المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادستخريج حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والحكم عليه - أحاديث تعظيم الربا على الزنا «دراسة نقدية»

[علي الصياح]

فهرس الكتاب

- ‌ملخص البحث

- ‌مقدمة

- ‌الفصلُ الأوَّلُتخريجُ طُرُق الحَدِيث والحكم عليها

- ‌المبحثُ الأوَّلُتخريجُ حَدِيثِ أنس بنِ مَالِك رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثانيتخريجُ حَدِيث الْبَرَاء بنِ عازب رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثالثُتخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ سَلَام رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الرابعتخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ عَبَّاس رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الخامستخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ عُمَر رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ السادستخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ مسعود رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ السابعتخريجُ حَدِيث أبي هُرَيرة رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثامنُتخريجُ حَدِيث وَهْبِ بنِ الأسود أو الأسود بن وَهْب - عَلَى خلافٍ في ذلك - والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ التاسعُتخريجُ حَدِيث عائشة رضي الله عنها، وَحَدِيث عبد الله بنِ حنظلة رضي الله عنه، وقول كعب الأحبار رحمه الله والحُكْمُ عليهِا

- ‌المبحثُ العاشرالآثارُ الواردةُ عَنِ الصحابةِ في ذلكَ

- ‌المطلبُ الأوّلتخريجُ أثر عثمان بن عفان رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المطلبُ الثانيتخريجُ أثر علي بنِ أبي طالب رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌الفصل الثَّانيتتمات حول أحَاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا

- ‌المبحثُ الأوَّلُنظرةٌ تحليليةٌ في المصادرِ الأصليةِ التي روت أحاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا

- ‌المبحثُ الثانيخُلاصةُ الكلامِ عَلى الحَدِيث

- ‌المطلب الأوّلمَنْ قوّى الحديث - أو بعض طرقه - من العلماء، وأسباب ذلك

- ‌المطلبُ الثانيمَنْ ضعف الحديثَ مِنْ العلماء، وأسبابُ ذلك

- ‌المطلب الثالثمجملُ الرأي الراجح، وخلاصة الكلام على الأحاديث

- ‌الخاتمة:

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث السادستخريج حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والحكم عليه

‌المبحثُ السادس

تخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ مسعود رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

.

1 -

تخريج الحَدِيث:

أخرجه:

الحاكم في المستدرك (2/ 37) كتاب البيوع، - وعنه البيهقي في شعب الإيمان (4/ 394) - قَالَ الحاكم: حَدَّثنَا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالويه قالا أنبأ محمد بن غالب، قَالَ: حَدَّثنَا عَمْرو بن علي، قَالَ: حَدَّثنَا ابن أبي عدي، قَالَ: حَدَّثنَا شُعْبَة بن الحجاج، عن زُبيد (1) بن الحارث اليامي، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الرّبَا ثلاثة وسبعون باباً، أيسرها مثل أن ينكح الرجُل أمه، وإنّ أربى الرّبَا عرض الرجُل المسلم)).

قَالَ الحاكم: ((هذا حَدِيث صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه)).

(1) في المطبوع (زيد) وهو تصحيف وانظر: إتحاف المهرة لابن حجر (10/ 478)، ولم يتنبه مؤلف كتاب"تعليقات على ما صححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي" لهذا التصحيف فَقَالَ:((عن ابن مسعود مرفوعاً"الرّبَا ثلاثة وسبعون بابا. الحَدِيث (صححه على شرطهما، وأقره الذهبيّ) والإسناد فيه زيد وهو: ابن محمد العمري، لم يرو له البخاري، وروى له مسلم، وهو ثقة - التقريب1/ 277 - فالحديث على شرط مسلم)) انتهى!.

ص: 65

وَقَالَ البيهقيُّ: ((هذا إسنادٌ صحيحٌ، والمتنُ منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلاّ وهماً، وكأنه دَخَل لبعض رواة الإسناد في إسناده)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

مسروق بن الأجدع هو: الهمداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي، متفقٌ على توثيقه وفقهه وعبادته، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين ويقال: سنة ثلاث وستين (1).

2 -

وإبراهيمُ هو: ابنُ يزيد النّخعيّ، أبو عمران الكوفي، متفقٌ على توثيقه وفقهه وعبادته، ولم يسمع من أحد من الصحابة، وهو يرسل كثيراً، روى له الجماعة، مات سنة ست وتسعين (2).

3 -

وزُبيد - بموحدة مصغر - بنُ الحارث الياميّ - بالتحتانية -، أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقةٌ ثبت عابد، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة (3).

4 -

وشُعْبَة هو: ابنُ الحجاج الأزديُّ، مولاهم، أبو بسطام الواسطي ثم البصريّ، متفق على جلالته وإتقانه وإمامته، وله بعضُ الأوهام في أسماء الرجال، روى له الجماعة، مات سنة ستين ومائة (4).

5 -

ابنُ أبي عدي هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وقد ينسب لجده، أبو عَمْرو البصري ثقة؛ وثقه أبو حاتم والنسائي، وابن سعد وغيرهم، روى له الجماعة، مات سنة أربع وتسعين ومائة، على

(1) تهذيب الكمال (27/ 451) تقريب التهذيب (ص 528 رقم: 6601)

(2)

تهذيب الكمال (2/ 233 - 240)، التهذيب (1/ 177 - 179).

(3)

تهذيب الكمال (9/ 289)، تقريب التهذيب (ص 213 رقم: 1989).

(4)

انظر: تاريخ بغداد (9/ 255 - 266)، تهذيب الكمال (12/ 479 - 495).

ص: 66

الصحيح (1). وَقَالَ أبو داود: ((سمعتُ أحمد يقول: ابنُ أبي عدي رَوى عن شُعْبَة أحاديث يرفعها ننكرها عليه)) (2).

6 -

عَمْرو بنُ علي هو: أبو حفص الفلاس البصريّ، ثقة حافظ، رَوى له الجماعة، مات سنة تسع وأربعين ومائتين (3).

7 -

محمدُ بنُ غالب هو: أبو جعفر الضبي التمار المعروف بالتمتام من أهل البصرة، وسكن بغداد.

- قال ابنُ أبي حَاتم: ((سمعتُ منه ببغداد، وهو صدوق)) (4).

- وقَالَ ابنُ حِبان: ((وكان متقناً صاحب دعابة)) (5).

- وقَالَ السهمي: ((وسئل الدَّارقُطني عن محمد بن غالب تمتام؟ فَقَالَ: ثقة مأمون إلاّ إنّه كان يخطئ، وكان وهم في أحاديث منها: أنه حدّث عن محمد بن جعفر الوركاني، عن حماد بن يحيى الأبحّ، عن ابن عون، عن ابن سيرين عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (شيبتنى هود وأخواتها) فأنكر عليه هذا الحَدِيث موسى بنُ هارون وغيرهُ فجاء بأصلهِ إلى إسماعيل بنِ إسحاق القاضي، فأوقفه عليه، فَقَالَ إسماعيلُ القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة، فلو تركته لم يضرك. فَقَالَ تمتام: لا أرجع عما في أصل كتابي، قَالَ حمزة: وسمعتُ أبا الحسن الدَّارقُطني يقول: كان يتقي لسان تمتام، قَالَ أبو الحسن: والصواب أنَّ الوركانيَّ حدّث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ (لا

(1) تهذيب التهذيب (9/ 12)، تقريب التهذيب (ص 465 رقم 5697).

(2)

سؤالات أبي داود (ص 353)، هذا النّص - مع أهميته - لم يذكره المزي ولا الذهبي ولا ابن حجر.

(3)

تهذيب الكمال (22/ 162)، تقريب التهذيب (ص 424 رقم: 5081).

(4)

الجرح والتعديل (8/ 55 رقم 254).

(5)

الثقات (9/ 151).

ص: 67

طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وحدث على أثره عن حماد بن يحيى الأبح عن يزيد الرقاشي عن أنس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ (شيبتنى هود) فيشبه أنْ يكونَ التمتام كتب إسناد الأول، ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه إليه، وأما لزوم تمتام كتابه وتثبته فلا ينكر (1)،

ولا ينكر

(1) وذلك أنّ من سنن المحدثين وطرائقهم التي ساروا عليها أنّ المحدث إذا كان صحيح الكتاب، معتنياً بضبطه وسلامته، ثم أنكر عليه حديث فأخرج كتابه كان ذلك دليلاً على صحة روايته، قَالَ أبوداود: سمعت الحلواني يقول: أوَّل من أظهر كتابه روح بن عبادة، وأبو أسامة، قَالَ الخطيب البغداديّ: يعني أنهما رويا ما خولفا فيه، فاظهرا كتبهما حجة لهما على مخالفيهما إذ روايتهما عن حفظهما موافقة لما في كتبهما - تاريخ بغداد (8/ 402) -.

وَقَالَ حسينُ بنُ حبان: ((قلتُ ليحيى بن معين: ما تقولُ في رجلٍ حدّث بأحاديث منكرة فردها عليه أصحاب الحَدِيث، إن هو رجع وَقَالَ: ظننتها، فأما إذ أنكرتموها علي فقد رجعت عنها؟ فَقَالَ: لا يكون صدوقا أبدا،

فقفلت ليحيى: ما يبرئه؟ قَالَ: يخرج كتاباً عتيقا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، فيكون شبه له وأخطأ كما يخطئ الناس فيرجع عنها)) (الكفاية ص 118 - 119).

بل إنّ المحدثين جرحوا عدداً من الرواة بسبب تغييرهم أصولهم منهم: سفيان بن وكيع، وعلي بن عاصم وغيرهما، وبعضهم جرح بسبب أنه لُقِّنَ فَغَيِّر أصل كتابه، وقد كان يفعل هذا الشيء محمد بن حميد الرازي فَأُنكِر عليه ذلك، قَالَ أبوحاتم الرازي: سألني يحي بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فَقَالَ: أي شيء تنقمون عليه؟ فقلتُ: يكون في كتابه شيء فنقول: ليس هذا هكذا إنما هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول، فَقَالَ: بئس هذه الخصلة - الجَرْح والتَّعديل (7/ 232) -.

وقد جعل يعقوب بن شَيْبَة تغيير الشيخ لما في أصله أشد الأشياء التي سمعها في روح بن عبادة، فَقَالَ:((ولم أسمع في روح شيئاً أشد عندي من شيء دفع إلى محمد بن إسماعيل صاحبنا كتاباً بخطه نسخت منه - فكان فيه - حَدَّثنَا عفان قَالَ حدثني غلام من أصحاب الحَدِيث يقال له عمارة الصيرفي أنه كان يكتب عن روح بن عبادة هو وعلي بن المديني، فحدثهم بشيء عن شُعْبَة عن منصور عن إبراهيم، قَالَ فقلت له: هذا عن الحكم؟ قَالَ: فَقَالَ روحٌ لعلي بن المديني: ما تقول؟ قَالَ: صدق هو عن الحكم، قَالَ: فأخذ روح قلماً فمحى منصور وكتب الحكم، قَالَ عفان: فسألتُ علي بن المديني - وعمارة معي - فَقَالَ: صدق، قد كان هذا)) - تاريخ بغداد (8/ 403) -

فلا ينكر أنْ يصر محمد بن غالب على ما في كتابه لأنه يرى صحته، وإن كان في واقع الأمر هذه الرواية خطأ كما نبه على ذلك الحفاظ موسى بن هارون، وإسماعيل القاضي وغيرهم، وبين ذلك الدَّارقُطني، ومتى ما كثر هذا الخطأ في كتاب الراوي ونبه وأصر كان ذلك دليلا على عدم ضبطه.

وانظر للفائدة: - التنكيل (1/ 41، 480) -.

ص: 68

طلبه، وحرصه على الكتابة)) (1) ..

وقال الدَّارقُطني أيضاً: ((مكثر مجود)) (2).

وقَالَ الحاكمُ: ((محمد بن غالب بن حرب الحافظ عندنا ثقةٌ مأمون، ولم يضره كلام موسى بن هارون فيه)) (3).

وقَالَ الخطيبُ: ((وَكَانَ كثير الحديث، صدوقاً حافظاً)) (4).

فتبين من أقوال النّقاد أنّ الأصل في التمتام أنه ثقة إلاّ أنّ له بعض الأوهام في كتابه كدخول حَدِيث في حَدِيث، فيجتنب من حديثه ما استنكره أئمة الحديث، وما تبين أنه خالف فيه الثقات، مات سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

3 -

دراسةُ الحَدِيث والحكم عليه:

هذا الحَدِيث فيه علتان:

العلةُ الأولى: تتعلق بمتن الخبر.

وهي أنَّ زيادة: ((أيسرها مثل أنْ ينكحَ الرجُل أمه، وإنّ أربى الرّبَا عرض الرجُل المسلم)) شاذةٌ؛ شذّ بها محمد بن غالب يدل على هذا أربعة أمور:

(1) سؤالات السهميّ (ص 74 - 77 رقم 9)، تاريخ بغداد (3/ 143).

(2)

تاريخ بغداد (3/ 146).

(3)

سؤالات مسعود السجزي للحاكم (ص 112 رقم 113).

(4)

تاريخ بغداد (3/ 144).

ص: 69

الأوَّل: أنّ ثلاثةً من الرواة رووا الأثر عن عَمْرو بنِ علي - وفيهم أئمة - فلم يذكروا هذه الزيادة وهم:

1 -

ابن ماجه فقد رواه في سننه (2/ 764 رقم 2275) كتاب التجارات، باب التغليظ في الرّبَا، عن عَمْرو بن علي - به - مرفوعاً ولفظه:((الرّبَا ثلاثة وسبعون باباً)).

2 -

البزار، فقد رواه في مسنده (5/ 318 رقم 1935) عن عَمْرو بن علي - به - مرفوعاً ولفظه:((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك مثل ذلك))، وَقَالَ البزار:((وهذا الحَدِيث لم نسمع أحداً أسنده بهذا الإسناد إلاّ عَمْرو بن علي)).

3 -

عبد الله بن بُندار الباطرقاني، رواه أبو نُعيم في ترجمته من أخبار أصبهان (2/ 16) عن عَمْرو بن علي - به -، ولفظه مثل لفظ ابن ماجه.

الثاني: أنَّ المتقنين من أصحاب شعبة - كمحمد بن جعفر، والنضر بن شميل - لم يذكروا هذه الزيادة وسيأتي ذكر رواياتهم.

الثالث: أنّ محمد بنَ غالب وقعت له أوهام من جنس هذا الوهم الذي وقع له في هذا الحَدِيث (1)، وهذا يدل على أنَّ كتابه وقعت فيه بعض الأوهام من دخول حَدِيث في حَدِيث كما قَالَ له إسماعيلُ القاضي:: ((ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة))، وبين ذلك الدَّارقُطني - بدقة - في قولِهِ:((والصواب أنَّ الوركانيَّ حدّث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وحدث على

(1) وانظر: حديثاً آخر وهم فيه محمد بن غالب فأدخل حديثا في حديث في السلسلة الضعيفة اللألباني (2/ 346 رقم 943).

ص: 70

أثره عن حماد بن يحيى الأبح عن يزيد الرقاشي عن أنس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ (شيبتنى هود) فيشبه أنْ يكونَ التمتام كتب إسناد الأول، ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه إليه)).

4 -

الرابع: أنَّ الحَدِيث بهذا الإسناد والمتن لا يعرف عن ابن مسعود إلا من طريق محمد بن غالب، كما قَالَ البزار:((وهذا الحَدِيث لم نسمع أحداً أسنده بهذا الإسناد إلاّ عَمْرو بن علي))، قَالَ المعلمي:((في سنده: محمد بن غالب التمتام، وهو صاحب أوهام ولم أر الخبر عن ابن مسعود إلا من طريقه)) (1)، وهذه - في الحقيقة - لفتة دقيقة وإشارة لطيفة من المعلمي لموطن العلة، ولو تتبع المعلمي أسانيد الخبر لتأكد له أنَّ الوهم من محمد بن غالب التمتام خاصةً مع مخالفته لثلاثة من الرواة وفيهم كبار الأئمة.

ولقد كان الإمامُ البيهقيُّ دقيقاً في قوله: ((هذا إسنادٌ صحيحٌ، والمتنُ منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلاّ وهماً، وكأنه دَخَل لبعض رواة الإسناد في إسناده))، وهذا مما يدل على براعة الإمام البيهقي، وعمق نظره للمتون.

العلة الثانية: الاختلافُ على شُعْبَة في رفع الحَدِيث ووقفه.

وقد اختلف عنه على وجهين:

الوجه الأوَّل: رواه ابنُ أبي عدي - وحدَهُ -، عن شُعْبَة بنِ الحجاج، عن زُبيد بن الحارث اليامي، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

(1) الفوائد المجموعة (ص 150هامش).

ص: 71

وتقدم تخريجها.

الوجه الثاني: رواه النضر بن شُميل، ومحمد بن جعفر كلاهما عن شُعْبَة، عن زُبيد، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قَالَ:((الرّبَا ثلاثة وسبعون باباً، والشرك مثل ذلك)).

تخريج الروايتين:

- أخرج رواية النضر: المروزي في السنة (ص 165 رقم 211) قَالَ: حَدَّثنَا إسحاق بن راهويه عن النضر بن شُميل عن شُعْبَة - به -.

- أخرج رواية محمد بن جعفر: الخلاّل في السنة (5/ 18 رقم 1495) قَالَ: حَدَّثنَا أبو بكر المروذي، قَالَ: حَدَّثنَا أبو عبد الله أحمد بن حنبل قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن جعفر عن شُعْبَة - به -.

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

يظهر من خلال الموازنة بين الوجهين أنَّ الوجه الثاني أرجح لأمور:

الأوَّل: أنّ رواةَ هذا الوجه هُمْ مِنْ أصحابِ شُعْبَة المقدمين، فمحمدُ بنُ جعفر المعروف بغُنْدر ثقة صحيح الكتاب (1)، وهو من أقوى أصحاب شُعْبَة إن لم يكن أقواهم.

قَالَ أحمدُ - في رواية ابنِ هاني -: ((ما في أصحاب شُعْبَة أقل خطأ من محمد بن جعفر، ولا يقاس بيحيى بن سعيد في العلم أحد)) (2).

قَالَ أحمد: ((سمعت غندر يقول: لزمت شعبة عشرين سنة لم أكتب

(1) تهذيب التهذيب (9/ 84)، تقريب التهذيب (ص 472 رقم 5787).

(2)

شرح علل الترمذي لابن رَجَب (2/ 702).

ص: 72

فيها عن أحد غيره)) (1)، وَقَالَ الفضل بن زياد:((وسألتُ أبا عبد الله: من تقدم من أصحاب شعبة؟ فَقَالَ: أما في العدد والكثرة فغندر قَالَ: صحبته عشرين سنة، ولكن كان يحيى بن سعيد أثبت، وكان غندر صحيح الكتاب ولم يكن في كتبه تلك الأخبار إلا أنَّ بهزاً ويحيى وعفان هؤلاء كانوا يكتبون الألفاظ والأخبار)) (2).

وَقَالَ عبدُ الله بنُ المبارك: ((إذا اختلف الناسُ في حَدِيث شُعْبَة فكتابُ غُنْدر حكم فيما بينهم)) (3).

وَقَالَ الفلاس: ((كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ وخالد وأصحابنا إذا اختلفوا في حَدِيث عن شُعْبَة رجعوا إلى كتاب غُنْدر فحكم عليهم)) (4).

وَقَالَ العجليُّ: ((غُنْدر من أثبت الناس في حَدِيث شُعْبَة)) (5).

وَقَالَ ابنُ عدي: ((إذا جاوزتْ في أصحابِ شُعْبَة من معاذ بن معاذ وخالد بن الحارث ويحي القطان وغندر فأبو داود خامسهم)) (6).

وكذلك النضر بن شميل - وهو ثقة ثبت (7) -، من أروى الناس عن شُعْبَة، قَالَ العباسُ بنُ مصعب المروزي:((وكان أروى الناس عن شُعْبَة)) (8).

(1) المعرفة والتاريخ (2/ 119).

(2)

المرجع السابق.

(3)

الجرح والتعديل (1/ 271).

(4)

شرح علل الترمذي لابن رَجَب (2/ 703).

(5)

معرفة الثقات (2/ 234).

(6)

الكامل (3/ 280).

(7)

تهذيب التهذيب (10/ 390)، تقريب التهذيب (ص 562 رقم 7135).

(8)

تهذيب الكمال (29/ 383) ونحوه في الإرشاد للخليلي (3/ 894).

ص: 73

الثاني: أنّ نقاد الحَدِيث أنكروا على ابن أبي عدي رفع أحاديث عن شُعْبَة، قَالَ أبو داود:((سمعت أحمد يقول: ابن أبي عدي روى عن شُعْبَة أحاديث يرفعها ننكرها عليه))، فهذا مما يقوي أنّ ابن أبي عدي وهم في رفع هذا الحَدِيث.

الثالث: أنّ شُعْبَة توبع على رواية الوقف: تابعه سفيان الثوري، وكذلك تابع أبو الضحى مسلم بنُ صبيح إبراهيمَ النخعيَّ، وكذلك أصحاب ابن مسعود رووا الأثر موقوفاً على ابن مسعود.

• متابعة سفيان الثوريّ لشعبة على هذه الرواية الموقوفة، أخرجها:

- عبد الرزاق في المصنف (8/ 315 رقم 15347).

- والمروزيُّ في السنة (ص 165 رقم 210) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.

- والخلاّل في السنة (5/ 13 رقم 1480، 15 رقم 1486) من طريق وكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي.

- والطبرانيُّ في المعجم الكبير (9/ 374 رقم 9608) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.

جميعهم عن الثوري عن زُبيد (1) بن الحارث اليامي، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، قَالَ:((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).

وهذا الإسناد من أصح الأسانيد وأرفعها.

(1) تصحف (زبيد) في معجم الطبراني إلى (يزيد)!.

ص: 74

• متابعة أبي الضحى مسلم بنُ صبيح لإبراهيم النخعيّ على هذه الرواية، أخرجها:

- عبد الله ابن الإمام أحمد في السنة (1/ 366 رقم 791).

- والخلاّل في السنة (5/ 15 رقم 1486) قَالَ: حَدَّثنَا أبو بكر المروذي.

كلاهما عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل.

- والمروزيُّ في السنة (ص 164 رقم 209) قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن بشار.

كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري.

وأخرجه:

- المروزيُّ في السنة (ص 166 رقم 212) حَدَّثنَا إسحاق بن راهويه قَالَ: أخبرنا النضر بن شميل.

- والخلاّل في السنة (5/ 18 رقم 1496) قَالَ: حَدَّثنَا أبو بكر المروذي، عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل، عن محمد بن جعفر.

كلاهما عن شُعْبَة.

كلاهما (سفيان الثوري، وشُعْبَة) عن سلمة بن كُهيل، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قَالَ:((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

- مسلم بن صُبيح - بالتصغير - الهمداني أبو الضحى الكوفي العطار، مشهور بكنيته، متفقٌ على توثيقه، روى له الجماعة، مات

ص: 75

سنة مائة (1).

- وسلمة بن كهيل الحضرمي أبو يحيى الكوفي، متفقٌ على توثيقه وإتقانه، روى له الجماعة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة (2).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

هذا الإسناد من أصح الأسانيد وأرفعها.

• رواية أصحاب ابن مسعود الأثر عن ابن مسعود موقوفاً عليه:

1 -

رواية عبد الرحمن بن يزيد، أخرجها:

- عبد الرزاق في المصنف (8/ 314 رقم 15346).

- وعبد الله ابن الإمام أحمد (1/ 366 رقم 791)،والخلاّل (5/ 15 رقم 1486) كلاهما في السنة، من طريق عبد الرحمن بن مهدي.

كلاهما (عبد الرزاق، وعبد الرحمن بن مهدي) عن الثوري.

- وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 564) قَالَ حَدَّثنَا ابن فضيل - وهو محمد بن فضيل -.

كلاهما (الثوري، ومحمد بن فضيل) عن الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قَالَ:((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)) وهذا لفظ محمد بن فضيل، والثوري - في رواية عبد الرحمن بن مهدي -.

وأمّا رواية عبد الرزاق عن الثوري ففيها زيادة وهي: ((أهونها كمن أتى أمه في الإسلام)).

(1) تهذيب التهذيب (10/ 119)، تقريب التهذيب (ص 530 رقم 6632).

(2)

تهذيب التهذيب (4/ 155)، تقريب التهذيب ص 248 رقم 2508).

ص: 76

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

- عبد الرحمن بن يزيد هو: النخعي متفق على توثيقه (1).

- وعمارة بن عُمير هو: التيمي متفق على توثيقه وفضله (2).

- والأعمش - وهو سليمان بن مهران - متفقٌ على توثيقه وجلالته، وقد ذكره العلائيُّ، وابن حجر في الطبقة الثانية من المدلسين، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم (3).

- ومحمد بن فضيل فيه خلاف، والراجح أنه صدوق، وهو اختيار الذهبي وابن حجر، وقد تابعه على هذه الرواية الثوري (4).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

وإسناد الأثر - بدون هذه الزيادة - صحيح، وأمّا الزيادة التي في رواية عبد الرزاق عن الثوري:((أهونها كمن أتى أمه في الإسلام)) فلا تصح لأمور:

الأوَّل: أنّ عبد الرحمن بن مهدي وهو من أتقن أصحاب الثوري لم يذكرها.

وقد سئل يحيى بن معين عن أصحاب الثوري؟ فَقَالَ: ((هم خمسة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين))، وكذلك قَالَ

(1) تهذيب التهذيب (6/ 267)، تقريب التهذيب (ص 353 رقم 4043).

(2)

تهذيب التهذيب (7/ 369)، تقريب التهذيب (1/ 409 رقم 4856)

(3)

تهذيب الكمال (12/ 76 - 91)، السير (6/ 226 - 249)، جامع التحصيل (ص 113)، تعريف أهل التقديس (ص 118 رقم 55).

(4)

الجرح (8/ 57 رقم 263)، تهذيب الكمال (26/ 293 - 298)، الميزان (3/ 9 رقم 8062)، التقريب (ص 502 رقم 6227).

ص: 77

علي بن المدينيّ، والدارقطنيّ وغيرهما (1).

وَقَالَ ابنُ أبي خيثمة: سمعتُ يحيى بنَ معين، وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ فَقَالَ:((هم خمسة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، فأمّا الفريابي، .. وأبو أحمد الزبيري، وعبد الرزاق وطبقتهم، فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض، وهم ثقات كلهم دون أولئك في الضبط والمعرفة)).

وَقَالَ ابنُ محرز: وسألتُ يحيى - يعني ابن معين - وسئل عن أصحاب سفيان من هم؟ قَالَ: المشهورون: وكيع ويحيى، وعبد الرحمن، وابن المبارك، وأبو نعيم هؤلاء الثقات. قيل له: فأبوعاصم، وعبد الرزاق، وقبيصة وأبو حذيفة؟ قَالَ: هؤلاء ضعفاء (2). (3)

الثاني: أنَّ محمد بن فضيل لم يذكر هذه الزيادة في روايته عن الأعمش، فوافقت روايته رواية عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري.

الثالث: أنّ عبد الرزاق تكلم في روايته عن الثوري قَالَ أحمد بن حنبل: ((سماع عبد الرزاق من سفيان بمكة مضطرب، فأما سماعه باليمن الذي أملى عليهم فذاك صحيح جداً، كان القاضي يكتب، فكانوا يصححون)) (4).

(1) انظر: المعرفة والتاريخ (1/ 717)، الجرح (1/ 253، 7/ 62)، شرح علل الترمذي (2/ 538)، وسؤالات أبي عبد الله بن بكير للدارقطني (ص 41 - 42).

(2)

يقصد هنا بالضعف الضعف النسبي بدلالة بقية الروايات عن ابن معين، وأوضحها رواية ابن أبي خيثمة المتقدمة.

(3)

معرفة الرجال (1/ 109).

(4)

سؤالات أبي بكر الأثرم أبا عبد الله أحمد بن حنبل (ص 33 رقم 2).

ص: 78

قَالَ ابن رَجَب: ((من ضُعّف حديثه في بعض الأماكن دون بعض، وهو على ثلاثة أضرب: أحدها: من حدث في مكان لم يكن معه فيه كتبه فخلط، وحدث في مكان آخر من كتبه فضبط، أو من سمع في مكان من شيخ فلم يضبط عنه، وسمع منه في موضع آخر فضبط

ومنهم: عبد الرزاق بن همام الصنعاني:

قَالَ أحمد في رواية الأثرم: سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان مضطرب جداً، روى عنه عن عبيد الله أحاديث مناكير، هي من حَدِيث العمري. وأما سماعه باليمن فأحاديث صحاح"، قَالَ أبو عبد الله أحمد: قَالَ عبد الرزاق: كان هشام بن يوسف يكتب بيده - وأنا أنظر - يعني عن سفيان باليمن - قَالَ عبد الرزاق قَالَ سفيان: إيتوني برجل خفيف اليد، فجاؤوه بالقاضي، وكان ثمّ جماعة يسمعون لا ينظرون في الكتاب. قَالَ عبد الرزاق: وكنت أنا أنظر، فإذا قاموا ختم القاضي الكتاب. قَالَ أبو عبد الله: لا أعلم أني رأيت ثمّ خطأ إلا في حَدِيث بشير بن سلمان عن سيار، قَالَ: أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة، فأراهم أرادوا عن سيار أبي حمزة، فغلطوا فكتبوا عن سيار عن أبي حمزة)).

هذا كله كلام أحمد رحمه الله ليبين به صحة سماع عبد الرزاق باليمن من سفيان، وضبط الكتاب الذي كتب هناك عنه.

وذكر لأحمد حَدِيث عبد الرزاق عن الثوري عن قيس عن الحسن ابن محمد عن عائشة قالت: أهدي للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشيقة لحم وهو محرم يأكله، فجعل أحمد ينكره إنكاراً شديداً. وَقَالَ: هذا سماع مكة)) (1).

(1) شرح علل الترمذي (2/ 770).

ص: 79

فلعل هذا الأثر مما سمعه عبد الرزاق من سفيان بمكة لذا وهم فيه وخالف عبد الرحمن بن مهدي.

الرابع: رواية مسروق عن ابن مسعود المتقدمة تؤيد شذوذ هذه الزيادة، فليس في روايته هذه الزيادة، والله أعلم.

- رواية وائل بن ربيعة أخرجها:

الخلاّل في السنة (4/ 125 رقم 1325) قَالَ: حَدَّثنَا أبو بكر - هو: المروذي - قَالَ: حَدَّثنَا أبو عبد الله - هو: أحمد بن حنبل - قَالَ: حَدَّثنَا حجاج، قَالَ: حَدَّثنَا شريك، عن عاصم، عن وائل، عن عبد الله قَالَ:((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

- وائل هو: ابن ربيعة، يعد في الكوفيين، ومن أصحاب عبد الله بن مسعود كما قَالَ العجلي، روى عنه: شمر بن عطية، والمسيب بن رافع وثقه العجليّ وذكره ابن حبان في الثقات (1)، فهو في مثل هذه الرواية لا بأس به، وقد توبع على الأثر كما تقدم.

- وعاصم هو: ابن أبي النجود فيه خلاف قوي، ولعل الأرجح في حاله ما قاله الذهبيّ:((كان عاصم ثبتا في القراءة، صدوقا في الحَدِيث)) (2).

- وشَريك بن عبد الله القاضي فيه خلاف شديد، ولعل الجمع بين

(1) انظر: الطبقات الكبرى (6/ 204)، معرفة الثقات (2/ 339 رقم 1933)، الجرح والتعديل (9/ 43 رقم 181)، الثقات (5/ 495 رقم 5905).

(2)

سير أعلام النبلاء (5/ 260)، تهذيب التهذيب (5/ 35).

ص: 80

أقوال النقاد المختلفة أنه صدوق إن حدّث من كتابه، أو حدّث عنه القدماء قبل ولايته القضاء، ولم يكن المتن الذي رواه منكراً، وإلَاّ ففيه ضعف، خاصةً عن الأعمش، وقد قَالَ الذهبيّ:((صدوق)) (1).

- وحجاج هو: ابن محمد الأعور ثقة ثبت (2).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

وهذا الإسناد لا بأس به.

تنبيه:

أخرج عبدُالرزاق في المصنّف (8/ 314 رقم 15344) قَالَ: أخبرنا معمر، عن عطاء الخراسانيّ، عن رجل، عن عبد الله بنِ مسعود قَالَ:((الرّبَا ثلاث وسبعون حوباً، أدناها حوباً كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الرّبَا كبضع وثلاثين زنية))، وهذا إسنادٌ ضعيف جداً لإبهام الراوي عن ابن مسعود، ولمخالفته أصحاب ابن مسعود المتقنين.

وخلاصة ما تقدم:

- أنّ حَدِيث ابن مسعود مرفوعاً لا يصح.

- وأنّ الصحيح أنه موقوف على ابن مسعود بلفظ: ((الرّبَا بضع وسبعون باباً، والشرك نحو ذلك))، والله أعلم.

ومما تقدم يعلم أنَّ:

(1) انظر: الثقات (6/ 444)، تاريخ بغداد (9/ 279 - 295)، تهذيب الكمال (12/ 462 - 475)، شرح علل الترمذي (2/ 589)، تقريب التهذيب (ص 266 رقم 2787)، المغني في الضعفاء (1/ 297 رقم 2764).

(2)

تقريب التهذيب (ص 153 رقم 1135).

ص: 81

- قولَ العراقيّ - عن إسناد الحاكم -: ((إسناده صحيح)) (1).

- وقولَ البوصيريّ - عن إسناد ابن ماجه -: ((هذا إسناد صحيح، وابنُ أبي عدي اسمه محمد بن إبراهيم هو ثقة تفرد برواية هذا الحديث عن شعبة، رواه البزار في مسنده ورجاله رجال الصحيح، وله شاهد من حديث عبد الله بن حنظلة رواه أحمد في مسنده ورجاله رجال الصحيح)) (2).

- ورمز السيوطيّ للحديث بالصحة (3).

فيه نظر تقدم بيانه.

(1) فيض القدير (4/ 50).

(2)

مصباح الزجاجة (3/ 34).

(3)

فيض القدير (4/ 50).

ص: 82