المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة السادسة عشرة وهم الذين كانوا في العشرين الرابعة من المائة السادسة - طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة - جـ ٢

[تقي الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌الطَّبَقَة السَّادِسَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة السَّابِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّامِنَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة التَّاسِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّالِثَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة الثَّامِنَة

- ‌الطَّبَقَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة الثَّامِنَة

الفصل: ‌الطبقة السادسة عشرة وهم الذين كانوا في العشرين الرابعة من المائة السادسة

‌الطَّبَقَة السَّادِسَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّادِسَة

303 -

أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن حَازِم بن عَليّ بن رِفَاعَة الزَّاهِد الْكَبِير الْمَشْهُور أَبُو الْعَبَّاس الرِّفَاعِي البطائحي المغربي الأَصْل ولد فِي الْمحرم سنة خَمْسمِائَة وَتخرج بخاله الشَّيْخ مَنْصُور الزَّاهِد قَالَ ابْن خلكان كَانَ رجلا صَالحا شافعيا فَقِيها انْضَمَّ إِلَيْهِ خلق من الْفُقَرَاء وأحسنوا فِيهِ الِاعْتِقَاد وهم الطَّائِفَة الرفاعية وَيُقَال لَهُم الأحمدية والبطائحية وَلَهُم أَحْوَال عَجِيبَة من أكل الْحَيَّات حَيَّة وَالنُّزُول إِلَى التنانير وَهِي تضرم نَارا وَالدُّخُول إِلَى الأفرنة وينام الْوَاحِد مِنْهُم فِي جَانب الفرن والخباز يخبز فِي الْجَانِب الآخر توقد لَهُم النَّار

ص: 5

الْعَظِيمَة ويقام السماع فيرقصون عَلَيْهَا إِلَى أَن تنطفئ وَيُقَال انهم فِي بِلَادهمْ يركبون الْأسود وَنَحْو ذَلِك وأشباهه انْتهى وَعَن الشَّيْخ أَحْمد أَنه قَالَ سلكت كل الطّرق الموصلة فَمَا رَأَيْت أقرب وَلَا أسهل وَلَا أصلح من الافتقار والذل والانكسار فَقيل لَهُ يَا سَيِّدي فَكيف يكون قَالَ تعظم أَمر الله وتشفق على خلق الله وتقتدي بِسنة سيدك رَسُول الله والبطائح عدَّة قرى مجتمعة فِي وسط المَاء بَين وَاسِط وَالْبَصْرَة وَقد صنف النَّاس فِي مَنَاقِب الشَّيْخ أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى وأفردوا تَرْجَمته وَذكروا من كراماته ومقاماته أَشْيَاء حَسَنَة وَكَانَ فَقِيها شافعيا قَرَأَ التَّنْبِيه وَله شعر حسن توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة قَالَ ابْن كثير وَلم يعقب وَإِنَّمَا المشيخة فِي بني أَخِيه

304 -

أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ الْكَبِير الشهير أَبُو طَاهِر بن أبي أَحْمد بن سلفة الْأَصْفَهَانِي السلَفِي وسلفة لقب لجده أَحْمد مولده

ص: 6

تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة أَخذ بِبَغْدَاد عَن إِلْكيَا الهراسي وَأبي بكر الشَّاشِي وَغَيرهمَا وَطَاف الْبِلَاد وجاب الْآفَاق وَدخل الْإسْكَنْدَريَّة واستوطنها وَكَانَ إِمَامًا فِي عُلُوم شَتَّى وانْتهى إِلَيْهِ عُلُوم الْإِسْنَاد مكث نيفا وَثَمَانِينَ سنة يسمع عَلَيْهِ قَالَ الذَّهَبِيّ وَلَا أعلم أحدا مثله فِي هَذَا وَقَالَ ابْن عَسَاكِر سمع السلَفِي مِمَّن لَا يُحْصى واستوطن الْإسْكَنْدَريَّة وَتزَوج امْرَأَة ذَات يسَار وحصلت لَهُ ثروة بعد فقر وتصوف وَصَارَت لَهُ بالإسكندرية وجاهة وَبنى لَهُ الْعَادِل عَليّ بن إِسْحَاق بن السلار أَمِير مصر مدرسة بالإسكندرية وَقَالَ السَّمْعَانِيّ هُوَ ثِقَة ورع متقن مُثبت حَافظ فهم لَهُ حَظّ من الْعَرَبيَّة كثير الحَدِيث حسن الْفَهم والبصيرة فِيهِ انْتهى جمع مُعْجم مَشَايِخ أَصْبَهَان ومعجم مَشَايِخ بَغْدَاد وَجمع معجما ثَالِثا لباقي الْبلدَانِ الَّتِي سمع بهَا وَقَالَ الْحَافِظ عمر بن الْحَاجِب إِن مُعْجم السّفر للسلفي يشْتَمل على ألفي شيخ وَقد اثنى عَلَيْهِ غير وَاحِد توفّي فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة

305 -

الْحسن بن صافي بن عبد الله أَبُو نزار الملقب بِملك النُّحَاة ولد بِبَغْدَاد سنة

ص: 7

تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَسمع الحَدِيث وتفقه على أَحْمد الأشنهي تلميذ الْمُتَوَلِي وَقَرَأَ أصُول الْفِقْه على ابْن برهَان وأصول الدَّين على أبي عبد الله القيرواني وَالْخلاف على أسعد الميهي والنحو على الفصيحي وبرع فِيهِ وسافر إِلَى خُرَاسَان والهند ثمَّ سكن وَاسِط مُدَّة وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من أَهلهَا ثمَّ استوطن دمشق وصنف فِي النَّحْو كتبا كَثِيرَة وصنف فِي الْفِقْه كتابا سَمَّاهُ الْحَاكِم ومختصرين فِي الْأَصْلَيْنِ وَله ديوَان شعر وَكَانَ متفننا فِي الْعُلُوم غزير الْفضل لَكِن كَانَ عِنْده عجب فِي نَفسه وتيه حَتَّى انه لقب نَفسه بِملك النُّحَاة وَكَانَ يسْخط على من يخاطبه بِغَيْر ذَلِك توفّي بِدِمَشْق فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير

306 -

الْخضر بن شبْل بن عبد أَبُو البركات الْحَارِثِيّ الدِّمَشْقِي خطيبها ومدرس الغزالية والمجاهدية وَبنى لَهُ نور الدَّين الشَّهِيد الْمدرسَة الَّتِي دَاخل بَاب الْفرج الَّتِي يُقَال لَهَا الْعمادِيَّة وَهُوَ أول من درس بهَا ثمَّ اشتهرت بمدرسها بعده الْعِمَاد الْكَاتِب

ص: 8

تفقه على الشَّيْخ نصر الله المصِّيصِي وجمال الْإِسْلَام ابْن الْمُسلم وبرع فِي الْمَذْهَب وَبعد صيته أَخذ عَنهُ ابْن عَسَاكِر وَقَالَ كَانَ سديد الْفَتْوَى وَاسع الْحِفْظ ثبتا فِي الرِّوَايَة ذَا ثروة ظَاهِرَة وَكَانَ عَالما بِالْمذهبِ وَيتَكَلَّم فِي الْأُصُول وَالْخلاف مولده سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بِبَاب الفراديس

307 -

الْخضر بن نصر بن عقيل أَبُو الْعَبَّاس الإربلي الْفَقِيه أحد الْأَئِمَّة ولد سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة واشتغل بِبَغْدَاد على أبي بكر الشَّاشِي وإلكيا الهراسي وَرجع إِلَى إربل وبنيت لَهُ بهَا مدرسة وانتفع بِهِ خلق كثير مِنْهُم صَاحب الِاسْتِقْصَاء قَالَ ابْن خلكان وَله تصانيف كَثِيرَة فِي التَّفْسِير وَالْفِقْه وَغير ذَلِك وَألف

ص: 9

كتابا فِيهِ سِتّ وَعِشْرُونَ خطْبَة نبوية كلهَا مُسندَة وانتفع عَلَيْهِ خلق وَكَانَ رجلا صَالحا توفّي بإربل فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بمدرسته الَّتِي بالربض فِي قبَّة مُفْردَة وقبره يزار

308 -

عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي سعيد كَمَال الدَّين أَبُو البركات ابْن الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ صَاحب كتاب أسرار الْعَرَبيَّة وَغَيره من التصانيف المفيدة الَّتِي تزيد على مائَة مُصَنف ولد فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة تفقه بِبَغْدَاد بالنظامية على أبي مَنْصُور بن الرزاز وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي السعادات ابْن الشجري واللغة عَن أبي مَنْصُور الجواليقي وبرع حَتَّى صَار شيخ الْعرَاق

ص: 10

وأقرأ النَّحْو فِي النظامية ثمَّ انْقَطع فِي منزله إِلَى الْعلم وَالْعِبَادَة قَالَ الْمُوفق عبد اللَّطِيف لَهُ مائَة وَثَلَاثُونَ مصنفا أَكْثَرهَا نَحْو وَبَعضهَا فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والتصوف والزهد انْتهى وَمن تصانيفه الِانْتِصَار فِي مسَائِل الْخلاف أَخْبَار النُّحَاة الْجمل فِي علم الجدل ديوَان اللُّغَة شرح الحماسة شرح ديوَان المتنبي نزهة الألباء فِي طَبَقَات الأدباء تَارِيخ الأنبار توفّي فِي شعْبَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسبعين وَخَمْسمِائة

309 -

عبد القاهر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد الشَّيْخ أَبُو النجيب التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ السهروردي أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة ومشايخ الصُّوفِيَّة أَخذ عَن أسعد الميهني وعلق عَنهُ التَّعْلِيق وحرر الْمَذْهَب وَأفْتى وناظر وروى الحَدِيث عَن جمَاعَة ثمَّ مَال إِلَى الْمُعَامَلَة فصحب الشَّيْخ حَمَّاد الدباس وَأحمد الْغَزالِيّ وَبنى بِبَغْدَاد رِبَاطًا ومدرسة واشتغل بالوعظ والتذكير وَالدُّعَاء إِلَى الله تَعَالَى والتحديث ودرس بالنظامية سنتَيْن وَكَانَت لَهُ محافيظ جَيِّدَة فِي التَّفْسِير وَالْفِقْه وأصوله وأصول الدَّين مِنْهَا الْوَسِيط لِلْوَاحِدِيِّ أَخذ عَنهُ خلائق مولده فِي

ص: 11

صفر سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بمدرسته وسهرورد بسين مُهْملَة مَضْمُومَة ورائين الأولى مَفْتُوحَة وَالثَّانيَِة سَاكِنة بَلْدَة من عراق الْعَجم

310 -

عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْحَافِظ الْكَبِير الإِمَام الشهير أحد الْأَعْلَام من الشَّافِعِيَّة والمحدثين تَاج الْإِسْلَام أَبُو سعد بن الإِمَام تَاج الْإِسْلَام معِين الدَّين أبي بكر بن الإِمَام الْمُجْتَهد أبي المظفر التَّمِيمِي السَّمْعَانِيّ الْمروزِي صَاحب التصانيف الْكَثِيرَة والفوائد الغزيرة ولد فِي شعْبَان سنة سِتّ وَخَمْسمِائة وَسمع الْكثير ورحل إِلَى الْبلدَانِ وَعمل معجما فِي عشر مجلدات كبار قَالَ ابْن النجار سَمِعت من يذكر أَن عدد شُيُوخه سَبْعَة الآف شيخ وَهَذَا شَيْء لم يبلغهُ أحد قَالَ وَكَانَ ظريفا حَافِظًا وَاسع الرحلة ثِقَة صَدُوقًا دينا جميل السِّيرَة مليح التصانيف وسرد ابْن النجار تصانيفه وَذكر انه وجدهَا بِخَطِّهِ فَمِنْهَا الذيل على تَارِيخ الْخَطِيب أَرْبَعمِائَة طَاقَة

ص: 12

تَارِيخ مرو خَمْسمِائَة طَاقَة طراز الذَّهَب فِي أدب الطّلب مائَة وَخَمْسُونَ طَاقَة الْأَنْسَاب ثَلَاثمِائَة وَخَمْسُونَ طَاقَة تحفة الْمُسَافِر مائَة وَخَمْسُونَ طَاقَة عز الْعُزْلَة سَبْعُونَ طَاقَة الْمَنَاسِك سِتُّونَ طَاقَة والتحبير فِي المعجم الْكَبِير ثَلَاثمِائَة طَاقَة الأمالي الْخَمْسمِائَةِ مِائَتَا طَاقَة وسرد تصانيفه

قَالَ الذَّهَبِيّ وَيَقَع لي أَن الطَّاقَة نصف كراس توفّي فِي غرَّة ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة

311 -

عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الْحَافِظ الْكَبِير ثِقَة الدَّين أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر فَخر الشَّافِعِيَّة وَإِمَام أهل الحَدِيث فِي زَمَانه وحامل لوائهم صَاحب تَارِيخ دمشق وَغير ذَلِك من المصنفات المفيدة الْمَشْهُورَة مولده فِي مسهل سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة ورحل إِلَى بِلَاد كَثِيرَة وَسمع الْكثير من نَحْو ألف وثلاثمائة شيخ وَثَمَانِينَ امْرَأَة وتفقه بِدِمَشْق وبغداد وَكَانَ دينا خيرا يخْتم فِي كل جُمُعَة وَأما فِي رَمَضَان فَفِي كل يَوْم معرضًا عَن المناصب بعد عرضهَا عَلَيْهِ كثير الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قَلِيل الِالْتِفَات إِلَى الْأُمَرَاء وَأَبْنَاء الدُّنْيَا قَالَ الْحَافِظ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي تَارِيخه هُوَ كثير الْعلم غزير الْفضل حَافظ ثِقَة متقن

ص: 13

دين خير حسن السمت جمع بَين معرفَة الْمُتُون والأسانيد صَحِيح الْقِرَاءَة مُثبت محتاط رَحل وَبَالغ فِي الطّلب إِلَى أَن جمع مَا لم يجمع غَيره وأربى على أقرانه وصنف التصانيف وَخرج التخاريج وَشرع فِي تَارِيخ لدمشق وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الْقَادِر الرهاوي رَأَيْت الْحَافِظ السلَفِي والحافظ أَبَا الْعَلَاء الْهَمدَانِي والحافظ أَبَا مُوسَى الْمَدِينِيّ مَا رَأَيْت فيهم مثل ابْن عَسَاكِر توفّي فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير شَرْقي الْحُجْرَة الَّتِي فِيهَا قبر مُعَاوِيَة رضي الله عنه وَمن تصانيفه الْمَشْهُورَة التَّارِيخ الْكَبِير ثَمَانمِائَة جُزْء فِي ثَمَانِينَ مجلدة الموافقات اثْنَان وَسَبْعُونَ جُزْءا الْأَطْرَاف للسنن الْأَرْبَعَة ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ جُزْءا مُعْجم شُيُوخه اثْنَا عشر جُزْءا مَنَاقِب الشبَّان خَمْسَة عشر جُزْءا فضل أَصْحَاب الحَدِيث أحد عشر جُزْءا تبين كذب المفتري على الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ مجلدة

ص: 14

312 -

عمر بن الْحُسَيْن بن الْحسن الإِمَام الْجَلِيل ضِيَاء الدَّين أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ وَالِد الإِمَام فَخر الدَّين ذكره السُّبْكِيّ فِي طبقاته الْكُبْرَى وَأَهْمَلَهُ فِي غَيرهَا فَقَالَ كَانَ أحد أَئِمَّة الْإِسْلَام مقدما فِي علم الْكَلَام لَهُ فِيهِ غَايَة المرام فِي مجلدين وَهُوَ من أنفس كتب أهل السّنة وأشدها تَحْقِيقا وَقد عقد فِي آخِره فصلا فِي فَضَائِل أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَأَتْبَاعه أَخذ الْمَذْكُور علم الْكَلَام عَن أبي الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ تلميذ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأخذ الْفِقْه عَن صَاحب التَّهْذِيب وَكَانَ فصيح اللِّسَان قوي الْجنان فَقِيها أصوليا متكلما صوفيا خَطِيبًا مُحدثا أديبا لَهُ نثر فِي غَايَة الْحسن يكَاد يحْكى أَلْفَاظ مقامات الحريري من حسنه وحلاوته ورشاقة سجعه وَلم يذكر السُّبْكِيّ وَقت وَفَاته وَأَظنهُ من أهل هَذِه الطَّبَقَة فَالله أعلم

313 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم بن المظفر بن عَليّ قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدَّين أَبُو الْفضل الشهرزوري ثمَّ الْموصِلِي ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء

ص: 15

وَأَرْبَعمِائَة وتفقه بِبَغْدَاد على أسعد الميهني وَولي قَضَاء الْموصل وولاه نور الدَّين قَضَاء دمشق سنة خمس وَخمسين وَهُوَ الَّذِي أحدث الشباك الكمالي الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ نواب السلطنة الْيَوْم وَبنى مدرسة بالموصل ومدرستين بنصيبين ورباطا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ووقف الهامة على الْحَنَابِلَة وَحكم فِي الْبِلَاد الشامية واستناب وَلَده محيي الدَّين بحلب وَابْني أَخِيه أَبَا الْقَاسِم فِي قَضَاء حماه وَابْن أَخِيه الآخر فِي قَضَاء حمص قَالَ ابْن عَسَاكِر وَكَانَ يتَكَلَّم فِي الْأُصُول كلَاما حسنا وَكَانَ أديبا شَاعِرًا ظريفا فكه المجالسة وقف وقوفا كَثِيرَة وَكَانَ خَبِيرا بالسياسة وتدبير الْملك وَقَالَ صَاحب الْمرْآة لما قدم أَحْمد بن قدامَة وَالِد الشَّيْخ أبي عمر إِلَى دمشق خرج إِلَيْهِ القَاضِي كَمَال الدَّين وَمَعَهُ ألف دِينَار فعرضها عَلَيْهِ فَلم يقبلهَا فَاشْترى بِهِ قَرْيَة الهامة ووقف نصفهَا على الشَّيْخ أَحْمد والمقادسة وَنِصْفهَا على الْأَنْبَارِي مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة

314 -

مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن الْفضل الْقزْوِينِي وَالِد الإِمَام الرَّافِعِيّ تفقه بِبَلَدِهِ

ص: 16

على ملكداد بن عَليّ وَغَيره وببغداد على أبي مَنْصُور ابْن الرزاز وبنيسابور على مُحَمَّد بن يحيى وَقد تَرْجمهُ وَلَده فِي كِتَابه الأمالي وَقَالَ إِنَّه خص بالصلابة فِي الدَّين والبراعة فِي الْعلم حفظا وضبطا وإتقانا وبيانا وفهما ودراية ثمَّ أَدَاء وَرِوَايَة قَالَ وَأَقْبل عَلَيْهِ المتفقه بقزوين فدرس وَأفَاد وصنف فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه قَالَ وَحكى لي الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الْمُؤَذّن وَهُوَ رجل صَالح أَن وَالِدي خرج لَيْلَة لصَلَاة الْعشَاء وَكَانَت لَيْلَة مظْلمَة فَرَأَيْت نورا فحسبت أَن مَعَه سِرَاجًا فَلَمَّا وصل إِلَيّ لم أجد مَعَه شَيْئا فَذكرت لَهُ ذَلِك فَلم يُعجبهُ وُقُوفِي على حَاله وَقَالَ أقبل على شَأْنك توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَهُوَ فِي عشر السّبْعين نقل عَنهُ وَلَده فِي التَّيَمُّم وَفِي شُرُوط الصَّلَاة وَفِي موضِعين فِي الْجَنَائِز وَفِي أَوَائِل البيع وَفِي قسم الصَّدقَات وَفِي الْقَضَاء وَفِي أدب السُّلْطَان

315 -

مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو عبد الله الرَّحبِي الْمَعْرُوف بِابْن المتقنة فَقِيه فَاضل صنف كتبا وَله منظومة صَغِيرَة فِي الْفَرَائِض مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة

ص: 17

316 -

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن احْمَد أَبُو حَامِد وَقيل أَبُو مَنْصُور الطوسي البروي صَاحب التعليقة الْمَشْهُورَة فِي الْخلاف والمقترح فِي الجدل وَكَانَ من أكبر أَصْحَاب مُحَمَّد بن يحيى تلميذ الْغَزالِيّ قَالَ ابْن خلكان وَله جدل مليح مَشْهُور أَكثر اشْتِغَال الْفُقَهَاء بِهِ وَكَانَ واعظا فَاضلا مناظرا ظهر لَهُ قبُول وَكَانَ فِيهِ تشغيب فِي الِاعْتِقَاد وتحامل على الْحَنَابِلَة فَيُقَال إِن بعض جهلتهم دس إِلَيْهِ من أهْدى إِلَيْهِ حلوى فِيهَا سم مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة عَن خمسين سنة

317 -

مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الله السديد السلماسي قَالَ ابْن خلكان هُوَ الَّذِي شهر طَريقَة الشريف بالعراق وقصده النَّاس واشتغوا عَلَيْهِ وَخرج من تلامذته عُلَمَاء مدرسون مِنْهُم الْعِمَاد مُحَمَّد بن يُونُس وَأَخُوهُ الْكَمَال مُوسَى وَكَانَ

ص: 18

مُسَددًا فِي الْفَتَاوَى وَأعَاد بِبَغْدَاد بالنظامية وأتقن عدَّة فنون توفّي فِي شعْبَان سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة

318 -

مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن رسْلَان ظهير الدَّين أَبُو مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ العباسي فَقِيه تِلْكَ الْبِلَاد ومفيدهم تفقه على الْبَغَوِيّ وَسمع الْكثير قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بالمتفق والمختلف حسن الظَّاهِر وَالْبَاطِن جَامعا بَين الْفِقْه والتصوف ولد بخوارزم فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء وَأَرْبَعمِائَة وصنف الْكَافِي وتأريخا لخوارزم توفّي فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكتابه الْكَافِي فِي أَرْبَعَة أَجزَاء كبار عَار غَالِبا عَن الِاسْتِدْلَال وَالْخلاف على طَريقَة التَّهْذِيب وَفِيه زيادات عَلَيْهِ غَرِيبَة وَكتابه فِي التأريخ فِي ثَمَانِيَة أَجزَاء كبار وقف عَلَيْهِ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات وَذكر مِنْهُ فَوَائِد مِنْهَا تَرْجَمَة وَالِد المُصَنّف وَقد أطنب وَلَده فِي وَصفه وَقَالَ قَرَأَ الْأُصُول وَالْفُرُوع على الإِمَام أبي إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن الْحسن الدغاني وَمهر فِي الْأُصُول وَصَارَ فريد الزَّمَان فِي انطلاق اللِّسَان وَحسن الْبَيَان وانتزاع الْبُرْهَان من الْأُصُول الْعَقْلِيَّة وَالْقُرْآن وأضحى نادرة الْأَيَّام فِي إفحام فحول المجادلين وَقت الْخِصَام بأقطع الْإِلْزَام وَقَرَأَ

ص: 19

شرح الْمَذْهَب لأبي بكر الصيدلاني فِي مجلدات وأتى على حفظه جَمِيعه فَرُبمَا كَانَ يسْأَل عَن مائَة مَسْأَلَة فِي مجْلِس فِي مَوَاضِع مُخْتَلفَة فيجيب عَن الْكل على الْفَوْر من غير تردد وَلَا تخبيط وَيذكر مَا فِيهَا من الْقَوْلَيْنِ والوجهين والتنبيه على الجوابين وَيذكر عللها قَالَ وَحفظ تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ جَمِيعه فَكَانَ إِذا سُئِلَ فِي مَجْلِسه عَن عشر آيَات فِي مَوَاضِع ذكر تَفْسِيرهَا باخْتلَاف أَقْوَال الْمُفَسّرين من غير خلط وَلَا خطأ توفّي فِي صفر سنة ثَلَاث وَخَمْسمِائة وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة وَأشهر ذكرت هُنَا تَرْجَمته فِي ذيل تَرْجَمَة وَلَده وَإِلَّا فَهُوَ من أهل الطَّبَقَة الثَّالِثَة عشرَة وَقد أهمل تَرْجَمته السُّبْكِيّ فِي الْوُسْطَى والإسنوي

319 -

مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَسْعُود قطب الدَّين أَبُو الْمَعَالِي النَّيْسَابُورِي نزيل دمشق مولده سنة مَاتَ الْغَزالِيّ سنة خمس وَخَمْسمِائة فِي رَجَب أَخذ عَن وَالِده علم الْأَدَب ثمَّ رَحل إِلَى مرو فتفقه على إِبْرَاهِيم الْمَرْوذِيّ وتفقه بنيسابور على مُحَمَّد بن يحيى وبرع فِي الْمَذْهَب ودرس فِي نظامية نيسابور نِيَابَة وَورد بَغْدَاد فوعظ بهَا وَحصل لَهُ قبُول تَامّ ثمَّ ورد دمشق سنة أَرْبَعِينَ فَأقبل عَلَيْهِ أَهلهَا لدينِهِ وَعلمه وتفننه ودرس بالمجاهدية وبالغزالية بعد نصر الله المصِّيصِي ثمَّ رَحل إِلَى

ص: 20

حلب ودرس بالنورية والأسدية ثمَّ مضى إِلَى هَمدَان وَولي بهَا التدريس مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى دمشق ودرس بالغزالية والجاروخية وَتفرد برئاسة الْمَذْهَب وَحصل لَهُ قبُول جيد فِي الْوَعْظ وَكَانَ فصيحا بليغا كثير النَّوَادِر فَقِيها نحريرا قَالَ ابْن خلكان كَانَ عَالما ورعا متواضعا قَلِيل التصنع مطرحا للتكلف صنف مُخْتَصرا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْهَادِي قَالَ الْإِسْنَوِيّ مُخْتَصر قريب من مُخْتَصر التبريزي فِي الحجم كَانَت المتفقهة فِي بعض النواحي من الْأَعْصَار الْمُتَقَدّمَة يَحْفَظُونَهُ توفّي بِدِمَشْق فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة قَالَ الذَّهَبِيّ بتربة أَنْشَأَهَا غربيها

320 -

يُوسُف بن عبد الله وَقيل رَمَضَان بن بنْدَار الدِّمَشْقِي كَانَ أَبوهُ من أهل مراغة فَقدم إِلَى دمشق وَولد يُوسُف بهَا سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة وَخرج مِنْهَا بعد

ص: 21

الْبلُوغ إِلَى بَغْدَاد فتفقه بهَا على أسعد الميهني وَأعَاد عِنْده وبرع فِي الْمَذْهَب وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الشَّافِعِيَّة بالعراق وَكَانَ يناظر مناظرة حَسَنَة وَتَوَلَّى النظامية وَغَيرهَا وبنيت لَهُ مدرسة وَعقد مجْلِس الْوَعْظ ثمَّ تَركه وَسمع وَحدث توفّي فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة

321 -

يُونُس بن مُحَمَّد بن مَنْعَة بن مَالك بن مُحَمَّد الإِمَام رَضِي الدَّين أَبُو الْفضل الْموصِلِي الإربلي الأَصْل وَالِد عماد الدَّين مُحَمَّد وَكَمَال الدَّين مُوسَى مولده بإربل سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة وتفقه بالموصل على الْحُسَيْن بن مَنْصُور بن خَمِيس الْجُهَنِيّ وَسمع مِنْهُ كثيرا ثمَّ انحدر إِلَى بَغْدَاد فتفقه بهَا على أبي مَنْصُور الرزاز ثمَّ رَحل إِلَى الْموصل وسكنها ودرس وَأفْتى وناظر وانتفع بِهِ جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَتُوفِّي فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة

ص: 22