الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَا:«لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى; اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. قُلْتُ: وَهَذِهِ الْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ لَا يُدْرَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا بَعْدَ هَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام طُرِحَتْ تَحْتَهُ فِي قَبْرِهِ الْكَرِيمِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَلَوْ تَقَصَّيْنَا مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ لَطَالَ الْفَصْلُ، وَمَوْضِعُهُ كِتَابُ اللِّبَاسِ مِنْ كِتَابِ " الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
[ذِكْرُ أَفَرَاسِهِ وَمَرَاكِيبِهِ عليه الصلاة والسلام]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ:
الْمُرْتَجِزُ. وَحِمَارٌ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ. وَبَغْلَةٌ يُقَالُ لَهَا: دُلْدُلُ. وَسَيْفُهُ ذُو الْفَقَارِ، وَدِرْعُهُ ذُو الْفُضُولِ» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ " السُّنَنِ " أَسْمَاءَ أَفَرَاسِهِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ السَّاعِدِيَّيْنِ; لِزَازًا وَاللُّحَيْفَ، وَقِيلَ: اللُّخَيْفُ. وَالظَّرِبَ. وَالَّذِي رَكِبَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ. وَنَاقَتُهُ الْقَصْوَاءُ وَالْعَضْبَاءُ وَالْجَدْعَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الشَّهْبَاءُ وَالْبَيْضَاءُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْهُنَّ إِلَّا مَا رَوَيْنَا فِي بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَسِلَاحِهِ، وَأَرْضٍ جَعَلَهَا صَدَقَةً، وَمِنْ ثِيَابِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَخَاتَمِهِ، وَمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:«تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ» . وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي " مُسْنَدِهِ ": حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، ثَنَا غَالِبٌ الْجَزَرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«لِقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّهُ لَيُنْسَجُ لَهُ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ» . وَهَذَا شَاهِدٌ لِمَا قَبْلَهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ وَلَهُ بُرْدَانِ فِي الْجُفِّ يُعْمَلَانِ» . وَهَذَا مُرْسَلٌ.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفٌ قَائِمَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَقَبِيعَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَكَانَ يُسَمَّى ذَا الْفَقَارِ، وَكَانَ لَهُ قَوْسٌ تُسَمَّى السَّدَادَ، وَكَانَتْ لَهُ كِنَانَةٌ تُسَمَّى الْجَمْعَ، وَكَانَتْ لَهُ دِرْعٌ مُوَشَّحَةٌ بِالنُّحَاسِ تُسَمَّى ذَاتَ الْفُضُولِ، وَكَانَتْ لَهُ حَرْبَةٌ تُسَمَّى النَّبْعَاءَ، وَكَانَ لَهُ مِجَنٌّ يُسَمَّى الذَّقَنَ، وَكَانَ لَهُ تُرْسٌ أَبْيَضُ يُسَمَّى الْمُوجِزَ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ أَدْهَمُ يُسَمَّى السَّكْبَ، وَكَانَ لَهُ سَرْجٌ يُسَمَّى الدَّاجَ، وَكَانَ لَهُ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ يُقَالُ لَهَا: دُلْدُلُ. وَكَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ تُسَمَّى الْقَصْوَاءَ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ يُقَالُ لَهُ: يَعْفُورٌ. وَكَانَ لَهُ بِسَاطٌ يُسَمَّى الْكَرَّ، وَكَانَتْ لَهُ عَنَزَةٌ تُسَمَّى النَّمِرَ، وَكَانَتْ لَهُ رَكْوَةٌ تُسَمَّى الصَّادِرَ، وَكَانَتْ لَهُ مِرْآةٌ تُسَمَّى الْمِرْآةَ، وَكَانَ لَهُ مِقْرَاضٌ
يُسَمَّى الْجَامِعَ، وَكَانَ لَهُ قَضِيبُ شَوْحَطٍ يُسَمَّى الْمَمْشُوقَ» . وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا.
قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، سِوَى بَغْلَةٍ، وَأَرْضٍ جَعَلَهَا صَدَقَةً،» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام، نَجَزَ الْعِتْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، وَالصَّدَقَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ السِّلَاحِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ مِمَّا أَوْرَدْنَاهُ وَمَا لَمْ نُورِدْهُ، فَأَمَّا بَغْلَتُهُ فَهِيَ الشَّهْبَاءُ، وَهِيَ الْبَيْضَاءُ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ - وَاسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَا - فِيمَا أَهْدَى مِنَ التُّحَفِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاكِبَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ يُنَوِّهُ بِاسْمِهِ الْكَرِيمِ شَجَاعَةً وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا عُمِّرَتْ بَعْدَهُ حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ، وَتَأَخَّرَتْ أَيَّامُهَا حَتَّى كَانَتْ بَعْدَ عَلِيٍّ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَكَانَ يَجُشُّ لَهَا الشَّعِيرَ حَتَّى تَأْكُلَهُ مِنْ ضَعْفِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا حِمَارُهُ يَعْفُورٌ، وَيُصَغَّرُ فَيُقَالُ: عُفَيْرٌ. فَقَدْ كَانَ عليه الصلاة والسلام يَرْكَبُهُ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ حِمَارًا يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ» . وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ عِدَّةٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَكِبَ الْحِمَارَ» .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ رَكِبَ الْحِمَارَ فِي بَعْضِ أَيَّامِ خَيْبَرَ وَجَاءَ أَنَّهُ أَرْدَفَ مُعَاذًا عَلَى حِمَارٍ، وَلَوْ أَوْرَدْنَاهَا بِأَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا لَطَالَ الْفَصْلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضُ بْنُ مُوسَى السَّبْتِيُّ فِي كِتَابِهِ " الشِّفَا "، وَذَكَرَهُ قَبِلُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا، «أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارٌ يُسَمَّى زِيَادَ بْنَ شِهَابٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُهُ ; لِيَطْلُبَ لَهُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَيَجِيءُ إِلَى بَابِ أَحَدِهِمْ فَيُقَعْقِعَهُ، فَيَعْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطْلُبُهُ، وَأَنَّهُ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُلَالَةُ سَبْعِينَ حِمَارًا، كُلٌّ مِنْهَا رَكِبَهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَمَاتَ» . فَهُوَ حَدِيثٌ لَا يُعَرَفُ لَهُ إِسْنَادٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُوهُ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ، رحمه الله، يُنْكِرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِنْكَارًا شَدِيدًا.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ": ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ الْجُذُوعِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُذَيْنَةَ الطَّائِيُّ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:«أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِخَيْبَرَ حِمَارٌ أَسْوَدُ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ " مَنْ أَنْتَ؟ " قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ فَلَانٍ، كُنَّا سَبْعَةَ إِخْوَةٍ كُلُّنَا رَكِبَنَا الْأَنْبِيَاءُ وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، وَكُنْتُ لَكَ، فَمَلَكَنِي رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَكُنْتُ إِذَا ذَكَرْتُكَ كَبَوْتُ بِهِ فَيُوجِعُنِي ضَرْبًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَأَنْتَ يَعْفُورٌ ".» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.