الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب خروج الدابة
[188]
ولابن ماجه: عن بريدة قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة فإذا أرض يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخرج الدابة من هذا الموضع فإذا فتر في شبر". قال ابن بريدة: فحججت بعد ذلك سنين فأرانا عصًى له، فإذا هو بعصاي هذه هكذا وهكذا1.
[189]
وله: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان بن داود، وعصى موسى بن عمران، فتجلو وجه المؤمن2 بالعصا، وتخطم3 أنف الكافر بالخاتم، حتى أن أهل الحواء ليجتمعوا4، فيقول هذا: يا مؤمن! ويقول هذا: يا كافر"5. وحسنه الترمذي6.
[190]
وروى ابن جريج عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: "رأسها رأس الثور، وعينها عين الخنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل7، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرة،
1 سنن ابن ماجه ج2 كتاب الفتن باب دابة الأرض ص1352. في الزوائد هذا إسناد ضعيف، لأن خالد بن عبيد قال البخاري في حديثه نظر. وقال ابن حبان والحاكم: يحدث عن أنس بأحاديث موضوعة.
2 أي: تنورة.
3 قال السيوطي: أي تسمه.
4 قال الجرزي: هو ما يوضع عليه الطعام عند الأكل.
5 سنن ابن ماجه ج2 كتاب الفتن باب دابة الأرض ص1351.
6 تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي ج9 كتاب التفسير ص44.
7 أي: التيس الجبلي.
وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين1 اثنا عشر ذراعًا، معها عصى موسى، وخاتم سليمان، ولا يبقى مؤمن إلا نكتته بعصا موسى نكتةً بيضاء، يضيء لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا نكت وجهه بخاتم سليمان، فيسود لها وجهه، حتى أن الناس يتبايعون في الأسواق بكم يا مؤمن! وبكم يا كافر ثم تقول لهم الدابة: يا فلان أنت من أهل الجنة، وأنت من أهل النار، وذلك قوله عز وجل {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} " 2 الآية.
[191]
ولأبي داود الطيالسي في مسنده: عن حذيفة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: "لها ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج في أقصى البادية، ولا يدخل ذكرها في القرية -يعني مكة- ثم يكمن زمانًا طويلاً، ثم تخرج خرجةً أخرى دون ذلك، فيفشو ذكرها في أهل البادية، ويدخل ذكرها في القرية: مكة".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمةً، خيرها وأكرمها على الله تعالى: المسجد الحرام، لم يرعهم إلا وهي ترغوا بين الركن والمقام، تنفض عن رأسها التراب، فأرفض الناس منها شتى، ويثبت عصابة من المؤمنين، وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله تعالى فبدأت بهم، فجلت وجوههم حتى جعلتها كالكوكب الدري وولت في الأرض، لا يدركها طالب، ولا ينجو منها هارب، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول: يا فلان! الآن تصلي فتقبل عليه فتسمه في وجهه، ثم تنطلق، وتشترك الناس في الأموال، ويصطلحون في الأمصار، يعرف المؤمن
1 أحد مفاصل الأعضاء.
2 ذكره البغوي في تفسير الآية 82 من سورة النمل بالجزء الخامس وابن كثير في تفسير الآية ج3 مع اختلاف في الألفاظ في كل.
من الكافر، حتى إن المؤمن يقول: يا كافر! اقض حقي، وحتى إن الكافر يقول: يا مؤمن! اقض حقي" 1.
[192]
وقال أبو القاسم البغوي: أنا علي بن الجعد، عن فضل بن مرزق الرقاشي، وسئل ابن معين، فقال: ثقة، عن عطية العوفي، عن ابن عمر قال: تخرج الدابة من صدع2 في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها3.
[193]
ولمسلم: عن عبد الرحمن بن شماسة قال: كنت عند مسلم بن مجلز، وعنده عبد الله بن عمرو فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، وهم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم، فبينما هم كذلك، أقبل عقبة بن عامر فقال له ابن شماسة: اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة: هو أعلم وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك فقال عبد الله: أجل، ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك، مسها كمس4 الحرير، لا تترك نفسًا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة"5.
1 مسند أبي داود الطيالسي ج4 ص144 وأخرجه الحاكم في المستدرك ج4 ص484 وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
2 من صدع في الصفا.
3 ذكره البغوي في تفسير للآية 82 من سورة النمل، وكذلك ابن جرير الطبري وابن كثير من رواية فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر.
4 إشارة إلى الرفق بهم والإكرام لهم.
5 صحيح مسلم بشرح النووي ج13 كتاب الأمارة ص67.
[194]
وروى حماد بن سلمة عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال النبي صلى الله عليه وسل:"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال" وكان مطرف يقول: هم أهل الشام1.
[195]
قال البيهقي: وروي عن ابن عباس من طرق صحاح أنه قال: الدنيا سبعة أيام، كل يوم ألف سنة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخرها2.
وصحح أبو جعفر الطبري هذا الأصل، وعضده بآثار.
[196]
وروى ابن أبي الدنيا عن سعيد بن جبير قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة3.
[197]
وقال ابن إسحاق: ثنا محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن اليهود كانوا يقولون: مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، الدنيا يوم واحد في النار، وإنما هي سبعة أيام معدودة، ثم ينقطع العذاب، فأنزل الله في ذلك:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} إلى قوله: {خَالِدُونَ} 4 أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم5.
1 عون المعبود بشرح سنن أبي داود ج7 كتاب الجهاد باب في دوام الجهاد ص162، وفي المستدرك للحاكم ج4 كتبا الفتن والملاحم ص450 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
2 ذكره الطبراني في المعجم الصغير ج2 ص208.
3 المصدر السابق ج2 ص209.
4 سورة البقرة، الآيتان: 80-81.
5 ذكره ابن جرير الطبري ج1 ص382 عند تفسيره لقوله تعالى: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة} .
وقال عبد بن حميد: أنا شبابة، عن ورقاء، عن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
[198]
ولابن أبي حاتم: عن عبد الله بن عمر قال: ما كان منذ كان الدنيا رأس مائة سنة، إلا كان عند رأس المائة أمر، فإذا كان رأس مائة، خرج الدجال، ونزل عيسى ابن مريم فيقتله1.
[199]
ولمسلم: عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لن يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة"2.
[200]
وله: من حديث جابر بن عبد الله: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق"3.
وله من حديث معاوية: "يقاتلون على الحق"4.
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
1 ذكره الطبراني في المعجم الصغير ج2 ص210.
2 صحيح مسلم بشرح النووي ج13 كتاب الإمارة باب لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ص66.
3 تقدم تخريجه.
4 المرجع السابق ص67.
ومعنى هذه الأحاديث: أنهم لا يزالون على حق، حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة، وعند تظاهر أشراطها. قال الإمام النووي: يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين. منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض.
وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة، فإن هذا الوصف مازال بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن. ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث.