المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع في المعتل - شرحان على مراح الأرواح في علم الصرف

[ديكنقوز]

الفصل: ‌الباب الرابع في المعتل

[شرح ديكنقوز]

"‌

‌الباب الرابع في المعتل

":

قدم ما يكون حرف العلة فيه غير متعدد لكثرة أبحاثه واستعماله، ولأن الواحد قبل المتعدد قبل المتعدد، وقدم معتل الفاء منه على معتل العين لتعدم الفاء على العين "ويقال للمعتل الفاء" بإضافة المعتل إلى الفاء إضافة لفظية مثل الحسن الوجه؛ أي الذي اعتل فاؤه "معتل" بدون الإضافة إلى الفاء؛ لأن حرف العلة لما كان في أوله كان كأنه هو المعتل لظهور كونه معتلا من أول الأمر، ولأنه لا يجب الاطراد في التسمية "ويقال له مثال أيضا؛ لأن ماضيه مثل الصحيح في الصحة وعدم الإعلال" عطف تفسير للصحة دفعا لتوهم كون المراد منها كون حروفه حروفا صحيحة ليس فيها حرف علة ويلزم كونه مثله في تحمل الحركات كوعد ووعد "وقيل" إنما سمي مثالا "لأن أمره"؛ أي الحاضر "مثل أمر الأجوف" في الوزن "نحو: عد" من تعد "وزن" من تزن فزن عد بزن تجده موازيا له في الوزن "وهو"؛ أي المثال يجيء من خمسة أبواب من باب ضرب وعلم وفتح وحسن وحسب، نحو: وعد يعد ووجل يوجل ووهب يهب ووجه يوجه وومق يمق "ولا يجيء" المثال "من فعل يفعل"؛ أي من باب نصر بالاستقراء "إلا وجد يجد" كائنا "في لغة بني عامر" وفي لغة غيرهم من باب ضرب "فحذفت الواو في يجد" أصله يوجد "في" قياس "لغتهم لثقل الواو مع ضم ما بعدها وقيل هذه"؛ أي يجد بالضم "لغة ضعيفة" لخروجها عن القياس واستعمال الفصحاء "فأتبع ليعد في الحذف" يعني أن الحذف في يجد على طريق الاتباع لا على طريق القياس "وحكم الواو والياء إذا وقعتا في أول الكلمة كحكم الصحيح" في الصحة وعدم الإعلال سواء كانتا مفتوحتين أو مضمومتين "نحو: وعد ووعد ووقر ووقر" من الوقر وهو ثقل الأذن، وهو متعدلا من الوقور بمعنى القعود في البيت ولا من الوقار وهو الرزانة؛ لأنهما لازمان، وقوله: وقر يدل على أنه متعد "وينع وينع" ولم يورد من اليائي إلا مثال واحد تنبيها على قلته "ونظائرها" نحو: ومفق وومق "ويسر ويسر" فلا تعلان في أول الكلمة "لقوة المتكلم عند الابتداء" فإن الإعلال إنما هو للتخفيف وتسهيل التكلم عن المتكلم وعند الابتداء يقوى المتكلم على التكلم؛ إذ لم يعرض له فتور وعي في الكلم بعد فلا يحتاج إلى التخفيف والتسهيل "وقيل" إنما لا يعلان في الأول لـ"أن الإعلال" مصدر المجهول؛ أي كون الحرف معلا "قد يكون بالسكون أو بالقلب"؛ أي بانقلابه "إلى حرف العلة أو بالحذف"؛ أي بكونه محذوفا "وثلاثتها لا يمكن" أما السكون فلتعذره لاستلزامه الابتداء بالساكن "وكذلك"؛ أي كالسكون "القلب" متعذر "لأن المقلوب" به "غالبا" احتراز عن بعض حروف الإبدال "يكون بحرف العلة"؛ يعني الألف والياء زائدتان في المنصوب للتأكيد والمقام يقتضيه "وحرف العلة"؛ أي الألف "لا يكون إلا ساكنا" فيلزم الابتداء بالساكن

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"الباب الرابع في المثال":

قدمه على سائر المعتلات؛ لأن حرف العلة في الكلمة، إما أن يكون واحدا أو متعددا، فإن كان واحدا قدم على ما يكون فيه متعددا؛ لأن الواحد قبل المتعدد ثم ما يكون فيه حرف العلة واحدا على ثلاثة أقسام؛ لأن حرف العلة إما أن يكون فاء الكلمة أو عينها أو لامها، فإن كان فاء قدمت عليهما؛ لأن الفاء مقدم عليهما "ويقال للمعتل الفاء مثال؛ لأن ماضيه مثل الصحيح في الصحة"؛ أي في تحمل الحركات "وعدم الإعلال" وعدم الحروف في الإخبار، فيقال: وعدو وعدت كما يقال ضرب وضربت، وهذا الوجه كما يفيد التسمية يفيد التقديم فافهم "وقيل" يقال للمعتل الفاء مثال "لأن أمره مثل أمر الأجوف" في الوزن "نحو: عد" من المثال "وزن" من الأجوف "وهو" إنما "يجيء من خمسة أبواب" باستقراء كلامهم "ولا يجيء من فعل" بفتح العين "يفعل" بضم "العين "إلا وجد يجد" أصله يوجد بضم الجيم المشهور كسرها "وهو لغة بني عامر، فحذفت الواو في يجد" وإن لم يقع بين ياء وكسرة كما في يعد "في لغتهم لثقل الواو مع ضم ما بعدها" في الصحاح، ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال "وقيل" حذفت الواو في يجد بالضم في لغتهم؛ لأن "هذه"؛ أي لغة بني عامر "لغة ضعيفة" لا يعتد به ولا يعول عليه لعدم موافقته لاستعمال الفصحاء "فأتبع" يجد "ليعد في الحذف"؛ أي في حذف الواو وإن لم يقع بين ياء وكسرة، ولما بين أنه لا يجيء من الباب الأول بعد ذكر أنه يجيء من خمسة أبواب بين الخمسة بناء على أن أصل الأبواب ستة معهودة فلم يحتج إلى تفصيل تلك الخمسة التي هي ما عدا الباب الأول "وحكم الواو والياء إذا وقعنا في أول الكلمة كحكم الصحيح" في عدم الإعلال مفتوحين كانتا أو مضمومتين أو مكسورتين "نحو وعد" بفتح الواو "ووعد" بضمها "ووقر ووقر" بسلامة الواو عن التغيير في الكل "ويسر" بفتح الياء "ويسر" بضمها بسلامة الياء فيهما "ونظائرها" نحو: يمن ويمن ووضع ووضع "لقوة المتكلم عند الابتداء" وقدرته على تلفظ الحرف الثقيل من غير تغيير "وقيل" لا يعل الواو والياء في الأول لعدم إمكان الإعلال في الأول، وذلك لأن "الإعلال قد يكون بالسكون أو بالقلب إلى حرف علة أو بالحذف" ولا رابع سواها "وثلاثتها"؛ أي كل من هذه الثلاثة "لا يمكن" في الابتداء فتعين عدم الإعلال فيه "أما" عدم إمكان الإعلال "بالسكون فلتعذره"؛ أي لتعذر الابتداء بالساكن "وكذا القلب"؛ أي كما يمتنع الإعلال بالسكون يمتنع الإعلال بالقلب "لأن" الحرف "المقلوب به غالبا يكون بحرف العلة وحرف العلة" المقلوب به "لا يكون إلا ساكنا" ألفا كان أو واوا أو ياء وإن أمكن تحريكها فيلزم الابتداء بالساكن فيمتنع الإعلال بالقلب أيضا والياء في قوله يكون بحرف العلة زائدة في المنصوب، فتقدير الكلام يكون المقلوب به

ص: 115

[شرح ديكنقوز]

"وأما" أنه لا يمكن "بالحذف فلنقصانه"؛ أي فللزوم نقصانه "من القدر الصالح في الثلاثي ولاتباع الثلاثي في الزوائد" منه وإن لم يلزم ذلك النقصان فيها المصدر المضاف إلى المفعول "ولا يعوض"؛ أي لا يقع التعويض "بالتاء في الأول و" لا في "الآخر" مع أنه لو عوض فيه لا يلزم ذلك النقصان "حتى لا يلتبس" الماضي "بالمستقبل" بالتعويض في الأول نحو: تعد "والمصدر" بالتعويض في الآخر نحو: عدة "في نفس الحروف" إن اندفع الالتباس بالحركات "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن عدم التعويض بالتاء في الأول لئلا يلتبس بالمضارع "لا يجوز إدخال التاء في الأول" عوضا عن الواو المحذوفة "في مثل عدة" بل أدخلت في الآخر؛ لأن أصل عدة وعد بكسر الواو نقلت حركة الواو إلى العين لثقلها عليه مع إعلال فعلها، وحذفت الواو ثم زيدت التاء عوضا عنها، وقيل أصلها وعدة حذفت الواو مثل ما ذكرنا ولزم تاء التأنيث كالعوض من المحذوف فإن زال أحد الوصفين لا تحذف، ولذا لم يحذف من نحو: الوعد لعدم الكسرة ولا من الوصال لعدم اعتلال فعله نحو: يواصل "للالتباس"؛ أي لئلا يلزم الالتباس بالمستقبل "ويجوز" عطف على قوله ولا يجوز؛ أي ويجوز إدخال التاء في الأول "في التكلان" مصدر من الوكل وهو تفويض الأمر إلى الغير أصله الوكلان "لعدم الالتباس" بالمستقبل؛ لأن المستقبل لا يجيء على صورة التكلان "وعند سيبويه يجوز حذف التاء" التي هي عوض عن الواو في العدة مطلقا "كما في قول الشاعر:

وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا

بحذف التاء من عد الأمر؛ إذ أصله عدة الأمر، يقول: أنت الذي أخلفوك ما وعدوا "لأن التعويض من الأمور الجائزة عنده" لا من الأمور الواجبة فلا يلزم من حذف العوض محذور "وعند الفراء لا يجوز الحذف"؛ أي حذف التاء في حال من الأحوال "لأنها عوض من المحذوف" وهو الواو في العدة فلو حذف العوض أيضا لم يبق ما يدل على المحذوف فيلزم الإجحاف

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

حرف العلة قال بعض الشارحين: إن الحرف المقلوب به لا يكون إلا ساكنا إن كان ألفا، ولو كان غير الألف أمكن تحريكه، ولكن يلزم تحصيل الحاصل، وأنت تعلم أن هذا شرح لا يطابق المتن ولا يطابق الواقع أيضا تدبر قوله:"وأما بالحذف" عطف على قوله: أما بالسكون؛ أي أما عدم إمكان الإعلال بالحذف في الأول "فلنقصانه" الضمير يرجع إلى الكلمة إما باعتبار اللفظ أو باعتبار المذكور "من القدر الصالح" على تقدير الحذف "في الثلاثي" المجرد، وقد مر أن القدر الصالح أن يوجد ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما "ولاتباع الثلاثي في الزوائد"؛ لأن الثلاثي أصل والزوائد فرع والفرع تابع للأصل والإضافة إضافة المصدر إلى مفعوله الثاني ويجوز أن يكون مصدرا مجهور مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل والمآل واحد فافهم قوله:"ولا يعوض بالتاء" جواب دخل مقدر تقديره أنا لا نسلم أنه يلزم من حذف حرف العلة من الثلاثي النقصان من القدر الصالح، وإنما يلزم ذلك إذا لم يعوض المحذوف بحرف، وأما إذا عوض فلا، وحاصل الجواب أنه لو عوض بها لعوض بالتاء؛ إذ هو المشهور فيما بينهم كما في عدة والعويض بها غير ممكن؛ لأنه لو عوض بها لعوض "في الأول أو الآخر"؛ إذ لا يكون العوض إلا في محل التغيير الذي هو طرفا الكلمة وذا غير جائز لما ذكره بقوله:"حتى لا يلتبس بالمستقبل" على تقدير التعويض في الأول "والمصدر" على تقدير التعويض في الآخر "في نفس الحرف" لا في الصيغة وهذا القدر من الالتباس يمنع جواز التعويض "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن علة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس "لا يجوز إدخال التاء في الأول" عوضا عن الواو المحذوفة "في مثل عدة للالتباس" بامستقبل مع أن المحذوفة من الأول؛ لأن أصل عدة وعد بكسر الواو وسكون العين، فنقلت كسرة الواو إلى ما بعدها ثم حذفت ساكنة؛ لئلا يزيد إعلاله على إعلال فعله وهو يعد ثم لزم التاء كالعوض، وقيل: الأصل وعد بكسر الواو فحذفت الواو لما ذكرنا ثم زيدت التاء عوضا عنها قوله: "ويجوز في التكلان العدم لالتباس" عطف على قوله: لا يجوز فيكون مجموع المعطوف والمعطوف عليه مرتبا على قوله ومن ثم فحاصل معنى كلامه أنه ومن أجل أن علة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس لا يجوز إدخال التاء في الأول في مثل عدة، ويجوز في مثل التكلان للزوم الالتباس في الأول وعدم لزومه في الثاني، فلا يرد أن يقال لا طائل تحت قولهم للالتباس، وهو ظاهر لمن له ذوق سليم والتكلان بوزن السلطان اسم من التوكل وهو إظهار العجز والاعتماد على الغير، وأصله وكلان فحذفت الواو وعوضت التاء في أوله لعدم التباسه بالمستقبل من وكل يكل ومن غيره لا في الصيغة ولا في نفس الحروف؛ إذ لا يجيء على هذا الوزن مستقبل أصلا "وعند سيبويه يجوز حذف التاء" التي هي عوض من الواو المحذوفة من الأول في مثل: عدة ومقة ويجوز إثباتها أيضا فلا يكون واجب الثبوت "كما في قول الشاعر:

وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا

أصله عدة الأمر فحذفت التاء التي هي عوض من الواو "لأن التعويض من الأمور الجائزة عنده" لا من الأمور الواجبة وإلا لما حذفها الشاعر، وأخلف متعد إلى مفعولين الأول الكاف والثاني عدو هو مصدر مضاف إلى مفعوله وهو الأمر يقال أخلفه ما وعده إذا قال شيئا ولا يفعله في المستقبل، وقوله: وعدوا أصله الذي وضميره محذوف، وتقدير الكلام وأخلفوك عدة الأمر الذي وعدوه لك "وعند الفراء لا يجوز الحذف"؛ أي لا يجوز حذف التاء في مثل: عدة ومقة "لأنها عوض من الحذف"؛ أي من الواو المحذوفة والعوض لا يجوز حذفه؛ لأنه لم يبق حينئذ شيء يدل

ص: 116

[شرح ديكنقوز]

"إلا في" حال "الإضافة" فإنه يجوز فيها "لأن الإضافة تقوم" بسبب استلزامها المضاف إليه "مقامها"؛ أي مقام التاء فيجوز حذفها. وحاصل هذا الاستثناء جواب عن استدلال سيبويه بقول الشاعر على جواز الحذف مطلقا، وبيانه أن حذف التاء في الشعر إنما هو في حال الإضافة ودعواه مطلق فلم يثبت به فلم يتم التقريب "وكذلك"؛ أي مثل حكم العدة "حكم الإقامة" أصلها أقواما نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وقلبت ألفا وحذفت إحدى الألفين على اختلاف المذهبين لالتقاء الساكنين وعوضت عنها الياء في الآخر كما في العدة "و" كذلك حكم "الاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها حكم العدة "حذفت التاء في قوله تعالى:{وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} " أصله إقامة الصلاة للإضافة كما حذفت في عد الأمر "وتقول في إلحاق الضمائر وعد وعدا وعدوا إلى آخره ويجوز"؛ أي يجب "في وعدت إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" فكأنهما من جنس واحد فيثقل فيجب الإدغام "المستقبل يعد إلى آخره أصله يوعد" بدليل أن حروف ماضيه هي حروف مضارعه والفاء في الماضي واو، فوجب أن تقدر الواو في المضارع بعد حرف المضارعة، فوجب أن يكون الأصل يوعد "فحذفت الواو؛ لأنه يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" أعني الياء "إلى الضمة التقديرية" أعني الواو "ومن الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" التي هي كسرة العين "ومثل هذا" الخروج "ثقيل" وليس كذلك يوعد لسهولة النطق به لانضمام ما قبلها، فلذلك ثبتت إحداهما وسقطت في الأخرى، وهذا الثقل وإن لم يزم من اجتماع هذه الأمور الثلاثة إلا أنه لما لم يمكن حذف غير الواو تعين الواو للحذف، وإن لزم منه أيضا توالي الكسرات إلا أنه أهون من فساد حذف الآخرين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل ثقل هذا الخروج

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

على المحذوف ولأنه يلزم النقصان من القدر الصالح "إلا في الإضافة" فإن الحذف فيها جائز "لأن الإضافة"؛ أي المضاف إليه "تقوم مقامها"؛ أي مقام التاء ولذلك حذفها الشاعر في عد الأمر "وكذلك حكم الإقامة والاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة؛ يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة؛ لأن أصلهما إقوامة واستقوامة فأرادوا أن يعلوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها، ولما انفتح ما قبلها وكانت في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولاهما منقلبة عن واو هي عين المصدر، وثانيهما زائدة وهي ألف أفعالة فحذفت الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة، وقيل المحذوف الألف الزائدة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها كحكم العدة في عدم جواز حذف التاء بغير الإضافة وجوازه بالإضافة "حذفت" التاء التي هي عوض من الواو "في قوله تعالى:{وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ} "؛ لأن أقام مصدر مضاف إلى الصلاة "وتقول في إلحاق الضمائر للماضي من المثال وعد وعدا وعدو إلخ"؛ أي وعدت وعدتا وعدن وعدت وعدتما وعدتم وعدت وعدتما وعدتن وعدت وعدتا بسلامة الواو في الكل كالصحيح "ويجوز في وعدت" بالحركات الثلاث في التاء "إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" بعد قلب الدال تاء كما قالوا في أخذت أخت بإبدال الذال تاء وإدغامها فيها وهو الأكبر، كذا في الصحاح، ويحتمل أن يكون المراد بالعكس؛ أي قلب التاء دالا وإدغام الدال في الدال كما هو مذهب بعض العرب، قال بعض المحققين: ومن العرب من يقلب تاء المتكلم والمخاطب التي هي ضمير الفاعل في فعلت وفعلت إلى ما قبلها إذا كان ما قبلها أحد حروف ثلاثة الطاء المهملة والزاي المعجمة والدال المهملة ثم أدغموا الأولى في الثانية، وإنما فعلوا ذلك تشبيها لهذه التاء بتاء الافتعال من حيث اتصلت بما قبلها وما قبلها ساكن، كما أسكنت الفاء في افتعل ولم يمكن فصلها من الفعل فصارت مثل كلمة واحدة فأشبهت بتاء الافتعال، فقالوا في حبطت حبط وفي فزت فزو في وعدت وعد بقلب التاء دالا، كما قلبوها في ادان وإدغام الدال الأولى الأصلية في الدال الثانية المنقلبة من التاء، ثم قال ذلك البعض إن هذا القلب والإدغام شاذ رديء وأسند فقال قال سيبويه: أعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلب تاء الضمير؛ لأن التاء ها هنا علامة إضمار، وإنما جاءت لمعنى وليست تلزم الفعل ألا ترى أنك إذا أضمرت غائبا قلت: فعل ولم يكن فيه تاء، والتاء في افتعل ليست كذلك ولكنها دخلته زيادة لا تفارقه وتاء الإضمار بمنزلة المنفصل "المستقبل" من وعد عند إلحاق الضمائر "يعد إلخ"؛ أي يعدان يعدون تعد تعدان يعدن تعد تعدان تعدون تعدين تعدان تعدن أعد نعد "وأصل يعد يوعد فحذفت الواو" التي وقعت بين ياء مفتوحة وعين مكسورة "لأنه"؛ أي الشأن "يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" التي هي الياء "إلى الضمة التقديرية" التي هي الواو "ومن" تلك "الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" وهي كسرة العين "ومثل هذا ثقيل" على اللسان، وهو ظاهر ولا يمكن إزالة هذا الثقل بحذف الياء؛ لأنها علامة ولا بإسكانه لتعذر الابتداء بالساكن ولا بحذف كسرة لعين لئلا يلزم التقاء الساكنين، ولو حرك بحركة غير الكسرة يلزم تغيير البناء، وقيل: إنما حذفت الواو؛ لأن الياء تقارب الكسرة فوقع الفاء فاصلة بين قريبين، وكل ذلك في بناء المعلوم من وعد يعد، ولو بني منه المجهول زالت الكسرة فلم يحذف الواو فيقال: يوعد بإثبات الواو وفتح العين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن مثل هذا الانتقال ثقيل

ص: 117

[شرح ديكنقوز]

"لا يجيء" لغة "على وزن فعل" بكسر الفاء وضم العين؛ إذ فيه الخروج من الكسرة إلى الضمة "وفعل" بالعكس؛ إذ فيه الخروج من الضمة إلى الكسرة، ولهذا جعلوا هذه الصيغة في الفعل المبني للمفعول كما مر "إلا حبك" بكسر الفاء وضم العين "ودئر" على العكس فلما استثقل أحدهما وحده فكيف إذا اجتمعا "وحذفت الواو" في تعد وأخواتها "أيضا"؛ أي كما في يعد وإن لم توجد العلة المذكورة "في يعد" فيها "للمشاكلة" وطردا للباب "وحذفت" الواو "في" مثل "يضع" ويقع ويدع ويسع "لأن أصله يوضع" بكسر العين وكذا أصل أمثاله "فحذفت الواو" للعلة المذكورة في يعد "ثم جعل يضع" بفتح العين "نظر إلى حرف الحلق" فإن حرف الحلق ثقيل فتكون فتحة العين مقاومة لثقله، إلا أنه يرد عليه أنه لِمَ لَمْ تعد الواو وبعد زوال المانع؛ أعني كسرة ما بعدها ويشكل أيضا بمثل يسع فإن ماضيه وسع مكسور العين فلم حكم بأنه في الأصل يفعل بكسر العين وهو شاذ. والجواب أنه وقعت هذه الأفعال محذوفة الواو مفتوحة العين فذكروا ذلك التأويل لئلا يلزم منه هدم قاعدتهم، وإلا فمن لهم بذلك، وكذا جميع العلل المذكورة في هذا الفن فإنها مناسبات تذكر بعد الوقوع، والأصل هو المسموع فاحفظ هذا فإنه ينفعك في مواضع كثيرة "ولا تحذف" الواو "في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد" فلم توجد العلة الموجبة للحذف فلما كانت الهمزة المقدرة مانعة من سقوط الواو مع أنها لم تكن مانعة عن قلب الواو ياء في يوسر؛ لأنه على تقدير سقوط الواو بقي الثقل بالخروج من الضمة إلى الكسر فلم يترك الأصل ولأن الواو تفوت بضمة ما قبلها فقويت على الثبات "والأمر عد إلى آخره" وإنما لم يذكر حذف الواو في الأمر؛ لأنه فرع المضارع فيعلم حكمه من حكمه، أو لأنه مأخوذ من تعد بلا واو "الفاعل واعد" بسلامة الواو "المفعول موعود" بسلامتها "والموضع موعد" بسلامة الواو على وزن مفعل بفتح الميم وكسر العين "والآلة ميعد" أصله موعد على وزن مفعل بكسر الميم وفتح العين "فقلبت الواو ياء" لسكونها و"لكسرة ما قبلها وهم"؛ أي الصرفيون "يقلبونها"؛ أي الواو "ياء مع الحاجز"؛ أي المانع "في نحو قنية" أصله قنوة مصدر من باب نصر بمعنى الحفظ، وذلك الحاجز فيها هو النون الساكنة "وبغير الحاجز" في موعد "يكونون"؛ أي الصرفيون "أقلب" منهم مع الحاجز؛ أي بالطريق الأولى فاعلم أن ابن الحاجب اعتبر الحرف الساكن حاجزا، حيث حكم بأن قلب واو قنوة ياء شاذ لعدم كسرة ما قبلها، ويعضده عدم كتابة همزة خبء بالألف وبرء بالواو ودفء بالياء، ونقل السيد ركن الدين عن ابن القطاع أن ياء قنية أصلية؛ لأنها من قنيت لا من قنوت، فإن مصدر قنوت قنوة فعلى هذين القولين لا استشهاد في قنية، إلا أن الظاهر من كلام الزمخشري لما كان ياء قنية مقلوبة من الواو وأن هذا القلب على القياس تبعه المصنف في ذلك، ولعل ما ذهب إليه الزمخشري والمصنف أظهر؛ إذ يرد على ابن الحاجب جواز الإمالة في شملال وعدم جوازها في عتيا، ويرد على المنقول عن ابن القطاع أن مجيء قنيت قنية لا يمنع من استعمال قنوت قنية بالقلب أيضا.

[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا

"لا يجيء لغة على وزن فعل" بكسر الفاء وضم العين "وفعل" بضم الفاء وكسر العين "إلا حبك" على الوزن الأول وهو اسم قبيلة، وقيل اسم لكل شيء فيه تكسر كالرملة إذا مرت بها الريح، وقد أجيب بأنه من تداخل اللغتين؛ لأنه يقال: حُبك بضم الحاء والباء جميعا كعنق، ويقال: حِبك بكسرهما أيضا كإبل والمتكلم بحبك بكسر الحاء وضم الباء كأنه قصد الحبك بكسرهما أولا، فلما تلفظ بالحاء مكسورة غفل عن ذلك وقصد اللغة الأخرى وهي الحبك بضمتين، إلا أن هذا التداخل ليس بشائع؛ لأنه في كلمة واحدة "ودئل" على الوزن الثاني وهو دويبة يشبه ابن العرس، وقيل: هو اسم قبيلة لأبي الأسود الدؤلي فيكون من قبيل الأعلام، والأعلام لا يعول عليها في الأبنية لجواز أن تكون منقولة من الفعل كشمر إذا سمي به قيل، وأيضا يجوز أن يكون منقولا على تقدير كونه اسما لدويبة "وحذفت" الواو "في تعد" ونعد وأعد وفي صيغة أمره وهي عد "أيضا"؛ أي كما حذف في يعد إن لم يتحقق علة الحذف فيها، وهي وقوع الواو بين ياء وكسرة "للمشاكلة"؛ أي لئلا يختلف المضارع في البناء؛ لأنهم لو قالوا: أنا أوعد وهو يعد لاختلف المضارع فيكون مرة بواو وأخرى بلا واو، فحمل ما لا علة فيه على ما فيه علة لتكون الأمثلة مشاكلة غير مختلفة، كما حذفوا الهمزة من يكون حملا لأكرم للمشاكلة، قوله:"وحذف في مثل يضع" جواب دخل مقدر، وهو أن أصل يضع يوضع بفتح الضاد فوقع الواو بين ياء وفتحة فلم يوجد علة الحذف فيه ولم يحمل على ما فيه علة أيضا مع أنه حذف، وحاصل الجواب أن الواو حذف في مثل يضع ويسع ويقع ويهب وغيرها مما عينه ولامه حرف حلق وإن كان عين الفعل مفتوحا "لأن أصله يوضع" بكسر الضاد "فحذفت الواو" لوجود علة الحذف وهو وقوعه بين ياء وكسره "ثم جعل يضع نظرا إلى حرف الحلق" يعني جعل الضاد بعد حذف الواو مفتوحا تخفيفا؛ لأن حرف الحلق ثقيل والكسرة أيضا ثقيلة، والثقيل على الثقيل وعلى ما يقارنه ثقيل، لكن بعد هذا التخفيف لم يعيدوا الواو المحذوفة؛ لأن الفتح عوض عن حرف الحلق، والأصل إنما هو الكسرة، فاعتبروا الأصل وألغوا الفتحة العارضة، وإنما لم يحذف الواو من يوجل؛ لأن فتحته أصلية لا عارضة، وقوله:"ولا تحذف في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد" جواب دخل مقدر أيضا تقديره إن الواو في يوعد من أوعد وقع بين ياء وكسرة كما في يعد، فوجد فيه علة الحذف أيضا، بل هو أثقل من يوعد؛ لأن ياءه مضمومة وياء يعد مفتوحة، ومع هذا لم يحذف الواو، وتحقيق الجواب إنما لم يحذف الواو في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد؛ لأن المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة، فلما كان الماضي أوعد كان مضارعه يؤوعد فوقع الواو بين همزة مفتوحة وكسرة لا بين ياء وكسرة ثم لما حذفوا الهمزة لم يجمعوا على الفعل حذف الفاء أيضا؛ فرارا من كثرة الحذف واعتبارا بالأصل وإن وقع بين ياء وكسرة ظاهرا بخلاف يعد، فإنه لم يحذف منه شيء سوى الواو فجاز ذلك، كذا حققه ابن الحاجب "و" يجيء "الأمر" الحاضر من يعد "عد" عدا عدوا عدى عدا عدن "و" اسم "الفاعل" منه "واعد" واعدان واعدون واعدة واعدان واعدات وأواعد، أصله وواعد الواو الأولى فاء الفعل والثاني منقلب من ألف اسم الفاعل لاجتماع الساكنين بألف التكثير، ولم يحذف أحدهما للالتباس ثم أبدلت الواو الأولى همزة لتحركها في أول الكلمة "و" اسم "المفعول موعود" موعدان موعودون موعودة موعودتان وعودات ومواعد "و" اسم "الموضوع موعد" بكسر العين "و" اسم "الآلة ميعد" أصله موعد بكسر الميم وسكون الواو وفتح العين "فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها" كما في ميزان أصله موزان "وهم"؛ أي والحال أن الصرفيين "يقلبونها ياء مع الحاجز"؛ أي المانع الغير القوي، وهو الحرف الساكن كالنون "في نحو قنية" أصله قنوة فقلبوا الواو ياء؛ نظرا إلى كسرة القاف، قوله:"وبغير الحاجز" متعلق بقوله: "يكونون" والمعنى وهم يكونون بغير الحاجز "أقلب"؛ أي يرون القلب بغير الحاجز أولى من القلب بالحاجز هذا الذي ذكره المصنف هو أحكام المثال الواوي. وأما اليائي فلم يحذف منه الياء وإن وقعت بين ياء وكسرة، نحو: يسر ييسر وينع يينع؛ لأن الياء أخف من الواو بدليل أنهم قلبوا الواو ياء في نحو: ميزان وسيد كذا قيل، ولعل المصنف لم يذكره لعدم اعلاله.

ص: 118