الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وإن تجلى فيها أتمها خفيفة لقوله: صلى الله عليه وسلم: "فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم") .
ــ
(وإن تجلى فيها أتمها خفيفة لقوله: صلى الله عليه وسلم: "فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم") والمراد إذا حصل التجلي كله ولم يبق شيء من التغير؛ لأن الإبطال غير ممكن، {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [47/33] ) فيخفف إذا لم يبق كسوف أصلاً. فإذا زال ما بالقمر والشمس من فقد الضوء وكماله لم يبق ما يوجد منه لا قليل ولا كثير فلا تكون مشروعة حينئذ. فقوله:"حتى ينكشف" وقد انكشف والانكشاف انقضى وفرغ، مدلول هذا أن الصلاة إنما هي إلى هذه الغاية.
بابُ صَلاةِ الاسْتسْقاء
(وهي سنة مؤكدة حضراً وسفراً) ،
ــ
بابُ صَلاةِ الاسْتسْقاء
الاستسقاء طلب السقيا والغيث، (وهي سنة مؤكدة حضراً وسفراً) وهو قول الجمهور. وبعضهم يذهب إلى عدم فعلها جماعة. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه عند سببه. وقد استسقى صلى الله عليه وسلم والتمر في المرابد، والاستسقاء فيه أوجه: صلاتها جماعة، واستسقاؤه صلى الله عليه وسلم على المنبر، ومرة في طريق من طرق المدينة فرفع يديه ودعا، ومرة في المسجد مع أصحابه. وكل في تلك المواطن يسقون. وفي البر. فهي مشروعة، وقد دلت عليها السنة، مؤكدة تشرع في السفر والحضر بآكدية مع وجود السبب وهو القحط.
(وصفتها صفة صلاة العيد) ، (ويسن فعلها أول النهار) ، (ويخرج متخشعاً، متذللا، متضرعاً، لحديث ابن عباس صححه الترمذي) ، (فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة) ، (ويكثر فيها الاستغفار) ، (ويرفع يديه ويكثر منه)، (ويقول: اللهم اسقنا غيثاً، مغيثاً، هنيئاً، مريئاً، مريعاً، غدقاً، مجللاً، سحاً، عاماً، طبقاً، دائماً، نافعاً، غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم أسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين: اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق.
ــ
(وصفتها صفة صلاة العيد) من كونها ركعتين، وفي الصحراء (ويسن فعلها أول النهار) فإنه صلى الله عليه وسلم فعلها حين خرج حاجب الشمس (ويخرج متخشعاً، متذللا، متضرعاً، لحديث ابن عباس صححه الترمذي) يشرع أن يخرج متخشعاً كما في هذا الحديث المشار إليه، (فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة) يعني كصلاة العيد، (ويكثر فيها الاستغفار) يكثر في خطبته المذكورة من الدعاء والاستغفار (ويرفع يديه ويكثر منه) يكثر من ذلك أي رفعاً كثيراً لحديث:"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه" (ويقول: اللهم اسقنا غيثاً، مغيثاً، هنيئاً، مريئاً، مريعاً، غدقاً، مجللاً، سحاً، عاماً، طبقاً، دائماً، نافعاً، غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم أسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين: اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق.
اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنزل علينا من بركاتك. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً) ، (ويستحب أن يستقبل القبلة في أثناء الخطبة) ، (ثم يحول رداءه فيجعل ما على الأيمن على الأيسر وعكسه) ، (لأنه صلى الله عليه وسلم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة ثم حول رداءه، متفق عليه) ، (ويدعو سراً حال استقبال القبلة) ،
ــ
اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنزل علينا من بركاتك. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً) هذا مما حفظ من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (ويستحب أن يستقبل القبلة في أثناء الخطبة) لما جاء في الحديث ا، هـ استقبل القبلة. (ثم يحول رداءه فيجعل ما على الأيمن على الأيسر وعكسه) ومسنون تحويل ردائه ونحوه، وهذا من باب التفاؤل فإنه يتفاؤل أن يحول الله الحال إلى حال أحسن، بتحويل حالة الجدب إلى حالة الخصب. وجنس التفاؤل مما جاء به الشرع، وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل" (لأنه صلى الله عليه وسلم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة ثم حول رداءه، متفق عليه) ودعا سراً. فدل على مشروعية التحويل المذكور (ويدعو سراً حال استقبال القبلة) يدعو سراً بعد الجهر. وأما في حال استقبال المأمومين والاستغفار فيدعو جهراً.
(وإن استسقوا عقب صلاتهم أو في خطبة الجمعة أصابوا السنة) ، (ويستحب أن يقف في أول المطر) ، (ويخرج رحله وثيابه ليصيبها المطر) ، (ويخرج إلى الوادي إذا سال ويتوضأ) ،
ــ
(وإن استسقوا عقب صلاتهم أو في خطبة الجمعة أصابوا السنة) لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل فقال: يا رسول الله "هلك الأموال وجاع العيال، فادع الله لنا. فرفع يديه وما نرى في السماء" الحديث. والقصة معلومة معروفة. فدل على شرعية الاستسقاء، وأنه إن اقتصر عليه فقد جاء بوجه من أوجه السنة.
"أو بعد صلاة" كأن يستسقوا بعدما يفرغون من صلاة الظهر أو الفجر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في المسجد هو وأصحابه. ومن أوجهه أنه دعا عند أحجار الزيت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه ذلك، كما أن دعا مرة أو مرتين في السفر.
(ويستحب أن يقف في أول المطر) يعني لا سيما إذا كان أول مطر في السنة بعد الاستسقاء، مع أنه مستحب الوقوف عند كل مطر. وذكر بعضهم أنه مستحب الحسر عن الرأس، وأظنه جاء في حديث أنه فعل ذلك، وقال:"إنه حديث عهد بربه" 1 (ويخرج رحله وثيابه ليصيبها المطر) وكذلك يخرج رحله يعني متاعه ليصيبه والرحل القش. فمثل الشداد وبعض الأشياء فهذا مما يستحب يعني رجاء أن ينال رحله وبدنه البركة (ويخرج إلى الوادي إذا سال ويتوضأ) يندب أنه إذا سال وادٍ
1 جاء ذلك في حديث أنس قال: "أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر. قلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: " إنه حديث عهد بربه" (أخرجه مسلم رقم 898) .
(ويقول إذا رأى المطر: اللهم صيباً نافعاً) . (وإذا زادت المياه وخيف من كثرة المطر استحب أن يقول: اللهم حوالينا ولا علينا. اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر) ، (ويدعو عند نزول المطر) ، (ويقول مطرنا بفضل الله ورحمته) ،
ــ
في البلد أن يخرج إليه لحديث: "اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهوراً نتطهر به"، (ويقول إذا رأى المطر: اللهم صيباً نافعاً) يعني أول ما يقع المطر يندب أن يقول: "اللهم صيباً" يسمى صيباً؛ لأنه يصوب وينزل "نافعاً" يسأل الله أن يجعله نافعاً؛ فإنه بعض الأحيان ينزل المطر ولا ينتفع به، وجاء الحديث:"ليس القحط أن لا تمطروا، بل القحط أن تمطروا، ثم تمطروا، ثم لا يبارك لكم". (وإذا زادت المياه وخيف من كثرة المطر استحب أن يقول: اللهم حوالينا ولا علينا. اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر) لما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك.
(ويدعو عند نزول المطر) أي مستحب أن يدعو فإنه وقت إجابة دعوة، يسأل الله سبحانه ويطلبه الطلبات النافعة المهمة، يعني بأن يكون مراعياً ما له مزيد أهمية، وإلا فهو كغيره من أوقات الدعاء.
عبارة أخرى: فإنه وقت يرجى فيه إجابة الدعاء؛ فإنه وقت رحمة من الله للعباد يرجى عند هبته ومده أن يهب للعبد مغفرة ذنوبه، وأن يغيث قلبه كما أغاث الأرض.
(ويقول مطرنا بفضل الله ورحمته) مستحب ومتأكد؛ لحديث زيد
(وإذا رأى سحاباً أو هبت ريح سأل الله من خيره واستعاذ من شره) ، (ولا يجوز سب الريح)، (بل يقول: اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به،
ــ
ابن خالد قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل إلى أن قال فيه: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" فمشروع أن يقول مطرنا بفضل الله ورحمته، وممنوع أن يقال: مطرنا بنوء كذا. فالأول من شكر الله على هذه النعمة. والثاني من كفرانها. فمنكر وحرام ومكروه وكفران أن يقول: مطرنا بنوء كذا وكذا.
(وإذا رأى سحاباً أو هبت ريح سأل الله من خيره واستعاذ من شره)"سحاباً" يعني مخيلة سحاب. أو هبت ريح استعاذ به تعالى من شرها وسأل الله من خيرها؛ ولهذا في حديث عائشة: "ما هبت ريح إلا جثى رسول الله على ركبتيه يقول
…
الخ. وجاء في الحديث: أنه إذا رأى في السماء مخيلة يدخل ويخرج إلى أن يجيء أول المطر، ثم يسرى عنه. وسألته عائشة فقالت: إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، وقد رأى قوم العذاب:{قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [46/24] يعني والله على كل شيء قدير.
(ولا يجوز سب الريح) لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الريح" (بل يقول: اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به،
وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً. اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً) ، (وإذا سمع صوت الرعد والصواعق، قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك، سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) ، (وإذا سمع نهيق حمار أو نباح كلب استعاذ بالله من الشيطان) ، (وإذا سمع صياح الديك سأل الله من فضله) .
ــ
وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً. اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً) هذا هو المشروع لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح" الحديث.
(وإذا سمع صوت الرعد والصواعق، قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك، سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(وإذا سمع نهيق حمار أو نباح كلب استعاذ بالله من الشيطان) وذلك أنها إنما تنهق عند رؤية الشيطان، (وإذا سمع صياح الديك سأل الله من فضله) فيسأل الله من فضله فإنها رأت ملكاً.