الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا يصح الصوم الواجب إلا بنية من الليل) ، (ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده) .
ــ
(ولا يصح الصوم الواجب إلا بنية من الليل) لحديث: "لا صيام لمن لم يفرضه من الليل" فمن نواه صح فرضه، ومن لم ينو إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا يصح (ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده) بشرط أن لا يتقدم منه في أول النهار ما يفسده.
بابُ ما يُفسد الصَّوم
(من أكل أو شرب) ، (أو استعط بدهن أو غيره) ، (فوصل إلى حلقه) ، (أو احتقن) ، (أو استقاء فقاء) ،
ــ
بابُ ما يُفسد الصَّوم
يعني يبطله (من أكل أو شرب) الأكل يبطل إجماعاً، والشرب كذلك (أو استعط بدهن أو غيره) والإستعاط هو حقن الأنف، وصفته: أن يستلقي الإنسان المسعوط ويكون رأسه أخفض بقليل بحيث إذا دخل في الأنف يكون له انحدار إلى خياشيمه وما يتبعها (فوصل إلى حلقه) فإنه يفطر؛ لكونه أدخل إلى جوفه من منفذ. (أو احتقن) والمراد به هنا حقنة الدواء، ويتصور مع القبل فإنه يفطر1. (أو استقاء فقاء) استدعى
1 قلت: وانظر حكم التفطير بالإبر في الوريد أو العضل (جـ3 ص 188، 189 من فتاويه) وبيان أن أكثرها أدوية محلولة بماء، أو الماء في قارورة منفرد والمسحوق في قارورة وحده يخلط هذا مع هذا وقت الاستعمال كـ "الأونسلين" وبعض الحقن أغذية لا أدوية.
(أو حجم) ، (أو احتجم فسد صومه) ، (ولا يفطر ناس بشيء من ذلك) ، (وله الأكل والشرب مع شك في طلوع الفجر، لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ) ، (ومن أفطر بجماع فعليه كفارة ظهار) ،
ــ
طيوح كبده، فإذا قاء ولو قليلاً أفطر، بخلاف ما إذا ذرعه القيء (أو حجم) فلو حجم بآلة لم يفطر. (أو احتجم فسد صومه) وهذا إذا خرج دم. أما إذا لم يخرج فلا. لأن إخراج الدم إخراج للقوة، فإذا استدخل ما ينفع أو أخرج ما ينفع فإنه يفطر1.
(ولا يفطر ناس بشيء من ذلك) إذا كان ناسياً صومه فلا يفطر، أو كان ذاكراً صومه لكن باشره لا عن عمد (وله الأكل والشرب مع شك في طلوع الفجر، لقوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [2/187] والتبين غير الشك، والتأخر مكروه، وأما الحرام فلا، ما جاء المحرَّم بعد وهو الخيط الأبيض.
(ومن أفطر بجماع فعليه كفارة ظهار) المذكورة في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ
1 وانظر إخراج الدم للفحص في رمضان وقياسه على الحجامة في (فتاوى ورسائله جـ3/192، 193) قلت: وبعض من يستخرج منهم الدم للفحص يغمى عليهم من كثرة ما يؤخذ منهم للفحص أو غيره. كما هو شاهد.
(مع القضاء) ، (وتكره القُبْلَةُ لمن تتحرك شهوته) ، (ويجب اجتناب كذب، وغيبة، وشتم، ونميمة) ، (كل وقت) ، (لكن للصائم آكد) ، (ويسن كفه عما يكره) ،
ــ
مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [58/1-4](مع القضاء) ودليله حديث أبي هريرة الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو فقال: " هلكت يا رسول الله؟ قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. ثم جلس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: تصدق بهذا، فقال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك" رواه السبعة واللفظ لمسلم فذكر مثل كفارة الظهار سواء من كونها على الترتيب: عتق، فصيام، فإطعام ستين مسكيناً.
(وتكره القُبْلَةُ لمن تتحرك شهوته) لأنها داعية إلى الجماع قوي. وأما الذي لا تتحرك شهوته فلا يكره.
(ويجب اجتناب كذب، وغيبة، وشتم، ونميمة) والبهت (كل وقت) في كل وقت (لكن للصائم آكد) وأغلظ وأشد تحريماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
(ويسن كفه عما يكره) يحفظ صومه، وأن لا يجعل يوم صومه
(وإن شتمه أحد فليقل إني صائم) ، (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب) ، (وله الفطر بغلبة الظن) ، (ويسن تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر) ، (وتحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب وإن قل) ، (ويفطر على رطب) ، (فإن لم يجد
ــ
ويوم فطره سواء، (وإن شتمه أحد فليقل إني صائم) يندب ذلك يعني لا يشاتم من شتمه فإن شاتمه احد فليقل إني صائم لما جاء في الحديث الذي تقم معناه، (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب) بأكل إن كان عنده، كمال فضيلة التعجيل بالأكل، لا بالماء وأصل فضيلة التعجيل يحصل بالماء (وله الفطر بغلبة الظن) إذا رجح في اعتقاده أن الشمس غائبة مهوب لا بد أن يجزم جزم أن الشمس غابت، فلو كان غيم أو قتر وكان معه ساعة مضبوطة أو كان عدد ساعات. ومن دليله أنهم أفطروا مرة في زمن عمر رضي الله عنه ثم تبينت له الشمس فقال: إنا لم نجانف لإثم. فدل على ما تقدم.
(ويسن تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر) إن خشي أن يبغته فليبادر (وتحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب وإن قل) عدم الوصال. ولكن الفضيلة الشبع. وليس حتى يتخم. وتحصل ولو بقليل.
س: الذي رأى من يأكل ويشرب وهو صائم هل يجب أن ينبهه؟
جـ: فيه وجهان. والذي يقول إنه واجب يقيم دليل.
(ويفطر على رطب) ، (فإن لم يجد
فعلى التمر) ، (فإن لم يجد فعلى الماء) ، (ويدعو عند فطره) ، (ومن فطر صائماً فله مثل أجره) ، (ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان، والذكر، والصدقة) ، (وأفضل صيام التطوع صيام يوم وإفطار يوم) ، (ويسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر) ، (وأيام البيض أفضل) ،
ــ
فعلى التمر) هذا هو السنة والأفضل، فها هنا شيئان الحلاوة، وخصوصية الحلاوة. الحلاوة فيها توليد الدم والقوة والفيتامين (فإن لم يجد فعلى الماء) هذا الأخير والماء مادة الحياة {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (ويدعو عند فطره) أي بعد فطره، ومنه: اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت، سبحانك وبحمدك، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم" (ومن فطر صائماً فله مثل أجره) من غير أن ينقص من أجره شيء جاء ذلك في الحديث الذي هذا معناه.
(ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان، والذكر، والصدقة) فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن. والذكر والصدقة داخلة في ذلك وتضاعف في الأوقات الفاضلة.
صوم التطوع:
(وأفضل صيام التطوع صيام يوم وإفطار يوم) لقوله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً" هذا أفضله.
(ويسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر) سواء كانت الثلاث الأولى أو التي تليها أو فرقة في الشهر. وجاء أن الحسنة بعشر أمثالها فيكون كصيام الدهر (وأيام البيض أفضل) لكن بعض الصوم أفضل من بعض
(ويسن صوم يوم الخميس والاثنين) ، (وستة أيام من شوال) ، (ولو متفرقة) ، (وصوم تسع ذي الحجة، وآكدها اليوم التاسع وهو يوم عرفة) ، (وصوم المحرم) ، (وأفضله التاسع والعاشر) ، (ويسن الجمع بينهما) ، (وكل ما ذكر في يوم عاشوراء من
ــ
إذا صمت البيض فهو أفضل قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: " إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر" رواه الترمذي وحسنه. وسميت بيضاً لبياض ليالها بالقمر من المغرب إلى الفجر. وقيل: لأن الله بيّض فيها صحيفة آدم من الذنب.
(ويسن صوم يوم الخميس والاثنين) وفي الحديث صيامه لها، وقال:"إن الأعمال تعرض فيهما، على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" فهذا من جملة ما يسن صيامه.
(وستة أيام من شوال) كذلك يسن صيام ستة أيام من شوال، (ولو متفرقة) والتتابع أفضل، ويجوز التفريق. وأيضاً لها صور المبادرة وهي أفضل لقوله:{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [20/84] فكونها تلي رمضان ومبادر بها من غير تفريق أفضل. فمن صام الست كان كم صام الشهرين الباقيين.
(وصوم تسع ذي الحجة، وآكدها اليوم التاسع وهو يوم عرفة) وهو أفضل أيام السنة، كما أن أفضل الليالي ليلة القدر (وصوم المحرم) يندب صيام المحرم كله (وأفضله التاسع والعاشر) أفضله وآكده (ويسن الجمع بينهما) ضم يوم إليه مخالفة لليهود. والأفضل التاسع والعاشر. ويجوز إحدى عشر قال أحمد: وإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام (وكل ما ذكر في يوم عاشوراء من
الأعمال غير الصيام لا أصل له بل هو بدعة) ، (ويكره إفراد رجب بالصوم) ، (وكل حديث في فضل صومه والصلاة فيه فهو كذب) ، (ويكره إفراد الجمعة بالصوم) ، (ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين) ، (ويكره الوصال) ،
ــ
الأعمال غير الصيام لا أصل له بل هو بدعة) مثل كحل العينين. وكذا في أحاديث تذكر كالتوسعة على العيال فهو باطل ما له صحة.
ويوم عاشرواء فيه طائفتان تتقابل: الروافض يجعلونه وما قبله يوم حزن. والنواصب يجعلونه يوم عيد. يسمى "عيد العمر" وأهل السنة لا يرون هذا ولا هذا، ولا يميزونه إلا بالصيام. وله مرتبتان: قبل الإسلام كان واجباً صيامه، ثم نسخ وكان سنة.
(ويكره إفراد رجب بالصوم) كونه رجب من أوله إلى آخره ولا يصوم من الشهر الذي قبله أو بعده مكروه، فإن أفطر منه شيئاً ولو يوماً واحداً زالت الكراهة (وكل حديث في فضل صومه والصلاة فيه فهو كذب) .
والاعتمار فيه الذي يفعله بعض أهل الأمصار ما له وجه، إنما الذين يعظمونه أهل الجاهلية، فلا يعظم بذبح ولا صيام. وسواء قصد مشابهتهم أو لا.
(ويكره إفراد الجمعة بالصوم) لأنها عيد الأسبوع، وإن صيم يوم قبله أو بعده زالت الكراهة.
(ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين) للنهي عنه في حديث ابن عباس الذي رواه أبو داود: "لا تقدموا الشهر بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم، ولا تصوموا حتى تروه" الحديث، (ويكره الوصال) كراهة شديدة وهو أن يصوم يومين فأكثر لا يأكل في الليل ولا
(ويحرم صوم العيدين) ، (وأيام التشريق الثلاثة) ، (ويكره صوم الدهر) ،
ــ
يشرب، وبعض يحرمه. ونهى عنه صلى الله عليه وسلم وقال:"لو زاد لزدتكم" تنكيلاً ويجوز الوصال إلى السحر (ويحرم صوم العيدين) وهما الفطر والأضحى، الفطر يوم الفطر فرض وحتم إذا صاموا رمضان أن يتعاطوا المباحات، وأن يكون لهم أكل وسرور. وقد فرق الله بينهما فحتم عدم الأكل وجنس المفطرات، وحتم الفطر. فالذي يصومه أراد أن يسوي بين ما فرق الله بينه. وعيد الأضحى هو الذي تنحر فيه الضحايا والهدايا، وهي إنما تذبح للأكل ليس المراد إهراق دمها فقط. فالذي يصوم يريد معاكسة هذا المقصود الشرعي. وقال صلى الله عليه وسلم في يوم العيد:"هو يوم فطركم".
(وأيام التشريق الثلاثة) وذلك أنها من أعياد أهل الإسلام؛ لكن الذي لم يجد الهدي يجوز له الصيام إذا لم يصم يوم عرفة وما قبله تعين عليه الصيام؛ لأنه متعينٌ الصيام في الحج. والأفضل أن يقدمن، فإذا لم يبق من أيام الحج إلا هذه تعين أن يصمن.
والعيد عيدان حقيقيان. وما ليس بحقيقي وهو أيام التشريق شرعن تيسيراً في الوقت، فممنوع من صيامهن كما عرفت؛ لكن مرخص فيهن لمن لم يجد الهدي. أما العيدان فلم يرخص فيهما بحال.
(ويكره صوم الدهر) كأن يستمر في صيام لا يفطر أبداً، وفي الحديث:"لا صام من صام الأبد" وهو خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل، وخلاف قوله، وأنواع تطوعه بالصيام معلومة معروفة ليس منها هذا بحال.
(وليلة القدر) ، (معظمه)، (يرجى إجابة الدعاء فيها؛ لقوله:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [97/3] ) ، (قال المفسرون: في قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر خالية منها) ، (وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيه ما يكون في تلك السنة) ،
ــ
(وليلة القدر) هي في رمضان خاصة، وهي لم ترفع، وهي في العشر، وفي أوتاره آكد (معظمه) عظيمة القدر عند الله، ومن عظم قدرها ما جاء في القرآن:{خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [97/3] وفي الحديث: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" وسميت ليلة القدر لعظم قدرها عند الله سبحانه وتعالى. وقيل: لكونه يقدر فيها ما يكون في السنة المقبلة، أو لأن للطاعة فيها قدراً عظيماً. ولم يثبت فيها بعينها شيء صحيح صريح أنها بعينها في يوم معين، لا. بل دلت الأحاديث على أنها في العشر، وأنها في الأوتار آكد.
(يرجى إجابة الدعاء فيها؛ لقوله: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [97/3] (قال المفسرون: في قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر خالية منها) وهذا يفيك عظم فضل هذه الليلة، وأن بينها وبين سواها هذا البون البعيد. وألف الشهر من السنين ينيف عن ثمانين سنة، وهو عمر الإنسان إذا طال عمره لا يتجاوز هذا غالباً. (وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيه ما يكون في تلك السنة) هذا أحد ما قيل في سبب تسميتها. وهذا هو التقدير الحولي من أنواع التقدير.
(وهي مختصة بالعشر الأواخر، وليالي الوتر) ، (وآكدها ليلة سبع وعشرين)، (ويدعو فيها بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة:"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ") ، (والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم) .
ــ
(وهي مختصة بالعشر الأواخر، وليالي الوتر) فهي مختصة برمضان، وبالعشر منه، وفي الأوتار آكد (وآكدها ليلة سبع وعشرين) أبلغ في الرجا أن تكون هي ليلة القدر، جاء أحاديث واعتبارات تدل على أنها أرجى من غيرها. (ويدعو فيها بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة:"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني") مستحب أن يدعو بذلك في الليلة الذي يظنها هي، بل يُكثر؛ فإنه الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، ففيه التوسل إلى الله في حصول هذا المطلوب بأمرين: أحدهما: التوسل إليه باسمه العفو، وأن من وصفه العفو، ومن وصفه محبته لذلك. (والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم) .
نقلته من تقريرات شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله سماعاً منه حرفياً في دروسه1 في عامي تسعة وستين وسبعين وثلاثمائة وألف هجرية وانتهيت من تبييضه عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف هجرية. وصلى الله على محمد وعلى آل محمد وأصحابه أجمعين.
محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
1 في مسجده وفي بيته.