الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ مِمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنَ الشَّيْءِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِحَقِّهِ فِيهِ أَمْ لَا
2478 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ لِأَهَبَ نَفْسِي لَكَ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ:" هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا ". فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: " انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ ". فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ. قَالَ: فَرَآهُ
⦗ص: 277⦘
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ ، فَقَالَ:" مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّدَهَا فَقَالَ: " أَتَقْرَأُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ".
2479 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَا أُصْدِقُهَا نِصْفَ إِزَارِي، وَقَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ "، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ الْإِزَارِ كَذَلِكَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لُبْسَهُ بِكَمَالِهِ فِي حَالٍ مَا يَحِقُّ مِلْكُهُ نِصْفَهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ، كَمَا لَمْ يَقُلْ لَهُ: إِنْ لَبِسَهُ سِوَاكَ أَوْ سِوَاهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ وَلَا عَلَيْهَا؛ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِكِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ أَوْ مِمَّا إِنْ قُسِمَ انْقَسَمَ، أَنْ يُسْتَعْمَلَ كَذَلِكَ وَأَنْ، تَجْرِيَ فِيهِ الْمُهَايَأَةُ، فَيَسْتَعْمِلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِكِيهِ بِحَقِّ مِلْكِهِ فِيهِ وَقْتًا مَعْلُومًا حَتَّى يَعْتَدِلَا فِي مَنَافِعِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْطَلِقًا فِيهِ
⦗ص: 278⦘
التَّجْزِئَةُ جُزِّئَ بَيْنَهُمَا، فَجُعِلَ جُزْءٌ مِنْهُ يَفِي بِحَقِّ أَحَدِهِمَا فِي يَدِهِ لِمُدَّةٍ مَا، وَجُعِلَ جُزْءٌ مِنْهُ فِي يَدِ الْآخَرِ مِنْهُمَا تِلْكَ الْمُدَّةَ يَسْتَعْمِلُهُ بِحَقِّ مِلْكِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ فِيمَا هُوَ مِنْهُ ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الَّذِينَ يَقُولُونَ فِي الدَّارِ تَكُونُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَيَطْلُبُ أَحَدُهُمَا سُكْنَى نَصِيبِهِ مِنْهَا وَيَأْبَاهُ الْآخَرُ: إِنَّ الْمُهَايَأَةَ تُسْتَعْمَلُ فِيهَا بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَمِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِإِطْلَاقِ صَاحِبِهِ ذَلِكَ لَهُ. وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ