المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في كيفية الوقعة وما كان في أول الأمر من الفرار ثم كانت العاقبة للمتقين] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٧

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[غَزْوَةُ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ]

- ‌[اسْتِعْدَادُ الْفَرِيقَيْنِ لِلْغَزْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ]

- ‌[هَزِيمَةُ هَوَازِنَ]

- ‌[أَمْرُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِجَمْعِ الْغَنَائِمِ]

- ‌[مُرُورُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَرْأَةِ الَّتِي قَتَلَهَا خَالِدٌ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَوْطَاسٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَسَرِيَّةِ أَوْطَاسٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ]

- ‌[غَزْوَةُ الطَّائِفِ]

- ‌[فِي مَرْجِعِهِ عليه الصلاة والسلام عَنِ الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ]

- ‌[ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ]

- ‌[ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَيْهِ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ]

- ‌[عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ]

- ‌[إِسْلَامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ وَذِكْرُ قَصِيدَتِهِ]

- ‌[الْحَوَادِثُ الْمَشْهُورَةُ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ تَبُوكَ]

- ‌[أَسْبَابُ الْغَزْوَةِ وَتَجْهِيزُ الْجَيْشِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ تَخَلَّفَ مَعْذُورًا مِنَ الْبَكَّائِينَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[خُرُوجُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ وَخَلْفَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ]

- ‌[ذِكْرُ مُرُورِهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَهَابِهِ إِلَى تَبُوكَ بِمَسَاكِنِ ثَمُودَ وَصَرْحَتِهِمْ بِالْحِجْرِ]

- ‌[ذِكْرُ خُطْبَتِهِ عليه الصلاة والسلام إِلَى تَبُوكَ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[قُدُومُ رَسُولِ قَيْصَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ]

- ‌[ذِكْرُ مُصَالَحَتِهِ عليه الصلاة والسلام مَلِكَ أَيْلَةَ وَأَهْلَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ]

- ‌[بَعْثُهُ عليه الصلاة والسلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ]

- ‌[إِقَامَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ]

- ‌[قِصَّةُ مَسْجِدِ الضِّرَارِ]

- ‌[ذِكْرُ أَقْوَامٍ تَخَلَّفُوا مِنَ الْعُصَاةِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ بَعْدَ رُجُوعِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ]

- ‌[قُدُومُ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ]

- ‌[غَزْوَةُ تَبُوكَ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ]

- ‌[الْأُمُورُ الْحَادِثَةُ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوُفُودِ الْوَارِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بِدَايَةُ مَقْدَمِ الْوُفُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثٌ فِي فَضْلِ بَنِي تَمِيمٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ]

- ‌[قِصَّةُ ثُمَامَةَ وَوَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَمَعَهُمْ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابِ]

- ‌[وَفْدُ أَهْلِ نَجْرَانَ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدَ بْنِ قَيْسٍ]

- ‌[قُدُومُ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَافِدًا عَلَى قَوْمِهِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ]

- ‌[قُدُومُ ضِمَامٍ الْأَسَدِيِّ]

- ‌[وَفْدُ طَيِّئٍ مَعَ زَيْدِ الْخَيْلِ]

- ‌[قِصَّةُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ]

- ‌[قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو]

- ‌[قُدُومُ الْأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ]

- ‌[قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ]

- ‌[وُفُودُ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ]

- ‌[قُدُومُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ فِي أُنَاسٍ مِنْ زُبَيْدٍ]

- ‌[قُدُومُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ]

- ‌[قُدُومُ أَعْشَى بَنِي مَازِنٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قُدُومُ صُرَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ ثُمَّ وُفُودِ أَهِلِ جُرَشَ بَعْدَهُمْ]

- ‌[قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قُدُومُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ]

- ‌[وِفَادَةُ وَائِلِ بْنِ حُجْرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَحَدِ مُلُوكِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وِفَادَةُ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْمُنْتَفِقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وِفَادَةُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ رضي الله عنه]

- ‌[وِفَادَةُ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ الْبَكْرِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وِفَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ مَعَ قَوْمِهِ]

- ‌[قُدُومُ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ]

- ‌[قُدُومُ وَافِدِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ صَاحِبِ بِلَادِ مُعَانَ بِإِسْلَامِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قُدُومُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِخْبَارُهُ إِيَّاهُ بِأَمْرِ الْجَسَّاسَةِ وَمَا سَمِعَ مِنَ الدَّجَّالِ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي عَبْسٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي مُرَّةَ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي مُحَارِبٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي كِلَابٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي رُؤَاسِ بْنِ كِلَابٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي عُقَيْلِ بْنِ كَعْبٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي قُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي الْبَكَّاءِ]

- ‌[وَفْدُ كِنَانَةَ]

- ‌[وَفْدُ أَشْجَعَ]

- ‌[وَفْدُ بَاهِلَةَ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[وِفَادَاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ]

- ‌[وَفْدُ تُجِيبَ]

- ‌[وَفْدُ خَوْلَانَ]

- ‌[وَفْدُ جُعْفِيٍّ]

- ‌[وَفْدُ الصَّدِفِ]

- ‌[وَفْدُ خُشَيْنٍ]

- ‌[وَفْدُ بَنِي سَعْدٍ]

- ‌[وَافِدُ السِّبَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وُفُودُ الْجِنِّ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ]

- ‌[بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأُمَرَاءَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ]

- ‌[بَعْثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[حَجَّةُ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ]

- ‌[حَجَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ كَانَتْ]

- ‌[بَيَانُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَهَا ثَلَاثَ عُمَرٍ]

- ‌[تَارِيخُ خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[صِفَةُ خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ]

- ‌[صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ]

- ‌[الْمَوْضِعُ الَّذِي أَهَلَّ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[بَسْطُ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه الصلاة والسلام فِي حَجَّتِهِ هَذِهِ مِنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ قَالَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُتَمَتِّعًا]

- ‌[ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ قَارِنًا وَسَرْدُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي قَالَتْ أَنَّ النَّبِيَّ أَفْرَدَ بِالْحَجِّ وَالرِّوَايَاتِ الَّتِي قَالَتْ أَنَّهُ حَجَّ قَارِنًا]

- ‌[الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا]

- ‌[ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ]

- ‌[صِفَةُ طَوَافِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ]

- ‌[ذِكْرُ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ السَّعْيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالرَّدُّ عَلَيْهِمْ]

- ‌[نَقْلُ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ هَلْ لَهُ فَسْخٌ أَمْ لَا]

- ‌[نُزُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ شَرْقِيَّ مَكَّةَ]

- ‌[قُدُومُ عَلِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ وَإِيجَادُهُ فَاطِمَةَ قَدْ حَلَّتْ]

- ‌[رُكُوبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَاصِدًا إِلَى مِنًى قَبْلَ الزَّوَالِ]

- ‌[مَا حُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ، عليه الصلاة والسلام وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ]

- ‌[ذِكْرُ مَا نَزَلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الْمُنِيفِ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ]

- ‌[ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ عليه الصلاة والسلام، مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ]

- ‌[تَقْدِيمُهُ صلى الله عليه وسلم الضَّعَفَةَ مِنْ أَهْلِهِ بِاللَّيْلِ فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ]

- ‌[ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِ عليه الصلاة والسلام بِالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[وُقُوفُهُ عليه السلام بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ]

- ‌[ذِكْرُ رَمْيِهِ عليه الصلاة والسلام جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَكَيْفَ رَمَاهَا وَمَتَى رَمَاهَا]

- ‌[انْصِرَافُ النَّبِيِّ إِلَى الْمَنْحَرِ وَنَحْرُهُ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ]

- ‌[صِفَةُ حَلْقِهِ رَأْسَهُ الْكَرِيمَ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ]

- ‌[فِي لُبْسِهِ صلى الله عليه وسلم ثِيَابِهِ وَتَطَيُّبِهِ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ]

- ‌[ذِكْرُ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ]

- ‌[اكْتِفَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالطَّوَافِ الْأَوَّلِ]

- ‌[رُجُوعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مِنًى بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ]

- ‌[خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيَّامَ مِنًى]

- ‌[نُزُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ]

- ‌[الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام خَطَبَ النَّاسَ بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

- ‌[ذِكْرُ إِيرَادِ حَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى]

- ‌[تَسْمِيَةُ أَيَّامِ الْحَجِّ]

- ‌[خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ]

- ‌[إِيرَادُ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام خَطَبَ بِمَكَانٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

الفصل: ‌[فصل في كيفية الوقعة وما كان في أول الأمر من الفرار ثم كانت العاقبة للمتقين]

الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ:" أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ ". فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلَالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، وَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟ " قَالَ: لَا، إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ أَوْجَبَتْ فَلَا عَلَيْكَ أَلَّا تَعْمَلَ بَعْدَهَا» وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الْحَرَّانِيِّ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ بِهِ.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ]

قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «فَخَرَجَ مَالِكُ

ص: 14

بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا فِي مَضَايِقِ الْوَادِي وَأَحْنَائِهِ، وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى انْحَطَّ بِهِمُ الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا انْحَطَّ النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْخَيْلُ فَشَدَّتْ عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لَا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ هَلُمُّوا إِلَيَّ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: فَلَا شَيْءَ، وَرَكِبَتِ الْإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَ النَّاسِ، وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ - وَقِيلَ الْفُضَيْلُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ - وَأَيْمَنُ ابْنُ أَمِّ أَيْمَنَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَمِنِ النَّاسِ مَنْ يَزِيدُ فِيهِمْ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَهُوَ عَلَيْهَا قَدْ شَجَرَهَا. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ طَوِيلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ، وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ إِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَاتَّبَعُوهُ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ

ص: 15

كَذَلِكَ إِذْ هَوَى لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُرِيدَانِهِ. قَالَ: فَيَأْتِي عَلِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُرْقُوبَيِ الْجَمَلِ، فَوَقَعَ عَلَى عَجُزِهِ، وَوَثَبَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى الرَّجُلِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَانْعَجَفَ عَنْ رَحْلِهِ. قَالَ: وَاجْتَلَدَ النَّاسُ، فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ مِنْ هَزِيمَتِهِمْ حَتَّى وَجَدُوا الْأُسَارَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ مِمَّنْ صَبَرَ يَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ حَسَنَ الْإِسْلَامِ حِينَ أَسْلَمَ وَهُوَ آخِذٌ بِثَفَرِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: ابْنُ أُمِّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ تَكَلَّمَ رِجَالٌ مَنَّ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنِ الضِّغْنِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَكَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدُ

ص: 16

مَدْخُولًا، وَكَانَتِ الْأَزْلَامُ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ -: لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبَحْرِ، وَصَرَخَ كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ - يَعْنِي لِأُمِّهِ - وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ. فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: اسْكُتْ، فَضَّ اللَّهُ فَاكَ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَجَعَلُوهَا صُفُوفًا يُكَثِّرُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا الْتَقَوْا وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عِبَادَ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ". ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ " قَالَ: فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يُضْرَبْ بِسَيْفٍ وَلَمْ يُطْعَنْ بِرُمْحٍ. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ: " مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ ". قَالَ: فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ، فَأُجْهِضَتْ عَنْهُ، فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا. قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَا يُفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ وَيُعْطِيكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ عُمَرُ ".» قَالَ: «وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَمَا تَسْمَعُ مَا تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ؛ انْهَزَمُوا بِكَ. فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» .

وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْهُ قِصَّةَ خِنْجَرِ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ قَوْلَهُ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ. وَقَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا مُسْتَغْرَبٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ثَنَا أَبِي، ثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ شَهِدَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ: يَا أَبَا حَمْزَةَ بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ بُعِثَ؟ فَقَالَ: ابْنَ أَرْبَعِينَ

ص: 17

سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ. قَالَ: بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ هُوَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كَأَشَبِّ الرِّجَالِ وَأَحْسَنِهِ وَأَجْمَلِهِ وَأَلْحَمِهِ. قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ وَهَلْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْتُ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ بَكْرَةً، فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا، وَفِي الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا وَيَحْطِمُنَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ فَوَلَّوْا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَى الْفَتْحَ، فَجُعِلَ يُجَاءُ بِهِمْ أُسَارَى رَجُلًا رَجُلًا فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا، لَئِنْ جِيءَ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمِ يَحْطِمُنَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجِيءَ بِالرَّجُلِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، تُبْتُ إِلَى اللَّهِ. قَالَ: وَأَمْسَكَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَايِعَهُ لِيُوفِيَ الْآخَرُ نَذَرَهُ. قَالَ: وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ، وَيَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، نَذْرِي؟! قَالَ:" لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ إِلَّا لِتُوفِيَ نَذْرَكَ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ؟ قَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِيَ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

ص: 19

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ ثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ: " اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ» إِسْنَادُهُ ثُلَاثِيٌّ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا غُنْدَرٌ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ «سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ - فَقَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفِرَّ; كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلَنَا عَلَيْهِمُ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ: " أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ ".» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ وَقَالَ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ

أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ: ثُمَّ نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ. زَادَ مُسْلِمٌ: وَأَبِي مُوسَى. كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ بِهِ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ

ص: 20

قَالَ: «ثُمَّ نَزَلَ فَاسْتَنْصَرَ وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ

أَنَا ابْنُ عَبْدُ الْمُطَّلِبْ

اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ ". قَالَ الْبَرَاءُ: وَلَقَدْ كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الشُّجَاعَ الَّذِي يُحَاذِي بِهِ.» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَئِذٍ:«أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» .

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَسْفَاطِيُّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ سَيَابَةَ بْنِ عَاصِمٍ السُّلَمِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: " أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ

ص: 21

وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، عز وجل. ثُمَّ رَجَعُوا، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ " فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، فَقُمْتُ فَقَالَ:" مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ " فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ، سَلَبُهُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ فَأَعْطِهِ ". فَأَعْطَانِيهِ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ» وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا النَّسَائِيَّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَآخَرُ

ص: 22

مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ، فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي فَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ، فَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ فَلَهُ سَلَبُهُ " فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا لَا يُعْطِيهِ أُضَيْبِعًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَيَدَعُ أَسَدًا مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ بِهِ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ» وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمُسْلِمٌ كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْقَائِلَ لِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَعَلَّهُ

ص: 23

قَالَهُ مُتَابَعَةً لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُسَاعَدَةً وَمُوَافِقَةً لَهُ، أَوْ قَدِ اشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ أَنْبَأَنَا الْأَصَمُّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى: " يَا عَبَّاسُ، نَادِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ ". فَأَجَابُوهُ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَذْهَبُ لِيَعْطِفَ بِعِيرَهُ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَيَقْذِفُ دِرْعَهُ فِي عُنُقِهِ، وَيَأْخُذُ سَيْفَهُ وَقَوْسَهُ، ثُمَّ يَؤُمُّ الصَّوْتَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ مِائَةٌ، فَاسْتَعْرَضَ النَّاسَ فَاقْتَتَلُوا، وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ أَوَّلَ مَا كَانَتْ بِالْأَنْصَارِ، ثُمَّ جُعِلَتْ آخِرًا بِالْخَزْرَجِ، وَكَانُوا صُبُرًا عِنْدَ الْحَرْبِ، وَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكَائِبِهِ فَنَظَرَ إِلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ فَقَالَ:" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ ". قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ إِلَّا وَالْأُسَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُكَتَّفُونَ، فَقَتَلَ اللَّهُ مِنْهُمْ مَنْ

ص: 24

قَتَلَ، وَانْهَزَمَ مِنْهُمْ مَنِ انْهَزَمَ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَمْوَالَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ.» .

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي " مَغَازِيهِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ وَأَقَرَّ بِهَا عَيْنَهُ، خَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ، وَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا رَكِبَانًا وَمُشَاةً حَتَّى خَرَجَ النِّسَاءُ يَمْشِينَ عَلَى غَيْرِ دِينٍ نُظَّارًا يَنْظُرُونَ وَيَرْجُونَ الْغَنَائِمَ، وَلَا يَكْرَهُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّدْمَةُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، قَالُوا: وَكَانَ مَعَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً، وَهُوَ مُشْرِكٌ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. قَالُوا: وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ يَرْعَشُ مِنَ الْكِبَرِ، وَمَعَهُ النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ وَالنَّعَمُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ عَيْنًا، فَبَاتَ فِيهِمْ، فَسَمِعَ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: إِذَا أَصْبَحْتُمْ فَاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَاكْسِرُوا أَغْمَادَ سُيُوفِكُمْ، وَاجْعَلُوا مَوَاشِيَكُمْ صَفًّا وَنِسَاءَكُمْ صَفًّا. فَلَمَّا أَصْبَحُوا اعْتَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَصَفْوَانُ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَرَاءَهُمْ يَنْظُرُونَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّائِرَةُ، وَصَفَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغْلَةً لَهُ شَهْبَاءَ فَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ، فَأَمَرَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَبَشَّرَهُمْ بِالْفَتْحِ إِنْ صَبَرُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ حَمَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً، ثُمَّ وَلَّوْا

ص: 25

مُدْبِرِينَ، فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ: لَقَدْ حَزَرْتُ مَنْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَدْبَرَ النَّاسُ، فَقُلْتُ: مِائَةُ رَجُلٍ. قَالُوا: وَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِهَزِيمَةِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَوَاللَّهِ لَا يَجْتَبِرُونَهَا أَبَدًا. فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: تُبَشِّرُنِي بِظُهُورِ الْأَعْرَابِ! فَوَاللَّهِ لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَبٍّ مِنَ الْأَعْرَابِ. وَغَضِبَ صَفْوَانُ لِذَلِكَ. قَالَ مُوسَى: وَبَعَثَ صَفْوَانُ غُلَامًا لَهُ فَقَالَ: اسْمَعْ لِمَنِ الشِّعَارُ؟ فَجَاءَهُ فَقَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ. وَكَانَ ذَلِكَ شِعَارَهُمْ فِي الْحَرْبِ. قَالُوا: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا غَشِيَهُ الْقِتَالُ قَامَ فِي الرِّكَابَيْنِ وَهُوَ عَلَى الْبَغْلَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ يَدْعُوهُ يَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْنَا ". وَنَادَى أَصْحَابَهُ وَذَمَّرَهُمْ: " يَا أَصْحَابَ الْبَيْعَةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ اللَّهَ اللَّهَ، الْكَرَّةَ عَلَى نَبِيِّكُمْ ". وَيُقَالُ: حَرَّضَهُمْ فَقَالَ: " يَا أَنْصَارَ اللَّهِ وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، يَا بَنِي الْخَزْرَجِ، يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ". وَأَمَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يُنَادِي بِذَلِكَ. قَالُوا: وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَحَصَبَ بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ وَنَوَاحِيَهُمْ كُلَّهَا، وَقَالَ:" شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ إِلَيْهِ سِرَاعًا يَبْتَدِرُونَ، وَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ ". فَهَزَمَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَصَبَهُمْ مِنْهَا، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ، وَغَنَّمَهُمُ اللَّهُ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَفَرَّ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ الطَّائِفِ هُوَ وَأُنَاسٌ

ص: 26

مِنْ أَشْرَافِ قَوْمِهِ، وَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ رَأَوْا نَصْرَ اللَّهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِعْزَازَهُ دِينَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ لَا نُفَارِقُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ. قَالَ الْعَبَّاسُ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِهَا أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرِعَ وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيْ عَبَّاسُ نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ ". قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا عَطَفْتُهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةَ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَاهُ يَا لَبَّيْكَاهُ، قَالَ: فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ فِي الْأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ. ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ:" هَذَا حِينُ حَمِيَ الْوَطِيسُ ". ثُمَّ أَخَذَ

ص: 27

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ:" انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ". قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا، وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِهِ نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ تَقَدَّمْتُ فَأَعْلُو ثَنِيَّةً فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، وَتَوَارَى عَنِّي، فَمَا دَرَيْتُ مَا صَنَعَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَصَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَلَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ مُتَّزِرًا بِإِحْدَاهُمَا مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى، قَالَ: فَاسْتَطْلَقَ إِزَارِي فَجَمَعْتُهَا جَمْعًا وَمَرَرْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُنْهَزِمٌ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ رَأَى ابْنُ الْأَكْوَعِ فَزَعًا ". فَلَمَّا غَشَوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، وَقَالَ:" شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا مِنْ تِلْكَ الْقُبْضَةِ، فَوَلَّوْا

ص: 28

مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.» .

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ ": ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُنَيْنٍ، فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلَالِ السَّمُرِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْتُ لَأْمَتِي، وَرَكِبْتُ فَرَسِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي فُسْطَاطِهِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَدْ حَانَ الرَّوَاحُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" أَجَلْ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قُمْ يَا بِلَالُ ". فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ. فَقَالَ:" أَسْرِجْ لِي فَرَسِي ". فَأَتَاهُ بِدَفَّتَيْنِ مِنْ لِيفٍ لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ وَلَا بَطَرٌ. قَالَ: فَرَكِبَ فَرَسَهُ فَسِرْنَا يَوْمَنَا، فَلَقِينَا الْعَدُوَّ، وَتَشَامَتَ الْخَيْلَانِ، فَقَاتَلْنَاهُمْ فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" يَا عِبَادَ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ". وَاقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسِهِ، وَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنَةً مِنَ التُّرَابِ، فَحَثَى بِهَا وَجُوهَ الْعَدُوِّ وَقَالَ:" شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: فَحَدَّثَنَا أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ

ص: 29

آبَائِهِمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ مِنِ التُّرَابِ، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ، كَمَرِّ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الْجَدِيدِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عز وجل» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي " سُنَنِهِ " عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ نَحْوَهُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ، وَثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا مَنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَنَكَصْنَا عَلَى أَقْدَامِنَا نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ قَدَمًا، وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السِّكِّينَةَ. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قُدُمًا، فَحَادَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ، فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ، فَقُلْتُ لَهُ: ارْتَفِعْ رَفْعَكَ اللَّهُ. فَقَالَ: " نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ ". فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ فَامْتَلَأَتْ أَعْيُنُهُمْ تُرَابًا قَالَ " أَيْنَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ؟ " قُلْتُ هُمْ أُولَاءِ. قَالَ: " اهْتِفْ بِهِمْ ". فَهَتَفْتُ بِهِمْ فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُبُ، وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَنْطَرِيُّ ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 30

الطَّائِفِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ: وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَفَّا مِنْ حَصًى، فَرَمَى بِهَا وُجُوهَنَا فَانْهَزَمْنَا» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ " وَلَمْ يَنْسِبْ عِيَاضًا.

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَوْفٌ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَمِّ بُرْثُنٍ «عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ، لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا غَشِينَاهُ، فَإِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَارْجِعُوا. فَهُزِمْنَا مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بَدَلٍ النَّصْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ شَهِدَ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَعَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ قَالَ: «انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فِلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَبَّاسٌ وَأَبُو

ص: 31

سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ. قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ. قَالَ: فَانْهَزَمْنَا فَمَا خُيِّلَ إِلَيْنَا إِلَّا أَنَّ كُلَّ حَجَرٍ أَوْ شَجَرِ فَارِسٌ يَطْلُبُنَا. قَالَ الثَّقَفِيُّ: فَأَعْجَزْتُ عَلَى فَرَسِي حَتَّى دَخَلْتُ الطَّائِفَ.» .

وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي " مَغَازِيهِ " عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ زَيْدٌ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكُدَيْمِيِّ ثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ يَسَارٍ الطَّائِفِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ السُّوَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «عِنْدَ انْكِشَافَةٍ انْكَشَفَهَا الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَتَبِعَهُمُ الْكُفَّارُ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْضَةً مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ وَقَالَ: " ارْجِعُوا شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". فَمَا أَحَدٌ يَلْقَى أَخَاهُ إِلَّا وَهُوَ يَشْكُو قَذًى فِي عَيْنَيْهِ.» .

ص: 32

ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ يَسَارٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي السَّائِبُ بْنُ يَسَارٍ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ عَامِرٍ السُّوَائِيَّ - وَكَانَ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ - قَالَ: فَنَحْنُ نَسْأَلُهُ عَنِ الرُّعْبِ الَّذِي أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَيْفَ كَانَ؟ قَالَ: فَكَانَ يَأْخُذُ لَنَا بِحَصَاةٍ فَيَرْمِي بِهَا فِي الطَّسْتِ فَيَطِنُّ. قَالَ: كُنَّا نَجِدُ فِي أَجْوَافِنَا مِثْلَ هَذَا.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثَنَا الْعَبَّاسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِسْلَامٌ وَلَا مَعْرِفَةٌ بِهِ، وَلَكِنْ أَبَيْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَى خَيْلًا بُلْقًا. فَقَالَ: " يَا شَيْبَةُ إِنَّهُ لَا يَرَاهَا إِلَّا كَافِرٌ ". فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ ". ثُمَّ ضَرَبَهَا الثَّانِيَةَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ ". ثُمَّ ضَرَبَهَا الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ ". قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ» ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْتِقَاءِ النَّاسِ، وَانْهِزَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَنِدَاءِ الْعَبَّاسِ وَاسْتِنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ.

ص: 33

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ:«لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ قَدْ عُرِّيَ، ذَكَرْتُ أَبِي وَعَمِّي، وَقَتْلَ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ إِيَّاهُمَا، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَذَهَبْتُ لِأَجِيئَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَائِمًا، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ يَنْكَشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ، فَقُلْتُ: عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ أَسَاوِرَهُ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ إِذْ رُفِعَ شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، كَأَنَّهُ بَرْقٌ، فَخِفْتُ أَنْ يَمْحَشَنِي، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي وَمَشَيْتُ الْقَهْقَرَى، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " يَا شَيْبُ يَا شَيْبُ، ادْنُ مِنِّي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ ". قَالَ فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي. فَقَالَ: " يَا شَيْبُ، قَاتِلِ الْكُفَّارَ» .

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: قُلْتُ: «الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي - وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ - الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا. قَالَ: فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَقْتُلَهُ، فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي،

ص: 34

فَلَمْ أُطِقْ ذَاكَ وَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنِّي» .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ:«إِنَّا لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ وَالنَّاسُ يَقْتَتِلُونَ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى مِثْلِ الْبِجَادِ الْأَسْوَدِ يَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ، فَإِذَا نَمْلٌ مَنْثُورٌ قَدْ مَلَأَ الْوَادِي، فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا هَزِيمَةُ الْقَوْمِ، فَمَا كُنَّا نَشُكُّ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهِ. وَزَادَ: فَقَالَ خَدِيجُ بْنُ الْعَوْجَاءِ النَّصْرِيُّ - يَعْنِي فِي ذَلِكَ -:

وَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ حُنَيْنٍ وَمَائِهِ

رَأَيْنَا سَوَادًا مُنْكَرَ اللَّوْنِ أَخْصَفَا

بِمَلْمُومَةٍ شَهْبَاءَ لَوْ قَذَفُوا بِهَا

شَمَارِيخَ مِنْ عَرْوَى إِذًا عَادَ صَفْصَفَا

وَلَوْ أَنَّ قَوْمِي طَاوَعَتْنِي سَرَاتُهُمْ

إِذًا مَا لَقِينَا الْعَارِضَ الْمُتَكَشِّفَا

إِذًا مَا لَقِينَا جُنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ

ثَمَانِينَ أَلْفًا وَاسْتَمَدُّوا بِخِنْدِفَا

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ شِعْرِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ رَئِيسِ هَوَازِنَ يَوْمَ

ص: 35

الْقِتَالِ وَهُوَ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:

أَقْدِمْ مُحَاجُ إِنَّهُ يَوْمٌ نُكُرْ

مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي وَيَكُرْ

إِذَا أُضِيعَ الصَّفُّ يَوْمًا وَالدُّبُرْ

ثُمَّ احْزَأَلَّتْ زُمَرٌ بَعْدَ زُمَرْ

كَتَائِبُ يَكِلُّ فِيهِنَّ الْبَصَرْ

قَدْ أَطْعُنُ الطَّعْنَةَ تَقْذِي بِالسُّبُرْ

حِينَ يُذَمُّ الْمُسْتَكِينُ الْمُنْجَحِرْ

وَأَطْعُنُ النَّجْلَاءَ تَعْوِي وَتَهِرْ

لَهَا مِنَ الْجَوْفِ رَشَاشٌ مُنْهَمِرْ

تَفْهَقُ تَارَاتٍ وَحِينًا تَنْفَجِرْ

وَثَعْلَبُ الْعَامِلِ فِيهَا مُنْكَسِرْ

يَا زَيْنُ يَابْنَ هَمْهَمٍ أَيْنَ تَفِرْ

قَدْ نَفِدَ الضِّرْسُ وَقَدْ طَالَ الْعُمُرْ

قَدْ عَلِمَ الْبِيضُ الطَّوِيلَاتُ الْخُمُرْ

أَنِّي فِي أَمْثَالِهَا غَيْرُ غَمِرْ

إِذْ تَخْرُجُ الْحَاضِنُ مِنْ تَحْتِ السُّتُرْ

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ مَالِكٍ

ص: 36

أَيْضًا حِينَ وَلَّى أَصْحَابُهُ مُنْهَزِمِينَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ، وَقِيلَ هِيَ لِغَيْرِهِ:

اذْكُرْ مَسِيرَهُمُ لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ

وَمَالِكٌ فَوْقَهُ الرَّايَاتُ تَخْتَفِقُ

وَمَالِكٌ مَالِكٌ مَا فَوْقَهُ أَحَدٌ

يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَيْهِ التَّاجُ يَأْتَلِقُ

حَتَّى لَقُوا النَّاسَ حِينَ الْبَأْسِ يَقْدُمُهُمْ

عَلَيْهِمُ الْبَيْضُ وَالْأَبْدَانُ وَالدَّرَقُ

فَضَارَبُوا النَّاسَ حَتَّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا

حَوْلَ النَّبِيِّ وَحَتَّى جَنَّهُ الْغَسَقُ

حَتَّى تَنَزَّلَ جِبْرِيلُ بِنَصْرِهِمُ

فَالْقَوْمُ مُنْهَزِمٌ مِنَّا وَمُعْتَلِقُ

مِنَّا وَلَوْ غَيْرُ جِبْرِيلَ يُقَاتِلُنَا

لَمَنَّعَتْنَا إِذًا أَسْيَافُنَا الْغُلُقُ

وَقَدْ وَفَى عُمَرُ الْفَارُوقُ إِذْ هَزَمُوا

بِطَعْنَةٍ بَلَّ مِنْهَا سَرْجَهُ الْعُلُقُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمْكَنَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 37

مِنْهُمْ، قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:

قَدْ غَلَبَتْ خَيْلُ اللَّهِ خَيْلَ اللَّاتِ

وَاللَّهُ أَحَقُّ بِالثَّبَاتْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَقَدْ أَنْشَدَنِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الرِّوَايَةِ لِلشِّعْرِ:

غَلَبَتْ خَيْلُ اللَّهِ خَيْلَ اللَّاتْ

وَخَيْلُهُ أَحَقُّ بِالثَّبَاتْ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ «فَلَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ مِنْ ثَقِيفٍ فِي بَنِي مَالِكٍ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا تَحْتَ رَايَتِهِمْ، وَكَانَتْ مَعَ ذِي الْخِمَارِ، فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبٍ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ، فَأَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا بَلَغَهُ قَتْلُهُ قَالَ: " أَبْعَدَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَبْغُضُ قُرَيْشًا» .

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَتَبَةَ أَنَّهُ قُتِلَ مَعَ عُثْمَانَ هَذَا غُلَامٌ لَهُ نَصْرَانِيٌّ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِيَسْلُبَهُ، فَإِذَا هُوَ أَغْرَلُ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّ ثَقِيفًا غُرْلٌ. قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِيُّ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَذْهَبَ عَنَّا فِي الْعَرَبِ، فَقُلْتُ: لَا تَقُلْ كَذَلِكَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، إِنَّمَا هُوَ غُلَامٌ لَنَا نَصْرَانِيٌّ. ثُمَّ جَعَلْتُ أَكْشِفُ لَهُ الْقَتْلَى فَأَقُولُ لَهُ: أَلَا تَرَاهُمْ مُخْتَتِنِينَ كَمَا تَرَى؟

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: «وَكَانَتْ رَايَةُ الْأَحْلَافِ مَعَ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ فَلَمَّا انْهَزَمَ

ص: 38

النَّاسُ أَسْنَدَ رَايَتَهُ إِلَى شَجَرَةٍ، وَهَرَبَ هُوَ وَبَنُو عَمِّهِ وَقَوْمُهُ، فَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْأَحْلَافِ غَيْرُ رَجُلَيْنِ; رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِيَرَةَ يُقَالُ لَهُ: وَهْبٌ. وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي كُبَّةَ يُقَالُ لَهُ: الْجُلَاحُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُ الْجُلَاحِ: " قُتِلَ الْيَوْمَ سَيِّدُ شَبَابِ ثَقِيفٍ، إِلَّا مَا كَانَ مِنِ ابْنِ هُنَيْدَةَ " يَعْنِي الْحَارِثَ بْنَ أُوَيْسٍ» .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ يَذْكُرُ قَارِبَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَفِرَارَهُ مِنْ بَنِي أَبِيهِ، وَذَا الْخِمَارِ وَحَبْسَهُ نَفْسَهُ وَقَوْمَهُ لِلْمَوْتِ:

أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ غَيْلَانَ عَنِّي

وَسَوْفَ إِخَالُ يَأْتِيهِ الْخَبِيرُ

وَعُرْوَةَ إِنَّمَا أُهْدِي جَوَابًا

وَقَوْلًا غَيْرَ قَوْلِكَمَا يَسِيرُ

بِأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدٌ رَسُولٌ

لِرَبٍّ لَا يَضِلُّ وَلَا يَجُورُ

وَجَدْنَاهُ نَبِيًّا مِثْلَ مُوسَى

فَكُلُّ فَتًى يُخَايِرُهُ مَخِيرُ

وَبِئْسَ الْأَمْرُ أَمْرُ بَنِي قُسِيٍّ

بِوَجٍّ إِذْ تُقُسِّمَتِ الْأُمُورُ

أَضَاعُوا أَمْرَهُمْ وَلِكُلِّ قَوْمٍ

أَمِيرٌ وَالدَّوَائِرُ قَدْ تَدُورُ

فَجِئْنَا أُسْدَ غَابَاتٍ إِلَيْهِمْ

جُنُودُ اللَّهِ ضَاحِيَةً تَسِيرُ

نَؤُمُّ الْجَمْعَ جَمْعَ بَنِي قَسِيٍّ

عَلَى حَنَقٍ نَكَادُ لَهُ نَطِيرُ

ص: 39

وَأُقْسِمُ لَوْ هُمُ مَكَثُوا لَسِرْنَا

إِلَيْهِمْ بِالْجُنُودِ وَلَمْ يَغُورُوا

فَكُنَّا أُسْدَ لِيَّةَ ثُمَّ حَتَّى

أَبَحْنَاهَا وَأَسْلَمَتِ النُّصُورُ

وَيَوْمٌ كَانَ قَبْلُ لَدَى حُنَيْنٍ

فَأَقْلَعَ وَالدِّمَاءُ بِهِ تَمُورُ

مِنَ الْأَيَّامِ لَمْ تَسْمَعْ كَيَوْمٍ

وَلَمْ يَسْمَعْ بِهِ قَوْمٌ ذُكُورُ

قَتَلْنَا فِي الْغُبَارِ بَنِي حُطَيْطٍ

عَلَى رَايَاتِهَا وَالْخَيْلُ زُورٌ

وَلَمْ يَكُ ذُو الْخِمَارِ رَئِيسَ قَوْمٍ

لَهُمْ عَقْلٌ يُعَاقِبُ أَوْ نَكِيرُ

أَقَامَ بِهِمْ عَلَى سَنَنِ الْمَنَايَا

وَقَدْ بَانَتْ لِمُبْصِرِهَا الْأُمُورُ

فَأَفْلَتَ مَنْ نَجَا مِنْهُمْ جَرِيضًا

وَقُتِّلَ مِنْهُمُ بَشَرٌ كَثِيرٌ

وَلَا يُغْنِي الْأُمُورَ أَخُو التَّوَانِي

وَلَا الْغَلِقُ الصُّرَيِّرَةُ الْحَصُورُ

أَحَانَهُمْ وَحَانَ وَمَلَّكُوهُ

أُمُورَهُمُ وَأَفْلَتَتِ الصُّقُورُ

بَنُو عَوْفٍ تَمِيحُ بِهِمْ جِيَادٌ

أُهِينَ لَهَا الْفَصَافِصُ وَالشَّعِيرُ

ص: 40

فَلَوْلَا قَارِبٌ وَبَنُو أَبِيهِ

تُقُسِّمَتِ الْمَزَارِعُ وَالْقُصُورُ

وَلَكِنَّ الرِّيَاسَةَ عُمِّمُوهَا

عَلَى يُمْنٍ أَشَارَ بِهِ الْمُشِيرُ

أَطَاعُوا قَارِبًا وَلَهُمْ جُدُودٌ

وَأَحْلَامٌ إِلَى عِزٍّ تَصِيرُ

فَإِنْ يُهْدَوْا إِلَى الْإِسْلَامِ يُلْفَوْا

أُنُوفَ النَّاسِ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ

فَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا فَهُمُ أَذَانٌ

بِحَرْبِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمُ نَصِيرُ

كَمَا حَكَّتْ بَنُو سَعْدٍ وَحَرْبٍ

بِرَهْطِ بَنِي غَزِيَّةَ عَنْقَفِيرُ

كَأَنَّ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ

إِلَى الْإِسْلَامِ ضَائِنَةٌ تَخُورُ

فَقُلْنَا أَسْلِمُوا إِنَّا أَخُوكُمُ

وَقَدْ بَرَأَتْ مِنَ الْإِحَنِ الصُّدُورُ

كَأَنَّ الْقَوْمَ إِذْ جَاءُوا إِلَيْنَا

مِنَ الْبَغْضَاءِ بَعْدَ السِّلْمِ عُورُ

ص: 41