المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ضيافة أبي طلحة الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك اليوم من دلائل النبوة] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ مَرَضِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُنْذِرَةِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يُصَلِّيَ بِالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ احْتِضَارِهِ وَوَفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أُمُورٍ مُهِمَّةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَبْلَ دَفْنِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ]

- ‌[ذِكْرُ اعْتِرَافِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ]

- ‌[فَصْلُ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ]

- ‌[فُصْلٌ فِي ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَبْلَغِ سِنِّهِ حَالَ وَفَاتِهِ]

- ‌[صِفَةُ غَسْلِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ كَفَنِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ دَفْنِهِ عليه الصلاة والسلام وَأَيْنَ دُفِنَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ كَانَ آخِرَ النَّاسِ بِهِ عَهْدًا عليه الصلاة والسلام]

- ‌[مَتَى وَقَعَ دَفْنُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُصِيبَةِ الْعَظِيمَةِ بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَوْمِ وَفَاتِهِ، عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمُورٍ وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ فِي رِثَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا يُورَثُ عَنْهُ]

- ‌[مَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةٌ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ " لَا نُورَثُ

- ‌[بَيَانُ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَا رَوَاهُ الصِّدِّيقُ وَمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الرَّافِضَةِ فِي مِيرَاثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ عَنْهُنَّ وَأَوْلَادِهِ عليهم السلام]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ خَطَبَهَا عليه الصلاة والسلام وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرَارِيِّهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَوْلَادِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ عَبِيدِهِ عليه الصلاة والسلام وَإِمَائِهِ وَذِكْرُ خَدَمِهِ وَكُتَّابِهِ وَأُمَنَائِهِ]

- ‌[إِمَاؤُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[خُدَّامُهُ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الَّذِينَ خَدَمُوهُ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرِ مَوَالِيهِ]

- ‌[كُتَّابُ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ ذُكِرَ مِنْ أُمَنَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَخْتَصُّ بِهَا فِي حَيَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْخَاتَمِ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ سَيْفِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ نَعْلِهِ الَّتِي كَانَ يَمْشِي فِيهَا عليه الصلاة والسلام]

- ‌[صِفَةُ قَدَحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ الَّتِي كَانَ عليه الصلاة والسلام يَكْتَحِلُ مِنْهَا]

- ‌[الْبُرْدَةُ]

- ‌[ذِكْرُ أَفَرَاسِهِ وَمَرَاكِيبِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[فَصْلٌ: إِيرَادُ مَا بَقِيَ عَلَيْنَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السِّيرَةِ الشَّرِيفَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّمَائِلِ]

- ‌[بَيَانُ خَلْقِهِ الظَّاهِرِ وَخُلُقِهِ الطَّاهِرِ]

- ‌[بَابُ مَا وَرَدَ فِي حُسْنِهِ الْبَاهِرِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَسَبِهِ الطَّاهِرِ]

- ‌[صِفَةُ لَوْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[صِفَةُ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِ]

- ‌[ذِكْرُ شَعْرِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي مَنْكِبَيْهِ وَسَاعِدَيْهِ وَإِبِطَيْهِ وَقَدَمَيْهِ وَكَعْبَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[صِفَةُ قَوَامِهِ عليه الصلاة والسلام وَطِيبِ رَائِحَتِهِ]

- ‌[صِفَةُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ لِأَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ وَرَدَتْ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ]

- ‌[حَدِيثُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ الطَّاهِرَةِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حَدِيثُ بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرَنًا]

- ‌[ذِكْرُ كَرَمِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[تَوَاضُعُهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ مِزَاحِهِ عليه الصلاة والسلام]

- ‌[بَابُ زُهْدِهِ عليه الصلاة والسلام وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الدُّنْيَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِبَادَتِهِ عليه الصلاة والسلام وَاجْتِهَادِهِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَجَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ صِفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْكُتُبِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ]

- ‌[كِتَابُ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[تَعْرِيفُهَا]

- ‌[الدَّلَائِلُ الْمَعْنَوِيَّةُ]

- ‌[الدَّلَائِلُ الْحِسِّيَّةُ]

- ‌[انْشِقَاقُ الْقَمَرِ]

- ‌[حَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ بَعْدَ مَغِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِيرَادِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ]

- ‌[مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ فِي بَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُعْجِزَاتِ الْأَرْضِيَّةِ]

- ‌[بَابُ تَكْثِيرِهِ عليه الصلاة والسلام الْأَطْعِمَةَ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ]

- ‌[تَكْثِيرُهُ عليه الصلاة والسلام السَّمْنَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ]

- ‌[ضِيَافَةُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ قَصْعَةِ بَيْتِ الصِّدِّيقِ]

- ‌[قِصَّةُ جَابِرٍ وَدَيْنِ أَبِيهِ وَتَكْثِيرِهِ عليه الصلاة والسلام التَّمْرَ]

- ‌[قِصَّةُ سَلْمَانَ فِي تَكْثِيرِهِ صلى الله عليه وسلم الْقِطْعَةَ مِنَ الذَّهَبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ فِي مُكَاتَبَتِهِ]

- ‌[بَابُ انْقِيَادِ الشَّجَرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ حَنِينِ الْجِزْعِ شَوْقًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي كَفِّهِ عليه الصلاة والسلام]

الفصل: ‌[ضيافة أبي طلحة الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك اليوم من دلائل النبوة]

كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَتْ فِيهِ سَمْنًا، فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا إِدَامَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ، وَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَعَصَرْتِيهِ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " لَوْ تَرَكْتِيهِ مَا زَالَ ذَلِكَ مُقِيمًا» .

ثُمَّ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْتَطْعِمُهُ، فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفٌ لَهُمْ حَتَّى كَالُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ لَمْ تَكِيلُوهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ» وَقَدْ رَوَى هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.

[ضِيَافَةُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

ذِكْرُ ضِيَافَةِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي تَكْثِيرِهِ الطَّعَامَ النَّزْرَ، حَتَّى عَمَّ مَنْ هُنَالِكَ مِنَ الضِّيفَانِ وَأَهْلِ الْمَنْزِلِ وَالْجِيرَانِ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 632

بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:«قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " بِطَعَامٍ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: " قُومُوا " فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ؟ " فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ". فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ". فَأَذِنَ لَهُمْ. فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ " فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ". فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا.» وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ " صَحِيحِهِ " وَمُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

ص: 633

طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: قَالَ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، ثَنَا بَكْرٌ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَاوِيًا، فَجَاءَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَاوِيًا، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا نَحْوٌ مِنْ مُدِّ دَقِيقِ شَعِيرٍ. قَالَ: فَاعْجِنِيهِ وَأَصْلِحِيهِ، عَسَى أَنْ نَدْعُوَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْكُلَ عِنْدَنَا. قَالَ: فَعَجَنَتْهُ وَخَبَزَتْهُ، فَجَاءَ قُرْصًا، فَقَالَ لِي: يَا أَنَسُ، ادْعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَاسٌ. قَالَ مُبَارَكٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: بِضْعَةٌ وَثَمَانُونَ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو طَلْحَةَ يَدْعُوكَ. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:" أَجِيبُوا أَبَا طَلْحَةَ ". فَجِئْتُ جَزِعًا حَتَّى أَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِأَصْحَابِهِ. قَالَ بَكْرٌ: فَقَفَدَنِي قَفْدَةً. وَقَالَ ثَابِتٌ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: رَسُولُ اللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا فِي بَيْتِي مِنِّي. وَقَالَا جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ: فَاسْتَقْبَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا قُرْصٌ، رَأَيْتُكَ طَاوِيًا فَأَمَرْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَجَعَلَتْ لَكَ قُرْصًا. قَالَ: فَدَعَا بِالْقُرْصِ، وَدَعَا بِجَفْنَةٍ فَوَضَعَهُ فِيهَا وَقَالَ:" هَلْ مِنْ سَمْنٍ؟ " قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قَدْ كَانَ فِي الْعُكَّةِ شَيْءٌ. قَالَ: فَجَاءَ بِهَا. قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ يَعْصِرَانِهَا حَتَّى خَرَجَ شَيْءٌ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ سَبَّابَتَهُ، ثُمَّ مَسَحَ الْقُرْصُ فَانْتَفَخَ، فَقَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ ". فَانْتَفَخَ الْقُرْصُ، فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ كَذَلِكَ وَالْقُرْصُ يَنْتَفِخُ، حَتَّى رَأَيْتُ الْقُرْصَ فِي

ص: 634

الْجَفْنَةِ يَتَصَيَّعُ، فَقَالَ:" ادْعُ عَشَرَةً مِنْ أَصْحَابِي ". فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً، قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَسَطَ الْقُرْصِ، وَقَالَ:" كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ ". فَأَكَلُوا مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ:" ادْعُ لِي عَشَرَةً آخَرِينَ ". فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً أُخْرَى، فَقَالَ:" كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ ". فَأَكَلُوا مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ الْقُرْصِ، حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ بِضْعَةٌ وَثَمَانُونَ مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، وَإِنَّ وَسَطَ الْقُرْصِ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ كَمَا هُوَ» . وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ عَلَى شَرْطِ أَصْحَابِ السُّنَنِ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثَنَا سَعْدٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ - ( «أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَدْعُوَهُ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ طَعَامًا. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ النَّاسِ. قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ أَبَا طَلْحَةَ. فَقَالَ لِلنَّاسِ: " قُومُوا " فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا صَنَعْتُ شَيْئًا لَكَ! قَالَ فَمَسَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ:" أَدْخِلْ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِي عَشَرَةً ". فَقَالَ: " كُلُوا ". فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَخَرَجُوا، وَقَالَ: "

ص: 635

أَدْخِلْ عَشَرَةً ". فَقَالَ: " كُلُوا " فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَمَا زَالَ يُدْخِلُ عَشَرَةً وَيُخْرِجُ عَشَرَةً حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ، ثُمَّ هَيَّأَهَا فَإِذَا هِيَ مِثْلُهَا حِينَ أَكَلُوا مِنْهَا» وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى الْأُمَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ حَاتِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةِ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، فَذَكَرَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أَتَى أَبُو طَلْحَةَ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَصُنِعَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَنَسُ، انْطَلِقِ ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَادْعُهُ، وَقَدْ تَعْلَمُ مَا عِنْدَنَا. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَا طَلْحَةَ يَدْعُوكَ إِلَى طَعَامٍ. فَقَامَ

ص: 636

وَقَالَ لِلنَّاسِ " قُومُوا " فَقَامُوا، فَجِئْتُ أَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: فَضَحْتَنَا! قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ. فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَابِ قَالَ لَهُمْ: " اقْعُدُوا ". وَدَخَلَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَلَمَّا دَخَلَ أُتِيَ بِالطَّعَامِ، تَنَاوَلَ فَأَكَلَ وَأَكَلَ مَعَهُ الْقَوْمُ حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:" قُومُوا وَلْيَدْخُلْ عَشَرَةٌ مَكَانَكُمْ ". حَتَّى دَخَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَأَكَلُوا. قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: كَانُوا نَيِّفًا وَثَمَانِينَ. قَالَ: وَفَضَلَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ مَا أَشْبَعَهُمْ.» وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّقِّيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«أَمَرَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ؛ قَالَ: اصْنَعِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ خَاصَّةً طَعَامًا يَأْكُلُ مِنْهُ.» فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «رَأَى أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ مُضْطَجِعًا يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، فَأَتَى أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا فِي الْمَسْجِدِ يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَلَا أَرَاهُ إِلَّا جَائِعًا. فَخَبَزَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قُرْصًا، ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اذْهَبْ فَادْعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَيْتُهُ وَعِنْدَهُ

ص: 637

أَصْحَابُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْعُوكَ أَبُو طَلْحَةَ. فَقَامَ وَقَالَ " قُومُوا " قَالَ: فَجِئْتُ أَسْعَى إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَتَلَقَّاهُ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ قُرْصٌ. فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ سَيُبَارِكُ فِيهِ ". فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِيءَ بِالْقُرْصِ فِي قَصْعَةٍ فَقَالَ: " هَلْ مِنْ سَمْنٍ؟ " فَجِيءَ بِشَيْءٍ مِنْ سَمْنٍ، فَغَوَّرَ الْقُرْصَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَهَا ثُمَّ صَبَّ وَقَالَ:" كُلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي ". فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ:" أَدْخِلْ عَلِيَّ عَشَرَةً ". فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ فَشَبِعُوا، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ وَأُمُّ سُلَيْمٍ وَأَنَا حَتَّى شَبِعْنَا. وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ أَهْدَيْنَا لِجِيرَانٍ لَنَا» . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ " صَحِيحِهِ " عَنْ حَسَنٍ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ - قَالَ حَمَّادٌ: وَالْجَعْدُ قَدْ ذَكَرَهُ - قَالَ: «عَمَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى نِصْفِ مُدِّ شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ، ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى عُكَّةٍ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ سَمْنٍ، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ

ص: 638

خَطِيفَةً. قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أَرْسَلَتْنِي إِلَيْكَ تَدْعُوكَ. فَقَالَ: " أَنَا وَمَنْ مَعِي ". قَالَ: فَجَاءَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ. قَالَ: فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ لِأَبِي طَلْحَةَ: قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ مَعَهُ. قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَمَشَى إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هِيَ خَطِيفَةٌ اتَّخَذَتْهَا أُمُّ سُلَيْمٍ مِنْ نِصْفِ مُدِّ شَعِيرٍ! قَالَ: فَدَخَلَ فَأَتَى بِهِ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ:" أَدْخِلْ عَشَرَةً ". قَالَ: فَدَخَلَ عَشَرَةٌ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ دَخَلَ عَشَرَةٌ فَأَكَلُوا، ثُمَّ عَشَرَةٌ فَأَكَلُوا، حَتَّى أَكَلَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ، كُلُّهُمْ أَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا قَالَ: وَبَقِيَتْ كَمَا هِيَ. قَالَ فَأَكَلْنَا» .

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَطْعِمَةِ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَمَدَتْ إِلَى عُكَّةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ سَمْنٍ فَعَصَرَتْهُ، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ» . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ، ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ

ص: 639

أَشْعَثَ الْحُمْرَانِيَّ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ بَلَغَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامٌ، فَذَهَبَ فَآجَرَ نَفْسَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَعَمِلَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، فَجَاءَ بِهِ وَأَمَرَ أُمَّ سُلَيْمٍ أَنْ تَعْمَلَهُ خَطِيفَةً» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا: يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: اذْهَبْ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَغَدَّى عِنْدَنَا فَافْعَلْ. فَجِئْتُهُ فَبَلَّغْتُهُ، فَقَالَ:" وَمَنْ عِنْدِي؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " انْهَضُوا " قَالَ: فَجِئْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَأَنَا لَدَهِشٌ؛ لِمَنْ أَقْبَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: مَا صَنَعْتَ يَا أَنَسُ؟ ! فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ:" هَلْ عِنْدَكِ سَمْنٌ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ مِنْهُ عِنْدِي عُكَّةٌ، وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ سَمْنٍ. قَالَ:" فَأْتِيِنِّهَا ". قَالَتْ: فَجِئْتُ بِهَا، فَفَتَحَ رِبَاطَهَا ثُمَّ قَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ فِيهَا الْبَرَكَةَ ". قَالَ: فَقَالَ: " اقْلِبِيهَا " فَقَلَبْتُهَا فَعَصَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُسَمِّي. قَالَ: فَأَخَذَتْ تَقَعُ فِدَرًا، فَأَكَلَ مِنْهَا بِضْعٌ وَثَمَانُونَ

ص: 640

رَجُلًا وَفَضَلَ فَضْلَةٌ فَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ: " كُلِي وَأَطْعِمِي جِيرَانَكِ» وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ سُلَيْمٍ صَنَعَتْ خَزِيرًا، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اذْهَبْ يَا بُنَيَّ، فَادْعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَجِئْتُهُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهَرَانَيِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لِلنَّاسِ: " انْطَلِقُوا ". قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَامَ بِالنَّاسِ تَقَدَّمْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَجِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ، قَدْ جَاءَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ. قَالَ: فَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى الْبَابِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا. فَقَالَ: " هَلُمَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ فِيهِ الْبَرَكَةَ ". فَجَاءَ بِهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِيهِ، وَدَعَا اللَّهَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ قَالَ: " أَدْخِلْ عَشَرَةً عَشَرَةً ". فَجَاءَهُ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

ص: 641

طَرِيقٌ أُخْرَى: وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ أَيْضًا، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَفِي بَعْضِ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ: «ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَأَفْضَلُوا مَا بَلَغَ جِيرَانَهُمْ.»

فَهَذِهِ طُرُقٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ - عَلَى مَا فِيهِ مِنِ اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي بَعْضِ حُرُوفِهِ - وَلَكِنْ أَصْلُ الْقِصَّةِ مُتَوَاتِرٌ لَا مَحَالَةَ كَمَا تَرَى، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ، وَالْجَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ - أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ - الْأَنْصَارِيُّ، وَسِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، وَيَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي إِضَافَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَعَنَاقٍ، فَعَزَمَ عليه الصلاة والسلام، عَلَى أَهْلِ الْخَنْدَقِ بِكَمَالِهِمْ، فَكَانُوا أَلْفًا أَوْ قَرِيبًا مِنْ أَلْفٍ، فَأَكَلُوا كُلُّهُمْ مِنْ تِلْكَ الْعَنَاقِ وَذَلِكَ الصَّاعِ، حَتَّى شَبِعُوا وَتَرَكُوهُ كَمَا كَانَ، وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ وَطُرُقِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَمِنَ الْعَجِيبِ الْغَرِيبِ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ

ص: 642

الْهَرَوِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِ " شَكَّرَ " فِي كِتَابِ " الْعَجَائِبِ الْغَرِيبَةِ " فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ أَسْنَدَهُ وَسَاقَهُ بِطُولِهِ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ شَيْئًا غَرِيبًا فَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ طَرْخَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ، أَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، وَيُكَنَّى بِأَبِي بَرْزَةَ - بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - ثَنَا أَبُو كَعْبٍ الْبَدَّاحُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ - مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ النَّاقِلَةِ الَّذِينَ نَقَلَهُمْ هَارُونُ إِلَى بَغْدَادَ - سَمِعْتُ مِنْهُ بِالْمِصِّيصَةِ، عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«أَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ. فَذَكَرَ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَذَبَحَ دَاجِنًا كَانَتْ عِنْدَهُمْ وَطَبَخَهَا، وَثَرَدَ تَحْتَهَا فِي جَفْنَةٍ، وَحَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ الْأَنْصَارَ، فَأَدْخَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرْسَالًا، فَأَكَلُوا كُلُّهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا كَانَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا وَلَا يَكْسِرُوا عَظْمًا، ثُمَّ إِنَّهُ جَمَعَ الْعِظَامَ فِي وَسَطِ الْجَفْنَةِ، فَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَا أَسْمَعُهُ، إِلَّا أَنِّي أَرَى شَفَتَيْهِ تَتَحَرَّكُ، فَإِذَا الشَّاةُ قَدْ قَامَتْ تَنْفُضُ أُذُنَيْهَا، فَقَالَ: " خُذْ شَاتَكَ يَا جَابِرُ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا ". قَالَ: فَأَخَذْتُهَا وَمَضَيْتُ، وَإِنَّهَا لَتُنَازِعُنِي أُذُنَهَا، حَتَّى أَتَيْتُ بِهَا الْبَيْتَ، فَقَالَتْ لِيَ الْمَرْأَةُ: مَا هَذَا يَا جَابِرُ؟ فَقُلْتُ: هَذِهِ وَاللَّهِ شَاتُنَا الَّتِي ذَبَحْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، دَعَا اللَّهَ فَأَحْيَاهَا لَنَا. فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ.» .

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ: قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَالْبَاغَنْدِيُّ: ثَنَا شَيْبَانُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى - بَصْرِيٌّ، وَهُوَ صَاحِبُ الطَّعَامِ -

ص: 643

ثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: يَا أَنَسُ، أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ. قَالَ: نَعَمْ يَا ثَابِتُ، «خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيَّ شَيْئًا أَسَأْتُ فِيهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْبَحَ عَرُوسًا، وَلَا أَدْرِي أَصْبَحَ لَهُ غَدَاءٌ، فَهَلُمَّ تِلْكَ الْعُكَّةَ. فَأَتَيْتُهَا بِالْعُكَّةِ وَبِتَمْرٍ، فَجَعَلَتْ لَهُ حَيْسًا، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَامْرَأَتِهِ. فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ ذَلِكَ الْحَيْسٌ، قَالَ:" ضَعْهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، وَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَعُثْمَانَ " - وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ - " ثُمَّ ادْعُ لِيَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ، وَمَنْ رَأَيْتَ فِي الطَّرِيقِ ". قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ، وَمِنْ كَثْرَةِ مَا يَأْمُرُنِي أَنْ أَدْعُوَ النَّاسَ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَعْصِيَهُ، حَتَّى امْتَلَأَ الْبَيْتُ وَالْحُجْرَةُ، فَقَالَ:" يَا أَنَسُ هَلْ تَرَى مَنْ أَحَدٍ؟ " فَقُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " هَاتِ ذَلِكَ التَّوْرَ ". فَجِئْتُ بِذَلِكَ التَّوْرِ، فَوَضَعْتُهُ قُدَّامَهُ، فَغَمَسَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ فِي التَّوْرِ، فَجَعَلَ التَّمْرُ يَرْبُو، فَجَعَلُوا يَتَغَدَّوْنَ وَيَخْرُجُونَ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَجْمَعُونَ وَبَقِيَ فِي التَّوْرِ نَحْوُ مَا جِئْتُ بِهِ، قَالَ:" ضَعْهُ قُدَّامَ زَيْنَبَ ". فَخَرَجْتُ وَأَسْفَقْتُ عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ جَرِيدٍ. قَالَ ثَابِتٌ: قُلْنَا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، كَمْ تَرَى كَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ

ص: 644

التَّوْرِ؟ فَقَالَ: أَحْسَبُ وَاحِدًا وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ.» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«خَرَجَ عَلِيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " ادْعُ لِي أَصْحَابَكَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ ". فَجَعَلْتُ أَتْبَعُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا، فَجَمَعْتُهُمْ فَجِئْنَا بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَوُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِينَا صَحْفَةٌ، أَظُنُّ أَنَّ فِيهَا قَدْرَ مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا يَدَهُ، وَقَالَ: " خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ ". قَالَ: فَأَكَلْنَا مَا شِئْنَا ثُمَّ رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وُضِعَتِ الصَّحْفَةُ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَمْسَى فِي آلِ مُحَمَّدٍ طَعَامٌ لَيْسَ تَرَوْنَهُ ". قِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: قَدْرُ كَمْ كَانَتْ حِينَ فَرَغْتُمْ مِنْهَا؟ قَالَ: مِثْلَهَا حِينَ وُضِعَتْ، إِلَّا أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْأَصَابِعِ» . وَهَذِهِ قِصَّةٌ غَيْرُ قِصَّةِ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي شُرْبِهِمُ اللَّبَنَ، كَمَا قَدَّمْنَا.

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ فِي ذَلِكَ: قَالَ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، «عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ

ص: 645

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي بَكْرٍ طَعَامًا قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا، فَأَتَيْتُهُمَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ ". قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، مَا عِنْدِي شَيْءٌ أَزِيدُهُ. قَالَ: فَكَأَنِّي تَثَاقَلْتُ. فَقَالَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ " فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاءُوا فَقَالَ: " اطْعَمُوا ". فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا، ثُمَّ قَالَ:" اذْهَبْ فَادْعُ لِي سِتِّينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ ". قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَوَاللَّهِ لَأَنَا بِالسِّتِّينَ أَجْوَدُ مِنِّي بِالثَّلَاثِينَ. قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" تَرَبَّعُوا ". فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا. قَالَ:" فَاذْهَبْ فَادْعُ لِي تِسْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ " قَالَ: فَلَأَنَا أَجُودُ بِالتِّسْعِينَ وَالسِّتِّينَ مِنِّي بِالثَّلَاثِينَ. قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا. قَالَ: فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِي ذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ.» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا إِسْنَادًا وَمَتْنًا. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِهِ.

قِصَّةٌ أُخْرَى فِي تَكْثِيرِ الطَّعَامِ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا سَهْلُ بْنُ زَنْجَلَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ أَيَّامًا لَمْ يُطْعَمْ طَعَامًا حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَطَافَ فِي مَنَازِلِ أَزْوَاجِهِ، فَلَمْ يُصِبْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا، فَأَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَ:" يَا بُنَيَّةُ هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ آكُلُهُ فَإِنِّي جَائِعٌ؟ " فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، بِأَبِي

ص: 646

أَنْتَ وَأُمِّي. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَتْ إِلَيْهَا جَارَّةٌ لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقِطْعَةِ لَحْمٍ، فَأَخَذَتْهُ مِنْهَا فَوَضَعَتْهُ فِي جَفْنَةٍ لَهَا، وَغَطَّتْ عَلَيْهَا وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَأُوثِرَنَّ بِهَذَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفْسِي وَمَنْ عِنْدِي. وَكَانُوا جَمِيعًا مُحْتَاجِينَ إِلَى شَبْعَةِ طَعَامٍ، فَبَعَثَتْ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَدْ أَتَى اللَّهُ بِشَيْءٍ فَخَبَّأْتُهُ لَكَ. قَالَ:" هَلُمِّي يَا بُنَيَّةُ ". فَكَشَفَتْ عَنِ الْجَفْنَةِ، فَإِذَا هِيَ مَمْلُوءَةٌ خُبْزًا وَلَحْمًا، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهَا بُهِتَتْ، وَعَرَفَتْ أَنَّهَا بَرَكَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَصَلَّتْ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدَّمَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ:" مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا بُنَيَّةُ؟ " قَالَتْ: يَا أَبَهْ، هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكِ يَا بُنَيَّةُ شَبِيهَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ إِذَا رَزَقَهَا اللَّهُ شَيْئًا فَسُئِلَتْ عَنْهُ، قَالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ". فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ، ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، وَجَمِيعُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُ بَيْتِهِ جَمِيعًا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَتْ: وَبَقِيَتِ الْجَفْنَةُ كَمَا هِيَ، فَأَوْسَعَتْ بَقِيَّتَهَا عَلَى جَمِيعِ جِيرَانِهَا، وَجَعَلَ اللَّهُ فِيهَا بِرْكَةً وَخَيْرًا كَثِيرًا» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ أَيْضًا إِسْنَادًا وَمَتْنًا. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ حِينَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] حَدِيثَ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِذٍ، «عَنْ عَلِيٍّ فِي دَعْوَتِهِ، عليه الصلاة والسلام بَنِي هَاشِمٍ، وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ

ص: 647

طَعَامًا مِنْ مُدٍّ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَتَرَكُوهُ كَمَا هُوَ، وَسَقَاهُمْ مِنْ عُسٍّ شَرَابًا حَتَّى رَوَوْا، وَتَرَكُوهُ كَمَا هُوَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى،» كَمَا تَقَدَّمَ.

قِصَّةٌ أُخْرَى فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ:«بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ. قَالَ فَأَكَلَ وَأَكَلَ الْقَوْمُ، فَلَمْ يَزَالُوا يَتَدَاوَلُونَهَا إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الظَّهْرِ، يَأْكُلُ قَوْمٌ، ثُمَّ يَقُومُونَ، وَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَتَعَاقَبُونَهُ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ بِطَعَامٍ؟ قَالَ: أَمَّا مِنَ الْأَرْضِ فَلَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ كَانَتْ تُمَدُّ مِنَ السَّمَاءِ.»

ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ، فَتُعَاقِبُوهَا إِلَى الظُّهْرِ مِنْ غَدْوَةٍ، يَقُومُ نَاسٌ وَيَقْعُدُ آخَرُونَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ؟ فَقَالَ لَهُ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ» . وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ بِهِ.

ص: 648