المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وت‌ ‌نصب الموازين ، وتوزن بها أعمال العباد: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ - شرح عقيدة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب

[صالح الفوزان]

الفصل: وت‌ ‌نصب الموازين ، وتوزن بها أعمال العباد: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ

وت‌

‌نصب الموازين

، وتوزن بها أعمال العباد:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8]، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] ، وتنشر الدواوين، فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله.

الموازين: موازين الأعمال، وقد ذكرها الله في القرآن {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] ، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] ، وقال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6 - 11] .

فالموازين ثابتة في القرآن، موازين حقيقية لها كفتان، توضع الحسنات في كفة، وتوضع السيئات في كفة، فإن رجحت حسناته فاز ونجا، وأفلح فلاحا لا شقاء بعده، وإن ثقلت سيئاته فقد خاب وخسر، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 9] ، وفي الآية الأخرى:{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} ، وفي قوله:{فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} .

قال: «فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله» ، قال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، فرح به ويريه الناس {اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} يعني: في الدنيا، ظننت يعني: أيقنت أني ملاق حسابي، فاستعددت لذلك، {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}

ص: 76

[الحاقة: 21 - 24]، الخالية يعني: الماضية في الدنيا.

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 25]، هذا يقول: يا ليتني ما رأيت هذا الكتاب، {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة: 25 - 27] ، القاضية: يعني: الموت، ليتني مت ولم آت هنا ولم أبعث {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: 28] ، في الدنيا {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 29] ، يعني: ليس له حجة على الله جل وعلا، ثم يقول الله - جل وعلا – للملائكة:{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: 30] ، إلى آخر الآيات.

هذا حال من أحوال القيامة في هذه السورة، وهو متكرر في القرآن.

ص: 77

وأؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم.

كذلك مما يكون في اليوم الآخر حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حوض طوله مسيرة شهر وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من يشرب منه شربة واحدة لا يظمأ بعدها أبدا، «ترد أمته عليه الحوض فيسقيهم صلى الله عليه وسلم، ويرد عليه أناس فيمنعون، فيقول: يا رب أصحابي، فيقال له: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك» .

فيمنعون – والعياذ بالله – من الورود إلى الحوض، وهم الذين يحدثون في الدين ويبتدعون في الدين، يمنعون من ورود الحوض.

قوله: «بعرصة القيامة» ، العرصة: هي المكان الواسع.

ومما يكون في يوم القيامة: الحساب، يحاسب الله - جل وعلا – الخلائق يوم القيامة، فالكافر يحاسب حساب تقرير، ليس حساب موازنة بين الحسنات والسيئات؛ لأنه ليس له حسنات، وإنما يقرر بأعماله الكفرية.

ص: 78

وأما المؤمنون فيحاسبون على أعمالهم؛ لأنه لهم حسنات ولهم سيئات، ومنهم من لا يحاسب، ويدخل الجنة بغير حساب؛ كما في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، ومنهم من يحاسب حسابا يسيرا وهو العرض {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 8، 9] ، ومنهم من يناقش الحساب، يحاسب حساب مناقشة.

قال رحمه الله: «وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم» ، بعد هذه الأهوال كلها هناك الصراط منصوب على متن جهنم، والصراط: هو الطريق، وهو ما يسمى بالقنطرة، على متن جهنم؛ أي على وسط جهنم، يمر الخلائق كلهم على هذا الصراط، وهو أدق من الشعر، وأحد من السيف، وأحر من الجمر، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم تجري بهم أعمالهم فوق الصراط:

* فمنهم من يمر كالبرق الخاطف.

* ومنهم من يمر كالفرس الجواد.

* ومنهم من يمر كراكب الإبل.

* ومنهم من يعدو عدوا.

* ومنهم من يمشي مشيا.

* ومنهم من يزحف زحفا.

* ومنهم من يخطف ويلقى في جهنم.

* وهذا مذكور في القرآن، قال تعالى:

ص: 79