الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا هَاجَرَا إلَيْهِ فَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَعَاشَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَفَضَلَ صَاحِبَهُ الْمُسْتَشْهَدَ قَبْلَهُ
2307 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ وَهُوَ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ، قُتِلَ أَحَدُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل ، وَأُخِّرَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ، ثُمَّ مَاتَ. قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ الْجَنَّةَ فُتِحَتْ، فَرَأَيْتُ الْآخَرَ مِنَ الرَّجُلَيْنِ دَاخِلَ الْجَنَّةِ قَبْلَ الْأَوَّلِ فَتَعَجَّبْتُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ، فَبَلَغَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَيْسَ قَدْ صَامَ رَمَضَانَ بَعْدَهُ، وَصَلَّى بَعْدَهُ سَنَةً أَلْفَ رَكْعَةٍ ، وَكَذَا وَكَذَا
⦗ص: 77⦘
رَكْعَةً لِصَلَاةِ سَنَتِهِ ".
2308 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: أَسْلَمَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
2309 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
⦗ص: 78⦘
فَكَانَ إسْلَامُهُمَا جَمِيعًا ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، وَمَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَقَالَ طَلْحَةُ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذْ أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَكَ. فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ:" مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل، وَدَخَلَ الْآخَرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ؟ قَالَ:" أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ بَعْدَهُ سَنَةً؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: " وَأَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: " وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِي السَّنَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ".
⦗ص: 80⦘
2310 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ. ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
2311 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا قُلْتُمْ؟ " قَالُوا: دَعَوْنَا اللهَ عز وجل أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيَرْحَمَهُ ، وَيُلْحِقَهُ بِصَاحِبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ ، وَعَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ،
⦗ص: 81⦘
وَصِيَامُهُ بَعْدَ صِيَامِهِ، لَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "
2312 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَبِيعَةَ هَذَا الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ جَدُّ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً ، وَقَدْ خُولِفَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ
2313 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
⦗ص: 82⦘
اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَهْزِيِّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: آخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا ، وَعَاشَ الْآخَرُ بَعْدَهُ مَا شَاءَ اللهُ عز وجل ثُمَّ مَاتَ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَ لَهُ، وَكَانَ مُنْتَهَى دُعَائِهِمْ لَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِأَخِيهِ الَّذِي قُتِلَ قَبْلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّهُمَا تَقُولُونَ أَفْضَلُ؟ " قَالُوا: الَّذِي قُتِلَ قَبْلُ يَا رَسُولَ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل. قَالَ: " أَمَا تَجْعَلُونَ لِصَلَاةِ هَذَا وَلِصِيَامِهِ بَعْدَهُ وَلِصَدَقَتِهِ وَلِعَمَلِهِ فَضْلًا؟ لَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِنْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَضْلُ الَّذِي مَاتَ بَعْدَ الَّذِي مَاتَ قَبْلُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ اسْتَحَقَّ الْمَيِّتُ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُسْتَشْهَدِ قَبْلَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الْمَنْزِلَةِ
2314 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ الْخَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ رَابَطَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا جَرَى
⦗ص: 83⦘
لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْرِ ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ ".
⦗ص: 84⦘
2315 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَنْبَأْنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى الْقُرَشِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
2316 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِي الْقَبْرِ " قَالَ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا فِيهَا مِنْ فَضْلِ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا، وَمَنْ نَمَا عَمَلُهُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ قُتِلَ مُرَابِطًا كَانَ فَوْقَ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي الْمَنْزِلَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ مَاتَ غَيْرَ مُرَابِطٍ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ بِمَوْتِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ مَاتَ انْقَطَعَ
⦗ص: 87⦘
عَمَلُهُ بِمَوْتِهِ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنْ عِلْمٍ بَثَّهُ ، وَمِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، وَمِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ". فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا احْتُجَّ بِهِ عَلَيْنَا فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا يُعْطَاهُ الْمَيِّتُ فِي رِبَاطِهِ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا يَنْقَطِعُ عَمَلُ غَيْرِهِ مِنَ الْمَوْتَى عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ يَنْمُو لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِعَيْنِهِ لَا عَمَلَ سِوَاهُ يَلْحَقُ بِهِ ، وَكَانَ الرَّجُلَانِ الْمُهَاجِرَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا هَاجَرَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعًا، فَتَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ ، وَأَقَامَا عِنْدَهُ بَاذِلَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا فِيمَا يَصْرِفُهُمَا فِيهِ مِنْ جِهَادٍ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ عز وجل وَيُصْرَفُ الْمَقْتُولُ مِنْهُمَا فِي الْجِهَادِ حَتَّى قُتِلَ فِيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْرِفُهُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ إِلَّا بِتَصْرِيفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ فِيهِ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَسَاوَاهُ فِيهِ، وَزَادَ الْآخَرُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ الَّتِي قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِمِثْلِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الشَّهِيدِ وَإِنْ كَانَ الشَّهِيدُ بِفَضْلِهِ فِيمَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْقَتْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ حَوْلًا فِي هِجْرَتِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ إِنْفَاقُ مَالِهِ، فَتَفَرَّدَ بِذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مُصَلِّيًا صَلَوَاتِ مُدَّتِهِ تِلْكَ، وَصَائِمًا شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُنْكَرَ تَجَاوُزُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْمَنْزِلَةِ فِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا، وَفِي اسْتِحْقَاقِ سَبْقِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْ هُوَ دُونَ مِثْلِهِ
2317 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي
⦗ص: 88⦘
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ سَأَلَ اللهَ عز وجل الشَّهَادَةَ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللهُ عز وجل مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَحْوَالُ الرَّجُلِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هِجْرَتِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَلَبُّثِهِ مَعَهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيمَا يَصْرِفُهُ فِيهِ وَإِعْمَالِهِ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ ، وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ لِأَسْبَابِ الشَّهَادَةِ فَوْقَ ذَلِكَ. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ