الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(533) بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الذَّنْبِ يُحْدِثُهُ الْمَرْءُ لِتَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَفَّارَةً لِمَا أَحْدَثَ مِنَ الذَّنْبِ
1209 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ:"يَا بِلَالُ! بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ إِنِّي دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي". فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَذْنَبْتُ (1) قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بِهَذَا".
(534) بَابُ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَمِيعًا
1210 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى -وَهُوَ ابْنُ عَطَاءٍ- أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى".
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
(535) بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَنْصُوصَةِ وَالدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَطَوُّعَ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا مَثْنَى
1210/ 1 - فِي خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ"،
[1209] إسناده صحيح. الفتح الرباني 5: 41.
(1)
(قلت: كذا وقع للمصنف رحمه الله، وترجم له بما سبق. ووقع في "المسند" وغيره: "آذنت" من التأذين، وهو الصواب كما نبهت عليه في "تخريج الترغيب" (1/ 241 [196، طبعة المكتب الإسلامي]) - ناصر).
[1210]
(قلت: إسناده صحيح، كما حققته في "صحيح أبي داود" 1172 وغيره - ناصر). د حديث 1295 من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة.
وَفِي أَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ".
وَفِي خَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا ضُحًى فَيَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
وَفِي قَوْلِهِ لِجَابِرٍ لَمَّا أَتَاهُ بِالْبَعِيرِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ: "أَصَلَّيْتَ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ".
وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ وَلَهُ عَبْدٌ أَوْ فَرَسٌ (1).
وَبِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ نَهَارًا لَا لَيْلًا.
وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ.
وَفِي خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْفَجْرَ، وَالْعَصْرَ (2).
وَفِي خَبَرِ بِلَالٍ: مَا أَذْنَبْتُ (3) قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.
وَفِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: مَا مِنْ عَبْدٍ [131 - ب] يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنٍ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ (4).
وَفِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ.
(1) كذا في الأصل.
(2)
بهامش الأصل: "بلغ".
(3)
(كذا وقع للمصنف، وهو خطأ كما سبق بيانه، انظر التعليق (1) على الحديث (1209) - ناصر).
(4)
(قلت: أخرجه أبو داود وغيره، وسنده حسن، كما بينته في "تخريج الترغيب" (1/ 124 [680، طبعة المكتب الإسلامي]) - ناصر).
وَفِي خَبَرِ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
وَفِي خَبَرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ (1).
وَفِي خَبَرِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي بَيْتِهِ سُبْحَةَ الضُّحَى رَكْعَتَيْنٍ.
وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ، وَفِيهِ: رَكْعَتَيِ الضُّحَى.
وَفِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى قَطُّ إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِنْ سَفَرٍ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.
وَفِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ بَنِي آدَمَ صَدَقَةٌ، وَقَالَ فِي الْخَبَرِ: وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى.
وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَتَيِ الضُّحَى غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ (2).
وَفِي خَبَرِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ دَعَوْتَ، فَأَمَرَ بِنَاحِيَةِ بَيْتِهِمْ فَنُضِحَ وَفِيهِ بِسَاطٌ فَقَامَ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي كُلِّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، لَا أَرْبَعًا، كَمَا زَعَمَ مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَلَمْ يَطْلُبْهَا فَيَسْمَعْهَا مِمَّنْ يَفْهَمُهَا. فَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَابْنُ عُمَرَ قَدْ
(1)(يأتي بسنده (1217) - ناصر).
(2)
(قلت: إسناده ضعيف. كما بينته في "تخريج الترغيب" (1/ 235)["ضعيف الترغيب" (402)]- ناصر).
أَخْبَرَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا رَكْعَتَيْنِ، لَمَا جَازَ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لِتَتِمَّ أَرْبَعًا، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، لَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ.
وَلَمْ نَسْمَعْ خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ (1) النَّقْلِ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ. فَإِنْ خُيِّلَ إِلَى بَعْضِ مَنْ لَمْ يُنْعِمِ الرَّوِيَّةَ أَنَّ خَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذْ ذَكَرَتْ أَرْبَعًا فِي الْخَبَرِ، قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي ذِكْرِهَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا. فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَاللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ عَنْهَا فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ، أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَاتِ بِاللَّيْلِ، كُلَّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَا أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى خَلَا الْوِتْرِ، فَمَعْنَى خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَهُمْ كَخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْهَا عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْأَرْبَعَ بَتَسْلِيمَتَيْنِ لَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَفِي خَبَرِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا كَهَيْئَتِهَا عِنْدَ الْعَصْرِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ هَاهُنَا كَهَيْئَتِهَا مِنْ هَاهُنَا عِنْدَ الظُّهْرِ صَلَّى أَرْبَعًا وَيُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
1211 -
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ ضَمْرَةَ قَالَ:
(1) في الأصل: "من جهل النقل"، وكتب بين السطرين فوقه "كذا". ولعل الصواب ما أثبتناه.
[1211]
(قلت: إسناده حسن - ناصر). الفتح الرباني 4: 194؛ ن 3: 92؛ جه إقامة 109.
سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ [132 - أ] صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "فَفِي هَذَا الْخَبَرِ خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَدْ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، فَأَمَّا ذِكْرُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَهَذِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْمُفَسِّرَةُ، فَدَلَّ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، أَنَّ كُلَّ مَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّهَارِ مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنَّمَا صَلَّاهُنَّ مَثْنَى مَثْنَى عَلَى مَا خَبَّرَ أَنَّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ جَمِيعًا، وَلَوْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ كَانَ هَذَا عِنْدَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَكَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ بِالنَّهَارِ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ عَلِيٍّ: وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدٍ، إِذْ فِي التَّشَهُّدِ التَّسْلِيمُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَعْنًى يَبْعُدُ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ الَّذِي هُوَ فَصْلٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ فِي الْمُخَاطَبَةِ. لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْفَصْلِ بِالتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ يَفْصِلُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُمَا. وَمُحَالٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَنْ يُقَالَ: يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ. أَوِ الْعَصْرَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، أَوِ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، أَوِ الْعِشَاءَ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةً مَوْصُولَةً لَا مَفْصُولَةً، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبَ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ ثَلَاثًا مَوْصُولَةً لَا مَفْصُولَةً.
وَيَجِبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَصْلِ وَبَيْنَ الْفَصْلِ.
وَالْعُلَمَاءُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ لَا يَعْلَمُونَ الْفَصْلَ بِالتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ يَكُونُ
[بِهِ] خَارِجًا مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يبتدئ فِيمَا بَعْدَهَا. وَلَوْ كَانَ التَّشَهُّدُ يَكُونُ فَصْلًا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا بَعْدُ، لَجَازَ لِمُصَلٍّ إِذَا تَشَهَّدَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، يَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا، أَنْ يَقُومَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فيبتدأ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى الْعَمْدِ، وَكَذَاكَ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ مِنَ اللَّيْلِ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، لَوْ كَانَ (1) التَّشَهُّدُ فَصْلًا بَيْنَ مَا مَضَى وَبَيْنَ مَا بَعْدُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مُخَالِفِينَا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ.
1212 -
وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ (2)؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى، وَتَشَهَّدْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَبَاءَسْ، وَتَمَسْكَنْ وَتَقَنَّعْ يَدَيْكَ، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ خِدَاجٌ".
حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ.
1213 -
وَخَالَفَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ شُعْبَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْخَبَرِ.
فَرَوَاهُ اللَّيْثُ: عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثَنَا يَحْيَى -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ- ثَنَا اللَّيْثُ.
فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الْخَبَرُ فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ: "الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى" مِثْلُ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَفِي هَذَا الْخَبَرِ زِيَادَةُ شَرْحِ ذِكْرِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ لِيَقُولَ: اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ.
(1) في الأصل: "ولو كان التشهد"، ولعل الصواب ما أثبتناه.
[1212]
(قلت: إسناده ضعيف. لأن مداره من هذا الوجه والذي بعده على ابن العمياء، وهو مجهول، وقد أشار المصنف إلى ضعفه فيما يأتي قريبًا - ناصر). حم 4: 167 من طريق شعبة؛ وانظر: جه إقامة 172.
(2)
بهامش الأصل: "صوابه ابن أبي ربيعة".
[1213]
حم 1: 211 من طريق الليث.
وَفِي خَبَرِ اللَّيْثِ، قَالَ:"تَرْفَعُهُمَا إِلَى رَبِّكَ [132 - ب] تَسْتَقْبِلُ بِهِمَا وَجْهَكَ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ".
وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ. وَهَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِنَ الْمَثْنَى، فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ، فَإِنَّهُ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْتَجُّ بِمِثْلِهِ مَنْ لَهِ مَعْرِفَةٌ بِرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ.
1214 -
حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ؛ ح وَثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، نَا وَكِيعٌ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ، عَنْ قَزْعَةَ، عَنِ الْقَرْثَعِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، نَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ -وَكَانَ مِنْ قَدِيمِ حَدِيثِهِ- عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ، عَنْ قَزْعَةَ، عَنِ الْقَرْثَعِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَا يُسَلَّمُ فِيهِنَّ، تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ".
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ شُعْبَةَ.
فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ فَإِنَّهُ طَوَّلَ الْحَدِيثَ، فَذَكَرَ فِيهِ كَلَامًا كَثِيرًا. فَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، نَا مُحَمَّدٌ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ، عَنِ ابْنِ مِنْجَابٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ.
وَعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ رحمه الله لَيْسَ مِمَّنْ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ عِنْدَ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِرُوَاةِ الْأَخْبَارِ.
[1214] إسناده ضعيف. كما قال ابن خزيمة. د حديث 1270 من طريق شعبة وفيه: سمعت عبيدة يحدت عن إبراهيم، وأخرجه ابن ماجه من طريق وكيع عن عبيدة عن إبراهيم، إقامة 105. (قلت: لكن للحديث طرق أخرى يرتقي بمجموعها إلى درجة الحسن، ولذلك أوردته في "صحيح أبي داود"(1153) و"صحيح الجامع الصغير"(885) - ناصر).