الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِحُصَيْنٍ الْخُزَاعِيِّ أَبِي عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ لَمَّا عَلَّمَهُ أَنْ يَدْعُوَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَخْطَأْتُ ، وَمَا عَمَدْتُ ، وَمَا عَلِمْتُ ، وَمَا جَهِلْتُ
"
2525 -
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَ حُصَيْنٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ، كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ ، وَأَنْتَ تَنْخَرُهُمْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ؟ قَالَ:" قُلِ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْزِمَ لِي عَلَى رُشْدِ أَمْرِي ". قَالَ: ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا أَسْلَمَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ سَأَلْتُكَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، وَإِنِّي الْآنَ أَقُولُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ؟ قَالَ: " قُلِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا أَخْطَأْتُ ، وَمَا عَمَدْتُ ، وَمَا جَهِلْتُ ، وَمَا عَلِمْتُ ".
⦗ص: 348⦘
2526 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:" وَمَا أَخْطَأْتُ ، وَمَا عَمَدْتُ ، وَمَا عَقَلْتُ ، وَمَا جَهِلْتُ ". قَالَ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَخْطَأْتُ، فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَسْأَلُ غُفْرَانَ مَا أَخْطَأَ بِهِ، وَاللهُ عز وجل يَقُولُ:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْخَطَأَ الَّذِي تَوَهَّمَهُ الَّذِي هُوَ ضِدٌّ لِلْعَمْدِ، وَلَكِنَّهُ خَطَأٌ مِنَ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُهَا
⦗ص: 349⦘
مِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] مِنَ الْخَطِيئَاتِ الَّتِي يُخْطِئُونَهَا، وَمِمَّا يَدْخُلُ
⦗ص: 350⦘
فِي قَوْلِهِ عز وجل: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} [نوح: 25] ، فَذَلِكَ عَلَى الْخَطَايَا الَّتِي اكْتَسَبُوهَا بِقَصْدِهِمْ إلَيْهَا وَبِعَمْدِهِمْ إيَّاهَا لَا أَضْدَادِهَا مِنَ الْخَطَإِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُمْ مِمَّا لَا يَعْمِدُونَهُ، وَلَا يَقْصِدُونَ إلَيْهِ، وَلَا يَقَعُونَ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِمْ إِيَّاهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام:" وَمَا جَهِلْتُ " فَمَعْنَى مَا جَهِلْتُ: أَيْ: مَا عَمِلْتهُ جَاهِلًا بِقَصْدِي إلَيْهِ مَعَ مَعْرِفَتِي بِهِ، وَجِنَايَتِي عَلَى نَفْسِي بِدُخُولِي فِيهِ وَعَمَلِي إِيَّاهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
2527 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ الْحُصَيْنَ بْنَ عُبَيْدٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ مُشْرِكًا، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا كَانَ يَقْرِي الضَّيْفَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، مَاتَ قَبْلَكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَأَنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ أَبَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ ". قَالَ: فَمَا مَرَّتْ عِشْرُونَ لَيْلَةً حَتَّى مَاتَ مُشْرِكًا.
⦗ص: 352⦘
قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ حُصَيْنًا أَبَا عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَاتَ مُشْرِكًا، وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ذُكِرَ إسْلَامُهُ، وَتَعْلِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ مَا ذَكَرَ تَعْلِيمَهُ إِيَّاهُ فِيهِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافًا كَمَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ رُوَاةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ، غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَاهُمَا فَوَجَدْنَاهُمَا قَدْ يُخْرَجَانِ بِمَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِمْرَانُ هُوَ ابْنُ حُصَيْنِ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدٍ، فَيَكُونُ أَبُوهُ حُصَيْنٌ الْمَذْكُورُ بِالْإِسْلَامِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ أَبَاهُ الْأَدْنَى هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا عَلَّمَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إسْلَامُهُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ
⦗ص: 353⦘
اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَيَكُونُ الَّذِي مَاتَ مُشْرِكًا هُوَ حُصَيْنَ بْنَ عُبَيْدٍ أَبَاهُ الْأَقْصَى مِنْ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُصَيْنٌ، فَيَصِحُّ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا وَلَا يَتَضَادَّانِ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا حُمِلَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْفَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَا يُخَالِفَهُ وَلَا يُضَادَّهُ. وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ