المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابعتخريج حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه والحكم عليه - أحاديث تعظيم الربا على الزنا «دراسة نقدية»

[علي الصياح]

فهرس الكتاب

- ‌ملخص البحث

- ‌مقدمة

- ‌الفصلُ الأوَّلُتخريجُ طُرُق الحَدِيث والحكم عليها

- ‌المبحثُ الأوَّلُتخريجُ حَدِيثِ أنس بنِ مَالِك رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثانيتخريجُ حَدِيث الْبَرَاء بنِ عازب رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثالثُتخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ سَلَام رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الرابعتخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ عَبَّاس رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الخامستخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ عُمَر رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ السادستخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ مسعود رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ السابعتخريجُ حَدِيث أبي هُرَيرة رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ الثامنُتخريجُ حَدِيث وَهْبِ بنِ الأسود أو الأسود بن وَهْب - عَلَى خلافٍ في ذلك - والحُكْمُ عليهِ

- ‌المبحثُ التاسعُتخريجُ حَدِيث عائشة رضي الله عنها، وَحَدِيث عبد الله بنِ حنظلة رضي الله عنه، وقول كعب الأحبار رحمه الله والحُكْمُ عليهِا

- ‌المبحثُ العاشرالآثارُ الواردةُ عَنِ الصحابةِ في ذلكَ

- ‌المطلبُ الأوّلتخريجُ أثر عثمان بن عفان رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌المطلبُ الثانيتخريجُ أثر علي بنِ أبي طالب رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

- ‌الفصل الثَّانيتتمات حول أحَاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا

- ‌المبحثُ الأوَّلُنظرةٌ تحليليةٌ في المصادرِ الأصليةِ التي روت أحاديث تَعْظيمِ الرّبَا على الزنا

- ‌المبحثُ الثانيخُلاصةُ الكلامِ عَلى الحَدِيث

- ‌المطلب الأوّلمَنْ قوّى الحديث - أو بعض طرقه - من العلماء، وأسباب ذلك

- ‌المطلبُ الثانيمَنْ ضعف الحديثَ مِنْ العلماء، وأسبابُ ذلك

- ‌المطلب الثالثمجملُ الرأي الراجح، وخلاصة الكلام على الأحاديث

- ‌الخاتمة:

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الرابعتخريج حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه والحكم عليه

‌المبحثُ الرابع

تخريجُ حَدِيث عبدِ الله بنِ عَبَّاس رضي الله عنه والحُكْمُ عليهِ

.

رُوي الحَدِيث عن عبدِ الله بنِ عَبَّاس من عدة طُرُق:

1 -

طاووس بن كيسان، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً.

2 -

عكرمة مولى ابن عَبَّاس، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً.

3 -

عَمْرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً.

4 -

الأوزاعيُّ، عن يحيى بنِ أبي كثير، عن ابن عَبَّاس - موقوفاً عليه -.

الطريقُ الأوَّل: طاووس بنُ كيسان، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً

1 -

تخريج الحَدِيث:

أخرجه:

البيهقي في شعب الإيمان (5/ 299) قَالَ:

أخبرنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن جعفر قَالَ: أخبرنا يعقوب الفسوي (1)، قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن رافع (2)، قَالَ: أخبرنا إبراهيم بن عُمَر أبو إسحاق الصنعانيّ قَالَ: سمعت النعمان يقول: إنه سمع طاوسا يقول: ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّ الرّبَا نيف وسبعون باباً أهونهن بابا

(1) لم أجد هذا الحَدِيث في كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب، ولم يذكره د. أكرم العمري في ملحق الاستدراك في آخر الكتاب، وهو على شرطه، والله اعلم.

(2)

وقع في المطبوع (نافع) وهو خطأ، وهو على الصواب في النسخة المحققة الهندية (12/ 106).

ص: 48

من الرّبَا مثل مَنْ أتى أمه فِي الإِسْلَام، ودِرْهمُ ربا أشدّ مِنْ خمسٍ وثلاثين زَنْية، وأخبث الرّبَا انتهاك عرض المسلم وانتهاك حرمته)).

وَقَالَ ابن أبي حاتم في العلل (1/ 391 رقم 1170):

((وسُئِلَ أبوزُرْعَةَ عَنْ حَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّد بنُ رَافِعٍ النيَّسابُوريّ، عَنْ إِبْرَاهِيم بن عُمَر الصنعانيّ عن النعمان - يعني ابن الزبير (1) -، عَنْ طَاوُوس عَنْ ابن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرّبَا نَيّفٌ وسَبْعُون بَابَا، أهونُ بَابٍ مِنْ الرّبَا مِثل مَنْ أتى أمه فِي الإِسْلَام، ودِرْهمُ ربا أشدّ مِنْ خمسٍ وثلاثين زَنْية، وأشدُّ الرّبَا - أو أربى الرّبَا، أو أخبث الرّبَا - انتهاك عِرْضِ المُسْلِم، أو انتهاك حرمته. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حَدِيث مُنْكَر)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

طاووس هو: ابن كيسان اليمانيّ، متفق على توثيقه وفضله وفقهه، روى له الجماعة، مات سنة ست ومائة (2).

2 -

والنعمانُ هو: ابنُ أبي شيبة عبيد اليمانيّ الجنديّ، ختن هشام بن يوسف، قَالَ ابن معين:((ثقة مأمون، كيسٌ كيسٌ)) (3)، وَقَالَ الذهلي:((النعمان بن أبي شيبة من ثقات أهل اليمن))، وكان هشام بن يوسف يثني عليه، وذكره ابن حبان في الثقات، وَقَالَ ابن حجر:((ثقة))، روى له أبو داود حديثاً واحداً (4).

(1) كذا في علل ابن أبي حاتم (الزبير)، وفي جميع كتب الرجال (عبيد).

(2)

انظر: تهذيب الكمال (13/ 357 - 374)، التهذيب (5/ 8 - 10).

(3)

الجرح (8/ 448 رقم 2059).

(4)

انظر: الثقات (9/ 209)، تهذيب التهذيب (10/ 405)، تقريب التهذيب (ص 564 رقم 7157).

ص: 49

3 -

وإبراهيم بن عُمَر، أبو إسحاق الصنعانيّ، روى عن: النعمان بن الزبير، وعنه: محمد بن رافع، ونوح بن حبيب، مجهول الحال، قَالَ ابن حجر:((مستور)) (1)، روى له أبو داود حديثاً واحداً في الأشربة (3/ 327 رقم 3680) قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن رافع النيسابوري قَالَ: حَدَّثنَا إبراهيم بن عُمَر الصنعاني قَالَ سمعت النعمان يقول عن طاوس عن ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((كلّ مخمر خمر، وكلّ مسكر حرام، ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟! قَالَ: ((صديد أهل النار)) ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه، كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)). قَالَ أَبُو زُرْعَةَ:((هَذَا حَدِيث مُنْكَر)) (2).

4 -

ومحمد بن رافع، أبو عبد الله النيسابوريّ، متفق على توثيقه وزهده، روى له الجماعة سوى ابن ماجه، مات سنة خمس وأربعين ومائة (3).

3 -

دراسةُ الإسنادِ والحكم عليه:

الحَدِيثُ بهذا الإسناد منكر لأمرين:

1 -

أنَّ إبراهيمَ بن عُمَر لا تعرف حاله.

2 -

ثم إنّ سلسلة "طاووس عن ابن عَبَّاس" من السلاسل المشهورة

(1) انظر: تهذيب الكمال (2/ 159 - 160)، الكاشف (1/ 88 - 89)، تهذيب التهذيب (1/ 129)،

التقريب (ص 92 رقم 223).

(2)

علل الحَدِيث (2/ 36 رقم 1587).

(3)

انظر: التهذيب (9/ 160 - 162)، التقريب (ص 478 رقم 5876).

ص: 50

فكيف يتفرد مجهول - أعني: إبراهيم بن عُمَر - بها!، ومن القرائن عند المحدثين على بطلان الرواية أنْ يتفرد غير المعروف بحديث من طريقٍ مشهور، قَالَ ابنُ أبي حاتم:((سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ عَبْدُالْكَرِيمِ بنُ عبد الكريم النَّاجِي، عَنْ الحَسَنِ بن مُسْلِم، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامِ الْقِطَافِ لِيَبِيعَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِلاّ كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَقْتٌ، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث كَذِبٌ باطلٌ، قُلْتُ: تَعْرِفُ عَبْدَ الْكَرِيمِ هَذَا؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فتَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ مُسْلِم؟ قَالَ: لا، ولكَنْ تَدُلُ رِوَايَتُهُمْ عَلَى الكَذِبِ)) (1).

ومما يزيد الريبة في هذا الإسناد أنَّ أحداً من أصحاب الكتب المشهورة لم يروه!.

ولما تقدم حَكَمَ أَبُو زُرْعَةَ على الحديث بأنه: ((حَدِيث مُنْكَر))، وهذا حكم دقيقٌ.

الطريق الثاني: عكرمة مولى ابن عَبَّاس، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً

وله عن عكرمة طُرُق:

الأوَّل: طريق خُصيف بن عبد الرحمن، عن عكرمة أخرجه:

الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد (6/ 76) - ومن طريقه ابن الجَوزيّ في العلل المتناهية (2/ 277 - 278) - قَالَ:

أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد النجار قَالَ: أخبرنا عبيد الله بن

(1) العلل (1/ 389 رقم 1165).

ص: 51

محمد بن سليمان المخرمي قَالَ: حَدَّثنَا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن بكار بن الريان قَالَ: حَدَّثنَا إبراهيم بن زياد القرشي، عن خُصيف بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:((مَنْ أعان على باطل ليُدْحِض بباطله حقا فقد بريء من ذمة الله وذمة رسوله، ومن مشى إلى سلطان الله في الأرض ليذله أذل الله رقبته يوم القيامة - أو قَالَ إلى يوم القيامة -، مع ما يدخر له من خزي يوم القيامة، وسلطان الله في الأرض كتاب الله وسنة نبيه، ومن استعمل رجلا وهو يجد غيره خيرا منه وأعلم منه بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين، ومن ولي من أمر المسلمين شيئا لم ينظر الله له في حاجة حتى ينظر في حاجاتهم، ويؤدي إليهم حقوقهم، ومن أكل درهم ربا كان عليه مثل إثم ست وثلاثين زنية في الإسلام، ومن نبت لحمه من سُحْت فالنار أولى به)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

عكرمة هو: هو: القرشي الهاشمي، أبو عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عَبَّاس، قَالَ ابن حجر:((ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عُمَر، ولا تثبت عنه بدعة))، روى له الجماعة، مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك (1).

2 -

وخُصيف بن عبد الرحمن فيه خلاف وجمهور النقاد - كيحيى القطان، وأحمد بن حنبل، وأبي حاتم وغيرهم - على ضعفه (2)،

(1) انظر: الرواة الثقات (ص 138 رقم 59)، الهدي (ص 425 - 430)، التقريب (ص 397 رقم 4673).

(2)

الجرح والتعديل (3/ 403 رقم 1848)، الكامل (3/ 69)،تهذيب التهذيب (3/ 123).

ص: 52

وقَالَ الدَّارقُطني " يعتبر به يهم"(1).

3 -

وإبراهيم بن زياد القرشي، لا يُعرف قاله ابن معين، والذهبيّ، وَقَالَ العقيلي:((هذا شيخٌ يحدث عن الزهري، وعن هشام بن عروة، فيحمل حَدِيث الزهري عن هشام بن عروة، وحديث هشام بن عروة عن الزهري، ويأتي أيضا مع هذا عنهما بما لا يحفظ، وهذا رواه الناس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة)) (2)، وهذا نقدٌ مُفسّر، وَقَالَ الخطيب:((في حديثه نُكرة)) (3).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

وهذا إسناد ضعيف جداً:

1 -

فإبراهيم بن زياد لا يُعرف

2 -

وخصيف بن عبد الرحمن ضعيفٌ يعتبر به.

3 -

ثم إنّ سلسلة "عكرمة عن ابن عَبَّاس" من السلاسل المشهورة فكيف يتفرد مجهول وضعيف بها!.

4 -

ومما يزيد الإسناد وهناً أنَّ أحداً من أصحاب الكتب المشهورة لم يروه!.

الثاني: طريق حنش الرَّحبي، عن عكرمة أخرجه:

ابن حبان في المجروحين (1/ 243)،والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 393)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 256)

(1) سؤالات البرقاني (ص 27 رقم 125).

(2)

ضعفاء العقيلي (1/ 53)

(3)

انظر: من كلام أبي زكريا يحي بن معين في الرجال - رواية الدقاق (ص 100 رقم 311)، الميزان (1/ 151)، تاريخ بغداد (6/ 76) -

ص: 53

من طريق حنش الرَّحبي، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:((من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا قد بريء من ذمة الله وذمة رسوله، ومن ولي وليا من المسلمين شيئا من أمور المسلمين وهو يعلم أن في المسلمين من هو خير للمسلمين منه وأعلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد خان الله ورسوله وخان جماعة المسلمين، ومن ولي شيئا من أمور المؤمنين لم ينظر الله له في شيء من أموره حتى يقوم بأمورهم ويقضي حوائجهم، ومن أكل درهما من ربا فهو كإثم ستة وثلاثين زنية ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به)). وهذا لفظ ابن عساكر تاماً، ولفظ ابن حبان والبيهقي مختصراً: ((من أكل درهماً

)).

وأخرجه: العقيلي في ضعفاء (1/ 247)، الطبرانيّ في المعجم الكبير (11/ 251 رقم 11539، 217 رقم 11544)، وابن عدي في الكامل (2/ 352)، والحاكم في المستدرك (4/ 100)، والهرويُّ في ذم الكلام (2/ 20 - 21) وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 315):

من طريق حنش الرَّحبي، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم مطولاً ومختصراً ولم يُذكر الشاهد:((ومن أكل درهما من ربا فهو كإثم ستة وثلاثين زنية)).

وَقَالَ الحاكم: ((صحيح الإسناد))، وتعقبه الذهبيّ بقوله:((حنش الرَّحبي: ضعيف)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

عكرمة تقدم قريباً.

2 -

حنش - بفتح المهملة والنون ثم معجمة - لقب الحسين بن قيس الرحبي أبو علي الواسطي وهو متفق على تركه، ورمي بالكذب،

ص: 54

أخرج له الترمذي وابن ماجه (1).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

هذا الحَدِيث بهذا الإسناد باطل من أجل حنش، وقد ذكر الحَدِيثَ العقيليُّ، وابن حبان (2)، وابنُ عدي (3)، والذهبيّ في ترجمة حنش ضمن منكراته، وَقَالَ الهيثميُّ:((وفي إسناد الكبير: حنش وهو متروك)) (4).

الثالث: طريق إبراهيم بن أبي عبلة، عن عكرمة أخرجه:

- ابن حبان في المجروحين (1/ 328).

- والطبرانيّ في المعجم الأوسط (3/ 451 رقم 2968)، وفي المعجم الصغير (1/ 82) وفي مسند الشاميين (1/ 61 رقم 63).

- وأبو نعيم في الحلية (5/ 248) وفي تاريخ أصبهان (1/ 336).

- والهرويُّ في ذم الكلام (2/ 20 - 21).

- وابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 253).

من طريق سعيد بن رحمة المصيصيّ، عن محمد بن حِمْير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعان ظالما بباطل ليدحض بباطله حقا فقد برئ من

(1) ميزان الاعتدال (2/ 303)، تهذيب التهذيب (2/ 313)، تقريب التهذيب (ص 168 رقم 1342).

(2)

وقد نصَّ ابنُ حبان على أنّ ما يورده في ترجمة الراوي من حديثه ما يستدل به على ضعفه فقال: ((ونذكر عند كل شيخٍ منهم من حديثه ما يستدل به على وهنه في روايته تلك)) المجروحين (1/ 95).

(3)

انظر: ص: 19 من هذا البحث.

(4)

مجمع الزوائد (4/ 117).

ص: 55

ذمة الله وذمة رسوله ومن أكل درهما من ربا فهو مثل ثلاث وثلاثين زنية ومن نبت لحمه من السحت فالنار أولى به)).

وَقَالَ الطبراني: ((لم يروه عن إبراهيم بن أبي عبلة - واسم أبي عبلة: شمر، وقدْ قيل: طرخان، والصواب: شمر -، إلا محمد بن حمير، تفرد بهِ سعيد بن رحمة)).

وَقَالَ أبو نعيم: ((غريب من حَدِيث إبراهيم، تفرد به محمد بن حِمْير)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

عكرمة تقدم قريباً.

2 -

وإبراهيم بن أبي عبلة - بسكون الموحدة - واسمه شمر - بكسر المعجمة - الشامي، يكنى أبا إسماعيل، ثقة مات سنة اثنتين وخمسين ومائة، روى له البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة (1).

3 -

ومحمد بن حِمْير هو: السَّليحي - بفتح أوله ومهملتين -، الحمصي، والراجح فيه ما قاله الذهبيّ:((ما هو بذاك الحجة، حديثه يعد في الحسان، وقد انفرد بأحاديث ..)) (2)، وَقَالَ ابن حجر:((صدوق))، مات سنة مائتين، روى له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجة (3).

(1) تهذيب التهذيب (1/ 124)، تقريب التهذيب (1/ 92 رقم 213).

(2)

السير (9/ 234 - 235).

(3)

انظر: تهذيب الكمال (25/ 116 - 119)، الميزان (3/ 532 رقم 7459)، التقريب (ص 475 رقم 5837).

ص: 56

4 -

وسعيد بن رحمة المصيصيّ، قَالَ عنه ابن حبان:((يروي عن محمد بن حِمْير ما لم يتابع عليه، روى عنه أهل الشام، لا يجوز الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات)) (1).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

وهذا إسناد ضعيف جداً:

1 -

فسعيد بن رحمة لا يجوز الاحتجاج به، وخاصة عن محمد بن حِمْير.

2 -

ثم إنّ سلسلة "عكرمة عن ابن عَبَّاس" من السلاسل المشهورة فكيف يتفرد بها سعيد!.

4 -

ومما يقوي الريبة في هذا الإسناد أنَّ أحداً من أصحاب الكتب المشهورة لم يروه!.

وقد ذكر الحَدِيث ابن حبان، والذهبيّ في ترجمة سعيد بن رحمة ضمن منكراته، وَقَالَ الهيثميُّ:((رواه الطبرانيّ في الصغير والأوسط، وفيه: سعيد بن رحمة، وهو ضعيف)) (2).

الطريق الثالث: عَمْرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس مرفوعاً

أخرجه الطبرانيّ في المعجم الكبير (11/ 114 رقم 11216) قَالَ:

حَدَّثنَا ابن حنبل قَالَ: حَدَّثنَا محمد بن أبان الواسطي قَالَ: حَدَّثنَا أبو شهاب عن أبي محمد الجزري - وهو حمزة النصيبي - عن عَمْرو بن

(1) المجروحين (1/ 328)، وانظر: ميزان الاعتدال (3/ 199)، المغني في الضعفاء (1/ 258 رقم 2381)، لسان الميزان (3/ 28).

(2)

مجمع الزوائد (4/ 117).

ص: 57

دينار عن ابن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعان بباطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئ من ذمة الله، وذمة رسوله. ومن مشى إلى سلطان الله ليذله، أذله الله مع ما يدخر له من الخزي يوم القيامة، سلطان الله: كتاب الله وسنة نبيه. ومن تولى من أمراء المسلمين شيئاً فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله، فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين ومن ترك حوائج الناس لم ينظر الله في حاجته حتى يقضي حوائجهم ويؤدي إليهم بحقهم، ومن أكل درهم ربا فهوَ ثلاث وثلاثين زنية، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى بهِ)).

2 -

دراسةُ رجال الإسناد:

1 -

عَمْرو بن دينار هو: المكي، أبو محمد الجُمحي، متفق على ثقته وجلالته، روى له الجماعة، مات سنة خمس وعشرين ومائة (1).

2 -

وأبو محمد الجزري هو حمزة بن أبي حمزة الجعفي الجزري النصيبي، واسم أبيه ميمون وقيل عَمْرو، متفق على أنه متروك، وَقَالَ ابن عدي:((يضع الحَدِيث .. وكل ما يرويه أو عامته مناكير موضوعة والبلاء منه)) (2)، روى له الترمذي (3).

3 -

دراسةُ الإسناد والحكم عليه:

هذا الحَدِيث بهذا الإسناد ضعيف جداً:

1 -

فأبو محمد الجزري متروك، ورماه ابن عدي وغيرهُ بوضع الحَدِيث.

2 -

وتفرده عن عَمْرو بن دينار مما يزيد روايته وهناً على وهنها.

(1) انظر: تهذيب الكمال (22/ 5 - 13).

(2)

الكامل (2/ 377).

(3)

تهذيب التهذيب (3/ 25)،تقريب التهذيب (ص 179 رقم 1519).

ص: 58

قَالَ ابنُ رَجَب: ((أصحاب عَمْرو بن دينار

)) (1). ثم ذكر أقوال النقاد في بيان وعدّ أصحاب أصحاب عَمْرو فممن ذُكر: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وشعبة بن الحجاج، ابن جريج، فأين هم عن هذه الرواية! حتى يتفرد بها متروك!.

وَقَالَ الهيثميُّ: ((فيه أبو محمد الجرزي حمزة ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح)) (2).

قلتُ: كذا قَالَ في هذا الموضع! وقد ذكره في عدة مواضع من كتابه وَقَالَ: ((حمزة النصيبي وهو متروك)) (3)، ويبدو أنه اشتبه عليه الاسم فلم يعرفه، علماً أنه في معجم الطبراني:((عن أبي محمد الجزري - وهو حمزة النصيبي -)) كذا منسوباً، وربما لم ينسب في النسخة التي نقل منه الهيثمي والله أعلم.

الطريق الرابع: الأوزاعيُّ عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن عَبَّاس - موقوفاً عليه -

قَالَ ابن أبي حاتم: ((وسَألتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِير، عَنْ عَبْد اللَهُ بنِ زَيْد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرّبَا بِضْعٌ وسَبْعُونَ بَابَاً، قَالَ أبي: رَوَاهُ الأَوْزَاعِيّ عَنْ يَحْيَى بن أَبِي كَثِير، عَنْ ابن عَبَّاس قولَهُ: إنَّ الرّبَا بِضْعٌ وسَبْعُونَ بَابَاً، قَالَ أَبِي: هَذَا أَشْبَهُ، واللَهُ أَعْلَم)) (4).

(1) شرح علل الترمذيّ (2/ 684).

(2)

مجمع الزوائد (5/ 212).

(3)

انظر: مجمع الزوائد (4/ 66)، (5/ 23)، (6/ 286).

(4)

العلل (1/ 372 رقم 1105)

ص: 59

ولم أجد من أخرج هذا الوجه.

فخُلاصة الكلام على حَدِيث ابن عَبَّاس أنّه لا يصح، ولا يعتمد عليه في الشواهد والمتابعات فجميع طرقه تدور على ضعفاء ومتروكين وكذابين، وأوجه معلولة، وغرائب عن أئمة مشاهير يُجمع حديثهم.

ص: 60