الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَأَى مَا عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً ".» أَيْ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يَشُقُّ عَلَيْكُمْ لَكُنْتُ تَرَكْتُ سَوْقَ الْهَدْيِ حَتَّى أَحِلَّ كَمَا أَحْلَلْتُمْ. وَمِنْ هَاهُنَا تَتَّضِحُ الدَّلَالَةُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَخْذًا مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا أَشُكُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا، وَلَكِنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ لِتَأَسُّفِهِ عَلَيْهِ. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ، عليه الصلاة والسلام، لَمْ يَتَأَسَّفْ عَلَى التَّمَتُّعِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَانِ فِي حَقِّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَإِنَّمَا تَأَسَّفَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي بَقَائِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ وَأَمْرِهِ لَهُمْ بِالْإِحْلَالِ، وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا تَأَمَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا السِّرَّ، نَصَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ عَلَى أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ ; لِأَمْرِهِ، عليه الصلاة والسلام، مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالتَّمَتُّعِ، وَأَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ كَمَا اخْتَارَ اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَمْرِهِ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[نُزُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ شَرْقِيَّ مَكَّةَ]
فَصْلٌ (نُزُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ شَرْقِيَّ مَكَّةَ)
ثُمَّ سَارَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَوَافِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمْرِهِ بِالْفَسْخِ لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ، وَالنَّاسُ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ بِالْأَبْطَحِ شَرْقِيَّ مَكَّةَ فَأَقَامَ هُنَالِكَ بَقِيَّةَ يَوْمِ الْأَحَدِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ، حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ هُنَالِكَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى الْكَعْبَةِ مِنْ