الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الخامس والعشرون
كتابة الحديث وضبطه وتقييده
قد ورد في صحيح مسلم عن أبي سعيد مرفوعاً: " من كتب عني شيئاً سوى القرآن فليمحه ".
قال ابن الصلاح: وممن روينا عنه كراهة ذلك: عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو موسى، وأبو سعيد، في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين.
قال: وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله: علي، وابنه الحسن، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، في جمع من الصحابة والتابعين.
" قلت ": وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اكتبوا لأبي شاه " وقد تحرر هذا الفصل في أوائل كتابنا المقدمات، ولله الحمد.
قال البيهقي وابن الصلاح وغير واحد: لعل النهي عن ذلك كان حين يخاف التباسه بالقرآن، والأذن فيه حين أمن ذلك. والله أعلم.
وقد حكي إجماع العلماء في الأعصار المتأخرة على تسويغ كتابة الحديث وهذا أمر مستفيض، شائع ذائع، من غير نكير.
فإذا تقرر هذا، فينبغي لكاتب الحديث - أو غيره من العلوم - أن يضبط ما يشكل منه، أو قد يشكل على بعض الطلبة، في أصل الكتاب، نقطاً وشكلاً وإعراباً، على ما هو المصطلح عليه بين الناس، ولو قيد في الحاشية لكان حسناً.
وينبغي توضيحه. ويكره التدقيق والتعليل في الكتاب لغير عذر. قال الإمام أحمد لابن عمه حنبل - وقد رآه يكتب دقيقاً -: لا تفعل، فإنه يخونك أحوج ما تكون إليه.
قال ابن الصلاح: وينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة. وممن بلغنا عنه ذلك: أبو الزناد، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربي، وابن جرير الطبري.
" قلت ": قد رأيته في خط الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
قال الخطيب البغدادي: وينبغي أن يترك الدائرة غفلاً، فإذا قابلها نقط فيها نقطة.
قال ابن الصلاح: ويكره أن يكتب " عبد الله بن فلان " فيجعل " عبد " آخر سطر والجلالة في أول سطر، بل يكتبهما في سطر واحد.
قال: وليحافظ على الثناء على الله، والصلاة والسلام على رسوله، وإن تكرر فلا يسأم، فإن فيه خيراً كثيراً. قال: وما وجد من خط الإمام أحمد من غير صلاة فمحمول على أنه أراد الرواية. قال الخطيب: وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نطقاً لا خطاً.
قال ابن الصلاح: وليكتب الصلاة والتسليم مجلة لا رمزاً. قال ولا يقتصر على قوله " عليه السلام "، يعني: وليكتب " صلى الله عليه وسلم " واضحة كاملة.
قال: وليقابل أصله بأصل معتمد، ومع نفسه أو غيره من موثوق به ضابط. قال: ومن الناس من شدد وقال: لا يقابل إلا مع نفسه. قال: وهذا مرفوض مردود.
وقد تكلم الشيخ أبو عمرو على ما يتعلق بالتخريج والتضبيب والتصحيح وغير ذلك من الاصطلاحات المطردة والخاصة: ما أطال الكلام فيه جداً.