الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شرح ديكنقوز]
فصل وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته
"فأدخل النون لقرب النون" الزائدة "من النون" العلامة في النونية وفي لفظ القرب إشارة إلى ما ذكرنا من القيدين "ثم أدغم" إحدى النونين في الأخرى للجنسية، ووقع الإدغام بأن أدرج أولاها في الثانية، وقيل: إنما زيد حرف في الجمع المؤنث ليكون بإزاء الميم في جمع المذكر واختير النون لمشابهتها الميم بسبب الغنة "وزيدت التاء" لضمير الشخص المتكلم الواحد مذكرا كان أو مؤنثا "في ضربت" بضم التاء "لأن تحته" أي ضربت "أنا مضمر" وقد مر نظيره في الإعراب والقياس أن يزاد من حروف أنا إلا أنه "لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الهمزة وهي حقيقة ألف تحركت التبس بتثنية الغائب، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب، ولا يمكن أيضا أن يزاد من حروف العلة؛ أما الألف فلما مر، وأما الواو فللزوم الالتباس بالجمع، وأما الياء فلعدم تحمله علامة الفاعل أعني الضم "فاختير التاء" للزيادة دون غيره من حروف الزيادة "لوجوده" أي التاء "في أخواته" أي أخوات ضربت، وهي ضربت وضربت وضربتما وضربتم وضربتن، وأما زيادة التاء في تلك الأخوات فحكم وضعي، ولعل حكمتها أنه لما كان المخاطب من يلقى إليه الكلام اختير له حرف شديد لينتبه عن سنة الغفلة وألقى سمعه إلى ما يلقى إليه وهو شهيد، والحروف الشديدة هي "أجدك قطبت" ولا يمكن زيادة الألف منها للالتباس بالتثنية وغير التاء مما بقي ليس من حروف الزيادة فتعين التاء "وزيدت النون في ضربتا" لضمير الشخصين المتكلمين مذكرين كانا أو مؤنثين ولضمير الأشخاص المتكلمة سواء كانت على صيغة الذكورة أو الأنوثة "لأن تحته نحن مضمر" وفيه نون فزيدت النون في ضربنا ليوافق ما أضمر تحته "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" أي لجمع المؤنث واختص الألف للخفة "وقيل" إنما زيدت النون "لأن تحته أننا مضمر" وفيه نون ثم زيد الألف دفعا للالتباس واختص الألف لوجوده في أننا. "فصل: وتدخل المضمرات" المرفوعة والمنصوبة؛ أي تتصل، وإنما عبر عن الاتصال بالدخول ليتناول المستكن من المتصل إذا المتبادر من الاتصال اللغوي "في الماضي وأخواته" من الأفعال، وأما الصفات فيدخلها المرفوع والمنصوب كالأفعال والمجرور أيضا ولا يتصل بالحروف إلا المنسوب والمجرور والأسماء إلا المجرور "وهي" أي جميع المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" وإنما انحصر فيها "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" أحدها مضمر "مرفوع و" ثانيها مضمر "منصوب و" ثالثها مضمر "مجرور" وإنما انحصرت في الثلاثة؛ لأنها كناية عن المظهر وهو إما مرفوع أو منصوب أو مجرور
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"فأدخل النون" الساكنة قبل النون الضمير؛ ليكون ما قبلها ساكنا أيضا، وعيلت النون دون غيرها "لقرب النون" الداخلة من النون التي هي ضمير الجمع والتاء ليست بضمير كما في المفرد، بل علامة للخطاب فقط "ثم أدغم النون في النون" فصار ضربتن "زيدت التاء في" مثل "ضربت" أي نفس المتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته أنا مضمر" يعني يدل ضمير ضربت على ما يدل عليه أنا وقد مر مثله غير مرة، وإذا كان تحته أنا ناسب أن يراد من حروفه "ولكن لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو ضربا وإن زيدت النون التبس بجمع الغائبة نحو ضربن "فاختيرت التاء لوجوده في أخواته" المراد بأخوات ضربت أمثلة الخطاب؛ لأن المتكلم يصاحب المخاطب ويكالم معه، فلا يتصور أحدهما بدون الآخر فصار كأنهما أخوان "وزيدت النون في" مثل "ضربنا" أي في نفس المتكلم مع الغير مثنى كان أو مجموعا مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته نحن مضمر" قد عرفت معنى الإضمار تحته فزيدت النون التي في نحن أولا "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" فصار ضربنا "وقيل تحته أننا مضمر" فزيدت الألف والنون اللتان في أننا معا. ولما فرغ من بيان أمثلة الماضي مع ما يتصل بها من الضمائر ناسب أن يبين مطلق الضمائر فقال "فصل: وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته" المراد من أخوات الماضي ها هنا كل ما يمكن أن يستتر فيه الضمير من المستقبل والأمر والنهي وسائر الصفات المشتقة. اعلم أن المقصود من وضع المضمرات رفع الالتباس؛ فإن أنا لا يصلح إلا لمعين واحد فقط وهو المتكلم المعين، وأنت لا يصلح أيضا إلا لمعين واحد فقط وهو المخاطب المعين، وكذا ضمير الغائب نص في أن المراد هو المذكور بعينه في مثل: جاءني زيد وإياه ضربت، ولا يحصل هذا التعيين للأسماء الظاهرة في قسم من "الأقسام الثلاثة فإنه لو سمى المتكلم نفسه بعلمه لا بلفظة أنا، وقال: مكان أنا قائم زيد قائم ربما التبس عند السامع أهو المتكلم أم زيد آخر بخلاف أنا قائم وهو ظاهر، وكذا لو سمى المتكلم المخاطب بعلمه لا بلفظة أنت، وقال: مكان أنت قائم زيد قائم ربما يحصل الالتباس، وكذا لو كرر المذكور مكان ضمير الغائب، وقيل: مكان جاءني زيد وإياه ضربت جاءني زيد وزيدا ضربت لم يعلم أن زيد الثاني هو الأول بعينه أو زيد آخر، وهذه الفائدة في الضمائر المنفصلة، وأما في المتصلة فيحصل مع رفع الالتباس المذكور الاختصار في اللفظ أيضا كذا حققه الفاضل الرضي "وهي" أي المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" أي ستين لفظا لتسعين معنى كما ستطلع عليه "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" الأول "مرفوع و" الثاني "منصوب و" الثالث "مجرور" لأن المضمرات كما أشرنا قائمة مقام الظاهر لدفع الالتباس إن كان منفصلا وله، وللاختصار إن كان متصلا
[شرح ديكنقوز]
"ثم يصير كل واحد منها" أي من تلك الثلاثة "اثنين" متصلا أو منفصلا "نظرا إلى اتصاله" فكذا الكناية عنه إما مرفوع أو منصوب أو مجرور أي اتصل كل واحد منها "وانفصاله" لأنه إذا استقل في التلفظ فمنفصل وإلا فمتصل "فاضرب الاثنين" أي المتصل والمنفصل "في الثلاثة" أي المرفوع والمنصوب والمجرور؛ أي اجعل كل واحد من المتصل والمنفصل مرفوعا ومنصوبا ومجرورا، وهذا أي جعل كل واحد من المضروب مثل المضروب فيه هو معنى الضرب فليكن على ذكر منك "حتى يصير" المجموع الحاصل من الضرب "ستة ثم أخرج" أنت من الستة "المجرور المنفصل حتى لا يلزم تقديم المجرور" أي جواز تقديمه "على الجار" فلا يقال: زيد به، بل يقال: بزيد؛ يعني لما احتيج إلى التقديم والتأخير في الضمائر بحسب المقام وضعوا الضمير المنفصل لهذا؛ إذ هو الصالح له دون المتصل، ولما جاز تقديم المرفوع والمنصوب في المظهر، نحو: زيد فعل وعمرا أكرمت وضعوا لهما المنفصل من الضمير جريا بالمضمر مجرى المظهر، ولما لم يجز تقديم المجرور على الجار في المظهر؛ لأنه كالجزء الأخير من الجار، ولذلك لا يجوز الفصل بينهما في السعة، لم يضعوا له المنفصل؛ إذ لو وضعوه له لزم جواز تقديمه على الجار على ما هو شأن المنفصل وبالغرض من وضعه جواز تقديم الجزء الأخير ضروري البطلان "فبقي لك" من تلك الستة بعد إخراجك المجرور المنفصل منها "خمسة" أي خمسة أنواع أحدها "مرفوع متصل و" ثانيها "مرفوع منفصل و" ثالثها "منصوب متصل و" رابعها "منصوب منفصل و" خامسها "مجرور متصل ثم انظرا إلى المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر وجها" أي صورة ثمانية عشر معنى "في العقل" بحسب اعتبار المراتب العرفية "ستة" منها "في" حق "الغائب مع الغائبة" في مفرد كل منهما وفي تثنية كل منهما وفي جمع كل منهما "وستة" منها "في" حق "المخاطب مع المخاطبة" كذلك "وستة في" حق "الحكاية" أي المتكلم والمتكلمة ثلاثة له وثلاثة لها فمجموع الستات ثمانية عشر "واكتفي بخمسة" من الوجوه الستة "في الغائب والغائبة باشتراك التثنية" فيهما نحو: ضربا وضربتا، ولا اعتبار للتاء في التثنية الغائبة؛ لأنها ثابتة قبل التثنية، بل الضمير هو الألف فقط ولا دخل للتاء في اختلاف الضمير بخلاف ضربت وضربت ضربت وأنت وأنت وأنتما وأنتم حيث عدت الثلاثة الأول ألفاظا متعددة باعتبار اختلاف الحركات، وإن كان الضمير في الكل التاء فقط، وكذا عدت الأربعة الأخيرة ألفاظا متعددة، وإن كان الضمير في كلها أن فقط؛ لأن اقتران الأمور الخارجية المتميزة من الحركات والتاء وغيرهما من هذه الألفاظ إنما هو بعد وضع الضميرين؛ أعني التاء وأن فيكون لها دخل في اختلاف الضمائر "لقلة استعمالها" أي التثنية فلم يبال بالالتباس فيما
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
والظاهر إما مرفوع أو منصوب أو مجرور فكذا ما يقوم مقامه من المضمرات "ثم يصير كل واحد منها" أي من هذه الثلاثة "اثنين نظرا إلى اتصاله وانفصاله" يعني أن كل واحد منها إما متصل أو منفصل؛ لأنه إما أن يستقل بنفسه أو لا يستقل، ومعنى الاستقلال أنه لا يحتاج في التلفظ إلى كلمة أخرى قبله فيكون كالتتمة لها، بل هو كالظاهر نحو: أنت، ومعنى عدم الاستقلال أنه يتصل بعامله الذي قبله فيكون كالتتمة لذلك العامل ولبعض حروفه ولا يمكن التلفظ بدونه، نحو: ضربت فالأول المنفصل والثاني المتصل كذا قيل "فاضرب" ذينك "الاثنين في" تلك "الثلاثة حتى يصير" الحاصل من الضرب "ستة" قوله "ثم أخرج" عطف على اضرب فيكون أمرا أيضا من باب الأفعال "المجرور المتصل" من الستة "حتى لا يلزم تقديم المجرور على الجار" هذا هو الدليل المشهور، لكن فيه نظر؛ إذ الانفصال لا يستلزم التقدم والدليل المطابق القياس على المظهر، كما أشار إليه بعض المحققين بقوله: المضمر المتصل جار مجرى المظهر في استقلاله والتلفظ به وحده فيقع مرفوعا ومنصوبا نحو: هو فعل وإياك أكرمت كما يقع المظهر كذلك ولا يقع مجرورا ألبتة، كما لا يقع المظهر المنفصل مجرور؛ إذ لا يمكن انفصال المجرور عن الجار بخلاف المرفوع والمنصوب وإذا أخرجت المجرور المنفصل "فبقي لك" من الستة "خمسة" الأول "مرفوع متصل و" الثاني "مرفوع منفصل و" الثال "منصوب متصل و" الرابع "منصوب منفصل و" الخامس "مجرور متصل ثم انظر إلى" ضمير "المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر نوعا" من أنواع ألفاظ الضمائر "في العقل" لأن المعاني التي عبر عنها بالضمير المرفوع المتصل ثمانية عشر فيعتبر العقل لكل معنى منها ضميرا على حدة بالأصالة "ستة" منها "في الغيبة" لأن الغائب إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الخطاب" لأن المخاطب أيضا إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الحكاية" لأن المتكلم أيضا إما مذكر أو مؤنث، وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع فيصير المجموع ثمانية عشر معنى، فإذا عبر عن كل معنى بضمير على حدة يكون ألفاظ الضمائر أيضا ثمانية عشر "و" لكن "اكتفي" في ستة "من ثمانية عشر معنى بخمسة" من الألفاظ "في الغيبة باشتراك التثنية" الأولى أن يقال باشتراك التثنيتين "لقلة استعمالها" يعني تشترك تثنية الغائب والغائبة في ضمير واحد وهو الألف لا غير اشتراكا لفظيا؛ لقلة استعمال التثنية، نحو: ضربا وضربتا والتاء ليست بضمير، بل حرف التأنيث فقط كذا قرره الفاضل الرضي فظهر بطلان ما قيل من أن المراد من الاشتراك ها هنا الاشتراك
[شرح ديكنقوز]
قل استعماله "وكذلك" اكتفي بخمسة "في المخاطب والمخاطبة" باشتراك التثنية كذلك نحو: ضربتما فيهما "واكتفي في الحكاية بلفظين" أي بلفظ المفرد للمتكلم والمتكلمة وحدهما، نحو: ضربت فيهما وبلفظ الجمع لجماعة المتكلم والمتكلمة مع غيرهما، ولاثنين منهما نحو: ضربنا في جمعهما وتثنيتهما "لأن" الشخص "المتكلم يرى" أي يبصر "في أكثر الأحوال" فيعلم حاله من الذكورة والأنوثة "أو يعلم بالصوت أنه مذكر أو مؤنث" واشتباه الأصوات في غاية القلة فلا اعتداد به فألغى اعتبار التذكير والتأنيث لقلة الفائدة فيه، وأما إلغاء اعتبار التثنية والجمع فلعدم وجود شرطهما وهو اتفاق الاسمين والأسماء في اللفظ؛ لأنه إذا قيل فصل أنتما قلت: يا زيد وأنت يا عمرو وكذا في أنتم قلت: أنت يا زيد وأنت يا عمرو وأنت يا خالد، وأما إذا قلت نحن وأردت المثنى، وقيل لك فصل، قلت: أنا وزيد أو أنا وأنت أو أنا وهو، وكذا إذا أردت المجموع فقيل فصل قلت: عمرو وليس كل أفراده أنا فلما لم يمكنهم إجراء تثنيته وجمعه على ما أجرى عليه سائر المثنى والمجموع ارتجلوا لمثنى صيغة لكونه مقدما وشركوا معه الجمع فيها للأمن من اللبس بسبب القرائن "فبقي لك" بعد الاكتفاءات الثلاث وأسقط الستة من ثمانية عشر وجها في المرفوع المتصل "اثنا عشر نوعا وإذا صار قسم واحد" وهو المرفوع المتصل "من تلك القسمة" أي الأقسام الخمسة أو من تلك الأقسام الخمسة "اثني عشر نوعا فيصير" فلا شك في أنه يصير "كل واحد منها" أي من الأقسام الأربعة الباقية من تلك القسمة، وهي المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل "مثل ذلك" القسم الواحد؛ أعني المرفوع المتصل "فيحصل لك بضرب الخمسة" الباقية من الستة الحاصلة من ضرب الاثنين في الثلاثة "في اثني عشر" الباقية من ثمانية عشر "ستون نوعا" الباقية من تسعين الحاصلة من ضرب ثمانية عشر في خمسة فمنها "اثنا عشر نوعا للمرفوع المتصل نحو ضرب إلى ضربنا" كما مر في أول الفصل، وقد مر أيضا له سكون آخر مثل: ضربنا، وإنما قدم الضمير المرفوع على غيره؛ لأن المرفوع مقدم على غيره وقدم المنصوب على المجرور؛ لأن المنصوب مفعول بلا واسطة والمجرور مفعول بواسطة وقدم متصلى المرفوع والمنصوب على منفصليهما؛ لأن المتصل مقدم على المنفصل لكونه أخصر "و" منها "اثنا عشر نوعا للمرفوع المنفصل نحو هو ضربط" تقول: هو ضرب هما ضرباهم ضربوا هي ضربت هما ضربتا هن ضربن أنت ضربت أنتما ضربتما أنتم ضربتم أنت ضربت أنتما ضربتما أنتن ضربتن أنا ضربت منتهيا "إلى نحن ضربنا"
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
المعنوي لا اللفظي لعدم اشتراك لفظيهما؛ لأن الضمير تثنية المذكر المذكر الألف وحده نحو ضربا وضمير تثنية المؤنث الألف مع التاء نحو ضربتما فافترق الحال في اللفظ إلا أن ضمير منفصلهما هما "وكذا" اكتفي في ستة من المعاني بخمسة من الضمائر "في الخطاب" باشتراك التثنية لقلة استعمالها لها نحو ضربتما "و" اكتفي "في الحكاية بلفظين" من الضمائر في ستة من المعاني أحدهما للمفرد مذكرا كان أو مؤنثا نحو: ضربت والآخر للمثنى والمجموع مذكرين كانا أو مؤنثين نحو ضربنا "لأن المتكلم يرى في أكثر الأحوال" فيعلم أنه مذكر أو مؤنث "أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث" وإن اشتبه في بعض الصور ويعلم أيضا أنه مثنى أو مجموع في أكثر الأحوال فلا حاجة إلى كثرة الأمثلة لقلة الالتباس "فبقي لك" بعد إسقاط من ثمانية عشر "اثنا عشر نوعا" لثمانية عشر معنى "فإذا صار قسم واحد" حاصل "من تلك القسمة" وهو المرفوع المتصل "اثنا عشر" نوعا "فيصير كل واحد" حاصل "منها" أي من تلك القسمة وهو المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنصوب المنفصل والمنصوب المنفصل والمجرور المتصل "مثل ذلك" أي مثل ذلك القسم الواحد وهو المرفوع المتصل؛ أي يصير كل من الأنواع الأربعة الأخرى اثنا عشر أيضا بعين ما ذكره من قلة استعمال التثنية وعدم الالتباس في الحكاية "فيحصل لك بضرب الخمسة" وهي المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل "في اثني عشر" خمسة في الغيبة وخمسة في الخطاب ولفظين في الحكاية "ستون نوعا" لستين معنى "اثنا عشر" من تلك الستين "للمرفوع المتصل نحو ضرب إلى ضربنا" أي ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربنا ضربوا ضربت ضربنا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربت ضربتا الصيغة المذكورة أربعة عشر، لكن الضمير فيها اثنا عشر بسبب اشتراك النيتين كما عرفت "واثنا عشر للمنفصل" المرفوع "نحو هو ضرب إلى نحن ضربنا" أي هو ضرب هما ضرباهم ضربوا هي ضربت هما ضربتا هن ضربن أنت ضربت أنتما ضربتما أنتم ضربتم أنت ضربت أنتما ضربتما أنتن ضربتن أنا ضربت نحو ضربنا. اعلم أن أنا للمتكلم المفرد مذكرا كان أو مؤنثا، وهو عند البصريين همزة ونون مفتوحة والألف يؤتى بها بعد النون في الوقف لبيان فتح النون؛ لأنه لولا الألف لسقطت الفتحة للوقف فيلتبس بأن الحرفية لسكون النون، وقال الكوفيون: إن الألف بعد النون من نفس الكلمة فأجاب عنه البصريون بأن سقوطه في الوصل في الأغلب مع فتح النون أو سكونه يدل على زيادته، وأما نحن للمتكلم مع الغير وهو كالمرفوع المتصل في صلاحيته للمثنى والمجموع مذكرين كانا أو مؤنثين، والدليل عليه ما مر
[شرح ديكنقوز]
وتحريك نون نحن إنما هو للساكن وضمه إما لكونه ضميرا مرفوعا، وإما لدلالته على المجموع الذي حقه الواو "والأصل في" اطراد أمثلة لفظة "هو أن يقال هو هوا هوو" على ما هو مذهب البصريين؛ لأن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة عندهم، وأما عند الكوفيين فللاشباع تقوية للاسم والضمير في هو الهاء وحدها بدليل سقوطها في التثنية والجمع والأول هو الأوجه؛ لأن حرف الاشباع لا يتحرك وأيضا حرف الإشباع لا يثبت في آخر الكلمة إلا لضرورة، وإنما حركت الواو والياء لتصير الكلمة بالفتحة مستقلة حتى يصح كونهما ضميرا منفصلا، إذ لولا الحركة لكانتا كأنهما للإشباع على ما ظن الكوفيون، ولهذا إذا أردت عدم استقلالهما أسكنت الواو والياء نحو إنهو وبهى "لكن جعل الواو ميما في الجمع" وقوله:"لاتحاد مخرجهما" وهو الشفة تعليل للقلب الخاص قدمه على تعليل مطلق القلب؛ أعني قوله: "ولكراهية اجتماع الواوين في الطرف" فإن الواو أثقل حروف العلة فيكون اجتماعهما ثقيلا مع أن اجتماع المجانسين مطلقا ثقيل وخاصة في الضمير؛ لأنه ضعيف بسبب إبهامه نظرا إلى ظاهر قوله جعل الواو ميما، وإلا فاللائق تأخيره "فصار" الجمع بعد الجعل المذكور "همو ثم حذفت الواو كما" أي كحذفها الذي "مر في ضربتمو" في أنه إنما واقع لعدم وجود اسم آخره واو ما قبلها مضموم "وحملت التثنية عليه" أي على الجمع في الجعل في الجعل المذكور، وإن لم يكن علة الجعل موجودة فيها طردا أو مشاكلة "وقيل" إمنا لم يبق الواو على حالها في التثنية "حتى" لا يقع الفتحة على الواو الضعيف وهي وإن كانت خفيفة بالنسبة إلى أختيها إلا أنها في نفسها حركة وهي ثقيلة، وإنما جعل ميما دون غيره لاتحاد مخرجهما مع أنه من حروف الزيادة وهو قوي فالأولى أن "يقع الفتحة على الميم القوي" المتحد المخرج بالواو "وأدخل الميم في أنتما" إذ الأصل أن يقال: أنت أنتا أنتو أنت أنتا أنتن بتخفيف النون "كما" أي كالإدخال الذي "مر في ضربتما" في أنه إنما وقع حتى لا يلتبس ألفه بألف الإشباع في الوقف "وحمل الجمع" للخطاب وهو أنتموا أنتمن "عليه" أي على أنتما في إدخال الميم وإن لم يوجد علة الإدخال فيه وبقي العمل فيهما كما في ضربتم وضربتن "ولا تحذف واو هو" وإن كان في آخر الاسم واو قبلها ضمة
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
المتصل من أن المتكلم يرى في أكثر الأحوال أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث، وتحريك النون لالتقاء الساكنين، وضمه إما لكونه ضميرا مرفوعا، وإما لدلالته على المجموع الذي حقه الواو، وأما أنت إلى أنتن فالضمير عند البصريين أن وأصله أنا وكأن أنا عندهم ضمير صالح لجميع المخاطبين والمتكلم فابتدءوا بالمتكلم، وكان القياس أن يبينوه بالتاء المضمومة نحو أنت إلا أن المتكلم لما كان أصلا جعلوا ترك العلامة له علامة وبينوا المخاطبين بتاء حرفية بعد أن، ومذهب الفراء أن أنت بكماله اسم والتاء من نفس الكلمة، ومذهب بعض الكوفيين وابن كيسان أن الضمير التاء المتصرفة كما كانت عند الاتصال، لكنهم لما أرادوا انفصالها دغموها بأن لتستقل لفظا "والأصل في هو أن يقال" في تثنيته "هوا" وفي جمعه "هووا" كما يقال ضربا ضربوا. اعلم أن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة لا للإشباع عند البصريين؛ لأن حرف الإشباع لا يتحرك، وأيضا لا يثبت حرف الإشباع إلا ضرورة، وأما عند الكوفيين هما للإشباع والضمير الهاء وحدها بدليل التثنية والجمع فإنك تحذفهما فيهما، وأنت تعلم أن ما ذكره البصريون من الدليلين حجة على الكوفيين وحذفهما في التثنية والجمع لا ينافي كونهما من أصل الكلمة، فالقياس عند البصريين أن يقال في التثنية والجمع هوا هووا "ولكن جعل الواو ميما في الجمع لاتحاد مخرجهما" وهو الشفة "واجتماع الواوين" واو الضمير والواو الذي هو جزء الضمير واجتماعهما غير جائز؛ لأن الواو أثقل حروف العلة مع أن الأول مضموم فاجتماعهما في غاية الثقل "فصار همو ثم حذفت الواو لما مر" أي لعلة مذكورة "في ضربتمو" وهو أنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وأسكنت الميم؛ لأن ضمها لأجل الواو فصار هم "وحملت التثنية عليه" في جعل الواو ميما فصارت هما "وقيل" جعلت الواو في التثنية ميما "حتى يقع الفتحة على الميم القوي" لا على الواو الضعيف هذا بيان لما في الكتاب. وقال الفاضل الرضي: وكان القياس في المثنى والمجموع على مذهب البصريين هوما وهيما وهوم وهين فخفف بحذف الواو والياء، والكلام في زيادة الميم وحذف الواو في جمع المذكر وزيادة النونين في جمع المؤنث على ما ذكرنا في المتصل سواء انتهى عبارته؛ يعني زيدت الميم في التثنية لدفع التباس ألف التثنية بألف الإشباع، وفي الجمع لدفع التباس واو الجمع بواو الإشباع، وحذفت واو الجمع في همو؛ لأنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وزيدت في هن نون مشددة لتكون بإزاء الميم واو أو في المذكر فتبصر "وأدخل الميم في أنتما لما مر في ضربتما" يعني أن القياس أيضا في تثنية أنت وجمعه أنتا وأنتو لكن لما التبس ألف التثنية بألف الإشباع في أنتا أدخل الميم فيه لدفع الالتباس، كما في ضربتما فصار أنتما وعلة تعيين الميم بالزياد لدفع الالتباس قد مرت "وحمل الجمع عليه" في زيادة الميم فصار أنتموا فحذفت الواو لما مر وأسكنت الميم فصار أنتم "ولا تحذف واو هو" مع أن القياس الحذف؛ لأنه اسم آخره واو ما قبلها مضموم.
[شرح ديكنقوز]
"لقلة حروفه من القدر الصالح" أي من المقدار الذي يصلح أن يكون ذلك المقدار كلمة وهو ثلاثة أحرف؛ حرف للابتداء به، وحرف للوقف عليه، وحرف للتوسط بينهما "وتحذف واو هو" جواز "إذا تعانق " هو "بشيء آخر" أي اتصل بأوله شيء آخر اتصال تعانق حتى يكون كجزء منه وعاملا فيه ويوجب كونه ضميرا متصلا من مضاف، نحو: غلامه أو حرف جر، نحو: له أو فعل، نحو: ضربه، وإنما قال: إذا تعانق ولم يقل إذا اتصل لئلا يرد عليه نحو "لهو البلاء، ولهي الحيوان" فإن اللام فيهما ليست بمعانقة معهما على ما فسرنا التعانق "لحصول كثرة الحروف بالمعانقة مع وقوع الواو في الطرف" وقبله ضمة، ولذلك لا تحذف ياء هو وإن تعانق بشيء آخر، بل تقلب ألفا كما يجيء "و" حينئذ "يبقى الهاء مضموما على حاله" قبل حذف الواو إن لم يمنع منه مانع "نحو له" وجاءني غلامه وضربه. واعلم أنهم لما أرادوا وضع المتصل الغائب في الضمير المنصوب اختصروه بفرديه من المرفوع المنفصل الغائب على ما هو مقتضى وضع المتصل فحذفوا حركة الواو والياء من هو وهي، ثم إذا اتصل بشيء فلا يخلو من أن يكون ما قبل الهاء متحركا أو ساكنا؛ فإن كان ساكنا فالجمهور على حذف الواو سواء كان الساكن حرف لين كعليه أو غيره كمنه؛ لأن الهاء حرف خفي فكأنه التقى ساكنان وابن كثير يثبت الواو والياء المنقلبة منه نحو عليهي ومنهو فكأنه نظر إلى وجود الهاء وإن كان متحركا يثبت الواو والياء المقلوبة منه نحو بهى ولهو وضربه؛ لأن الواو في حكم المعدوم بسبب إسكانه؛ لأن الحرف الذي أسكن كالميت فصار كأنه لم يوجد في آخر الاسم واو ولا يرد واو ضربتمو إذ هو ساكن من الأصل، وأما عدم ثبوتهما في الخط حينئذ فللحمل على ما سكن قبل الهاء فيه وبنو عقيل وكلاب يجوزون حذف الواو والياء حال الاختيار مع إبقاء ضمة الهاء وكسرتها نحو به وغلامه حملا له على الساكن فقوله: ويحذف إذا تعانق إلخ، إما إشارة إلى مذهب الجمهور في الساكن وإلى لغة بني لغة بني عقيل وكلاب في المتحرك أو المراد به الحذف من اللفظ في الكل والواو الثابت في المتحرك حينئذ يكون من إشباع الحركة لتحسين اللفظ بعد حذف الواو للعلة المذكورة، وأما إرادة الحذف من الخط فيأباه سياق الكلام "ويكسر الهاء" بعد حذف الواو من هو "إذا كان ما قبله" أي الهاء "مكسورا أو ياء ساكنة حتى لا يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية والتقديرية "إلى الضمة" التحقيقية وهو ثقيل بالوجدان "نحو" عبد "غلامه" فيما كان ما قبله مكسورا "وفيه" فيما كان قبله ياء ساكنة وعليه ولديه وأشباهها وأما ضم الهاء في "وما أنسانيه، وعليه الله" على قراءة عاصم في رواية حفص فلعله على لغة أهل الحجاز فإنهم يبقون ضمة الهاء على الأصل وإن كان ما قبلها ياء أو كسرة نحو بهو ولد يهو، وأما حذف الواو فيهما فلعله على مذهب الجمهور أو نقول لعل ضم الهاء فيهما للحمل على نحو منه "ويجعل ياء هي ألفا" فيصير هاء مع أن الأصل على ما هو مذهب البصريين أن يقال: هي هياهين ويجعل كسرة ما قبلها فتحة للألف إذا تعانق بشيء آخر نحو بها حتى لا يلتبس المؤنس بالذكر؛ لأن ضمير المذكر إذا ولي الياء أو الكسرة قلبت واوه؛ لأن الهاء حرف خفى فهو إذا حاجز غير حصين، وكأن الواو الساكنة وليت الكسرة أو الياء فقلبت ياء وكسرت الهاء لأجل الياء بعدها، فلو لم تقلب ياء هي ألفا لالتبس المؤنث بالمذكر في مثل: بهي وجعل في غيره ألفا أيضا طردا للباب نحو: لها، وإذا لم يكن ما قبل الهاء ياء أو كسرة فهو مضموم على
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"لقلة حروفه من القدر الصالح" أي من المقدار الذي يحتاج إليه في الكلمة وهو ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما "ويحذف" واو هو "إذا تعانق" أي اتصل "بشيء آخر" قبله سواء كان فعلا نحو: ضربه أو اسما نحو غلامه أو حرفا نحو به "لحصول كثرة الحروف بالمعانقة مع وقوع الواو على الطرف وتبقى الهاء مضموما على حاله نحو: له" بالاتفاق "إذا لم يكن ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة" إلا ما حكى أبو علي أن ناسا من بكر بن وائل يكسرونها في الواحد والمثنى والجمعين، نحو: منه منهما منهم منهن؛ إتباعا لحركة الميم وعدوا الحاجز غير حصين لسكونه "وتكسر الهاء" بعد حذف الواو منه "إذا كان ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة حتى لا يلزم الخروج من الكسرة" أي التحقيقية في الأول ومن التقديرية في الثاني "إلى الضمة" التحقيقي "في" نحو عبد "غلامه وفيه" هذا عند غير أهل الحجاز، وأما هم فيبقون ضمتهما على أصلها كأن يبقون في غير هذين الصورتين، ويقولون بهن واليهو وعليهو بالإشباع وبغيره وعليه قراءة من قرأ "ومن أوفى بما عاهد عليه الله وهو" أي حذف الواو من هو إذا تعانق بشيء مطرد" عند جميع الألفاظ إلا في لام الابتداء والفاء، نحو: لهو وفهو وتسكين الهاء فيهما للتخفيف جائز كثيرا كما يجوز بعد الواو "نحو وهو وإن جاز ضمها في هذه الثلاثة، ولعل السر في عدم حذف الواو فيهما أنه لما أسكن الهاء حصل التخفيف في الكلمة فلم يحتج إلى حذف الواو تخفيفا "وتجعل ياء هي ألفا" أي عند التعانق والاتصال؛ لأنه لو حذف التبس بضمير المذكر وهو ظاهر، ولو بقي على أصله التبس بالمذكر أيضا؛ لأن ضميره إذا وفى الكسر قلبت واوه ياء في بعض اللغة، نحو: بهي، فلا جرم تجعل ألفا لخفته ويفتح الهاء لأجله
[شرح ديكنقوز]
ما كان عليه نحو له ومنه وغلامه وضربه "كما تجعل الياء" المتطرفة حقيقة أو حكما المكسور ما قبلهما ألفا للتخفيف "في يا غلامي" ويقال: "يا غلاما وفي يا بادية يا باداة" وغير الأسلوب في بادية حيث ذكر لفظة نحو إشارة إلى أن الياء فيه متطرفة حكما "وتجعل ياء هي ميما في التثنية" أي في تثنية هي ويجعل كسرة الهاء ضمة إتباعا للميم كما مر في ضربتما؛ يعني لم يترك الياء على حالها "حتى لا تقع الفتحة على الياء الضعيف مع ضعفها" أي مع بقاء ضعف الياء وعدم عروض القوة لها بأن أسكن ما قبلها كظبي وخصت الميم إتباعا لمذكره "وشدد نون هن"؛ لأن أصله همن "كما مر" من أن الأصل "في ضربتن" ضربتمن "واثنا عشر" نوعا من تلك الأنواع الستين "للمنصوب المتصل نحو ضربه" تقول ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربك ضربكما ضربك ضربكما ضربكن ضربني منتهيا "إلى ضربنا" إلى آخرها على الفتحة لانتفاء علة الإسكان لما ذكر في ضربك "ولا يجوز فيه" أي في الضمير المتصل "اجتماع ضميري الفاعل والمفعول" أي ضميرين متصلين متحدين في المعنى "في مثل ضربتك" بفتح التاء "و" في مثل "ضربتني" بضم التاء؛ أي لا يجوز أن يقال: ضربتك وضربتني "حتى لا يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا" به "في حالة واحدة" بل لو أريد ذلك يقال ضربت نفسك وضربت نفسي؛ فإن النفس بإضافتها إلى الضمير صارت كأنها غيره لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه بخلاف مثل: ضربتك فإن الضميرين فيه متفقان معنى ومن حيث إن كل واحد منهما ضمير متصل "إلا" أي لكن يجوز ذلك الاجتماع "في أفعال القلوب نحو علمتك" بفتح التاء "فاضلا وعلمتني" بضم التاء "فاضلا؛ لأن المفعول الأول ليس بمفعول في الحقيقة"؛ لأن المفعول الذي تعلق به العلم في الواقع هو المفعول الثاني فذكر
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
نحو بها "كما تجعل" الياء "في" مثل "يا غلامي" ألفا لخفته فيقال: "يا غلاما و" تجعل "في نحو يا بادية" ألفا لخفته فيقال "يا باداة وتجعل ياء هي ميما في التثنية" يعني القياس أن يقال هيا لكن أبدلت من الياء ميم "حتى لا تقع الفتحة على الياء على الضعيف مع ضعفها" أي مع ضعف الفتحة وضمت الهاء لأجل الميم فصارت هما "وشدد نون هن كما مر في ضربتن" فيقال: ها هنا أصل هن همن فأدغم الميم في النون لقرب الميم من النون فصار هن. ولما فرغ من الضمير المرفوع متصلا أو منفصلا شرع في المنصوب فبدأ بمتصله فقال: "واثنا عشر للمنصوب المتصل" أي اثنا عشر لفظا لثمانية عشر معنى كما في المرفوع، وإنما قدم المنصوب على المجرور؛ لأن النصب علامة المفعول بلا واسطة والجر علامته بواسطة "نحو ضربه إلى ضربنا" أي ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربني ضربنا فالصيغة المذكورة أربعة عشر والضمير اثنا عشر بسبب اشتراك التثنيتين كما مر في المرفوع وقس عليه التثنية، نحو: ضرباه ضرباهما ضرباهم إلخ، والجمع نحو ضربوه ضربوهما ضربوهم وقس على الماضي المضارع نحو يضربه ويضرباه ويضربوه "ولا يجوز فيه" أي في المنصوب المتصل "اجتماع ضميري الفاعل والمفعول في" مثل "ضربتك" بفتح الكاف والتاء أو بكسرهما "وضربتني" بضم التاء يعني لا يجوز أن يكون فاعل ومفعوله ضميرين لشخص واحد "حتى لا يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة" وفي هذا الدليل نظر إذ يجوز أن يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة لجواز أن يقال ضربت نفسك وضربت نفسي، والصواب ما ذكره الفاضل الرضي؛ وهو أنه لا يجوز اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لشيء واحد في غير أفعال القلوب؛ لأن أصل الفاعل أن يكون مؤثرا والمفعول متأثرا منه، وأصل المؤثر أن يغاير المتأثر، فإن اتحدا معنى كره اتفاقهما لفظا فلهذا لا يقول: ضرب زيد زيدا وأنت تريد ضرب زيد نفسه فلم يقولوا ضربتني ولا ضربتك وإن تخالفا لفظا الضميريين لاتحادهما معنى ولاتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فصدوا مع اتحادهما معنى تغايرهما لفظا بقدر الإمكان، فقالوا: ضرب زيد نفسه وضربت نفسي وضربت؛ لأنه صار النفس بإضافته إلى الضمير فيها كأنه غير لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه "إلا في أفعال القلوب" وهي سبعة بالاستقراء، نحو: علمت ورأيت ووجدت وظننت وحسبت وخلت وزعمت، وإنما سميت بها؛ لأن الثلاثة الأول لليقين والباقي للشك وكل منهما فعل القلب "نحو علمتك" بفتح التاء والكاف "فاضلا وعلمتني" بضم التاء "فاضلا" فجاز فيهما اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لشخص واحد "لأن المفعول الأول" وحده وكذا الثاني وحده "ليس بمفعول في الحقيقة" وإن كان مفعولا في الظاهر؛ إذ المفعول في الحقيقة مضمون الجملة لتعلق معنى الفعل به، فإنك إذا قلت: علمت زيدا فاضلا، فمتعلق علمك ليس زيدا وحده ولا فاضلا وحده، بل هو زيد من حيث إنه فاضل، وهذا معنى قولهم وضع أفعال القلوب لمعرفة الشيء بصفته فلما لم يكن الضمير الأول وحده ولا الثاني وحده مفعولا حقيقة جاز اتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فقوله: إلا في أفعال القلوب استثناء متصل من قوله: ولا يجوز ضميري الفاعل والمفعول بحسب الظاهر لا بحسب الحقيقة تدبر ومما حققناه من المفعول في الحقيقة مضمون الجملة إلخ، ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن تعلق أفعال القلوب في الحقيقة بالمفعول الثاني لا بالمفعول الأول فكأن الأول غير موجود؛ لأنك إذا قلت: ظننت زيدا قائما فالمظنون هو القيام لا ذات زيد
[شرح ديكنقوز]
الأول إنما هو ليترتب الثاني عليه فلم يؤد الجمع بينهما إلى مكروه؛ لأنهما ليسا في نفس الأمر فاعلا ومفعولا "ولهذا" أي لأجل أن الأول ليس بمفعول في الحقيقة "قيل في تقديره" أي تقدير ما ذكر من علمتك فاضلا "علمت فضلك و" من علمتني" فاضلا "علمت فضلى" فيظهر بهذا التقدير أن الأول ليس بمفعول حقيقة "واثنا عشر" منها "للمنصوب المنفصل نحو إياه ضرب" تقول: إياه ضرب إياهما ضربا إياهم ضربوا إياها ضربت إياهما ضربتا إياهن ضربن إياك ضربت إياكما ضربتما إياكم ضربتم إياك ضربت إياكما ضربتما إياكن ضربتن إياي ضربت منتهيا "إلى إيانا ضربنا و" منها "اثنا عشر نوعا للمحرر المتصل نحو ضاربه" تقول ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكما ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني منتهيا "إلى ضاربنا" ولفظ المجرور كلفظ المنصوب المتصل وذلك بحمله عليه، وإنما حمل عليه؛ لأن المجرور مفعول أيضا لكن بواسطة، وإنما حمل على المتصل؛ لأن المجرور يجب أن يكون متصلا "وفي مثل ضاربي" أي في الجمع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم "جعل الواو ياء"؛ لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وكانت الأولى ساكنة قلبت الواو ياء؛ لأن مخرجي الواو والياء وإن تباعدا لكنهما يجريان مجرى المثلين لما فيهما من المد وسعة المخرج فكرهوا اجتماعهما كما كرهوا اجتماع المثلين، فقلبوا الواو ياء وأدغموها في الياء، وقيل: إنما قلبوا الواو ياء؛ لأنه لا يخلو من أن يكون الواو هي الأخيرة أو هي الأولى؛ فإن كانت الأولى فإنهم استثقلوا الخروج من واو لازمة إلى ياء لازمة؛ لأنه أثقل من الخروج من ضم لازم إلى كسر لازم، وهذا الخروج مستثقل فكيف بالخروج الأول، وإن كانت الأخيرة فإنهم استثقلوا الخروج من ياء لازمة إلى واو لازمة؛ لأنه أثقل من الخروج من كسر لازم إلى ضم لازم وهذا ثقيل، فكيف بالأول، وإنما اشترط أن تكون الأولى ساكنة ليمكن الإدغام وإنما جعل الانقلاب إلى الياء؛ لأنها أخف، وقيل: لأن الإدغام في حروف الفم أقوى لكثرتها، والواو من حروف الشفة وهي قليلة والإدغام فيها ضعيف "ثم أدغم" الياء المنقلبة في ياء المتكلم للجنسية ثم كسر ما قبل الياء لأجل الياء "كما" أي كالجعل والإدغام اللذين وقعا "في مهدي مهدوي" جعل الواو ياء ثم أدغم وكسر
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ولهذا" أي ولأجل أن المفعول الأول وكذا الثاني ليس بمفعول في الحقيقة "قيل في تقدير" كل واحد من المثالين "علمت" بفتح التاء "فضلك" بجعل المفعولين مفعولا واحدا مضافا أحدهما إلى الآخر "و" كذا في "علمت فضلى" بضم التاء ومن المنصوب المتصل ما يتصل بإن وسائر الحروف النواصب، نحو: إنه إنهما إنهم إنها إنهما إنهن إنك إنكما إنكم إنك إنكما إنكن إنني "واثنا عشر" لفظا لثمانية عشر معنى "للمنصوب المنفصل، نحو: إياه ضرب إلى إيانا ضربنا" أي إياه ضرب إياهما إياهم ضربوا إياها ضربت إياهما ضربتما إياهن ضربن إياك ضربت إياكما ضربتما إياككم ضربتم إياك ضربت إياكما ضربتما إياكن ضربتن إياي ضربت إيانا ضربنا. اعلم أنهم اختلفوا في الضمير المنصوب المتصل، فقال سيبويه: إن الضمير هو إيا وما يتصل به بعده حرف يتبدل على حسب أحوال المرفوع إليه من التكلم والغيبة والخطاب؛ لكون إيا مشتركا كما هو مذهب البصريين في التاء التي بعد أن في أنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن كما مر. وقال الزجاج والسيرافي: إيا اسم ظاهر مضاف إلى المضمرات فكان إياك بمعنى نفسك، وقال قوم من الكوفيين: إياك وإياه وإياي أسماء بكمالها، وهو ضعيف؛ إذ ليس في الأسماء الظاهرة ولا المضمرات ما يختلف آخره كافا وهاء وياء. وقال بعض الكوفيين وابن كيسان من البصريين: إن الضمائر هي اللاحقة من الكاف والهاء والياء كما كانت عند الاتصال لكن لما أرادوا انفصالها دغموها بابا لتستقل لفظا، كما قالوا في أنت: إن الضمير التاء المتصرفة ولفظ أن دعامة لها. قال الفاضل الرضي: وما أرى هذا القول بعيدا من الصواب في الموضعين هذا كله بكسر همزة إيا وقد تفتح، وقد تبدل هاء مفتوحة ومكسورة، نحو: هياك، وفي الضمير المنصوب المنفصل أقوال أخر غير ما ذكرنا تركتها لئلا يطول الكلام. ولما فرغ من المنصوب متصلا ومنفصلا شرع في المجرور فقال:"واثنا عشر" لفظا لثمانية عشر معنى "للمجرور والمتصل نحو ضاربه إلى ضاربنا" أي ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني ضاربنا وقس عليه تثنية المضاف نحو ضارباه ضارباهما ضارباهم إلى ضاربانا وجمعه، نحو: ضاربوه ضاربوهما ضاربوهم إلى ضاربونا. واعلم أن الضمير المجرور المتصل على ضربين ضرب بالإضافة كما ذكره المصنف وضرب بالحروف الجارة نحو به بهما إلى بنا وعليه وعليهما وإليه وإليهما "جعل الواو ياء ثم أدغم" الياء في الياء وكسر ما قبله لأجله فصار ضاربي بكسر الياء وفتحها "كما" جعل الواو ياء في "مهدي" لتلك العلة "أصله مهدوي" بوزن مضروب. ولما فرع من بيان أبنية الضمائر وتعداد أمثلتها بأنواعها الخمسة التي ترتقي جملتها إلى ستين نوعا شرع فيما يستتر منها وفي مواضع استتارها فقال:
[شرح ديكنقوز]
ما قبل الياء لما ذكر "والمرفوع المتصل يستتر في خمسة مواضع" جوازا في بعضها ووجوبا في بعضها، وقوله:"في الغائب" بدل من قوله: في خمسة لا غير وكذا المعطوفات؛ أي يستتر الضمير المتصل جوازا في الغائب المفرد من الماضي "نحو" زيد "ضربت" وفي المضارع نحو زيد "يضرب و" في الأمر نحو زيد لـ "يضرب و" في النهي نحو زيد "لا يضرب و" يستتر جوازا أيضا "في الغائبة" المفردة ماضيا "نحو" هند "ضربت و" مضارعا نحو هند "تضرب و" أمرا نحو هند "لتضرب و" نهيا نحو هند "لا تضرب و" يستتر وجوبا "في المخاطب" المفرد "الذي في غير الماضي" مضارعا "نحو" أنت "تضرب و" نهيا نحو أنت "لا تضرب" وإنما قيد بقوله في غير الماضي؛ لأنه لا يستتر في خطاب الماضي مطلقا كما يجيء، وأما في المخاطبة المفردة من غير الماضي ففيها خلاف فعند بعضهم يستتر فيها، وإليه الإشارة بقوله:"وياء تضربين علامة الخطاب وفاعله مستتر فيه عند" أبي الحسن "الأخفش" إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها أو استنكار الكون ضمير المفرد؛ أعني الياء أثقل من ضمير المثنى أعني الألف مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف، ويرد على قول الأخفش اجتماع علامتي الخطاب، اللهم إلا أن يقال: إن التاء تجردت للتأنيث كاللام في يا ألله فإنها مجردة للتعويض "وعند العامة" أي الجمهور "هي" أي ياء تضربين "ضمير بارز للفاعل" ولا مستتر فيه "كواو يضربون"؛ لأنه ضمير بارز ولا مستتر فيه وعلامة التأنيث والخطاب فيه عندهم هو الياء "وعين الياء" للفاعل "في تضربين للتأنيث" عندهم مع أن القياس أن يعين التاء له إلا أن علامة الخطاب في أوله؛ أعني التاء منعت من زيادة تاء أخرى "لمجيئه في هذي أمة الله للتأنيث" سواء كانت صيغة موضوعة للتأنيث أو كانت الياء بدلا عن الهاء في هذه "ولم يزد في تضربين" للفاعل بدل الياء "من حروف أنت" بكسر التاء مع أن القياس أن يزاد من حروفه؛ لأنه المضمر تحته "للالتباس بالتثنية في زيادة الألف" منها "واجتماع النونين" بغير فاصل "في زيادة النون" منها "وتكرار التاءين في زيادة التاء" منها "وإبراز الياء" في تضربين ولم يستتر "للفرق بينه" أي تضربين "وبين جمعه" وهو تضربن؛ إذ لو استتر الياء وقيل تضربن في المفردة والمخاطبة التبس بتضربن جمع للمخاطبة "ولم يفرق" بينه وبين جمعه "بحركة ما قبل النون" في تضربين على تقدير الاستتار وسكونه في الجمع "حتى لا يلتبس" نونه
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
والمرفوع المتصل يستتر في خمسة مواضع" سيجيء علة استتار المرفوع المتصل في هذه المواضع الخمسة، وعلة عدم استتار المنصوب والمجرور؛ أما عدم استتار المرفوع فلمنافاة الاستتار الانفصال، ومما يجب أن يعلم أن الأصل في الضمائر المرفوعة المتصلة الاستتار؛ لأنه أخصر ثم الإبراز عنه خوف اللبس بالاستتار لكونه أخصر من الانفصال قوله: "في الغائب" مع ما عطف عليه بدل من قوله: في خمسة مواضع؛ أي يستتر الضمير المرفوع المتصل في الغائب المفرد دون مثناة وجمعه ماضيا كان أو مضارعا مثبتا كان أو منفيا "نحو" زيد "ضرب ويضرب وليضرب ولا يضرب" وكذا لم يضرب ولن يضرب "و" في "الغائبة" المفردة ماضيا كان أو مضارعا "نحو" هند "ضربت وتضرب ولتضرب و" كذا "لا تضرب" ولم تضرب ولن تضرب "وفي المخاطب" المفرد "الذي في غير الماضي" مستقبلا كان أوامر أو نهيا، وإنما قال في غير الماضي؛ لأن المخاطب في الماضي لا يستتر فيه الضمير، بل يكون بارزا مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا "نحو" أنت "تضرب واضرب ولا تضرب" وكذا لم تضرب ولن تضرب "وياء تضربين علامة الخطاب" فقط لا فاعل "وفاعلة مستتر" استتارا لازما "عند الأخمش" إما لاجراء مفردات المضارع مجرى واحد في عدم إبراز ضميرها، وإما لئلا يلزم أن يكون ضمير المفرد أثقل من ضمير المثنى مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف "وعند العامة" أي جمهور أهل العربية "هي" أي ياء تضربين "ضمير بارز" وفاعل "الفعل كواو يضربون" فالتاء علامة الخطاب عندهم، وأما عند الأخفش فيجوز أن يكون علامة التأنيث فقط فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده واعلم أن ما نقله المصنف عن الأخفش غير مطابق لمذهبه؛ إذ الياء في تضربين عنده علامة التأنيث لا علامة الخطاب؛ إذ علامة الخطاب التاء، قال الفاضل الرضي: قال الأخفش: إن الياء في تضربين ليس بضمير، بل حرف تأنيث كما قيل في هذي "وعين الياء في تضربين" عند العامة للفاعل "لمجيئه في هذي" أي لمجيء الياء في هذي "أمة الله للتأنيث" أي علامة له فقط فلما احتيج إلى إبراز ضمير المؤنث ناسب إبراز ما كان علامة للتأنيث في الأصل واعترض عليه بأن الياء يجوز أن يكون بدلا من الهاء في هذي فلا يكون حينئذ للتأنيث ورد بأنه لا يضر كونه للتأنيث أن يكون بدلا من الهاء؛ إذ يكفي مجرد كونه علامة التأنيث أصيلا كان أو مبدلا، وأقول في هذا الجواب نظر؛ إذ الياء على تقدير كونه مبدلا من هاء هذه لا يدل على التأنيث، بل الدال عليه حينئذ هذي بصيغة كهذه فافهم "ولم يزد في تضربين من حروف أنت" بكسر التاء مع أن المناسب أن يزاد منه لدلالته على المخاطبة "للالتباس" في زيادة الألف "بالتثنية واجتماع النونين في" زيادة "النون وتكرار التاءين في" زيادة "التاء وإبراز الياء" في تضربين ولم يستغرق للفرق "بينه وبين جمعه" وهو تضربن "ولم يفرق" بينهما "بحركة ما قبل النون" في تضربين على تقدير استتار الياء وسكونه في الجمع "حتى لا يلتبس" أي تضربين
[شرح ديكنقوز]
الذي هو الإعراب "بالنون الثقيلة" أو هو بالمذكر المؤكد بالنون الثقيلة "في الصورة" وإن لم يلتبس حقيقة إذ أحد النونين مخفف والآخر مشدد أو إحدى الكلمتين ملتبسة بالنون المخففة والأخرى بالثقيلة "ولا" يفرق أيضا "بحذف النون" من تضربين "حتى لا يلتبس بالمذكر" المخاطب خصه بالذكر وإن كان الالتباس بالمؤنث الغائبة حاصلا لمناسبة المؤنث المخاطبة وبالمذكر المخاطب في الخطاب ومناسبتها بالمؤنث الغائبة في التأنيث وإن كانت حاصلة إلا أن البحث لما كان في الخطاب اعتبر الالتباس بالمذكر والمخاطبة "و" يستتر الضمير المتصل وجوبا "في المضارع المتكلم" مطلقا "نحو" أنا "أضرب" في المتكلم وحده "و" نحن "نضرب" في المتكلم مع غيره "و" يستتر جوازا "في الصفة" مطلقا "نحو" أنا أو أنت أو هو "ضارب" أو نحن أو أنتما أو هما "ضاربان" أو نحن أو أنتم أو هم "ضاربون إلى آخره" أي أنا أو أنت أو هي ضاربة ونحن أو أنتما أو هما ضاربتان ونحن أو أنتن أو هن ضاربات "استتر" أي وقع الاستتار "في" الضمير "المرفوع دون المنصوب والمجرور؛ لأنه" أي المرفوع "بمنزلة جزء الفعل"؛ لأنه فاعل فجوزوا في باب الضمائر المتصلة التي وضعها للاختصار استتار الفاعل؛ لأن الفاعل وخاصة الضمير المتصل كجزء الفعل كما مر، فاكتفوا بلفظ الفعل كما يحذف من آخره الكلمة المشتهرة بشيء ويكون فيما أبقى دليل على ما أبقى كما في الترخيم، وليس المراد أن الدال على الفاعل هو الفعل، وإلا لزم أن يكون نحو: ضرب فعلا واسما؛ لأنه حينئذ كما دل على حدث مقترن بالزمان كذلك دل على ذات الفاعل غير مقترن بالزمان، فاشتمل على حقيقة الفعل والاسم وهما متضادان، بل المراد أن الدال على الفاعل هو ذلك الضمير إلا أنه استتر ولم يتلفظ به اكتفاء عنه في اللفظ بلفظ الفعل، وليس المراد أيضا من قولهم: إن الفاعل في زيد ضرب هو هو أن المقدر ذلك المصرح به؛ لأنه لا بد أن يكون ضمير المفرد أقل من ضمير المثنى مع أن لفظة هو أكثر من ألف الضمير في ضربا، وأيضا لو كان المنوي هو هو المصرح به لزم أن لا يجوز الفصل بين الفعل وبينه مع أن ذلك جائز، نحو: ما ضرب إلا هو، وإنما قالوا ذلك تجوزا منهم لضيق العبارة عليهم في ذلك؛ لأنه لم يوضع للضمير المستتر لفظ فعبر عنه بلفظ المرفوع المنفصل لكونه مرفوعا مثل المقدر
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"بالنون الثقيلة" حق العبارة أن يقال بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة لكنه تسامح بناء على ظهور المراد "في الصورة" أي في صورة الكتابة لا في التلفظ؛ لأن النون الثقيلة التي تدخل المخاطب مشددة ونون المخاطبة مخففة قوله: "ولا بحذف النون" عطف على قوله: بحركة ما قبل النون، ولفظة لا زائدة لتأكيد النفي؛ أي لم يفرق بينه وبين جمعه على تقدير استتار الياء بحذف النون من المفرد حتى لا يلتبس المخاطبة "بالمذكر" المخاطب؛ فإنك إذا قلت: تضرب لم يعلم أنه مخاطب مفرد أو مخاطبة مفردة، وأيضا يلتبس بالغائبة المفردة، لكنه صرح بالمذكر للمناسبة الخطابية بينهما لنفي ما عداه مع أن المقصود يتم به "وفي المضارع المتكلم" سواء كان وحده أو مع غيره "نحو" أنا "أضرب و" نحن "نضرب" وكذا لم أضرب ولن أضرب ولا أضرب ولم أضرب ولن تضرب ولا نضرب "وفي الصفة" المراد بالصفة ها هنا ما يكون اسما مشتقا وهو أربعة اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل، وإنما سميت صفة لدلالتها على اتصاف الذات بالمصدر، فإن معنى قولك: ضارب مثلا ذات متصف بالضرب؛ يعني يستتر الضمير في الصفة مفردا كان أو مثنى أو مجموعا، مذكرا كان أو مؤنثا "نحو" زيد "ضارب و" زيدان "ضاربان و" زيدون "ضاربون" وهند ضاربة وهندان ضاربتان وهندات ضاربات، وقس عليه سائر الصفات، قال بعض المحققين: وإنما استتر في الصفات؛ لأنها غير عريقة في اقتضاء الفاعل، بل اقتضاؤها له لمشابهتها الفعل فلم يظهر فيها ضمير الفاعل، وقال بعضهم: إنما استتر في الصفات؛ لأن الألف والواو في التثنية والجمع ليسا بضمير كما يجيء، فلو برز الألف في التثنية والواو في الجمع يلزم اجتماع الألفين والواوين فاستتر الألف في المثنى والواو في الجمع المذكورين وكذا استتر النون في ضاربات ومضروبات تبعا للمذكر؛ إذ هو الأصل فإذا استتر في المثنى والجمع كان الاستتار في المفرد أجدر وأولى فيلزم الاستتار في الكل فلا ترى ضميرا بارزا في الصفات وهو المطلوب" ومما يجب أن يعلم أن الصفات كالجوامد الخالية عن الضمير من حيث إنها لا تتغير عند تبديل ضمائرها غيبة وخطابا وتكلما فالمستتر فيه جاز أن يكون غائبا ومخاطبا ومتكلما، فيجوز أن يقال: زيد ضارب وأنت ضارب وأنا ضارب وكذا في التثنية والجمع، فإن قلت: لِمَ لَمْ يذكر المصنف الظروف والجار والمجرور وأسماء الأفعال مع أن الضمير المرفوع المتصل يستتر فيها؟ قلت: إنما لم يذكرها؛ لأن نظره مقصور على المشتقات كما أشرنا إليه في صدر الكتاب، وهذه الثلاثة ليست منها "واستتر في المرفوع" أي وقع الاستتار في الضمير المرفوع "دون" الضمير "المنصوب والمجرور؛ لأنه بمنزلة جزء الفعل" يعني لا يستتر من المضمرات إلا المرفوع؛ لأن المنصوب والمجرور فضلة في الكلام فإنهما مفعولان والمرفوع فاعل، والفاعل كالجزء من الفعل كما مر فيكون أشد اتصالا وامتزاجا فاستتر هو دونهما. ولما فرغ من تعداد مواضع استتار المرفوع المتصل شرع في بيان علة استتارة في تلك المواضع فقال:
[شرح ديكنقوز]
"واستتر في الغائب" المفرد "والغائبة" المفردة "دون التثنية والجمع" منهما؛ لأنه لو استتر فيهما أيضا أو لم يستتر في المفردين أيضا يلزم الالتباس، ويفهم هذا من بيان رجحان الاستتار في الغائب والغائبة، واختص الاستتار بالمفرد "لأن الاستتار خفيف" وذلك ظاهر "فإعطاء الخفيف للمفرد السابق" لكثرة الاستعمال "أولى دون المتكلم" وحده أو مع غيره "و" دون "المخاطب اللذين في الماضي؛ لأن الاستتار" حالة "قرينة" أي مقرونة بالفعل ودالة على وجوده، فإن أحد المقارنين يلزمه الدلالة على وجود الآخر ولذلك سمى الدلالة قرينة، وهي من عداد الأسماء ولذلك دخلتها التاء لكنها "ضعيفة والإبراز قرينة" دالة عليه "قوية"؛ لأن الأصل كون الفاعل ظاهرا والبارز إنما هو نائب عنه ودال على وجود الفاعل دلالة قوية؛ لأنه قريب من الظاهر من حيث كونه ملفوظا والمستتر نائب عن البارز ودال على الفاعل دلالة ضعيفة؛ إذ لا يشارك الظاهر بوجه "فاعطاء الإبراز القوي للمتكلم القوي" لكونه مبدأ الكلام "والمخاطب القوي" لكونه منتهي الكلام "أولى" من إعطائه الغائب الضعيف الذي لا دخل له في تحصيل الكلام قوله في الغائب حاصل المعنيين الإفراد والغيبة، وقوله دون التثنية والجمع ناظر إلى الأول، وقوله دون المتكلم والمخاطب ناظر إلى الثاني وبدل من دون التثنية والجمع قيل: إنما استتر في الغائب والغائبة دون المتكلم والمخاطب اللذين في الماضي؛ لأنه لما كان مفسرهما لفظا متقدما في الأصل دون المتكلم والمخاطب أريد أن يكون ضمير الغائب أخصر من ضمير بهما فحذف اللفظ من المفرد؛ إذ لا أخف من المحذوف "واستتر في مخاطب المستقبل" المفرد المذكر "ومتكلمه" مطلقا، وإنما ذكر الاستتار فيهما، وإن كان حكمها مفهوما مما سبق من القيد بيانا لعلته وهي قوله:"للفرق" بينهما؛ أي في الماضي وبينهما؛ أي في المستقبل ولم يعكس؛ لأن الماضي أصل والإبراز قوي فأخذه، ولما ذكر عدم الاستتار في المخاطبة فيما يبق وبين سببه هناك لم يتعرض له هنا ولما ذكر أن وقوع الاستتار في بعضهما هو عريق أي أصل في اقتضاء الفاعل أعني الفعل وبين أن سبب الاستتار فيه ضعيف علم بالطريق الأولى أنه يقع الاستتار في الصفة التي هي أضعف من الفعل، وأنها غير عريقة في اقتضاء الفاعل، بل اقتضاؤها إنما هو لمشابهتها الفعل فلم يحتج إلى بيان سبب الاستتار فيها فلذلك لم يذكره "وقيل يستتر في هذه المواضع"
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"واستتر في الغائب والغائبة" أي استتر المرفوع في الغائب المفرد ماضيا كان أو مضارعا، نحو: ضرب ويضرب والغائبة المفردة ماضيا كان أو مضارعا، نحو: ضربت وتضرب "دون التثنية والجمع" منهما "لأن الاستتار خفيف"؛ لأنه تقدير محض من غير تلفظ الشيء، وقد عرفت أن المفرد سابق على المثنى والمجموع "وإعطاء الخفيف للمفرد السابق أولى" من عكسه هذا إجمال لا يسمن من جوع، وإن أردت كلاما مشبعا فاستمع نتلو عليك، وإنما استتر في المرفوع الغائب المفرد والغائبة المفردة في الماضي والمضارع دون تثنيتهما وجمعهما؛ لأن الغائب لما كان مفسرا بغائب مظهر متقدم أرادوا أن يكون ضمائر الغيب أخصر فابتدءوا بالغائب والغائبة المفردين بغاية التخفيف، وهي التقدير من غير أن يتلفظ بشيء منه، ثم جعلوا لمثناهما ولمجموعهما ضمائر بارزة لئلا يلتبس بالمفردين واقتصروا المثنى مذكرا أو مؤنثا على الألف، الذي هو علامة التثنية في كل مثنى والجمع المذكر على الواو والجمع المؤنث على نون واحدة في مقابلة الواو والواحدة، وقول النحاة الفاعل في نحو زيد ضرب وهند ضربت هو وهي تدريس وتفهيم لضيق العبارة عليهم؛ لأنه لم يوضع لهذين الضميرين لفظ فعبروا عنهما بلفظ المرفوع المنفصل لكونه مرفوعا مثل ذلك المقدر لا أن المقدر هو ذلك المصرح به "دون المتكلم" سواء كان وحده أو مع غير، نحو: ضربت وضربنا، هكذا وجدنا عبارة الكتاب من غير عاطف، والحق أن يعطف على قوله دون التثنية، فيقال: ودون المتكلم ولا يمكن إبداله من دون الأول؛ إذ هو مقصود أيضا والمبدل منه لا يكون مقصودا، وقد يتكلف بأن يقال: ها هنا محذوف فتقدير الكلام واستتر المرفوع في الغائب دون المتكلم، لكنه حذف بقرينة سبقه في الكلام، أو يقال حرف العاطف محذوف تخفيفا لدلالة الكلام عليه كما يحذف في نحو قولك: اشتريت ما بين الموضع الفلاني إلى دار زيد إلى دار عمرو إلى دار بكر؛ أي وإلى دار عمرو وإلى دار بكر "والمخاطب" المفرد نحو ضربت "اللذين في الماضي؛ لأن الاستتار قرينة" للفاعل "ضعيفة" أي خفية؛ لأنه تقدير من غير أن يتلفظ بشيء "والإبراز قرينة قوية" أي ظاهرة ملفوظة "فإعطاء الإبراز القوي للمتكلم القوي والمخاطب أولى" من إعطاء الاستتار الضعيف لهما، ولما توجه أن يقال هذا الدليل منقوض بمخاطب المستقبل ومتكلمه لجريانه فيهما مع أنه لا يبرز الضمير فيهما أجاب عنه بقوله:"واستتر في مخاطب المستقبل" نحو: تضرب "ومتكلمه" وحده أو مع غيره نحو: أضرب ونضرب "للفرق" أي بين ما كان في المضارع من المتكلم والمخاطب، وهذا الكلام في غاية الضعف؛ إذ لا حاجة للفرق بينهما بالاستتار وعدمه؛ إذ حرف المضارعة يدفع اللبس وهو ظاهر، والوجه الصحيح ما حققه الرضي حيث قال: واستتر في تفعل مخاطبا إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها، واستتر في أفعل ونفعل لإشعار حرف المضارعة بالفاعل فأفعل مشعر بأن فاعله أنا بسبب إشعار همزته بهمزة أنا، ونفعل مشعر بأن فاعله نحن بسبب إشعار نونه بنون نحن، وقد أشار المصنف إليه نقلا بعيد هذا بقوله: والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب "وقيل يستتر في هذه المواضع" أي المواضع
[شرح ديكنقوز]
الخمسة "دون غيرها لوجود الدليل فيها" دون غيرها "وهو" أي ذلك الدليل "عدم الإبراز في مثل" زيد "ضرب" أي عدم ظهور الفاعل؛ إذ لا بد أن يكون للفعل من فاعل ظاهر، وإن لم يكن فمضمر بارز، فإن لم يكن فمضمر مستتر، فلما لم يكن الفاعل في مثل ضرب في زيد ضرب ظاهرا ولا بارزا علم أن فاعله مستتر، فلما كان عدم الإبراز دليلا ضروريا أسند الحكم إلى دليل آخر فيما وجد فيه دليل آخر، وإن كان عدم الإبراز شاملا للكل فقال:"والتاء في مثل" هند "ضربت" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مؤنث غائبة "والياء في" مثل زيد "بضرب" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مذكر غائب مع عدم علامة التثنية والجمع "و" عينت التاء "في مثل" هند أو أنت "تضرب" غائبة ومخاطبة، فإنها تدل على أن الفاعل مفرد مؤنث غائبة أو مفرد مذكر مخاطب بحسب القرائن مع عدم علامة التثنية والجمعين نحو: يضربون ويضربن "والهمزة في مثل" أنا "أضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم وحده "والنون في مثل" نحو "نضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم مع غيره "وهذه" أي حروف المضارعة "الحروف ليست بأسماء" فلا تكون فواعل للأفعال المذكورة، وإنما ذكر هذا وإن لم يذهب أحد إلى أنها أسماء؛ لأنه لما ذكر أن التاء في ضربت بحركات التاء والنون في ضربن والألف في ضربا والواو في ضربوا والياء في تضربين أسماء، وكان مظنة أن يتوهم متوهم أن هذه الحروف أيضا أسماء رفع ذلك التوهم "والصفة" نفسها "في مثل" زيد "ضارب و" زيدان "ضاربان و" زيدون "ضاربون" يعني أن في لفظها ما يدل على من هي له فإن ضارب للمفرد المذكر وضاربان للمثنى المذكر وضاربون للجمع المذكر وكذا ضاربة وضاربتان وضاربت "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء "ضميرا كتاء ضربت" بحركات التاء "لوجود عدم حذفها بالفاعل الظاهر نحو ضربت هند" ولو كانت التاء فاعلة لزم حذفها عند وجود الفاعلة الظاهرة؛ إذ لا يجوز أن يكون لفعل واحد فاعلان من غير عطف أو بدل "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان" وواو ضاربون "ضميرا ضاربين؛ لأنه يتغير في حالة النصب" نحو: رأيت ضاربين "و" في حالة "الجر" أيضا نحو: مررت بضاربين وضاربين "والضمير لا يتغير" بتغير العوامل "كألف يضربان وواو يضربون" تقول: زيدان يضربان زيدون يضربون في الرفع، ولن يضربا ولن يضربوا في النصب، ولم يضربا ولم يضربوا في الجزم "والاستتار واجب في افعل" مثل اضرب أمر للمخاطب "و" في مثل "تفعل" مخاطبا "و" في مثل "أفعل" متكلما وحده "و" في مثل "نفعل" متكلما مع غيره "لدلالة الصيغة" أي صيغة الفعل في
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
الخمسة المذكورة "دون غيرها" من المواضع "لوجود الدليل" للاستتار فيها دون غيرها "وهو عدم الإبراز بعد" أن لم يكن مظهرا، يعني أن الفعل لا بد له من فاعل، وهو إما مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر فحيث لم يوجد الأول والثاني وجب الحكم بالاستتار لئلا يبقى الفعل بلا فاعل، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل "و" قال "في مثل ضرب" أي الدليل عدم الإبراز في مثل: ضرب "والتاء في مثل ضربت والياء في مثل: يضرب والتاء في مثل: تضرب" وأنت تعلم أن التاء في ضربت وفي تضرب والياء في يضرب لا يدلان على الاستتار "والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب" أي الهمزة بالهمزة والنون بالنون كما مر "وهي" أي التاء والياء والهمزة والنون "حروف" مضارعة "ليست بأسماء" وضمائر؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين وحينئذ قوله "والصفة في مثل ضارب ضاربان ضاربون" مرفوع طفا على عدم أي دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء ضميرا "كتاء ضربت" بالحركات الثلاث، أي كما يكون تاء ضربت ضميرا "لوجود عدم حذفها بالفاعلة الظاهرة نحو: ضربت هند" يعني لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز فهو غير ضمير، وهذا ما وعده في صدر الفصل بقوله: وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان ضميرا" وكذا الواو في ضاربون، وكذا الألف والواو في اسم المفعول والصفة المشبهة نحو: مضروبان ومضروبن وحسنان وحسنون، وبالجملة لا يجوز أن يكون الألف والواو في تثنية الصفات وجمعها ضميرا "إلا أنه يتغير في حال النصب والجر" أي يقلبان ياء نحو: لقيت ضاربين "والضمير" الذي هو الفاعل "لا يتغير" بالعوامل الداخلة على عامله "كألف يضربان" فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة، نحو: لن يضربا ولم يضربا، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدان والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما "والاستتار واجب" اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة، وأما استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه، بل يكون مستترا أبدا ففي أربعة أفعال "في مثل أفعل" أي في أمر المخاطب "وتفعل" أي في المخاطب المفرد، ولعل النهى يندرج فيه، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة "وأفعل ونفعل" أي في المتكلم وحده ومع غيره "لدلالة الصيغة" في الأربعة كلها