الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد
…
فإنا نحمد الله الذي وفقنا لسنة رسول الله صلى الله وعليه وعلى آله وسلم والدعوة إليها التي هي وظيفة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال ربنا جل وعلا:(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)[الأحزاب: 45 ، 46]. فالدعوة إلى الله خير من الملك والسلطنة كما قال ربنا جل وعلا: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)[فصلت: 33]. إن دعوة أهل السنة دعوة خير وبركة؛ لأنها دعوة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والله سبحانه وتعالى هو الحافظ
للدعوة والقائمين عليها ، فكم من محاولة من أعداء السنة؛ ففي جامع الهادي كانوا يريدون القضاء على أبي عبد الرحمن وخيبهم الله فجزى الله قبيلتي وادعة ، وبعض أبناء القبائل دافعوا عني _ دفع الله عنهم كل سوء ومكروه. وكم أرسل الشيعة والمكارمة الباطنية الذين هم أكفر من اليهود والنصارى ، وجزى الله خيرا قبيلتي قاموا بالحماية ، بل بتوعد من أحدث سوءًا. وفي أيام مضت رمى بعض السفهاء قاتلهم الله ببازوكة على بيت بعض طلبة العلم وسلم الله. ومما يدعو إلى الدهشة أن الحكومة تمنح بعض الفسقة والخمارين رخص حمل السلاح وهم أناس لا يعبأ بهم وتذيقنا المر في السماح لنا بالمرور بالسلاح في بعض النقط العسكرية فإلى الله المشتكى.
وفي هذه الأيام كنا بعدن بجامع الرحمن فما شعرنا إلا بانفجار اللغم ، فانزعج الذين هم في المسجد وكان الذي أراد تفجيره رجل من جماعة الجهاد ، زعموا ، وهم بجماعة الفساد أليق ، وإني أحمد الله فقد كان الذي قام بالتفجير أول ضحيته (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) [فاطر: 43] وقتل رجل من السلفيين رحمه الله وصدق ربنا إذ يقول: (وما كان لنفس أن تموت إلاّ بإذن الله كتابًا مؤجلاً)[آل عمران: 145] وحق لي أن أقول: (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)[الأعراف: 196]
وإني أبشر إخواننا أهل السنة بأن السنة في اليمن على أحسن ما يرام والفضل لله وحده. ولقد كانت السنة غريبة في مجتمعنا اليمني فلا تجد إلا صوفيًّا مبتدعًا أو شيعيًّا ينفر عن السنة وعن أهلها أو إخوانيًّا ليس له هَمٌّ إلا جمع الأموال والتنفير عن السنة وأهلها.
وابتلينا أيضًا بجمعية الحكمة وجمعية الإصلاح وجمعية الإحسان ليس لهم هم إلا جمع الأموال ليدعموا بها حزبيتهم.
فلك الحمد يا ربنا نصرت أهل السنة وحالهم كحال الصحابة إذ قلت لهم: (واذكروا إذا (1) أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) [الأنفال: 26] وكما قلتَ حاكيا عن موسى عليه السلام: (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون)[الأعراف: 128، 129].
وقلت وقولك الحق: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)[الأعراف: 137].
(1) كذا في الأصل، والصواب: إذ. كما هو ظاهر العبارة. أبو عمر
وقال تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)[القصص: 5].
وقال سبحانه وتعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)[السجدة: 24].
هذا، لما كانت وسائل الإعلام لا تنقل الحقيقة رأيت أن أنشر هذين الشرطين اللذين سجلتهما بعد الرحلة.
والمجتمع اليمني وغيره يعلمون من نحن ومن القائمون على وسائل الإعلام وسميت الرسالة:
الباعث على شرح الحوادث.
والله أسأل أن يجعلنا من الصادقين المخلصين إنه على كل شيء قدير.
الحمد لله، حمدا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد
…
فإن الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء، فرب العزة يقول في كتابة الكريم:(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا * وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا)[الأحزاب: 45 ، 46]. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن أرسل معاذًا وأبا موسى إلى اليمن قال لهما: بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا.
ورب العزة يقول في كتابه الكريم لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين). [يوسف: 108].
فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتباعه واجب عليهم أن يدعوا إلى الله في حدود ما يعلمون؛ لقوله: (على بصيرة). وإنا نحمد الله سبحانه وتعالى؛ فدعوة أهل السنة ـ والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى دعوة خير وبركة، جمعت أصنافًا قل من يستطيع أن يجمعها، التعليم، والتأليف، والدعوة إلى الله.
ونحن
نجد من الناس من يتفرغ للدعوة إلى الله ولا يرفع إلى التزود من العلم رأسًا ولا يبالي بالتأليف، بل يعده من معرقلات الدعوة، ومن الناس من يقبل على التأليف ولا يرفع إلى ما سواه رأسًا، ومن الناس من يقبل على التعليم ولا يبالي بالدعوة ولا يبالي بالتأليف.
فنحمد الله الذي وَفَّق أهل السنة للقيام بما لم يستطع كثير من الناس أن يقوموا به، كل هذه الأمور يكمل بعضها بعضًا.
فالتأليف يبلغ ما لم تبلغه الدعوة باللسان، والدعوة باللسان تبلغ أيضًا ما لا يبلغه التأليف، فهب أنك طبعت من الكتاب خمسة آلاف نسخة فماذا يقع في العالم، لكن تنتقل إلى القرى والمدن يسمع كلامك من لم يتمكن من شراء الكتاب أو يرغب في شرائه أو يعلم بطبعه.
فالدعوة أقلقت الحاسدين، وأعداء الدين ، والماديين والمصلحيين ، فالحمد لله فإن كُلًّا يكمل بعضه بعضًا والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى.
وقد زارنا مجموعة كبيرة من إخواننا في الله من إب وقالوا: طلبنا هو الزيارة يا أبا عبد الرحمن، وقد جاءنا ذلك الجمع المبارك منهم الشيخ الفاضل والداعية المحنك عبد العزيز بن يحيى البرعي حفظه الله، فوجب القبول والإسعاف إلى ما طلبوا وَوُعِدوا بذلك.
فخرجنا مع رفقة مباركة جزاهم الله خيرًا وبقينا في صنعاء ، وقد حضر جمع كبير مع أن الإعلان لم يكن مسبقاً فما أعلمُوا إلا بعد العشاء من الليلة السابقة ، وبحمد الله صارت الكلمة طيبة عن آثار التشيع المبتدع ، وكيف أضل الناس الهادي المقبور بصعدة بالاعتزال ، والغلو في التشيع ، وبالإعراض عن السنة، وبالكلام على الصحابة وسبهم ، حتى أن يحيى بن حمزة نقل عنه في "الرسالة الوازعة" أنه يقول: أنا أتوقف في أبي بكر وعمر ، فنقول: تتوقف في أبي بكر وعمر يا أيها المسكين؟ تتوقف في أبي بكر وعمر يا أيها المبتدع؟ تتوقف في الترضية عليهما ، فمن أبو بكر وعمر ، هل هما عبد الله بن سبأ ، والمختار بن أبي عبيد الثقفي ، أم هما خليفتا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
روى البخاري في (صحيحه) عن علي _رضي الله عنه_ أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، وهذا الحديث في (مسند) أحمد عن جمع من التابعين ، عن علي _رضي الله عنه_ منهم من هو شيعي كعبد خير الهمداني الخيواني من اليمن وهو شيعي يروى هذا الحديث عن علي بن أبي طالب.
وكذلك الحزبية أعطيناها قسطها وكذلك الديمقراطية ، فصارت ليلة مباركة من فضل الله عز وجل. وفي الصباح مشينا إلى إب
وكان نزولنا في صنعاء في جامع الخير فهو أفضل مسجد من مساجد أهل السنة بصنعاء والحمد لله أكرمنا أخونا الفاضل الشيخ محمد بن صالح الصوملي حفظه الله ، وفي الصباح كما قلت قبل مشينا إلى إب ومكثنا بمفرق حبيش حتى تغديْنا ثم مشينا إلى إب لأن المحاضرة في إب في مصلى العيد ، فقام إخواننا حفظهم الله بتوجيهات قيمة تثلج الصدور ، فإنك لا تسمع من كلمات إخواننا أهل السنة إلا آية قرآنية أو حديثًا نبويًّا.
وبقينا إلى أن أذّن للعشاء وحضر الجمع المبارك منهم من هو ملتح ومن هو حالق لحيته والظاهر على وجهه سيما الخير ومحبة الخير ، وإن كان حالق اللحية وحلق اللحية حرام ، ومنهم من هو لابس البنطلون وكلهم يحبون الخير ، فأسأل الله أن يبارك فيهم كلهم ، وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).
وبعد أن ذهبنا للوضوء لصلاة المغرب في إب طُلِب منا أن نلقي محاضرة في جامع من جوامع إب ، وهذا الجامع قد ألقينا فيه محاضره ذات مرة ، فقام أصحاب جمعية الحكمة والإخوان المفلسون كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كأنهم مجموعة من الدجاج ، وأزعجونا لا جزاهم الله خيرًا ولولا أنهم يفرحون لتركت المحاضرة ومشيت.
فواعدناهم في العصر بمحاضرة في هذا الجامع لأننا بين مغرب وعشاء في مفرق حبيش ، وهو مقر أخينا الفاضل عبد العزيز البرعي ، ولا ننسى أن من بين المتكلمين في مصلى العيد بإب الشيخ الفاضل عبد المصور حفظه الله ويعتبر من أبرز طلاب العلم المتخرجين من دار الحديث بدماج.
ففي العصر ذهبنا إلى الجامع الكبير وقد كنت قلت قبلُ: لأن تنتخب _صعبًا_أي حمارًا صغيرًا_ أهون من أن تنتخب اشتراكيًّا أو بعثيًّا أو ناصريًّا أو علمانيًّا، فأورد الأخ عبد العزيز استفسارًا: هل تجيز الانتخابات لغير هؤلاء؟ فذكرت الأدلة التي تعرفونها في تحريم الانتخابات وأنها طاغوتية ، فقام واحد مثل المصروع ، ولم أدر ماذا يقول ، فقط سمعت من كلامه الحكومة الإسلامية ،ففهمت أنه يعني أن الانتخابات وسيلة إلى الحكومة الإسلامية، فأقول: إن الإخوان المسلمين بقر وبعض إخواني يقول: لم تقول إن الأخوان المسلمين بقر؟ وأظنه لم يقرأ في البلاغة ، فأنا ما عنيت أن لهم ذيولًا وقرونًا مثل البقر، ولكن أعني أنهم شبيه بالبقر، ولا يستحيون وليس لهم مبدأ؛ فقد أخبرت أن عبد المجيد الزنداني والشيعي أحمد الشامي الغالي وزير الأوقاف الذي وضع على غير تقوى من أول يوم ، أنهما التقيا عند الرئيس فقال عبد المجيد: أما نحن فنقول:
الحكومة إسلامية لأننا قد عدلنا الدستور، ونحن نقول: إن حكومة اليمن إسلامية ، لكن لا لأجل الدستور ، فالدستور لا يساوي بصلة عندنا. دستورنا الكتاب والسنة فليبلغ الشاهد الغائب.
ففي هذا الدستور مواد رديئة ، فإذا كنا نقول: إن "متن الأزهار" و "زاد المستنقع" و "متن أبي شجاع" لا يستفيد منها طالب العلم لأنها مثل الأوامر العسكرية بدون أدلة فما ظنك بالدستور، فإذا كانت الحكومة إسلامية على ما يقول عبد المجيد ونحن نوافقه على ذلك فلماذا يقولون: الانتخابات وسيلة إلى الحكومة الإسلامية.
فالإخوان المسلمون ليس لهم مبدأ ، فقد كانوا يقولون: إن علي سالم البيض شيوعي خبيث ثم يقولون بعد هذا: الأخ نائب الرئيس ، يقول كذا وكذا ، عند أن كان نائبًا للرئيس فقد انتقل عندهم من شيوعي إلى أخ ، وبعد الأحداث علي سالم البيض شيوعي.
وأما عندنا فهو شيوعي من قبل ومن بعد ، فأنصح بعدم التعاون مع الإخوان المسلمين.
وأما أنت يا أيها الكلب النباح الذي تقول: إنك تريد الحكومة الإسلامية منظرك ليس منظراً إسلاميًّا ، وصدق النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم إذ يقول: (إن الله لا يقبض العلم إنتزاعًا ينتزعه ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
ويقول: (قبل الساعة سنوات خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويخوّن فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن وينطق فيها الرويبضة).
وقد قلت لعبد المجيد الزنداني في بيت الأخ محمد بن سعيد العنسي: لماذا أردتم أن تجعلوا عبد الله الحداد رئيسًا للتجمع في حضرموت وأنتم تعلمون أنه صوفي؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يترك العرفاء على ما هم عليه.
وعبد الله الحداد هذا صوفي ويدعي أنه عالم وليس له نفع للإسلام والمسلمين وليس له كلمة عند الناس ولكن الحكومة هي التي نعشته بعد أن كان ميتًا بعد الأحداث التي حصلت في عدن ، والذي خطب أول خطبة في وقت الأحداث وقال: إنه يجب عليهم أن يسمعوا ويطيعوا للحزب وأن يكونوا مع الحزب ، قال: وأما الشباب _وأشار إلى حلقه _ بمعنى أنهم يُقتلون ويقصد بهم الشباب المتمسكون بدينهم ، والذين قد ملأ الحزب الخبيث السجون منهم.
وفي الجمعة التالية كان الرئيس علي عبد الله صالح قد استولى على المكلا ، فقام الحداد يمدحه ويثني عليه ، والناس متعجبون للخزي الذي سيناله. وكان من ضمن كلامه: قال الله سبحانه وتعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة)[آل عمران: 28] يعني: أنه تكلم بما تكلم به في الجمعة الماضية من مدح الحزب الشيوعي تقية.
وقد كنت أقول: إن الإخوان المسلمين مفلسون في السياسة والآن مفلسون في الدين أيضًا ، فالذي يتلوّن وينصر الديمقراطية ويدافع عنها مفلس في الدين ، فمن عرف الديمقراطية ورضي بها فهو كافر، لأن معناها لا حكم للكتاب والسنة ، بل الحكم للشعب فالشعب يحكم نفسه بنفسه، وهذه قد شملت الشروط المكفرة لأنهم قد عرفوها وأن يكونوا غير مكرهين.
ونسيت أن أذكر أنها وافتنا صحيفة لسفيه من السفهاء اسمه: (عبد الفتاح البتول) ينتقد عليّ لماذا أتكلم في (عمر الجاوي) الشيوعي وفي (عبد العزيز المقالح) الحداثي الملحد ، وهذا البتول من الإخوان المفلسين ، وقد ابتلينا بكتّاب كذبة سفهاء لا يثق بهم الناس مثل: محمد المهدي ، وعمار بن ناشر، وصحف كذابة مثل صحيفة الأيام التي تقول: الوادعي متشدد ، والصحيفة نفسها شيوعية ، ونحن نستبيح دماءكم إذا لم تسلموا.
أما التشدد فهو الذي يحرم على الناس شيئًا أحله الله لهم ، أو يوجب على الناس شيئًا ما أوجبه الله عليهم.
ونرجع إلى مسجد إب ، وبعد ذلك أراد الإخوة أن يخرجوه، فإذا هو أمرٌ دُبَّر بليل، فأقول للإخوان المفلسين: كيف ترسلون سفهاءكم يشوشون علينا ونحن لا نرسل إخوة أفاضل يستطيعون أن يقولوا: أنت يا صعتر تحدثت بحديث ضعيف واستدللت بالآية في غير موضعها، وأنت يا عبد المجيد شغلت الناس بالصعود إلى القمر، وبدولة السودان دولة إسلامية، فيستطيع إخواننا أن يتكلموا، وأعظم من هذا أنهم انتزعوا مساجد أهل السنة من تحت أيديهم عند أن كان وزير الأوقاف منهم، وقد أخبرت أن وزير الأوقاف الشيعي المبتدع الآن يريد أن يشجع أهل السنة على أخذ بعض مساجد الإخوان المفلسين، لا، فلن نقبل هذا الشيعي أن يتدخل بيننا وبين الإخوان المفلسين.
فأهل السنة عندهم صبر وصدور واسعة، وربما يضربون وينتقم الله لهم:(وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً). [آل عمران: 120]
فالحمد لله أهل السنة منصورون حتى وإن أخذت المساجد من أيديهم، وإن جلسوا يدرسون في الشوارع والأزقة بحمد الله فأول
ما بدأنا دراستنا في الشمس إلى ضحى ثم ننتقل إلى تحت الأشجار، حتى يسر الله ببناء مسجد ثم المسجد الذي هو أربعون في أربعين.
وفي ذات مرة كان عندنا اجتماع في دماج فجاء سفيه من سفهاء الإخوان المسلمين يسب الحكومة من عندنا حتى تلقى المسئولية علينا. فقلنا: هذا ليس إليك وإذا كنت بطلاً تكلمت بهذا الكلام في صنعاء، فأخذه الأخ حسين المحرق بيده وأخرجه من المسجد وهو جدير بذلك.
ثم جاءنا ذلك السفيه في مسجد الدعوة في صنعاء يشوش علينا فكتبت إليهم: إما أن تمنعوا سفهاءكم وإلا فلا تلومون إلا أنفسكم إذا أرسلنا من يشوش (1) عليكم، ومنعوا. فكادت أن تحدث مضاربة بين إخواننا أهل السنة وبين الإخوان المفلسين في تلك الليلة في جامع إب فاضطر إخواننا المرافقين لنا وهم عقلاء أفاضل طلبة علم، فأرادوا أن يدفعوا عنا وعن إخواننا أهل إب فوضى أولئك، فاضطر الإخوان إلى أن يخوفوهم بفتح مجاري البنادق، وما فتحت المجاري إلا والفوضى والزحام على الأبواب وكنت أظن أن أصوات الأبواب صوت إطلاق رصاص لأن سمعي ثقيل، والحقيقة إنما هي حركات الأبواب.
(1) ونقول كما يقول جرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم
…
إني أخاف عليكموا أن أغضبا
ثم رجعنا بحمد الله إلى مفرق حبيش وألقيت المحاضرة هناك، وفي الصباح مشينا إلى تعز إلى الشيخ الفاضل أحمد الشيباني ومكثنا ليلتين هنالك دعوة، تحترق قلوب الحزبيين والحسدة لكثرة الحاضرين.
وقد أكرمنا الإخوة في إب وتعز. أسأل الله أن يبارك لهم في أموالهم وفي أولادهم وأنفسهم. ثم مشينا إلى عدن في الصباح، ووصلنا إلى النقطة العسكرية فقالوا: لا يدخل إلا قطعتي سلاح ولكم واحد ثلاثة، وبينما نحن نراجع ذلك الضابط قال: اذهبوا إلى ذلك الشخص _ وأشار إلى شخص _ فإنه من أقرباء الرئيس، فرأيت منظره ليس منظر رجل من أهل الخير فقلت: والله لا أذهب، وذهب بعض إخواننا وكلموه من دون أن يستأذونني (1)، فقال لهم: ولا قطعة واحدة، يقول: نحن الآن ماشون بسيارتنا ما عندنا مسدس ولا كذا والدنيا أمن.
قلت: والصحيح أنه انفجر قبل أيام لغم في القلّوعة، ونعرف أيضًا أن الشيوعيين قلوبهم محترقة وكذلك سائر الأحزاب، فرجعنا إلى لحج، ثم جاء إلينا أخ ومعه رجل من العساكر القبائل فدخلنا ببعض البنادق، وكانت المحاضرة في تلك الليلة في مسجد البريقة، وجوه مشرقة مباركة محبة للخير، وكان أكثر الكلام توجيهات
(1) كذا في الأصل، والصواب: يستأذنونني. كما هو ظاهر العبارة. أبو عمر
لإخواننا أهل السنة، وفي الصباح مذاكرات، وإمام المسجد الأخ الفاضل أحمد بن عثمان حفظه الله وعندهم دروس طيبة في المسجد.
وفي الليلة الثانية قام محمد الإمام بما فتح الله، عليه وأما أنا فحلقي مسدود لا أستطيع أن أتكلم، ولو أن لي من الأمر شيئًا لرجعت إلى دماج بلدي لأني أصبحت لا أستطيع أن أتكلم إلا بمشقة قدر ربع ساعة، ولو أن لي من الأمر شيئًا لرجعت، لكن قد وعدنا إخواننا في عدن بخمس ليال، ووجدنا إخواننا متعطشين للعلم، فعند أن اجتمعنا في مسجد الرحمن فقام محمد الإمام ثم قمت بعده وتكلمت بكلمات مختصرة ثم قام الشيخ أحمد الشيباني حفظه الله.
وانتهى الكلام وانتهت المحاضرة، وبينما المؤذن يؤذن لصلاة العشاء، وإذا بانفجار اللغم وكنا في الداخل، فجعلت أنظر في سقف المسجد أين أجد الفرج كنت أظنه في المسجد فقد اهتز المسجد أيما اهتزاز، فإذا بالانفجار خارج المسجد.
ثم خرجنا بحمد الله وركبنا سيارتنا، وأما إخواننا أهل عدن فأحسنوا فقد صلوا العشاء، وقام عبد العزيز الدراوردي حفظه الله يتكلم بعد العشاء كأنه لم يحدث شيء، عندهم شجاعة وإقدام،
ثم رجعنا إلى بيت أحد الإخوة وقد أعد العشاء حفظه الله وهو الأخ مهدي الشبوي وقد زارنا في دماج.
ثم اتصلت ببعض المسئولين وقلت له: إذا كان بقاؤنا سيسبب لكم فتنًا ومشاقّ فنحن سنرحل غدًا. قال: ابقوا، وهو الأخ مدير الأمن محمد طريق _ جزاه الله خيرا _والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(من لا يشكر الناس لا يشكر الله).
فنشكر لهم ما قاموا به من زيارة ورعاية لنا بعد انفجار اللغم، فقال: تبقون والبلد بلدكم ونحن المسئولون عن الأمن، فعزمنا على البقاء والحمد لله.
ثم الأخبار في الصباح: الداعية الإسلامي الشيخ مقبل المتشدد، وهي جريدة الأيام الشيوعية، ثم اتصلنا بإخواننا في تلك الليلة ههنا لتطمئنوا أنه ما حدث لإخواننا شيء، والذي حدث هو رجل انفجر اللغم في بطنه فالله أعلم أنه كان يصلحه وانفجر فيه، ورجل آخر قطعت يده، وإخواننا ما بينهم وبينه إلا مسافة قريبة سلمهم الله وحفظهم الله وهم الإخوان الحراس جزاهم الله خيرا.
وفي الليلة الثالثة كنا نظن أن الناس قد خافوا فربما لا يحضر إلا الجمع القليل، فحضر مثل كل ليلة والحمد لله صارت ليلة مباركة، وحضر كذلك من الشرطة من يقومون بالحراسة، فجزاهم الله خيرًا على ما فعلوا.
والصحف والإذاعات تنعق، والمسئولون يخافون من الإعلام، فلماذا يخافون من هؤلاء الكذبة؛ إذاعة لندن كذابة وصحيفة الأيام كذابة، وصحيفة الشورى الشيعية كذابة.
ثم رأينا أننا نرحل ونسافر فقلنا: ربما تأتي أخبار للإخوان ههنا تزعجهم، وخرجنا بفضل الله وبتنا في معبر، وأكرمونا غاية الإكرام. نسأل الله أن يبارك لهم. ثم صعدنا إلى صنعاء ومعنا من الإخوة جمع قدر خمسين أخًا من المسلحين فقال الجنود: تمشون إلى صعدة على طول، فقلنا لهم: لنا حاجة في صنعاء، فقالوا: إذن تضعون الأسلحة في بيت ولا تبقى إلا السيارة التي تركبها أنت ورفقتك، وهو صحيح، ويشكرون على تعاونهم معنا، والحمد لله.
ثم وصلنا إلى دماج واستقبلنا إخواننا من أهل دماج وطلبة العلم وأطلقوا الرصاص شيئًا كثيرًا فرحًا بقدومنا سالمين، وقد نهيناهم عن الرماية فلم ينتهوا جزاهم الله خيرًا.
أما بخصوص الصحف فلعلنا نذكر شريطًا آخر في بيان حقيقة هذه الصحف على أن لنا شريطًا موجود في المصارعة بعنوان: جلسة قصيرة مع عميان البصيرة، وهو مع الصحفيين عند أن زارونا إلى هنا، فربما نعيد الشريط. والله المستعان.
تنبيه: وهو سؤال موجه للإخوان المسلمين: هل ترون الحكومة حكومة إسلامية أم لا؟ فإن كنتم ترون الحكومة حكومة إسلامية، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائنًا من كان).
ويقال للسروريين أتباع محمد سرور الذي اعترف عندنا في البيت بأنهم جماعة ولكن قال: إنهم لا يتعصبون، ثم ظهر تعصبهم عند قضية الخليج.
ويقال للفريقين: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما).
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت _ رضي الله عنه _ قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمكره والمنشط وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحًا عندكم فيه من الله برهان.
وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه سيأتي بعدي خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون).
أو بهذا المعنى: قالوا: أفلا ننابذهم يا رسول الله؟ قال: (لا، ما صلوا).
فإن كنتم ترون الحكومة إسلامية فلماذا تنظمون لإقامة حكومة فهل هذا في دين الله، وإن كنتم لا ترونها حكومة إسلامية فلماذا تشاركونها في كل شيء؟!.
والواقع أنهم يتلوَّنون. لو قال الرئيس بإلغاء المعاهد الحزبية، لقالوا: علماني كافر، _ وقلنا المعاهد الحزبية لأننا كنا نقول لها فيما مضى المعاهد العلمية. فهي الآن المعاهد الحزبية _.
وهكذا يتلوَّنون مع المصلحة، فليسوا عند الدين ولا بعد إقامة حكومة إسلامية، ولو أقاموا دولة والعياذ بالله فإنهم أول ما يبطشون بأهل السنة، وقد فعلوا هذا بإخواننا في كنر بأفغانستان.
ولو أقاموا دولة لدعو (1) رجلاً علمانيًّا أو شيوعيًّا، سياسة عمياء حمقاء، كما أتوا بجمال عبد الناصر وقالوا: هذا نجعله واجهة أمام الناس ونحن نعمل ونتحرك، فلما تمكن وصار الحديد والنار بيده قتلهم قتلًا ذريعًا.
نقول هذا ولسنا شامتين بهم فلا رحم الله جمال عبد الناصر. فسياستهم سياسة حمقاء، والواقع أنهم من أجهل الناس بالسياسة، فإذا ضحك لهم الرئيس ظنوا أن العيد غدًا، أي رئيس، فصدام _ صدمه الله بالبلاء _ عند أن قرب بعضهم وذهب عبد الوهاب الديلمي وفقنا الله وإياه لكل خير إلى العراق، سألت أخًا
(1) كذا في الأصل، والصواب: لدعوا. كما هو ظاهر العبارة. أبوعمر
من الإخوان المفلسين: أين عبد الوهاب الديلمي؟ فقال: ذهب إلى العراق، فنحن نرى صدامًا قد تحسن ومال إلى الإسلام.
فهم جهلاء بالسياسة وبالحكام، والواقع الذي أعماهم هي الدنيا والمناصب والكرسي، والدفاع عن الكرسي، لكن الرئاسة لا يريدونها بل يريدون شخصًا يكون واجهة لهم، وهذا واقع في اليمن الآن فهم يرفعون الشخص حتى يصير وزيرًا وهو من الإخوان، وبعد أن يصير وزيرًا يغلق الأبواب في وجوههم، وكما قيل:
على عاتقيه يصعد المجد غيره
…
وهل هو إلا للتسلق سلّم
فهم مضطربون، فإذا كانت الدولة إسلامية فما فائدة هذه الحركة، والمقاطعة لأهل السنة لأجل أنهم لا يوافقونهم، في التلبيسات على العوام.
وقد زارني القاضي محمد قطران فقلت له: هذه الانتخابات طاغوتية؟ فقال: لعلنا نأخذ السلطة بالسّلم، فقلت: وإذا لم يعطها بالسلم؟ فماذا تفعلون؟ قال: سنقاتله إذا لم يعطها بالسلم. وقلت هذا الكلام لثلاثة من الإخوان المسلمين. والحق أنهم أفاضل وقد سألتهم نفس السؤال وأجابوا بالإجابة نفسها.
ونحن نبسط القول فيهم لأنهم يلبسون على العامة، عبد الله صعتر الجويهل، قدم إلى عدن ونحن فيها، لأنهم يخافون على
شبابهم، وبقي ليلتين أو ثلاثًا، ولكن من فضل الله فالفرق كبير بين اجتماعاتهم واجتماعات أهل السنة، فاجتماعات أهل السنة لوجه الله يهمهم الدين، وأولئك يجتمعون من أجل الكراسي.
وأما ما يتعلق بالصحفيين فللموضوع تكملة، ونحن لا يهمنا الصحفيون، فإنهم أصحاب هوس وتسميتهم بالصحفيين يعتبر ظلمًا، بل ينبغي أن يسمى الصحفي مهووسًا، فكلامه مثل كلام السكران أو المجنون، فكلمة في المشرق وكلمة في المغرب، وقد كتب شيوعي في جريدة من الجرائد فتارة يتكلم على الدعوة بدماج، وأخرى في السعودية وأخرى في صنعاء، مثل السكران الذي يهذي بكلامه، ويجوز أنه سكران، وإلا فما دخل أمراء السعودية وهم الذين رحّلوني من هناك، في دعوتنا باليمن، والحقيقة أن الاشتراكيين هم العملاء للسعودية (1)، فقد انكشفت الحقيقة، وأما نحن فمع كتاب الله، ومع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفَّنا مسلمين والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(1) طلب الشيخ حذف أي كلام له على السعودية.
أما بعد
…
فقد روى الترمذي في (جامعه) عن سعد بن أبي وقاص _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه).
وذكرت في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" حديث أبي سعيد الخدري وهو بمعنى حديث سعد بن أبي وقاص. في هذين الحديثين الثابتين عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيان ما يبتلى به الرجل المتمسك بدينه، وأن هذا أمر لابد منه، ومن وفقه الله وثبته فهو الذي ينبغي أن يحمد الله.
روى أبو داود في "سننه" عن المقداد بن الأسود _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلى فصبر فواها) _أي: من ابتلى فصبر فعجب له _.
بل رب العزة يقول في كتابه الكريم: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)[البقرة: 214].
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)[العنكبوت: 1 - 3].
فلابد من الفتنة والاختبار، يقول الله عز وجل:(ونبلوكم بالشر والخير فتنة)[الأنبياء: 35].
والشأن كل الشأن لمن صبر وثبت، وسميت فتنة لأنه تفتن الشيء وتختبره، يقال: فتن الذهب، أي جعله في النار ليعلم أذهب خالص هو أم ليس خالصًا.
ورب العزة يقول في كتابه الكريم: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)[العنكبوت: 10].
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة)[الحج: 11] فنسأل الله أن يعيذنا من الفتن.
وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستعيذ بالله من الفتن؛ من فتنة المحيا والممات.
فلا بد أن يفتن الداعي إلى الله، وليس بأعز على الله تعالى من الأنبياء ومن الصالحين، وإننا إذا قرأنا التاريخ وجدنا كثيرًا من علمائنا ابتلوا كسعيد بن المسيب فقد ضُرِب، والإمام مالك ضُرِب، والإمام أحمد بن حنبل ضُرِب أيضًا، وغير واحد من علمائنا المتقدمين _ رحمهم الله.
إن التمحيص يكون سببًا لفوز الشخص ونجاحه بإذن الله، إذا كان ثابتًا، وإننا نحمد الله سبحانه وتعالى، فنحن نتوقع هذا ونتوقع ما هو أعظم.
ونحن في آخر الزمن ولكن من فضل ربي أنه ما حدث حدث إلا صار نصرًا للسنة، فعند أن لغّم مسجد إخواننا آل جميدة حفظهم الله وسلم الله المسجد، وكان ذلك في الليل، وفي العصر وكنا في المدرسة بدماج وكان معهدًا، فقلت: نصرت السنة ورب الكعبة، وقد أخذنا هذا من قول الله عز وجل:(ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)[البقرة: 114].
وأولئك الذين قاموا بالتلغيم وأرادوا قتل الدعاة إلى الله، والدعوة كما تقدم هي دعوة الله ليست بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا
ولا بكثرة أموالنا ولا بفصاحتنا في الخطابة ولا بكثرة الخطابة، بل تسبقنا الدعوة ونحن نمشي بعدها والفضل في هذا لله عز وجل.
فخاب وخسر من أراد الشر بالدعاة إلى الله، وجعله الله أضحية لعمله السيء.
أما الصحف الكذابة فمن أراد أن يجالس الكذابين فليقرأ في الصحف، وإذا أردت أن تجالس الصادقين قرأت في كتاب ربنا وفي "الصحيحين" وفي كتب التزمت الصحة. ولقد أحسن من قال:
وأرى الصحافيين في أقلامهم
…
وحي السماء وزينة الشيطان
فهم الجناة على الفضيلة دائمًا
…
وهم الحماة لحرمة الأديان
قلت: كان ينبغي أن يقول الشاعر: والهاتكون لحرمة الأديان.
فلربما رفعوا الوضيع سفاهة
…
ولربما وضعوا رفيع الشان
وجيوبهم فيها عقولهم إذا
…
ملئت فهم من شيعة السلطان
وإذا خلت من فضله ونواله
…
ثاروا عليه بخائن وجبان
ويصوبون المخطئين تعمدًا
…
ومن المصيبة زخرف العنوان
وأحسن من تكلم على ما حدث في جامع إب بيننا وبين الإخوان المفلسين جريدة الرأي العام نقلت الحقيقة إلا أنها أخطأت أننا ما خرجنا من المسجد حتى جاء الأمن، بل خرجنا بحمد الله وما علمنا أن الأمن جاء إلى المسجد والفضل في هذا لله.
أما صحيفة الشورى الشيعية فإنها رمتنا بالتطرف أي على طرف من الدين، وكأنهم يقصدون من هذا قول الله عز وجل:(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)[النساء: 115].
ولنا أن نقول: من هو المتطرف يا صحيفة الشورى الكذابة؟ أهو نحن أم الهادي يحيى بن الحسين الذي سفك دماء المسلمين اليمنيين ونهب أموالهم؟، اقرأوا سيرته كتبها بعض تلامذته، فقد أخذ غنم أهل جبل بني عوير والمهاذر، وسفك دماء المسلمين بصعدة، وحاشد وصنعاء ونجران.
فإن قال قائل: إنه حارب القرامطة بنجران وصنعاء؟
فالجواب: أن الهادي خرج إلى اليمن لعله في مائتين وثمانين للهجرة، والقرامطة لم يظهروا إلا نحو مائتين وواحد وتسعين، وأما في نجران فمائتين وأربعة وتسعين هذا هو ظهورهم.
فلماذا يقتل الهادي اليمنيون لأنهم لم يسلموا، فهم مسلمون أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله:(الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان).
وبقوله في أهل اليمن: (إنهم أرق أفئدة وألين قلوبًا). والهادي من أهل المدينة خرج إلى اليمن يبث الاعتزال.
والتطرف مخالفة الكتاب والسنة، والصحيحان عند الهادي ليس لهما قيمة، والذي يقول: إن الله يُرَى في الآخرة، فهو عند الهادي كافر تأويل، والذي يقول: إن الله قدر المعاصي ضال ومبتدع، بل ربما يكفره الهادي ويكفر اليمنيين، فمن المتطرف نحن أم الهادي؟
من المتطرف نحن أم عبد الله بن حمزة الذي قتل المطرفية وقد أنكر عليه غير واحد من العلماء، وخرب مساجدهم واستباح سبي نسائهم، على أنهم كفار، والواقع أنهم شيعة متمسكون بمذهب الهادي، وقد أنكر على عبد الله بن حمزة جمع من العلماء.
وكتاب "إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن" سينشر فإنه ما نشر كما ينبغي، فصاحب المدينة يرجع إلى المدينة وصاحب إيران يرجع إلى إيران لا يفسدون علينا يمننا، قلَّ أن تجد علويًا إلا وهو يحدث نفسه أنه سيكون إمامًا، وانظروا ماذا فعل ابن أبي الفتح الديلمي بأهل مجز، جاء من الديلم يسفك دماء المسلمين ويبثون العقائد الخبيثة المخالفة للكتاب والسنة فمن المتطرف.
أما العصريون من الشيعة فهم غثاء ولا يستحقون أن نذكرهم، وليسوا أهلًا لأن يذكروا، بل نذكر أولئك الذين يزعمون أنهم أئمة وخرجوا لينقذوا اليمن من الجهل، بل خرجوا ليحولوا اليمن من السنة إلى البدعة، ومن الهدى إلى الضلال ومن الرشد إلى الغي.
واقرأ في أقرب كتاب من كتبهم "العقد الثمين" وهو وريقات أتى بالمذهب المعتزلي وقبله "الأساس في عقائد الأكياس"، أما الأكياس الذين هم بمعنى الفطناء فلا، وإبراهيم الكردي الذي رد على (الأساس) يقول: الأساس ليس فيه من عقائد المسلمين شيء.
وانظروا إلى أحاديث خروج الموحدين من النار المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأولئك المخذولون ينكرون هذا، وأنا آسف على أهل اليمن، فمن جاءهم صفقوا له وقالوا: مرحبًا بمولانا
وببركتنا، ولكنهم قد استيقظوا، وهذا من فضل ربي.
فهل نحن المتطرفون أم المطهر بن يحيى شرف الدين، فقد خرج عليه السراجي وهو من أهل البيت فالتقى بهم المطهر وأسرهم وكانوا نحو ألفين وثلاثمائة، فقتل ألفًا _ هذا مطهر بن يحيى _ وأبقى ألفًا وثلاثمائة والسراجي، فقال له المطهر: اركب على البعير، فأبى أن يركب، فقتله.
وعندما قتل الألف حتى غاصت أرجل بغلته بين الدماء، فأخذ رؤوسهم وربطها في رؤوس الأحياء ومشى بهم إلى صنعاء، ومن صنعاء إلى صعدة، ثم قتل الباقين، فكان يسقط رأسان، الرأس المحمول ورأس الأسير.
فهم فعلوا الأفاعيل باليمن، وإسماعيل بن المتوكل الجويهل استباح دماء من يخالفه خصوصًا أهل اليمن الأسفل واستباح أموالهم، وله رسالة بعنوان:"إرشاد السامع إلى جواز أخذ أموال الشوافع"، وقد رد عليه غير واحد من أهل بيت النبوة، وكان يقول وبئس ما قال: والله ما أخشى أن يحاسبني الله على ما أخذت من أموالهم ولكني أخشى أن يحاسبني الله على ما تركت لهم فهم أشقوا اليمن، ونحن نقول لهم: بحمد الله ما سفك دم منذ قامت الدعوة ولها قدر عشرين سنة، وأهل السنة ليسوا دعاة فتنة بخلاف أولئك.
وأنا آسف على اليمنيين كيف يستجيبون لأولئك السفاكين للدماء، نتحداهم أن ينكروا شيئًا مما قلناه. فمن هو المتطرف؟
وأما جماعة الجهاد، فتسمية في غير محلها، فإنه يجب على كل مسلم أن يجاهد إذا كان مقتدرًا؛ يقول الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به
…
) [التوبة: 111].
كل المسلمين يجب عليهم أن يجاهدوا: (انفروا خفافًا وثقالًا
وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) [التوبة: 41] اللهم إلا من عذره الله تعالى فله عذره. فلا نحتاج إلى تسمية جماعة باسم جماعة الجهاد.
هذه الجماعة ينبغي أن نسميها جماعة الفساد: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض
…
) [المائدة: 33] لو أن هناك حكومات إسلامية تقيم الحدود فواجب عليها أن تقبض على جماعة الجهاد ويقال لهم: من تجاهدون؟ أتجاهدون اليمنيين المسلمين.
فنقول لهم: يا جماعة الفساد لكم في اليمن نحو ثمان سنوات فما الذي عملتم لليمن، والحق أنها أتتهم مطرة من الفلوس ومطرة من المدافع والرشاشات، ملأوا البيوت ثم طردوا جماعة أسامة وبعضهم أراد أن يسلمهم إلى الأمن السياسي.
فيا أهل اليمن أفقرتم الأحزاب كلما جاء حزب تجمعتم حوله حتى تأخذوا جميع ما عنده ثم تنتقلون إلى حزب آخر، ويضرب لك الشخص منهم صدره ويقول: أبشر بي وأنا حولك.
فنقول لهم: هذه الجماعة خير لهم أن يطلبوا العلم، وبعضهم من جماعة الجهاد وللأسف لا يصلي، فقد أخبرني بعض الإخوة
المصريين أنه كان في جماعة التكفير فيقول: كنا نجلس نتناظر ونتناقش طول ليلتنا إلى قبل الفجر ثم ننام ولا نقوم إلا في الضحى.
وهذا المدبر الذي لغم في عدن، فلا بد أنه من جماعة التكفير، ويقول إنه من جماعة الجهاد والله أعلم، أهو من الشيوعيين، أو البعثيين، فإننا قد أعطينا لكل لطمة، لكن الله سبحانه وتعالى يقول:(وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)[الشورى: 10].
وهذا فعل العاجز أن تذهب وتلغّم لسيارة، أو لأناس في مسجد، فتستطيع عجوز من العجائز أن تذهب وتضع اللغم وتمشي وبعدها ينفجر، فهذه ليست شجاعة بل هي جبن وخور.
فنحمد الله فقد صار نصرًا للسنة، وعرف بحمد الله أن أهل السنة ليسوا دعاة فتن.
أهل السنة والفضل في هذا لله يستطيعون أن ينتقموا من أعدائهم لكن نحن نقول: نحن في شعب مسلم وفي بلد مسلمة فلا يجوز لنا أن نسفك دماء المسلمين.
وأما ما قيل إنها قنبلة وأن شخصًا كان يلعب بها ثم انفجرت فيه فليس بصحيح، بل هو لغم أو عبوة ناسفة؛ بدليل أن الإخوة الذين كانوا مشاهدين لذلك قالوا: رأوا لمعانا وإضاءة، وقد أخبرني الإخوة الخبراء بالقنابل أن القنابل ليس لها ذلك.
فلا ينبغي أن نغطى، فلو كان وزيرًا أو فندمًا من الفنادمة أو غير ذلك لسمعت ضجة إذاعة صنعاء، لكن هؤلاء الدراويش في نظرهم في جامع الرحمن لا يبالى بهم، بل أعظم من هذا أنهم كانوا يريدون أن يأخذوا بعض إخواننا للتحقيق معه، ما شاء الله يُعْتَدى علينا ثم يحقق معنا، فالله المستعان.
ويضيق علينا في مسألة السلاح، فالخمار يدخل بسلاحه والشيوعي يدخل بسلاحه والبعثي يدخل بسلاحه، ويكون شخصًا واحدًا لو قتل لاستطعنا أن نأتي بألف وزير يماثله، لكن العالِم إذا قتل متى نستطيع أن نأتي بمن يسد مسده.
وأما أنت أيها الداعي إلى الله وأنت مستهدف فلا يجوز لك أن تحمل السلاح، كما قال ذلك الذي أخبرنا من أقرباء الرئيس، قال: عدن آمنة.
فلا يضيق علينا بالسلاح ولا يضيق علينا بالمنع، فإن ضيق علينا فبحمد الله أرض الله واسعة وبحمد الله أبناء القبائل يدعوننا ولهم حق أن نجيبهم، ولأن يهدي الله رجلًا من أبناء القبائل يعز الله به الدين من فضل الله.
فالواجب على المسئولين أن يؤمنوا البلاد أو أن يتركوا من يخاف أن يمشي بسلاحه ليدافع عن نفسه، على أننا بحمد الله أينما
نزلنا على أناس أحسن من أهلنا، لكن هم أناس ما قد جربوا وما قد عرفوا أعداء الدعوة وأنهم يتربصون بأهل الدعوة الدوائر، فهم يقدمون لنا الذبائح والإكرام.
فيجب علينا أن نتعاون جميعًا نحن والمسئولون على القضاء على أولئك الذين يزعزعون أمن البلاد فيجري عليهم حكم الله، وأما هذا الشخص فقد أجرى الله حكمه وهو خير الحاكمين ومزّقه اللغم واستراحت منه البلاد والعباد وقد نُشر أن له سوابق، وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى، فإن بعض المسئولين يستكثرون الجموع، فنقول لهم: لا تخافوا ولا يضركم غضب أمريكا عليكم إذا كنتم مع الله، واقرأوا التاريخ تجدون المحدث ربما يحضر عنده ستون ألفًا أو مائة ألف، وكيف يسمعون وليس هناك مكبرات الصوت، هناك مستملون فمثلًا مدى الصوت أمام يبقى واحد وعلى اليمين واحد وعلى اليسار واحد ويقول المحدث: حدثنا يحيى بن يحيى، وكل واحد منهم يبلغ بأرفع صوته ما سمعه من الشيخ، فالمحدثون لهم مجالس، والحكام السابقون يعرفون قدر المحدثين وأنهم يرون أن العلم أرفع من الكراسي والسلطة:(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)[المجادلة: 11]. (ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين)[فصلت: 33].
ويقول سبحانه وتعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا)[النساء: 114].
فالمحدثون يرون العلم أرفع من الكراسي، بل أعظم من هذا أن بعض العباسيين لعله المأمون قيل له: هل بقي شيء من لذات الدنيا لم تنله؟ قال: بقى، أن أحدث ويجتمع عندي المحدثون ويقولوا: هات غفر الله لك، فاجتمع حاشيته الذين يريدون الترفيه عليه، وليس من أجل الحديث فاجتمعوا عنده ومعهم ألواحهم وأقلامهم فقالوا: هات غفر الله لك، قال: لستم بأولئك، أولئك الدنسة ثيابهم الشعثة رؤوسهم المشققة أرجلهم.
وعند أن مَرَّ عبد الله بن المبارك ببيت هارون الرشيد وهو عالم خراسان ومفتيها سمعت جارية من جواري هارون الرشيد جلبة فأطلت من النافذة فوجدت الناس فقالت: من هذا؟ قالوا: هذا عالم خراسان ومفتيها عبد الله بن المبارك، فقالت: هذا والله هو الملك لا ملك هارون الذي لا يجتمع عنده الناس إلا رغبة ورهبة، والأمر كما تقول: فإن الناس يجتمعون عند العالم محبة لله. وكم نعق الشيوعيون والبعثيون والصوفية والشيعة أننا عملاء واتضحت الحقائق وعلم الناس من العملاء، فهل استطاعوا بنعيقهم هذا أن
يصدوا الناس، فما ازداد الناس إلا إقبالًا على الدعوة، والآن تعب أهل صعدة ما بقى إلا إخواننا يقومون بالدعوة.
وأيضًا فتنتهم الدنيا فذاك على الحروز والعزائم، وذاك على المسألة عند قبر الهادي، العميان يتضاربون على الفلوس وهم عميان البصر والبصيرة.
فأين هم من علمائنا المتقدمين العميان من أمثال قتادة بن دعامة وغيره من علمائنا الأجلاء، وغير واحد من علمائنا عمى في آخر عمره وهو محدث جليل، ومن علمائنا المعاصرين الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله إمام عصره، والشيخ ابن حامد رحمه الله من أبرز علماء العصر وهو أعمى.
ونحن عمياننا يتضاربون بالعصى عند قبر الهادي على ريال أو ريالين أو عشرة، فهؤلاء سقط. وآخرون إذا دخلت إلى مسجد الهادي بصعدة أو الجامع الكبير بصنعاء لا يلتفتون إليك إلا إذا كان عندك حق درس، أي: نقودًا تعطيهم يدرسون لك بها قرآنًا.
فأقول: إن المجتمع في ذمتكم يا أهل السنة وأنتم المسئولون أمام الله سبحانه وتعالى أن تردوا على الرافضي وعلى الصوفي وعلى الشيعي والشيوعي والحداثي وعلى كل مبطل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)[الكهف: 29].
فمن خالف الكتاب والسنة أو طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلو (نتعاضض) بالضروس، ولا يظن ظان أن أهل الباطل يهيبون علينا، فلولا أنه قيل لنا: ارحلوا من عدن ما رحلنا، وكنت في ذلك الوقت مسدود الحلق لا يستفاد مني، لكن كنا نريد أن نبقى لنري أولئك أنه والله لا تزعزعنا الألغام والرشاشات والمدافع، فنحن مع الكتاب والسنة، ونسأل الله أن يرزقنا الشهادة.
وأما أنا فقد بلغت من العمر نحو ثلاثًا وستين أو أربعًا وستين سنة فما بقي إلا الاستعداد للرحيل على ذا أو ذاك والحمد لله.
فنحن لا نبالي، فالإخوان المفلسون الذين يسلطون سفهاءهم، وأما ذلك الرجل الذي قام في إب فقد أُخبرت أنه ليس رئيسًا للإخوان المفلسين ولكن من جماعة الترابي الكافر ومن أتباعه.
فأقول: الصحيح أن تلك الجموع تميتهم وهم أحياء، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى.
وأما الاجتماع أو المحاضرة عند الإخوان المفلسين ربما تكلفهم قدر ثلاثة مليون، بل إن اجتماع مؤتمر الوحدة والسلام لعله كلفهم نحو ثمانية ملايين ريال، ويحضر القبائل يدخل الكلام من أُذنٍ ويخرج
من الأذن الأخرى، وبعضهم لا يدخل الكلام في رأسه من أصله، ليسوا إلا بعد الأموال والاستقبالات في الفنادق.
بخلاف دعوة أهل السنة يجتمع الجمع الكبير وكل شخص يرجع إلى بيته وقد استفاد، فنسألك يا الله أن تبارك في دعوة أهل السنة، وأن تدفع عنهم كل سوء ومكروه، وأن تمن عليهم بالإقبال على العلم النافع.
ولأخينا الفاضل الشيخ محمد الإمام شريط طيب ننصح بسماعه، فقد تكلم حفظه الله على الخوارج لأن هذه نزعة خارجية، فإن ذلك الشخص لم يتقدم يلغم _ هذا إذا كان يصلي _ إلا وهو يستحل دماء المسلمين ويعتقدهم كفارًا، ويقول قائلهم أيضًا: من لم يكفر الكافر فهو كافر.
وقد رأيت هذه العبارة لعبد الله بن حمزة الذي يلقب بالمنصور في شخص خرج عليه وقال عبد الله بن حمزة _ والذي خرج عليه علوي _ فقال: هو كافر، لأنه لا يكفر المطرّفيّة، والمطرفية كفار ومن لم يكفر الكافر فهو كافر.
فلا، من لم يكفر الكافر، الذي يقول أن النصراني ليس كافرًا فإنه يعتبر مكذبًا للقرآن فهو كافر أو الذي يقول: إن اليهودي ليس كافرًا، فإنه مكذب بالقرآن لأن اليهودي كافر.
أما شخص أخطأ أو تأول فهذا لا يقال فيه: من لم يكفر الكافر فهو كافر. وإضافة إلى ما تقدم في عبد الله بن حمزة الذي كان من أئمة التشيع في اليمن، فإنه أول من بدأ ببناء القباب على القبور، وأول من بدأ بالضرائب ضربه الله بالبلاء.
سؤال: هل صحيح أن دخول الهادي إلى اليمن كان بعد أن نوقش في المدينة مع بعض العلماء وفاز عليهم لكثرة علمه؟
جواب: الشيعة يعتبرون أكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أوردوا أحاديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثنى على الهادي، وقال: هو يحيى صاحب اليمن.
فلم يعرف المحدثون الهادي، فإننا لم نجد ترجمة للهادي في كتب المحدثين فضلًا عن أن يغلبهم، ويغلبهم بماذا بأنه ينفي بعض صفات الله متبعًا في (1) ابن أبي القاسم البلخي المعتزلي، ولا يقول بخروج الموحدين من النار، ولا بأن الله قدر المعاصي والله عزوجل يقول:(إنا كل شيء خلقناه بقدر)[القمر: 49].
فالشيعة يعتبرون أكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يقول الأعمش في الروافض: ما كنا نعدهم إلا الكذابين.
(1) كذا في الأصل، والصواب: فيه. كما هو ظاهر العبارة. أبو عمر
سؤال: لعل السامع يفهم من تكفيرك للترابي بسبب عداوة فوضح ماهي الأمور التي توجب كفره وجزاك الله خيرًا؟
جواب تعبت وأنا أوضح والعلماء ألفوا في هذا المؤلفات، فمن هذا قوله: إن الأقليات المسلمة في بلاد الكفر يشملها القوانين _ أي قوانين البلد _ وإن كانت تخالف تعاليم الإسلام فهذا يعتبر كافرًا؛ لأن الله عز وجل يقول: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون)[المائدة: 50]، ويقول سبحانه وتعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)[المائدة: 44]. ويقول سبحانه وتعالى: (إن الحكم إلا لله)[يوسف: 40] ويقول: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا)[الكهف: 110].
ويقول: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا)[النساء: 60].
فهذا رجل لايشك في كفره، دع عنك سخريته بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شأن حديث الذباب، فإنه قال: أنا آخذ بقول النصراني ولا آخذ بقول محمد.
وقال في شأن التصويتات والانتخابات: ماهي إلا نوع من الإجماعات.
قلت: فإذا صوت أهل بلد عالمهم وجاهلهم وبرهم وفاجرهم وذكرهم وإنثاهم إذا صوتوا على شيء فيعتبر عند _الترابي_ إجماعًا وحجة.
وأما تعريف الإجماع فهو: اجتماع المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عصر من العصور على أمر من أمور الدين.
وكذلك تجويزه زواج المسلمة بالنصراني، والله تعالى يقول:(ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)[البقرة: 221] ويقول أيضًا: إنه لا يحتاج في هذا الوقت إلى الحج؛ لأن الحاج يذهب لرجم الشيطان، يرجمه من هنا ولا يذهب إلى مكة.
سؤال: تكلمتم في بني علوي من أهل البيت وأفدتم أنهم غثاء، فهل يعني هذا أنه ليس لهم نسب إلى الإمام علي، ونسبهم هذا الذي يدّعونه باطل؟
جواب: أنا عنيت أهل صعدة، وقلت: العلويين، ولم أقل باعلوي، على أن أغلب هؤلاء الذين في الجنوب صوفية، والصوفية قد أضلوا إخواننا في حضرموت، وإذا شئت ذهبت لتسمع الهينمة، فالناس يذكرون الله عقب الصلوات، وهؤلاء يأتون بالذكر قبل الصلوات، ويستبيحون الأغاني ويخرجون بالدفوف للزيارة.
أما مسألة النسب فتنظر، وقد تقدم أن قلت: إنني في شك في كثير من الأنساب العلوية، لأنه يأتينا شخص أو اثنان أو ثلاثة _ وقد عرفوا أن اليمنيين يعتقدون في أهل البيت _ فيقولون: نحن من أهل بيت النبوة. فأقول: من يشهد لك على هذا النسب؟
فالصحيح أننا في شك من هذه الكثرة الكاثرة من الأنساب، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(أسرع قبائل العرب فناءً قريش، يوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول هذا نعل قرشي). حديث صالح للحجية.
وبعد
…
فإن هذين الشريطين سينشران في نسيخة وتوزع بإذن الله من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وبيان أن أهل السنة لا يتزعزعون ولا تزعزعهم هذه الأراجيف:(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لايجاورونك فيها إلا قليلًا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلًا)[الأحزاب: 61،60].
والحمد لله رب العالمين
…
...
…
* *