المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الباب الثالث: في المهموز - شرحان على مراح الأرواح في علم الصرف

[ديكنقوز]

الفصل: ‌ الباب الثالث: في المهموز

[شرح ديكنقوز]

‌ الباب الثالث: في المهموز

لم يعرفه إما لا تفهامه من تعريف الصحيح أو لأن الاسم اللغوي يغني عنه، وإنما قدمه على المعتلات؛ لأن الهمزة حرف صحيح؛ لأنه لم يجر فيها ما جرى في حروف العلة في إطراد اللازم في كثير من الأبواب "ولا يقال له صحيح" مع أن الهمزة حرف صحيح لما مر "لصيرورة همزة"؛ أي همزة المهموز "حرف علة في التايين"؛ أي في إزالة شدتها كآمن وأومن وإيمانا "وهو يجيء على ثلاثة أضرب مهموز الفاء نحو أخذ" ويسمى القطع أيضا لانقطاع الهمزة عما قبلها بشدتها "و" مهموز "العين نحو سأل" ويسمى اللين أيضا؛ لأن اللين في اللغة جعل الكلمة ذات همزة "و" مهموز "اللام نحو قرأ" ويسمى المهموز أيضا وذلك ظاهر "وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح" في جميع الأحكام "إلا" في حكم "أنها قد تخفف" إذا لم يكن مبتدأ بها كما

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"الباب الثالث من الأبواب السبعة: "في" بيان "المهموز"

قدمه على المعتلات؛ لأن الهمزة حرف صحيح في ذاته، لكنها قد تخفف وتحذف في غير الأول "ولا يقال له"؛ أي للمهموز "صحيح" وإن كان حرفه حرفا صحيحا "لصيرورة همزته حرف علة في التليين" كآمن وأومن وإيمانا ولذلك يقال له الملحق بالمعتل "وهو"؛ أي المهموز "يجيء على ثلاثة أضرب" أحدها "مهموز الفاء نحو: أخذو" الثاني مهموز "العين نحو: سأل و" الثالث مهموز "اللام نحو: قرأ" هذا حصر عقلي وإن اعتبر وجود همزة واحدة في كلمة ثلاثية وإلا فبناء على الغالب؛ إذ يجيء من الرباعي ما يكون عينه ولامه الثانية همزتين نحو: كأكأ ولألأ "وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح" في تحمل الحركات "إلا أنها قد تخفف"؛ لأنها حرف ثقيل؛ إذ مخرجه أبعد من مخارج جميع الحروف؛ لأنه يخرج من أقصى الحلق، فهو شبيه بالتهوع المستكره لكل أحد بالطبع فخففها قوم وهم أكثر أهل الحجاز وخاصة قريش روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بلسان قوم وليسوا بأصحاب نبي، ولولا أن جبرائيل نزل بالهمزة على النبي عليه الصلاة والسلام ما همزتها، وخففها آخرون وهو تميم وقيس، والتخفيف هو الأصل قياسا على سائر الحروف الصحيحة فتخفف عند الأولين.

ص: 98

[شرح ديكنقوز]

يجيء إن شاء الله تعالى "بالقلب وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" كما تقول: سئل بين الهمزة والياء وهذا هو بين بين المشهور فيما بينهم؛ لأن العبرة بحركة الهمزة نفسها، ولهذا نكتب إذا كانت متحركة على وفق حركة نفسها كما يجيء إن شاء الله تعالى، وفسره حتى لا يظن أن المراد منه غير المشهور، وهو جعلها بينها وبين حرف حركة ما قبلها كما تقول: سئل بين الهمزة والواو ثم إن همزة بين بين ساكنة عند الكوفيين وعند البصريين متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن فيه فلا يقع في أول الكلمة، وأما وجه تخفيف الهمزة فلأنها حرف شديد مستثقل يخرج من أقصى الحلق فجاز فيها التخفيف لنوع من الاستحسان وهو لغة قريش وأكثر أهل الحجاز، والتحقيق لغة تميم وقيس قياسا لها على سائر الحروف والأصل في التخفيف بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض إلا أن المصنف قلب لكون القلب بين بين "والحذف وهو ثلاثة طرق الأول" من طرق التخفيف أعني القلب "يكون" ويتحقق "إذا كانت" الهمزة "ساكنة ومتحركا ما قبلها" وإنما تعين القلب في هذه الصورة إذا أريد تخفيفها؛ إذ لا يمكن جعلها بين بين المشهور لسكونها ولا غير المشهور؛ لأنه لا يجوز حيث لا يجوز المشهور؛ لأنه فرعه ولا يمكن الحذف؛ لأنه لا يبقى ما يدل عليها، وقوله:"تقلب بشيء يوافق" حركة "ما قبلها" بيان لكيفية القلب عند وجود شرطه؛ يعني إن كانت حركة ما قبلها فتحة تقلب ألفا؛ لأن الألف يوافق الفتحة، وإن كانت ضمة تقلب واوا، وإن كانت كسرة تقلب ياء؛ لأنهما يوافقانهما "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته لضعفه "واستدعاء ما قبلها"؛ أي طلب ما قبل الهمزة وهو حركة ما قبلها قلبها إلى ما يجانسه ويوافقه؛ إذ لا شك أن كل حركة تستدعي أن يكون الحرف الذي بعدها الحرف الذي لو أشبعت لتولد منها ذلك الحرف "نحو راس" بالألف أصله رأس "ولوم" بالواو أصله لؤم "وبير" بالياء أصله بئر "والثاني" من تلك الطرق أعني بين بين "يكون إذا كانت الهمزة متحركة" بأي حركة كانت "ومتحركا ما قبلها" بأي حركة كانت وإنما تعين بين بين؛ إذ لا مجال للقلب؛ لأن

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"بالقلب" حروف اللين "وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الألف، وإن كانت مكسورة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الياء، وإن كانت مضمومة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الواو هذا هو بين بين المشهور "وقد تجعل الهمزة بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركة ما قبلها" وهو بين بين الغير المشهور ثم همزة بين بين عند الكوفيين ساكنة وعندنا متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن غالبا فلا يقع في أول الكلمة قوله:"والحذف" مجرور معطوف على قوله بالقلب أو جعلها بين بين على اختلاف المذهبين قيل الأصل في تخفيف الهمزة أن تجعل بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض "الأول" وهو القلب "يكون إذا كانت الهمزة ساكنة ومتحركا ما قبلها" سواء كان في كلمة أو في كلمتين وحينئذ "تقلب" الهمزة "بشيء"؛ أي بحرف "يوافق" ذلك الشيء "حركة ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته "واستدعاء ما قبلها" قلبها فإن كانت حركة ما قبل الهمزة فتحة قلبت ألفا "نحو راس" أصله رأس بالهمزة الساكنة ثم قلبت ألفا "و" إن كانت حركة ما قبلها ضمة قلبت واوا نحو "لوم" أصله لؤم بالهمزة الساكنة "و" إن كانت كسرة قلبت ياء نحو "بير" أصله بئر بالهمزة الساكنة، وهذه الأمثلة للهمزة الساكنة التي في كلمة واحدة مع تحرك ما قبلها ومثال الهمزة الساكنة التي في كلمتين مع تحرك ما قبلها نحو إلى الهداتنا والذيتمن ويقولوذن لي الأصل في الأول أن يقال: إلى الهدى ويقال ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين؛ لأنه أمر من أتى يأتي، لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع ساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ايتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كان قلبت همزة رأس، وأما الذيتمن أصله الذي ائتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء أمن بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى ساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل، فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة، فصار ذئت من الذي أيتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر، وأما من يقولوذن لي، أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل، وهي فاء إذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصارت لؤذن من يقول ائذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم كذا حقق وكل ذلك؛ أي قلبت الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة، وأما إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن إيمانا كما سيجيء "والثاني" وهو تخفيف الهمزة بجعلها بين بين المشهور "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة و" كانت "متحركا ما قبلها

ص: 99

[شرح ديكنقوز]

الهمزة ليست بساكنة حتى تلين طبيعتها وتطاوع استدعاء حركة ما قبلها ولا للحذف؛ إذ لا يبقى من آثارها وعوارضها ما يدل عليها؛ لأن ما قبلها متحرك لا يقبل نقل حركتها إليه فيتعين بين بين "ثم تثبت"؛ أي بعد تركها وتحرك ما قبلها تثبت الهمزة على تخفيفها بين بين في كل الأحوال لا تطاوع الحذف والقلب "لقوة عريكتها"؛ أي الهمزة المتحركة بسبب حركتها مع حصول التخفيف فأحوال الهمزة حينئذ مع أحوال ما قبلها تسعة حاصلة من ضرب الثلاثة في الثلاثة "نحو سأل ولؤم" وسئم ورؤس وجؤن "وسئل" ومستهزئين وميئر ومستهزئون، ففي هذه الأحوال كلها تثبت الهمزة بجعلها بين بين "إلا إذا كانت مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما" فإنها لا تثبت حينئذ بل "تجعل واوا" إن كان ما قبلها مضموما "أو" تجعل "ياء" إن كان ما قبلها مكسورا "نحو مير" فيما كان ما قبلها مكسورا أصله مئر "وجون" فيما كان ما قبلها مضموما أصله جؤن "لأن الفتحة كالسكون في اللين" والضعف "فتقلب" الهمزة المفتوحة "كما" تقلب "في" حال "السكون. فإن قيل: لِمَ لا تقلب" الهمزة "ألفا في سأل وهمزته"؛ أي همزة سأل "مفتوحة ضعيفة" لينة "قلنا: فتحته"؛ أي فتحة همزة سأل يحذف المضاف "صارت قوية بفتح ما قبلها"؛ لأن الشيء يقوى بجنسه "ونحو لا هناك المرتع" في لا هناك بقلب الهمزة ألفا مع كونها وكون ما قبلها مفتوحين "شاذ" وهو بعض من بيت صدره:

راحت بمسلمة البغال عشية

فارعى فزارة لا هناك المرتع

وهو للفرزدق يهجو عمر الفزاري حين ولي على العراق بدل عبد الملك راحت ذهبت الباء في بمسلمة للتعدية، والبغال فاعل، راحت عشية بعد الظهر ظرف راحت، فارعى أمر من الرعي لجماعة المخاطبين، فزاره منادى حذف حرف النداء اسم قبيلة، المرتع فاعل، لا هناك وهو دعاء عليهم. يريد أن ابن السلطان فر وترك الملك لك فاغتنم به لا بور لك فيه ولا تتمتع به "والثالث" من تلك الطرق وهو الحذف "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة وساكنا ما قبلها ولكن" لا يقع الحذف ابتداء بل "تلين" الهمزة بسلب حركتها "فيه"؛ أي فيما إذا كانت الهمزة متحركة وساكنا ما قبلها "أولا"؛ أي قبل الحذف ليكون التخفيف على التدريج "للين عريكتها بمجاورة الساكن" في الجملة قبل ذلك التليين فإن الصحبة مؤثرة فتنقاد للتليين والتصرف فيها "ثم تحذف" الهمزة لاجتماع الساكنين أحدهما الهمزة والآخر الساكن الذي قبلها، وإنما تعين الحذف حينئذ؛ لأنه

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

ثم تثبت" الهمزة في هذه السورة؛ أي لم تحذف ولم تقلب بشيء لا أنه تثبت كما هي "لقوة عريكتها"؛ أي لقوة طبيعة الهمزة المتحركة مع تحرك ما قبلها وأقسام ذلك تسعة؛ لأن الهمزة إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وعلى التقادير ما قبلها إما مفتوح أو مكسور أو مضموم، والحاصل ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة، فإن كان الهمزة مفتوحة فما قبلها أيضا "نحو سأل" أو مكسور نحو مائة أو مضموم نحو مؤجل "و" إن كانت مضمومة فما قبلها إما مضموم نحو "لؤم" أو مفتوح نحو رؤف أو مكسور نحو مستهزئون، وإن كانت مكسورة فما قبلها إما مكسور أيضا نحو مستهزئين "و" مضموم نحو "سئل" أو مفتوح نحو سئم، والقياس في الصور التسع كلها أن تجعل بين بين؛ لأن فيه تخفيفا للهمزة مع بقية من آثارها ليكون دليلا على أن أصل الكلمة الهمزة، لكن في صورتين منها لا يمكن جعلها بين بين، وأشار إليهما بقوله: "إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما" فإن الهمزة حينئذ لم تجعل بين بين، بل "تجعل واوا" إن كان ما قبلها مضموما "أو" تجعل "ياء" إن كان ما قبلها مكسورا "نحو مير" بكسر الميم وفتح الياء أصله مئر بفتح الهمزة وهي جمع المثرة وهي العداوة "وجون" بضم الجيم وفتح الواو أصله جؤن بفتح الهمزة وهو جمع جؤنة بالضم وهو سليلة مستديرة مغشاة أو ما يكون مع العطارين، وكذلك مائة ومؤجل وذلك "لأن الفتحة كالسكون في اللين"؛ أي في لين عريكتها "فتقلب" الهمزة بشيء في حال الفتح "كما" تقلب "في" حال "السكون. فإن قيل: لِمَ لا تقلب" الهمزة "في" سأل "ألفا و" الحال أن "همزته مفتوة ضعيفة" وما قبلها مفتوح أيضا "قلنا: فتحتها صارت قوية بفتحة ما قبلها"؛ لأن الجنس يتقوى بالجنس فلهذا لم تقلب ألفا. ولما توجه أن يقال إن هذا الجواب منقوض بقول الشاعر: لا هناك المرتع؛ لأن ما قبل الهمزة المفتوحة مفتوحة مع أنها تقلب ألفا. أجاب بقوله: "ونحو: لا هناك المرتع شاذ" أصله لا هنأك بفتح الهمزة فقلبت ألفا على خلاف القياس، والمرتع بفتح الميم اسم مكان من رتعت الماشية؛ أي أكلت ما شاءت، هذا وقال المحققون: إنما لم يجعل الهمزة بين بين في هاتين الصورتين؛ لأنهم لو جعلوها بين بين المشهور يقرب من الألف؛ لكون حركتها فتحة وقبلها الضمة أو الكسرة وهما لا يقعان قبل الألف، فكذا لا يقعان قبل ما قرب منها ولما تعذر المشهور تعذر غير المشهور؛ لأنه فرعه. واعلم أن ما ذكره المصنف من استثناء الصورتين مذهب سيبويه ومختار عند المحققين أيضا. قال ابن الحاجب: وحكي عن يونس جعلها بين بين في الضربين المستثنيين أيضا، والحق ما قاله سيبويه "والثالث" وهو تخفيف الهمزة بالحذف "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة و" كان "ساكنا ما قبلها و"حينئذ يحذف الهمزة جوازا "لكن تلين فيه أولا" بجعلها ساكنة "للين عريكتها" في الجملة قبل ذلك التليين "بمجاورة الساكن"؛ أي بسبب مجاورته الساكن "ثم تحذف" الهمزة

ص: 100

[شرح ديكنقوز]

لا مجال للقلب لعدم حركة ما قبلها حتى تقلب لما يوافقها ولا لبين بين؛ لأن الهمزة قريبة من الساكن فيلزم كما قال "لاجتماع الساكنين" فتعين الحذف مع أنه أبلغ في التخفيف، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها "ثم أعطى حركتها لما قبلها" إبقاء لأثرها، وإنما لم يحذفوا الهمزة مع حركتها؛ لأنه يؤدي ذلك إلى الإخلال بإسقاط حرف مع حركته مجانا من غير حاجة تضطر إلى ذلك، ووجدت في كلام بعض الأدباء بتقديم حذف الهمزة على نقل حركتها كما فعل المصنف، وفي كلام بعضهم التصريح بتقديم النقل على الحذف وفيه تعسف لا يخفى، فالوجه ما ذكره المصنف "إذا كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين" في كلمة الهمزة نحو شي أصله شيء وسو أصله سوء ولم يورد مثالهما اكتفاء بمسلة؛ لأن الواو والياء إذا أسكنتا وانفتح ما قبلهما في حكم الحرف الصحيح، أو اكتفاء بحيل وجوبة من حيث إن الواو والياء لما زيدتا لمعنى فكأنهما أصليتان أو اكتفاء بابو يوب ابتغى مرة فإنه لما خففت في كلمتين ففي كلمة أولى، وأما الحمر فلما كان فيه طريقان بعد التخفيف خصه بالذكر ولم يكتف بمسلة "أو مزيدتين لمعنى"؛ أي الإلحاق فإن نظرهم لما كان إلى اللفظ كان المعنى المتعلق باللفظ هو المعنى عندهم وهو المتبادر عند الإطلاق وما تعلق بمعنى غير اللفظ كالياء في خطية فإنها للفاعلية، والواو في مقروة فإنها للمفعولية، والياء في أقيس فإنها للتصغير، فليس معنى معتدا به عندهم ولا يتناوله لفظ المعنى عند الإطلاق، ولهذا يقولون إنها زائدة ولم يعتدوا بكونهما لمعنى مع أنها زائدة لمعنى "نحو مسلة أصله مسئلة" لينت الهمزة بسب حركتها أولا ثم حذفت ثم أعطي حركتها للسين الذي هو حرف صحيح في كلمة الهمزة "وملك أصله ملاك" مشتق "من الألوكة وهي الرسالة" وإنما قال: من الألوكة إشارة إلى أن الأصل ملاك مألك فقدمت اللام فصار ملاك فحذفت الهمزة كما في مسلة وقيل ملك، ويقال في الجمع ملائك وملائكة والتاء لتأكيد الجمع، ولم يكتف في التمثيل في الحرف الصحيح فيما إذا كان في كلمة الهمزة بمسلة إعلاما بأن حركة الهمزة وسكون الحرف الصحيح قد يكونان عارضين كما في ملك "والأحمر" أصله الاحمر إذا خففت همزته على طريق تخفيفها فتحركت لام التعريف اتجه لهم في الألف واللام طريقان أحدهما أنه "يجوز فيه لحمر" بسلب حركة الهمزة وحذفها وإعطاء حركتها لما قبلها الذي هو حرف صحيح في كلمة الهمزة وهذا هو القياس "لأن الألف"؛ أي همزة الوصل كانت "لأجل سكون اللام" وقد انعدم سكونه بنقل حركة الهمزة إليه "فانعدم الاحتياج" إليها "و" ثانيهما أنه "يجوز الحمر" بإبقاء الهمزة "لطرو حركة اللام" فكان اللام ساكنة؛ إذ لا اعتبار بالعرض كما في اخصم

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"لاجتماع الساكنين ثم أعطى حركتها لما قبلها إذا كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى" من المعاني؛ أي لا يكونان زائدتين لمجرد المد أو ما يشبهه، بل زائدتين لمعنى كالإلحاق والتأنيث وغيرهما، وإنما فسرنا به بقرينة مقابلته لقوله، وإذا كان ياء أو واوا مدتين أو يشبه لمدة كياء التصغير جعلت مثل ما قبلها ثم أدغمت في آخره، فهذه أقسام ثلاثة: القسم الأول ما يكون قبل الهمزة المفتوحة حرف صحيح ساكن "نحو: مسلة" بفتح السين واللام جميعا "وملك" بفتحتين أيضا "أصله مسئلة" بإثبات همزة مفتوحة قبلها سين ساكن فأسكن الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركتها إلى اللام فصار مسلة "وملأك" بإثبات همزة مفتوحة قبلها لام ساكنة فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركتها إلى اللام فصار ملك "من الألوكة وهي الرسالة" قال الكسائي: أصل ملك مألك بتقديم الهمزة من الألوكة وهي الرسالة ثم قلبت وقدمت اللام ملأك ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فصار ملك، وقوله:"والأحمر" بإثبات الهمزة وسكون اللام على الأصل مبتدأ وخبره "يجوز فيه لحمر" بفتح اللام وحذف الهمزتين "لأن الألف"؛ أي الهمزة الأولى إنما جيء "لأجل سكون اللام" وتعذر الابتداء به "وقد انعدم" سكون اللام بنقل حركة الهمزة الثانية إليها وحذفت لالتقاء الساكنين فأمكن الابتداء باللام فاستغني عن الهمزة فبقي لحمر وهو قليل "ويجوز فيه الحمر" بإثبات همزة الوصل وإن انعدم سكون اللام " لطرو حركة اللام" وعروضها وعدم الاعتبار بالعارض، فلم يستغن عن الهمزة وهو الأكثر، فعلى هذا الوجه يقال من الحمر بفتح النون وفي الحمر بحذف الياء لالتقاء الساكنين حكما بخلاف الوجه الأول؛ إذ يقال من لحمر بإسكان النون وفي الحمر بإثبات الياء لعدم التقاء الساكنين اعتبارا بالحركة العارضة، القسم الثاني: ما يكون ما قبل الهمزة المفتوحة واوا أو ياء ساكنين أصليتين وهو على ضربين أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى، والمصنف لم يذكر للضرب الأول من هذا القسم مثالا ونحن نذكره وهو نحو سو بفتح السين وضم الواو وشي بفتح الشين وضم الياء وأصلهما سوء ئسيء بإثبات الهمزة وسكون ما قبلها فيهما فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين فيهما فنقلت حركة الهمزة إلى الواو والياء الأصليتين، فصار سو وشي، وأخر مثال الضرب الثاني لعلة نذكرها إن شاء الله تعالى، القسم الثالث: ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتان زائدتان لمعنى، وهو أيضا ضربان أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى مثال الضرب الأول منه ما ذكره بقوله:

ص: 101

[شرح ديكنقوز]

"وجيل" أصله جأل فزيدت الياء للإلحاق بجعفر، فصار جيال فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "وحوبة" أصله حأبة زيدت الواو للإلحاق بجعفر فصار حوأبة ثم خففت الهمزة على طريق تخفيفها "وأبو يوب" أصله أبو أيوب فيما كان الواو الأصلي في غير كلمة الهمزة "وابتغى مره" أصله ابتغى أمره فيما كان الأصل في غير كلمة الهمزة، فإن ياء الضمير كأحد حروف الكلمة لما عرفت، ولهذا يقال ابتغى كلمة واحدة فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة هذه الأشياء"؛ أي الأمثلة الأربعة الأخيرة، وهذا هو الظاهر أو في الواو والياء الأصليتين أو المزيدتين المعنى، وهذا الأولى لشموها مثل شي وسو "لقوتها"؛ أي حروف العلة بأن كانت أصلية أو في حكمها "وطرو الحركة عليها"؛ لأنها نقلت إليها من الهمزة فهي كالمعدوم "وإذا كان ما قبلها"؛ أي الهمزة المتحركة "حرف لين"؛ أي حرف لين ساكنا حال كونه "مزيدا" لغير الإلحاق "نظرا" إلى ذلك الحرف "فإن كان ياء أو واوا مدتين

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"وجيل" بفتح الجيم والياء جميعا، والأصل جيأل بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة وهو الضبع والياء ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركة فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقلت فتحها إلى الياء، فيصير جيل لا يقال: إن الياء المتحركة إذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فلِمَ لَمْ تقلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح؛ لأنا نقول: قال أبو علي: إنما امتنعوا من قلب هذه الياء ألفا؛ لأن الهمزة إن كانت مبقاة من اللفظ فهي مبقاة في التقدير، وحركة الياء عرضية في حكم العدم، فلذلك امتنعوا من قلبها ألفا "و" كذلك "حوبة" بفتح الحاء المهملة والواو جميعا، والأصل حوأبة بإثبات همزة مفتوحة بعد واو ساكنة وهي القربة الواسعة، والواو ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر أيضا، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركات فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو فصار حوبة هذا وقوله:"وأبو يوب" مثال للضرب الثاني من القسم الثاني؛ أي لما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى؛ لأن أصله أبو أيوب بإثبات همزة مفتوحة وما قبلها حرف أصلي، وهو الواو الساكنة فخففوا الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو وقالوا: أبو يوب بنقل اللسان من الواو المفتوحة إلى الياء المشددة المضمومة من غير حاجز بينهما، وإنما أخر هذا المثال لمناسبة قوله:"وابتغى مره" في أن الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى وهو مثال للضرب الثاني من القسم الثالث، ذكر ابن الحاجب أن أصل ابتعى أمره بالعين المهملة من الاتباع وهو أمر المؤنث، والاستشهاد فيه أن الهمزة لما تحركت وكانت قبلها الياء مزيدة لمعنى التأنيث خففت بالحذف ونقلت فتحتها إلى الياء التي هي ضمير المؤنث، وقيل: ابتغى مرة بنقل اللسان من الياء المفتوحة إلى الميم الساكنة أقوال جاز أن يكون بالغين المعجمة أمرا للمؤنث من باب الافتعال من ابتغى يبتغي، فيكون أصله حينئذ ابتغي بالياءين بعد الغين أولاهما أصلية والثانية زائدة للمؤنث فأسكنت الياء الأصلية ثم حذفت لاجتماع الساكنين، كما سيجيء في ارمي بالياءين، وإنما خففوا الهمزة بالحذف في الأقسام الثلاثة؛ لأن حذفها أبلغ للتخفيف وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهو حركتها المنقولة إلى الساكن الذي قبلها، وقد جاء في القسم الأول غير الحذف نحو مراة وكماة بألف خالصة أصلها مراة وكماة بإثبات همزة مفتوحة، فنقلت حركتها إلى الساكن الذي قبلها فيكون متحركا وبقيت الهمزة ساكنة فقلبوها ألفا كما في رأس، وهو شاذ عند سيبويه والكسائي والفراء يجوز أنه مطرد "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة في هذه الأشياء" نحو: جيل وحوبة وأبو يوب وابتغي مره "لقوتها" لكونها زائدة لمعنى مقصود فيكون كأنها أصلية "ولطرو الحركة عليها" هذا الكلام دفع لما يتوهم من أن حروف العلة لا يجوز تحيل الحركة عليها قياسا على ما سيأتي من نحو خطيئة "وإذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "حرف لين" حال كونه "زائدا" لمجرد المد نظرا إلى ذلك الحرف "فإذا كان ياء أو واوا مدتين" اعلم أن الواو والياء إن كانا متحركتين لا يسمى شيء منهما حرف المد ولا اللين لانتفائهما عنهما حينئذ وهو ظاهر، بل يسمى حرف علة وإن كانا ساكنين يسمى كل واحد منهما حرف لين أيضا لما فيهما من اللين حينئذ لاتساع مخرجهما؛ لأنهما تخرجان في لين من غير خشونة على اللسان وحينئذ إن كان حركة ما قبلهما من جنسهما بأن يكون ما قبل الواو مضموما والياء مكسورا يسمى كل واحد منهما حرف المد أيضا لما فيها من اللين مع الامتداد، نحو: يقول ويبيع وإلا أي وإن لم يكن حركة ما قبلهما من جنسهما يسمى حرف اللين لا المد لانتفائه فيهما حينئذ، وأما الألف فيكون حرف علة وحرف لين وحرف مد أبدا؛ إذ لا يكون إلا ساكنا ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا فبالاعتبار الأول يسمى حرف لين وبالاعتبار الثاني يسمى حرف مد. والحاصل أن الألف يكون حرف علة ومد ولين أبدا والواو والياء تارة تكونان حرفي علة فقط، وتارة حرفي لين أيضا، وتارة حرفي مد أيضا، فحروف العلة أعم من حروف المد واللين، وحروف اللين أعم من حروف المد فكل حرف مد حرف لين بدون العكس إذا علمت ذلك فنقول: معنى قوله: وإذا كان ما قبلها حرف لين مزيدا إذا كان ما قبل الهمزة حرف علة ساكنة زائدة لا لمعنى مقصود، بل لمجرد المد من غير تعرض إلى حركة ما قبلها، ومعنى قوله: فإذا كان واوا أو ياء مدتين إذا كان ما قبل الهمزة ياء ساكنة زائدة لمجرد المد وما قبلها مكسورا أو واوا ساكنة زائدة لمجرد المد أيضا وما قبلها مضموما.

ص: 102

[شرح ديكنقوز]

أو ما يشبه المدة كياء التصغير" فإن ياء التصغير تشابه المدة؛ لأنها في مقابلة ألف التكسير نحو: رجال "جعلت الهمزة مثل ما قبلها" جوازا فإن كان ما قبلها ياء قلبت ياء، وإن كان ما قبلها واوا قلبت واوا "ثم أدغم" الأول الذي هو ما قبلها "في الآخر"؛ أي ثاني ذلك الأول والمتأخر عنه الذي هو مقلوب من حرف اللين لاجتماع المتجانسين، وإنما تعين القلب ولم ينقل حركتها إلى ما قبلها كما نقلت فيما لو كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى "لأن نقل الحركة عن الهمزة إلى هذه الأشياء" التي هي الواو والياء المزيدتان المدتان أو ما يشبه المدة "يفضي إلى تحميل الضعيف"؛ أي إيقاع الحمل الذي هو الحركة وإن كانت عارضة "على الضعيف" الذي هو حروف اللين المزيدة لغير الإلحاق فلم يمكن التخفيف بالحذف ولم يمكن أيضا بجعلها بين بين؛ لأن همزة بين بين قريبة من الساكن بل ساكنة كما مر فيلزم التقاء الساكنين؛ لأن ما قبل الهمزة ساكن فتعين القلب ثم فرع على قاعدة جزئياتها فقال: "فيدغم نحو خطية" أصله خطيئة؛ لأن الياء فيه مدة زائدة "ومقروة" أصله مقروءة؛ لأن الواو فيه مدة زائدة "وأفيس" أصله أفيئس تصغير أفؤس جمع فأس؛ لأن الياء فيه يشبه المد، وكل ما كان هذا شأنه يقلب ويدغم بحكم القاعدة المذكورة فهذه تقلب وتدغم "فإن قيل يلزم تحميل الضعيف أيضا"؛ أي كما في النقل "في الإدغام وهو"؛ أي ذلك الضعيف في الإدغام "الياء الثانية" والواو الأولى "قلنا الياء الثانية" وكذا الواو الثانية "أصلية"؛ أي مبدلة من حرف أصلي "فلا تكون ضعيفة كياء جيل"؛ أي كما لا تكون ياء جيل ضعيفة بسبب زيادتها لمعنى، وكذا واو حوبة هذا إذا كان ما قبل الهمزة حرفا صحيحا أو واوا أو ياء "وإن كان" ما قبلها "ألفا جعل" الألف الذي هو الهمزة "بين بين" المشهورة؛ إذ لا مجال لغير المشهور بسبب سكون ما قبل حركتها إلى ما قبلها "ولا" تقبل "الإدغام" أيضا حتى تقلب ألفا ويدغم الألف في الألف فتعين بين بين

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"أو ما يشبه المدة كياء التصغير" ذكر ابن الحاجب أن ياء التصغير حكمها حكم الحرف الزائد لمجرد المد؛ لأنها لزمت السكون لزوم حرف المد فمتى وقعت قبل الهمزة المتحركة قلبت الهمزة إليها وأدغمت قوله: "جعلت" جواب إذا؛ أي جعلت الهمزة المتحركة في الصور الثلاث المذكورة "مثل ما قبلها" فيجتمع مثلان "ثم أدغم" المثل الأول "في الآخر"؛ أي في ثانيه الذي هو المنقلب من الهمزة، وإنما خففوا الهمزة في هذه الصور بالقلب والإدغام ولم يخففوها بالحذف مع نقل حركتها إلى ما قبلها "لأن نقل الحركة إلى هذه الأشياء" يعني الياء والواو وياء التصغير "يفضي"؛ أي يؤدي "إلى تحميل الضعيف"؛ أي إلى تحمل الحركة الحرف "الضعيف" وهو غير جائز، وهذا الدليل لا يخلو عن ضعف؛ إذ الحرف الضعيف قد يتحمل الحركة العارضة والأولى ما ذكره بعض المحققين من أنه إذا كان ما قبل الهمزة المتحركة واوا أو ياء مدتين كان تخفيفها بقلبها حرفا من جنس الساكن الزائد قبلها وإدغامه فيها لتعذر إلقاء حركتها على الياء والواو، وحينئذ إذا كانتا مدتين مجردتين لا تقبلان الحركة يريد أن مدتهما تنافي تحريكهما؛ إذ لو حركت زالت المدة عنهما مع أنه استغني عن تحريكهما بالقلب الذي هو أولى من الحذف لما مر، وهذا القلب والإدغام بطريق الجواز، وإنما لم يخففوا الهمزة ها هنا بجعلها بين بين؛ لأن في جعلها بين بين تقريبا من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما يقاربه، كما لم يجمعوا بين الساكنين قوله:"فيدغم" فعل مجهول وقوله: "نحو" خطية" بتشديد الياء المفتوحة قائم مقام فاعله، والأصل خطيئة بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة زيدت للمد والوزن فعيلة كصحيفة إلا أنهم أبدلوا من الهمزة التي هي لام الكلمة الياء فاجتمع ياءان والأول منهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: خطية "و" كذلك "مقروة" بالواو المشددة المفتوحة وأصله مقروءة على وزن مفعولة، فأبدلوا من الهمزة واوا فاجتمع واوان أولهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: مقروة "وأفيس" بضم الهمزة وفتح الفاء وكسر الياء وتشديدها تصغير أفؤس بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم الهمزة جمع فأس مثل: أكلب جمع كلب، والأصل أفيئس بإثبات همزة بعد ياء التصغير فقلبت الهمزة ياء فاجتمع ياءان أولهما ساكن فأدغم فيما بعده وقيل: أفيس، "فإن قيل يلزم تحميل الضعيف أيضا"؛ أي كما في النقل "في الإدغام وهو الياء الثانية" وأنتم لم تجوزوه "قلنا: الياء الثانية أصلية فلا تكون ضعيفة" بخلاف الياء الأولى "كياء جيل"؛ أي كما لا يكون ياء جيل ضعيفة؛ لأنها وإن كانت زائدة لكنها لما زيدت لغرض الإلحاق كانت كأنها أصلية في تحمل الحركة؛ إذ قد سبق أن الغرض من الإلحاق أن يعامل الكلمة الملحقة معاملة الملحق به في الأحكام اللفظية قوله: "وإن كان ما قبلها ألفا" عطف على قوله: فإذا كان ياء أو واوا؛ أي وإن كان ما قبل الهمزة المتحركة ألفا زائد المجرد المد وقبله فتحة "جعل" الهمزة "بين بين" المشهور لا غير "لأن الألف لا يحتمل الحركة"؛ أي لا يقبلها لكونها مدة فلم يمكن التخفيف بالحذف ونقل الحركة "والإدغام"؛ أي الألف لا يقبل الإدغام أيضا؛ لأن الإدغام يستلزم تحرك الثاني وهذا غير ممكن ها هنا فتعين جعلها بين بين، فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين الهمزة والألف نحو قراءة، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو نحو تساؤل، وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء

ص: 103

[شرح ديكنقوز]

"نحو سائل" في الهمزة الأصلية "وقائل" في المبدلة هذا إذا كانت الهمزة واحدة في كلمة "وإذا اجتمع الهمزتان في كلمة وكانت الأولى مفتوحة والثانية ساكنة تقلب الثانية ألفا" على سبيل الوجوب للمجانسة "نحو آخذ" للتفضيل أصله أأخذ كأنصر "وآدم" للصفة المشبهة أصله أأدم كأسمر، فالزائدة هي الأولى بدليل النظير وعدم الانصراف، ثم استثنى من الحكم السابق الذي هو قلب الهمزة الثانية ألفا وجوبا وبقاء الألف في لفظ أئمة بقوله:"إلا في أئمة" فإن أصلها أممة جمع إمام كآنية جمع إناء اجتمع الإعلال والإدغام، فقدم الإعلال بأن "جعلت همزتها" الثانية "ألفا" على مقتضى القياس فصار آممة "كما" جعلت "في آخذ" وبعد ما تم أمر الإعلال قصد إلى الإدغام فحذفت حركة الميم الأولى لعدم المحل لنقلها؛ إذ الألف لا تقبلها فأدغمت في الثانية فاجتمع ساكنان الألف والميم المدغم، ولم تحذف الألف للالتباس بأمة بضم الميم والتشديد وأمة بفتحها والتخفيف "ثم جعلت الألف ياء" متحركة بحركة من جنسها دفعا "لاجتماع الساكنين" ولم يجعل واوا لثقله فصار أيمة بالياء وبعضهم قدم الإدغام على الإعلال فنقلوا حركة الميم الأولى إلى الهمزة ثم قلبوا الهمزة حرفا موافقا لحركاتها وهي الياء تخفيفها، ولم يجعلوها بين بين إما لعروض حركتها وإما لأن في ذلك ملاحظة للهمزة فيلزم منه الجمع بين الهمزتين، وهذا هو المشهور عند البصريين إلا أن ما ذكره المصنف أقرب إلى القياس "وعند الكوفيين لا تقلب" همزتها "بالألف حتى يلزم الساكنين" بعد الإدغام ولا يحتاج إلى قلبها ياء دفعا له "وقرئ عندهم أئمة الكفر بالهمزتين" المحققتين والإدغام "فإن قيل اجتماع الساكنين في حده جائز فلم لا يجوز في آمة" بعد القلب والإدغام عند البصريين حتى احتاجوا إلى قلب الألف ياء "قلنا الألف في آمة" بعد القلب "ليست بمدة"؛ لأن المدة هي الغير المقلوبة من شيء أو المقلوبة من واو أو ياء والألف في آمة ليست كذلك "كيف يكون اجتماع الساكنين في حده" الاستفهام للإنكار؛ أي لا يوجد اجتماع الساكنين "وإذا كانت" أولى الهمزتين المحققتين في كلمة "مكسورة تقلب الثانية" الساكنة "ياء" لتناسب حركة ما قبلها "نحو أيسر" أصله ائسر من الأسر

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"نحو سائل وقائل" وإنما لم يجز بين بين الغير المشهور لسكون ما قبلها. فإن قلت: فهلا امتنع جعلها بين بين لسكون الألف وقرب همزة بين بين من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما قرب منه. قلت: سوغ ذلك أمران أحدهما خفاء الألف فكأنه ليس قبلها شيء، وثانيهما زيادة المد الذي فيها فإنه قائم مقام الحركة كالمدغم كذا ذكره الجار بردى. ولما فرغ من بيان الهمزة الواحدة شرع في بيان الهمزتين المجتمعين فقال:"وإذا اجتمع الهمزتان"؛ أي في كلمة "وكانت الأولى" منهما "مفتوحة والثانية ساكنة نقلت" الهمزة "الثانية ألفا" وجوبا مطردا "كما في آخذ" بوزن أفعل أصله أأخذ بهمزتين أولاهما همزة التفضيل مفتوحة وثانيهما فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثانية ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فقيل آخذ "و" كذا "آدم" عليه السلام وهو أبو البشر، أصله أءدم بهمزتين الأولى زائدة مفتوحة والثانية فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثانية ألفا فقيل آدم، ولا يجوز أن يقال الأولى فاء الكلمة والثانية زائدة لوجهين؛ الأول أنه يكثر زيادتها أولا وقلت حشوا والحمل على الأكثر أولى، الثاني أنه لو كان كذلك لكان وزنه فاعلا كسائل فيجب أن يصرف، فلما لم يصرف دل على أنه أفعل كأحمر، ومن هذا علم أنه لا يجوز أن يكون على فاعل بفتح العين كخاتم بأن تكون الألف زائدة غير منقلبة من الهمزة؛ لأنه حينئذ يجب صرفه أيضا "إلا في أيمة" بالياء الصريحة المكسورة جمع إمام كأزمة جمع زمام، والأصل أأممة بإثبات همزة ساكنة متوسطة بين الهمزة الأولى وبين الميم فنقلوا أولا كسرة الميم إلى الهمزة الساكنة ثم أدغموها في الميم الثانية فصار أئمة بفتح الهمزة الأولى وكسر الثانية "جعلت همزتها" الثانية "ألفا" نظرا إلى سكون أصلها وانفتاح اقبلها "كما في آخذ" فاجتمع ساكان "ثم جعلت" تلك الألف المنقلبة من الهمزة "ياء لاجتماع الساكنين" وهما الألف المنقلبة والميم المدغمة ثم حركت من جنسها فصار أئمة هذا مختار البصريين وإن كان مخالفا للقياس؛ لأن قلب الألف ياء متع أن ما قبلها مفتوح ليس بقياس، بل القياس أن يجعل الهمزة الثانية ياء ابتداء لكونها مكسورة كما هو الواقع في كتب القوم "وعند الكوفيين لا تقلب" الهمزة الثانية "بالألف حتى لا يلزم اجتماع الساكنين" في غير حده "وقرئ عندهم أئمة الكفر بالهمزتين" وبإدغام الميم "فإن قيل اجتماع الساكنين في حده جائز" وهو أن يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما "لم لا يجوز" اجتماع الساكنين "في آمة" مع أنه في حده؛ لأن الأول مد والثاني مدغم كما في دابة "قلنا الألف" المنقلبة من الهمزة "في آمة ليست بمدة"؛ لأن الألف إنما يكون مدة إذا كانت حرف علة وإنما تكون حرف علة إذا كانت منقلبة من الواو والياء وها هنا ليس كذلك؛ لأنها منقلبة من الهمزة، وإذا لم تكن الألف مدة "فكيف يكون" في آمة "اجتماع الساكنين في حده" مع فوات شرطه قوله:"وإذا كانت مكسورة" عطف على قوله: وإن كانت الأولى مفتوحة يعني إذا اجتمع الهمزتان وكانت الأولى منهما مكسورة والثانية ساكنة "تقلب" الهمزة "ياء" وجوبا مطردا لسكونها وانكسار ما قبلها "نحو أيسر" بكسر السين أصله اتسر بهمزتين أمر من أسر يأسر بوزن ضرب يضرب فقلبت الهمزة الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها إيسر، وكذا إبت أمر من أتى يأتي

ص: 104

[شرح ديكنقوز]

"وإذا كانت" أولاهما "مضمومة قلبت" الثانية الساكنة "واوا" للمناسبة "نحو أؤثر" أصله أوثر من الأثر وهو الاختيار "وأما كل وخذ ومر فشاذ"؛ لأن أصلها أأكل وأأخذ وأأمر، والقياس المذكور يقتضي أن تقلب الهمزة الثانية واوا، ويقال أوكل وأوخذ وأومر إلا أنهم حذفوا الهمزة الأصلية منها لكثرة الاستعمال تخفيفا على غير القياس فاستغنوا عن همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها لزوال الابتداء بالساكن، ثم الحذف في الأولين واجب بخلاف الثالث لعدم بلوغه مبلغ الأولين في كثرة الاستعمال، قال الله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} إلا أنها نظمها في سلك واحد نظر إلى اتحادها في الحذف الغير القياسي عند حذف الهمزة من مر "هذا"؛ أي تخفيف الهمزة الثانية الساكنة بين الهمزتين المحققتين بقلبها بجنس حركة الأولى منها "إذا كانتا"؛ أي الهمزتان "في كلمة واحدة" كما ذكرنا من الأمثلة "وأما إذا كانتا في كلمتين" والأقسام اثنا عشر؛ إذ لا مجال لسكون الثانية لوقوعها في أول الكلمة، وإلا فالأقسام العقلية ستة عشر الأربعة من اثني عشر تكون إذا كانت الثانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال، وذلك يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ويدرأ ومن تلقاء ولم يدرأ، والأربعة منها تكون إذا كانت مكسورة وقبلها الأربعة ويتحقق ذلك بذكر لفظ أبدا بعد الألفاظ الأربعة المذكورة، والأربعة الأخرى منها تكون إذا كانت مضمومة وقبلها الأربعة، ويتحقق ذلك بذكر أولئك بعد تلك الأربعة والتفصيل في التحقيق أنه "تخفف الثانية عند الخليل"؛ لأن الثقل إنما يحصل عند الثانية وعند أبي عمرو تخفف الأولى؛ لأن الاستثقال إنما حصل من اجتماعهما فعلى أيهما وقع التخفيف جائز، لكن قد رأيناهم أبدلوا من أول المثلين حرف اللين في نحو: دينار وديوان أصلهما دننار ودووان، وكان ذلك للتخفيف، فكذا في الهمزتين، ويجوز تخفيفهما؛ لأن كون اجتماعهما عارضا هون أمر الثقل "نحو فقد جاء أشراطها" تخفيف الثانية بجعلها بين بين

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"وإذا كانت" الهمزة الأولى" مضمومة" والثانية ساكنة "قلبت" الثانية "واوا" وجوبا مطردا أيضا لتناسب حركة ما قبلها "نحو أوثر" مجهول آثر الحديث بالمد؛ أي رواه أصله أؤثر بهمزتين فقلبت الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها فصار أوثر، وكذلك أومن مجهول آمن وإنما لم يجوز والجمع بين همزتين في كلمة واحدة وأوجبوا التخفيف بقلب ثانيهما؛ لأنهم يخففون في كلامهم الهمزة الواحد في الأكثر، وإذا اجتمعتا لزمت الثانية البدل؛ لأن التلفظ بالثاني الساكن عسير كذا قيل، فحاصل ما ذكره المصنف أنه إذا اجتمع همزتان وكانت الثانية ساكنة تقلب الثانية حرفا يوافق حركة الأولى، قوله:"وأما كل ومر وخذ فشاذ" جواب لا يراد مقدر وتوجهه ظاهر، والأصل أنه يقال: أوكل وأومر وأوخذ بالواو الساكنة المنقلبة من الهمزة؛ لأن ماضيها أكل وأمر وأخذ، فإذا أمرت منهما يجتمع همزتان إحداهما فاء الكلمة وهي ساكنة والثانية الهمزة المجتلبة وهي مضمومة؛ لأن كلها من الباب الأول، فكان القياس قلب الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها لكن لما كثر استعمال هذه الكلمات خالفوا القياس وخففوا الهمزة الثانية بالحذف، فبقي ما بعد الهمزة المجتلبة متحركات فاستغني عنها فحذفت أيضا، فبقي كل وخذ ومر، هذا ما أراده المصنف لكن فيها تفصيل، وهو أن مخالفة القياس في كل وخذ على سبيل الوجوب والالتزام، وأما مر فساغ فيه القياس أيضا كقوله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ} والسر فيه أن مر لما لم يبلغ مبلغ باب خذ وكل في كثرة الاستعمال لم يلزموا حذف الهمزة فيه، ولم يقصر في قلة الاستعمال، كما في باب ايسر حتى أثبتوتها فيه أيضا بلا خلاف، فجعلوا له حكما متوسطا وهو جواز الأمرين إثبات الهمزة جريا على القياس وحذفها على خلاف القياس إلا أنهم إذا ابتدءوا به كان مر عندهم أفصح من أؤمر لاستثقال الهمزتين، وإذا وصلوه؛ أي إذا ابتدءوا بغير قبله كان أؤمر على الأصل أفصح من مر؛ لأنهم إذا قالوا: وأمر فقد استغنوا عن همزة الوصل المضمومة لأجل الدرج وإيصال الواو المفتوحة بالهمزة التي هي فاء الفعل فلا يستثقل كذا قالوا "هذا"؛ أي هذا الذي ذكرناه من أنه إذا اجتمع المزتان وكانت الثانية ساكنة قلبت الثانية حرفا يوافق حركة الأولى "إذا كانتا"؛ أي الهمزتان "في كلمة واحدة، وأما إذا كانتا في كلمتين" بأن يكون أولاهما في آخر الكلمة وثانيتهما في أول كلمة أخرى ويكون الأقسام اثني عشر الثانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ومن تلقاء ويدر أو لم يدر أو مكسورة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أبدا بعدها ومضمومة وقبلها الأربعة يتحقق بذكر لفظ أولئك بعدها، ففيها مذاهب؛ تخفيفها إما بفصل بينهما أو بلا فصل وتخفيف أحدهما ثم اختلفوا في هذا المذهب الأخير، فذهب سيبويه إلى أن أي الهمزتين خفف جاز وكفى لحصول التخفيف بهما، وأختار أبو عمرو تخفيف الأولى؛ لأن الاستثقال إنما يحصل من اجتماعهما فعلى أيهما وقع التخفيف جاز، لكنهم قد أبدلوا أول المثلين حرف اللين في مثل دينار وديوان أصلهما دننار ودووان بالنون والواوين، وكان ذلك للتخفيف فكذا في الهمزتين، واختار الخليل خلاف ذلك وإليه أشار بقوله:"تخفيف الثانية عند الخليل"؛ لأن الثقل إنما يحصل عند الثانية، فلا يصار إلى التخفيف قبل حصول الاستثقال "نحو: فقد جاء أشراطها" ثم أشار إلى المذهب الأول بقوله:

ص: 105

[شرح ديكنقوز]

"وعند أهل الحجاز تخفيف كلاهما" ذكر كلاهما باعتبار الألف؛ لأن الثقل إنما لزم من اجتماعهما وتخصيص إحداهما بالتخفيف تحكم أو في تخفيفها جميعا وجهان؛ أحدهما أن تخفف الأولى على ما يقتضيه قياس التخفيف لو نفردت، ثم تخفف الثانية على ما يقتضيه قياس تخفيفها لاجتماعهما في كلمة، ففي جاء أحمد تجعل الأولى بين بين والثانية تقلب واوا؛ لأن الهمزتين إذا اجتمعنا في كلمة واحدة ولم تكسر الثانية أو ما قبلها قلبت واوا، نحو: أوادم أصله أآدم في جمع آدم، وأويدم تصغير آدم أصله أييدم، والثاني أن تخففا معا على حسب ما يقتضيه تخفيف كل واحدة منهما لو انفردت، ففي مثل: جاء أحمد يجعلان بين بين؛ لأن المفردة إذا كان ما قبلها ألفا نحو: سائل، أو كان ما قبلها مفتوحا نحو: سأل، يجعل بين بين، وإن لم يكونا متفقين في الحركة خففت أيهما شئت على حسب ما يقتضيه التخفيف في كل واحدة منهما لو انفردت، ففي نحو: جاء إدريس يجعلان بين بين، ومثل: يدر أحد تجعل الأولى بين بين وتقلب الثانية واوا كجون وعلى هذا القياس "وعند بعض العرب مقحم بينهما ألف للفصل نحو آنت" حرصا متهم على إثبات الهمزة وهربا من اجتماعهما، ولا يجوز إثبات تلك الألف في الخط كراهة اجتماع ألفات ثلاث فلا يعرف إقحام الألف بينهما إذا كانت الأولى آخر الكلمة نحو: جاء أحمد، بل إنما يعرف إذا كانت الأولى همزة استفهام "نحو قول الشاعر" ذي الرمة:

فيا ظبية الوعساء بين جلاحل

وبين النقا "آأنت ظبية أم أم سالم

أصله أأنت الوعساء الأرض اللينة، وجلاجل اسم موضع وكذا النقا، ونحو قول الآخر:

خرق إذا ما القوم أبدو فكاهة

تفكر آياه يعنون أم قردا

أصله أخرق وهو للغليظ القصير الذي يقارب الخطا، وأبدوا أظهروا، والفكاهة المزاحة؛ يعني هو قصير غليظ يشبه القرد بحيث لو مازح القوم بذكر القرد لظن أن القوم يعنون به نفسه، ثم منهم من يحقق بعد إقحام الألف ومنهم من يخفف "ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة" إذا لم يتصل بها كلمة أخرى، وذلك لأن المبتدأ بها لو خففت تجعل بين بين؛ إذ هو الأصل فيه كما مر، ولكن همزة بين بين قريبة من الساكن فيمتنع الابتداء بها، وإذا امتنع ما هو الأصل حملوا الباقي عليه، وأيضا ليس قبلها حرف حتى يتصور الحذف أو القلب مع أن الهمزة المبتدأ بها لا تكون مستثقلة "لقوة المتكلم في الابتداء" وحذف همزة قل للاستغناء لا للتخفيف "وتخفيفها بالحذف في ناس" اسم جمع للإنسان؛ إذ لم يثبت فعال في أبنية الجموع؛ إذ "أصله أناس" بالهمزة في الأول يشهد له إنسان وأناسي "شاذ" عن القياس المذكور "وكذلك"؛ أي في كناس في تخفيف الهمزة في الأول على غير القياس "إله" منكرا كما اختاره القاضي البيضاوي "فحذفوا الهمزة" منه حذفا على غير قياس

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"وعند أهل الحجاز تخفف" الهمزتان "كلاهما"؛ لأنه أوفى بمقصود التخفيف، أما تخفيفهما وعدم تخفيفهما بلا فصل بينهما فلعدم لزوم اجتماعهما؛ إذ قد ينفك إحدى الكلمتين عن الأخرى، ولم يذكره المصنف أما تخفيفهما مع فصل فقد ذكره بقوله:"وعند بعض العرب تقحم"؛ أي تدخل على صيغة المجهول "بينهما"؛ أي بين الهمزتين "الألف للفصل" بين الهمزتين "نحو" قول ذي الرمة:

فيا ظبية الوعساء بين جلاحل

وبين النقا "آأنت ظبية أم أم سالم"

الوعساء الأرض اللينة، وجلاحل بالجيم المفتوحة والحاء المهملة المضمومة اسم موضع، ونقا اسم موضع آخر، وأم سالم اسم حبيبته، قال بعض المحققين: إنهم درجوا على إثبات الهمزتين فزادوا ألفا بينهما هربا من اجتماعهما، ثم قال: ولا يجوز إثبات تلك الألف في الخط كراهة اجتماع ثلاث ألفات، وذكر ابن الحاجب في شرح المفصل لم يثبت ذلك؛ يعني إقحام الألف إلا في مثل آأنت وشبهه "ولا تخفف الهمزة" بوجه من وجوه التخفيف إذا وقعت "في أول الكلمة"؛ أي إذا ابتدئ بها، وأما إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة، ولكن لم يبدأ بها بل بشيء قبلها جاز تخفيفها، ولهذا جوزوا تخفيف الهمزتين معا وثانيتهما في مثل فقد جاء أشراطها مع أن الثانية وقعت في أول الكلمة، وإنما لم تخفف إذا ابتدئ بها "لقوة المتكلم في الابتداء" ولأنه لو خففت وجعلت بين بين يقرب الهمزة المبتدأة من الساكن فكره أن يبتدأ بما يشبه الساكن، ولما لم يجز بين بين وهو الأصل في تخفيف الهمزة كما مر، حملوا الباقي عليه ولا يرد عليه نحو خذ وأصله أأخذ فخففت الهمزة بالحذف من أوله؛ لأنه حذفت الهمزة الثانية تخفيفا ثم استغني عن همزة الوصل فحذفت فلم يخفف الهمزة الأولى، ولا نحو قل وأصله أقول؛ لأنا نمنع أن أصله ذلك؛ لأنه مأخوذ من تقول فحذف حرف المضارعة وسكن اللام للجزم فصار قول فحذفت الواو للساكنين، فصار قل، فلم يوجد سبب وجود الهمزة وهو سكون القاف فلا يتحقق الهمزة ولا تخفيفها، أو نقول سلمنا أن أصله أقول لكن أعل بنقل حركة الواو إلى القاف وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فاستغني عن همزة الوصل فحذفت لا على وجه التخفيف، بل لعدم الاحتياج إليه، كذا ذكره الجاربردي موافقا لما ذكره ابن الحاجب، قوله:"وتخفيفها"؛ أي الهمزة "بالحذف" من أول الكلمة "في ناس أصله أناس شاذ" جواب عن سؤال مقدر وارد على قوله: ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة والناس جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط "وكذلك إله"؛ أي إله كأناس في حذف الهمزة من أوله على خلاف القياس؛ لأنهم خالفوا القياس فيه أيضا "فحذفوا الهمزة" من أوله تخفيفا لكثرته في الكلام

ص: 106

[شرح ديكنقوز]

"فصار لاه ثم أدخلوا الألف واللام" عوضا عن الهمزة المحذوفة ولذلك قيل في ندائه يا ألله، وإنما اختص القطع بالنداء هناك لتمحض الحرف للتعويض ولا يلاحظ معها شائبة تعريف أصلا حذرا من اجتماع أداتين للتعريف، وأما في غير النداء فيجري الحرف على أصله "ثم أدغم فصار الله وقيل أصله الإله" معرفا كما اختاره صاحب الكشاف وأبو البقاء "فحذفت الهمزة الثانية" وعوض عنها اللام للزوم حرف التعريف فنقل حركة الهمزة الثانية وعوض عنها لزوم حرف زائد للتعريف "ونقلت حركة الهمزة" بعد حذف الهمزة "إلى اللام" الأولى "فصار اللاه ثم أدغم" فصار الله وهذا صريح في أن الحذف على قياس التخفيف بنقل حركة الهمزة إلى اللام، كما اختاره أبو البقاء؛ إذ الحذف الغير القياسي أن تحذف الهمزة مع حركتها ولم تنقل إلى شيء، فيكون ذكر هذا القول هنا على سبيل الاستطراد؛ إذ الكلام ها هنا في الهمزة المبتدأ بها من غير أن يتصل بها كلمة أخرى، ويعد ذلك في الحذف على غير القياس، وليس الأمر كذلك على هذا القول فلزوم الحذف ولزوم التعويض بحرف التعريف ووجوب الإدغام ونقل الحركة في كلمتين في حرفين غير متجانسين على سبيل اللزوم ولا نظير له ونقل الحركة إلى مثل ما بعدها، وذلك يوجب اجتماع المثلين المتحركين وتسكين المنقول إليه الموجب لكون النقل عملا كلا عمل وإدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة وذلك بمعزل عن القياس؛ لأن الهمزة في تقدير الثبوت كل ذلك من خواص هذا الاسم يمتاز بها عن نظائره امتياز مسماه عن سائر الموجودات بما لا يوجد إلا فيه، كما أن التفخيم من خواصه وظاهر عبارة صاحب الكشاف يدل على أن الحذف ابتدائي من غير قياس حيث اكتفى على قوله فحذفت الهمزة ولم يتعرض لنقل الحركة، وصرح به أبو علي حيث قال: همزة إله حذفت حذفا من غير إلقاء النظر إلى وجوب الإدغام والتعوض فإن المحذوف قياسا في حكم الثابت، وما كان في حكم الثابت يمنع الإدغام لعدم اجتماع المثلين حينئذ، ويمنع التعويض أيضا للزوم اجتماع العوض والمعوض عنه. والحاصل أنه إذا كان حذف الهمزة على القياس يكون لزوم الحذف والتعويض ووجوب الإدغام على غير القياس، وإن كان الأول على غير القياس يكون الثاني على القياس، فهذا الاسم لا يخلو عن خلاف قياس ففيه توفيق بين الاسم والمسمى حيث كان الحق تعالى خراجا عن دائرة العقل وعن طرق القياس "كما" حذفت الهمزة "في يرى" تشبيه الجلالة بيرى إنما هو في لزوم يرى حذف الهمزة ونقل حركتها إلى ما قبلها لا في الإدغام، وقصد بهذا التشبيه ربط بحث يرى بما تقدم "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتح ما قبلها ثم لين الهمزة" لسلب حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف "فحذفت الهمزة وأعطي حركتها إلى الراء فصار يرى وهذا التخفيف"؛ أي تخفيف الهمزة بالحذف "واجب في يرى" إلا في ضرورة الشعر كقوله:

ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر

ومن يطل العيش يرأي ويسمع

وتقول أخبرني ما رأيت من العجائب في الدهر الطويل، فإن من يتمتع بطول العمر ويعيش زمانا

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"فصار لاه ثم أدخلوا" عليه "الألف واللام" ثم أدغم اللام الداخلة في لام الكلمة "فصار الله" اعلم أن الأفعال بمعنى بمفعول من أله يأله بالفتح فيهما ألهة؛ أي عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا: إمام بمعنى مؤتم به فعلى هذا في الألف واللام مذهبان: أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة، ومع هذا يفيد التعريف أيضا وهو مذهب أبي علي النحوي، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال: يا ألله بالقطع، وثانيهما أن يكونا للتعريف لا لتعويض، وهو مذهب جمهور أئمة اللغة، واستدلوا عليه بأنه لو كانتا عوضا من الهمزة لما اجتمعتا حينئذ مع المعوض في قولهم الإله، وقالوا وقعت الهمزة للزومها، والمصنف أطلق القول ولم يقيد بكونهما للتعريض أو للتعريف ليشمل المذهبين، هذا وقد جوز سيبويه أن يكون أصل اسم الله تعالى لاه بغير همزة من لاه يليه؛ أي تستر ثم لما أدخلت عليه الألف واللام أجرى مجرى اسم العلم كالحسن والعباس إلا أنه يخالف سائر الأعلام من حيث إنه كان في الأصل صفة، وقولهم: يا ألله بقطع الهمزة إنما جاز؛ لأنه ينوي به الوقف على حرف النداء تفخيما للاسم كذا في مختار الصحاح "وقيل أصله"؛ أي أصل اسم الله "الإله فحذفت الهمزة الثانية" المكسورة تخفيفا "فنقل حركتها"؛ أي كسرتها "إلى اللام" الساكنة قبلها "فصار اللاه" فاجتمع حرفان متجانسان متحركان فأسكن الأول للإدغام "ثم أدغم" في الثاني قياسا فعلى هذا لا يكون حذف الهمزة شاذا؛ لأن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها كان في تخفيفها أن تحذف الهمزة وأعطي حركتها إلى ما قبلها، كما في مثل الأحمر "وكما في يرى"؛ أي في مضارع رأى مطلقا دون ماضيه "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتحة ما قبلها ثم لين الهمزة" بحذف حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف المنقلبة من الياء" فحذفت الألف"؛ أي الهمزة "فأعطي حركتها" التي هي الفتحة "للراء" الذي قبلها "فصار يرى وهذا التخفيف واجب في يرى" حتى لا يجوز استعمال الأصل والرجوع إليه إلا في ضرورة الشعر كقوله:

ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر

ومن يتمل العيش يرأي ويسمع

ص: 107

[شرح ديكنقوز]

كثيرا يرى أشياء عجيبة وغريبة، ولا يجوز هذا التخفيف في أى لعدم سكون ما قبل الهمزة إلا في ضرورة الشعر كقوله:

صاح هل ريت أو سمعت براع

رد في الضرع ما ثوى في الحلاب

ثوى تمكن واستقر الحلاب المحلب يقول الفائت لا يتدارك "دون أخواتها" من الفعل والاسم مما فيه همزة متحركة ما قبلها ساكن "لكثرة استعماله مع اجتماع حرف العلة بالهمزة في الفعل الثقيل" في يرى دون أخواتها "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن وجوب حذف الهمزة في يرى لاجتماع الشرائط الثلاثة المذكورة "لا يجب" أن يقال "ينى" بحذف الهمزة "في ينأى" لفقدان الشرط الأول "وأن" يقال "يسل في يسأل" لفقدان الشرط الثاني "و" أن يقال "مرى في مرأى" لفقدان الشرط الثالث "وتقول في إلحاق الضمائر" بالماضي "رأى رأيا رأوا إلى آخره"؛ أي إلى رأيت رأينا "وإعلال الياء سيجيء في قلب الناقص" إن شاء الله تعالى. وأما ذكر قلب ياء يرى ألفا هنا فلذكره في التثنية على صورة لفظ يرى "المستقبل" عند إلحاق الضمائر به "يرى يريان ترون ترى تريان يرين ترى يريان ترون ترين تريان ترين أرى نرى" ولما كان في صيغ المستقبل بحث متعلق بالهمزة أوردها على التمام بخلاف الماضي "وحكم يرون" في تخفيف الهمزة وقلب الياء "كحكم يرى، ولكن حذف الألف الذي في يرون لاجتماع الساكنين بواو الجمع"؛ لأن أصله يرأيون قلبت الياء ألفا كما في يرى فالتقى ساكنان الألف المقلوبة من الياء وواو الجمع فحذفت الألف المقلوبة فصار يرون ثم حذفت الهمزة كما في يرى "وحركت الياء في يريان" بعد عود ألف يرى في التثنية ياء لالتقاء الساكنين وعدم إمكان حذف أحدهما للالتباس، مع أن الحركة عليه ثقيلة "لطرو الحركة" فهي كالمعدومة فلم تثقل عليه واختير الفتح؛ لأن الألف لا بد أن يكون ما قبلها مفتوحا "ولا تقلب الياء ألفا" بعدما تحركت مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح؛ لأنه يلزم الوقوع في المحذور الذي فروا منه أعني التقاء الساكنين "لأنها إذا قلبت" الياء "ألفا يجتمع الساكنان" ألف التثنية والألف المقلوبة من الياء ثم تحذف" الألف المقلوبة لدفع اجتماع الساكنين "فيلتبس حينئذ" يريان "بالواحد" في اللفظ بحذف

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"دون أخواتها" المراد من أخوات كلمة يرى الكلمات التي فيها الهمزة سواء وجد حرف العلة أو لا "لكثرة الاستعمال" في يرى دون أخواتها "مع اجتماع حرف العلة بالهمزة في الفعل الثقيل" من الاسم فهذه شروط ثلاثة فمتى اجتمعت هذه الشروط في كلمة وجب تخفيفها وجوبا غير قياس، كما سيصرح به ومتى انتفى واحد منها لم يجب التخفيف "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن وجوب التخفيف مشروط بهذه الثلاثة "لا يجب" أن يخفف ويقال "ينى في ينأى"؛ أي يبعد بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى النون قبلها ويجوز إبقاؤها لفقدان الشرط الأول وهو كثرة الاستعمال "و" لا يجب أيضا يسل بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى السين قبلها "في يسأل" لفقدان الشرط الثاني وهو اجتماع حرف العلة بالهمزة "و" لا في "مرى" بفتح الميم والراء والتنوين "في مرأى" اسم مكان من رأى بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء قبلها وإن لم يستعمل كما سيجيء وجاز إبقاؤها لفقدان الشرط الثالث، وهو اجتماع حرف علة مع الهمزة في الفعل وعلى بقائها قول الشاعر:

حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي

فأنت بمرأى من سعاد ومسمع

"وتقول في إلحاق الضمائر" مستكنة كانت أو بارزة "رأى رأيا رأو إلى آخره وإعلال الياء" الذي في آخر رأى "سيجيء في باب الناقص" إن شاء الله تعالى فلم نذكره ها هنا "المستقبل" من رأى عند إلحاق الضمائر "يرى يريان يرون ترى تريان يرين ترى تريان ترون ترين تريان ترين أرى نرى" وحكم "يرون كحكم يرى" في التخفيف والإعلال "لكن حذف" على صيغة المجهو "الألف" المنقلبة من الياء "الذي في يرون لاجتماع الساكنين بواو الجمع" ولم يحذف ذلك الألف في يرى يعني أن أصل يرون يرأيون على وزن يعلمون فقلبت الياء الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كما في يرأى فالتقى ساكنان هذا الألف وواو الجمع بعدها فحذفت الألف؛ لأن الواو علامة فبقي يرون ولم يحذف هذا الألف في يرى لعدم التقاء الساكنين ثم لينت الألف والهمزة فاجتمع ثلاث سواكن الراء والهمزة والواو، فحذفت الهمزة وأعطي حركتها التي هي الفتحة للراء الساكنة قبلها كما في يرى فصار يرون قيل: ويجوز أن تلين الهمزة أولا وتحذف ثم تقلب الياء ألفا فتحذف، ومن قال: معنى كلامه أن حكم يرون في الإعلال كحكم يرى إلا أن حذف الهمزة في يرون لاجتماع الساكنين بسبب الاتصال بواو الجمع، وفي يرى لكثرة الاستعمال فقد غلظ لفظا ومعنى، ومن ركب متن عمياء فقد خبط خبط عشواء "وحركت الياء في يريان" وتريان أيضا "لطرو الحركة"؛ أي عروضها يعني أن هذه الفتحة عارضة لأجل الألف فيهما؛ لأن ما قبل الألف لا بد وأن يكون مفتوحا، ولولا الألف لكانت الياء مضمومة كما في المفرد "ولا تقلب الياء" في يريان "ألفا" مع وجود علة القلب وهو تحركها وانفتاح ما قبلها "لأنه إذا قلبت ألفا يجتمع الساكنان" ألف التثنية والألف المنقلبة من الياء "ثم حذفت فيلتبس بالواحد"؛ أي فيلزم حذف الألف المنقلبة من الياء؛ لأن ألف التثنية علامة فبقي يران، فيلزم التباس التثنية بالمفرد

ص: 108

[شرح ديكنقوز]

النون "في مثل لن يرى"؛ أي عند دخول الناصب قوله: "بيرى" بدل من الواحد؛ أي فيلتبس بيرى؛ لأن نون التثنية تسقط بالناصب فتقول في يريان عند دخول لن نحو لن يريا، فلو قلبت الياء ألفا وحذف الألف لالتقاء الساكنين، وقيل: لن يرا لم يعلم أنه مثنى حذف نونه بالناصب أو واحد من غير سقوط حرف، وإنما قيدنا الالتباس بكونه في اللفظ؛ إذ لا التباس في الخط؛ لأن التثنية تكتب بالألف بخلاف ألف المفرد المقلوبة من الياء فإنها تكتب بالياء "وأصل ترين" للواحدة المخابطة "ترأيين على وزن تفعلين فحذفت الهمزة كما" حذفت "في يرى فصار تريين ثم جعلت الياء" الأولى "ألفا" لتحركها و" لفتحة ما قبلها فصار تراين ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين فصار ترين" ولك أن تقول حذفت كسرة الياء بعد حذف الهمزة ثم الياء لاجتماع الساكنين، لكن ما ذكر المصنف أولى؛ لأنه تدريج في التخفيف "وسوى بينه"؛ أي بين ترين للواحدة المخاطبة في اللفظ "وبين جمعه اكتفاء بالفرق التقديري" فوزن الواحدة تفين بحذف العين واللام ووزن الجمع تفلن بحذف العين فقط "كما" اكتفى "في ترمين" بالفرق التقديري بين الواحدة المخاطبة وبين جمعها "وسيجيء" إن شاء الله تعالى "في باب الناقص"؛ أي ترمين مشترك في اللفظ مع جماعة الإناث، وسنذكر الفرق التقديري بينهما هناك إن شاء الله تعالى "وإذا أدخلت النون الثقيلة" على ترين "في الشرط" حال دخول حرف الشرط عليه "كما في قوله تعالى:{فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} حذفت النون" التي للإعراب "علامة للجزم وكسرت ياء التأنيث" يعني أنه لما ألحق النون الثقيلة بآخر ترين بعد دخول حرف الشرط عليه، أعني إما سقوط النون بها وصار إما ترين اجتمع ساكنان أحدهما ياء الضمير والثاني أولى نوني الثقيلة فحركت ياء الضمير دفعا لأجل اجتماع الساكنين؛ إذ لم يمكن حذف أحدهما، أما الضمير فلعدم ما يدل عليه، وأما النون المدغمة؛ فلأنه يلزم من حذفها إبطال الغرض وخص الكسر "حتى يطرد بجميع نونات التأكيد" فإن نونات التأكيد يكون ما قبلها مكسورا في الواحدة الحاضرة لأجل ياء الضمير فأبقى على الكسر بعد حذف الياء دلالة عليها، نحو: اضربن وفيما لم تحذف الياء تكسر الياء أيضا اطرادا للباب؛ لأن الياء تصير قبل نون التأكيد نحو: إما ترين "كما" كسر ياء التأنيث "في اخشين" أصله اخشين فلما ألحق نون التأكيد واجتمع ساكنان كسر الياء ليطرد "ويجيء تمامه في باب اللفيف الأمر" الحاضر من ترأى نحو

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"في مثل لن يرمي"؛ إذ لا يعلم حينئذ أنه مفرد لم يحذف منه حرف أو مثنى حذف منه النون بدخول لن، ولهذا لم يقلب ألفا وهذا الالتباس في التلفظ لا في الكتابة؛ لأن ألف التثنية يكتب على صورة الألف؛ لأنها ليست بمنقلبة من الياء وألف المفرد يكتب على صورة الياء لانقلابه منه قوله:"بيرى" بدل من قوله بالواحد فتقدير الكلام هكذا فيلتبس يريان بيرى في مثل لن يرى "وأصل ترين ترئيين على وزن تفعلين فحذفت الهمزة كما" تحذف "في يرى"؛ أي حذف حركتها فالتقى ساكنان الراء والهمزة فحذفت الهمزة وأعطي حركتها للراء قبلها "فصار تريين ثم جعلت الياء" الأولى التي هي لام الكلمة "ألفا" لتحركها و"لفتحة ما قبلها فصار تراين" بسكون الألف والياء "ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين"في غير حده "فصار ترين" بفتح الراء وسكون الياء، ويجوز أن يقلب الياء الأولى التي هي لام الكلمة ألفا أو لا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم يحذف لاجتماع الساكنين الألف والياء بعدها، فصار ترأين ثم تلين الهمزة فيحذف وتعطي حركتها إلى الراء قبلها، فصار ترين "وسوى بينه وبين جمعه" الضميران يرجعان إلى ترين؛ أي لم يفرق لفظا بين الواحدة المخاطبة والجمع المخاطب بعد تخفيف الهمزة وإعلال الياء حيث يقال فيهما ترين "واكتفى بالفرق التقديري كما" اكتفى به "في ترمين" وبيانه أن الياء في الواحدة ضمير، كما في تضربين والياء التي هي لام الكلمة محذوفة، وأما في الجمع فالياء لام الكلمة وأما الهمزة التي هي عين الفعل فمحذوف فيهما فوزن ترين تفين إن كان واحدة، وتفلن إن كان جميعا "وسيجيء" هذا البحث "في باب الناقص" إن شاء الله تعالى "وإذا أدخلت النون الثقيلة في الشرط"؛ أي إذا أردت إدخال النون الثقيلة على ترين الذي هو المخاطبة المفردة عند دخول الشرط الجازم عليه "كما في قوله تعالى:{فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} " أصل إما بكسر الهمزة إن ما فأدغم النون في الميم بعد قلبها إليها فهو شرط جازم "حذفت" منه "النون"؛ أي نون الإعراب أولا "علامة للجزم" فبقي الياء الساكنة ثم أدخلت النون الثقيلة عليه فيجتمع ساكنان الياء والنون الأولى فحركت "وكسرت ياء التأنيث" أما التحريك فلدفع التقاء الساكنين، وأما الكسر فلما ذكره المصنف من قوله: "حتى يطرد بجميع نونات التأكيد"؛ أي حتى يطرد نون المثقلة الداخلة على ترين بجميع نونات التأكيد الداخلة على غيره من الأفعال في كون ما قبلها مكسورا "كما" حذفت نون الإعراب عند دخول النون الثقيلة وكسرت الياء التي قبلها "في اخشين" إلا أن النون فيه حذفت للوقف؛ لأنه أمر الواحدة المخابطة، وفي مثل إما ترين حذفت للجزم بحرف الشرط "ويجيء تمامه"؛ أي تمام الحذف والكسر "في باب اللفيف" إن شاء الله تعالى "الأمر" الحاضر من ترى إلخ.

ص: 109

[شرح ديكنقوز]

"ره ريا روا ري ريا رين ولا تجعل الياء ألفا في ريا" وإن لم يلتبس إذا جعلت ألفا وحذفت لاجتماع الألفين "تبعا ليريان ويجوز"؛ أي يجب فإن الجواز يستعمل فيما يعم الوجوب في ره "بهاء في الوقف"؛ أي عند الوقف نحوه ره أصله ارأي "فحذفت همزته"؛ أي العين "كما" حذفت "في يرى ثم حذفت الياء لأجل السكون"؛ أي لعلامة الوقف ثم استغني عن همزة الوصل ثم ألحق هاء السكت؛ لئلا يلزم الابتداء بالساكن إن أسكن الراء للوقف أو الوقف على المتحرك إن لم يسكن فصار ره "و" تقول في ر وأخواته "بالنون الثقيلة رين ريان رون رين ينان فيجيء بالياء في رين"؛ أي أعيدت اللام المحذوفة "لانعدام السكون" الوقفي بسبب اتصال نون التأكيد؛ إذ السكون الوقفي إنما يكون حيث يكون السكون الجزمي ولا جزم في وسط الكلمة؛ إذ لا إعراب في الوسط فلا وقف فيه أيضا، فإن نون التأكيد لما اختص بالفعل صار كجزء منه وبمنزلة الداخل وامتزجا فصارا كأنهما كلمة واحدة، فأعيد ما حذف لأجل السكون أو نقول الياء في الناقص بمنزلة الحركة في الصحيح، فإذا ألحق نون التأكيد بآخر الصحيح جيء بالحركة؛ دفعا لالتقاء الساكنين فينعدم السكون فلا يكون الآخر محلا للسكون، فكذا إذا ألحقت بآخر الناقص يجيء بما هو بمنزلة الحركة؛ أعني اللام لانعدام السكون وكون الآخر محلا له "كما" أعيدت الياء "في ارمين" لذلك "ولم تحذف واو الجمع في رون لعدم ضم ما قبلها" فلو حذفت لم يبق هو وليس له ما يدل عليه أيضا، وذلك لا يجوز ولا يعاد اللام فيه؛ لأن حذفه كان لالتقاء الساكنين؛ إذ أصله ريو فأسكنت الياء ثم حذفت لالتقاء الساكنين فبقي روا فلما ألحق به النون التقى ساكنان، ولا مجال لحذف شيء منهما كما ذكرنا في "إما ترين" فحرك الواو بحركة تناسبه فحركته عارضة فلو أعيدت اللام وقيل: ريون اجتمع ساكنان حقيقة، فيلزم الوقوع فيما فر منه وكذا رين

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"ره ريا روا ري ريا رين" يعني لما وجب التخفيف في مضارع رأي كما مر يجيء صيغة الأمر الحاضر منه بعد التخفيف على هذا الوزن؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من نرى بقي ما بعده متحركا والياء تسقط من آخر علامة للأمر، فبقي على حرف واحد مفتوح وهو الراء، وقس عليه التثنية والجمع، وقد يجيء أمر الحاضر منه على الأصل، نحو: ارأ كارع؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترى بقي ما بعده ساكنا فاجتلبت الهمزة المكسورة والياء تسقط من آخره، فصار رأ، ثم بعد ذلك يجوز تصريفه على هذا الأصل كتصريف أرض، ويجوز تخفيفه ليكون على حرف واحد كما يجيء، وإنما جاز ذلك مع عدم جواز الاستعمال على الأصل في مضارعه بناء على قلة الاستعمال في الأمر بالنسبة إلى المضارع، لكن التخفيف أفصح، ولهذا لم يذكر المصنف مجيئه على الأصل، كما ذكره الزنجاني حيث قال: وإذا أمرت منه قلت: على الأصل ارأ كارع، وعلى الحذف روقس الأمر الغائب على ما ذكرناه من جواز الأمرين، فيجوز لير على التخفيف وليرأ على الأصل "ولا تجعل الياء ألا في ريا" مع وجود عليته، وهو تحرك الياء وانفتاح ما قبلها "تبعا ليريان" وقد مر أن ياءه لم تقلب ألفا لئلا يلزم الالتباس بالواحد في مثل لن يرى فيكون تثنية أمر المخاطب تابعا لتثنية الغائب من المضارع، ولو قال تبعا لتريان بالتاء المثناء من فوق كما وقع في بعض النسخ لكان أظهر؛ لأن تثنية أمر المخاطب مأخوذ من تثنية المخاطب من المضارع "ويجوز" استعمال هذا الأمر "بهاء الوقف نحوه" يعني لا يجب استعمال هذا الأمر على الوقف دائما، لكن إذا استعمل على الوقف وجب إلحاق هاء السكت في آخره؛ لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد الذي هو غير جائز؛ لأن الابتداء لا يمكن إلا بالمتحرك والوقف يقتضي السكون، فلو كان الابتداء والوقف على حرف واحد يلزم أن يكون الحرف الواحد متحركا وساكنا معا وهو غير جائز، وأما إذا لحق هاء السكت فلا يلزم ذلك؛ لأن المراد بها التوصل إلى بقاء الحركة التي قبلها في الوقف، كما زادوا همزة الوصل ليتوصل بها إلى بقاء السكون الذي بعدها في الابتداء، قوله:"فحذفت همزته"؛ أي همزة ارأي "كما" حذفت "في يرى ثم حذفت الياء" من آخره "لأجل السكون" بيان لأخذ الأمر الذي على حرف واحد من ترأى على الأصل؛ يعني حذفت الهمزة من ارأي ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني عن الهمزة، فصار ري ثم حذفت الياء علامة للأمر فبقي على حرف واحد "وتقول بالنون الثقيلة" المؤكدة في الأمر الحاضر "رين ريان رون" بضم الواو المجانسة بينهما "رين" بكسر الياء لما مر "ريان رينان فيجيء بالياء في رين لانعدام السكون"؛ يعني أن الأمر من الفعل الصحيح مبني على السكون بسقوط الحركة، ومن الناقص بسقوط لام الكلمة منزلة الحركة منه كما مر، فإذا أدخل عليه النون المؤكدة يكون الأمر من الصحيح مبنيا على الفتح، فكان كأنه أعيدت الحركة المحذوفة فأعيدت اللام من الناقص؛ لأن حذفها إنما هو لكون الأمر ساكنا، فلما أدخل النون عليه يجب أن يكون ما قبله متحركا فأعيدها ما حذف لأجل السكون، وهو لام الكلمة في الناقص منزلة الحركة من الصحيح فقال: رين بالياء المفتوحة "كما" يجيء الأمر بإعادة الياء "في ارمين" لانعدام سكون ما قبل النون "ولم يحذف واوا الجمع في رون" بضم الواو مع أن القياس الحذف، كما في اضربن وانصرن "لانعدام ضمة ما قبلها" يعني إنما يحذف واو الجمع من الأمر عند دخول نون التأكيد إذا كان ما قبلها ضمة تدل على الواو المحذوفة وها هنا تتعدم الضمة؛ لأن الراء قبلها مفتوح فلو حذفت لم يوجد ما يدل عليها فلم تحذف

ص: 110

[شرح ديكنقوز]

"بخلاف اغزن" فإن واو الجمع حذفت فيه؛ لأن ضمة الزاي تدل على الواو المحذوفة ولم يعد اللام هنا أيضا؛ لأنه لو أعيد وقيل: اغزون نحو: انصرن لزم إسكان الواو لثقل الضم عليه فيجتمع ساكنان، وهو إن كان على حده إلا أن الكلمة ثقلت واستطالت بسبب نون التأكيد، فيلزم حذفه فتكون الإعادة كلا إعادة، وكذا اغزن، وكذلك ارمن وارمن "و" تقول في روا وأخواته "بالنون الخفيفة رين رون رين" وأحكامها كأحكام الثقيلة "الفاعل" من يرى "راء إلخ" على وزن فاع فأصله رائي أعل كإعلال رام "ولا يحذف همزته"؛ أي همزة راء "لما"؛ أي للوجه الذي "يجيء في" اسم "المفعول" منه "وقيل" لا تحذف همزته "لأن ما قبلها ألف والألف لا تقبل الحركة" وطريق تخفيف الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها بالحذف بأن تنقل حركتها إلى ما قبلها كما مر "ولكن يجوز لك أن تجعل" همزته "بين بين" المشهور "كما" جعلتها بين بين "في سائل" وقائل كما مر "وقس على هذا"؛ أي على يرى في تخفيف الهمزة باب الأفعال من الرؤية لكون ما استعمل من الرؤية في هذا الباب كثير الاستعمال ماضيا كان "نحو أرى" أصله أرأى أو مضارعا نحو "يرى" أصله يرئي أو أمرا نحو أر أصله ارأي، وفاعلا أو مفعول نحو: مر ومري أومصدرا نحو "إراءة" أصله ارآيا على وزن أفعالا قلبت الياء همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة فصار اراء؛ لأن الواو والياء إذا وقعتا طرفا بعد ألف زائدة تقلبان ألفا إما لعدم اعتدادهم بالألف فصار حرف العلة كأنه ولي الفتحة فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها أو لتنزيلهم الألف منزلة الفتحة لزيادتها عليها، أو أنها جوهرها فقلبوا حرف العلة ألفا كما يقلبونها بعد الفتحة، فالتقى ألفان فكرهوا حذف إحداهما أو تحريك الأولى؛ لئلا يعود الممدود مقصورا فحركوا الأخيرة لالتقاء الساكنين فصار همزة، وأما إذا لم يكونا بعد ألف زائدة بأن كانت الألف منقلبة عن حرف أصلي فلا تقلبان ألفا لئلا يتوالي في الكلمة إعلالان؛ إعلال العين وإعلال اللام، وذلك نحو: روي وثوي من رويت وثويت إلا أن عينهما أعلتا وسلمت لاماهما، وكان الأصل أن يعتل اللام ويصح العين لكنهما ألحقا في الشذوذ بالرؤية والغاية، ثم نقلت حركة الهمزة التي هي العين إلى الراء في أرى وحذفت كما في الفصل فصار اراء ثم عوض

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"بخلاف اغزن" فإن ما قبل النون الثقيلة فيه مضموم وهو الزاي؛ لأن أصله اغزووا بضم الزاي والواو الأولى التي هي لام الكلمة، فاستثقلت الضمة على الواو فأسقطت ثم حذفت هي لالتقاء الساكنين؛ لأن الثانية علامة الجمع فبقي اغزوا بضم الزاي ثم لما أدخل عليه النون اجتمع ساكنان واو الجمع والأولى من النون الثقيلة فحذفت الواو، وإن كانت علامة لتدل الضمة التي قبلها عليها "و" تقول "بـ" النون "الخفيفة رين" بإعادة الياء وفتحها "رون" بضم الواو "رين" بكسر الياء "و" اسم "الفاعل" من رأى يرأي "راء" أصله رائي فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فاجتمع ساكنان الياء والتنوين؛ لأن التنوين عبارة عن نون ساكنة فحذفت الياء؛ لأن التنوين علامة التمكن فبقي راء "رائيان" على الأصل "إلى آخره"؛ أي راءان رائية رائيتان رائيات ورواء وأصل راءون رائيون على وزن ضاربون فاستثقلت الضمة على الياء لالتقاء الساكنين الياء والواو ونقلت الضمة على الهمزة بعد سلب حركتها لأجل الواو فصار راءون وأصل رواء روائي على وزن نواصر، فأسكنت الياء للثقل ثم حذفت لطول البناء ثم عوض التنوين من الياء أو من حركتها فصار رواء، والباقي جار على الأصل "لا تحذف همزته"؛ أي همزة اسم الفاعل مع أنه مأخوذ من المضارع وقد عرفت أنه لا يستعمل بالهمزة فناسب أن يحذف همزته أيضا "لما يجيء في" اسم "المفعول" عن قريب "وقيل" لا تحذف همزته "لأن ما قبلها ألف والألف لا تقبل الحركة، ولكن يجوز لك أن تجعل" همزته "بين بين" المشهور بجعل الهمزة بين مخرجها ومخرج الألف "كما" تجعل "في سائل وقائل وقس على هذا"؛ أي على يرى "أرى يرى إراءه" يعني كما يجب التخفيف في مضارع رأى لكثرة استعماله دون أخواته، كذلك يجب التخفيف إذا بنيت الأفعال من رأى، وقلت: أرى يرى في ماضيه ومضارعه معا لكثرة استعمالهما دون أخواتهما، قال ابن الحاجب: إذا كان الماضي من الرؤية على وزنه أفعل حذفت الهمزة حذفا لازما في الماضي والمستقبل جميعا وقيل: أرى يرى، فالتزموا كلهم التخفيف لكثرته في كلامهم، ولهذا لم يلزم في قولهم: أنأى ينئي على وزن أعطى يعطي، بل جرى في جواز التخفيف كغيره؛ لأنه لم يكثر تلك الكثرة إلى ها هنا عبارته موافقا لما في الجابردي، وأما كيفية التخفيف في أرى يرى فهو أن أصلهما أرأى يرئي على وزن أعطى يعطي نقلت حركة الهمزة إلى الراء الساكن قبلها فيهما ثم حذفت وإعلال الياء ظاهر، وذكر في شرح الهادي لاحتمال الحذف ها هنا وجها آخر، وهو أنه اجتمع في أرأى همزتان بينهما حرف ساكن، والساكن حاجز غير حصين، فكأنهما قد توالتا فحذفت الثانية على حد حذفها في أأكرم ثم أتبع سائر الباب، وفتحت الراء لمجاورة الألف التي هي لام الفعل فلا يستعمل ها هنا على الأصل حتى هجر ورفض، واعترض عليه بعض الفضلاء بأن هذه العلة توجب الاطراد في مثل: ينىئي مضارع نأى وأنأى ينئيى، وقد عرفت أنه ليس بواجب وأصل إرأة إرآي على وزن إكرام، فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الراء وحذفها فصار إراي، وقلبت الياء همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة فصار إروا، ثم عوض الهاء من الهمزة فصار إراة هذا هو العمدة فيه وإن جاز غيره، وإذا علمت ما تلوناه كله ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن معنى قوله: وقس

ص: 111

[شرح ديكنقوز]

تاء التأنيث عن الهمزة المحذوفة كما عوض عن الواو في إقامة فصار إراءة ويجوز إراء بلا تعويض؛ لأن ما حذف منه كان محذوفا من فعله فلم يحتج إلى لزوم التعويض، بخلاف إقامة ويجوز إراية بالياء أيضا؛ نظرا إلى أنها لم تقع طرفا بسبب التاء على اعتبار تقديم حذف العين والتعويض عنه على قلب الياء أو بسبب أن التاء لازمة كسقاية، فإن تاء التأنيث يعتد بها حينئذ بخلاف ما إذا كانت عارضة، حيث لا يعتد بها نحو: بناءة فإنه يقال للمذكر بناء ومن قلب نظر إلى التاء كلمة أخرى فكأن الياء متطرفة "المفعول" من يرى "مرئي إلخ" مرئيان مرئيون إلخ "أصله مرأوي فأعل كما"؛ أي كإعلال الذي وقع "في مهدي" كما مر في المضمرات "ولا يجب حذف همزته؛ لأن وجوب حذف الهمزة من فعله" أعني يرى غير قياس كما مر" حيث قال وهذا التخفيف واجب في يرى لكثرة الاستعمال، فإن كثرة الاستعمال غير موجبة للحذف، بل إنما يصار إليها إذا لم يوجد قياس موجب الحذف، وإذا ثبت الحكم في محل على خلاف القياس لا يتعداه كما تقرر في موضعه "فلا يستتبع" الفعل "المفعول وغيره" من الفاعل والأمر وغيرهما "و" إنما "حذف" الهمزة وجوبا "في نحو مرى" يعني في غير الفعل "أصله مرأي"؛ أي اسم مفعول من باب الأفعال مع أن وجوب الحذف في أفعل غير قياس "لكثرة" استعمال "مستتبعه"؛ أي نحو مرر بخلاف مرأي فإن مستتبعه قليل وهو المضارع فقط "وهو" ذلك المستتبع الكثير "أرى يرى وأخواتهما"؛ أي الأمر والنهي "والموضع" من الثلاثي الآتي "يجوز" الحذف "بالقياس على نظائرها" من المضارع واقع في كلامهم "إلا أنه"؛ أي حذف الهمزة في هذه الأشياء المذكورات "غير مستعمل"؛ أي غير واقع في كلامهم "المجهول رؤي" على الأصل "يرى" على الحذف أصله يرأي "إلى آخرها. المهموز الفاء يجيء من خمسة أبواب" من باب نصر

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

على هذا أرى يرى أنه يجب التخفيف في مضارعه دون ماضيه، كما يجب في مضارع رأى دون ماضيه، وإنما قالوا ذلك لقصور نظرهم عن تحقيقات القوم واستعمالاتهم، فلا تكن من القاصرين "و" اسم "المفعول" من رأى يرى "مرئي إلى آخره" بسكون الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء "أصله مرءوي" على وزن مضروب "فأعل" بقلب الواو ياء لاجتماعهما وسبق أحدهما بالسكون وإدغام الياء في الياء وكسر الهمزة للياء "كما" وقع الإعلال هكذا "في مهدي" أصله مهدوي كما سبق، وإذا عرفت كيفية الإعلال في المفرد من اسم المفعول أمكنك القياس عليه في سائر تصاريفه، وهو مرئيان مرئيون مرئية مرئيتان ومرائي ولا يجب" بل يجوز "حذف همزته"؛ أي اسم المفعول "لأن وجوب حذف الهمزة في فعله" الذي هو يرى "غير قياس" بل التزموه لكثرة الاستعمال، ولهذا لم يجب في ينثي "كما مر" وكلما يثبت على خلاف القياس لا يستتبع شيئا آخره غيره "فلا يستتبع" الشيء يطلب أن يكون ذلك الشيء تابعا له كحذف الهمزة في أأكرم، فإنه يجعل حذف الهمزة من يكرم وتكرم وسائر تصاريفه تابعا لنفسه فيحذف منها، وإذا علمت معنى يستتبع علمت معنى لا يستتبع "وحذفت" الهمزة وجوبا "في نحو مرى" بضم الميم وفتح الراء وتنوينه، وهو اسم مفعول من باب الأفعال أصله مرأي بوزن مكرم فقلبت الياء ألفا لتحركها وانتفاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان الألف والتنوين فحذفت الألف من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها ثم لينت الهمزة، فاجتمع ثلاث سواكن فحذفت الهمزة وأعطي حركتها لما قبلها، وانتقل التنوين أيضا فصار مرى هذا تخفيف بعد الإعلال ويجوز بالعكس، وقد مر نظيره، وإنما وجب ذلك مع أن وجوب حذف الهمزة في فعله الذي هو يرى غير قياس، بل التزموا الكثرة الاستعمال أيضا "لكثرة مستتبعه" والقليل يتبع الكثير كثيرا "وهو أرى يرى وأخواتهما" كاسم الفاعل والزمان والمكان وإن كان الحذف فيهما غير قياسي بخلاف مرئي فإنما فرض مستتبعا له واحد فقط وهو يرى "و" اسم "الموضع" من يرى الذي هو الثلاثي "مرأى" بفتح الميم وسكون الراء وفتح الهمزة وتنوينها وأصله مرأي على وزن منصرفا فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها فصار مرأى "و" اسم "الآلة مرأى" وهو كالموضع في أصله وإعلاله وزنه لكن الميم منه مكسور "وإذا حذفت الهمزة"؛ أي إذا أردت حذفها تخفيفا "في هذه الأشياء" وهو اسم الفاعل والمفعول والموضع والآلة من يرى الذي هو الثلاثي "يجوز" لك حذفها "بالقياس إلى نظائرها" التي حذفت الهمزة منها تخفيفا، نحو: مسلة وغيرها "إلا أنه"؛ أي حذف الهمزة في هذه الأشياء "غير مستعمل" في كلامهم" المجهول" من رأى يرى الذي هو الثلاثي "رؤي يرى إلى آخرهما" الماضي لا يخفف كما في المعلوم والمضارع يخفف كما في المعلوم أيضا، فيقال في الماضي رؤي رؤيا رؤوا رؤيت رؤيتان رؤين رؤيت رؤيتما رؤيت رؤيتما رؤيتن رؤيت رؤينا، وفي المضارع يرى يريان يرون ترى تريان يرين ترى تريان ترون ترين تريان تررين أرى نرى، وكيفية تخفيف همزته ظاهر مما سبق، وأما إعلال يائه كإعلال ياء رمى يرمي وسيأتي في باب الناقص "المهموز الفاء يجيء من خمسة أبواب" باستقراء كلامهم، وهي ما عدا الباب السادس

ص: 112

[شرح ديكنقوز]

"نحو: أخذ يأخذو" من باب ضرب نحو: "أدب يأدب" من المأدبة بمعنى الضيافة من الأديب، فإنه من باب حسن "و" من باب فتح نحو:"أهب يأهب و" من باب "علم نحو: أرج يأرج و" من باب حسن نحو: "أسل يأسل" ولا يجيء من باب فعل يفعل بكسر العين فيهما "والمهموز العين يجيء من ثلاثة أبواب من باب فتح "نحو رأى يرأى و" من باب علم نحو: "يئس ييأس و" من باب حسن نحو: "لؤم يلؤم" ولا يجيء من غيرها "المهموز اللام يجيء من أربعة أبواب" من باب ضرب "نحو هنأ يهنئ و" من باب فتح نحو: "سبأ يسبأ و" من باب علم نحو: "صدئ يصدأ و" من باب حسن نحو: "جزؤ يجزؤ" ولا يجيء من غيرها تقديم مثال باب فتح على مثال باب علم في المواضع الثلاثة، إنما هو لفتحة عين ماضيه، وأما تقديم مثال باب نصر على مثال باب ضرب فلكثرة استعمال المهموز الفاء من باب نصر بالنسبة إلى استعماله من باب ضرب، ولكثرة استعمال خصوص المثال أعني أخذ "ولا يجيء في المضاعف إلا مهموز الفاء نحو: أن يئن" أنينا كل ذلك بالاستقراء والسماع "ولا تقع الهمزة في موضع حرف العلة"، والغرض من هذا الكلام وما تفرع عليه دفع توهم أن المهموز قسم من أقسام السبعة فلا يجتمع مع قسم آخر منها لئلا يلزم تداخل الأقسام، وإلا فهذا الحكم وما تفرع عليه ضروري لا يحتاج إلى تعليمه "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل عدم وقوع الهمزة موضع حرف العلة "لا يجيء في المثال إلا مهموز العين واللام نحو: ود" من باب ضرب "ووجأ" من باب فتح ويسمى باسميهما فيقال المثال المهموز العين والمثال المهموز اللام "و" لا يجيء "في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام نحو: أن" من باب نصر "وجاء" من باب ضرب ويقال الأجوف المهموز الفاء والأجوف المهموز اللام "و" لا يجيء "في الناقص إلا مهموز الفاء والعين" نحو: أبى ورأى و" يجيء" في اللفيف المفروق إلا مهموز العين نحو: رأى من باب ضرب "و" لا يجيء "في المقرون إلا مهموز الفاء نحو: أوى" من باب ضرب "وتكتب الهمزة في الأول"؛ أي حال كونها في أول كلمة "على صورة الألف في كل الأحوال"؛ أي سواء كانت مفتوحة "نحو: أخ و" مضمومة نحو: "أم" أو مكسورة، نحو: "إبل" وسواء كانت أصلية نحو: إبل، أو منقلبة نحو: أحد أصله وحد، وسواء كانت همزة قطع نحو: أكرم، أو همزة وصل نحو: اضرب وانصر "لخفة الألف" فإن الألف تشارك الهمزة في المخرج وهو أخف حروف اللين فأبدلوا الهمزة

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"نحو أخذ يأخذ" بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر "وأدب يأدب" أعلم أن أدب يأدب يجيء من الباب الخامس ومعناه ظاهر، والصفة منه أديب، ومنه ضربته تأديبا، ويجيء من الباب الثاني ومعناه حينئذ دعا القوم إلى طعامه، والصفة منه آداب، والمراد ها هنا هو الثاني فافهم "وأهب يأهب" بفتح العين فيهما يقال: تأهب الرجل إذا استعد "وأرج يأرج" بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، يقال: أرج الطيب إذا فاح "وأسل يأسل" بضم العين فيهما يقال: رجل أسيل الخد؛ أي لين الخد طويلة وكل مسترسل أسيل "والمهموز العين يجيء من ثلاثة أبواب" بالاستقراء أيضا "نحو: رأى يرأى" بفتح العين في الماضي والغابر "ويئس ييأس" بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر "ولؤم يلؤم" بضم العين فيهما ولا يجيء من غير هذه الثلاثة "المهموز اللام يجيء من أربعة أبواب" بالاستقراء أيضا "نحو هنؤ يهنؤ" بضم العين فيهما، وهو المراد ها هنا، وأيضا يجيء بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وهنأ الطعام من باب قطع وضرب "وسبأ يسبأ" بفتح العين فيهما؛ أي اشترى الخمر ليشربها "وصدئ يصدأ" بكسر العين في الماضي وضمها في الغابر "وجزأ يجزؤ" بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر من جزأت الشيء بالزاي المعجمة؛ أي قسمته ولا يجيء من الباب السادس ولا من الثاني إلا هنأ يهنأ وهو شاذ "ولا يجيء في المضاعف إلا مهموز الفاء" بدلالة استقراء كلامهم "نحو أن يئن"؛ أي فزع يفزع والأصل أنن يأنن على حد فريفر "ولا تقع الهمزة موقع حرف العلة" وإلا لم يكن المعتل معتلا وهو ظاهر "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الهمزة لا تقع موقع حرف العلة "لا يجيء من المثال"؛ أي من معتل الفاء "إلا مهموز العين واللام نحو وأديئد" يقال: وأد ابنته؛ أي دفنها في القبر وهي حية "ووجأ يجأ" يقال: وجأته بالسكين؛ أي ضربته به، يقال: وجأه يجأه مثل وضعه يضعه، ولا يجيء مهموز الفاء من المثال، وإلا لم يكن المثال مثالا "ولا" يجيء "في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام نحو آن، " أصله أين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها يقال: آن أينه؛ أي حان حينه وآن له أن يفعل كذا من باب باع؛ أي حان "وجاء" أصله جيأ فقلبت الياء ألفا ولا يجيء منه مهموز العين، وإلا لم يكن الأجوف أجوف أيضا "و" لا يجيء "في الناقص إلا مهموز الفاء والعين" وإلا لم يكن الناقص ناقصا أيضا "نحو أبى يأبى ورأى يرى و" لا يجيء "في اللفيف المفروق إلا مهموز العين نحو وأي"؛ أي وعد "و" لا يجيء "في" اللفيف "المقرون إلا مهموز الفاء نحو أوي"؛ أي رجع وإلا لم يكن المفروق مفروقا ولا المقرون مقرونا، ولما فرغ من الأحكام اللفظية للهمزة شرع في أحكام كتابتها؛ إذ يحتاج إلى بيانها دون سائر الحروف؛ لأنه ليس للهمزة صورة مخصوصة تكتب بها دائما كسائر الحروف فقال:"وتكتب الهمزة" إذا كانت "في الأول على صورة الألف" مطلقا؛ أي مفتوحا كان أو مكسورا أو مضموما "نحو أب وأم وإبل" وسواء كان للقطع نحو: أكرم أو للوصل نحو: اضرب، وسواء كانت أصلية نحو إبل، أو منقلبة من الواو نحو: إثم واحد "لخفة الألف" في الكتابة.

ص: 113

[شرح ديكنقوز]

ألفا في الخط للتخفيف؛ لأن التخفيف كما هو مطلوب في اللفظ مطلوب في الكتابة أيضا، فهذه الهمزة وإن لم يكن تخفيفها لفظا لما مر من أن الهمزة لا تخفف في الأول لكن أمكن تخفيفها خطا فخففوها؛ لأن ما لا يدرك كله لا يترك كله "وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات" وإن كان على الألف فلا يرد أن الألف لا تقبل الحركة، فكيف تكتب الهمزة على صورة الألف في الأول الذي هو محل الحركات "و" تكتب الهمزة "في الوسط إذا كانت ساكنة على وفق حركة ما قبلها، نحو: رأس ولؤم وذئب للمشاكلة"؛ أي لتوافق صورة الهمزة حركة ما قبلها ولتوافق طريق تخفيفها "وإذا كانت" الهمزة المتوسطة "متحركة" سواء كان ما قبلها ساكنا أو متحركا "تكتب على وفق حركة نفسها حتى يعلم حركتها نحو" يسال ويلؤم ويسئم ونحو "سأل ولؤم وسئم" وإنما لم يورد أمثلة المتحركة الساكن ما قبلها لمكان الاختلاف فيها، فمنهم من يحذفها إن كان تخفيفها بالنقل، نحو: يسل وبلم ويسم والإدغام كيسل، ومنهم من يحذف المفتوحة بعد النقل فقط نحو: يسل، والأكثر على حذف المفتوحة بعد الألف نحو: يسأل، ومنهم من يحذفها في الجميع وأشار بالمثال إلى أن هذا الحكم إذا كان حركة ما قبلها فتحة، فيعلم منه أن كتابة نحو: جؤن ومئر على طريق تخفيفها؛ إذ الأصل أن يكون الكتابة على طراز اللفظ، ولو قال على طريق تخفيف الهمزة بدل قوله: على وفق حركة نفسها كما قاله غيره لشمل نحو: جؤن ومئر، إلا أنه عدل عنه إلى ما في الكتابة ليشمل الساكن ما قبلها، وحكم نحو: مئر وجؤن قد علم بطريق آخر كما ذكرنا على أنهما كانا مستثنيين في تخفيف الهمزة من حكم أخواتها "وإذا كانت" الهمزة "متحركة" حال كونها "في آخر الكلمة تكتب على وفق حركة ما قبلها" إذا كان ما قبلها متحركا "لا على وفق حركة نفسها؛ لأن الحركة المتطرفة عارضة" والعارض كالمعدوم فصار كأنها لا حركة لها "نحو قرأ وطرؤ وفتئ" ويعلم من هذا أن الهمزة المتطرفة إذا كانت ساكنة ومتحركا ما قبلها نحو: لم يقرأ ولم يردئ، فالأولى أن تكتب على وفق حركة ما قبلها "وإذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة المتطرفة "ساكنا لا تكتب" تلك الهمزة "على صورة شيء" لا على حركة نفسها "لطرو حركتها و" لا على حركة ما قبلها لغرض "عدم حركة ما قبلها نحو: خبء ودفء وبرء" بل تحذف من الخط فإن شكل الهمزة وصورتها الخطية، وهو شكل أحد حروف اللين، وأما المكتوبة في خبء ودفء وبرء فإنما هو علامة للهمزة وأمارة لها ليعلم أن هناك همزة في الخط فتلفظ، وأما كتابة نحو: البطؤ والوطئ بالواو والياء فليس على قانون علم الخط، بل من جهل الكاتب بصورة الخط.

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات" يعني أن الهمزة لم توضع لها صورة مخصوصة بالأصالة كما توضع لسائر الحروف، فيكون الأصل فيها أن لا توجد في الكتابة أصلا لعدم صورتها وتوجد في التلفظ عليها، وإذا لم يكن لها وجود في الكتابة لم يتصور وضع الحركة في الكتابة عليها، لكن قد تكتب على صورة حرف من الحروف لعارض، فتكتب في الأول على صورة الألف لخفة الألف كتابة، وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات عليها، وحاصله أن الأصل أن لا تكتب الهمزة ولا حركتها لكنهما تكتبان في الأول للعلة المذكورة "و" تكتب الهمزة "في الوسط إذا كانت ساكنة على وفق حركة ما قبلها" مفتوحا تكتب على صورة الألف، وإن كان مضموما تكتب على صورة الواو، وإن كان مكسورا على صورة الياء كما يكون تخفيفها بالقلب كذلك "نحو: رأس ولؤم وذئب للمشاكلة"؛ أي ليكون الهمزة مشاكلة لحركة ما قبلها "و" الهمز في الوسط "إذا كانت متحركة" سواء كان ما قبلها ساكنا أو متحركا أيضا "تكتب على وفق حركة نفسها حتى يعلم" أن "حركتها" من أي نوع هي، فإن كانت الهمزة الواقعة في الوسط مفتوحة تكتب على صورة الألف، وإن كانت مكسورة تكتب على صورة الياء وإن كانت مضمومة تكتب على صورة الواو، ولا اعتبار لحركة ما قبلها حينئذ "نحو: سأل ولؤم وسئم" ونحو: يسأل ويلؤم ويسئم إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما، فإنها تكتب في الأول على صورة الياء، وفي الثاني على صورة الواو، نحو: مئر وفئة وجؤن ومؤجل كما يكون تخفيفها كذلك، لكن المصنف أطلق القول ولم يستثن الصورتين، كما استثناه في بيان التخفيف، والأولى أن يستثنيهما أو يقول تكتب حينئذ على نحو ما تخف به ليتم البيان، "وإذا كانت" الهمزة "متحركة" وما قبلها متحركا أيضا وكانت "في آخر الكلمة تكتب" حينئذ "على وفق حركة ما قبلها "فإن كان ما قبلها مفتوحا فتكتب على صورة الألف، وإن كان مكسورا فعلى صورة الياء، وإن كان مضموما فعلى صورة الواو، و"لا" تكتب "على وفق حركة نفسها" مع أن هذا أولى ليعلم حركتها "لأن الحركة المتطرفة"؛ أي الواقعة في الطرف "عارضة"؛ أي غير ثابتة على وجه واحد؛ لأن آخر الكلمة محل التغيير، فتغير بحسب ما يقتضيه العامل "نحو: قرأ وطرؤ وفتئ، وإذا كان ما قبلها ساكنا لا تكتب" الهمزة "على صورة شيء"؛ أي لم تكتب على صورة حرف من الحروف "لطرو حركتها وعدم حركة ما قبلها" فلم يكن لها وجود في الكتابة، بل في التلفظ فقط، كما هو الأصل فيها على ما مر "نحو: خبء ودفء وبرء"، فإذا قلت: رأيت خبأ ودفأ وبرأ ألا يكون الألف فيها على صورة الهمزة، بل هي ألف الوقف عوضا من التنوين، كما في رأيت زيدا

ص: 114