المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 274] - البحر المحيط في التفسير - ط الفكر - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

فهرس الكتاب

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 142 الى 157]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 158 الى 167]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 176]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 177 الى 182]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 183 الى 188]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 189 الى 196]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 197 الى 202]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 203 الى 212]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 213 الى 218]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 219 الى 223]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 229]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 230]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 231 الى 233]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 234 الى 239]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 240 الى 242]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 243 الى 247]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 248 الى 252]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 253 الى 257]

- ‌[سُورَةُ البقرة (2) : الآيات 258 الى 260]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 261 الى 266]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 273]

- ‌[سورة البقرة (2) : آية 274]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 275 الى 276]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 277 الى 281]

- ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 282 الى 286]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 274]

وَالثَّالِثُ: ذَكَرَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلِيمٌ بِمَا يُنْفِقُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمِقْدَارِهِ، وَكَيْفِيَّةِ جِهَاتِهِ الْمُؤْثِرَةِ فِي تُرَتِّبِ الثَّوَابِ، فَأَتَى بِالْوَصْفِ الْمُطَّلِعِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ: الْعِلْمُ.

[سورة البقرة (2) : آية 274]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً قَالَ أَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْغَافِقِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَرَبَاحُ بْنُ بُرَيْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ:

هِيَ فِي عَلَفِ الْخَيْلِ الْمُرْتَبِطَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُرْتَبَطِهَا. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا مَرَّ بِفَرَسٍ سَمِينٍ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ، لَمْ يَمْلُكْ غَيْرَهَا، فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لَيْلًا، وَبِدِرْهَمٍ نَهَارًا، وَبِدِرْهَمٍ سِرًا، وَبِدِرْهَمٍ عَلَانِيَةً.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ بَعَثَ بِوَسَقِ تَمْرٍ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ لَيْلًا

، وَفِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَعَثَ إِلَيْهِمْ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ نَهَارًا.

وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي الْمُنْفِقِينَ مِنْ غَيْرِ تَبْذِيرٍ وَلَا تَقْتِيرٍ. انْتَهَى. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بِكْرٍ، تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ: عَشَرَةٌ بِاللَّيْلِ، وَعَشَرَةٌ بِالنَّهَارِ، وَعَشَرَةٌ فِي السِّرِّ، وَعَشَرَةٌ فِي الْجَهْرِ.

وَالْآيَةُ، وَإِنْ نَزَلَتْ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ، فَهِيَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْآيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ، فِيمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَعُمُّونَ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالَ بِالصَّدَقَةِ لِحِرْصِهِمْ عَلَى الْخَيْرِ، فَكُلَّمَا نَزَلَتْ بِهِمْ حَاجَةُ مُحْتَاجٍ عَجَّلُوا قَضَاءَهَا، وَلَمْ يُؤَخِّرُوهُ، وَلَمْ يَتَعَلَّلُوا بِوَقْتٍ وَلَا حَالٍ. انْتَهَى.

وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَفْضَلِيَّةَ الصَّدَقَةِ فِي أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ، وَلَا فِي إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ اعْتِمَادًا عَلَى الْآيَةِ قَبْلَهَا، وَهِيَ: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ أَوْ جَاءَ تَفْصِيلًا عَلَى حَسَبِ الْوَاقِعِ مِنْ صَدَقَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدَقَةِ عَلِيٍّ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ تَقْدِيمَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ، وَالسِّرِّ عَلَى الْعَلَانِيَةِ يَدُلُّ عَلَى تِلْكَ الْأَفْضَلِيَّةِ، وَاللَّيْلُ مَظِنَّةُ صَدَقَةِ السِّرِّ، فَقَدَّمَ الْوَقْتَ الَّذِي كَانَتِ الصَّدَقَةُ فِيهِ أَفْضَلَ، وَالْحَالُ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا أَفْضَلَ.

ص: 701

وَالْبَاءُ فِي: بِاللَّيْلِ، ظَرْفِيَّةٌ، وَانْتِصَابُ: سِرًّا وَعَلَانِيَةً، عَلَى أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ: مُسَرِّينَ وَمُعْلِنِينَ، أَوْ: عَلَى أَنَّهُمَا حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، أَوْ: نَعْتَانِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: إِنْفَاقًا سرا، على مشهور الإغراب فِي: قُمْتُ طَوِيلًا، أَيْ قِيَامًا طَوِيلًا.

فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا فَلَا نُعِيدُهُ، وَدَخَلَتِ: الْفَاءُ فِي فَلَهُمْ، لِتَضَمُّنِ الْمَوْصُولِ مَعْنَى اسْمِ الشَّرْطِ لِعُمُومِهِ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَإِنَّمَا يُوجَدُ الشَّبَهُ، يَعْنِي بَيْنَ الْمَوْصُولِ وَاسْمِ الشَّرْطِ، إِذَا كَانَ:

الَّذِي، مَوْصُولًا بِفِعْلٍ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى: الَّذِي، عَامِلٌ يُغَيِّرُ مَعْنَاهُ. انْتَهَى. فَحَصَرَ الشَّبَهَ فِيمَا إِذَا كَانَ: الَّذِي، مَوْصُولًا بِفِعْلٍ، وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، إِذْ مَا ذُكِرَ لَهُ قُيُودٌ:

أَوَّلُهَا: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالَّذِي بَلْ كُلُّ مَوْصُولٍ غَيْرُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الَّذِي بَلَا خِلَافٍ، وَفِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ خِلَافٌ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ الْمَنْعُ مِنْ دُخُولِ الْفَاءِ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ مَوْصُولًا بِفِعْلٍ، فَأَطْلَقَ فِي الْفِعْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ شَرْطُ الْفِعْلِ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِأَدَاةِ الشَّرْطِ، فَلَوْ قُلْتَ: الَّذِي يَأْتِينِي، أَوْ: لَمَّا يَأْتِينِي، أَوْ: مَا يَأْتِينِي، أَوْ: لَيْسَ يَأْتِينِي، فَلَهُ دِرْهَمٌ، لَمْ يَجُزْ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ، لَا يُصْلِحُ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفِعْلِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الظَّرْفُ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ كَالْفِعْلِ فِي ذَلِكَ، فَمَتَى كَانَتِ الصِّلَةُ وَاحِدًا مِنْهُمَا جَازَ دُخُولُ الْفَاءِ. وَقَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى: الَّذِي، عَامِلٌ يغير معناه عِبَارَةً غَيْرَ مُخَلِّصَةٍ، لِأَنَّ الْعَامِلَ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ كَائِنًا مَا كَانَ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى الْمَوْصُولِ، إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مَعْنَى جُمْلَةِ الِابْتِدَاءِ فِي الْمَوْصُولِ، وَخَبَرُهُ فَيُخْرِجُهُ إِلَى تَغْيِيرِ الْمَعْنَى الِابْتِدَائِيِّ مِنْ: تَمَنٍّ، أَوْ تَشْبِيهٍ، أَوْ ظَنٍّ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. لَوْ قُلْتَ: الَّذِي يَزُورُنَا فَيُحْسِنُ إِلَيْنَا لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَيْضًا لِابْنِ عَطِيَّةَ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ شَرْطَ دُخُولِ الْفَاءِ فِي الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَقًّا بِالصِّلَةِ، نَحْوَ مَا جَاءَ فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْأَجْرِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْإِنْفَاقِ.

وَمَسْأَلَةُ دُخُولِ الْفَاءِ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ يَسْتَدْعِي كَلَامًا طَوِيلًا، وَفِي بَعْضِ مَسَائِلِهَا خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ) مِنْ تأليفنا.

ص: 702