الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ قَطَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمِهِمُ الْعُمْرَةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانُوا يُحَرِّمُونَهَا فِيهِ مِنَ الزَّمَانِ
2424 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ، وَعَفَا الْأَثَرُ، وَدَخَلَ صَفَرٌ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ. فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَهُمْ مُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً "
⦗ص: 213⦘
2425 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ النَّاسَ بِتَرْكِ الْحَجِّ الَّذِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهِ وَإِحْرَامِهِمْ مَكَانَهُ بِالْعُمْرَةِ كَانَ لِنَقْضِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمِهِمُ الْعُمْرَةَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي كَانُوا يُحَرِّمُونَ الْعُمْرَةَ فِيهِ، وَبَانَ السَّبَبُ الَّذِي نَقَضَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
2426 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 214⦘
جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" ، وَاللهِ مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا عَفَا الْوَبَرُ، وَبَرَأَ الدَّبَرُ، وَدَخَلَ صَفَرٌ، فَقَدْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ، فَكَانُوا يُحَرِّمُونَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، كَمَا أَعْمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لِيَقْطَعَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ ".
2427 -
كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْحَنَّاطُ، وَكَانَ يُلَقَّبُ خَرَبُوشًا، قَالَ: ثنا
⦗ص: 215⦘
يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ:" إِلَّا لِنَقْضِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ " فَاخْتَلَفَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ وَالْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ يُوسُفُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ الْعُمْرَةَ فِي الْمُحَرَّمِ وَلَيْسَ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ، كَمَا كَانُوا يُحَرِّمُونَهَا فِي مَا قَبْلَهُ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ وَهْمٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفِيضَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ تَحْرِيمِ الْعَرَبِ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا كَانَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ لَا فِيمَا
⦗ص: 216⦘
سِوَاهَا، وَكَذَلِكَ هُوَ مَنْصُوصٌ فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ:" وَدَخَلَ صَفَرٌ " أَيْ دَخَلَ الْمُحَرَّمُ الَّذِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ صَفَرًا، لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ صَفَرًا الَّذِي يَعْقُبُ الْمُحَرَّمَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ
2428 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهِ، قَالَ:" قَدِمُوا بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ - يَعْنِي أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِِ صلى الله عليه وسلم وَكَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرَ الْفُجُورِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ، وَعَفَا الْوَبَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرٌ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْصِدُونَ بِتَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ إِلَى شُهُورِ الْحَجِّ خَاصَّةً، وَفِي ذَلِكَ مُوَافَقَةُ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ لِمَا رَوَاهُ وُهَيْبٌ فِي ذَلِكَ، وَمُخَالَفَتُهُمَا لِابْنِ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِ: وَانْسَلَخَ صَفَرٌ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ: وَدَخَلَ صَفَرٌ،
⦗ص: 217⦘
يُرِيدُونَ بِذَلِكَ دُخُولَ الْمُحَرَّمِ الَّذِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ صَفَرًا ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي قَصَدَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَقْضِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَا هُوَ إعْمَارُهُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَهَذَا عِنْدَنَا مُحَالٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يَفْسَخُوا إحْرَامَهُمْ بِالْحَجِّ، وَأَنْ يُحْرِمُوا مَكَانَهُ بِعُمْرَةٍ، وَفِيهِمْ عَائِشَةُ
2429 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:" مَا يُبْكِيكِ؟ " فَقُلْتُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ أَوْ أَخْرُجَ الْعَامَ. قَالَ: " لَعَلَّكِ نَفِسْتِ "؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ ". قَالَتْ: فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: " اجْعَلُوهَا عُمْرَةً ". فَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَذِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْتُ، فَأُتِيَ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا
⦗ص: 218⦘
هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَأَرْجِعُ بِحَجَّةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، فَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ أَنْعَسُ، فَيَضْرِبُ وَجْهِي مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ، حَتَّى جِئْنَا التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ جَزَاءَ عُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ مِنْهُمْ، وَلَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الْحَجَّ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَأَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ: أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِحَجَّةٍ؟ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُكْشَفَ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 219⦘
كَانُوا فَسَخُوا الْحَجَّ الَّذِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهِ وَأَحْرَمُوا مَكَانَهُ بِعُمْرَةٍ، فَكَشَفْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ كَمَا أَحْرَمَ النَّاسُ بِهِ، ثُمَّ عَادَ إحْرَامُهَا إِلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي عَادَ إحْرَامُ النَّاسِ إِلَى مِثْلِهَا، ثُمَّ أَدْرَكَهَا الْحَيْضُ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَفْضِهَا وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَكَانَهَا، وَاتَّسَعَ لَهَا بِذَلِكَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا أَنْ قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ: أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَأَرْجِعُ بِحَجَّةٍ؟ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْهَا، مِنْهُمُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ
2430 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ. قَالَ: وَحَاضَتْ هِيَ، قَالَتْ: فَقَضَيْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجٍّ؟ قَالَ:" أَمَا كُنْتِ طُفْتِ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ " قَالَتْ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: " انْطَلِقِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ مَكَانُ
⦗ص: 220⦘
كَذَا وَكَذَا ".
⦗ص: 221⦘
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا الَّتِي صَارَتْ مَكَانَ حَجَّتِهَا بِتَرْكِهَا الطَّوَافَ لَهَا حَتَّى تَشَاغَلَتْ بِمَا تَشَاغَلَتْ بِهِ مِنْ أَمْرِ حَجَّتِهَا. وَقَدْ رَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ، فَبَيَّنَ فِيهِ مَعْنًى غَيْرَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ هُوَ السَّبَبَ لِخُرُوجِهَا مِنَ الْعُمْرَةِ
2431 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:" أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُهْلِلْ بِالْعُمْرَةِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ، وَأَدَعَ عُمْرَتِي "
⦗ص: 222⦘
وَقَدْ وَافَقَ عُرْوَةَ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَيَا عَنْهَا مِثْلَ ذَلِكَ.
2432 -
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
2433 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إسْرَائِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا إِنَّمَا خَرَجَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 223⦘
بِنَقْضِ رَأْسِهَا وَامْتِشَاطِهَا وَتَرْكِهَا إيَّاهَا، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ فِيهَا مَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ نَقْضَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِمَّا ذَكَرْنَا إِنَّمَا كَانَ بِفَسْخِهِمُ الْحَجَّ وَإِحْرَامِهِمْ بِالْعُمْرَةِ، لَا بِعُمْرَةِ عَائِشَةَ الَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا كَانَتْ قَضَاءً مِنْ عُمْرَةٍ كَانَتْ فِيهَا كَسَائِرِ النَّاسِ كَانُوا فِي عُمَرِهِمُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، وَخَرَجُوا مِنَ الْحَجِّ إلَيْهَا، وَخَرَجَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ الَّتِي هِيَ كَعُمَرِهِمْ بِالْحَيْضِ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهَا قَبْلَ طَوَافِهَا لِعُمْرَتِهَا، فَلَمْ يَصْلُحْ لَهَا مَعَ ذَلِكَ الْمُضِيُّ فِيهَا بَعْدَ إحْرَامِهَا بِالْحَجَّةِ الَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا كَمَا أَحْرَمَ سَائِرُ النَّاسِ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ وَاقِفَةً بِعَرَفَةَ لِحَجَّتِهَا، وَمَحِلُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَجَّتِهَا، وَمَعَهَا عُمْرَةٌ، لَمْ تَكُنْ طَافَتْ لَهَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا خَاطَبَ بِهِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْعُمْرَةِ الَّتِي أَحْرَمَ النَّاسُ بِهَا بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ مَكَانَ الْحَجِّ الَّذِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهِ وَفَسَخُوهُ إلَيْهَا
2434 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ فِي الْحَجِّ قَالَ: فَأَهَلَّ - يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، وَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئًا. قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى
⦗ص: 224⦘
إِذَا كُنَّا آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ:" إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً ". فَحَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، فَقَالَ:" دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ هَكَذَا فِي الْحَجِّ "
2435 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَأَلَ النَّاسَ بِمَاذَا أَحْرَمْتُمْ؟ فَقَالَ أُنَاسٌ: أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ ، وَقَالَ آخَرُونَ: قَدِمْنَا مُتَمَتِّعِينَ، وَقَالَ آخَرُونَ: أَهْلَلْنَا بِإِهْلَالِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ كَانَ قَدِمَ وَلَمْ يَسُقْ هَدْيًا فَلْيُحْلِلْ، فَإِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ حَتَّى أَكُونَ حَلَالًا ". فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ
⦗ص: 225⦘
لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: " لَا، بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ " وَهَذَا الْحَرْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: قَدِمْنَا مُتَمَتِّعِينَ، يَبْعُدُ فِي الْقُلُوبِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعِينَ إِنَّمَا يَبْتَدِئُونَ إحْرَامَهُمْ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُعْقِبُونَهَا بِالْحَجِّ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ حِينَئِذٍ، فَكَيْفَ يَتَمَتَّعُونَ التَّمَتُّعَ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا بِعُمْرَةٍ؟ وَهَذَا عِنْدَنَا وَهْمٌ مِنْ خُصَيْفٍ، فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ فَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ، مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ.
2436 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْعَلُوهَا عُمْرَةً ". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ لَبَّوْا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَدِمُوا فَطَافُوا بِالْبَيْتِ ، وَلَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ جَمِيعًا أَنْ يُحِلُّوا إِلَى الْعُمْرَةِ، وَبَعْضُهُمْ فِي
⦗ص: 226⦘
عُمْرَةٍ؟ وَكَذَلِكَ رَوَى غَيْرُ جَابِرٍ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُمْ قَدِمُوا مَكَّةَ مُلَبِّينَ بِالْحَجِّ خَاصَّةً، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ
2437 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُلَبِّينَ بِالْحَجِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ". وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ
2438 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا طُفْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ". وَمِنْهُمْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ
2439 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ الْهَدْيُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيُحْلِلْ "
⦗ص: 228⦘
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَنْكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ خُصَيْفٍ
2440 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ سَبَّحَ وَكَبَّرَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُحِلُّوا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ ".
⦗ص: 229⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَبْعُدُ فِي الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونُوا جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ وَهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيَعُدُّونَهَا مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالْإِحْلَالِ مِنَ الْإِحْرَامِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، وَفِيهِ عُمْرَةٌ إِلَى عُمْرَةٍ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ أَنْكَرَ هَذَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّ إحْرَامَهُمْ إِنَّمَا كَانَ بِالْحَجِّ لَا عُمْرَةَ مَعَهُ.
2441 -
كَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَبَّى بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ ، قَالَ:" لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ. فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ لِابْنِ عُمَرَ قَوْلَ أَنَسٍ، فَقَالَ: وَهِلَ أَنَسٌ، إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ ". قَالَ بَكْرٌ فَرَجَعْتُ إِلَى أَنَسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ
2442 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ، وَزَادَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ ". وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ
⦗ص: 230⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَضَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِهِمُ الْعُمْرَةَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ إِنَّمَا كَانَ بِفَسْخِهِ الْحَجَّ، وَأَمْرِهِ أَصْحَابَهُ بِهِ، وَإِحْرَامِهِمْ بِالْعُمْرَةِ، لَا بِأَمْرِهِ عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنَّاسِ:" مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَمَنْ شَاءَ فَلِيُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ "، فَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلٍ كَانَ مِنْهُ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ فَسَخُوا الْحَجَّ الَّذِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهِ وَقَدِمُوا مَكَّةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: " مَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ حَتَّى يَكُونَ بِهَا مُتَمَتِّعًا ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ بِلَا عُمْرَةٍ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَامَتِ الْحَجَّةُ بِإِحْلَالِهِمْ مِنَ الْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا لِسَبَبٍ أُرِيدَ بِهِ إبَاحَةُ الْعُمْرَةِ لَهُمْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِمْ، وَلِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ، وَيَصْلُحُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْحَجِّ بِذَلِكَ؛ لِيَتَّسِعَ لَهُمُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا، وَاسْتِئْنَافُ حَجَّةٍ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا بِلَا عُمْرَةٍ مَعَهَا، فَيَرْجِعَ بِحَجَّةٍ لَا عُمْرَةَ مَعَهَا. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ