المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النهي عن السعي في الفتنة - أحاديث في الفتن والحوادث ط القاسم

[محمد بن عبد الوهاب]

الفصل: ‌باب النهي عن السعي في الفتنة

‌باب النهي عن السعي في الفتنة

[53]

ولأبي داود عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين أيديكم فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي" قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله قال: "كونوا أحلاس بيوتكم"1.

[54]

ولابن ماجه: عن أبي بردة قال: دخلت على محمد بن مسلمة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان ذلك فأت بسيفك أحدًا، فاضربه به حتى ينقطع، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة2، أو ميتة قاضية" فقد وقعت، وفعلت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم3.

[55]

وله: عن عائشة بنت أهبان: قالت: لما جاء علي بن أبي طالب ههنا البصرة دخل على أبي فقال: يا أبا مسلم! هل تعينني على هؤلاء القوم قال: بلى: قالت: فدعا بجارية له فقال: يا جارية! أخرجي سيفي، قال: فأخرجته فسل منه قدر شبر، فإذا هو خشب فقال: إن خليلي وابن

1 عون المعبود شرح سنن أبي داود ج11 كتاب الفتن والملاحم ص343.

يقول النووي في معنى الحديث: بيان عظم الفتنة وخطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التسبب في شيء، وإن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها أي كلما بعد الإنسان من مباشرتها يكون خيراً.

2 اليد الخاطئة: هي التي تقتل المؤمن ظلماً أو تموت بقضاء وقدر.

3 سنن ابن ماجه ج2 كتاب الفتن باب التثبت في الفتنة ص1310.

ص: 28

عمك صلى الله عليه وسلم عهد إلي إذا كانت فتنة بين المسلمين، فأتخذ سيفًا من خشب، فإن شئت خرجت معك. قال: لا حاجة لي فيك، ولا في سيفك1.

[56]

ولأبي داود عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة، فإن دخل على أحد منكم، فليكن كخير ابني2 آدم "3.

[57]

وله عن سعد قلت: يا رسول الله إن دخل علي بيتي، وبسط يده إلي ليقتلني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كن كخير ابني آدم، وتلا هذه الآية: {لَئِنْ بَسَطْتَ} 4 الآية".

[58]

وله عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي، يغربل الناس5 فيه غربلةً، تبقى حثالة من الناس، قد مرجت6 عهودهم وأماناتهم، واختلفوا، فكانوا هكذا وهكذا وشبك بين أصابعه"7.

1 سنن ابن ماجه ج2 كتاب الفتن باب التثبت في الفتنة ص1309.

2 أي فليستسلم حتى يكون قتيلاً كهابيل ولا يكون قاتلاً كقابيل.

3 عون المعبود شرح سنن أبي داود ج11 كتاب الفتن باب النهي عن السعي في الفتنة ص337. ما بين القوسين لا يوجد في سنن ابي داود وهو موافق لسنن ابن ماجه.

4 عون المعبود شرح سنن أبي داود ج11 كتاب الفتن باب النهي عن السعي في الفتنة ص335.

5 أي: يذهب خيارهم وأرذلهم كما ان الغربال ينقي الدقيق ويبقي الحثالة.

6 أي: اختلطت وفسدت.

7 يموج بعضهم ببعض. ويلبس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر.

ص: 29

قالوا كيف بنا يا رسول الله! إذا كان ذلك الزمان، قال:"تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتدعون أمر عامتكم"1.

[59]

وله: من حديث ابن عمرو نحوه وقال: فقلت كيف أصنع قال: "الزم بيتك، وأملك عليك لسانك2، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة3" وأوله: "إذا رأيت الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا وهكذا" وشبك بين أصابعه فقمت إليه فقلت إلخ4.

[60]

وللترمذي: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم في زمان، من ترك منكم فيه عشر ما أمر به هلك، ويأتي على الناس زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا"5. وقال: حسن غريب.

[61]

ولابن ماجه: عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتنتقون كما

1 عون المعبود شرح سنن أبي داود ج11 كتاب الملاحم ص497.

والمعنى: على من يختص بكم من الأهل والخدم أو إصلاح الأحوال المختصة بأنفسكم.

2 أي لا تتكلم في أحوال الناس.

3 أي: الزم أمر نفسك، واحفظ أبنك، واترك الناس ولا تتبعهم.

4 عون المعبود بشرح سنن أبي داود ج11 كتاب الملاحم باب الأمر والنهي ص498.

5 تحفة الأحوذي بشرح الترمذي ج6 أبواب الفتن ص545.

ومعنى الحديث: أن الزمان الأول: وهو متصف بالأمن وعز الإسلام من ترك فيه عشر ما أمر به وقع في الهلاك لأن الدين عزيز وأنصاره كثير فالترك تقصير بلا عذر، أما الزمان الثاني فمن عمل فيه بعشر ما أمر به نجا. لأنه المقدور في زمن ضعف فيه الإسلام، وكثر الظلم، وعم الفسق، وقل أنصار الدين.

ص: 30

ينتقى التمر من أغفاله1، فليذهبن خياركم، وليبقين شراركم، فموتوا إن استطعتم" 2.

[62]

وللبخاري: عن مرداس الأسلمي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يذهب الصالحون الأول فالأول، وتبقى حفالة3، كحفالة الشعير والتمر، لا يباليهم الله باله" 4 وفي رواية: "لا يعبأ الله بهم".

1 أي: مما لا خير فيه.

2 سنن ابن ماجه ج2 كتاب الفتن ص1340.

ومعنى موتوا ان استطعتم أي إذا تحقق ذلك فموتوا يريد الموت خير حينئذ من الحياة فلا ينبغي أن تكون الحياة عزيزة.

3 قال الخطابي: الحفالة: الرديء من كل شيء.

4 فتح الباري بشرح البخاري ج11 كتاب الرقاق باب ذهاب الصالحين ص251.

ومعنى لا يباليهم الله باله: قال الخطابي: لا يرفع لهم قدر ولا يقيم لهم وزناً.

ص: 31