الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلاة
باب آداب المشي إلى الصلاة
…
بسم الله الرحمن الرحيم
ــ
باب آداب المشي إلى الصلاة
(بسم الله الرحمن الرحيم)
ابتدأ المصنف رحمه الله بالبسملة اقتداءً بالكتاب العزيز، وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكاتباته ومراسلاته.
ألف المصنف رحمه الله هذا في "العبادات" واقتصر على آداب المشي إلى الصلاة وما بعده من صفة الصلاة إلى آخر الزكاة والصيام.
ولم يذكر الطهارة؛ لأن الكلام فيها يطول، والنواقض معروفة في مواضع أخر، وكذلك الحج معروف في المناسك.
ومهم جداً لطالب العلم، ولا سيما المبتدي، لا سيما صلاته: تفاصيلها، وأفعالها، ويعرف زاكته، وصيامه، فألف هذا مشتملاً على المذكورات.
س: هل المسمي له "آداب
…
" المصنف، أو غيره؟.
جـ: الذي يقؤب أنه ليس اسمه، وجعل للمصنف؛ لأنه ليس
(باب آداب المشي إلى الصلاة)
(يسنُّ الخروج إليها متطهراً)، (بخشوع) (لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى
ــ
مقصوده آداب المشي
…
فقط؛ بل المراد أحكام العبادات؛ لكن لما رؤي، (باب آادب المشي إلى الصلاة) سماه بعض الطلبة. إلاّ أن يوجد ما يدل على هذا1.
(يسنُّ الخروج إليها متطهراً) الصلاة مشروع فيها آداب يتأدب بها.
فإن ابن آدم شرع له آداب في مَحَالَ: منها هذا، أن لا يخرج إلى المسجد إلا كامل الطهارة. هذه هي السنة أن يتطهر في بيته.
(بخشوع) ظاهرٍ عليه الخشوع، وهو السكون والتذلل، كما قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [41/39] فدل على أن الخشوع ضد الارتفاع. يكون في خروجه ممشاه بخشوع، وهو كونه مستحضراً أن ذاهب إلى طاعة ربه وماجاته. يكون في قلبه ما يظهر على جوارحه.
والدليل على أنه سنة ما يأتي:
(لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى
1 قلت: ومن أجل هذه التسمية اقتصر بعض من طبعه على ما يتعلق بالصلاة وترك الجنائز، والزكاة، والصيام.
المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة") ، (وأن يقول إذا خرج من بيته -ولو لغير الصلاة- بسم الله، آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل، أو أضل، أو أزل، أو أزل، أو أظلم، أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل عليّ) ، (وأن يمشي إليها بسكينة، ووقار)
ــ
المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة") .
فهذا الحديث دل على أن السنة أن يتطهر في داره، وأن يخرج إليها بخشوع، وأنه لا ينبغي أن يشبك بين أصابعه، وذلك لأنه في صلاة، وفي المسجد أشد، وفي الصلاة أشد وأشد. وعلل ذلك بأنه "في صلاة" فالصلاة أولى، وأولى.
وقوله: "ثم خرج" دليل على أنه مشروع أن يتطهر قبل.
(وأن يقول إذا خرج من بيته -ولو لغير الصلاة- بسم الله، آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل، أو أضل، أو أزل، أو أزل، أو أظلم، أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل عليّ) .
يندب إذا خرج من بيته ولو لغير الصلاة أن يقول: اللهم
…
إلى آخره. وأهم مخارجه للصلاة، وإلا فيقوله عند كل مخرج.
(وأن يمشي إليها بسكينة، ووقار) .
يندب أن يمشي بسكينة ووقار، ولا يمشي بانزعاج واندفاع.
(لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا") ، (وأن يقارب بين خطاه)، (ويقول:"اللهم إني أسألك بحق السَّائلين عليك وبحق ممشايَ هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً خرجت اتقاءََ سخطك وابتغاءَ مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت") ،
ــ
والسكينة: المراد بها عدم الاضطراب وإكثار الحركات. والوقار: المراد به الاحتشام من عدم الالتفات أو عدم إكثار الالتفات، ومن عدم رفع الصوت عندما يتكلم وأشباه ذلك مما هو من الوقار.
(لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا") . هذا الحديث دال على ما تقدم. (وأن يقارب بين خطاه) . والخُطوة بالضم الخطيئة. لما جاء في الحديث: ".. وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة" الحديث. وإذا كان هكذا علم أنه يكثر بكثرة الخُطا، ويحصل بالمقاربة بين الخطا، بخلاف ما إذا لم يقصر الخطا فإنه يقصر ما ذكر من رفع الدرجات وتكفير السيئات نسبياً.
(ويقول: "اللهم إني أسألك بحق السَّائلين عليك وبحق ممشايَ هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً خرجت اتقاءََ سخطك وابتغاءَ مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت") .
(ويقول: اللَّهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في بصري نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، وفوفي نوراً، وتحتي نوراً، اللهمَّ أعطني نوراً) ، (فإذا دخل المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى)، (ويقول: بسم الله، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه
ــ
يندبأن يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك إلى آخره. وهو الإثابة. فإجابة الداعين وإثابتهم من جملة أسمائه وصفاته، فدعاؤه بذلك من جملة دعائه بأسمائه وصفاته. فما في هذا الحديث تشهد له الآيات.
(ويقول: اللَّهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في بصري نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، وفوفي نوراً، وتحتي نوراً، اللهمَّ أعطني نوراً) .
يندب أن يقول ذلك؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما حين بات عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة، فروى من صلاته وخروجه، وذكر أنه قال: اللهم
…
إلى آخره. فدل على أن من الأدعية المشروعة هذا الدعاء. وسؤاله أن يجعله؛ لأن تلك إذا نور عليها بنور استقامت على الطاعة، وسلمت من المعاصي. وجاء الحديث:"أن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره، فمن أصاله من ذلك النور يومئذ اهتدى، ومن أخطأه ضل".
(فإذا دخل المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في شأنه كله. وتقديم اليمنى هنا لشرفها، وتأخيرها عند الخروج تقديم لها في المعنى.
(ويقول: بسم الله، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه
القديم من الشيطان الرجيم، اللهمَّ صلِّ على محمد، اللهمَّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وعند خروجه يقدم رجله اليسرى ويقول:
…
وافتح لي أبواب فضلك) ، (وإذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) ،
ــ
القديم من الشيطان الرجيم، اللهمَّ صلِّ على محمد، اللهمَّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وعند خروجه يقدم رجله اليسرى ويقول:
…
وافتح لي أبواب فضلك) .
فالدخول والخروج مجتمع مفترق. فالمجتمع أن الداخل والخارج اتفقا في قول: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافترقا في قول: فضل، ورحمة. لأن الداخل متعرض لأبواب الرحمة في تأدية الصلاة وقبولها. والخارج قد وفر الوقت وصلاها، وقد طلب الفضائل فناسب أن يقول: وافتح لي أبواب فضلك.
(وإذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) . يعني: مشروع أن يبادر إلى ركعتين قبل أن يجلس، وهما تحية المسجد.
لقول صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حى يصلي ركعتين"، وقد روي:"أعطوا المساجد حقها"، قيل: وما حقها؟ قال: "ركعتين قبا أن يجلس"؛ فدل على أنها حق للمساجد وحظ لها، كما أن تحية منى رمي الجمرة فلا يبدأ بشيء قب ذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجته.
ومحلها قبل الجلوس، فإن جلس وطال الزمان فإنها سنة فات محلها. أما إن قرب الزمان فيقوم فيصليها بدليل الذي جلس والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال له: "أصليت قبل أن تجلس؟ قال: لا. قال: قم
(ويشتغل بذكر الله) ، (أو يسكت) ، (ولا يخوض في حديث الدنيا) ، (فما دام كذلك فهو في صلاة) ، (والملائكة تستغفر له ما لم يؤذ أو يحدث) .
ــ
فاركع ركعتين". فدل على أن الرجل إذا دخل المسجد وجلس فانتبه أو نبه فإنه يقوم ويصلي. أما إذا طال فلا. وذلك أنه مطلوب الصلاة قبل الجلوس. وهنا حصل الجلوس وطال، وفرق بين الطويل والقصير.
وإذا صلى راتبة الفجر في بيته ثم أتى المسجد فالأولى أن يصلي تحية المسجد.
(ويشتغل بذكر الله) . فإذا كان في المسجد وصلى تحيته فينبغي له أن يشتغل بذكر الله من تلاوة القرآن -وهو أفضل الأذكار القولية- والتسبيح، والتحميد، والحوقلة، ودعاء الله، وسؤاله المغفرة، ونحو ذلك.
(أو يسكت) فإن لم يكن فينبغي له أن يصمت، وذلك أنه في هذه الحالة في صلاة.
(ولا يخوض في حديث الدنيا) إذا كان كذلك فكيف يفعل ما هو من أعمال الدنيا.
(فما دام كذلك فهو في صلاة) بالقوة، كما جاء في الحديث.
(والملائكة تستغفر له ما لم يؤذ أو يحدث) فإذا جاء إلى المسجد متطهراً وصلى واشتغل بالذكر فإنه في صلاة، فإن لم يفعل فيسكت، فإنه في صلاة، كما تقدم.