الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شرح ديكنقوز]
حروف شبيهة بها وهو النون فجميع النونات الداخلة على المستقبل علامة للرفع "إلا نون يضربن وهي علامة للتأنيث" لا علامة الرفع، ولهذا لا تسقط في حالتي الجزم والنصب "كما" أي كما أن النون التي "في" الماضي نحو "فعلن" فإن نونه علامة للتأنيث لا علامة للرفع، ولا ينافيه كونه علامة للجمع أيضا "ومن ثمة" أي ومن أجل أن نونه علامة للتأنيث "يقال" يضربن "بالياء" دون التاء "حتى لا يجتمع علامتا التأنيث" وهي التاء والنون ونون ضربن تمحضت ضميرا وعلامة التأنيث تاؤه "والياء في تضربين ضمير الفاعل" عند الجمهور "كما مر" لا علامة الخطاب كما هو عند الأخفش، وعلامة الخطاب هو التاء فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عندهم، فلا يرد نقضا على ما ذكرنا من امتناع اجتماع العلامتين مطلقا؛ إذ لا دخل في امتناع اجتماعهما لما أضيفتا إليه أعني التأنيث. ولما فرغ من البحث الذي تعلق بصيغة المستقبل ولفظه شرع فيما يتعلق بمعناه فقال:"وإذا دخل لفظ لم على المستقبل ينقل معناه إلى الماضي" وينفيه نحو: لم يضرب؛ أي لم يقع الضرب في الزمان الماضي "لأنه" أي لفظ لم "مشابه بكلمة الشرط" أعني أن لم من حيث اختصاصها بالفعل، فكما أن إن إذا دخل على الفعل ماضيا كان أو مضارعا ينقل معناه إلى المستقبل، كذلك كلمة م ينقل معناه بتلك المشابهة.
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"إلا نون يضربن" أي نون جماعة النساء استثناء من قوله: نون علامة للرفع؛ فإنها ليست بعلامة للرفع؛ لأنها لم تسقط حالة الجزم والنصب "وهي علامة للتأنيث" ولا ينافي ذلك كونه ضمير جماعة النساء لجواز إغنائه غناء علامة التأنيث "كما في فعلن" أي كما لا يجوز النون في فعلن علامة للرفع بل للتأنيث؛ لأن الماضي مبني فلم يكن فيه حروف الإعراب ألبتة، وإذا لم يكن نون يضربن علامة للرفع بني الفعل معها على السكون إما لمشابهته يفعلن من حيث إن كل منهما فعل في آخره ضمير جماعة النساء، وإن لم يجتمع فيه أربع حركات متواليات كما هو مذهب سيبويه، وإما لأن إعراب المضارع بالمشابهة لاسم الفاعل وحين دخل عليه نون جماعة النساء لم يبق بينهما مشابهة وزنا، فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون، وهذا ما اختاره الزمخشري، ومن العرب من يقول إنه معرب لضعف علة البناء وإعرابه تقديري للزوم السكون محل الإعراب، ولم يعوض النون من الإعراب خوفا من اجتماع النونين "ومن ثم" أي ومن أجل أن النون في يضربن علامة للتأنيث "يقال" في جمع المؤنث الغائبة "يضربن بالياء" بنقطتين من تحت لا بالتاء بنقطتين من فوق "حتى لا يجمتع علامتا التأنيث" إذ التاء للتأنيث أيضا واجتماع علامتي التأنيث في الفعل وإن كانا من جنسين غير جائز كما مر، ولا يرد عليه جمع المؤنث المخاطبة نحو: تضربن بالتاء؛ إذ التاء فيه علامة للخطاب فقط وعلامة التأنيث نون جماعة النساء وحده "والياء في تضربين" أي المخاطبة المفردة "ضمير الفاعل" عند العامة ويغني غناء التأنيث أيضا، والتاء علامة الخطاب فقط "كما مر" في المضمرات "وإذا دخل" لفظ "لم على المستقبل ينقل معناه إلى الماضي" وينفيه فإنك إذا قلت: لم يضرب زيد فكأنك قلت: ما ضرب في الزمان الماضي "لأنه" أي لفظ لم "مشابه بكلمة الشرط" في الاختصاص بالفعل؛ يعني كما أن كلمة الشرط تختص بالفعل وتنقل معناه إن كان ماضيا إلى المستقبل، وإن كان مستقبلا تنقل من احتماله للحال إلى محض الاستقبال، كذلك كلمة لم تختص بالفعل وتنقل معناه لكنها مختصة بالمستقبل ونقل معناه إلى الماضي المنفي.
[شرح ديكنقوز]
"
فصل: في الأمر والنهي:
الأمر صيغة يطلب بها الفعل":
أي بفتح الفعل "من الفاعل" الغائب أو المخاطب خص المبني للفاعل بالتعريف لكونه الأغلب كما خصه ابن الحاجب في تعريف أمر المخاطب
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"فصل: في الأمر":
أخر النهي؛ لأنه يعلم بالقياس إلى الأمر مقيسا فيكون الأمر عليه له كما ستطلع عليه، وأخر عن المستقبل لكونه مأخوذا منه، وقدم الغائبة منه لبقاء صيغة المضارع فيه، وقيل: أخر الأمر عن المستقبل؛ لأن المستقبل مشترك بين الحال والاستقبال والأمر مختص بالمستقبل؛ لأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله فالترتيب بينهما بحسب ترتيب الزمان، والأمر في اللغة يطلق على الفعل والحال يقال: أمر فلان مستقيم أي فعله وحاله، ومنه قوله تعالى:{وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي فعله وهو بهذا المعنى جامد لا مصدر وجمعه أمور وعلى مصدر أمره بكذا؛ أي قال له افعل كذا وجمعه أوامر وعلى مصدر أمرته بمعنى كثرته، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف بقوله:"الأمر صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل" فقوله: صيغة بمنزلة الجنس يشمل الأفعال كلها وباقي قيوده كالفصل يخرج ما عدا الأمر من الماضي والمضارع؛ لأنه لا يطلب بهما الفاعل، ولم يقل من المخاطب ليتناول أمر الغائب، والمراد من الفاعل ها هنا الاصطلاحي، وهو ما أسند إليه عامله مقدما عليه لا ما أحدث الفعل بدلالة إطلاق الأمر على الصيغة المأخوذة من قولهم: مات زيد وطاب الخير نحو مت وطب، فيتناول مرفوع الفعل المبني للفاعل والمبني للمفعول أيضا، كذا حقق فظهر بطلان ما قيل: إن التعريف ليس بجامع؛ لأن الأمر قد يكون ببناء المجهول فلا يطلب به حينئذ الفعل من الفاعل، وبطلان جوابه أيضا بأن بناء الأمر للمجهول نادر الوجود وهذا الحد بالنظر إلى الأكثر، فإن قلت: إن الحد منقوص بمثل اترك؛ لأنه أمر مع أنه لا يطلب به الفعل من الفاعل، بل يطلب به تركه، قلت: معنى ترك الضرب مثلا كف النفس عن الضرب، وكف النفس فعل من أفعالها وهو المطلوب بلفظ اترك كذا قيل
[شرح ديكنقوز]
لذلك حيث قال صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب "نحو ليضرب إلخ" تقول: زيد ليضرب زيدان ليضربا زيدون ليضربوا، هند لتضرب هندان لتضربا هندات ليضربن واضرب أنت اضربا أنتما اضربوا أنتم اضربي أنت اضربا أنتما اضربن أنتن "وهو مشتق من المضارع" بلا واسطة ولذا أخره عنه وبواسطة المضارع مشتق من المصدر فلا ينافي قوله واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر؛ لأن المراد بالاشتقاق المذكور هناك أعم من أن يكون بالذات أو بالواسطة كما أشرنا هناك، وإنما كان هو مشتقا من المضارع دون الماضي "لمناسبة بينهما" أي بين الأمر والمضارع "في الاستقبالية" أي في انتساب معناهما إلى الاستقبال، وذلك ظاهر في المضارع وأما في الأمر؛ فلأن الطلب إنما يكون لما لم يحصل بعد ولا مناسبة بينه وبين الماضي، وهذا وجه التخصيص بالنسبة إلى الماضي، وأما أنه لم يشتق من المصدر ابتداء كالماضي فليكن أقرب إلى الضبط ولهذا ذهب السيرافي إلى أن اسمي الفاعل والمفعول مشتقان من الفعل "زيدت اللام في أمر الغائب" لطلب الفعل دون غيرها "لأنها من وسط المخارج" كما أن الغائب بين المتكلم والمخاطب في الكلام فناسبه اللام "و" الحال أن اللام "أيضا" أي كما أنها في وسط المخارج "من حروف الزوائد" والإضافة بيانية؛ أي من حروف هي الزوائد فتكون خالصة للزيادة "وهي" أي حروف الزوائد الحروف "التي يشملها" قوله:
يا أوس هل نمت ولم يأتنا
…
سهو فقال اليوم تنساه
أو سألتمونيها أو أتاه سليمون، أو أتاه سليمان، أو آنست موليها، أو أمان وتسهيل "قول الشاعر" أبي عثمان المازني "هويت" من باب علم أي أحببت، وأما ما يكون من باب ضرب فهو بمعنى الصعود أو بمعنى السقوط "السمان" جمع سمينة يعني النساء السمان "فشيبنني" أي جعلتني تلك النساء أن أشيب قبل وقت الشيب بمقاساة الشدائد وتحمل الأحزاب والمصائب في مواصلتهن، واستمرت محبتي إياهن إلى أن شبت ويؤيده قوله:"وقد كنت قدما" بكسر القاف وسكون الدال بمعنى الزمان القديم "هويت السمان" وعين حروف الزيادة من بين حروف البيت بقوله: "أي حروف هويت السمان" أي هذه الحروف العشرة التي هي الهاء والواو والياء والتاء
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"نحو ليضرب إلخ" أي ليضرب ليضربا ليضربوا لتضرب لتضربا ليضربن "وهو" أي الأمر المطلق "مشتق بالذات من المضارع" لا من الماضي "لمناسبة بينهما في الاستقبالية" يعني أن كل واحد منهما يدل على الاستقبال، أما المضارع فظاهر، وأما الأمر فلأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله، وقيل: لا يجوز أن يشتق الأمر من الماضي؛ لأنه يؤدي إلى تحصيل الحاصل، وهو محال فتعين المضارع؛ إذ الأمر لا يؤخذ من الأمر "زيدت اللام في" أول "الأمر الغائب؛ لأنها من حروف الزوائد وأيضا من وسط المخارج" هذا شروع في بيان كيفية أخذ أمر الغائب من المضارع؛ يعني إذا أريد أخذ أمر الغائب من المضارع زيدت في أوله اللام ليحصل الفرق بينه وبين المضارع ويجزم آخره بها؛ وخصت اللام بالزيادة من بين حروف الزوائد؛ لأنها من وسط المخارج والغائب وسط بين المتكلم والمخاطب فيكون ها هنا مناسبة في التوسط فزيدت هي دون غيرها، ولما ذكر أن اللام من حروف الزوائد وجب أن يبينها فقال:"وحروف الزوائد" هي الحروف "التي يشتملها قول الشاعر:
هويت السمان فشيبنني
…
وقد كنت قدما هويت السمان
قال ابن جني حكي أن أبا العباس سأل أبا عثمان المازني عن حروف الزيادة في البيت، فأنشد هويت السمان البيت، فقال له الجواب، فقال: قد أجبتك دفعتين يريد هويت السمان ويجمعه أيضا قولك: يا أوس هل نمت، وأيضا قولك: ولم يأتنا سهو وكذا: اليوم تنساه، وإنما اختصت الحروف العشرة بالزيادة دون غيرها؛ لأن أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين؛ لأنها أخف الحروف وأقلها كلفة لكثرة دورها في الكلام واعتياد الألسنة لها، وأما قول النحاة الواو والياء ثقيلتان فبالنسبة إلى الألف، وأما السبعة الباقية فمشبهة بها أو مشبهة بالمشبهة بها فالهمزة تشبه الألف في المخرج وتنقلب إلى حرف اللين عند التخفيف، والهاء أيضا تشبه الألف في المخرج وأبو الحسن يدعي أن مخرجهما واحد، والميم من مخرج الواو وهو الشفة، والنون تشبه الألف أيضا؛ لأن فيها غنة وترنما ويمتد في الخيشوم امتداد الألف بالحلق، والتاء تشبه الواو من جهة مقاربة مخرجهما، والسين تشبه التاء في الهمس وقرب المخرج فتشبه الواو بالواسطة، ولهذا لم يكثر زيادتها، بل زيدت في مثل استفعل فقط، واللام وإن كان مجهورا لكنه يشبه النون في المخرج ولذلك يدغم فيه النون نحو من لدنه فيشبه الألف بالواسطة، ومما يجب أن يعلم أنه ليس المراد من كون تلك الحروف حروف الزيادة أنها تكون زائدة أبدا؛ لأنها قد تركبت الكلمة منها وكلها أصول، مثل: سأل ونام، بل المراد أنه إذا زيدت حرف لغير الإلحاق والتضعيف فلا يكون إلا منها، ومعنى البيت هويت بمعنى أحببت والسمان بكسر السين جمع سمين بوزن فعيل وهو ضد المهزول وموصوفه محذوف تقديره أحببت النساء السمان فشيبنني، وإسناد الشيب إليهن كناية عن كثرة مصاحبته لهن، فكأنه قال: إني مصاحبهن من أول شبابي إلى زمان شيبي، ويحتمل أن يكون شكاية عن عدم مساعدتهن له، وقدما يكسر القاف وسكون الدال اسم من القدم بوزن العنب، جعل اسما من أسماء الزمان، يقال: قدما كان كذا وكذا أي زمان طويلا، وقوله:"أي حروف هويت السمان" تفسير للحروف الزوائد؛ لأن البيت يشتمل عليها وعلى غيرها فيحتاج إلى تفسير المراد
[شرح ديكنقوز]
والهمزة والاعتبار، إنما هو بالكناية دون اللفظ، ولذلك قالوا وأتاه سليمان يشتملها واللام والسين والميم والألف والنون، وحكي أن أبا العباس المبرد سأل أبا عثمان المازني، فقال له: كيف تجمع حروف الزيادة؟، فأنشد البيت، فقال له: الجواب يرحمك الله، قال المازني: قد أجبتك مرتين يريد قوله: هويت السمان، وليس معنى زيادتها أنها تكون زائدة فى كل مكان، بل معناها أنه إذا أريد زيادة حرف فإنما يزاد منها لا من غيرها؛ إذ قد تكون أصولا ألا يرى أن حروف هويتها أصول كلها، وإنما يعرف كونها زائدة من كونها أصلا بأن تزن الأصلي بالفاء والعين واللام، وتخرج الزائد بلفظة لا يقابل فاء وعينا ولا ما تقول ضرب وزنه فعل، ويضرب وزنه يفعل، وضارب وزنه فاعل، ومضروب وزنه مفعول، ومكرم وزنه مفعل، واستخرج وزنه استفعل، وقضيب وزنه فعيل، وحمار وزنه فعال "و" على هذا "لا يزاد" فى أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" إحداهما للأمر والثانية للمضارع "وكسرت اللام" أي لام الأمر مع أن من حق حروف المعاني التي جاءت على حرف واحد أن تبنى على الفتحة التي هي أخت السكون "لأنها مشابهة باللام الجارة" فى الصورة، وإنما شبهت بها "لأن الجزم فى الأفعال بمنزلة الجر فى الأسماء" أي بمقابلة الجر فيها؛ لأن فى الفعل الرفع والنصب فى مقابلة الرفع والنصب فى الأسماء وفى الاسم جر وليس فى الفعل لما عرف فى موضعه، بل فيه الجزم فيكون الجزم فى الفعل بمقابلة الجر فى الاسم بمنزلته فيكون الجازم بمنزلة الجار فجعل صورته مثل صورة الجار وعومل به معاملة الجار فى الاسم "أسكنت لام الأمر بالواو والفاء" يعني تسكين اللام بعد الواو والفاء أكثر لكون اتصالهما بما بعدهما أشد لكونهما على حرف واحد فصار الواو واللام بعده وحرف المضارعة وكذا الفاء معهما كلمة واحدة على وزن فخذ وكتف فتخفف بإسكان العين، وأما ثم فمحمول عليهما لكونها حرف عطف مثلهما، لكن لا يكثر السكون بعده كثرته بعدهما لكون حروفها أكثر من واحد "نحو وليضرب وفليضرب وثم ليضرب كما أسكن العين فى فخذ" للتخفيف أصله فخذ بفتح الفاء وكسر العين ويجوز فيه سكون العين مع فتح الفاء للخفة كما ذكره، ويجوز سكون العين مع كسر الفاء بنقل كسر العين إليها ويجوز كسر العين والفاء لكون حرف الحلق قويا فيتبع ما قبله، وكذا يجوز كل ما جاز في فخذ في كل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور من اسم أو فعل نحو شهد "ونظيره" أي نظير لام الأمر في الإسكان "في الواو وهو بسكون الهاء" وفي الفاء فهو بسكون الهاء تشبيها له بما ضم عينه من نحو: عضد، فكما يقال: عضد يقال: وهو بالسكون "وحذف حرف الاستقبال في أمر المخاطب" بعد حذف اللام للتخفيف لكثرة استعماله؛ إذ أصل اضرب لتضرب باتفاق الفريقين كما سيجيء إن شاء الله تعالى وكان القياس في الأمر للفاعل المخاطب أن يكون باللام كالأمر الغائب؛ لأن الطلب في الأمر إنما هو بمعنى اللام؛ لأن اللام وضعت لذلك فيه وزيدت لأجله كما أشرنا إليه فكان قياس أمر الفاعل المخاطب أيضا أن يكون باللام، لكن لما كثر استعماله حذف اللام وحذف حرف المضارعة أيضا "للفرق بينه وبين مخاطب المستقبل" لا بينه وبين أمر الغائب بدليل قوله فيما سيأتي للفرق بينه وبين المضارع، وقوله:"وعين الحذف" أي حذف اللام وحذف حرف الاستقبال "في" أمر "المخاطب" دون أمر الغائب "لكثرة استعماله" أي لكثرة
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ولا يزاد" في أول أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" أحدهما للأمر الغائب وثانيهما للمضارعة "وكسرت" تلك "اللام" الزيادة مع أن الأصل في الحروف الواردة على هجاء واحد الفتح لخفته "لأنها مشبهة باللام الجارة" بحسب مشابهة عملها وذلك "لأن الجزم في الأفعال بمنزلة الجر في الأسماء" وإذا كان عامل الجر مكسورا في الأسماء الظاهرة، كذلك عامل ما هو بمنزلته من الجزم يكون مكسورا وأيضا كسرت اللام فرقا بينه وبين لام التأكيد التي يدخل المضارع، نحو: إن زيدا ليضرب "وأسكنت" لام الأمر "بالواو والفاء نحو وليضرب فليضرب" لشدة اتصالهما بما بعدهما لكونهما على حرف واحد فصار الفاء والواو مع اللام بعدهما وحرف المضارعة ككلمة واحدة وعلى وزن فخذ فأسكنت اللام تخفيفا "كما أسكن الخاء في فذ" تخفيفا أصله فخذ بكسر الخاء وهو عضو مخصوص فهذا نظير الإسكان بالفاء "و" أما "نظيره بالواو" فلفظه "وهو بسكون الهاء" أصله بالضم وكذا أسكنت بثم، نحو: ثم ليقضوا حملا عليهما، ولما فرغ من بيان كيفية أخذ الأمر الغائب من المستقبل شرع في كيفية أخذ الأمر الحاضر منه فقال:"وحذفت حروف الاستقبال" ليكون أمرا "في أمر المخاطب" أي الحاضر المعلوم بقرينة مقابلته للمجهول "للفرق" بينه وبين أمر الغائب "وعين الحذف في المخاطب لكثرته" يعني لو لم يحذف حروف الاستقبال في أمر المخاطب كما لا يحذف في أمر الغائب وجب زيادة اللام أيضا في أوله لئلا يلتبس بالمستقبل، وإذا زيدت اللام التبس أحد الأمرين بالآخر في بعض الصور، كما إذا قلت: لتضرب لم يعلم أن المأمور مخاطب أو غائب فوجب الحذف من أحدهما لدفع هذا الالتباس، فوجدوا المخاطب أولى بالحذف لكثرة استعماله؛ لأن المأمور المخاطب هو الواقع كثيرا، وأما الغائب فقل أن يقع له أمر ولكون الحذف نوعا من الاختصار والتخفيف
[شرح ديكنقوز]
استعمال هذا الجنس، فالتخفيف به أولى ناظر إلى قوله وحذفت لا إلى قوله للفرق "ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف اللام وحرف المضارعة في أمر المخاطب المعلوم لكثرة الاستعمال "لا يحذف" حرف الاستقبال "مع اللام في مجهوله" أي أمر المخاطب؛ أعني يقال: لتضرب باللام والتاء "لقلة استعماله" أي المجهول "واجتلبت همزة الوصل" وتخصيصها بالاجتلاب لكونها أقوى والابتداء بالأقوى أولى "بعد حذف حرف المضارعة إذا كان ما بعده ساكنا للافتتاح" أي ليمكن الابتداء؛ إذ الابتداء بالساكن متعذر، وأما إذا كان ما بعده متحركا فلا احتياج إليها، نحو: دحرج من تدحرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسر أصل في" تحريك "همزات الوصل"؛ لأنها زيدت ساكنة عند الجمهور لما فيه من تقليل الزيادة ثم لما احتيج إلى تحريكها حركت بالكسرة؛ لأنه أصل في تحريك الساكن؛ لأنه أبعد حركات الإعراب عن الإعراب لامتناع دخوله في قبيلتين من المعربات وهما المضارع وما لا ينصرف ودخول أخويه في المعربات كلها، فلما احتيج إلى التحريك حركت بما هو أقل وجودا في الإعراب وأكثر شبها بالسكون الذي وجد في بعض المعربات دون بعض، ولأن السكون والجزم عوض في الفعل من الكسرة في الاسم فعوض الكسر من السكون أيضا، ولأن وقوع اجتماع الساكنين كثير في الكلام بشهادة الاستقراء وللأفعال منه القدح المعلى، وناهيك نوعا الأوامر من الأفعال المشددة الأواخر وما ينجز منها بأنواع الجوازم، وعندك أن للأكثر حكم الكل فتقدمت الأفعال في اعتبار اجتماع الساكنين والاحتياج إلى التحريك، ومعلوم أن لا مدخل للجر في الأفعال فأفادت الكسر الخلاص من اجتماع الساكنين، وذلك ظاهر وكون الكسرة طارئة بحكم المقدمة المعلومة بخلاف أختيها؛ فإنهما يفيدان الخلاص فقط والمفيد لفائدتين أولى بأن يكون أصلا، فالكسرة أصل في تحريك الساكن، وإنما سميت المجتلبة للافتتاح همزة وصل؛ لأنها اجتلبت للتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولذلك سماها الخليل سلم اللسان "ولم تكسر" الهمزة "في مثل اكتب" أي فيما كان عين المضارع فيه مضموما مع أنها همزة وصل، بل وضمت "لأنه" أي الهمزة أو الشأن والثاني أقوى من جهة المعنى وإن كان ضعيفا من جهة اللفظ؛ لأن حذف ضمير الشأن منصوبا ضعيف إلا أنه كثير في عبارات المصنفين "بتقدير الكسر" أي كسرها "يلزم الخروج من الكسرة" أي من كسرتها "إلى الضمة" أي إلى ضمة العين وهو ثقيل "ولا اعتبار للكاف الساكن" في المنع عن ذلك
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف حرف المضارعة من أمر المخاطب لكثرة استعماله "لا تحذف اللام في مجهوله" الظاهر أن يقال: لا تحذف التاء، أو يقال: لا تحذف اللام والتاء، ولكن لما كان عدم حذف اللام مستلزما لعدم حذف التاء اكتفى بذكره وإنما قلنا كذلك؛ لأن اللام إنما زيدت على تقدير عدم الحذف لدفع التباس الأمر المضارع كما مر "نحو لتضرب" بضم التاء وفتح الراء "لقلة استعماله" أي استعمال مجهول أمر المخاطب "واجتلبت الهمزة" في أول أمر المخاطب بعد حذف حرف المضارعة "إذا كان ما بعده ساكنا" قيد به؛ لأن ما بعد حرف المضارعة إذا كان متحركا لم يلزم اجتلاب الهمزة بعد حذفه لإمكان الابتداء بما بعده، نحو: هب وخف ودحرج من تهب "للافتتاح" أي ليمكن الافتتاح والابتداء، نحو: اعلم وانصر وانطلق واستخرج من تعلم وتنصر وتنطلق وتستخرج، وإنما تعينت الهمزة لكونها أقوى الحروف أو لابتداء بالأقوى أولى كذا قيل، وقيل إنما تعينت الهمزة لاختصاصها بالمبدأ في المخرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسرة أصل في همزات الوصل"؛ لأن همزة الوصل زيدت ساكنة ثم حركت والأصل في تحريك الساكن الكسر، كما يذهب إليه الرضي وابن الحاجب نقلا عن ابن جني متمسكا بأن قاعدتهم إذا زادوا حرفا زادواها ساكنة ثم حركوها إن احتيج، بخلاف ما إذا أبدلوها وقد غفل صاحب النجاح عن هذه القاعدة فاعترض عليه بأن ما ذكره ابن جني باطل؛ لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه وهو الهرب عن حرف ساكن إلى حرف آخر ساكن مثل: الأول والحق زيادتهما متحركة لئلا يلزم المحذور، وتحقيق الكلام في هذا المقام على ما ذكره المصنف؛ أن هذه الهمزة وإن كانت ساكنة لكنه جيء بها قبل الساكن في الابتداء؛ لأنه قد علم أنه إذا اجتمع معه فلا بد من حذف أحدهما أو حركة أحدهما، ولم يجز حذف الثاني ولا حركته لئلا يلزم تغيير البناء ولا حذف الهمزة؛ لأنه يفضي إلى المهروب عنه وهو الابتداء بالساكن، فلم يبق إلا حركة الهمزة فحركت وكسرت على ما هو الأصل في التقاء الساكنين، وإنما يضم ما يضم لعارض، وإنما كان الكسر أصلا في تحريك الساكن؛ لأن الجزم الذي هو السكون في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء لتعذر الجر فيها فلما ثبت بين السكون الجزمي في الأفعال وبين الكسر المختص بالأسماء تعويض وتبديل واحتيج ها هنا إلى التعويض عن السكون جعل الكسر عوضه، وإنما سميت همزة الوصل؛ لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولهذا سماها الخليل سلم اللسان، وقيل: لأنها تسقط في الدرج فيتصل ما قبلها لما بعدها، ولما توجه أن يقال إن قولكم وكسرت الهمزة منقوض بمثل اكتب؛ لأن همزته مضمومة أجاب بقوله:"ولم تكسر" الهمزة بل تضم مع أن الأصل الكسر "في مثل اكتب" أي في الفعل الذي عين مضارعه مضموم "لأن بتقدير الكسرة يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية "إلى الضمة" التحقيقية قوله: "ولا اعتبار للكاف الساكن" جواب لسؤال مقدر تقديره ظاهر
[شرح ديكنقوز]
الخروج "لأن الحرف الساكن لا يكون حاجزا" أي مانعا "حصينا" أي قويا "عندهم" أي عند أهل هذا الفن "ومن ثم" أي ومن أجل أن الحرف الساكن لا يكون حاجزا حصينا "يجعل واو قنوة ياء ويقال قنية" مع أن ما قبلها ليس بمكسور إلا أن النون لما كان ساكنا جعل كأنه معدوم، وأن ما قبل الواو وهو القاف مكسور فقلبت الواو ياء "وقيل" لم تكسر الهمزة في مثل اكتب، بل "تضم للاتباع" أي لاتباعها للعين في الضم؛ لأن خفة الموافقة بين الأثقلين غالبة على ثقل المخالفة بين الثقيل والأثقل "وفتح ألف أيمن" أي همزته ويجوز إطلاق الألف على الهمزة، إما حقيقة بالاشتراك على ما قيل، وإما مجازا لكونها على صورتها في بعض المواضع كما سيجيء إن شاء الله تعالى، أو لكونهما متحدين ذاتا والاختلاف إنما هو بالعارض، ولذلك شبهوهما بالهواء والريح فكما أن الهواء إذا تحرك صار ريحا والريح إذا سكنت صارت هواء، فكذا الألف إذا تحركت صارت همزة والهمزة إذا سكنت ومدت صارت ألفا "مع كونه للوصل" بدليل سقوطه في الدرج، والأصل في ألف الوصل الكسر لما عرفت "لأنه جمع يمين وألفه للقطع"؛ لأنه ألف أفعل وألفه مفتوحة "ثم جعل للوصل" أي عومل معاملة ألف الوصل بأن أسقطت في الدرج "لكثرته" أي لكثرة أيمن استعمالا، وكثرة الاستعمال تقتضي التخفيف والتخفيف يحصل بالوصل؛ إذ بالوصل تسقط الهمزة في اللفظ ولا خفة مثل السقوط "وفتح ألف التعريف" مع كونه للوصل بدليل سقوطه في الدرج "لكثرته" استعمالا "أيضا" أي كأيمن. واعلم أن حرف التعريف عند سيبويه هو اللام وحده والهمزة للوصل فتحت مع أن أصلها الكسر لكثرة استعمال اللام، وعند الخليل أل كهل علامة للتعريف، وإنما حذفت عنده همزة القطع في الوصل لكثرة استعمال أل، وعند المبرد حرف التعريف هي الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما زيدت اللام بعدها للفرق بين همزة التعريف وهمزة الاستفهام، إذا عرفت هذا فقول المصنف ألف التعريف يحتمل أن يكون إشارة إلى مذهب المبرد، والظاهر لإضافة ألف فقط إلى
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"لأن الحرف الساكن" مطلقا "لا يكون حاجزا حصينا" أي مانعا قويا يمنع الخروج المذكور "عندهم ومن ثم" أي ومن أجل أن الحرف الساكن لا يكون حاجزا حصينا "جعل واو قنوة ياء ويقال قنية" بكسر القاف فيهما، وقد يضم فيهما ويبقى الياء على حالها، يقال: قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنيتها قنية إذا أقنيتها؛ أي أمسكتها لنفسك للتجارة، فإن قلت: إن ارموا أمر وعينه مضموم مع أن همزته مكسورة، وإن اغزى أمر وعنيه مكسور مع أن همزته مضمومة، قلت: حركة العين فيهما عارضة؛ لأن أصل ارموا ارميوا فأعل بالنقل والحذف، وأصل اغزى اغزوى فأعل أيضا بنقل حركة الواو إلى ما قبلها ثم حذفها لالتقاء الساكنين "وقيل تضم" الهمزة المجتلبة في مثل اكتب "للاتباع" أي لاتباع حركة الهمزة بحركة عين الفعل ويكسر فيما يكون عينه مكسورا للاتباع أيضا ولم يتبع في المفتوح لئلا يلزم الالتباس بينه وبين المضارع الموقوف، فإذا قلت مثلا أعلم بفتح الهمزة وسكون الميم لم يعلم أنه أمر أو مضارع أسكن آخره للوقف ولما توجه أن يقال إن قولكم الكسر أصل في همزة الوصل منقوض بقولنا أيمن؛ لأن همزته مفتوحة مع أنها للوصل أجاب بقوله:"وفتح ألف أيمن" بضم الميم سماها ألفا؛ لأن الهمزة إذا وقعت أولا تكتب على صورة الألف ولأنهما متقاربان في المخرج، ولذلك إذا احتاجوا إلى تحريك الألف قلبوها همزة، وقال في الصحاح: الألف على ضربين لينة ومتحركة، فاللينة تسمى ألفا والمتحركة تسمى همزة، ولهذا المعنى حكم الفقهاء زاد الله رفعة أعلامهم بأن الحروف ثمانية وعشرون "مع كونه للوصل" ومع كون الكسر أصلا في الوصل "لأنه" أي أيمن "جمع يمين" لا يجيء على وزنه واحدة في كلام العرب وأما الآجر والآنك فأعجميان، وهو بمعنى القسم سميت بذلك؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه وإن جعلت اليمين ظرفا فلا تجمعه؛ لأن الظروف لا تكاد تجمع "وألفه للقطع" أي والحال أن ألف الجمع لا يكون إلا للقطع "ثم جعل" ألف أيمن "للوصل" بعد أن كان للقطع في الأصل؛ أي أجرى مجرى ألف الوصل في سقوطه في الدرج لا في الكسر "لكسرته" استعمالا هذا مذهب الكوفيين، وذهب البصريون إلى أنه مفرد على وزن أفعل؛ إذ قد يجيء في كلام العرب على وزنه مفرد مثل آجر وآنك وهو الأسرب وهما ليسا بأعجميين، والمفرد هو الأصل وهمزته للوصل، وإلا لما سقط في الدرج، وقال سيبويه: إنه من اليمن بمعنى البركة، يقال: يمن فلان علينا فهو ميمون قوله: "وفتح ألف التعريف لكثرته أيضا" عطف على قوله: وفتح ألف أيمن فيكون جوابا لسؤال مقدر. ثم اعلم أنهم اختلفوا في آلة التعريف فذكر المبرد في كتابه الشافي أن حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما ضم اللام إليها لئلا يشبه ألف التعريف بألف الاستفهام فيكون للقطع، وقال سيبويه: حرف التعريف اللام وحدها والهمزة زائدة للوصل، لكنها فتحت مع أن أصل همزات الوصل الكسر لكثرة استعماله، وقال الخليل: أل بكمالها آلة التعريف ثنائي نحو: هل فيكون همزته للقطع، وإنما حذفت في الدرج لكثرة الاستعمال، والمذاهب الثلاثة مذكورة في شرح الرضي مع أدلتها لكنا قررنا المسائل وتركنا الدلائل لئلا يطول الكلام، فمن رامها فليطالع ثمة، وإذا علمت ما قررناه فاعلم أن قوله: وفتح ألف تعريف لكثرته إنما يستقيم على مذهب سيبويه؛ إذ هو جواب بعد تسليم كونه للوصل وهو ظاهر، وإضافة الألف إلى التعريف لأدنى ملابسة فتدبر
[شرح ديكنقوز]
التعريف فعلى هذا معنى كلامه وفتح ألف التعريف لكونه للقطع؛ لأنه للتعريف لا للوصل إلا أنه عومل معاملة ألف الوصل بأن أسقط في الدرج لكثرة هذه الألف استعمالا، كما أن ألف أيمن عومل به معاملة ألف الوصل بأن سقط في الدرج لكثرته استعمالا، ويحتمل أن يكون إشارة إلى المذاهب الثلاثة ويكون إضافة الألف إلى التعريف لأدنى ملابسة كإضافة كوكب الخرقاء، وحينئذ معنى كلامه وفتحت الألف الملابسة للتعريف على تقدير كونها للوصل ولم تكسر مع أن الأصل فيه الكسر لكثرته؛ أي لكثرة استعمال اللام فخفف بالفتحة وفتح أيضا على تقدير كونه وحده للتعريف أو مع اللام؛ لأنه للتعريف إما وحده أو مع اللام وليس للوصل حتى يكسر إلا أنه عومل به معاملة ألف الوصل فأسقط في الدرج، كما أن ألف أيمن عومل به معاملة الوصل فأسقط في الدرج لكثرة استعمال الألف "وفتح ألف أكرم" مع أن ما بعد حرف المضارعة من تكرم ساكن وعين المضارع ليست بمضمومة "لأنه ليس من ألف الأمر" أي جنس الألف الذي زيد للأمر حتى يكسر "بل ألف قطع محذوف من تؤكرم" طرد اللباب يعني ليس ما بعد حرف المضارعة من تؤكرم ساكنا، بل متحركا في التقدير؛ إذ أصله تؤكرم بالهمزة لكون ماضيه على أكرم فجاءوا بالأمر على الأصل تفاديا لذلك عن الالتباس بين الأمر من الثلاثي المجرد وبينه من المزيد فيه؛ إذ لو قيل أكرم بكسر الهمزة التبس بالثلاثي المجرد، أو لأن علة حذف الهمزة وهي اجتماع الهمزتين أو الحمل على ما فيه اجتماع الهمزتين لما زالت بحذف حرف المضارعة من تؤكرم؛ إذ سبب الحمل فيه وجود حرف المضارعة ردوها إلى فتحها؛ لأن الاحتياج إلى همزة الوصل إنما هو عند الاضطرار وإنما "حذفت" الهمزة من تكرم "لاجتماع الهمزتين في أأكرم" فإنه مستكره "ولا تحذف ألف الوصل في الخط" مع أن الخط تابع للفظ "حتى لا يلتبس الأمر من باب علم" بكسر العين وتخفيفه "بأمر علم" بفتح العين وتشديده "فإن قيل يعلم بالإعجام" وهي الحركات والسكنات والنقطات والتشديدات والمدات جمع عجم كفرس وأفراس وهو ما يزول به العجمة وهي الالتباس والاشتباه "قلنا الإعجام يترك" تركا أو حينا "كثيرا" فحينئذ يحصل الالتباس
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"وفتح ألف أكرم" هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو أن قولكم واجتلبت الهمزة بعد حذف حرف المضارعة إن كان ما بعدها ساكنا للافتتاح وكسر الهمزة منقوض بمثل أكرم؛ لأن ما بعد حرف المضارعة وهو الكاف ساكن وهمزته مجتلبة مع أنها مفتوحة. وحاصل الجواب مع كون الهمزة مجتلبة وذلك "لأنه ليس من ألف الأمر" أي ليست مجتلبة للافتتاح حتى يكون للوصل فيلزم الكسر "بل ألف قطع"؛ لأنه "محذوف من تؤكرم" قوله:"حذفت لاجتماع الهمزتين في أأكرم" استئناف فيقع جوابا لسؤال مقدر فكأن قائلا يقول: لِمَ حذفت الهمزة من تؤكرم، فأجاب حذف إلخ؛ يعني زيدت همزة مفتوحة في أول كرم لنقله إلى باب آخر فيكون أكرم ومضارعه يؤكرم كيد حرج بالهمزة إذا المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة فيه فاجتمع في الحكاية همزتان فتشبه نباح الكلب أو صوت السكران فحذفت إحداهما وحذفت عن البواقي طردا للباب، وقد ترد في الضرورة كما في قول الشاعر:
شيخا على كرسيه معمما
فإنه أهل؛ لأن يؤكرما، ثم لما حذف حرف المضارعة لقصد بناء صيغة الأمر أعيدت الهمزة لزوال علة حذفها وهي حرف المضارعة؛ إذ بحذفها زال المضارعة فزال حكم الإطراد، فإن قلت: لِمَ لَمْ تعد الواو في تعد بعد حذف حرف المضارعة للأمر مع أن حذفها للاطراد أيضا وقد زال بزوال علته؟ قلت: لو أعيد لأعل بالحذف إعلال فعله تبعا له فيكون سعي الإعادة ضائعا كذا قالوا. واعلم أن همزة استخرج وانطلق وغيرهما مما في أوله همزة سوى أكرم للوصل لا للقطع وكذا في مصدره وأمره؛ لأن أصل استخرج خرج فزيد السين والتاء في أوله لنقله إلى باب آخر لكن لما زيد الحرف الأول ساكنا تعذر الابتداء، فاجتلبت همزة للافتتاح ثم زيدت حرف المضارعة على أصل الماضي وحركت، فلم يحتج إلى الهمز فيكون مضارعه يستخرج بلا همزة، فلما حذف حرف المضارعة للأمر بقي الحرف الأول ساكنا فاجتلبت الهمزة للافتتاح وقس عليه غيره، وإنما سمي مثل استخرج سداسيا ومثل انطلق خماسيا نظرا إلى ثبوت الهمزة في الظاهر، وإن لم يكن جزءا من الفعل حقيقة كذا حققه المحققون "ولا يحذف ألف الوصل في الخط" أي في الكتابة "حتى لا يلتبس الأمر" لمخاطب "من باب علم" بالتخفيف "بأمر علم" بالتشديد ولما لم يحذف في الأمر لدفع بالالتباس بين هذين الأمرين حملوا عليه ما لا التباس فيه من همزات الوصل كما في الأسماء والأفعال والمصادر طردا للباب "فإن قيل بعلم" أي لا يلتبس أحد الأمرين بالآخر بل، يفرق بينهما "بالإعجام" بكسر الهمزة وهو مصدر ومعناه وضع النقط على الحروف ومنه حروف المعجم؛ أي حروف الخط المعجم ثم استعمل فيما هو الحاصل بالمصدر، وعمموه فأرادوا به الحركات والنقط والتشديد، وحاصل ما ذكره السائل منع الالتباس على تقدير حذف الهمزة في الكتابة لحصول الفرق بالإعجام؛ لأن العين في الأمر من علم بالتخفيف عند الدرج ساكنة واللام يوضع لها فتحة والعين في الأمر من علم بالتشديد يوضع عليها الفتحة واللام يوضع عليها الكسرة والتشديد فلا يلتبس أحدهما بالآخر في الخط كما لا يلتبس في اللفظ "قلنا الإعجام يترك" في الخط "كثيرا" فيلزم الالتباس المذكور
[شرح ديكنقوز]
"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم العين وفتح الميم "وعمرو" بفتح العين وسكون الميم "بالواو" بأن يكتبوه في الثاني حالتي الرفع والجر دون النصب؛ لأن ألف التنوين تخلفه حالة النصب؛ لأنه منصرف بخلاف الأول ولم يعكس بأن يكتبوه في الأول؛ لأن الثاني خفيف وذلك ظاهر والزيادة في الخفيف أولى "وحذفت الألف" في الخط "في بسم الله" من بسم الله الرحمن الرحيم مع أنها ألف الوصل "لكثرة الاستعمال" وهي متداعية التخفيف "ولا تحذف" الألف "في اقرأ باسم ربك" من أنها في لفظ الاسم كما في بسم الله "لقلة استعماله" وإن كانت في لفظ الاسم "وينجزم آخره" أي آخر الأمر "في الغالب باللام إجماعا" أي أجمع النحاة من البصريين والكوفيين على انجزامه إجماعا أو حكموا بانجزامه مجمعين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" أعني إن؛ لأنها أصل الباب "في النقل" فكما أن إن ينقل معنى الماضي إذا دخل عليه إلى الاستقبال، نحو: إن ضربت ضربت كذلك اللام إذا دخل على الخبر ينقل معناه إلى الإنشاء، نحو: ليضرب زيد فلما شابهتها فيه عملت عملها وهو الجزم "وكذلك المخاطب" أي مثل أمر الغائب أمر المخاطب في كونه معربا مجزوما "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" بالتاء كما هو القياس؛ لأن الدال على طلب الفعل إنما هو اللام كما سبق "عندهم" أي عند الصرفيين من البصريين والكوفيين "ومن ثمة" أي من أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي عليه السلام فبذلك فلتفرحوا" بالتاء على الأصل المهجور موضع فافرحوا، وقيل: إن النبي عليه الصلاة والسلام لما كان مبعوثا إلى الحاضر والغائب جمع بين اللام للغائب والتاء للحاضر "فحذفت اللام" من لتضرب أمرا للمخاطب "لكثرة استعماله" أي لكثرة استعمال جنس الأمر المخاطب بالنسبة إلى جنس أمر الغائب "ثم حذفت علامة الاستقبال" وهي التاء "للفرق بينه" أي بين أمر المخاطب "وبين المضارع المخاطب" إذ بعد حذف اللام من لتضرب بقي تضرب "فبقي الضاد ساكنا واجتلبت همزة الوصل" ليمكن الابتداء "ووضعت" الهمزة المجتلبة "موضع علامة الاستقبال" أعني التاء "فأعطى له" أي للموضع موضع علامة الاستقبال أعني الهمزة "أثر" أي حكم "علامة الاستقبال" وهو الإعراب وأما إعرابه بالجزم فباللام المقدرة إعطاء "كما" أي مثل أن "أعطى لفاء رب عمل
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم الأول وفتح الثاني "و" بين "عمرو" بفتح الأول وسكون الثاني "بالواو" في الخط حيث كتبوا حالة الرفع والجر في الثاني وتركوا في الأول؛ لئلا يلتبس أحدهما بالآخر عند ترك الإعجام وخصوا الزيادة بالثاني لخفته وثقل الزيادة ولم يكتبوا في حالة النصب للفرق بألف التنوين في الثاني دون الأول؛ إذ هو غير منصرف فلا يدخله ألف التنوين، ولما توجه أن يقال قولكم ولا تحذف ألف الوصل في الخط منقوض ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن همزته للوصل مع أنها حذفت في الخط أجاب بقوله:"وحذفت" أي همزة الوصل في الخط "في بسم الله" أي ببسم الله الرحمن الرحيم "لكثرة استعماله" أي في الكتابة وطول الباء عوضا عنها "ولا يحذف من اقرأ باسم ربك" ومن باسم الله "لقلة استعماله" في الكتابة بالنسبة إلى بسم الله الرحمن الرحيم "وينجزم الأمر" إذا كان ذلك الأمر "باللام" سواء كان أمرا غائبا مطلقا أو أمرا "حاضرا" مجهولا "إجماعا" أي اتفاقا بين البصريين والكوفيين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" مثل إن ولو "في النقل" أي في نقل معنى الفعل فكما أن إن تنقل الفعل من كونه مجزوما به إلى كونه مشكوكا فيه كذلك لام الأمر ينقل معنى المضارع من كونه إخبارا إلى كونه إنشاء فلما شابه كلمة الشرط في النقل يعمل عملها وهو الجزم، فلا فرق بين آخر المضارع وبين آخر الأمر باللام في صحيحه ومعتله ومذكره ومؤنثه ومفرده ومثناه ومجموعه فتقول: ليضرب ليضربا ليضربوا لتضرب لتضربا ليضربن، كما تقول: لم يضرب لم يضربا لم يضربوا لم تضرب لم تضربا لم يضربن، وكذا حال ليخش مع لم يخش إلى آخرهما ويرم مع لم يرم إلى آخرهما وليغز مع لم يغز إلى آخرهما "وكذلك المخاطب" أي كالأمر باللام أمر المخاطب في كونه مجزوما باللام "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" مثلا "عندهم ومن ثم" أي ومن أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي عليه السلام فبذلك فلتفرحوا" بإثبات اللام وحرف المضارعة على الأصل مكان فافرحوا، وأيضا قد جاء في الحديث باللام كقوله عليه السلام:"لتنهر ولو بشوكة"، وقد جاء في الشعر أيضا كقوله:
لتقم أنت يابن خير قريش
…
فلتقض حاجة المسلمين
وكل ذلك دل على أن أصل أمر المخاطب المعلوم باللام "فحذف اللام تخفيفا لكثرة الاستعمال" فيه بالنسبة إلى الأمر الغائب فيكون اللام مقدرة "ثم حذف علامة الاستقبال" وهو التاء فتكون مقدرة أيضا "للفرق بينه وبين المضارع فبقي الضاد" في أول الكلمة "ساكنا" فتعذر الابتداء "فاجتلبت همزة الوصل" للافتتاح "ووضعت" همزة الوصل "موضع علامة الاستقبال وأعطى له" أي لهمزة الوصل وتذكير الضمير، إما باعتبار الألف أو اللفظ المذكور "أثر علامة الاستقبال" وهو كون المضارع معربا "كما أعطى لفاء رب" أي للفاء الذي وضع موضع رب الذي هو حرف الجر "عمل رب" وهو الجر
[شرح ديكنقوز]
رب في مثل قول الشاعر: فمثلك" أي فرب مثلك فحذف رب وأعطى للفاء عمله وهو الجر، وقوله: "حبلى" صفة مثل: "قد طرقت" أي طرقتها؛ أي أتيتها ليلا قوله: "ومرضع" أي ذات رضيع عطف على حبلى "فألهيتها" أي أشغلتها "عن" صبى لها "ذي تمائم" جمع تميمة وهي التعاويذ التي تعلق في عنق الصبى حفظا من إصابة العين، وقوله: "محول" أي أتى عليه حول كامل صفة ذي ولم يقل محولا لئلا يلتبس بما اشتق من الحوالة؛ أعني المحيل، وفي وصف تلك النساء بالحبل والإرضاع، وفي وصف الصبى بكونه ذي تمائم وذي حول وذي تمائم إشارة إلى كمال ميل النساء إليه، أما في الوصف بالحبل والإرضاع فظاهر، وأما في وصف الصبى بذي تمائم؛ فلأن التميمة إنما تجعل في عنق الصبي إذا كان في غاية الحسن وخيف عليه من إصابة العين، وأما في جمع التميمة؛ فلأن أهله لا يرضون ولا يكتفون بتميمة واحدة أو تميمتين لفرط محبتهم، وأما في الوصف بالمحول؛ فلأنه في تلك الحال يظهر منه الكلمات اللطيفة اللذيذة والحركات المرغوبة الشهية ما لم يظهر قبلها ولا يظهر بعدها فيكون محبوبا في القلوب أكثر مما كان قبلها وبعدها "و" أما "عند البصريين فهو" أي أمر المخاطب بغير اللام "مبني" على السكون "لأن الأصل في الأفعال البناء"؛ لأن المعاني الموجبة للإعراب؛ أعني الفاعلية والمفعولية والإضافة منتقية عنها فوجب أن تبنى، وهذا خلاف لا تظهر ثمرته إلا في إطلاق المجزوم على أمر الغائب، وإطلاق الجزم على سكونه، وفي إطلاق الموقوف على أمر المخاطب، وإطلاق الوقف على سكونه "وإنما أعرب المضارع" مع كونه من الفعل "لمشابهة" تامة "بينه وبين الاسم" كما مر فلا ينتقض بالماضي، وإنما بني الماضي على الحركة لمشابهة بينه وبين الاسم في الجملة؛ أعني وقوعه صفة للنكرة كما مر "و" لما "لم تبق المشابهة" بوجه من الوجوه "بينه" أي بين الاسم "وبين الأمر" للمخاطب "بحذف حرف المضارعة" لا في الحركات ولا في السكنات وهو ظاهر ولا في وقوعه صفة للنكرة ولأنه صار إنشاء الإنشاء لا يقع صفة إلا بتأويل بني على السكون الذي هو أصل في البناء "ومن ثمة" أي ومن أجل أن البناء لأمر المخاطب إنما هو بعدم بقاء المشابهة بحذف حرف المضارعة حكم بأنه معرب فيما لم يحذف منه حرف المضارعة حتى "قيل فلتفرحوا معرب بالإجماع" من الفريقين "لوجود علة الإعراب وهي حرف المضارعة وزيدت في آخر الأمر" مطلقا غائبا كان أو مخاطبا معروفا كان أو مجهولا "نونا التأكيد"
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"في قول الشاعر: فمثلك" بكسر الكاف وجر اللام؛ لأن الفاء عمل عمل رب فتقديره فرب مثلك؛ أي رب امرأة تلك "حبلى" وهي امرأة ذات حمل وهو مجرور تقديرا على أنه صفة؛ لأن المثل لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كما بين في النحو "قد طرقت" طرق بمعنى جاء ليلا من باب دخل وضمير المفعول محذوف راجع إلى حبلى؛ أي طرقتها بمعنى جئت إليها ليلا، وهو عامل رب المقدر قوله:"ومرضع" عطف على حبلى؛ أي امرأة لها ولد ترضعه فإذا وصفتها إرضاع الولد مرضعة "فألهيتها" أي أشغلتها الضمير يرجع إلى حبلى وإلى مرضع باعتبار كل واحدة منهما "عن ذي تمائم" أي عن صبي ذي تمائم والتمائم جمع تميمة، وهي تعاويذ تعلق على صدر الإنسان، وقد نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال:"من علق تميمة فلا أتم الله له" وقيل: هي خرزة، وأما المعاذات إذا كتب فيه القرآن وأسماء الله تعالى فلا بأس بها "محول" اسم فاعل من أحال؛ أي أتى عليه حول كامل وهو صفة ذي تمائم والبيت للهجاء فحاصل كلامهم أن حرف المضارعة مقدر في أمر المخاطب فيكون معربا به، واللام مقدرة أيضا فيكون مجزوما به، فهم لا يفرقون بين المقدر والملفوظ، وقد أجاب الزمخشري عنه فقال الكوفيون هو مجزوم بلام مقدرة، وهذا خلف من القول؛ لأن حرف المضارعة هو علة الإعراب فانتفى بانتفائه كانتفائه في الاسم بانتفاء سببه، فإن زعموا أن حرف المضارعة مقدر فليس بمستقيم؛ لأن حرف المضارعة من صيغة الكلمة كالميم في اسم الفاعل فكما لا يستقيم تقدير الميم فكذا تقدير حرف المضارعة، وهذا حاصل ما ذكره المصنف بقوله:"وعند البصريين" إلى آخر الدليل يعني أمر المخاطب المعلوم عند البصريين "مبني" على السكون لا معرب مجزوم؛ لأن الأصل في الأفعال "البناء" لعدم توارد الفاعلية والمفعولية الإضافة عليها وأصل البناء السكون "وإنما أعرب المضارع منها لمشابهة" تامة عارضة "بينه وبين الاسم" كما مر وبني الماضي على الحركة لقلة المشابهة "ولم تبق المشابهة" أصلا "بين الأمر" المخاطب "وبين الاسم وبحذف حركة المضارعة منه" فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون، لكنه يعامل معاملة المجزوم في إسقاط الحرف من المفرد الصحيح، نحو: اضرب كما يقال: لم تضرب، وفي إسقاط الحركة من الناقص والأجوف، نحو: ارم وقل كما يقال: لم ترم ولم تقل، وفي إسقاط النون في التثنية والجمع والمفرد المؤنث، نحو: اضربا اضربوا اضربي كما يقال: لم تضربا لم تضربوا لم تضربي، قال الفاضل الرضي: والذي غر الكوفيين حتى قالوا: إنه مجزوم والجازم مقدر معاملة آخر معاملة المجزوم "ومن ثم" أي ومن أجل أن حروف المضارعة سبب الإعراب وجودا وعدما "قيل فلتفرحوا معرب" مع أنه أمر المخاطب "بالإجماع لوجود علة الإعراب وهي حرف المضارعة" ولما فرغ من بيان نفس صيغة الأمر وكيفية أخذه من المضارع شرع فيما يتعلق به وبما يناسبه في كونه طلبا من اتصال نوني التوكيد وكيفية بناء آخره عند اتصالهما فقال: "وزيدت في آخر الأمر" مخاطبا كان أو غائبا معلوما كان أو مجهولا "نونا التأكيد" إحداهما مثقلة متحركة والأخرى مخففة
[شرح ديكنقوز]
إحداهما ثقيلة والأخرى خفيفة "لتأكيد معنى الطلب نحو ليضربن" للغائب "وكذلك ليضربن إلخ" على صيغة المعلوم أو المجهول، وكذلك زيدت في اضربن اضربان اضربن اضربن اضربان اضربنان للمخاطب، وكذلك لتضربن إلخ للمجهول أو المعلوم "أو فتح الباء" يحرك بالفتح في ليضربن مع أن أصله السكون "فرارا من اجتماع الساكنين" هذا علة التحريك، وأما تخصيص الفتح فللخفة والصيانة للفعل عن أخي الجر في الكسر وللاحتراز عن الثقل والالتباس في الضم "وفتح النون" الثقيلة إذ لا مجال للسكون الذي هو الأصل لمكان اجتماع الساكنين، ولا للضم والكسر لمكان الثقل فتعين الفتح "للخفة" والمناسبة للتشديد "وحذف واو ليضربوا" عند اتصال نون التأكيد به فقيل ليضربن "اكتفاء بالضمة" مع استطالة الكلمة بنون التأكيد وإن كان اجتماع الساكنين على حده "و" حذف "ياء اضربي" عنده فقيل: اضربن "اكتفاء بالكسرة" أيضا كذلك "ولم يحذف ألف التثنية اكتفاء بالفتحة" في ليضربان "حتى لا يلتبس" المثنى "بالواحد" في الوقف ولا الالتباس في فليضربوا واضربي للفرق بالضم والكسر "وكسر النون الثقيلة بعد ألف التثنية" مع أن أصلها الفتح للخفة "مشابهة"؛ أي لأجل المشابهة "بنون التثنية" في وقوعها بعد الألف، وهذه العلة موجودة في الألف الفاصلة فيعلم أن حكمها حكم ألف التثنية؛ إذ الاشتراك في العلة يوجب الاشتراك في الحكم، فلذلك لم يذكر حكم الألف الفاصلة "وحذفت النون التي هي تدل على الرفع في مثل هذ يضربان"؛ أي في الأمثلة الخمسة التي هي: يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين إذا دخل عليها نون التأكيد، وإنما أورد كلمة هل ليكون يضربان طلبا ويصير محلا لدخول نون التأكيد "لأن ما قبل النون الثقيلة يصير مبنيا"؛ لأنه إنما أعرب لمشابهته بالاسم، ولما اتصل به النون التي لا تتصل إلا بالفعل ورجح جانب الفعلية وصار الفعل بمنزلة جزء من كلمة كما في بعلبك وتعذر الإعراب سواء كان بالحرف أو بالحركة؛ إذ الإعراب في وسط الكلمة رد إلى ما هو أصل الفعل من البناء فحذفت علامة الإعراب لامتناع الجمع بين الإعراب والبناء ولم يحذف نون التأكيد؛ لئلا يبطل الغرض وهو التأكيد
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
ساكنة وفي المثقلة زيادة توكيد، قال الخليل: إذا أتيت بالنون المؤكدة الخفيفة فأنت مؤكد وإذا أتيت بالثقيلة فأنت أشد توكيدا، وإنما زيدتا في آخره لئلا يجتمع في أوله زائدتان، ولأن الزيادة نوع من التغيير ومحل التغيير آخر الكلمة "لتأكيد الطلب" فمثال زيادة النون الثقيلة في أمر الغائب "نحو ليضربن ليضربان ليضربن لتضربن ليضربان ليضربنان" قدم الثقيلة لشموله جميع الصيغ ولزيادة التوكيد فيها "وكذلك" أمر المخاطب نحو "اضربن إلى آخره"؛ أي اضربن اضربان اضربن اضربن اضربان اضربنان "وفتح الباء في" مثل "ليضربن" للغائب معلوما كان أو مجهول ولتضربن للغائبة أيضا وفي أمر المخاطب المجهول بالنون الثقيلة؛ أي حرك بالفتح مع أن الأصل السكون، أما علة نفس التحريك فهو ما صرح به المصنف بقوله:"فرارا من اجتماع الساكنين" وهما الباء والنون الأولى، وأما علة تعيين الفتح فلخفته هذا هو التحقيق، لكن المصنف تسامح وعلل الفتح بعلة نفس التحريك باعتبار تضمن الفتح التحريك قصرا للمسافة "وفتح النون المشددة" في غير التثنية وغير جمع المؤنث فإن فيهما مكسورة كما يجيء "للخفة"؛ أي لخفة الفتحة "وحذفوا واو ليضربوا"؛ أي حذفوا الواو من الجمع المذكر من الأمر الغائب عند زيادة نون التوكيد الثقيلة وكذا من الأمر المخاطب نحو اضربوا للتخفيف "اكتفاء بالضمة" ولأنه لو لم يحذف التقى ساكنان مع أنه لا التباس بالحذف "وياء اضربي"؛ أي وحذفوا الياء من المفرد المؤنث المخاطبة عند زيادة النون الثقيلة أيضا للتخفيف "اكتفاء بالكسرة" ولا يرد أن يقال إن الواو والياء علامتان والعلامة لا تحذف؛ لأن الحركتين اللتين قبلهما تدلان عليهما فكانا كأنهما لم تحذفا، ولما توجه أن يقال إن مقتضى القياس أن تحذف الألف من التثنية اكتفاء بالفتحة كما حذفت الواو من الجمع اكتفاء بالضمة، فلِمَ لَمْ يحذف؟، أجاب بقوله:"ولم يحذف ألف التثنية" مع أن القياس أن يحذف "حتى لا يلتبس" التثنية في المذكر والمؤنث "بالمواحد" فيهما ولا اعتبار بكسرة النون لوقوعها في الطرف "وكسر النون الثقيلة" مع أن الأصل الفتح لخفته "بعد ألف التثنية" مطلقا؛ أي مذكرا كان أو مؤنثا غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا فاجتهد أنت في الأمثلة "تشبيها" لها "بنون التثنية" في وقوعها في الطرف بعد الألف فحركت بحركتها وحمل عليه جمع المؤنث "وحذف النون التي هي تدل على الرفع في مثل هل يضربان" بالنون الثقيلة "لأن ما قبلها"؛ أي النون الثقيلة مطلقا "يصير مبنيا" فهي علامة البناء فوجب حذف علامة الإعراب؛ إذ لا يجتمع في كلمة واحدة إعراب وبناء حتى يجتمع علامتا هما، وإنما كان الفعل مبنيا عند اتصال نون التأكيد لتركبه مع النون والإعراب في الوسط فبني على الحركة والنون حرف لا حظ له من الإعراب فيبقى الجزءان مبنيين كبعلبك، وقيل: إنما بنى؛ لأن ما قبل النون مشتغل بالحركة المجتلبة للفرق بين المفرد المذكر والجمع المذكر والواحد المؤنث ففتحوا في الأول وضموا في الثاني وكسروا في الثالث لأجل الفرق فلم يمكن الإعراب فرجحوا موجب البناء لذلك مع ضعفه، وإنما قال في مثل هل يضربان ولم يقل في التثنية؛ لأن حذف نون الإعراب للعلة التي ذكرها المصنف إنما هو إذا لم يحذف قبل دخول النون بالجوازم، مثلا: إذا قلت: لم يضربا فقد حذفت نون الإعراب بالجوازم قبل دخول
[شرح ديكنقوز]
"وأدخلت الألف الفاصلة في ليضربان" أصله ليضربنن "فرارا من اجتماع النونات"؛ إذ لا يمكن حذف نون الجمع؛ لأنه ضمير الفاعل ولا حذف نون التأكيد للزوم بطلان الغرض فتعين الفصل بشيء واختص بالألف للخفة "وحكم" النون "الخفيفة" من حركات ما قبلها وحذف الضمير وحذف نون الإعراب معها "كحكم" النون "الثقيلة إلا أنها"؛ أي النون الخفيفة "لا تدخل بعد الألفين" ألف التثنية والألف التي وجب فرض دخولها قبل الخفيفة في الجمع المؤنث حملا لها على الشديدة وإن لم تجتمع النونات فيها؛ لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل؛ إذ الأصل عدم الزيادة، ألا ترى أن يونس حين أدخلها في فعل الجماعة أدخل الألف وقال: اضربنان دون اضربن، وما قيل إن أصالة الثقيلة إنما هي عند الكوفيين ثم المناسبة المعلومة من قوانينهم تقتضي أصالة الخفيفة إلا أن التأكيد في الثقيلة أكثر، فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها ليس بشيء؛ لأن أصالة الثقيلة إنما هي فيما وضعت له؛ أعني التأكيد وهي كذلك إلا أن الثقيلة أفادته أكثر مما أفادته الخفيفة ولا شك أن ما يفيد معنى أصل في إفادة ذلك المعنى بالنسبة إلى ما دونه وأصالتها بذلك المعنى متفق عليه، وما نقل عن الكوفيين فإنما هو بمعنى أن الخفيفة مخففة من الثقيلة لا كلمة برأسها كما هو عند سيبويه، وقوله: مع أن الفرع لا يجب أن يجري على الأصل في جميع الأحكام صحيح إذا لم يلزم من عدم الجريان عليه مفسدة، وأما إذا لزم من عدم الجريان عليه فساد فلا كلام، وها هنا كذلك لما عرفته من لزوم مزية الفرع على الأصل، وقوله: فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها مدفوع بما ذكرنا من معنى الأصالة فقوله: "لاجتماع الساكنين على غير حده" شامل لفعل الاثنين وجماعة الإناث وذلك لا يجوز؛ لأن الروابط بين الحروف الحركات فإن فقدت في اثنين منها لا يمكن ربط أحدهما بالآخر ولا يجوز حذف أحدهما؛ إذ في حذف الألف من المثنى يلزم الالتباس بالواحد ومن جمع الإناث يلزم بطلان العمل واجتماع النونين وفي حذف النون يلزم البطلان الغرض وتحريك النون خلاف وضعها وحده؛ أي مرتبتة في الجواز التي لا يجوز أن يتجاوزها فيه ويجوز في غيرها هو أن يكون الأول حرف لين والثاني مدغما، وهذا لا يجوز بالاتفاق؛ لأن اللسان يرفع عنهما دفعة واحدة من غير مشقة والمدغم فيه متحرك فيصير الثاني من الساكنين كلا ساكن فلا يتحقق التقاء الساكنين الخالص سكونها وغير حده خلاف ذلك "وعند يونس" والكوفيين "تدخل" الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" باقية على السكون عند يونس اعتبارا بمد الألف حركة كقراءة نافع محياي بسكون ياء الإضافة وصلا ومتحركة بالكسر للساكنين عند غيره، وعليه حمل قوله تعالى:"ولا تتبعان" بتخفيف النون وكسره على قراءة ابن عامر برواية ابن ذكوان "وكلتاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلات في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" في الجملة ففي بعضها بحسب نفس الأمر ودلالته عليه إما
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
نون التأكيد بخلاف هل يضربان؛ لأن هل لا يجزم الفعل، لكن إذا أدخلت عليه نون التأكيد حذفت نون الإعراب لما ذكره المصنف "وأدخلت الألف الفاصلة"؛ أي الفارقة بين النونات "في ليضربنان فرارا عن اجتماع النونات" أحدهما نون جماعة المؤنث وثانيها وثالثها نون التأكيد الثقيلة فإنهما نونات ساكنة ومتحركة، ولا يمكن حذف نون جماعة النساء كما حذف الواو من الجمع المذكر؛ لأنه علامة ولا يدل حركة ما قبله عليه كما يدل الضمة على الواو في المذكر حتى يجوز حذفه "وحكم" النون "الخفيفة مثل حكم الثقيلة" في جميع ما ذكرنا؛ يعني فتح الباء في ليضربن فرارا من اجتماع الساكنين وحذفت الواو والياء في ليضربوا واضربي اكتفاء بالضمة والكسرة "إلا أنه"؛ أي النون الخفيفة "لا يدخل بعد الألفين" أحدهما ألف التثنية والثاني الفاصلة فلا يدخل التثنية مطلقا ولا الجمع المؤنث فبقي المفرد والجمع المذكر نحو ليضربن ليضربن ليضربن بفتح الاء في الأول وضمها في الثاني وكسرها في الثالث، وقس عليه أمر المخاطب "لاجتماع الساكنين في غير حده" أحدهما الألف والثاني نون التأكيد الساكنة وهو غير جائز ولم يمكن حذف الألف، أما في التثنية فلئلا يلتبس المثنى بالواحد، وأما في الجمع المؤنث فلئلا يلزم اجتماع النونين ولم يمكن أيضا تحريك الألف، أما في الثتنية؛ فلأنه ضمير وهو لا تغير، وأما في الجمع المؤنث؛ فلأنه للفصل وألف الفصل لا يقبل الحركة للزوم سكونه ولا يمكن أيضا تحريك نون التأكيد؛ لأنه خلاف وضعها، اعلم أن قوله في غير حده وهو أن لا يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما احترازا عن اجتماع الساكنين في حده؛ إذ هو جائز عنهم وهو أن يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما في حرف آخر، نحو: اضربنان ودابة وإنما جاز ذلك؛ لأن المد الذي في حرف المد يقوم مقام الحركة والساكن إذا كان مدغما جرى مجرى المتحرك؛ لأن اللسان يرتفع عنهما دفعة واحدة فكانا كأنهما متحركان "وعند يونس تدخل" النون الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" فأجاز التقاء الساكنين على غير حده فيما يمكن التلفظ بهما فيه، وعليه قراءة من قرأ محياي بسكون ياء الإضافة "وكلاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلان" على الوجه المشروح" في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" الضمير يرجع إلى السبعة على سبيل التغليب؛ إذ لا يوجد في النفي معنى الطلب أو على سبيل التحقيق؛ لأن النفي لما شابه النهي أعطي حكمه فيكون إنشاء حكما وفي تعليل المصنف إشعار بأن نوني التأكيد لا يدخلان فيما ليس فيه معنى الطلب كالماضي والمضارع والمضارع الذي خلص للحال؛ لعدم إمكان تأكيده، أما الماضي
[شرح ديكنقوز]
مطابقية وهي الخمس الأول أو التزام وهو السادس، فإن القسم وإن لم يكن فيه معنى الطلب، إلا أن الغالب أن يقسم المتكلم على ما هو مطلوبه فيلزمه الطلب؛ أي طلب جوابه، وأما نحو قوله: والله لأعاقبن فمحمول على الغائب، وفي بعضها لا بحسب نفس الأمر بالمشابهة بما فيه من معنى الطلب في نفس الأمر وهو السابع، ثم إن الغائب إنما يطلب في العادة، وغالب الأمر ما هو مراده فكان ذلك مقتضيا لتأكيده؛ لأنه غرضه في تحصيله والطلب إنما يتوجه إلى المستقبل الغير الموجود، فالتأكيد لا يكون إلا في المستقبل، وقيل: الحاصل في الزمان الماضي لا يحتمل التأكيد، وأما الحاصل في الزمان الحاضر وهو إن كان محتملا للتأكيد بأن يخبر المتكلم بأن الحاصل في الحال متصف بالمبالغة والتأكيد لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب الاطلاع على ضعفه وقوته اختص نون التأكيد بغير الوجود والأليق بالتأكيد أعني المستقبل أحدهما "الأمر" مطلقا "كما مر" ليضربن واضرب وليضربن واضربن "و" ثانيهما "النهي" كذلك "نحو لا تضربن" ولا يضربن ولا يضربن "و" ثالثهما "الاستفهام" نحو:"هل تضربن و" رابعها "التمني نحو: ليتك تضربن و" خامسها "العرض" بفتح العين وسكون الراء "نحو: ألا تضربن" فالهمزة فيه للاستفهام دخلت على الفعل المنفي وامتنع حملها على حقيقة الاستفهام؛ لأن المخاطب يعرف عدم الضرب، فالاستفهام عنه يكون طلبا للحاصل فيتولد منه بقرينة الحال عرض على المخاطب وطلبه منه "و" سادسها "القسم"؛ أي جوابه "نحو: والله لأضربن" والجملة القسمية أعني أقسم والله إنشاء وجواب القسم أعني لأضربن خبر "و" سابعها "النفي" ويدخلها نونا التأكيد دخولا "قليلا مشابهة"؛ أي لأجل المشابهة "بالنهي" في الصورة وفي أنهما غير موجبين وفي كون حرفيهما لا "نحو لا تضربن والنهي" وهي صيغة يطلب بها الترك عن الفعل "مثل الأمر في جميع الوجوه" التي ذكرت من كونه مشتقا من المضارع وأحكام نوني التأكيد "إلا أنه"؛ أي لكن النهي مطلقا "معرب بالإجماع" من الفريقين لوجود حرف المضارعة فيه "ويجيء المجهول" وهو ما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله "من الأشياء المذكورة" قوله: "من الماضي" وما عطف عليه بيان الأشياء المذكورة "نحو ضرب" زيد في ضربت زيدا "إلى آخره" ومر بزيد في مررت بزيد "ومن المستقبل نحو يضرب" زيد في يضرب خالد زيدا "إلى آخره" ومن الأمر نحو: ليضرب ومن النهي نحو: لا يضرب
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
فلأن ما مضى فات وتأكيد الفائت ممتنع، وأما المضارع فلأن التأكيد إنما يليق بما لم يحصل كما في والله لأضربن، وأما الحاصل في الحال فهو وإن كان محتملا للتأكيد، وذلك بأن يخبر المخاطب أن الحاصل في الحال متصف بالتأكيد، لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب أن يطلع على ضعفه أو قوته لم يؤكد كذا ذكره الرضي، وأما المستقبل الذي فيه معنى الطلب فيمكن تأكيده لقصد تحصيل المطلوب على الوجه الأبلغ وما يوجد فيه معنى الطلب سبعة أحدها "الأمر" غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "كما مر" معناه ومثاله "و" الثاني "النهي نحو: لا تضربن و" الثالث "الاستفهام" ومعناه السؤال عن حصول الفعل "نحو: هل يضربن و" الرابع "التمني" وهو طلب حصول الشيء "نحو: ليتك تضربن و" الخامس "العرض" بفتح العين وسكون الراء ومعناه الحث على الفعل "نحو: ألا تضربن" وهو قريب من التمني؛ لأنك إذا عرضت على المخاطب الضرب فقط حثثته عليه، ولن تحثه إلا على ما تمناه وليس باستفهام؛ لأنك لا تقصد بقولك: ألا تضربن السؤال عن ترك الضرب "و" السادس "القسم"؛ أي الفعل المضارع الذي يدخل عليه اللام الموطئة للقسم فيقع جوابا للقسم "نحو والله ليضربن" وقس عليه الاستفهام والتمني والعرض، فمعنى الأول الفعل المضارع الذي يدخل عليه حرف الاستفهام، ومعنى الثاني يدخل عليه حرف التمني، ومعنى الثالث يدخل عليه حرف التحضيض فهذه الحروف الأربعة تفيد في المستقبل معنى الطلب والتوقع وتؤكده نوع تأكيد، ولهذا جاز دخول نون التأكيد عليه كذا ذكره الرضي حيث قال: إن نوني التأكيد لا يدخل في المستقبل الذي هو خبر محض إلا بعد أن يدخل على أوله ما يدل على التأكيد أيضا كلام القسم نحو: والله ليضربن، وأما المزيدة، نحو: أما تفعلن لتكون ذلك توطئة لدخول نون التأكيد وإيذانا به "و" السابع "النفي قليلا"؛ أي تدخلان عليه دخولا قليلا؛ لأن دخولهما عليه ليس لوجود معنى الطلب بل "مشابهة بالنهي في الصورة نحو لا تضربن والنهي" وهو في اللغة المنع وفي الاصطلاح فعل يطلب به ترك الفعل من الفاعل، فهو ضد الأمر بحسب المفهوم لكنه "مثل الأمر" بحسب الأحكام فهو يماثله "في جميع الوجوه" المذكورة في الأمر من كونه مأخوذا من المستقبل وكيفية دخول نوني لتأكيد عليه وكيفية حركة ما قبل النون "إلا أنه"؛ أي النهي غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "معربا بالإجماع" لوجود علة الإعراب هو حرف المضارعة. ولما فرع من أقسام الفعل المبني للفاعل شرع في أقسام الفعل المبني للمفعول وكيفية بنائها له فقال "ويجيء المجهول" وهو فعل غير عن صيغته بعد حذف فاعله وأقيم المفعول مقامه، ويسمى أيضا المبني للمفعول، لكن كثر استعمال المجهول بين أهل الصرف واستعمال والمبني للمفعول بين أهل النحو "من الأشياء المذكورة" فيما سبق "من الماضي نحو: ضُرِب" بضم الضاد وكسر الراء "إلى آخره، ومن المستقبل نحو يُضرَب" بضم الياء وفتح الراء "إلى آخره" ولم يذكر الأمر والنهي والنفي؛ استغناء بذكر المستقبل لكونها مأخوذة منه، فإن قيل: المفعول
[شرح ديكنقوز]
وإنما لم يذكرهما اكتفاء بذكر المستقبل؛ لأن صورتهما لما كانت صورته استغنى بذكره عنهما؛ إذ يعلم من الاشتراك في الصورة أن مجهولهما مثل مجهوله "والغرض من وضعه"؛ أي من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل "إما" التبيين "لخساسة الفاعل" وإظهار لها فإن نفس خساسة الفاعل لا تصح أن تكون غرضا من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل، بل منها إنما هو تبيين لخساسته وإظهار لها نحو: شُتم الأمير، إذا كان الشاتم شخصا خسيسا غير كفء للأمير، فيجعل ترك الفاعل تطهيرا للسان عنه "أو" تبيين "لعظمته" نحو ضُرِب اللص فيجعل تركه تطهيرا له عن اللسان "أو" تبيين "لشهرته" خوفا عليه "أو تبيين لجهالته" لذلك الفعل بحيث لا يتصور صدوره إلا عنه نحو: خُلِق الإنسان "واختص" المجهول "بصيغة فُعِل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي؛ لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول وهو إسناد الفعل إلى المفعول" والمعقول إسناد الفعل لمن صدر عنه أعني الفاعل "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة وهي فعل" ليناسب اللفظ المعنى، وقيل: إنما غير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل؛ إذ لو لم يفعل لالتبس المفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل بالفاعل، وإنما اختير للمفعول هذا الوزن الثقيل دون المبني للفاعل؛ لكونه أقل استعمالا منه، وإنما غير الثلاثي في المجهول إلى وزن فعل دون سائر الأوزان لكونه معناه قريبا في الأفعال؛ إذ الفعل من ضرورة معناه ما يقوم به فلما حذف منه ذلك خيف أن يلحق في أوله وهلة النظر بقسم الأسماء فيحمل على وزن لا يكون في الأسماء، ولو كسر الأول وضم الثاني يحصل هذا الغرض إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن صيغته فعل غير معقول "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة في الأسماء" أصلا في كلام العرب "إلا وُعِل" بضم الواو وكسر العين وهو معز الجبل "ودُئل" بالضم والكسر أيضا وهو دويبة تشبه ابن العرس ولو كانت هذه الصيغة معقولة لشاعت في كلامهم "و" يجيء المجهول "في المستقبل على يُفعَل" بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر "لأن هذه الصيغة غير معقولة أيضا؛ لأنها" أعني يفعل "مثل فعلل" بضم الفاء وسكون العين وفتح اللام الأولى "في الحركات والسكنات ولا يجيء عليه"؛ أي على فعلل "كلمة" في كلامهم "أيضا"؛ أي كما لا يجيء على
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
ضد الفاعل في المعنى فكيف يجوز أن يقام مقامه ويرتفع ارتفاعه، أجيب بأن للفعل طرفين طرف الصدر وهو الفاعل وطرف الوقوع وهو المفعول، فهما متناسبان من حيث إن كل واحد منهما طرف للفعل وبهذه المناسبة جاز وقوع المفعول مقام الفاعل "والغرض من وضعه"؛ أي المجهول "إما لخساسة الفاعل" حق العبارة أن يقال: إما خساسة الفاعل بحذف اللام منه ومما عطف عليه أو يقال: وضعه إما لخساسة الفاعل بحذف الغرض وإثبات اللام فيه وفيما عطف عليه؛ يعني قد يكون الفاعل حقير بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهير اللسان عن ذكره وأسند الفعل إلى مفعوله؛ لئلا يبقى الفعل بلا مسند إليه نحو: شُتم الخليفة؛ أي شتم الفاسق الخليفة، "أو لعظمته" بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهيره عن لسانك نحو: عُوقب اللص؛ أي عاقب السلطان "أو لشهرته" عند السامع فيكون ذكره عبثا في الظاهر "أو خوفا عليه"؛ أي على الفاعل نحو قُتل عمرو؛ أي قتل زيد عمرا، فلو لم يحذف الفاعل يعلم أن زيدا قاتل فيقتص منه فيحذف إيهاما بأن القاتل غير معلوم، ولما فرغ من ذكر علل حذف الفاعل في المجهول شرع في ذكر علة العدول من صيغة إلى صيغة فقال:"واختص"؛ أي المجهول "بصيغة فعل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي" من الثلاثي المجرد؛ يعني لما وجب تغيير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل لئلا يلتبس المفعول الذي أقيم مقام الفاعل بالفاعل اختير هذا الوزن الثقيل في المجهول دون المعلوم؛ لكون المجهول أقل استعمالا منه للفرق بينهما، واختير ذلك الوزن الذي هو فعل دون سائر الأوزان "لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول"؛ أي بعيد في قسم الأفعال قوله:"وهو إسناد الفعل إلى المفعول" بيان يفيد التعليل فتقدير الكلام أن معنى المجهول بعيد في الأفعال؛ لأنه إسناد الفعل إلى المفعول وإسناد الفعل إلى المفعول بعيد؛ لأنه خلاف الأصل والظاهر "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة"؛ أي بعيد في الأسماء، وحاصله أن معنى المجهول لما كان معنى بعيدا في قسم الأفعال، وهو الإسناد إلى المفعول خيف أن يلحق المجهول بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغته لا توجد في الأسماء لئلا يتوهم أنه من قسم الأسماء بسبب بعد معناه عن معنى الفعل، وإذا كان صيغته مما لا توجد في الأسماء علم أنه من الأفعال لا من الأسماء "وهي"؛ أي تلك الصيغة الغير المعقولة "فعل" بضم الفاء وكسر العين، فإن قلت: لو كسر الفاء وضم العين يحصل هذا المقصود؛ إذ لا يوجد في الأسماء هذا الوزن أيضا، قلت: نعم إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن هذه الصيغة غير معقولة "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة" في كلام العرب "إلا وُعِل" وهو معز الجبل "ودُئل" وهو دويبة تشبه ابن العرس "وفي المستقبل" من الثلاثي المجرد "على يفعل" بضم حرف المضارعة وفتح الحروف؛ أي يجيء صيغة المجهول في المستقبل على يفعل "لأن هذه الصيغة مثل فعلل" بضم الفاء وفتح قبل الآخر "في الحركات والسكنات" لا في الحروف الأصول والزوائد "ولا يجيء عليه"؛ أي والحال أنه لا يجيء على وزن فعلل "كلمة" في كلام العرب إلا جندب، وهو ضرب من
[شرح ديكنقوز]
فعل فتكون هذه الصيغة غير معقولة أيضا فيتناسب اللفظ والمعنى "ويجيء" المجهول "في" الأبواب "الزوائد من الثلاثي المجرد" كلها؛ أي مما زادت حروفه على ثلاثة أحرف، سواء كان رباعيا مجردا أو مزيدا فيه أو ثلاثيا مزيدا فيه "بضم" الحرف "الأول وكسر ما قبل الآخر في الماضي" نحو: دحرج وأكرم "وبضم" الحرف "الأول" أصلية كانت الضمة كما في الرباعيات أو عارضية كما في غيرها "وفتح ما قبل الآخر" أصلية كانت الفتحة كما في يتفعل ويتفاعل ويتفعلل، أو عارضية كما في غيرها "في المستقبل" نحو: يدحرج ويكرم ويتدحرج ويستخرج "تبعا للثلاثي" فيهما "إلا في سبعة أبواب، فإن أول المتحرك يضم مع ضم الأول" فيها في الماضي "ويكسر ما قبل الآخر وهي: تفعل وتفوعل" وعلم حكم تفعلل منهما "وافتعل وانفعل وافتعل واستفعل وأفعل" وحكم افعول وافعلل وافعنلل وملحقة علم منها "وضم الفاء في الأولين"؛ أي تفعل وتفوعل ولم يقتصر على ضم الأول فيهما "حتى لا يلتبسا"؛ أي الأولان ذكر المتعدد في هذه اللفظ على الإجمال كقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} "بمضارع فعل" بالتشديد في تفعل "وتفاعل" في تفوعل في الوقف "وضم أول المتحرك منه في الخمسة الباقية حتى لا يلتبس" الماضي المجهول "والأمر" الحاضر "في الوقف؛ يعني إذا قلت: وافتعل بفتح التاء في" الماضي "المجهول في الوقف بوصل الهمزة" وقلت: "وافتعل في الأمر" الواو ها هنا مثله في وافتعل لا لعطف افتعل على افتعل؛ يعني إذا قلت: وافتعل وافتعل أحدهما في الماضي والآخر في الأمر ويحتمل أن يكون للعطف فيكون افتعل معطوفا على افتعل لا على وافتعل فيكون تقديره وافتعل "يلزم الالتباس فيلزم التاء" في الماضي المجهول "لإزالته "فقس الباقي" وهو الأربعة الأخيرة "عليه"؛ أي على افتعل.
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
أي كما لا يجيء كلمة على فعل فيكون هذا الوزن غير معقول، وحاصله أن المستقبل لما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله كان بعيدا في الأفعال فخيف أن يلحق بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغته لا توجد في قسم الأسماء؛ لئلا يتوهم أنه من الأسماء، كما جعل كذلك في الماضي، لذلك قيل: إنما ضم أول المضارع حملا على الماضي، وفتح ما قبل آخره ليعدل ضمة الأول بالفتحة في المضارع الذي هو أثقل من الماضي، ولما فرغ من بيان علامة بناء المجهول في الماضي والمستقبل من الثلاثي المجرد شرع في علامته فيما عدا الثلاثي المجرد فقال:"ويجيء" المجهول "في الزوائد من الثلاثي لمجرد" أراد بالزوائد ما كان ماضيه أكثر من ثلاثة أحرف فيتناول الرباعي المجرد الملحق بالربعي والمزيد على بالرباعي أيضا، وحاصله ما عدا الثلاثي المجرد "بضم الأول وكسر ما قبل الآخر في الماضي" نحو: أكرم وفرح وقوتل ودحرج وتدحرج واستخرج وقس عليها ما عداها "وبضم الأول وفتح ما قبل الآخر في المستقبل" نحو: يكرم ويفرح ويقابل ويدحرج ويتدحرج ويستخرج وقس عليها ما عداها "تبعا للثلاثي"؛ أي يجيء المجهول من غير الثلاثي على الوجه المذكور في الماضي أو المضارع فقط اتباعا الغير الثلاثي له لكونه أصلا قوله "إلا في سبعة أبواب" استثناء من قوله الماضي فقط؛ يعني يجيء المجهول من الزوائد على الثلاثي بضم الأول وكسر ما قبل الآخر في جميع الماضي إلا في سبعة أبواب، فإنه لا يكفي فيها هذا القدر من البيان، بل لا بد فيها من قيد زائد وبيانه "أنه يجيء" المجهول في تلك السبعة "بضم أول متحرك منه" هذا هو القيد الزائد الذي قصد بيانه في تلك السبعة، ولهذا قدمه على قوله:"مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر" وقد عرفت أن هذا عام لجميع الأبواب في الماضي "وهي"؛ أي السبعة المذكورة "تفعل وتفوعل وافتعل وانفعل وافعنعلل واستفعل وافعوعل" واعلم أن المراد بأول المتحرك منه الحرف المتحرك أولا من الفعل كالتاء في افتعل؛ لأن الهمزة وإن كانت في أول الكلمة لكنها ليست من الفعل؛ لأنها للوصل كما سبق فعلم أن قوله: إلا في سبعة أبواب بضم أول متحرك منه تغليب؛ إذ لا يمكن أن يقال: إن الفاء في تفعل وتفوعل أول متحرك منه؛ لأن التاء فيهما من الفعل، ولهذا قال عند تفصيل حكمها "وضم الفاء في الأولين" ولم يقل: وضم أول متحرك منه أيضا كما قال ذلك في الخمسة الباقية؛ أي بضم الفاء في تفعل وتفوعل مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر فيهما "حتى لا يلتبسا بمضارعي فعل" بالتشديد "وفاعل" يعني لو اكتفى في تقطع مثلا بضم الأول وهو التاء، وكسر ما قبل الآخر وهو الطاء وأبقى القاف مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفعل أو مضارع معلوم من باب التفعيل، وكذا لو اكتفى في تباعد مثلا بضم الأول وهو التاء وكسر ما قبل الآخر وهو العين وأبقى القاف مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفاعل أو مضارع من باب المفاعلة "وضم أول المتحرك منه في الخمسة الباقية حتى لا يلتبس" الماضي المجهول من هذه الخمسة "بالأمر" المخاطب من هذه الخمسة أيضا "في" حال "الوقف" ولما كان في كيفية الالتباس نوع خفاء أراد أن يبينه تفهيما للمبتدي ففسره بقوله:"يعني إذا قلت: افتعل" بفتح التاء "مثلا في المجهول في الوقف بوصل الهمزة وافتعل في الأمر أيضا يلزم اللبس" يعني إذا اكتفى في اقتصر مثلا بضم الأول وهو الهمزة وكسر ما قبل الآخر وهو الصاد وأبقى التاء مفتوحا وقيل: واقتصر بوصل الهمزة وإسكان الراء للوقف لم يعلم أنه ماض مجهول وصل همزته ووقف آخره أو أمر لمخاطب جزم آخره، وإن بين الالتباس بقيدين أحدهما الوقف والآخر وصل الهمزة؛ إذ لو لم يوقف لم يلتبس أحدهما بالآخر؛ لأن آخر الماضي مفتوح وآخر الأمر مجزوم، وأيضا لو قطع الهمزة لم يلتبس؛ إذ هي في المجهول مضمومة وفي الأمر مكسورة "فضم التاء في افتعل لإزالته"؛ أي لإزالة اللبس المذكور.
"فقس الباقي عليه" وقياسه واضح لا نطول الكلام بذكره، وما ذكر من البيان في مجهول الماضي والمضارع إذا لم يكن الفعل معتل العين، أما إذا كان معتل العين فليس صيغة المجهول على ما ذكره ظاهرا؛ إذ يقال في مجهول قال مثلا قيل وسيأتي حكمه في موضعه إن شاء الله تعالى. واعلم أن في تخصيص الأبواب السبعة المذكورة بهذا الحكم نظرا؛ إذ كل فعل في أوله همزة وصل فعلامة بناء المجهول منه أن يضم أول المتحرك منه مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر، وذلك أحد عشر بابا لا خمسة، مثل: انطلق واكتسب واحمر واحمار واستخرج واعشوشب واجلوز واقعنسس واسلنقى واحرنجم واقشعر، فإذا ضم إليها تفعل وتفاعل نحو: تقطع وتباعد، صار عدد الأبنية ثلاثة عشر، فالقصر على السبعة تقصير فلا تكن من القاصرين.