الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محاضرة في جامع الخير بصنعاء بعد تفجير اللغم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد
…
فنعتذر إلى الإخوة الأفاضل حياهم الله وأسأل الله العظيم أن يحفظ هذه الوجوه الكريمة وأن يدفع عنهم كل سوء ومكروه، نعتذر إليهم عما حصل من التفتيش فوالله ليس المقصود المحافظة على أنفسنا فقط بل المقصود المحافظة على الجميع حفظهم الله، وإلى الله المشتكى. وعلينا أن نتواصى جميعًا بتقوى الله سبحانه وتعالى، ونحمد الله الذي وفقنا للتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنها سنة حبيبنا وحبيبكم وشفيعنا وشفيعكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي التي قال فيها:(ومن رغب عن سنتي فليس مني).
والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضًا: (إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك).
وما رواه الإمام أحمد في (مسنده) من حديث كعب بن عجرة وجابر بن عبد الله _رضي الله عنهم _ والمعنى متقارب، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:(يا كعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء) قيل: وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال: (أمراء يكونون من بعدي لا يستنون بسنتي) _وهذا هو شاهدنا من الحديث _ (ولا يهتدون بهديي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون عليّ الحوض. ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون عليّ الحوض).
إن دعوة أهل السنة تعتبر رحمة من الله عز وجل؛ لأن ربنا عز وجل يقول في نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)[الأنبياء: 107].
ولأن كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد توفي فإن سنته باقية، التي هي عصمة من الضلال:(وإن تطيعوه تهتدوا)[النور:54] أي: إذا أطعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اهتدينا.
سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي هي أمان من الزيغ والفرقة وهي سبيل الهداية (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور).
إنها سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المحبوبة إلى قلوب المؤمنين، فنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله وولده والناس أجمعين).
وإننا نحمد الله عز وجل فإنها لم تزل سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم محبوبة لدى الناس يخدمها العلماء بالتأليف والذب عنها والرد على أصحاب البدع، ويدأبون ليلًا ونهارًا في حفظها، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).
صدقت يا رسول الله ففي هذه الأزمنة المتأخرة التي اشتعلت فيها الدنيا بالفتن، انتشرت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جميع الأقطار الإسلامية، بل انتشرت في بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وفي كثير من البلاد التي بها مسلمون، وسئم الناس ويئسوا
أن ينتصر الإسلام بالبدع والتعصب المذهبي المبتدع والذي يقول محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه القيم "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد": إن هذه المذاهب ما حدثت إلا بعد القرون المفضلة.
ولقد أخبرني أخ فاضل من الدعاة إلى الله قال: كنا بيافع ويعلم الله أننا نطلع بعض رؤوس الجبال لا يوجد فيها إلا ثلاثة بيوت فإذا السنة قد سبقتنا إليها.
فاحمدوا ربكم يا أهل السنة، فإن الله هو الذي يسر نشرها لا بحولنا ولا بقوتنا ولا بكثرة مالنا، ولا بشجاعتنا، ولا بفصاحتنا ولا بكثرة علمنا، ولكنه أمر أراده الله.
فمن الذي يستطيع أن يرد إرادة الله في مثل هذا فليتنافس المتنافسون، في نصرة سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لاسيما ونحن في هذا الزمن والاشتراكي يتبجح باشتراكيته، والبعثي يتبجح ببعثيته، والمبتدع بتبجح ببدعته، ألا نهب في نصر سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يرفعنا الله، أنا أقول لكم إننا محتاجون إلى السنة أكثر من حاجتها إلينا.
يقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة: 2].
ثم نصبر ونحتسب ما أصابنا فإن ربنا عز وجل يقول في كتابه
الكريم: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)[البقرة: 214].
ويقول سبحانه وتعالى: (الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)[العنكبوت: 1 - 3].
وأهل السنة ليس لهم إلا الله سبحانه وتعالى فنحن لا نعد الناس برتب عسكرية، ولا بوزارة، بل نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحقق ذلك بجنة عرضها السماوات والأرض.
وأهل الدنيا والمصالح إن كانت دعوة بعدها مصلحة وإلا صار حالهم كما قال ربنا عز وجل: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة)[الحج: 11].
وكما قال ربنا عز وجل: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)[العنكبوت: 10].
نعوذ بالله من الفتن، ولسنا دعاة فتن، ولا ثورات وانقلابات، وقد علم أهل السنة وعلم إخواننا المسئولون أن دعوة أهل السنة ليست دعوة ثورات ولا انقلابات، إنها عقيدة أهل السنة ليست
عقيدة المبتدعة، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائنًا من كان) رواه مسلم.
ويقول: (إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما) رواه مسلم.
فنحمد الله فنحن في اليمن نتمتع بالدعوة، ومن يستطيع أن يقول: إن أي بلد تتمتع بالدعوة كما تتمتع بها البلاد اليمنية، وجزى الله إخواننا المسئولين خيرًا، ونحن نقول: إنهم ليسوا بمعصومين يصيبون ويخطئون وننكر عليهم خطأهم مثل البنوك الربوية، والاختلاط في المدارس والجامعات نساء ورجالًا، ومثل الحزبية، ومثل مجلس النواب، نحن ننكر كل شيء يخالف الكتاب والسنة، لكننا نرى أنه يجب علينا أن نتعاون معهم لحماية البلد.
وأيضًا فالصحيح أن الأخ الرئيس صدره واسع، فقد وسع الشيوعي والبعثي والناصري والسني والصوفي والشيعي، ويا حبذا لو يقتصر على نصرة السنة ينصره الله سبحانه وتعالى.
ينبغي لنا جميعًا أن ندعو الله أن الله يحفظ بلدنا وأن يعيذنا من الفتن، وأن الله ينصر دعوة أهل السنة، فهناك أكاذيب على أهل السنة منها أنهم متشددون، والتشدد يجب على كل مسلم أن يتبرأ
منه، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول كما في " صحيح البخاري ":(إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).
ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة). ويقول أيضًا كما في " صحيح مسلم " من حديث ابن مسعود: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون).
وهم المتعمقون في الأشياء والبحث عن الأشياء التي يرفعونها من الإباحة إلى الكراهة.
ومن التشدد أيضًا إباحة دم المسلمين كما يفعل الخوارج الذين هم في البيضاء، وجزى الله المواطنين والحكومة خيرًا، فقد طردتهم.
الخوارج الذين يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم). ويقول في الخوارج أيضًا: (الخوارج كلاب أهل النار).
فهم يستبيحون دماء المسلمين، وليس الخوارج الآن في اليمن فقط بل هناك بمصر وبالسودان والجزائر وليبيا وفي الكويت وبأرض الحرمين ونجد، فأين هم وأين الخوارج الذين كانوا في زمن علي بن أبي طالب، فصحيح أنهم كانوا صادقون في دعوتهم وإن كانوا يستبيحون دماء المسلمين، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:
(ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا وعظيمًا)[النساء: 93].
أما دعوة أهل السنة فهم يهتمون بالعلم والتعليم وينكرون كل بدعة، فنحن الآن ننكر البدع والحزبية لكن لا نكفر مسلمًا، أنا أتحدى من يقول: إن أهل السنة أو أنني وعلماء السنة الأفاضل يكفرون مسلمًا؛ كيف والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من قال لأخيه يا كافر فإن كان كما قال وإلا رجع عليه).
لا نكفر مسلمًا حتى وإن كان مبتدعًا إلا إذا أدت به بدعته إلى الكفر مثل: الإسماعيلية (المكارمة) فإنهم أكفر من اليهود والنصارى.
وقد أراني أخ ورقة فيها فتوى لبعض الناس بأنهم إخواننا، فأريد منه الورقة من أجل أن أسطرها في كتاب ونبين أن علماء اليمن يحكمون بكفرهم، الإمام المهدي أحمد بن يحيى في كتابه" الفرق " يقول: إنهم ليسوا من فرق الإسلام، والإمام يحيى بن حمزة المقبور بذمار له كتاب يقول فيه: إنهم ليسوا من فرق الإسلام.
وهناك رجل من بيت الديلمي لا أذكر اسمه يكفر أولئك. لأنهم في الواقع لا يؤمنون بكتاب ولا سنة، بل أقبح من هذا يستبيحون
جميع ما حرم الله، فهم يتوصلون إلى إباحة الزنا بحديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:(لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)، فهم يقولون من أجل استباحة الزنا: الولي هو الذكر وشاهدي عدل هما الخصيتان، وانتهى الأمر.
فمثل هؤلاء نكفرهم ولا كرامة فقد كفرهم العلماء، فقد ألف أبو حامد الغزالي كتابًا وقال فيه: إنهم يتسترون بالرفض وهم يبطنون الكفر المحض.
أما المسلمون فلا نكفرهم كما تقدم وإن كنت أقول: إن مجلس النواب طاغوتي ولا أزال أقول هذا لكن ليس معناه أن الأفراد طاغوتيون، إلا أن في كل شخص جزء من الطاغوتية بحسب ولائه.
والأكاذيب والأباطيل التي ذهبت مع الشيوعيين فقد كانوا يقولون: إننا عملاء للسعودية، ثم اتضح أنهم العملاء، أما نحن فلسنا مستعدين أن نبيع ديننا ولا نبيع دعوتنا ولو أعطينا اليمن كله.
فالدعوة عندنا أعز من أنفسنا ومن أهلينا وأموالنا، ومستعدون أن نأكل ولو التراب ولا نخون ديننا وبلدنا ولا نتلون، التلون ليس من شيمة أهل السنة، فالكافر كافر عند أهل السنة اليوم وغدًا وبعد غد.
وأهل السنة يدعون الناس ولا يريدون منهم جزاء ولا شكورًا، بل
يريدون أن يتفقهوا في دين الله لأنفسهم، لا يدعونهم إلى اتباعهم فإن أهل السنة يقولون وأنا أقول والله عن اعتقاد: أنني لست أهلًا لأن أتّبع. ولكن نتبع جميعًا كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم القائل كما في " صحيح مسلم ": (إني تارك فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله).
فالأمان هو كتاب ربنا وسنة نبينا، وينبغي أن نجتهد مع أبنائنا وأن نحرص على تعليمهم كتاب ربنا وسنة نبينا، فهذا هو المستقبل الذي ينبغي أن نتنافس فيه، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من قرأ القرآن وعمل به ألبس تاج ضوؤه أحسن من ضوء الشمس يوم القيامة ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا هذا؟
فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها).
أما المنفرون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإني أخاف أن يصيبهم الله بالذل وبالصغار من عنده، لأننا ندعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا ندعو إلى سنة آبائنا وأجدادنا.
وإني لأعجب من أناس يحاربون السنة، ونحن ندعو الناس إلى
سنة جدهم ويعتبر شرف لهم إذا اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفنا مسلمين وأن يحفظ بلدنا وأن يعيذها من الفتن، ونسأله سبحانه وتعالى أن يقصم ظهور أولئك الذين يرعبون المسلمين في المساجد؛ نسأل الله أن يفضحهم، وأن يكفي المسلمين شرهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.