الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الحادي والعشرون
معرفة الموضوع المختلق المصنوع
وعلى ذلك شواهد كثيرة: منها إقرار وضعه على نفسه، قالاً أو حالاً، ومن ذلك ركاكة ألفاظه، وفساد معناه، أو مجازفة فاحشة، أو مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة.
فلا تجوز روايته لأحد من الناس، إلا على سبيل القدح فيه، ليحذره من يغتر به من لجهلة والعوام والرعاع.
والواضعون أقسام كثيرة: منهم زنادقة.
ومنهم متعبدون يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، يضعون أحاديث فيها ترغيب وترهيب، وفي فضائل الأعمال، ليعمل بها.
وهؤلاء طائفة من الكرَّامية وغيرهم، وهم من أشر ما فعل هذا، لما يحصل بضررهم من الغرر على كثير ممن يعتقد صلاحهم، فيظن صدقهم، وهم شر من كل كذاب في هذا الباب.
وقد انتقد الأئمة كل شيء فعلوه من ذلك، وسطروه عليهم في زُبرهم، عراً على واضعي ذلك في الدنيا، وناراً وشناراً في الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كذب عليَّ متعمداً فلينبوا مقعده من النار ". وهذا متواتر عنه.
قال بعض هؤلاء لجهلة: نحن ما كذبنا عليه، إنما كذبنا له! وهذا من كمال جهلهم، وقلة عقلهم، وكثرة فجورهم وافترائهم، فإنه عليه الصلاة والسلام لا يحتاج في كمال شريعته وفضلها إلى غيره.
وقد صنف الشيخ أبو الفرج بن الجوزي كتاباً حافلاً في الموضوعات، غير أنه أدخل فيه ما ليس منه، وخرج عنه ما كان يلزمه ذكره، فسقط عليه ولم يهتد إليه.
وقد حكي عن بعض المتكلمين إنكار وقوع الوضع بالكلية، وهذا القائل إما أنه لا وجود له أصلاً، أو أنه في غاية البعد عن ممارسة العلوم الشرعية!! وقد حاول بعضهم الرد عليه، بأنه قد ورد في الحديث أنه عليه السلام قال:" سيكذب عليَّ "، فإن كان هذا الخبر صحيحاً، فسيقع الكذب عليه لا محالة، وإن كان كذباً فقد حصل المقصود. فأجيب عن الأول بأنه لا يلزم وقوعه إلى الآن، إذ بقي إلى يوم القيامة أزمان يمكن أن يقع فيها ما ذكر!! وهذا القول والاستدلال عليه والجواب عنه من أضعف الأشياء عند أئمة الحديث وحفاظهم، والذين كانوا يتضلعون من حفظ الصحاح، ويحفظون أمثالها وأضعافها من المكذوبات، خشية أن تروج عليهم، أو على أحد من الناس، رحمهم الله ورضي عنهم.