المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ذكر زوجاته صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهن وأولاده عليهم السلام] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ مَرَضِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يُصَلِّيَ بِالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ احْتِضَارِهِ وَوَفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أُمُورٍ مُهِمَّةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَبْلَ دَفْنِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ]

- ‌[ذِكْرُ اعْتِرَافِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ]

- ‌[فَصْلُ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ]

- ‌[فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سِنِّهِ حَالَ وَفَاتِهِ]

- ‌[صِفَةُ غَسْلِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ كَفَنِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ دَفْنِهِ عليه الصلاة والسلام وَأَيْنَ دُفِنَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ كَانَ آخِرَ النَّاسِ بِهِ عَهْدًا عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مَتَى وَقَعَ دَفْنُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُصِيبَةِ الْعَظِيمَةِ بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ، عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمُورٍ وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ فِي رِثَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا يُورَثُ عَنْهُ]

- ‌[مَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةٌ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ " لَا نُورَثُ

- ‌[بَيَانُ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَا رَوَاهُ الصِّدِّيقُ وَمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الرَّافِضَةِ فِي مِيرَاثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ عَنْهُنَّ وَأَوْلَادِهِ عليهم السلام]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ خَطَبَهَا عليه الصلاة والسلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَوْلَادِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وَإِمَائِهِ وَذِكْرُ خَدَمِهِ وَكُتَّابِهِ وَأُمَنَائِهِ]

- ‌[إِمَاؤُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[خُدَّامُهُ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الَّذِينَ خَدَمُوهُ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرِ مَوَالِيهِ]

- ‌[كُتَّابُ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ ذُكِرَ مِنْ أُمَنَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَخْتَصُّ بِهَا فِي حَيَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْخَاتَمِ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ سَيْفِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ نَعْلِهِ الَّتِي كَانَ يَمْشِي فِيهَا عليه الصلاة والسلام]

- ‌[صِفَةُ قَدَحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ الَّتِي كَانَ عليه الصلاة والسلام يَكْتَحِلُ مِنْهَا]

- ‌[الْبُرْدَةُ]

- ‌[ذِكْرُ أَفَرَاسِهِ وَمَرَاكِيبِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ: إِيرَادُ مَا بَقِيَ عَلَيْنَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السِّيرَةِ الشَّرِيفَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّمَائِلِ]

- ‌[بَيَانُ خَلْقِهِ الظَّاهِرِ وَخُلُقِهِ الطَّاهِرِ]

- ‌[بَابُ مَا وَرَدَ فِي حُسْنِهِ الْبَاهِرِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَسَبِهِ الطَّاهِرِ]

- ‌[صِفَةُ لَوْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[صِفَةُ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِ]

- ‌[ذِكْرُ شَعْرِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي مَنْكِبَيْهِ وَسَاعِدَيْهِ وَإِبِطَيْهِ وَقَدَمَيْهِ وَكَعْبَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[صِفَةُ قَوَامِهِ عليه الصلاة والسلام وَطِيبِ رَائِحَتِهِ]

- ‌[صِفَةُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ لِأَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ وَرَدَتْ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ]

- ‌[حَدِيثُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ الطَّاهِرَةِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرَنًا]

- ‌[ذِكْرُ كَرَمِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تَوَاضُعُهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مِزَاحِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[بَابُ زُهْدِهِ عليه الصلاة والسلام وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الدُّنْيَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِبَادَتِهِ عليه الصلاة والسلام وَاجْتِهَادِهِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَجَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ صِفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْكُتُبِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ]

- ‌[كِتَابُ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفُهَا]

- ‌[الدَّلَائِلُ الْمَعْنَوِيَّةُ]

- ‌[الدَّلَائِلُ الْحِسِّيَّةُ]

- ‌[انْشِقَاقُ الْقَمَرِ]

- ‌[حَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ بَعْدَ مَغِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِيرَادِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ]

- ‌[مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ فِي بَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعْجِزَاتِ الْأَرْضِيَّةِ]

- ‌[بَابُ تَكْثِيرِهِ عليه الصلاة والسلام الْأَطْعِمَةَ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ]

- ‌[تَكْثِيرُهُ عليه الصلاة والسلام السَّمْنَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ]

- ‌[ضِيَافَةُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ قَصْعَةِ بَيْتِ الصِّدِّيقِ]

- ‌[قِصَّةُ جَابِرٍ وَدَيْنِ أَبِيهِ وَتَكْثِيرِهِ عليه الصلاة والسلام التَّمْرَ]

- ‌[قِصَّةُ سَلْمَانَ فِي تَكْثِيرِهِ صلى الله عليه وسلم الْقِطْعَةَ مِنَ الذَّهَبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ فِي مُكَاتَبَتِهِ]

- ‌[بَابُ انْقِيَادِ الشَّجَرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ حَنِينِ الْجِزْعِ شَوْقًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي كَفِّهِ عليه الصلاة والسلام]

الفصل: ‌[باب ذكر زوجاته صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهن وأولاده عليهم السلام]

[بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ عَنْهُنَّ وَأَوْلَادِهِ عليهم السلام]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 32]

[الْأَحْزَابِ: 32 - 34] . لَا خِلَافَ أَنَّهُ، عليه الصلاة والسلام، تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعٍ وَهُنَّ ; عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ التَّيْمِيَّةُ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيَّةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ الْعَامِرِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ الْمُصْطَلِقِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النَّضْرِيَّةُ الْإِسْرَائِيلِيَّةُ الْهَارُونِيَّةُ، رضي الله عنهن وَأَرْضَاهُنَّ. وَكَانَتْ لَهُ سُرِّيَّتَانِ ; وَهُمَا مَارِيَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ الْقِبْطِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ

ص: 201

إِبْرَاهِيمَ، عليه السلام، وَرَيْحَانَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ الْقُرَظِيَّةُ، أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهَا حُجِبَتْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا وَمُرَتَّبًا مِنْ حَيْثُ مَا وَقَعَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا مَجْمُوعًا مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، رحمهم الله، فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ: رَوَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، دَخَلَ مِنْهُنَّ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ. ثُمَّ ذَكَرَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَ اللَّاتِي ذَكَرْنَاهُنَّ، رضي الله عنهن. وَرَوَاهُ بَحْرُ بْنُ كَنِيزٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَرَوَاهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَرَوَى سَيْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، «عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ ; قَالَتْ: فَالْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ لَمَّ يَدْخُلْ بِهِمَا فَهُمَا ; عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ الْغِفَارِيَّةُ، وَالشَّنْبَاءُ ; فَأَمَّا عَمْرَةُ فَإِنَّهُ خَلَا بِهَا وَجَرَّدَهَا فَرَأَى بِهَا وَضَحًا، فَرَدَّهَا وَأَوْجَبَ لَهَا الصَّدَاقَ،

ص: 202

وَحُرِّمَتْ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا الشَّنْبَاءُ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَكُنْ يَسِيرَةً، فَتَرَكَهَا يَنْتَظِرُ بِهَا الْيُسْرَ، فَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ، قَالَتْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ يَمُتِ ابْنُهُ. فَطَلَّقَهَا وَأَوْجَبَ لَهَا الصَّدَاقَ، وَحُرِّمَتْ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَتْ: فَاللَّاتِي اجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ ; عَائِشَةُ، وَسَوْدَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ، وَأُمُّ شَرِيكٍ» .

قُلْتُ: وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً» . وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْدَى عِشْرَةَ اللَّاتِي كَانَ يَطُوفُ عَلَيْهِنَّ التِّسْعُ الْمَذْكُورَاتُ وَالْجَارِيَتَانِ مَارِيَةُ وَرَيْحَانَةُ.

وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الرُّصَافِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ - وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ

ص: 203

فِي " صَحِيحِهِ " عَنِ الْحَجَّاجِ هَذَا، وَأَوْرَدَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ طُرُقًا عَنْهُ - أَنَّ أَوَّلَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، زَوَّجَهُ إِيَّاهَا أَبُوهَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ - وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ عُمُرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. زَمَانَ بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ. وَقَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَزَادَ: وَلَهَا خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَانَ عُمُرُهُ، عليه الصلاة والسلام، يَوْمَئِذٍ ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ:«كَانَ عُمُرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَعُمُرُهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً.» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ عُمُرُهَا ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. رَوَاهُمَا ابْنُ عَسَاكِرَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ كَانَ عليه الصلاة والسلام ابْنَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً - فَوَلَدَتْ لَهُ الْقَاسِمَ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَالطَّيِّبَ، وَالطَّاهِرَ، وَزَيْنَبَ، وَرُقَيَّةَ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةَ.

قُلْتُ: وَهِيَ أُمُّ أَوْلَادِهِ كُلِّهِمْ سِوَى إِبْرَاهِيمَ فَمِنْ مَارِيَةَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى كُلِّ بِنْتٍ مِنْ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ تَزَوَّجَهَا، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ زَيْنَبَ تَزَوَّجَهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ

ص: 204

عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ خَدِيجَةَ، أُمُّهُ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا اسْمُهُ عَلِيٌّ، وَبِنْتًا اسْمُهَا أُمَامَةُ بِنْتُ زَيْنَبَ، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ، وَمَاتَ وَهِيَ عِنْدَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَمَّا رُقَيَّةُ فَتَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى أَوَّلًا، ثُمَّ اكْتَنَى بِابْنِهِ عَمْرٍو، وَمَاتَتْ رُقَيَّةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ، وَلَمَّا قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِالْبِشَارَةِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَاوَوُا التُّرَابَ عَلَيْهَا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ أَقَامَ عِنْدَهَا يُمَرِّضُهَا، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، ثُمَّ زَوَّجَهُ بِأُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ، وَلِهَذَا كَانَ يُقَالُ لَهُ: ذُو النُّورَيْنِ. فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا فَاطِمَةُ فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ كَمَا قَدَّمْنَا، فَوَلَدَتْ لَهُ حَسَنًا، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَحُسَيْنًا، وَهُوَ الْمَقْتُولُ شَهِيدًا بِأَرْضِ الْعِرَاقِ. قُلْتُ: وَيُقَالُ: وَمُحَسِّنًا. قَالَ: وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَقَدْ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ هَذِهِ ابْنُ عَمِّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَلِيًّا وَعَوْنًا، وَمَاتَتْ عِنْدَهُ، وَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ فَتَزَوَّجَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَوَلَدَتْ لَهُ زَيْدًا وَمَاتَ عَنْهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ بِبَنِي عَمِّهَا جَعْفَرٍ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ; تَزَوَّجَتْ بِعَوْنِ بْنِ جَعْفَرٍ فَمَاتَ عَنْهَا، فَخَلَفَ عَلَيْهَا أَخُوهُ مُحَمَّدٌ فَمَاتَ عَنْهَا، فَخَلَفَ عَلَيْهَا أَخُوهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلَيْنِ ; الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مَخْزُومٍ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةً وَهِيَ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 205

صَيْفِيٍّ، وَالثَّانِي أَبُو هَالَةَ التَّمِيمِيُّ فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ ابْنَ هِنْدٍ، وَقَدْ سَمَّاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ هَلَاكِ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ أَبُو هَالَةَ النَّبَّاشُ بْنُ زُرَارَةَ، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَوَلَدَتْ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَةً، ثُمَّ هَلَكَ عَنْهَا، فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَلَدَتْ لَهُ بَنَاتِهِ الْأَرْبَعَ ثُمَّ بَعْدَهُنَّ الْقَاسِمَ وَالطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ، فَذَهَبَ الْغِلْمَةُ جَمِيعًا وَهُمْ يُرْضَعُونَ.

قُلْتُ: وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُدَّةَ حَيَاتِهَا امْرَأَةً، كَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا تَزْوِيجَهَا فِي مَوْضِعِهِ وَذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ فَضَائِلِهَا بِدَلَائِلِهَا.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ بِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا.

قُلْتُ: وَلَمْ يُولَدْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَقِيلَ: بَلْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ وَلَدًا سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ تُكَنَّى بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ. وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَتْ تُكَنَّى بِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أُخْتِهَا أَسْمَاءَ مِنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنهم.

قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ سَوْدَةَ قَبْلَ عَائِشَةَ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا صِفَةَ

ص: 206

تَزْوِيجِهِ عليه الصلاة والسلام، بِهِمَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَتَأَخُّرَ دُخُولِهِ بِعَائِشَةَ إِلَى مَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ.

قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم، حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ مَاتَ عَنْهَا مُؤْمِنًا.

قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ هِنْدَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ.

قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، مَاتَ عَنْهَا مُسْلِمًا بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِيَّاهَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى مَكَّةَ رضي الله عنهما.

قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ نَصْرَانِيًّا، بَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَذَا قَالَ، وَالصَّوَابُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ،

ص: 207

وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ النَّجَاشِيُّ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ مُطَوَّلًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ

قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَاهُ، عليه الصلاة والسلام، وَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا بِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ عُمِلَ عَلَيْهَا النَّعْشُ، صَنَعَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ عَلَيْهَا كَمَا رَأَتْ ذَلِكَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. قَالَ: وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ، وَهِيَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَيُقَالُ لَهَا: أُمُّ الْمَسَاكِينِ. وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ تَلْبَثْ عِنْدَهُ، عليه الصلاة والسلام، إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى تُوُفِّيَتْ، رضي الله عنها.

وَقَالَ يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: كَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْحُصَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَوْ عِنْدَ أَخِيهِ الطُّفَيْلِ بْنِ الْحَارِثِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُوَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَهَا، وَكَانَ السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا أَبُو رَافِعٍ مَوْلَاهُ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَهُ رَجُلَيْنِ، أَوَّلُهُمَا

ص: 208

ابْنُ عَبْدِ يَالِيلَ - وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ: كَانَتْ تَحْتَ عُمَيْرِ بْنِ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي عُقْدَةَ مِنْ ثَقِيفِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ، مَاتَ عَنْهَا - ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.

قَالَ: وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَائِذِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. وَيُقَالُ: بَلْ قَدِمَ أَبُوهَا الْحَارِثُ، وَكَانَ مَلِكَ خُزَاعَةَ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا صَفْوَانَ بْنِ أَبِي الشُّفْرِ. قَالَهُ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: وَكَانَ هَذَا الْبَطْنُ مِنْ خُزَاعَةَ حُلَفَاءَ لِأَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم; وَلِهَذَا يَقُولُ حَسَّانُ:

وَحِلْفُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ

وَحِلْفُ قُرَيْظَةٍ فِيكُمْ سَوَاءُ

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَكَانَتْ جُوَيْرِيَةُ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا مَالِكِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ

ص: 209

تَوْلَبٍ ذِي الشُّفْرِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ.

قَالَ: وَسَبَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ. وَقَدْ زَعَمَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ كِنَانَةَ عِنْدَ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَهَذِهِ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً دَخَلَ بِهِنَّ. قَالَ: وَقَدْ قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَعْطَى جُوَيْرِيَةَ وَصَفِيَّةَ سِتَّةَ آلَافٍ، سِتَّةَ آلَافٍ، بِسَبَبِ أَنَّهُمَا سُبِيَتَا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ حَجَبَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَسَمَ لَهُمَا.

قُلْتُ: وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي تَزْوِيجِهِ عليه الصلاة والسلام، كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ النِّسْوَةِ رضي الله عنهن فِي مَوْضِعِهِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ بْنِ عَمْرِو مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ، وَدَخَلَ بِهَا، وَطَلَّقَهَا صلى الله عليه وسلم. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا فِي كِتَابِي. وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ: وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَهَا.

وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ دَهْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا.

ص: 210

وَقَدْ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّ هُوَ الَّذِي دَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، وَأَنَا أَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي أُخْتِ أُمِّ شَبِيبٍ؟ وَأُمُّ شَبِيبٍ امْرَأَةُ الضَّحَّاكِ. وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ، فَأُنْبِئَ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا، فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي قَبْلَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: وَتَزَوَّجَ أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيِّ، وَهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي فَزَارَةَ، فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَقَالَ:«لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ» فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قَالَ: وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُرِّيَّةً يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ. فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ، فَتُوُفِّيَ وَقَدْ مَلَأَ الْمَهْدَ. وَكَانَتْ لَهُ وَلِيدَةٌ يُقَالُ لَهَا: رَيْحَانَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ، مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ خُنَافَةَ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، أَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا قَدِ احْتَجَبَتْ.

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ خَوْلَةَ بِنْتَ الْهُذَيْلِ بْنِ هُبَيْرَةَ التَّغْلِبِيِّ، وَأُمُّهَا خِرْنِقُ بِنْتُ خَلِيفَةَ، أُخْتُ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَتَزَوَّجَ خَالَتَهَا شَرَافَ بِنْتَ فَضَالَةَ بْنِ خَلِيفَةَ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 211

تَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي كِلَابٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْوَحِيدِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَهَاتَانِ هُمَا اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا الزُّهْرِيُّ، وَلَمْ يُسَمِّهِمَا، إِلَّا أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرِ الْعَالِيَةَ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ، أَنْبَأَنَا الْأَصَمُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، «عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَهَبْنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ أَنْفُسَهُنَّ، فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ، وَأَرْجَى بَعْضَهُنَّ، فَلَمْ يَقْرَبْهُنَّ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَلَمْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] » [الْأَحْزَابِ: 51] قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ - يَعْنِي بِنْتَ حَكِيمٍ - مِمَّنْ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي قِصَّةِ الْجَوْنِيَّةِ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ فَأَلْحَقَهَا بِأَهْلِهَا، أَنَّ اسْمَهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ. كَذَا قَالَ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، «عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ،

ص: 212

قَالَا: مَرَّ بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابٌ لَهُ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ. حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْلِسُوا ". وَدَخَلَ هُوَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَعُزِلَتْ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " هَبِي لِي نَفْسَكِ " قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ ! وَقَالَتْ: إِنِّي أُعَوِّذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. قَالَ: " لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ " ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: " يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا» " وَقَالَ غَيْرُ أَبِي أَحْمَدَ: امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ يُقَالُ لَهَا أُمَيْنَةُ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، «عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ. حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ جَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم " اجْلِسُوا هَاهُنَا ". فَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هَبِي نَفْسَكِ لِي " قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ ! قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ:" أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ". فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: " يَا أَبَا أُسَيْدٍ

ص: 213

اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا» .

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي أُسَيْدٍ، قَالَا:«تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ» . ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا. انْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَاتِ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ الْكُتُبِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ، ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ " لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكَ» " وَقَالَ: وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ. . . انْفَرَدَ بِهِ دُونَ مُسْلِمٍ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ " الْمَعْرِفَةِ " لِابْنِ مَنْدَهْ، أَنَّ اسْمَ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَيُقَالُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ.

ص: 214

وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمَيْمَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْكِلَابِيَّةَ اسْمُهَا عَمْرَةُ، وَهِيَ الَّتِي وَصَفَهَا أَبُوهَا بِأَنَّهَا لَمْ تَمْرَضْ قَطُّ، فَرَغِبَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ، اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ تَلْقُطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ: أَنَا الشَّقِيَّةُ. قَالَ: وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَمَاتَتْ سَنَةَ سِتِّينَ.

وَذَكَرَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا عليه الصلاة والسلام، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجَوْنَيَّةَ، وَعَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ الْكِلَابِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ: لَا يَسُؤْكَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعِنْدِي أَجْمَلُ مِنْهَا. فَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ قُتَيْلَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ سَنَةَ تِسْعٍ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. فَذَكَرَ مِنْهُنَّ أُمَّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةَ النَّجَّارِيَّةَ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «: " إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ غَيْرَتَهُنَّ» وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قَالَ: وَتَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ مِنْ بَنِي حَرَامٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي

ص: 215

سُلَيْمٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَخَطَبَ جَمْرَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّةَ.

وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. فَذَكَرَ مِنْهُنَّ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ، وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ. قَالَ: وَلَمْ تَكُنْ قَدِمَتْ عَلَيْهِ وَلَا رَآهَا وَلَا دَخَلَ بِهَا. قَالَ: وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَوْصَى أَنْ تُخَيَّرَ قُتَيْلَةُ، فَإِنْ شَاءَتْ يَضْرِبُ عَلَيْهَا الْحِجَابَ، وَتُحَرَّمُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ شَاءَتْ، فَلْتَنْكِحْ مَنْ شَاءَتْ، فَاخْتَارَتِ النِّكَاحَ، فَتَزَوَّجَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِحَضْرَمَوْتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُحَرِّقَ عَلَيْهِمَا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا دَخَلَ بِهَا، وَلَا ضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوصِ فِيهَا بِشَيْءٍ، وَأَنَّهَا ارْتَدَّتْ بَعْدَهُ، فَاحْتَجَّ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بِارْتِدَادِهَا ; أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ أَنَّ الَّتِي ارْتَدَّتْ هِيَ الْبَرْصَاءُ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ.

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَهَا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ.

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ

ص: 216

بْنَ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَرَاجَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنَّهَا ارْتَدَّتْ مَعَ أَخِيهَا، فَبَرِئَتْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ.

قَالَ الْحَاكِمُ: وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْعَدَدِ فَاطِمَةَ بِنْتَ شُرَيْحٍ، وَسَنَا بِنْتَ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيَّةُ. هَكَذَا رَوَى ذَلِكَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَنْدَهْ بِسَنَدِهِ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَهِيَ سَبَا.

قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَيُقَالُ سَنَا بِنْتُ الصَّلْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ حَرَامِ بْنِ سِمَاكِ بْنِ عَوْفٍ السُّلَمِيِّ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنِي الْعَرْزَمِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ فِي نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَنَا بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ.

» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا: عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كِلَابٍ، فَتَزَوَّجَهَا، فَبَلَغَهُ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا فَطَلَّقَهَا» .

ص: 217

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ:«تَزَوَّجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُلَيْكَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ تُذْكَرُ بِجَمَالٍ بَارِعٍ. فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: أَلَا تَسْتَحِينَ أَنْ تَنْكِحِي قَاتِلَ أَبِيكِ؟ فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا، فَجَاءَ قَوْمُهَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا صَغِيرَةٌ وَلَا رَأْيَ لَهَا، وَإِنَّهَا خُدِعَتْ، فَارْتَجِعْهَا، فَأَبَى، فَاسْتَأْذَنُوهُ أَنْ يُزَوِّجُوهَا بِقَرِيبٍ لَهَا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، فَأَذِنَ لَهُمْ» . قَالَ: وَكَانَ أَبُوهَا قَدْ قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَوْمَ الْفَتْحِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الْجُنْدَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَمَاتَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَاهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا شُجَاعُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُجَاعٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُوَجِّهِ الْفَزَارِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ الْمَخْزُومِيِّ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِمَكَّةَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِالْمَدِينَةِ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، ثُمَّ تَزَوَّجَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ

ص: 218

السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو، أَخِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الْأَسَدِيِّ، أَحَدِ بَنِي خُزَيْمَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ اسْمُهَا هِنْدَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ثُمَّ تَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةَ، وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ، مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ، وَتَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي الْجَوْنِ مِنْ كِنْدَةَ، وَسَبَى جُوَيْرِيَةَ - فِي الْغَزْوَةِ الَّتِي هَدَمَ فِيهَا مَنَاةَ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ - ابْنَةَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَبَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَكَانَتَا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَسَمَ لَهُمَا، وَاسْتَسَرَّ مَارِيَةَ جَارِيَتَهُ الْقِبْطِيَّةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَاسْتَسَرَّ رَيْحَانَةَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا، وَاحْتَجَبَتْ وَهِيَ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ، وَفَارَقَ أُخْتَ بَنِي عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ، وَفَارَقَ أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّةَ مِنْ أَجْلِ بَيَاضٍ كَانَ بِهَا، وَتُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ، وَبَلَغَنَا أَنَّ الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ الَّتِي طُلِّقَتْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ النِّسَاءَ، فَنَكَحَتِ ابْنَ عَمٍّ لَهَا مِنْ قَوْمِهَا، وَوَلَدَتْ فِيهِمْ. سُقْنَاهُ بِالسَّنَدِ لِغَرَابَةِ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِهِ تَزْوِيجَ سَوْدَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَمَاتَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ

ص: 219

خُوَيْلِدٍ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثِ سِنِينَ، لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا امْرَأَةً حَتَّى مَاتَتْ هِيَ وَأَبُو طَالِبٍ فِي سَنَةِ، فَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَ سَوْدَةَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا، وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا وَلَدًا حَتَّى مَاتَ ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَ عَائِشَةَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَ حَفْصَةَ زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُمَّ سَلَمَةَ هِنْدَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ. قَالَ: ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَ جُوَيْرِيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةَ. فَهَذَا التَّرْتِيبُ أَحْسَنُ وَأَقْرَبُ مِمَّا رَتَّبَهُ الزُّهْرِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:«تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَدَخَلَ بِهَا، فَأَمَرَهَا فَنَزَعَتْ ثَوْبَهَا، فَرَأَى بِهَا بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ عِنْدَ ثَدْيَيْهَا، فَانْمَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ " خُذِي ثَوْبَكِ ". وَأَصْبَحَ فَقَالَ لَهَا: " الْحَقِي بِأَهْلِكِ» . فَأَكْمَلَ لَهَا صَدَاقَهَا.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، مِنْ حَدِيثِ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ

ص: 220

الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

قُلْتُ: وَمِمَّنْ تَزَوَّجَهَا صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أُمُّ شَرِيكٍ الْأَزْدِيَّةُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَالْمُثْبَتُ أَنَّهَا دَوْسِيَّةٌ. وَقِيلَ الْأَنْصَارِيَّةُ. وَيُقَالُ عَامِرِيَّةٌ، وَأَنَّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْمُهَا غَزِيَّةُ بِنْتُ جَابِرِ بْنِ حَكِيمٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَانَ جَمِيعُ مَا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةُ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.»

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: وَتَزَوَّجَ أُمَّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَالَ «: " إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ غَيْرَتَهُنَّ» وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«تَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم لَيْلَى بِنْتَ الْخَطِيمِ الْأَنْصَارِيَّةَ، وَكَانَتْ غَيُورًا فَخَافَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَاسْتَقَالَتْهُ فَأَقَالَهَا.»

ص: 221