الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحثُ الأوَّلُ
نظرةٌ تحليليةٌ في المصادرِ الأصليةِ التي روت أحاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا
لا يخفى أنّ للمصادر الأصلية أثراً كبيراً في معرفة درجة الحديث صحةً وضعفاً، فهناك مصادر اشترط أصحابها الصحة في الأحاديث التي يروونها كالصحيحين وغيرهما، فهذه المصادر مجرد العزو إليها مُعْلِمٌ بالصحة.
وهناك مصادر تروي الحديث لبيان ضعفه ونكارته أو يغلب على أحاديثها الضعف والنكارة كالضعفاء للعقيلي، والمجروحين لابن حبان، والكامل لابن عدي، وتاريخ بغداد للخطيب وغيرها وهذه المصادر مجرد العزو إليها مُعْلِمٌ بالضعف.
ولذا جعل بعض أهل العلم العزو إلى مصادر معينة علامة الصحة أو الضعف قال السيوطيّ في مقدمة جمع الجوامع: ((جميع ما في الكتب الخمسة - خ م حب ك ض - صحيح فالعزو إليها معلم بالصحة سوى ما في المستدرك من المتعقب فأنبه عليه
…
وكل ما عزى إلى عق عد خط كر أو للحكيم الترمذي في نوادر الأصول أو للحاكم في تاريخه أو لا بن الجارود في تاريخه أو للديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه)) (1).
(1) قواعد في علوم الحديث (ص 245).
وقال ابنُ رَجَب: ((مسند البزار ومعاجم الطبراني وأفراد الدارقطني وهي مجمع الغرائب والمناكير)) (1).
وأنبه هنا أنّ مثل هذا الكلام لا يؤخذ قاعدة مطردة في كلّ كتاب فربما كان مؤلف الكتاب يشترط الصحة لكنه يذكر أحاديث ضعيفة إمّا للتنبيه على ضعفها كما يفعل ابن خزيمة وغيرهُ، أو لعدم التنبه لعلةٍ تقدح في صحة الحديث أوغير ذلك من الأسباب التي تعرف من خلال الدراسة الدقيقة لمنهج المؤلف.
وكذلك فيمن يذكر الأحاديث الضعيفة في كتابه ربما ذَكَر حديثاً صحيحاً لمناسبة تقتضيه كما يفعل العقيلي، وابن عدي (2)، والجورقاني في كتابه" الأباطيل والمناكير" - وله منهج خاص في كتابه هذا (3) -.
فلا بدّ من النظر في الحديث في الكتاب المعين وما أحتف به من قرائن مع معرفة منهج المؤلف وطريقته في كتابه ومن خلال هذا النظر يتبين مراد المؤلف من إخراج الحديث في كتابه.
وأذكر مثالين على هذا مما مرَّ علىّ في هذا البحث:
المثال الأوَّل:
أنَّ أحمد بن حنبل أخرج رواية: ((درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية)) في المسند (4) في "مسند عبد الله بن
(1) شرح علل الترمذي (2/ 624).
(2)
انظر: ابن عدي ومنهجه في كتاب الكامل (1/ 200).
(3)
انظر: مقدمة كتاب الأباطيل والمناكير (1/ 77).
(4)
انظر: ص 129 من هذا البحث.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة (7/ 96): ((وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروف بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، وشرطه في المسند أمثل من شرط أبي داود في سننه
…
ثم زاد ابنه عبد الله على مسند أحمد زيادات، وزاد أبوبكر فقطيعي زيادات وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة)).
حنظلة" قال: حدثنا حسين بن محمد قال: حَدَّثَنَا جرير بن حازم، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عبد الله بن حنظلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية)).
ثم أتبعه برواية الحديث موقوفاً على كعب الأحبار فقال:
حدثنا وكيع قال: حَدَّثَنَا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبى ملكية، عن عبد الله بن حنظلة، عن كعب قال:((لأن أزني ثلاثاً وثلاثين زنيةً أحبّ إلىّ مِنْ أنْ آكلَ دِرْهمَ ربا يعلمُ الله أني أكلته حين أكلتُهُ ربا)).
قال المعلميّ: ((أشار إلى ذلك (1) الإمام أحمد إذ روى الخبر عن حسين ثم أعقبه بالرواية التي جعلته من قول كعب)) (2).
وما قاله المعلمي بيّن فالأصل في "مسند عبد الله بن حنظلة" أن تذكر أحاديثه فقط، فَذِكْرُ الإمامِ أحمد لقول كعب في "مسند عبد الله بن حنظلة" لا بدّ فيه من نكتة وهي بيان غلط رواية من روي الحديث عن عبد الله بن حنظلة مرفوعاً.
(1) إي إلى غلط هذه الرواية.
(2)
الفوائد المجموعة (ص 149).
المثال الثاني:
أنّ الضياء المقدسي أخرج الحديثَ في كتابه "الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما"(1) في "مسند عبد الله بن حنظلة"(2)، ومن المعلوم عند المتخصصين أنّ الضياء في كتابه هذا التزم الصحة (3) غير أنّه ربما أورد بعض الأحاديث المروية بأسانيد جيدة لتعرف علتها، وقد نبه على ذلك في المقدمة فقال:((فهذا أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم إلاّ أنني ربما ذكرتُ بعض ما أورده البخاريّ معلقاً، وربما ذكرت أحاديث بأسانيد جياد لها علةٌ، فنذكر بيان علتها حتى يُعْرَف ذلك)) (4).
فربما اختطف باحثٌ حديثاً من المختارة، ولا ينظر في منهجية الضياء في هذا الحديث المعين فيتجوّز فيقول: صححه الضياء!.
بينما لو رجعنا إلى كتاب الضياء لوجدناه أخرج الحديث ثم نَقَلَ كلامَ الحافظِ أبي القاسم البغويّ في إعلال هذا الحديث وترجيح وقف الحديث على التابعي كعب الأحبار، ولم يتعقب الضياءُ البغويَّ في هذا الإعلال والترجيح.
ومما يؤكد هذا أنَّ من عادة الضياء تعقب المنتقد والمُعل عند عدم موافقته (5).
(1) انظر كلام المحقق على عنوان الكتاب (1/ 60)، وما يهمنا أنّ ما وُجِدَ بخط المؤلف "الأحاديث المختارة"، والعنوان الآخر "المستخرج .. " بخط الحافظ محمد المقدسيّ ابن أخ الضياء، ولا منافاة بين العنوانين.
(2)
انظر: ص 129 من هذا البحث.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة (7/ 96): ((وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروف بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، وشرطه في المسند أمثل من شرط أبي داود في سننه
…
ثم زاد ابنه عبد الله على مسند أحمد زيادات، وزاد أبوبكر فقطيعي زيادات وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة)).
(3)
فتح المغيث (1/ 43)، تدريب الراوي (1/ 144).
(4)
الأحاديث المختارة (1/ 69).
(5)
انظر: مقدمة المحقق (1/ 27)، وانظر أمثلةً من تعقبات الضياء لنقاد الحديث في أحكامهم على الأحاديث:(1/ 81، 141، 530، 3/ 97، 205، 334، 4/ 206، 5/ 120، 6/ 198، 292، 9/ 408) وغيرها كثير.
وقد نظرت في المصادر الأصلية التي روت أحاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا فوجدتها على ثلاثة أقسام:
القسم الأوَّل:
مصادر روت الحديث أو بعض طرق الحديث لبيان ضعفه ونكارته، فمنهم من صرّح بضعفه، ومنهم من عُلم تضعيف له من خلال شرطه ومنهجه في كتابه، أومن خلال إشارته، ومن هذا القسم:
- كتاب "المسند" لأحمد بن حنبل، وتقدم بيان ذلك.
- كتاب "التاريخ الكبير" للبخاريّ (1).
- كتاب " معجم الصحابة" لأبي القاسم للبغويّ (م 317)(2).
- كتاب "الضعفاء الكبير" لأبي جعفر العقيليّ (م 223)(3).
(1) انظر: ص 86، 125 من هذا البحث، قال المعلميُّ:((وإخراج البخاريّ في التاريخ لا يفيد الخبر شيئاً، بل يضره، فإنّ من شأن البخاريّ أن لا يخرج الخبر في التاريخ إلاّ ليدل على وهن روايه)) - الفوائد المجموعة (ص 180 هامش).
قلتُ: ويؤيد هذا - فيما يتعلق بحديث الربا هذا - أنّ العقيليّ لمّا نقل قول البخاريّ: ((عبد الله بن زياد
…
- ثم ساق له حديث"الربا سبعون" ثم قال: - منكر الحديث)) قال العقيلي: ((وهذا الحديث حدثناه - ثم ساق الربا سبعون ..)) فبين أنّ الحديث الذي أراد البخاري إنكاره هو الذي ذكره في ترجمة عبد الله بن زياد، ولهذا نظائر تحتاج إلى تتبع ودارسة.
(2)
انظر: ص 124، 148 من هذا البحث، والبغوي من الأئمة الذين ينبغي الاعتناء بكلامهم على الأحاديث فقد شهد له إمام العلل الدارقطني بحسن الكلام على الأحاديث فقال ((كان أبو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج)) وقال:((ثقةٌ، جبلٌ، إمامٌ من الأئمة ثبت، أقل المشايخ خطأ، وكان ابن صاعد أكثر حديثا من ابن منيع إلا إنّ كلام ابن منيع في الحديث أحسن من كلام ابن صاعد)) وتقدم هذا النقل ص 108، من هذا البحث.
(3)
انظر: ص 45، 86، 121، 125 من هذا البحث. قال ابن القطان:((العقيلي إنما يترجم بأسماء الرجال، ويذكر في أبوابهم بعض ما ينكر عليهم من الأحاديث، أو كل ما رووا من ذلك، بحسب إقلالهم وإكثارهم، كما يفعل الساجيّ، وأبو أحمد وغيرهما)) بيان الوهم والأيهام (2/ 198). ومما أنبه عليه هنا أنّ اسم كتاب العقيلي الصحيح هو" كتاب الضعفاء، ومن نُسبَ إلى الكذب ووضع الحديث، ومن غَلَبَ على حديثه الوهم، ومن يُتهم في بعض حديثهِ، ومجهول روى ما لا يتابع عليه، وصاحب بدعة يغلو فيها ويدعو إليها، وإن كانت حاله في الحديث مستقيمة مؤلف على حروف المعجم" وقد نص المحقق - وفقه الله - على هذا فقال: ((واسم الكتاب حسب تسمية المصنف
…
)).ثم ذكره، ولا أدري لِمَ لَمْ يثبته على غلاف الكتاب!.
- كتاب " علل الحديث" لابن أبي حاتم (م 327)(1).
- كتاب "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين " لأبي حاتم ابن حبان (م 354)(2).
- كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال " لأبي أحمد ابن عديّ (م 360)(3).
- كتاب "السنن" للدارقطني (م 385)(4).
(1) انظر: ص 50، 100، 126 من هذا البحث.
(2)
انظر: ص 55، 57 من هذا البحث، وتقدم تنصيص ابنِ حبان أنّه يورد في ترجمة الراوي من حديثه ما يستدل به على ضعفه فقال:((ونذكر عند كل شيخٍ منهم من حديثه ما يستدل به على وهنه في روايته تلك)).
(3)
انظر الأحاديث التي أخرجها وكلامه عليها: ص 13، 55، 86، 87 من هذا البحث، وتقدم في (ص 19) قول ابن عدي في مقدمة كتابهِ:((وذَاكرٌ لكل رجل منهم مما رواه ما يُضَعّف من أجله، أو يَلْحَقه بروايته له اسم الضعف؛ لحاجة الناس إليها))، وقول ابن حجر:((من عادة ابن عدي في الكامل، أن يخرج الأحاديث التي أنكرت على الثقة، أو على غير الثقة)).
(4)
انظر: ص 124، 129، 148 من هذا البحث، ومما ينبغي التفطن له أنّ مقصد الدارقطني من تأليف سننه بيان غرائب وعلل أحاديث أحكام وقد نصّ على ذلك أبو علي الصدفي، وابن تيمية، وابن عبد الهادي، والزيلعي، وأكد ذلك - من خلال دراسةٍ عميقة بالأرقام - الباحث عبد الله الرحيلي في رسالته العلمية "الإمام الدارقطني وكتابه السنن"، انظر لما تقدم:"السنة النبوية وبيان مدلوها الشرعي، والتعريف بحال سنن الدارقطني" لأبي غدة (ص: 24 وما بعدها ..).
- كتاب" الأسامي والكنى" لأبي أحمد الحاكم الكبير (م 378)(1).
القسم الثاني:
مصادر روت الحديث أو بعض طرق الحديث لبيان قوته، ولم أقف في هذا القسم إلاّ على كتاب " المستدرك على الصحيحين" لأبي عبد الله الحاكم (م 403)، حيث قَالَ عن حديث عبد الله بن مسعود:((هذا حَدِيث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) (2).
ولا يخفى على المتخصصين في الحديث أنّ الحاكم من كبار أئمة الحديث في زمانه، ولكنه في هذا الكتاب فقط (3)
وقع منه تساهل شديد يتعجب منه الباحث، بل وأوهام شنيعة كتصحيح أسانيد على شرط الشيخين وفيها كَذَبةٌ - وبعضهم وصفه الحاكمُ نفسُهُ في كتبه الأخرى بالكذب -، واستدراك أحاديث على الشيخين أو أحدهما وهو مخرج بنفس الإسناد عندهما - أوصلها بعض الباحثين إلى مائتين - مما جعل ابن حجر يقول في تعقبها أحياناً:((وَقَالَ - أي الحاكم -: صحيح على شرطهما، قلتُ: هذه مجازفةٌ قبيحةٌ، فإنَّ عمرو بن الحصين كذبوه)) (4)، ويقول في موضع آخر: ((وَقَالَ: صحيح الإسناد، كذا قَالَ! فزل زلة
(1) انظر: ص 125 من هذا البحث.
(2)
انظر: ص 67 من هذا البحث.
(3)
قَالَ المعلمي: ((هذا وذكرهم للحاكم بالتساهل إنما يخصونه بالمستدرك فكتبه في الجرح والتعديل لم يغمزه أحد بشيء مما فيها أعلم)) التنكيل (1/ 561).
قلتُ: وكتب الحاكم الأخرى - كمعرفة علوم الحديث، والمدخل إلى معرفة الصحيح، والمدخل إلى معرفة الإكليل، وتاريخ نيسابور، وسؤالات السجزي له، وسؤالاته للدارقطني - فيها من الدقة والتحرير ما يشهد بإمامة الحاكم وعلو كعبه، وتضع شكوكاً كبيرة حول ما وقع منه في المستدرك، وترجح ما قاله ابن حجر في سبب التساهل وكثرة الأوهام، والله أعلم.
(4)
اتحاف المهرة (7/ 189).
عظيمة، فإنّ خالد بن عمرو كذبوه)) (1).
ويقول: ((حديث: من أصبح وهمه غير الله فليس من الله في شيء .. الحديث، الحاكم في الرقاق قَالَ: حَدّثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ ببغداد قَالَ: حَدّثنا عبد الله بن أحمد بن الحسن المروزي قَالَ: حَدّثنا إسحاق بن بشر قَالَ: حَدّثنا مقاتل بن سليمان عن حماد عن إبراهيم عنه به، قلتُ: لم يتكلم عليه، وإسحاق ومقاتل متروكان، وما كنتُ أظن أن تبلغ به المجازفة فيه في الاستدراك على الصحيحين حتى يخرج عن مثل مقاتل)) (2).
ولولا خشية الإطالة لذكرت عشرات بل مئات الأمثلة على ذلك (3)، وأحسن الأجوبة وأرجحها أنَّ الحاكم ألف المستدرك في آخر عمره، وكان يتكل على حفظه، قَالَ ابن حجر:((أظنه في حال تصنيف المستدرك كان يتكل على حفظه، فلأجل هذا كثرت أوهامه)) (4).
ومع اتكاله على الحفظ حصل عنده نوع من التغير يوضح ذلك قول ابن حجر: ((والحاكم أجل قدراً وأعظم خطراً وأكبر ذكرا من أن يذكر في الضعفاء، لكن قيل في الأعتذار عنه أنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها من ذلك أنه أخرج حديثا لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وكان
(1) اتحاف المهرة (6/ 117).
(2)
اتحاف المهرة (10/ 338).
(3)
ومجرد جرد كتاب "اتحاف المهرة " لابن حجر كاف في بيان ذلك.
(4)
اتحاف المهرة (1/ 510).
قد ذكره في الضعفاء فَقَالَ: إنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أنَّ الحملَ فيها عليه، وَقَالَ في آخر الكتاب: فهؤلاء الذين ذكرتهم في هذا الكتاب ثبت عندي ضعفهم لأنني لا استحل الجرح إلا مبينا ولا أجيزه تقليدا والذي اختار لطالب العلم أن لا يكتب حديث هؤلاء أصلا)) (1).
وقد أشار المعلمي إلى قريب من هذا فلا نطيل بذكره (2).
القسم الثالث: مصادر روت الحديث من غير تقوية ومن غير تضعيف، وهي أنواع:
1 -
كتب يغلب عليها قوة الأحاديث ولم أقف في هذا النوع إلاّ على كتاب "المنتقى في السنن" لابن الجارود (3).
2 -
كتب يغلب عليها رواية الحديث الضعيف أو هي مظنة الحديث الضعيف بأنواعه، وتقدم قول ابن رجب:((مسند البزار ومعاجم الطبراني وأفراد الدارقطني وهي مجمع الغرائب والمناكير)) (4)، ومن هذا النوع:
كتاب " المسند "للحارث بن أبي أسامة، كتاب " الصمت وآداب اللسان" لابن أبي الدنيا، كتاب " المجالسة" للدينوري، "مُعجم الصحابةِ"
(1) لسان الميزان (5/ 232).
(2)
التنكيل (1/ 561).
(3)
انظر: ص 87 من هذا البحث، قال الذهبيّ:((ابن الجارود صاحب كتاب المنتقى في السنن مجلد واحد في الأحكام لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبدا إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد)). سير أعلام النبلاء (14/ 239).وقد تتبعت عدداً من الأحاديث التي تُكُلم فيها في المنتقى لعلي أجد لابن الجارود منهجاً معيناً في إخراج مثل هذه الأحاديث فلم يتبين لي إلاّ أنّ أغلب هذه الأحاديث تكلم فيها من جهتين: من جهة العلة الخفية، ومن جهة الانقطاع، والله أعلم.
(4)
شرح علل الترمذي (2/ 624).
لابن قانع، المعاجم: الكبير، والأوسط، والصغير، وكتاب "مسند الشاميين" كلها للطبراني، كتاب "حلية و"تاريخ أصبهان"، و"معرفة الصحابة" كلها لأبي نعيم، كتاب " شُعب الإيمان " للبيهقي، كتاب " الترغيبِ والترهيبِ" للأصبهاني، كتاب " تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي، كتاب " ذم الكلام" للهروي.
2 -
كتب تروي الحديث القوي والضعيف، ومن هذا النوع:
كتاب " المصنف" لعبد الرزاق، كتاب "المسند، المصنف " لابن أبي شيبة، كتاب " الزهد" لهناد بن السري، كتاب " السنن " لابن ماجه، كتاب "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم، كتاب " السنة" للمروزي، كتاب "المراسيل" لابن أبي حَاتم، كتاب " التفسير" للبغويّ.
وأنبه أنّ كتاب الربا لمحمد بن أسلم السمرقندي - وهو ممن أخرج أحد طرق هذا الحديث - لم أقف له على ذكر (1).
(1) انظر: ص 103 من هذا البحث.