الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوَابِهِ أُسَامَةَ لَمَّا قَالَ لَهُ: انْزِلْ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ: " وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ
"
2504 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ وَبَحْرٌ جَمِيعًا، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ غَدًا بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ:" وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ ". وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ ، وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رضي الله عنهما؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: " لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ.
⦗ص: 311⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ، فَوَجَدْنَاهُ مَوْصُولًا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْلِطُ كَلَامَهُ كَثِيرًا بِحَدِيثِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِنْهُ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ لَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: افْصِلْ كَلَامَكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَعَ أَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَدِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا نَبِيتُ بِهِ " أَنَّ أَرْضَ مَكَّةَ مَمْلُوكَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا عِنْدَنَا حُجَّةٌ ; لِأَنَّ إِضَافَةَ الدَّارِ مِنْ أُسَامَةَ إِلَيْهِ وَإِضَافَتَهُ إِيَّاهَا إِلَى نَفْسِهِ قَدْ يَكُونُ لِسُكْنَاهُ كَانَ إِيَّاهَا،
⦗ص: 312⦘
لَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا، كَمَا أَضَافَ اللهُ عز وجل بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ إِلَى الْعَنْكَبُوتِ، لَا أَنَّهَا تَمْلِكُهُ، وَلَكِنْ لِسَكَنِهِ إِيَّاهَا، وَكَمَا حَكَى لَنَا عز وجل فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِ النَّمْلَةِ:{يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} [النمل: 18] عَلَى الْإِضَافَةِ لَا عَلَى التَّحْقِيقِ، وَكَمَا يُقَالَ: يَا رَبَّ الدَّارِ، وَكَمَا يُقَالُ جُلُّ الدَّابَّةِ بِالْإِضَافَةِ لَا بِتَحْقِيقِ الْمِلْكِ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَا أَضَافَهُ أُسَامَةُ إِلَيْهِ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ أَبِي طَالِبٍ؛ لِأَنَّ وَارِثَهُ غَيْرُهُ، وَلَا رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ أَبَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ