلم - الاقتراح في أصول النحو ط القلم

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ أحوال مستنبط هذا العلم

الكتاب السابع

في‌

‌ أحوال مستنبط هذا العلم

ومستخرجه

فيه مسائل

ص: 425

المسألة الأولى

في أول من وضع النحو والتصريف

اشتهر أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لأبي الأسود.

قال الفخر الرازي في كتابه (المحرر في النحو):

" رسم علي رضي الله عنه لأبي الأسود باب (إن) وباب الإضافة وباب الإمالة

ص: 427

ثم صنف أبو الأسود باب العطف وباب النعت ثم صنف باب التعجب وباب الاستفهام.

وتطابقت الروايات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود وأنه أخذه أولا عن علي.

واتفقوا على أن معاذا الهراء أول من وضع التصريف وكان تخرج بأبي الأسود.

ثم خلف أبو الأسود خمسة: عنبسة الفيل وميمون الأقرن

ص: 428

ويحيى بن يعمر وابنا أبي الأسود: عطاء وأبو حرب.

ثم خلف هؤلاء عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبو عمر بن العلاء.

ثم خلفهم الخليل بن أحمد ففاق من كان قبله ولم يدركه أحد بعده، أخذ عن عيسى وتخرج بابن العلاء ثم أخذ عنه سيبويه وجمع العلوم التي استفاد منه في كتابه فجاء كتابه أحسن من كل كتاب صنف فيه إلى الآن.

ص: 429

وأما الكسائي فقد خدم أبا عمرو بن العلاء نحو من سبع عشرة سنة لكنه لاختلاطه بأعراب الأبلة فسد علمه ولذلك

ص: 430

احتاج إلى قراءة كتاب سيبويه على الأخفش وهو مع ذلك إمام الكوفيين وما ظنك برجل إمامه الفراء؟!

ثم صار الناس بعد ذلك فرقتين: بصريا وكوفيا " انتهى.

وقال ثعلب في (أماليه):

" قال أبو المنهال: أئمة البصرة في النحو وكلام العرب ثلاثة: أبو عمرو بن العلاء، وهو أول من وضع أبواب النحو، ويونس بن حبيب، وأبو زيد الأنصاري، وهو أوثق هؤلاء كلهم وأكثرهم سماعا من فصحاء العرب؛ سمعته يقول: ما أقول: "قالت العرب" إلا إذا سمعته من عُجُز هوازن.

ص: 431

وفي رواية أخرى: إلا إذا سمعته من هؤلاء: بكر بن هوزان، وبني كلاب، وبني هلال، أو من عالية السافلة، أو من سافلة العالية، وإلا لم أقل: قالت العرب.

ص: 432

الثانية

شرط المستنبط لشيء من مسائل هذا العلم، المرتقي عن رتبة التقليد أن يكون عالما بلغة العرب، محيطا بكلامها، مطلعا على نثرها ونظمها، ويكفي في ذلك الرجوع إلى الكتب المؤلفة في اللغات والأبنية، وإلى الدواوين الجامعة لأشعار العرب، وأن يكون خبيرا بصحة نسبة ذلك إليهم، لئلا يدلس

ص: 433

عليه شعر مولد، أو غير مصنوع عالما بأحوال الرواة، ليعلم المقبول روايته من غيره، وبإجماع النحاة كيلا يخرق، وبالخلاف، كيلا يحدث قولا زائدا خارقا، إذا قلنا بامتناع ذلك.

الثالثة

لابن مالك في النحو طريقة سلكها بين طريقي البصريين والكوفيين، فإن مذهب الكوفيين القياس على الشاذ، ومذهب البصريين اتباع التأويلات البعيدة التي

ص: 434

خالفها الظاهر.

وابن مالك يعلم بوقوع ذلك من غير حكم عليه بقياس، ولا تأويل، بل بل يقول: إنه شاذ، أو ضرورة، كقوله في التمييز:

والفعل ذو التصريف نزرا سبقا

وقوله في مد المقصور:

والعكس في شعر يقع

ص: 435

قال ابن هشام: وهذه الطريقة طريقة المحققين، وهي أحسن الطريقتين.

الرابعة

قال في الخصائص:

"إذ أداك القياس إلى شيء ما ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشيء آخر على قياس غيره فدع ما كنت عليه إلى ما هم عليه". ا. هـ

وهذا يشبه من أصول الفقه نقض الاجتهاد، إذا بان

ص: 436

النص بخلافه.

ص: 437