الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولتلك الصِّفَات دَرَجَات بَعْضهَا فَوق بعض كالتيقظ وَالْحِفْظ والإتقان مثلا فوجود الدرجَة الدُّنْيَا كالصدق مثلا وَعدم التُّهْمَة بِالْكَذِبِ لَا يُنَافِيهِ وجود مَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ كالحفظ والإتقان
فَإِذا وجدت الدرجَة الْعليا لم يناف ذَلِك وجود الدُّنْيَا كالحفظ مَعَ الصدْق فَيصح أَن يُقَال فِي هَذَا أَنه حسن بِاعْتِبَار وجود الصّفة الدُّنْيَا وَهِي الصدْق مثلا صَحِيح بِاعْتِبَار الصّفة الْعليا وَهِي الْحِفْظ والإتقان
وَيلْزم على هَذَا أَن يكون كل صَحِيح حسنا
يلْتَزم ذَلِك وَيُؤَيِّدهُ وُرُود قَوْلهم هَذَا حَدِيث حسن فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَهَذَا مَوْجُود فِي كَلَام الْمُتَقَدِّمين
الثَّالِث الضَّعِيف
وَهُوَ مَا نقص على دَرَجَة الْحسن
وَقد قدمنَا فِي قسم الصَّحِيح الْكَلَام على أصح الْأَسَانِيد
وَقد ذكرنَا ابْن نعيم الْكَلَام على أَوْهَى الْأَسَانِيد فَقَالَ فِي معرفَة عُلُوم الحَدِيث
القَوْل فِي الْأَسَانِيد الْوَاهِيَة
فأوهى أَسَانِيد أهل الْبَيْت عَمْرو بن شمر عَن جَابر الْجعْفِيّ عَن
الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ
وأوهى أَسَانِيد الصّديق صَدَقَة الدقيقي عَن فرقد السبخي عَن مرّة الطّيب عَن أبي بكر
وأوهى أَسَانِيد العمريين مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عبد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم عَن أَبِيه عَن جده
فَإِن مُحَمَّدًا وَالقَاسِم وَعبد الله لَا يحْتَج بهم
وأوهى أَسَانِيد أبي هُرَيْرَة السّري بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن يزِيد الأودي عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
وأوهى أَسَانِيد عَائِشَة نُسْخَة عِنْد الْبَصرِيين عَن الْحَارِث بن شبْل عَن أم النُّعْمَان عَن عَائِشَة
وأوهى أَسَانِيد عبد الله بن مَسْعُود شريك عَن أبي فَزَارَة عَن أبي
زيد عَن عبد الله
وأوهى أَسَانِيد أنس بن مَالك دَاوُد بن المحبر بن قحذم عَن أَبِيه عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أنس
وأوهى أَسَانِيد المكيين عبد الله بن مَيْمُون القداح عَن شهَاب بن خرَاش عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى أَسَانِيد اليمانيين حَفْص بن عمر الْعَدنِي عَن الحكم بن أبان
عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
وأوهى أَسَانِيد المصريين أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشدين عَن أَبِيه عَن جده عَن قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن بن حَيْوِيل عَن كل من روى عَنهُ فَإِنَّهَا نُسْخَة كَبِيرَة
وأوهى أَسَانِيد الشاميين مُحَمَّد بن قيس المصلوب عَن عبيد الله بن زحر بن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة
وأوهى أَسَانِيد الخراسانيين عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مليحة عَن
نهشل بن سعيد عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس
وَابْن مليحة ونهشل نيسابوريان صلى الله عليه وسلم َ - اللَّفْظ الرَّابِع الْمُرْسل
وَالْمَشْهُور فِيهِ أَنه مَا سقط من منتهاه ذكر الصَّحَابِيّ
بِأَن يَقُول التَّابِعِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم َ - اللَّفْظ الْخَامِس المعضل
فَإِن سقط اثْنَان فَهُوَ المعضل
وَقد يكون فِيمَا سقط مِنْهُ اثْنَان دون الصَّحَابِيّ أَيْضا وَهَذَا هُوَ اللَّفْظ الْخَامِس صلى الله عليه وسلم َ - اللَّفْظ السَّادِس الْمُنْقَطع
وَقد يُطلق بعض القدماء الْمُرْسل على مَا سقط مِنْهُ رجل مُطلقًا وَإِن كَانَ فِي أَثْنَائِهِ
وَمَا سقط مِنْهُ رجل فِي أَثْنَائِهِ يُسَمِّي بالمنقطع وَهُوَ السَّادِس عِنْد الْجُمْهُور صلى الله عليه وسلم َ - اللَّفْظ السَّابِع الْمَقْطُوع
وَهُوَ غير الْمَقْطُوع وَهُوَ مَا رُوِيَ عَن من دون الصَّحَابِيّ وَقطع عَلَيْهِ
وَهَذَا هُوَ اللَّفْظ السَّابِع
- صلى الله عليه وسلم َ - الثَّامِن الْمَوْقُوف
وَهُوَ مَا أسْند إِلَى الصَّحَابِيّ من قَوْله أَو فعله
ويقابله صلى الله عليه وسلم َ - التَّاسِع الْمَرْفُوع
الْمَرْفُوع وَهُوَ التَّاسِع هُوَ مَا ذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فنسب إِلَيْهِ قَول أَو فعل أَو تَقْرِير
وَمن هَذَا يُقَال رَوَاهُ فلَان مَوْقُوفا وَرَوَاهُ فلَان مَرْفُوعا صلى الله عليه وسلم َ - الْعَاشِر الْموصل
وَهُوَ مَا سلم من الِانْقِطَاع صلى الله عليه وسلم َ - الْحَادِي عشر الْمسند
وَهُوَ مَا اتَّصل سَنَده إِلَى ذكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَقيل هُوَ مَا ذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا فِي أَثْنَائِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الثَّانِي عشر الشاذ
وَهُوَ مَا خَالف رِوَايَة الثِّقَات أَو مَا انْفَرد بِهِ من لَا يحْتَمل حَاله أَن يقبل مَا تفرد بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الثَّالِث عشر الْمُنكر
وَهُوَ كالشاذ
وَقيل هُوَ مَا انْفَرد بِهِ الرَّاوِي وَهُوَ منقوض بالأفراد الصَّحِيحَة صلى الله عليه وسلم َ - الرَّابِع عشر الْغَرِيب
وَهُوَ تَارَة ترجع غرابته إِلَى اللَّفْظ
وَتارَة ترجع إِلَى الْإِسْنَاد
ثمَّ تَارَة يكون غَرِيبا مُطلقًا بِأَن ينْفَرد راو بِإِسْنَادِهِ كُله وَتارَة يكون غَرِيبا عَن شخص معِين وَيكون مَعْرُوفا عَن غَيره
فَإِذا قيل
هَذَا غَرِيب من حَدِيث فلَان عَن فلَان احْتمل الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ إِذا قُلْنَا
تفرد بِهِ فلَان عَن فلَان احْتمل أَن يكون تفردا مُطلقًا وَاحْتمل أَن يكون تفرد بِهِ عَن هَذَا الْمعِين وَيكون مرويا من غير جِهَة ذَلِك الْمعِين فَتنبه لذَلِك فَإِنَّهُ قد يَقع فِيهِ الْمُؤَاخَذَة على قوم من الْمُتَكَلِّمين على الْأَحَادِيث وَيكون لَهُ وَجه كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن صلى الله عليه وسلم َ - الْخَامِس عشر المتسلسل
وَهُوَ مَا كَانَ إِسْنَاده على صفة وَاحِدَة فِي طبقاته
فَتَارَة يكون فِي جَمِيعهَا كَمَا إِذا كَانَ كُله بِصِيغَة سَمِعت فلَانا يَقُول إِلَى آخِره
وَتارَة يكون فِي أَكْثَره مثل الحَدِيث المسلسل بقَوْلهمْ أول حَدِيث سمعته مِنْهُ فَإِن سلسلته تقف على الرَّاوِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن بشر على الصَّحِيح ورفعها أَبُو نصر الوزيري إِلَى منتهاه
وَقد يسلسلون باطعمني وسقاني ويحدثني وَيَده عَليّ كَتِفي
وَفَائِدَة المسلسل أَمْرَانِ
أَحدهمَا أَنه قد يكوه فِيهِ اقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فعله
وَالثَّانِي أَن يكون مُفِيدا لإيصال الرِّوَايَة وَعدم إنقطاعها إِذا كَانَت السلسلة تَقْتَضِي ذَلِك كَقَوْلِه سَمِعت فلَانا وكأطعمني وسقاني وكأول حَدِيث سمعته مِنْهُ وَغير ذَلِك صلى الله عليه وسلم َ - السَّادِس عشر المعنعن
من الحَدِيث وَهُوَ مَا كَانَ صِيغَة رِوَايَته فلَان عَن فلَان
فَمن النَّاس من قَالَ لَا يقبل حَتَّى يثبت لِقَاء الرَّاوِي لشيخه وَلَو مرّة
وَمِنْهُم من اكْتفى بِمُجَرَّد إِمْكَان اللِّقَاء فِي الزَّمن وَهَذَا مَذْهَب مُسلم وَقد أطنب فِي الرَّد على الأولى فِي مُقَدّمَة كِتَابه
ثمَّ الرَّاوِي بالعنعنة عَن شَيْخه إِذا لقِيه أَو اكتفينا بِمُجَرَّد إِمْكَان لِقَائِه على اخْتِلَاف المذهبين إِمَّا أَن يكون مدلسا أَو لَا
فَإِن لم يكن حملنَا الرِّوَايَة على الِاتِّصَال وَالسَّمَاع
وَإِن كَانَ مدلسا فَالْمَشْهُور أَنه لَا يحمل على السماع حَتَّى يبين الرَّاوِي ذَلِك وَمَا لم يبين فَهُوَ كالمنقطع فَلَا يقبل
وَهَذَا جَار على الْقيَاس
إِلَّا أَن الجري عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفَات الْمُحدثين وتخريجاتهم صَعب عسير يُوجب اطراح كثير من الْأَحَادِيث الَّتِي صححوها إِذْ يتَعَذَّر علينا إِثْبَات سَماع المدلس فِيهَا من شَيْخه
اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَدعِي مُدع أَن الْأَوَّلين اطلعوا على ذَلِك وَلم نطلع نَحن عَلَيْهِ وَفِي ذَلِك نظر صلى الله عليه وسلم َ - السَّابِع عشر التَّدْلِيس
وَهُوَ أَن يروي الرَّاوِي حَدِيثا عَن من لم يسمعهُ مِنْهُ
فَإِن كَانَت صِيغَة رِوَايَته تَقْتَضِي سَمَاعه مِنْهُ نصا فَهَذَا كذب لَا يُسمى بالتدليس وَإِن لم يقتض ذَلِك نصا كَمَا كَانَ المتقدمون يَقُولُونَ فلَان عَن فلَان وَلَا يَقُولُونَ أخبرنَا وَلَا حَدثنَا
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ قَالَ فلَان أَو روى فلَان أَو غَيرهمَا من الْأَلْفَاظ الَّتِي لَا تصرح باللقاء فَهَذَا هُوَ التَّدْلِيس
وَلَهُم فِي ذَلِك أغراض
بعضهما مَذْمُوم قَادِح فِيمَن فعله لذَلِك الْغَرَض عَالما بِهِ وَهُوَ أَن يتْرك ذكر الرَّاوِي لِأَنَّهُ لَو صرح بِهِ لعرف ضعفه وَلم يقبل حَدِيثه
وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنه قَادِح لما فِيهِ من عدم النصح وترويج الْبَاطِل
وَأكْثر مَقْصُود الْمُتَأَخِّرين فِي التَّدْلِيس طلب الْعُلُوّ أَو إِيهَام الْمَشَايِخ كَمَا إِذا رُوِيَ عَن شيخ باسمه الْمَشْهُور ثمَّ نسبه مرّة أُخْرَى إِلَى جد لَهُ أَعلَى ثمَّ ذكره مرّة أُخْرَى بكنيته ثمَّ نسبه مرّة أُخْرَى إِلَى مَوضِع لَا تشتهر نسبته إِلَيْهِ أَو ذكر لفظا مشتركان ينْطَلق فِي الْمَشْهُور على غير الْموضع الَّذِي أَرَادَهُ كَمَا إِذا قَالَ حَدثنِي فلَان بالعراق وَيُرِيد موضعا باخميم أَو حَدثنِي بزبيد وَيُرِيد موضعا بقوص أَو بحلب وَيُرِيد موضعا مُتَّصِلا بِالْقَاهِرَةِ أوبما وَرَاء النَّهر وَيُرِيد أَنه انْتقل من أحد جَانِبي بَغْدَاد إِلَى الآخر وَالنّهر دجلة
فَهَذَا كُله إِذا كَانَ صَحِيحا فِي نفس الْأَمر فَلَيْسَ بكذب إِنَّمَا الْمَقْصُود مِنْهُ الإغراب
وَقد يكون التَّدْلِيس خفِيا جدا وَلذَلِك مثالان
أَحدهمَا أَنهم اخْتلفُوا فِي سَماع الْحسن من أبي هُرَيْرَة
فورد فِي بعض الرِّوَايَات عَن الْحسن حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة فَقيل أَنه أَرَادَ حدث أهل بلدنا
وَهَذَا إِن لم يقم دَلِيل قَاطع على أَن الْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة لن يجز أَن يُصَار إِلَيْهِ
الثَّانِي قَول أبي إِسْحَاق لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن الْأسود عَن أَبِيه فَظَاهره أَن المُرَاد سَمَاعه من عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه لعدوله عَن أبي عُبَيْدَة فَقيل أَنه تَدْلِيس كَمَا لَو قَالَ ابْتِدَاء عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه وَلم يقل قبله لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره
وللتدليس مفْسدَة وَفِيه مصلحَة
أما مفسدته فَإِنَّهُ قد يخفى وَيصير الرَّاوِي مَجْهُولا فَيسْقط الْعَمَل بِالْحَدِيثِ لكَون الرَّاوِي مَجْهُولا عِنْد السَّامع مَعَ كَونه عدلا مَعْرُوفا فِي نفس الْأَمر وَهَذِه جِنَايَة عظمى ومفسدة كبرى
وَأما مصْلحَته فامتحان الأذهان فِي اسْتِخْرَاج التدليسات وإلقاء ذَلِك إِلَى من يُرَاد اختبار حفظه ومعرفته بِالرِّجَالِ
ووراء ذَلِك مفْسدَة أُخْرَى يراعيها بَاب أَرْبَاب الصّلاح والقلوب وَهُوَ مَا فِي
التَّدْلِيس من التزين وَقد تنبه لذَلِك ياقوتة الْعلمَاء الْمعَافى بن عمرَان الْموصِلِي وَكَانَ من أكَابِر الْعلمَاء وَالصَّحَابَة صلى الله عليه وسلم َ - الثَّامِن عشر المضطرب
وَهُوَ مَا رُوِيَ من وُجُوه مُخْتَلفَة
وَهُوَ أحد أَسبَاب التَّعْلِيل عِنْدهم وموجبات الضعْف للْحَدِيث
وَالْأَمر فِيهِ منقسم
فَإِذا كَانَ أحد الْوُجُوه مرميا من وَجه ضَعِيف وَالْآخر من وَجه قوي فَلَا تَعْلِيل وَالْعَمَل بِالْقَوِيّ مُتَعَيّن
وَإِن لم يكن كَذَلِك فَإِن أمكن الْجمع بَين تِلْكَ الْوُجُوه بِحَيْثُ يُمكن أَن يكون الْمُتَكَلّم معبرا باللفظين الواردين عَن معنى وَاحِد فَلَا إِشْكَال أَيْضا مثل
أَن يكون فِي أحد الْوَجْهَيْنِ قد قَالَ الرَّاوِي عَن رجل وَفِي الْوَجْه الآخر سمى رجلا فَهَذَا يُمكن أَن يكون ذَلِك الْمُسَمّى هُوَ ذَلِك الْمُبْهم فَلَا تعَارض
وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن يُسَمِّي مثلا الرَّاوِي باسم معِين فِي رِوَايَة ويسمي آخر باسم آخر فِي رِوَايَة أُخْرَى فَهَذَا مَحل نظر إِذْ يتعارض فِيهِ آمران
أَحدهمَا أَنه يجوز أَن يكون الحَدِيث عَن الرجلَيْن مَعًا
وَالثَّانِي أَن يغلب على الظَّن أَن الرَّاوِي وَاحِد اخْتلف فِيهِ فههنا لَا يَخْلُو أَن يكون الرّجلَانِ مَعًا ثقتين أَو لَا
فَإِن كَانَ ثقتين فههنا مُقْتَضى مَذَاهِب الْفُقَهَاء والأصوليين أَن لَا يضر هَذَا الِاخْتِلَاف لِأَنَّهُ إِن كَانَ الحَدِيث عَن هَذَا الْمعِين فَهُوَ عدل وَإِن كَانَ عَن الآخر فَهُوَ عدل فكيفما انقلبنا انقلبنا إِلَى عدل فَلَا يضر هَذَا الِاخْتِلَاف
وَغَيرهم قد يَقُول أَن الِاضْطِرَاب فِي الحَدِيث دَلِيل على عدم انضباطه
وَهَذَا إِنَّمَا يتَوَجَّه إِذا كَانَ لَا دَلِيل لنا على أَن الحَدِيث عَنْهُمَا جَمِيعًا أما أَن دلّ دَلِيل على ذَلِك فَلَا اخْتِلَاف مثل أَن يروي إِنْسَان حَدِيثا عَن رجل تَارَة ويروي ذَلِك الحَدِيث عَن آخر تَارَة أُخْرَى ثمَّ يرويهِ عَنْهُمَا مَعًا فِي مرّة ثَالِثَة
وَأما أَن كَانَ أحد الراويين ضَعِيفا فقد تردد الْحَال بَين أَن يكون عَن الْقوي أَو عَن الضَّعِيف أَو عَنْهُمَا
وَهُوَ على أحد هَذِه التقديرات غير حجَّة وَهُوَ مَا إِذا كَانَ عَن الضَّعِيف وَهَذَا بِشَرْط أَن لَا يكون الطريقان مُخْتَلفين بل يكونَانِ عَن رجل وَاحِد وَمَعَ ذَلِك فجوز أَن يكون قد رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا
فَمن يعْتَمد مُجَرّد الْجَوَاز لَا يلْتَفت إِلَى هَذَا التَّعْلِيل وَلَا يغفلن فِي جَمِيع هَذَا عَن طلب التَّرْجِيح عِنْد الِاخْتِلَاف فَإِن النّظر إِنَّمَا هُوَ عِنْد التَّسَاوِي أَو التَّفَاوُت صلى الله عليه وسلم َ - التَّاسِع عشر المدرج
وَهِي أَلْفَاظ تقع مَعَ بعض الروَاة مُتَّصِلَة بِلَفْظ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَيكون ظَاهرهَا أَنَّهَا من لَفظه فَيدل دَلِيل على أَنه من لفظ الرَّاوِي
وَكَثِيرًا مَا يستدلون على ذَلِك بِأَن يرد الْفَصْل بَين كَلَام الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَكَلَام الرَّاوِي مُبينًا فِي بعض الرِّوَايَات
وَهَذَا طَرِيق ظَنِّي قد يقوى قُوَّة صَالِحَة فِي بعض الْمَوَاضِع وَقد يضعف
فمما يقوى فِيهِ أَن يكون كَلَام الرَّاوِي أَتَى بعد انْقِضَاء كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُتَّصِلا بِآخِرهِ
وَمِمَّا قد يضعف فِيهِ أَن يكون مدرجا فِي أثْنَاء لفظ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَا سِيمَا أَن كَانَ مقدما على اللَّفْظ الْمَرْوِيّ أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بواو الْعَطف كَمَا لَو قَالَ من مس أنثييه وَذكره فَليَتَوَضَّأ بِتَقْدِيم لفظ الْأُنْثَيَيْنِ على الذّكر فههنا يضعف
الإدارج لما فِيهِ من اتِّصَال هَذِه اللَّفْظَة بالعامل الَّذِي هُوَ من لفظ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم َ - الْعشْرُونَ فِي التَّمْيِيز بَين أَلْفَاظ الْأَدَاء فِي المصطلح
فَمَا قيل فِيهِ حَدثنَا فَهُوَ مَا سمع من لفظ الشَّيْخ واصطلحوا أَن يُقَال ذَلِك فِيمَا حدث بِهِ الشَّيْخ جمَاعَة هُوَ فيهم
وَأَن يُقَال حَدثنِي فِيمَا حدث بِهِ الرَّاوِي وَحده وَإِن جَازَ فِي هَذَا من حَيْثُ اللُّغَة أَن يَقُول حَدثنَا
وَمن النَّاس من أجَاز حَدثنَا فِيمَا يَقْرَؤُهُ الرَّاوِي على الشَّيْخ وَهُوَ بعيد عَن الْوَضع اللّغَوِيّ
وَأما أخبرنَا فَهُوَ لفظ صَالح لما حدث بِهِ الشَّيْخ وَلما قرىء عَلَيْهِ فَأقر بِهِ
وَلَفظ الْأَخْبَار أَعم من لفظ التحديث فَكل تحديث أَخْبَار وَلَا ينعكس
وَمن النَّاس من سوى بَينهمَا
وَالْكَلَام فِي أخبرنَا وَأَخْبرنِي كَمَا قُلْنَاهُ فِي حَدثنَا وحَدثني
وَأما أَنبأَنَا فالمتقدمون يطلقونها بِمَعْنى أخبرنَا أَو حَدثنَا
والمتأخر ون يطلقونها على الْإِجَازَة
وَهُوَ بعيد من الْوَضع اللّغَوِيّ إِلَّا أَن يوضع اصْطِلَاحا
وَأما الْعبارَة عَن الْإِجَازَة فَمن النَّاس من يُطلق فِيهَا أخبرنَا وهم قوم من المغاربة
وَمِنْهُم من يَقُول أخبرنَا إجَازَة وَيشْتَرط الْبَيَان
وَالَّذِي أرَاهُ
أَن لَا يسْتَعْمل فِيهَا أخبرنَا بِالْإِطْلَاقِ وَلَا بالتقييد لبعد دلَالَة لفظ
الْإِجَازَة عَن الْأَخْبَار إِذْ مَعْنَاهَا فِي الْوَضع الْأذن فِي الرِّوَايَة صلى الله عليه وسلم َ - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ الْمَوْضُوع من الحَدِيث أَي المختلق
وَأهل الحَدِيث كثيرا مَا يحكمون بذلك بِاعْتِبَار أُمُور ترجع إِلَى الْمَرْوِيّ وألفاظ الحَدِيث
وَحَاصِله يرجع إِلَى أَنه حصلت لَهُم لِكَثْرَة محاولة أَلْفَاظ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هبة نفسانية أَو ملكة يعْرفُونَ بهَا مَا يجوز أَن يكون من أَلْفَاظ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا لَا يجوز أَن يكون من أَلْفَاظه كَمَا سُئِلَ بَعضهم
كَيفَ تعرف أَن الشَّيْخ كَذَّاب
فَقَالَ إِذا روى لَا تَأْكُلُوا الْقرعَة حَتَّى تذبحوها علمت أَنه كَذَّاب
وَكَذَلِكَ رُبمَا حكمُوا بِهِ بِنَاء على قَرَائِن فِي حَال الرَّاوِي كَمَا قَالُوا فِي غياث الَّذِي دخل على الْمهْدي فروى لَهُ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح لأجل أَن الْمهْدي كَانَ مشتغلا بالطيور عِنْدَمَا دخل إِلَيْهِ
وَقد ذكر فِيهِ إِقْرَار الرَّاوِي بِالْوَضْعِ وَهَذَا كَاف فِي رده لكنه لَيْسَ بقاطع فِي كَونه مَوْضُوعا لجَوَاز أَن يكذب فِي هَذَا الْإِقْرَار بِعَيْنِه صلى الله عليه وسلم َ - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ الْمَطْلُوب
وَهُوَ أَن يكون الحَدِيث مَعْرُوفا بِرِوَايَة رجل معِين فيروى عَن غَيره طلبا للاغتراب وتنفيقا لسوق تِلْكَ الرِّوَايَة
مثل أَن يكون مَعْرُوفا بِرِوَايَة مَالك بن نَافِع عَن ابْن عمر فيرويه عَن مَالك بن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر
وَهَذَا فِيهِ على طَريقَة الْفُقَهَاء أَنه يجوز أَن يكون عَنْهَا جَمِيعًا
لَكِن يقوم عِنْد الْمُحدثين قَرَائِن وظنون يحكمون بهَا على الحَدِيث أَنه مقلوب
وَقد يُطلق على رَاوِيه أَنه يسرق الحَدِيث
وَقد يُطلق المقلوب على اللَّفْظ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِسْنَاد والإسناد بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّفْظ