المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دعوة أهل السنة إلى الثبات على السنة - الباعث على شرح الحوادث

[مقبل بن هادي الوادعي]

الفصل: ‌دعوة أهل السنة إلى الثبات على السنة

‌دعوة أهل السنة إلى الثبات على السنة

ليلة الخميس 17 محرم 1419 هـ في اجتماع لبعض أهل السنة في دماج

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد

فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين)[فصلت: 33].

الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا * وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا)[الأحزاب:45،46].

الدعوة إلى الله في هذه الأزمنة من أفضل القربات، ليست إلى حزبية، ولا إلى جمعية يختلس بها أموال الناس، ولكن دعوة إلى الله تعتبر من أفضل القربات.

ص: 60

ولما كان الداعي إلى الله، والآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر لابد أن يحصل له من الأذى لأنها درجة عالية رفيعة، وطَّن الله سبحانه وتعالى الدعاة إلى الله على الصبر والاحتساب:(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا)[الأحزاب: 23]، (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس) [آل عمران: 139،140]، وقال سبحانه وتعالى:(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)[آل عمران: 142]، وقال سبحانه (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله الا إن نصر الله قريب) [البقرة: 214].

وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فدعوة أهل السنة تعتبر آية من آيات الله والفضل له وحده ليس لها من يذود عنها، وليس لها من يساعدها، لكن ربنا عز وجل جعل البركة فيها.

ولما كان الأمر كذلك ولابد من الابتلاء والتحمل يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: (آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين

ص: 61

صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت: 3،1] ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون)[النساء: 104].

تثبيت لك أيها السني على الحق، وألا تبالي بمن خالفك ولا بمن أرجف عليك:(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلًا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلًا)[الأحزاب: 61،60].

فهذه نعمة من الله عز وجل عليك أيها السني أن الله يدافع عنك: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)[الحج: 38] فكم حاول الأعداء تشويه الدعوة بالكذب، وبالصحافة الكذابة، فلما رأوا هذا غير مؤثر في الدعوة بل تزداد بحمد الله كما قال بعضهم:

ما من مصيبة أمنى بها

إلا تشرفني وترفع حالي

فأي تشويه يريد أعداء الدعوة إلحاقه بالدعوة، تصير رفعة للسنة ولأهل السنة، فقد لغموا مسجد إخواننا آل جميدة، وبحمد الله صار تلغيمه نصرًا للسنة، وضربوا على إخواننا طلبة العلم في المزرعة بالبازوكا، وبحمد الله لم تؤثر ولم يتزعزع أهل السنة وصار حالهم كما قيل:

وتجلدي للشامتين أريهم

أني لريب الدهر لا أتزعزع

ص: 62

وقول الآخر:

وقولي كلما جشئت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

وأنت بحمد الله لك إحدى الحسنيين، فأنت على خير إن مت، وإن بقيت نصرت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والسفهاء ينصرون التشيع المخذول، وينصرون الحزبية الممقوتة، والديمقراطية الكفرية، فهذا يزيدك ثباتًا، وأحب أن تعلم أنك على الحق، وهو ما أطالبك به، وإياك إياك أن تقدم إلى المعركة وأنت مزعزع لا تدري هل الحق معك أم الحق مع الطرف الآخر، وربما إذا كان الأمر كذلك لو سجنت يومًا أو يومين خرجت وتركت الدعوة إلى الله.

فلابد أن نصبر ونحتسب ونحن بحمد الله لسنا طلبة كراسي، ولا طلبة دنيا، ولا مفوضين في أمر الله، ولا نستطيع أن نهدي غيرنا، بل نسأل الله الهداية لنا ولأصحابنا وإخواننا أهل السنة ولسائر المسلمين، نسأل الله أن يحفظهم في جميع البلاد الإسلامية وأن يدفع عنهم كل سوء ومكروه.

ينبغي أن يكون لسان حالك كما يقول ربنا عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحاكيًا عنه: (إن وليي الله الذي

ص: 63

نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) [الأعراف: 196].

نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأن يصلح نوايانا، وأن يجعل أعمالنا مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خالصة لوجهه الكريم.

والمسألة في بلدنا اليمنية مسابقة فيها الشيوعي _ حفنة شيوعيون ويقومون بحزب اشتراكي _ يا حبذا إذا لم تستطع الحكومة أن تجري فيهم حكم الله: (من بدل دينه فاقتلوه)، أن يرسلوا بهم إلى إخوانهم الشيوعيون، ولا يبقون يشوهون الدولة ويشوهون الإسلام.

والعلمانيون أيضًا، وأمريكا دمر الله عليها، فقد ضيقت على المسلمين في قراهم وهكذا إسرائيل.

فاحمدوا الله يا أهل السنة فهو الذي رفعكم بواسطة العلم الذي تعلمتموه: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)[المجادلة: 11].

ولله در الحسن البصري حيث يقول: إننا في راحة، لو يعلم الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف. طمأنينة. ألا بذكر الله تطمئن القلوب، فلا تخشى أن تقوم عليك ثورة أو انقلاب. وأهل السنة دعوتهم من صالح المجتمع ومن صالح الحكومة، ونتحدى من يقول بغير ذلك، وليس معنى ذلك أننا ننام فربما تأتي أمريكا وتضغط

ص: 64

على الحكومة وتنفذ لها ما لا يجوز، يجب أن نسابق حتى الحكومة، نحن لا نريد كراسيهم، بل نريد العلم والإسلام، الذي هو عزنا، كما قال عمر بن الخطاب وقد رآه أبو عبيدة وهو ذاهب للصلح مع النصارى ببيت المقدس ورآه وثوبه مرقع وكان هناك ماء فنزل من على بعيره ووضع نعليه في رأس عصاه وجعلها على كتفه، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين وددت أنهم لو رأوك على حالة أحسن، فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة لجعلته نكالًا، إنا أمة أعزنا الله بالإسلام فإذا التمسنا العزة من غيره ذللنا. (بشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليمًا * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعًا) [النساء: 138،139].

ويا حبذا لو يسر الله للمسلمين بحاكم بطل، ونسأل الله أن يهدي الرئيس علي عبد الله صالح؛ فالصحيح أن عنده شجاعة، فنسأل الله له الهداية والصلاح.

فلو جاء حاكم بطل لدوخ أمريكا ولدوخ إسرائيل، ولا التف المسلمون من جميع البلاد الإسلامية تحت رايته، بشرط أن يحكم الكتاب والسنة.

ونحن وإن قلنا: إن دعوة أهل السنة دعوة لا تريد الكراسي

ص: 65

ونحن صادقون في هذا، لكن كما قلنا سابقًا: لا ننام، بل نسابق العلمانيين إلى البدو، ونسابق الاشتراكيين إلى القرى ونسابق إعلام أمريكا، ونسابق إسرائيل إلى قمم الجبال نحذر المسلمين من كيد أعداء الإسلام؛ وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فقد علمت الحكومة، أن دعوتنا دعوة إلى الكتاب والسنة، فالصورة نطمسها ولو كانت صورة الرئيس، فقد أخذ عبد المجيد الزنداني صحيفة عند أن كنا عند الرئيس، ليرى الرئيس أننا قد طمسنا الصورة التي فيها، فقال عبد المجيد: أما أنا فمع الشيخ _ يعني أن الصور حرام _ ويعني أنه معي، وهذا غير صحيح فإنه ليس معي، وكانت صورة الرئيس مطموسة في الجريدة، يعرفون أننا نطمس الصور، وأننا ننكر كل شيء يخالف الدين، لكن نتحدى من يقول: إننا دعاة ثورة وانقلابات ويثبت هذا، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(إنكم ستجدون أثرة وأمورًا تنكرونها)، قالوا: فما تأمرنا يارسول الله؟ قال: (أدوا الحق الذي عليكم وسلوا الله الحق الذي لكم). متفق عليه من حديث ابن مسعود.

ويقول عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمكره والمنشط وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله

ص: 66

برهان، وأن نقول الحق لا نخاف في الله لومة لائم.

فنحن لا ننازع الأمر أهله، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائنًا من كان). رواه مسلم.

ولعل الحكومة فقد جربت ولها جواسيس، فقد جاءنا مدير الأمن السياسي وقال: تسلم الغرباء لنا، قلت: أما أننا نسلمهم فلو سقطت السماء على الأرض، لأنكم تعتبرون ظلمة وهم مظلمون؛ وهم غرباء ولكن أقول لك: لو أتيتم بالحرار وخربتم بيتي أو خربتم مسجدي فوالله لا يرتفع في وجوهكم بندقية.

وأرسل إلينا الرئيس علي عبد الله صالح مع الشيخ صالح هندي دغسان وذكر لي كلامًا فقلت له: قل له: إذا كان يرى في بقائي في اليمن فتنة، فأنا مستعد أن آخذ مكتبتي وأرحل عن اليمن فليس لي في اليمن إلا المكتبة، فلما رجع إليه الرسول قال الرئيس: أهذا كلام مقبل؟ قال: نعم كلام مقبل. فقال: قل له: يعمل الذي يريد.

ولعل بعضكم يعرف قصة العمري مع هارون الرشيد، فقد كان

ص: 67

العمري رجلًا زاهدًا فاضلًا كان إذا قدم على هارون الرشيد يخاف منه أعظم من جيش مكون من مائة ألف ويقول: قولوا له فليبق في المدينة، فقد تركناه في المدينة يقول ما يشاء، ولا يأتي إلى هنا يفسد عليّ جندي، فإنني لا أستطيع أن أصبر عليه، فقال أقرباؤه: ونحن لا نستطيع أن نكلمه، ثم ذهب إلى طرسوس أو إلى غيرها ثم رجع واعتزل لعله في الربذة، فأرسل إليه الخليفة الوزراء وبعض من يختبره وقالوا له: الآن امتلأت الدنيا ظلمًا وجورًا وفسادًا فنحن نريد أن تخرج ونحن معك؟ فقال: لا والله لا أكون سببًا لسفك دماء المسلمين، قالوا: فهذه أموال تصرفها لمن تريد؟ قال: أنتم أبصر بها، وردها لهم فلما بلغ هارون الرشيد ما قال قال: أما الآن فليتكلم بما يريد.

فأقول: لا يتكلم الشخص على الكرسي أو ينازعهم عليه وقل ما شئت بعد ذلك، على أننا نرى العلم أفضل وأرفع بحمد الله من الملك والرياسة.

وأما إخواننا في عدن فننصحهم بالاستمرار على الدعوة إلى الله عز وجل، فالناس مستجيبون ومندفعون، وننصحهم بالإقبال على العلم والتعليم وألا يصطدموا مع الحكومة، وإننا نحمد الله سبحانه وتعالى ففي ليلة الحادث _ أي: حادث التلغيم _ في مسجد

ص: 68

الرحمن في عدن وقد قتل فيه واحد من جماعة الفساد، _ وهم ممن يسمون أنفسهم بجماعة الجهاد _ فأف لهم ولجهادهم، يجاهدون المسلمين ويحرصون على قتل طلبة العلم والتلغيم للمصلين.

فاتصلت بعد الحادث بقليل بأخينا مدير الأمن في عدن الأخ/ محمد طريق؛ جزاه الله خيرًا وقلت له: إذا كان بقاؤنا سيسبب لكم فتنًا أو يشق عليكم فسنرحل؟ فقال: لا، بل ابقوا وأخبرونا بالمحاضرة أين ستكون من أجل أن نأتي إن شاء الله بحرس والبلد بلدكم.

فأقول لا ينبغي أن نصطدم مع المسئولين، نحن بحمد الله ننكر عليهم كل ما يخالف الكتاب والسنة مجلس النواب طاغوتي والدستور لا يساوي عندنا بصلة، بل دستورنا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فإخواننا أهل عدن وأهل لودر يقبلون على العلم والتعليم والدعوة إلى الله برفق ولين.

وإننا نحمد الله يا أهل السنة فإن الحزبيين والصوفية والشيعة يتمنون أن تحصل لهم تلك الاجتماعات وحالهم كالقصة التي ذكرها ابن عبد البر في كتابه " بهجة المجالس ": أن قاضيًا كان حسودًا فمر بشخص والناس مجتمعون عليه من أجل أن يقتلوه

ص: 69

_ لا أدري في قصاص أو في غير ذلك _ فقيل للقاضي: أتحسده على شيء؟ قال: نعم، على هذا الجمع الكثير.

وبحمد الله فقد صارت هذه الأشياء دعاية للسنة، فالصحفي الذي أتى إلى هنا ويقول إنه من إذاعة لندن تردد يومين من أجل أن أتكلم معه بكلمة واحدة في المكرفون، فقد تحدثت معه في غير المكرفون، فقال: أريد أن تكون هذه الكلمة في المكرفون؟ فقلت له: لا، بل أولًا يجب أن تسلم، فإن الإسلام أقدم من هذه الكلمة.

أما الأخ الذي قتل ولده في هذا الحادث في عدن، وكان قد أتى بأخواته الثلاث وبقي في الخارج، ثم انفجر اللغم وكان قريبًا منه فقضى الله عليه _ رحمه الله _ فقد أخبرت أن المسئولين يستدعون والده من أجل التحقيق ويتهمون والده، فأقول: هذا الأخ سني ويذهب ليلغم مسجد أهل السنة؟ فهذا لا يكون.

فننصح الإخوة المسئولين ألا يجمعوا لوالده بين الحزن والفجيعة والتهمة، فقد انتهت القضية وهم يعرفون من الذي قام بالتفجير، وهم الذين هربوا في الشعاب بعد انفجار اللغم.

وكذلك بعض الإخوة شكوا إلي وأرسلوا إليّ وهم في السجن أو في المستشفى والأمن السياسي يتردد إليهم، ويقولون: قد ألصقوا بنا تهمة.

ص: 70

فنقول: إن السني ليس مغفلًا أن يضع اللغم في الحائط ويجلس بجانبه، فمثل هؤلاء لا يجوز أن يجمع لهم بين الفجيعة والجراحات والتهمة، فننصح المسئولين بإخراجهم آمنين.

وكذلك أخبرت أن بعض الإخوة الليبيين يبكي ويقول: إن الأمن السياسي يريد أن يلصق التهمة بي. وذلك في حادث الانفجار الذي حصل في مسجد الخير بصنعاء.

فنناشد الله المسئولين ألا يتعرضوا لسني، ونحن نقول: إن أهل السنة ليسوا بمعصومين فإنه من الممكن أن يدخل في السنة شخص ويكون شيوعيًّا يطلق لحيته ويقصر الثوب إلى وسط الساق وكذلك الجاسوس ولكن لا أدري هل الجواسيس يؤدون بأمانة أم لا، وأما لو نعلم بهم لطردناهم لا لأجل أننا نخاف منهم أن عندنا أسرارًا، فليس عندنا إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والمسئولون الكبار يعلمون هذا، لكن لأننا نكره هذا النوع.

فالتجسس على المسلمين لا يكون، بل يكون على أعداء الإسلام، أما على المسلمين فحرام، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في حديث أبي هريرة وغيره:(ولا تجسسوا). بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا)[الحجرات: 12].

ص: 71

فالواجب على الإخوة المسئولين أن يتأنوا وأن يسألوا إخوانهم أهل السنة: هل هذا الشخص من جماعتكم أم لا؟

ويعجبني ما فعله (الذهب) عند أن كان في صعدة جزاه الله خيرًا فقد أرسل إلينا بثلاثة أشخاص أو أربعة وقد كانوا يريدون أن يذهبوا إلى الحج، ثم قبضوا عليهم، فقالوا: نحن خرجنا دعوة ونحن من طلبة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، فجاءوا بهم وعرفت منهم اثنين أو ثلاثة وواحد ما عرفته، فقلت: هذه لا أعرفه، وهؤلاء أعرفهم، ثم أطلقهم جزاه الله خيرًا.

وأهل السنة هم أول من ينتقمون ممن يريد أن يخرب، لأننا مأمورون بالمحافظة على الأمن ولا تتم لنا دعوة، ولا تعليم إلا إذا استقر الأمن، وإلا فمن الذي يستطيع أن يقول: قال البخاري رحمه الله، والرصاص يدخل من النافذة، فلا بد من الأمن من أجل أن يؤلف المؤلف، والداعي إلى الله يدعو إلى الله، وجميع من له عمل من أهل السنة يقوم به وهو آمن.

نسأل الله أن يمن على بلدنا بالأمن، وأن ينتقم ممن يروع المسلمين.

وننصح الإخوة أهل السنة جميعًا أن يزيدوا من نشاطهم، ولا نستمع لعبد الله بن فيصل الأهدل الذي يقول: السلفيون والعلمانيون وجهان لعملة واحدة.

ص: 72

وهو يقصد أننا لماذا لا ندعو الناس إلى الخروج على الحكومة؟ فنقول له: لا، فلن يكون هذا.

والأخ الرئيس جزاه الله خيرًا يقول لنا: ادعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر لكن لا تغيروا بأيديكم، حتى لا تحدث فتن _ وأنا الذي قلت: حتى لا تحدث فتن _.

فأقول: نحن ما قد وصلنا إلى التغيير باليد، ونحن نرى أن الدعوة أبلغ من التغيير باليد بل نرى الدعوة أبلغ من المدفع والرشاش، ونحن في بلد مسلم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(الإيمان يمان والحكمة يمانية).

وكان مما قاله ذلك الصحفي: ما هذه الوثبة التي وثبتها السلفية في بلاد اليمن، مع أنهم كانوا شيعة فما معنى هذا؟ فقلت له: لا، فهذا هو الأصل، فإن التشيع هو الذي هو طارىء، وإلا فعلي بن أبي طالب الذي أرسل إلى اليمن كان سنيًّا، ومعاذ بن جبل كان سنيًّا، وأبو موسى الأشعري كان سنيًّا، واستمر هذا الأمر إلى أن خرج الهادي _ وأنا أكره الهادي، فليبلغ الشاهد الغائب وأبغضه _ لأنه لوّث اليمن وسفك دماء اليمنيين وأدخل عليهم الاعتزال والتشيع، فقد كان اليمن بلاد سنة حتى جاء الهادي وإن قال قائل: وعلي بن الفضل؟ فنقول: علي بن الفضل كان بعد الهادي، واقرأوا التاريخ وعلي بن الفضل قرمطي كافر.

ص: 73

فعلى الإخوة بالجد والاجتهاد ودروسهم " تفسير ابن كثير "، " وصحيح البخاري "، و "صحيح مسلم " و" القول المفيد " لأخينا محمد بن عبد الوهاب الوصابي، وكتاب " التوحيد " وشرحه " فتح المجيد " للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمه الله، ولحفيده.

وأهل السنة يتمتعون بنعمة في اليمن لا يشاركهم فيها أحد، يجب أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، وتتكلمون بالحق وتتعلمون وتدعون إلى الله سبحانه وتعالى.

فلا ينبغي أن نكون سببًا في هزيمة دعوتنا وأن نساعد الأعداء في هذا، فلو حصلت أي نكبة فالشيوعي والبعثي والحداثي والناصري والشيعي والإخواني وأصحاب جمعية الحكمة والإحسان والصوفي كل هؤلاء يشمتون بنا.

فينبغي أن نمشي ببطء ورفق ولين، والرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.

وبحمد الله فأهل اليمن أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ودعا لهم، وشهد لهم بأنهم خير أهل الأرض إلا الأنصار، كما في حديث جبير بن مطعم. رواه الإمام أحمد في مسنده.

وعلينا أن نعتمد على الله سبحانه وتعالى ونتوكل عليه، وألا نبقى قلقين، وتعجبني كلمة الشيخ أحمد عاطف _ حفظه الله _ عند أن

ص: 74

حصل ما حصل في مسجد إب فقال: أما إذا مكنّاهم فيتركون الشخص في كل مرة يصايح علينا ثم نترك المحاضرة ونمشي، ولما حصلت التفجيرات في عدن قال: أو كلما أتوا بقرنيحة هربنا منهم؟، فلا، بل سنبقى وندعو إلى الله ونعلّم ولا نبالي:(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا)[آل عمران: 145].

ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه). ويقول الله عز وجل: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنت الأعلون)[محمد: 35].

فأنت أيها السني الأعلى بحمد الله، ونحن نحمد الله موطنون أنفسنا أنها لو انطبقت السماء على الأرض فلا نبالي _ وليس معناه أننا لا نأخذ حذرنا _ بل يجب على إخواننا حفظهم الله أن يأخذوا حذرهم، ومادام أولئك لا يبالون بدماء المسلمين. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:(لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا).

ويقول أيضًا: (أنه يؤتي بالمقتول يحمل رأسه تنتفخ أوداجه دمًا فيقول: يارب سل هذا فيما قتلني؟ فيؤخذ به ويزج إلى النار).

فما داموا يستحلون دماء المسلمين في المساجد فلا يمنع أن

ص: 75

يستحلوا دمك أيها الداعي إلى الله وأن يضعوا تحت السيارة اللغم أو يلصقوه بها.

فعلى الإخوان جميعًا أن ينتبهوا وأن يحترزوا، فالسني عندنا يساوي الدنيا، لكن ليس معناه أن نتضعضع ونترك الدعوة إلى الله.

وقد أخبرت أن بعض الناس يقول: الآن لا يوجد جهاد، فدعونا نذهب نصلي الجمعة في مسجد الخير لعلنا نرزق الشهادة.

وأخبرت أن شخصًا عند احتضاره يقول: إن للموت سكرات، لا إله إلا الله، وآخر أخبر أنه يقول: ياليتني أنا المجروح والذي أصبت بما أصيب به، وهو لا يعرفه ولا يدري من أين هو لكن لما رآه رجع إلى الله عز وجل عند الموت.

والله عز وجل يقول: (إنما المؤمنون إخوة)[الحجرات: 10] وما انتشرت دعوة أهل السنة إلا لكونها لا تفرق بين عربي وعجمي وأبيض وأسود، وذكر وأنثى، لكن ليس معناه أنك لا تفرق بين ذكر وأنثى فصوت المرأة مثل صوت الرجل، لا، فالتصويت طاغوتي، وليس معناه كما يقول المجرمون أن المرأة تعطى مثل نصيب الرجل في الميراث، بل معناه أنهم يكرمون المرأة ولا يهينونها ويعزونها ويخدمونها، من أجل هذا فكثير من الفتيات الصالحات يرغبن في الزواج من أهل السنة بحمد الله وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى.

ص: 76

ونقول لأصحاب التفجيرات: اتئدوا فلن تحولوا بيننا وبين الدعوة حتى لو قتلنا فنحن لا نبالي بهذا. وكل شيء يحصل لأهل السنة يعتبر دعوة إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما أتاني آت من يافع ولا من حضرموت أو من عدن، أو من صعدة أو من المحويت إلا وهم يقولون: الناس يتعطشون لدعوتكم يا أهل السنة ونريد منكم من يأتي ويعظ الناس.

والحزبي يأتي إلى المسجد ويقوم وقلبه يرجف، لأنه سيقول: السلام عليكم ورحمة الله، وينصرف الناس ويتركونه يخطب للسواري.

وأنا أنصح الإخوان جميعًا بالرفق، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه. وبالمناسبة أنصح المسئولين بالرفق خصوصًا إخواننا الجنوبيين فهم بعد الشيوعية التي قد أزعجتهم وطردتهم من بلدهم وقتلت كثيرًا من رجالهم وانتهكت أعراضهم.

وعلى الإخوة المسئولين ألا يأتوا بقاض أو حاكم أو مدير ناحية وهو مرتش، فقد كان عندنا حاكم بصعدة اسمه محمد بن يحيى من بيت الشامي، لا يسميه أهل صعدة إلا أيوب طارش، وأنتم تعرفون من هو أيوب طارش، فذهبنا نصيح عند المسئولين فرفعوه ولكن إلى أين؟ إلى شبوة فلا. مثل هذا ينبغي أن يعزل، سواء أكان

ص: 77

ضابطًا أم كان قاضيًا حتى ولو كان جنديًّا وهو يرتشي يجب أن يبعد فإنه كما قيل: إن الرشوة إذا دخلت من الباب خرج العدل من النافذة. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لعن الله الراشي والمرتشي).

فنريد أن نقطع ألسنة الشيوعيين الذين يقومون بمظاهرات وأن نري إخواننا الجنوبيين عدالة الإسلام: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان). ويقول: (وإذا قلتم فاعدلوا)[الأنعام: 152].

ويقول: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)[المائدة: 8].

وأيضًا لا تتحكم أمريكا في بلدنا وترفع الأسعار على اليمنيين، بل يجب على اليمنيين أن يتحكموا في بلدهم ويعتذروا لأمريكا إن كانوا يخافون منها ويقولون: إن الشعب هائج فلا نستطيع أن نصطدم معه بسبب هذا الغلاء.

أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفانا مسلمين، والحمد لله رب العالمين.

ص: 78