المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة الثامنة عشرة وهم الذين كانوا في العشرين الأولى من المائة السابعة - طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة - جـ ٢

[تقي الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌الطَّبَقَة السَّادِسَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة السَّابِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّامِنَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة التَّاسِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّالِثَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة الثَّامِنَة

- ‌الطَّبَقَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة الثَّامِنَة

الفصل: ‌الطبقة الثامنة عشرة وهم الذين كانوا في العشرين الأولى من المائة السابعة

‌الطَّبَقَة الثَّامِنَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة السَّابِعَة

351 -

إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد السّلمِيّ المغربي الْحَكِيم الْمَعْرُوف بالقطب الْمصْرِيّ قدم خُرَاسَان وَقَرَأَ على الإِمَام فَخر الدَّين الرَّازِيّ وَصَارَ من كبار تلامذته وصنف كتبا كَثِيرَة فِي الطِّبّ والفلسفة وَشرح الكليات بكمالها من كتاب القانون قتل فِيمَن قتل بنيسابور سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة أَخذ عَنهُ قَاضِي الشَّام شمس الدَّين الخوبي وَغَيره

ص: 50

352 -

أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد نجم الدَّين أَبُو الجناب بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ نون مشدودة وبالباء الْمُوَحدَة الْمَعْرُوف بِنَجْم الكبراء جمع كَبِير بِالْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ الذَّهَبِيّ سَمِعت أَبَا الْعَلَاء الفرضي يَقُول إِنَّمَا هُوَ نجم الكبراء ثمَّ غير فَقيل نجم الدَّين الْكُبْرَى كَانَ إِمَامًا زاهدا صوفيا فَقِيها مُفَسرًا لَهُ عَظمَة فِي النُّفُوس وجاه عَظِيم ولد بقرية من قرى خوارزم يُقَال لَهَا خيوق طَاف الْبِلَاد وَسمع بهَا الحَدِيث وصنف تَفْسِيرا فِي اثْنَتَيْ عشرَة مجلدة وَاجْتمعَ بِهِ الإِمَام فَخر الدَّين الرَّازِيّ فَأقر بفضله واستوطن خوارزم إِلَى أَن قصدتها التتار فِي ربيع الأول سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة فَخرج فِيمَن خرج لقتالهم مَعَ جمَاعَة من مريديه فَقَاتلُوا إِلَى أَن اسْتشْهدُوا جَمِيعًا على بَاب الْبَلَد قَالَ عمر بن الْحَاجِب طَاف الْبِلَاد وَسمع بهَا الحَدِيث واستوطن خوارزم وَصَارَ شيخ تِلْكَ النَّاحِيَة وَكَانَ صَاحب حَدِيث وَسنة وملجأ للغرباء عَظِيم الجاه لَا يخَاف فِي الله لومة لائم

ص: 51

353 -

عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سُلْطَان بن يحيى بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز القَاضِي شرف الدَّين أَبُو طَالب بن زين الْقُضَاة أبي بكر الْقرشِي الدِّمَشْقِي نَاب فِي الْقَضَاء عَن ابْن عَمه القَاضِي محيي الدَّين بن الزكي وَعَن أَبِيه زكي الدَّين الطَّاهِر ودرس بالرواحية فَكَانَ أول من درس بهَا ودرس بالشامية البرانية كَذَا قَالَ الذَّهَبِيّ وَهُوَ يفهم أَنه درس بالشامية قبله غَيره وَقَالَ ابْن كثير إِنَّه أول من درس بهَا أَيْضا قَالَ أَبُو المظفر سبط ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ فَقِيها نزها لطيفا عفيفا وَقَالَ الشهَاب القوصي كَانَ مِمَّن زَاده الله بسطة فِي الْعلم والجسم توفّي فِي شعْبَان سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة وَدفن بمقبرتهم بِمَسْجِد الْقدَم

ص: 52

354 -

عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن مُوسَى بن أبي نصر الْفَقِيه الْمُفْتِي صَلَاح الدَّين أَبُو الْقَاسِم الْكرْدِي الشهرزوري وَالِد الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ولد قبل الْأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وتفقه على ابْن أبي عصرون وَغَيره وَسكن حلب بأخره ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الأَسدِية وَنقل عَنهُ وَلَده فِي نكت الْمُهَذّب توفّي بحلب فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة

355 -

عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن خَالِد ضِيَاء الدَّين أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْوراق ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وتفقه على شهَاب الدَّين الطوسي وَأعَاد بمنازل الْعِزّ وَسمع من ابْن بري وَغَيره ودرس بالناصرية الْمُجَاورَة للجامع الْعَتِيق قَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ سَمِعت مِنْهُ

ص: 53

وتفقهت عَلَيْهِ مُدَّة قَالَ وَكَانَ عَالما صَالحا حسن الْأَخْلَاق تَارِكًا لما لَا يعنيه كتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة قيل إِنَّهَا بلغت أَرْبَعمِائَة مجلدة توفّي فِي جُمَادَى الْأُخْرَى سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة

356 -

عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الإِمَام الْمُفْتِي فَخر الدَّين أَبُو مَنْصُور الدِّمَشْقِي ابْن عَسَاكِر شيخ الشَّافِعِيَّة بِالشَّام ولد فِي رَجَب سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَسمع من عميه الصائن والحافظ أبي الْقَاسِم وَجَمَاعَة وتفقه على الشَّيْخ قطب الدَّين النَّيْسَابُورِي ودرس بالجاروخية ثمَّ ولي تدريس الصلاحية بالقدس ثمَّ بِدِمَشْق التقوية فَكَانَ يُقيم بِدِمَشْق أشهرا وبالقدس أشهرا وَكَانَ عِنْده بالتقوية فضلاء الْوَقْت حَتَّى كَانَت تسمى نظامية الشَّام وَهُوَ أول من درس بالعذراوية سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَكَانَ لَا يَخْلُو لِسَانه من ذكر الله تَعَالَى فِي قِيَامه وقعوده وَأُرِيد على ان يَلِي الْقَضَاء فَامْتنعَ

ص: 54

وجهز أَهله للسَّفر إِلَى نَاحيَة حلب وَأَشَارَ بتولية ابْن الحرستاني قَالَ أَبُو شامة وَكَانَ يتورع من الْمُرُور فِي رواق الْحَنَابِلَة لِئَلَّا يأثموا بالوقيعة فِيهِ وَذَلِكَ لِأَن بني عَسَاكِر من أَعْيَان الشَّافِعِيَّة الأشعرية قَالَ أَبُو المظفر وَكَانَ زاهدا عابدا ورعا مُنْقَطِعًا إِلَى الْعلم وَالْعِبَادَة حسن الْأَخْلَاق قَلِيل الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَقَالَ عمر بن الْحَاجِب صنف فِي الْفِقْه والْحَدِيث عدَّة مصنفات وتفقة عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ عز الدَّين بن عبد السَّلَام وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة المبرزين بل واحدهم فضلا وَكَبِيرهمْ قدرا شيخ الشَّافِعِيَّة فِي وقته وَكَانَ إِمَامًا زاهدا ثِقَة كثير التَّهَجُّد غزير الدمعة حسن الْأَخْلَاق كثير التَّوَاضُع قَلِيل التعصب سلك طَرِيق أهل الْيَقِين وَكَانَ يزجي أَكثر أوقاته فِي نشر الْعلم وَكَانَ مطرح التَّكَلُّف وَعرضت عَلَيْهِ مناصب وولايات دينية فَتَركهَا توفّي فِي رَجَب سنة عشْرين وسِتمِائَة وَدفن بِطرف مَقَابِر الصُّوفِيَّة الشَّرْقِي مُقَابل قبر ابْن الصّلاح جوَار تربة شَيْخه القطب

357 -

عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الإِمَام فَخر الدَّين أَبُو المظفر بن الْحَافِظ أبي سعد بن السَّمْعَانِيّ الْمروزِي ولد فِي ذِي

ص: 55

الْقعدَة سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة واعتنى بِهِ أَبوهُ أتم عناية ورحل بِهِ وسَمعه الْكثير وَأدْركَ الْإِسْنَاد العالي وَخرج لَهُ أَبوهُ معجما فِي ثَمَانِيَة عشر جُزْءا وروى الْكثير ورحل النَّاس إِلَيْهِ وَسمع مِنْهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْحَازِمِي وَمَات قبله بدهر وَحدث عَنهُ الْأَئِمَّة ابْن الصّلاح والضياء الْمَقْدِسِي والزكي البرزالي والمحب ابْن النجار وَطَائِفَة وَكَانَ فَقِيها متقنا عَارِفًا بِالْمذهبِ وَله أنس بِالْحَدِيثِ خرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الشَّافِعِيَّة بِبَلَدِهِ وَختم بِهِ الْبَيْت السَّمْعَانِيّ عدم فِي دُخُول التتار مرو فِي آخر سنة سبع عشرَة اَوْ اوائل ثَمَان عشرَة

ص: 56

358 -

عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْقَاسِم جمال الدَّين بن الحرستاني الْأنْصَارِيّ الْعَبَّادِيّ السَّعْدِيّ الدِّمَشْقِي ولد فِي أحد الربيعين سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَسمع الْكثير وَتفرد بالرواية عَن أَكثر شُيُوخه ورحل إِلَى حلب وتفقه بهَا على الْمُحدث الْفَقِيه أبي الْحسن الْمرَادِي وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق عَن ابي عصرون ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام فِي آخر عمره سنة اثْنَتَيْ عشرَة ودرس بالعزيزية وَكَانَ يجلس للْحكم بالمجاهدية وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها عَارِفًا بِالْمذهبِ ورعا صَالحا مَحْمُود الْأَحْكَام حسن السِّيرَة كَبِير الْقدر قَالَ أَبُو شامة حَدثنِي الشَّيْخ عز الدَّين بن عبد السَّلَام أَنه لم ير أفقه مِنْهُ وَعَلِيهِ كَانَ ابْتِدَاء اشْتِغَاله ثمَّ صحب فَخر الدَّين بن عَسَاكِر

ص: 57

فَسَأَلته عَنْهُمَا فرجح ابْن الحرستاني وَقَالَ انه كَانَ يحفظ كتاب الْوَسِيط للغزالي قَالَ وَلما طلب للْقَضَاء امْتنع من الْولَايَة حَتَّى ألحوا عَلَيْهِ فِيهَا وَكَانَ صَارِمًا عادلا على طَريقَة السّلف فِي لِبَاسه وعفته بَقِي فِي الْقَضَاء سنتَيْن وَسَبْعَة أشهر وَقَالَ أَبُو المظفر سبط ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ زاهدا عفيفا عابدا ورعا نزها لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم اتّفق اهل دمشق على أَنه مَا فَاتَتْهُ صَلَاة بِجَامِع دمشق فِي جمَاعَة إِلَّا إِذا كَانَ مَرِيضا توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة وَهُوَ ابْن خمس وَتِسْعين سنة

359 -

عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن عَليّ بن عبيد الله الإِمَام الْعَالم الْمُحدث الْفَقِيه البارع مُسْند الْعرَاق وشيخها ضِيَاء الدَّين أَبُو أَحْمد الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن سكينَة وَهِي جدته أم أَبِيه ولد فِي شعْبَان سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء عشرَة وَخَمْسمِائة قَرَأَ الْقرَاءَات والعربية على ابْن الخشاب وَقَرَأَ الْقرَاءَات أَيْضا

ص: 58

بالروايات الْكَثِيرَة على سبط الْخياط والحافظ أبي الْعَلَاء الْهَمدَانِي وَسمع الحَدِيث الْكثير وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْخلاف على أبي مَنْصُور بن الرزاز وَكَانَ كثير الإشتغال بالتنبيه والمهذب والوسيط وَإِذا دخل عَلَيْهِ الطّلبَة يَقُول لاتزيدوا على سَلام عَلَيْكُم مَسْأَلَة من حرصه على المباحثة وَتَقْرِير الْأَحْكَام وَأخذ علم الحَدِيث عَن ابْن نَاصِر وَصَحبه وَأخذ عَنهُ الْكثير من الْفَوَائِد والعربية والغريب وَطَالَ عمره حَتَّى رَحل إِلَيْهِ ذكره ابْن النجار وَأَطْنَبَ فِي شكره وَالثنَاء عَلَيْهِ إِلَى أَن قَالَ وَلَقَد طفت شرقا وغربا وَرَأَيْت الْأَئِمَّة والزهاد فَمَا رَأَيْت أكمل مِنْهُ وَلَا أَكثر عبَادَة وَلَا أحسن سمتا وَكَانَ ثِقَة حجَّة نبيلا علما من أَعْلَام الدَّين وَقَالَ ابْن الدبيثي وَكَانَ من الأبدال وسكينة بِضَم السِّين وَفتح الْكَاف وَسُكُون الْمُثَنَّاة آخر الْحُرُوف نون توفّي فِي ربيع الآخر سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وسِتمِائَة

ص: 59

360 -

عُثْمَان بن عِيسَى بن درباس القَاضِي الْعَلامَة ضِيَاء الدَّين أَبُو عَمْرو الْكرْدِي الهذباني الماراني ثمَّ الْمصْرِيّ تفقه فِي صباه بإربل على أبي الْعَبَّاس الْخضر بن عقيل ثمَّ بِدِمَشْق على أبي سعد بن أبي عصرون وَأبي البركات الْخضر بن شبْل الْحَارِثِيّ وساد وَتقدم وبرع فِي الْمَذْهَب وَشرح الْمُهَذّب فِي عشْرين مجلدا إِلَى كتاب الشَّهَادَات وَشرح اللمع فِي مجلدين وناب عَن أَخِيه قَاضِي الْقُضَاة صدر الدَّين عبد الْملك قَالَ ابْن خلكان كَانَ من أعلم الْفُقَهَاء فِي وقته بِمذهب الشَّافِعِي ماهرا فِي أصُول الْفِقْه توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَقد قَارب تسعين سنة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى

361 -

الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ الْعَلامَة مجد الدَّين أَبُو السعادات ابْن الْأَثِير الْجَزرِي ثمَّ الْموصِلِي الْفَقِيه الْمُحدث

ص: 60

اللّغَوِيّ البارع الْعلم ولد فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بِجَزِيرَة ابْن عمر وَنَشَأ بهَا ثمَّ انْتقل إِلَى الْموصل وَسمع الحَدِيث وَقَرَأَ الْفِقْه والْحَدِيث وَالْأَدب والنحو ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة السُّلْطَان وترقت بِهِ الْمنَازل حَتَّى بَاشر كِتَابَة السِّرّ وَسَأَلَهُ صَاحب الْموصل ان يَلِي الوزارة فَاعْتَذر بعلو السن والسهو بِالْعلمِ وَالْملك لَا يَسْتَقِيم إِلَّا بالتسامح فِي العسف وَأخذ الْخلق بالشدة وَأَنا لَا أقدر على ذَلِك ثمَّ إِنَّه حصل لَهُ نقرس أبطل حَرَكَة يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَصَارَ يحمل فِي محفة فَأَقَامَ بداره وَأَنْشَأَ رِبَاطًا بقرية من قرى الْموصل ووقف أملاكه عَلَيْهِ قَالَ ابْن خلكان كَانَ فَقِيها مُحدثا أديبا نحويا عَالما بصنعة الْحساب والإنشاء ورعا عَاقِلا مهيبا ذَا بر وإحسان وَذكره ابْن المستوفي وَالْمُنْذِرِي وَأثْنى كل مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَذكره ابْن نقطة وَقَالَ كَانَ فَاضلا ثِقَة توفّي فِي آخر يَوْم من سنة سِتّ وسِتمِائَة وَدفن برباطه وَمن تصانيفه كتاب جَامع الْأُصُول وَكتاب النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث وَكتاب شرح مُسْند الشَّافِعِي والإنصاف فِي الْجمع بَين الْكَشْف والكشاف تفسيري الثَّعْلَبِيّ والزمخشري وَكتاب البديع فِي

ص: 61

شرح الْفُصُول فِي النَّحْو لِابْنِ الدهان وَله ديوَان رسائل وَكتاب لطيف فِي صناعَة الْكِتَابَة وَكتاب الْمُصْطَفى وَالْمُخْتَار فِي الْأَدْعِيَة والأذكار وَكتاب الْمُخْتَار فِي مَنَاقِب الأخيار وَغير ذَلِك

362 -

مُحَمَّد بن أبراهيم بن أبي الْفضل الإِمَام معِين الدَّين أَبُو حَامِد السهلكي الجاجرمي سمع الحَدِيث من عبد الْمُنعم الفراوي وَحدث عَنهُ الزكي البرزالي الْحَافِظ قَالَ ابْن خلكان كَانَ إِمَامًا فَاضلا متفننا مبرزا وَله طَريقَة مَشْهُورَة فِي الْخلاف وإيضاح الْوَجِيز وَالْقَوَاعِد سكن بنيسابور ودرس بهَا وانتفع النَّاس بِهِ وبكتبه توفّي كهلا فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة وَمن تصانيفه الْكِفَايَة مُخْتَصر فِي الْفِقْه نَحْو التَّنْبِيه وَشرح أَحَادِيث الْمُهَذّب وجاجرم بِالْجِيم المكررة بَلْدَة بَين نيسابور وجرجان

ص: 62

363 -

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي سعد بن الإِمَام أبي الْخطاب رَئِيس الشَّافِعِيَّة ببخارى هُوَ وَأَبوهُ وجده وجد جده قَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى كَانَ عَالم تِلْكَ الْبِلَاد وإمامها ومحققها وزاهدها وعابدها وَقَالَ عفيف الدَّين المطري هُوَ مُجْتَهد زَمَانه وعلامة أقرانه لم تَرَ الْعُيُون مثله وَمَا رأى مثل نَفسه انْتهى قَالَ السُّبْكِيّ وَهُوَ مُصَنف كتاب الملخص وَكتاب الْمِصْبَاح وَكِلَاهُمَا فِي الْفِقْه والمصباح أكبرهما حجما مَاتَ سنة أَربع وسِتمِائَة

364 -

مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ الْفَقِيه أَبُو عبد الله اليمني الْمَعْرُوف بِابْن أبي الصَّيف بصاد مُهْملَة سمع بِمَكَّة من أبي نصر عبد الرَّحِيم بن عبد الْخَالِق اليوسفي وَأبي مُحَمَّد الْمُبَارك بن الطباخ وَعبد الله بن عبد الْمُنعم الفراوي وطبقتهم قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ حصل كثيرا من الْكتب وَجمع أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا من أَرْبَعِينَ مَدِينَة سمع من الْكل بِمَكَّة وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة وسيرة

ص: 63

جميلَة وَخير قَالَ وَتُوفِّي بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وسِتمِائَة ثمَّ أَعَادَهُ فِي سنة تسع عشرَة وَقَالَ كَانَ مَشْهُورا بِالدّينِ وَالْعلم والْحَدِيث حدث ونفع وَأفَاد وَالصَّوَاب هُوَ الثَّانِي فقد نَقله الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته عَن التفليسي فِي طبقاته قَالَ الْإِسْنَوِيّ وإقام بِمَكَّة مُدَّة طَوِيلَة يدرس ويفتي وَله نكت على التَّنْبِيه مُشْتَمِلَة على فَوَائِد

365 -

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ الْمصْرِيّ صَاحب كتاب الْهَادِي وقف الْأَذْرَعِيّ على كِتَابه وَقَالَ كَانَ فِي أَوَائِل الْمِائَة السَّابِعَة قَالَ فِي كِتَابه فِي تَارِك الصَّلَاة فَإِن تَابَ لم يقبل فِي قَول وَجه الْقَتْل أَنه حد الله تَعَالَى فَلَا يسْقط بِالتَّوْبَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَالظَّاهِر انه من تصرفه لَا من نَقله وَهُوَ مَرْدُود وَلَا أعلم خلافًا فِي عدم الْقَتْل وَلَا تحرج على الْخلاف فِي سُقُوط الْحَد بِالتَّوْبَةِ وَقَالَ فِي كتاب الصّيام وَإِن فاجأه القطاع فابتلع الذَّهَب خوفًا عَلَيْهِ فَهُوَ كالمكره على فعل نَفسه انْتهى وَهُوَ غَرِيب ثمَّ رَأَيْت تَرْجَمته فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى للسبكي وَقَالَ كَانَ يُفْتِي مَعَ ابْن عبد السَّلَام وَاخْتصرَ الْمَذْهَب فِي كتاب سَمَّاهُ الْهَادِي فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يحول إِلَى طبقَة ابْن عبد السَّلَام

ص: 64

366 -

مُحَمَّد بن عمر بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ الْعَلامَة سُلْطَان الْمُتَكَلِّمين فِي زَمَانه فَخر الدَّين أَبُو عبد الله الْقرشِي الْبكْرِيّ التَّيْمِيّ الطبرستاني الأَصْل ثمَّ الرَّازِيّ ابْن خطيبها الْمُفَسّر الْمُتَكَلّم إِمَام وقته فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَأحد الْأَئِمَّة فِي عُلُوم الشَّرِيعَة صَاحب المصنفات الْمَشْهُورَة والفضائل الغزيرة الْمَذْكُورَة ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقيل سنة ثَلَاث اشْتغل أَولا على وَالِده ضِيَاء الدَّين عمر وَهُوَ من تلامذة الْبَغَوِيّ ثمَّ على الْكَمَال السمناني وعَلى الْمجد الجيلي صَاحب مُحَمَّد بن يحيى وأتقن علوما كَثِيرَة وبرز فِيهَا وَتقدم وساد وقصده الطّلبَة من سَائِر الْبِلَاد وصنف فِي فنون كَثِيرَة وَكَانَ لَهُ مجْلِس كَبِير للوعظ يحضرهُ الْخَاص وَالْعَام ويلحقه فِيهِ حَال وَوجد وَجَرت بَينه وَبَين جمَاعَة من الكرامية مخاصمات وَفتن وأوذي بسببهم وآذاهم وَكَانَ ينَال مِنْهُم فِي مَجْلِسه وينالون مِنْهُ وَكَانَ إِذا ركب يمشي حوله نَحْو ثَلَاثمِائَة تلميذ فُقَهَاء وَغَيرهم وَقيل إِنَّه كَانَ يحفظ الشَّامِل لإِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْكَلَام وَقيل إِنَّه نَدم على دُخُوله فِي علم الْكَلَام قَالَ ابْن الصّلاح أَخْبرنِي القطب الطوغاني مرَّتَيْنِ أَنه سمع فَخر الدَّين الرَّازِيّ يَقُول يَا لَيْتَني لم أشتغل بِعلم الْكَلَام وَبكى وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ لقد اختبرت الطّرق الكلامية والمناهج الفلسفية فَلم أَجدهَا تروي غليلا وَلَا تشفي عليلا وَرَأَيْت

ص: 65

أصح الطّرق طَريقَة الْقُرْآن أَقرَأ فِي التَّنْزِيه {وَالله الْغَنِيّ وَأَنْتُم الْفُقَرَاء} وَقَوله تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شَيْء} و {قل هُوَ الله أحد} وأقرأ فِي الْإِثْبَات {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} {يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم} و {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} وأقرأ أَن الْكل من الله قَوْله {قل كل من عِنْد الله} ثمَّ قَالَ وَأَقُول من صميم الْقلب من دَاخل الرّوح إِنِّي مقرّ بِأَن كل مَا هُوَ الْأَكْمَل الْأَفْضَل الْأَعْظَم الْأَجَل فَهُوَ لَك وكل مَا هُوَ عيب وَنقص فَأَنت منزه عَنهُ

وَكَانَت وَفَاته بهراة يَوْم عيد الْفطر سنة سِتّ وسِتمِائَة قَالَ أَبُو شامة وَبَلغنِي أَنه خلف من الذَّهَب ثَمَانِينَ ألف دِينَار سوى الدَّوَابّ وَالْعَقار وَغير ذَلِك

نقل عَنهُ فِي الرَّوْضَة فِي مَوضِع وَاحِد فِي الْقَضَاء فِي الْكَلَام على مَا إِذا تغير اجْتِهَاد الْمُفْتِي وَمن تصانيفه تَفْسِير كَبِير لم يتمه فِي أثنتي عشرَة مجلدة كبارًا سَمَّاهُ مَفَاتِيح الْغَيْب وَكتاب الْمَحْصُول والمنتخب وَكتاب الْأَرْبَعين وَكتاب نِهَايَة الْعُقُول وَكتاب الْبَيَان والبرهان فِي الرَّد على أهل الزيغ والطغيان وَكتاب المباحث الْعمادِيَّة فِي المطالب المعادية وَكتاب تأسيس التَّقْدِيس فِي تَأْوِيل الصِّفَات وَكتاب إرشاد النظار إِلَى لطائف الْأَسْرَار وَكتاب الزبدة وَكتاب المعالم فِي أصُول الدَّين والمعالم فِي أصُول الْفِقْه وَشرح أَسمَاء الله الْحسنى وَكتاب شرح الإشارات وَكتاب الملخص فِي الفلسفة وَيُقَال إِنَّه شرح الْمفصل للزمخشري وَشرح نصف الْوَجِيز للغزالي وَشرح سقط الزند لأبي الْعَلَاء وَله طَريقَة فِي الْخلاف وصنف فِي الطِّبّ شرح كليات القانون وَله مُصَنف فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي وَكتاب المطالب الْعَالِيَة فِي ثَلَاث مجلدات وَلم يتمه وَهُوَ من آخر تصانيفه وَكتاب الْملَل والنحل

ص: 66

ومصنفات كَثِيرَة ورزق سَعَادَة فِي مصنفاته وانتشرت فِي الْآفَاق وَأَقْبل النَّاس على الِاشْتِغَال بهَا وَمن تصانيفه على مَا قيل كتاب السِّرّ المكتوم فِي مُخَاطبَة الشَّمْس والنجوم على طَريقَة من يَعْتَقِدهُ وَمِنْهُم من أنكر أَن يكون من مصنفاته

367 -

مُحَمَّد بن يُونُس بن مُحَمَّد بن مَنْعَة بن مَالك الْعَلامَة عماد الدَّين أَبُو حَامِد بن يُونُس الإربلي الْموصِلِي ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وتفقه بالموصل على وَالِده ثمَّ دخل بَغْدَاد وتفقه بالنظامية على السديد السلماسي ويوسف بن بنْدَار الدِّمَشْقِي وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَعَاد إِلَى الْموصل ودرس بهَا فِي عدَّة مدارس وَعلا صيته وشاع ذكره وقصده الْفُقَهَاء من الْبِلَاد وَتخرج بِهِ خلق قَالَ ابْن خلكان كَانَ إِمَام وقته فِي الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف وَكَانَ لَهُ صيت عَظِيم فِي زَمَانه وَجمع بَين الْمُهَذّب والوسيط سَمَّاهُ الْمُحِيط وَشرح الْوَجِيز فِي جزأين وَله الْفَتَاوَى جُزْء وصنف جدلا وعقيدة وَغير ذَلِك وَتوجه رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة غير مرّة وَكَانَ شَدِيد الْوَرع والتقشف فِيهِ وَسْوَسَة لَا يمس الْقَلَم إِلَّا وَيغسل يَده وَكَانَ لطيف المحاورة دمث الْأَخْلَاق قَالَ وَكَانَ مكمل الأدوات غير أَنه لم يرْزق سَعَادَة فِي تصانيفه فَإِنَّهَا لَيست على قدر فَضله توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وسِتمِائَة بالموصل

ص: 67

368 -

يحيى بن الرّبيع بن سُلَيْمَان بن حراز بن سُلَيْمَان الْعَلامَة مجد الدَّين أَبُو عَليّ الْعمريّ من سلالة عمر بن الْخطاب رضي الله عنه الوَاسِطِيّ أحد أَئِمَّة الْمَذْهَب ولد بواسط فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَقَرَأَ الْقرَاءَات الْعشْر وأتقنها وتفقه أَولا على وَالِده وعَلى أبي جَعْفَر ابْن البوقي وَسمع الحَدِيث ثمَّ ارتحل إِلَى بَغْدَاد فتفقه بالنظامية على مدرسها أبي النجيب السهروردي وَسمع بهَا من جمَاعَة من الْمُحدثين ثمَّ ارتحل إِلَى نيسابور فتفقه على مُحَمَّد بن يحيى وَسمع من جمَاعَة ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد فَأَعَادَ بالنظامية على ابْن فضلان ثمَّ ولي تدريس النظامية وَحصل لَهُ الجاه العريض والحشمة الوافرة قَالَ أَبُو شامة كَانَ عَالما بالأصلين وَالْخلاف عَارِفًا بالتفسير وَالْمذهب دينا صَدُوقًا توفّي بطرِيق خُرَاسَان فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وسِتمِائَة

ص: 68