الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَجْهِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ الصَّلَوَاتِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ؟ أَوْ هُوَ مِنَ السُّنَنِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ يُؤْتَ بِهَا فِيهَا
؟
2241 -
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَهُوَ الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَقُولُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا جَلَسْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ عز وجل وَعَلَى عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ عز وجل هُوَ السَّلَامُ، فَلَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَهَا نَالَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لْيَتَحَرَّ أَطْيَبَ الْكَلَامِ أَوْ مَا أَحَبَّ مِنَ الْكَلَامِ "
2242 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ الْأَزْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الْبَصْرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ حَدَّثَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ عز وجل وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" عَجِلَ هَذَا "، ثُمَّ دَعَاهُ ، فَقَالَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ رَبِّهِ عز وجل وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ "
⦗ص: 19⦘
فَكَانَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ لِلْمُصَلِّي بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَتَخَيَّرَ مِنَ الْكَلَامِ مَا أَحَبَّ أَوْ يَدْعُوَ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا أَحَبَّ. وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ فِي حَدِيثِ فَضَالَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْعَوْدِ لَهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَا تُجْزِئُهُ مَعَهُ صَلَاتُهُ لَأَمَرَهُ بِالْعَوْدِ لَهَا، كَمَا أَمَرَ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ الْمُصَلِّيَ الصَّلَاةَ النَّاقِصَةَ بِالْعَوْدِ لَهَا
2243 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ إلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" وَعَلَيْكَ، فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ". فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فِي آخِرِ ذَلِكَ: فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ. فَقَالَ لَهُ:" أَجَلْ ". قَالَ لَهُ: " إِذَا قُمْتَ مِنْ صَلَاتِكَ. . . ". ثُمَّ عَلَّمَهُ مَا عَلَّمَهُ مِمَّا يَفْعَلُهُ فِي صَلَاتِهِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: " فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، وَمَا انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَنْقُصُ
⦗ص: 20⦘
مِنْ صَلَاتِكَ "
2244 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
2245 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ رِشْدِينَ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَاعِيهِ وَلَا يَشْعُرُ، فَلَمَّا فَرَغَ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ
⦗ص: 21⦘
اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ". فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ "، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّانِيَةُ أَوِ الثَّالِثَةُ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدِ اجْتَهَدْتُ فَعَلِّمْنِي. فَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَفْعَلُهُ فِي صَلَاتِهِ "
⦗ص: 22⦘
2246 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْوُحَاظِيِّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ وَحُجَّةٌ لِمَنْ لَا يَجْعَلُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ الصَّلَوَاتِ مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى إِيجَابِ ذَلِكَ فِي الصَّلَوَاتِ: إِنِّي وَجَدْتُ اللهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ، فَعَقَلْتُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي أَوْجَبَهَا،
⦗ص: 23⦘
قِيلَ لَهُ: أَفَقَالَ: صَلُّوا عَلَيْهِ فِي صَلَاتِكُمْ؟ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا مُطْلَقًا يَكُونُ إِنَّمَا نَالَهُمْ بِقَوْلِهِمْ إِيَّاهُ فِي صَلَوَاتِهِمْ وَفِي غَيْرِهَا، كَمِثْلِ مَا قَالَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 42] ، وَكَانَ مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي صَلَاتِهِ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَفْسُدْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ فَضْلًا وَإِيمَانًا هُوَ بِمَا تَرَكَ مِنْهَا تَارِكٌ لِحَظِّهِ وَمُقَصِّرٌ بِنَفْسِهِ عَنِ الرُّتْبَةِ الَّتِي كَانَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا لَوْ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: قَدْ رَأَيْنَاكَ تَقُولُ إِنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ الَّذِي يَتْلُوهُ السَّلَامُ مِنْهَا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ الَّذِي يَتْلُوهُ السَّلَامُ مِنْهَا إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ، فَأَيُّ دَلِيلٍ لَكَ عَلَى مَا قُلْتَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ إِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنِّي وَجَدْتُ فِي الْآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ، فَعَقَلْتُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُجَاوِرٌ لِلتَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ، قِيلَ لَهُ: وَخَصْمُكَ يَقُولُ لَكَ: إِنَّ ذَلِكَ التَّسْلِيمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ هُوَ التَّسْلِيمَ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ التَّسْلِيمُ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ
⦗ص: 24⦘
وَنَهْيِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا، كَمَا قَالَ عز وجل:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فِي تَأْوِيلِكُمَا فَرْقٌ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا كِفَايَةٌ عَنْ مَا سِوَاهُ. وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ