الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن محمد
ابن أحمد بن الحسن، أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيُّ، سَمَعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيهِ، وَنَاظَرَ وَأَفْتَى وَكَانَ فَاضِلًا وَاعِظًا فَصِيحًا مُفَوَّهًا، شَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي وَعْظِهِ وَحُسْنِ نَظْمِهِ وَنَثْرِهِ، وَلَفْظِهِ، تُوُفِّيَ في المحرم وقد قارب الخمسين، ودفن عند أبيه.
محمد بن أحمد
ابن على بن أبى بكر العطان، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْحَلَّاجِ الْبَغْدَادِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَقَرَأَ الْقِرَاءَاتِ، وَكَانَ خَيِّرًا زَاهِدًا عَابِدًا، يُتَبَرَّكُ بِدُعَائِهِ ويزار.
محمد بن عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّافِعِيُّ
أَبُو رَشِيدٍ، مِنْ أَهْلِ آمُلَ طَبَرِسْتَانَ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وحج وأقام بمكة، وسمع من الحديث شَيْئًا يَسِيرًا، وَكَانَ زَاهِدًا مُنْقَطِعًا عَنِ النَّاسِ مُشْتَغِلًا بِنَفْسِهِ، رَكِبَ مَرَّةً مَعَ تُجَّارٍ فِي الْبَحْرِ فَأَوْفَوْا عَلَى جَزِيرَةٍ. فَقَالَ: دَعُونِي فِي هذه أعبد الله تعالى، فما نعوه فَأَبَى إِلَّا الْمُقَامَ بِهَا. فَتَرَكُوهُ وَسَارُوا فَرَدَّتْهُمُ الريح إليه فقالوا: إنه لا يمكن المسير إِلَّا بِكَ، وَإِذَا أَرَدْتَ الْمُقَامَ بِهَا فَارْجِعْ إِلَيْهَا، فَسَارَ مَعَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَأَقَامَ بها مدة ثم ترحل عنها ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ آمُلَ فَمَاتَ بِهَا رحمه الله، ويقال إنه كان يقتات في تلك الجزيرة بأشياء موجودة فيها، وكان بِهَا ثُعْبَانٌ يَبْتَلِعُ الْإِنْسَانَ، وَبِهَا عَيْنُ مَاءٍ يشرب منها ويتوضأ منها، وقبره مشهور بآمل يُزَارُ.
أُمُّ الْخَلِيفَةِ
الْمُسْتَرْشِدِ تُوُفِّيَتْ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ بعد العتمة تاسع عشر شوال مِنْهَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تسع وعشرين وخمسمائة
فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُسْتَرْشِدِ وَوِلَايَةُ الرَّاشِدِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ وبين الخليفة واقع كبير، اقتضى الْحَالُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَرَادَ قَطْعَ الْخُطْبَةِ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ فَاتَّفَقَ مَوْتُ أَخِيهِ طُغْرُلَ بْنِ محمد بن ملك شاه، فسار إلى البلاد فملكها، وقوى جأشه، ثُمَّ شَرَعَ يَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ لِيَأْخُذَ بَغْدَادَ مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا عَلِمَ الْخَلِيفَةُ بِذَلِكَ انْزَعَجَ وَاسْتَعَدَّ لِذَلِكَ، وَقَفَزَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ الْأُمَرَاءِ إِلَى الْخَلِيفَةِ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ سَطْوَةِ الْمَلِكِ محمود، وَرَكِبَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَغْدَادَ فِي جَحَافِلَ كَثِيرَةٍ، فِيهِمُ الْقُضَاةُ وَرُءُوسُ الدَّوْلَةِ مِنْ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، فَمَشَوْا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوَّلَ مَنْزِلِهِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى السُّرَادِقِ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُقَدِّمَةً وَأَرْسَلَ الملك مسعود مقدمة عليهم دبيس بن صدقة بن منصور، فجرت خطوب كَثِيرَةٌ، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ الْجَيْشَيْنِ الْتَقَيَا فِي عاشر رمضان يوم الاثنين فاقتتلوا قتالا شديدا، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الصَّفَّيْنِ سِوَى خَمْسَةِ أَنْفُسٍ، ثم حمل الخليفة على جيش مَسْعُودٍ فَهَزَمَهُمْ، ثُمَّ تَرَاجَعُوا فَحَمَلُوا عَلَى جَيْشِ الخليفة فهزموهم
وقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا الخليفة، ثم نهبت أموالهم وحواصلهم، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وغير ذلك من الأثاث والخلع والآنية والقماش، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2:156. وَطَارَ الْخَبَرُ فِي الأقاليم بذلك، وَحِينَ بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ انْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا، صُورَةً وَمَعْنًى، وَجَاءَتِ الْعَامَّةُ إِلَى الْمَنَابِرِ فَكَسَرُوهَا وَامْتَنَعُوا مِنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ، وَخَرَجَ النِّسَاءُ فِي الْبَلَدِ حَاسِرَاتٍ يَنُحْنَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْرِ، وَتَأَسَّى بِأَهْلِ بَغْدَادَ فِي ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ، وَتَمَّتْ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ وَانْتَشَرَتْ في الأقاليم، واستمر الحال على ذلك شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ وَالشَّنَاعَةُ فِي الْأَقَالِيمِ مُنْتَشِرَةٌ، فَكَتَبَ الْمَلِكُ سَنْجَرُ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يُحَذِّرُهُ غب ذلك عاقبة ما وقع فيه من الأمر العظيم، ويأمره أن يعيد الخليفة إلى مكانه وَدَارِ خِلَافَتِهِ، فَامْتَثَلَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ ذَلِكَ وَضُرِبَ لِلْخَلِيفَةِ سُرَادِقٌ عَظِيمٌ، وَنُصِبَ لَهُ فِيهِ قُبَّةٌ عظيمة وتحتها سرير هائل، وألبس السواد على عادته وأركبه بعض ما كان يركبه من مراكبه، وأمسك لجام الفرس ومشى فِي خِدْمَتِهِ، وَالْجَيْشُ كُلُّهُمْ مُشَاةٌ حَتَّى أُجْلِسَ الخليفة على سريره، ووقف الملك مسعود فقبل الأرض بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَيْهِ، وَجِيءَ بِدُبَيْسٍ مَكْتُوفًا وَعَنْ يَمِينِهِ أَمِيرَانِ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَمِيرَانِ، وسيف مسلول ونسعة بَيْضَاءُ، فَطُرِحَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ مَاذَا يَرْسُمُ تطبيبا لقلبه، فأقبل السلطان فشفع فِي دُبَيْسٍ وَهُوَ مُلْقًى يَقُولُ الْعَفْوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا أَخْطَأْتُ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ. فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِإِطْلَاقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ. فَنَهَضَ قَائِمًا وَالْتَمَسَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَ الْخَلِيفَةِ فأذن له فقبلها، وأمرها على وجهه وصدره. وَسَأَلَ الْعَفْوَ عَنْهُ وَعَمَّا كَانَ مِنْهُ، وَاسْتَقَرَّ الأمر على ذلك، وَطَارَ هَذَا الْخَبَرُ فِي الْآفَاقِ وَفَرِحَ النَّاسُ بذلك، فلما كان مستهل ذي الحجة جَاءَتِ الرُّسُلُ مِنْ جِهَةِ الْمَلِكِ سَنْجَرَ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يَسْتَحِثُّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إِلَى سُرْعَةِ رَدِّهِ إِلَى وَطَنِهِ، وَأَرْسَلَ مَعَ الرُّسُلِ جَيْشًا لِيَكُونُوا فِي خِدْمَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَادَ، فَصَحِبَ الْجَيْشَ عَشَرَةٌ مِنَ الباطنية، فلما وصل الجيش حملوا على الخليفة فقتلوه في خيمته وقطعوه قطعا، ولم يَلْحَقِ النَّاسُ مِنْهُ إِلَّا الرُّسُومَ، وَقَتَلُوا مَعَهُ أصحابه منهم عبيد الله بن سكينة، ثم أخذ أولئك الباطنية فأحرقوا قبحهم الله، وقيل إنهم كانوا مجهزين لقتله فاللَّه أعلم. وطار هذا الخبر في الآفاق فاشتد حزن الناس على الخليفة المسترشد، وخرجت النساء في بغداد حاسرات عن وجوههن ينحن في الطرقات، قتل عَلَى بَابِ مَرَاغَةَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعَ عشر ذي الحجة وحملت أعضاؤه إلى بغداد، وعمل عزاؤه ثلاثة أيام بعد ما بويع لولده الراشد، وقد كَانَ الْمُسْتَرْشِدُ، شُجَاعًا مِقْدَامًا بَعِيدَ الْهِمَّةِ فَصِيحًا بَلِيغًا، عَذْبَ الْكَلَامِ حَسَنَ الْإِيرَادِ، مَلِيحَ الْخَطِّ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ مُحَبَّبًا إِلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَهُوَ آخر خليفة رئي خطيبا، قتل وعمره خمس وأربعون سنة، وثلاثة أشهر، وكانت مدة خلافة سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وكانت أمه أم ولد من الأتراك