الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب التَّاسِع
فِي معرفَة الثِّقَات من الروَاة
وَلَا خَفَاء بِشُرُوط الْعَدَالَة الَّتِي يجب مَعهَا قبُول الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة ولزيادة الضَّبْط بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحَدِيث مزِيد بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّهَادَة
وَقد فهم عَن بعض أَرْبَاب الحَدِيث أَنه يُطلق اسْم الثِّقَة على من لم يظْهر فِيهِ جرحه مَعَ زَوَال الْجَهَالَة عَنهُ وَهَذَا هُوَ المستور الْحَال وَزَوَال الْجَهَالَة يرجع إِلَى الْعين
وَقد يكون الشَّخْص غير مَجْهُول الْعين وَيكون مَجْهُول الْحَال
فَمن كَانَ يرى هَذَا الْمَذْهَب فتزكيته للراوي بِكَوْنِهِ ثِقَة لَا يَكْفِي عِنْد من لَا يقبل رِوَايَة المستور
وَأما من لَا يرى هَذَا الْمَذْهَب فَإِذا قَالَ فلَان ثِقَة كفى ذَلِك إِن صرح بِأَنَّهُ لَا يقبل رِوَايَة مثل هَذَا الشَّخْص
وَإِن أطلق هَذَا اللَّفْظ من لَا يعلم مذْهبه فِي هَذَا فَالْأَقْرَب أَن ينزل قَوْله فلَان ثِقَة على أَنه مَعْرُوف الْحَال عِنْدهم لَا على كَونه مَسْتُورا بالتفسير الَّذِي ذَكرْنَاهُ
ولمعرفة كَون الرَّاوِي ثِقَة طرق مِنْهَا
إِيرَاد أَصْحَاب التواريخ أَلْفَاظ المزكين فِي الْكتب الَّتِي صنفت على أَسمَاء الرِّجَال ككتاب تَارِيخ البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَغَيرهمَا
وَمِنْهَا تَخْرِيج الشيخيه أَو أَحدهمَا فِي الصَّحِيح للراوي محتجين بِهِ
وَهَذِه دَرَجَة عالية لما فِيهَا من الزِّيَادَة على الأول وَهُوَ إطباق جُمْهُور الْأمة أَو كلهم على تَسْمِيَة الْكِتَابَيْنِ بالصحيحين وَالرُّجُوع إِلَى حكم الشَّيْخَيْنِ بِالصِّحَّةِ
وَهَذَا معنى لم يحصل لغير من خرج عَنهُ فِي الصَّحِيح فَهُوَ بِمَثَابَة إطباق الْأمة أَو أَكْثَرهم على تَعْدِيل من ذكر فيهمَا
وَقد وجد فِي هَؤُلَاءِ الرِّجَال الْمخْرج عَنْهُم فِي الصَّحِيح من تكلم فِيهِ بَعضهم
وَكَانَ شيخ شُيُوخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي يَقُول فِي الرجل يخرج عَنهُ فِي الصَّحِيح هَذَا جَازَ القنطرة
يَعْنِي بذلك أَنه لَا يلْتَفت إِلَى مَا قيل فِيهِ وَهَكَذَا يعْتَقد وَبِه نقُول وَلَا نخرج عَنهُ إِلَّا بِبَيَان شاف وَحجَّة ظَاهِرَة تزيد فِي غَلَبَة الظَّن على الْمَعْنى الَّذِي قدمْنَاهُ من اتِّفَاق النَّاس بعد الشَّيْخَيْنِ على تَسْمِيَة كِتَابَيْهِمَا بالصحيحين
وَمن لَوَازِم ذَلِك تَعْدِيل رواتهما
نعم يُمكن أَن يكون للترجيح مدْخل عِنْد تعَارض الرِّوَايَات فَيكون من لم يتَكَلَّم فِيهِ أصلا راجحا على من قد تكلم فِيهِ وَإِن كَانَا جَمِيعًا من رجال الصَّحِيح وَهَذَا عِنْد وُقُوع التَّعَارُض
وَمِنْهَا تَخْرِيج من خرج الصَّحِيح بعد الشَّيْخَيْنِ وَمن خرج فِي كِتَابَيْهِمَا
فيستفاد من ذَلِك جملَة كَثِيرَة من الثِّقَات إِذا كَانَ الْمخْرج قد سمى كِتَابه بِالصَّحِيحِ وَذكر لفظا يدل على اشْتِرَاطه لذَلِك فليتنبه لذَلِك
ويعتني بِأَلْفَاظ هَؤُلَاءِ المخرجين الَّتِي تدل على شروطهم فِيمَا خرجوه
وَمِنْهَا أَن يتتبع رِوَايَة من روى عَن شخص فزكاه فِي رِوَايَته بِأَن يَقُول حَدثنَا فلَان وَكَانَ ثِقَة مثلا
وَهَذَا يُوجد مِنْهُ ملتقطات يُسْتَفَاد بِهِ مَا لَا يُسْتَفَاد من الطّرق الَّتِي قدمناها وَيحْتَاج إِلَى عناية وتتبع
وَالْوُجُوه الَّتِي ذَكرنَاهَا كلهَا رَاجِعَة إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ من وُجُوه التَّزْكِيَة لَكِنَّهَا طرق مُخْتَلفَة فِي معرفَة التَّزْكِيَة الَّتِي يُسْتَفَاد بالتنبيه عَلَيْهَا تيسير معرفَة الثِّقَات والسبيل إِلَى حصرهم وجمعهم وَالله أعلم