المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطبقة الحادية والعشرون وهم الذين كانوا في العشرين الرابعة من المائة السابعة - طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة - جـ ٢

[تقي الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌الطَّبَقَة السَّادِسَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة السَّابِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّادِسَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّامِنَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة التَّاسِعَة عشرَة وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّالِثَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة السَّابِعَة

- ‌الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الأولى من الْمِائَة الثَّامِنَة

- ‌الطَّبَقَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّانِيَة من الْمِائَة الثَّامِنَة

الفصل: ‌الطبقة الحادية والعشرون وهم الذين كانوا في العشرين الرابعة من المائة السابعة

‌الطَّبَقَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الرَّابِعَة من الْمِائَة السَّابِعَة

427 -

إِبْرَاهِيم بن عِيسَى ضِيَاء الدَّين أَبُو إِسْحَاق الْمرَادِي الأندلسي ثمَّ الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الإِمَام الْحَافِظ المتقن الْمُحَقق الضَّابِط الزَّاهِد الْوَرع شيخ النَّوَوِيّ ذكره فِيمَا ألحقهُ فِي طَبَقَات ابْن الصّلاح قَالَ وَلم تَرَ عَيْني فِي وقته مثله وَكَانَ رضي الله عنه بارعا فِي معرفَة الحَدِيث وعلومه وَتَحْقِيق أَلْفَاظه لَا سِيمَا الصحيحان ذَا عناية باللغة والنحو وَالْفِقْه ومعارف الصُّوفِيَّة حسن المذاكرة فِيهَا وَكَانَ عِنْدِي من كبار السالكين فِي طرائق الْحَقَائِق حسن التَّعْلِيم صحبته نَحْو عشر سِنِين لم أر مِنْهُ شَيْئا يكره وَكَانَ من السماحة بِمحل عَال على قدر وجده وَأما الشَّفَقَة على الْمُسلمين ونصيحتهم فَقل نَظِيره فيهمَا توفّي بِمصْر فِي أَوَائِل

ص: 127

سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة قَالَ الذَّهَبِيّ الصَّحِيح فِي وَفَاته أَنه توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ

428 -

أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رَافع قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن قَاضِي الْقُضَاة زين الدَّين بن الْمُحدث الإِمَام الزَّاهِد أبي مُحَمَّد الْأَسدي الْحلَبِي الْمَعْرُوف بِابْن الْأُسْتَاذ ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة وَسمع من جمَاعَة واشتغل فِي الْمَذْهَب وبرع فِي الْعُلُوم والْحَدِيث وَأفْتى ودرس وَولي قَضَاء الْقُضَاة بحلب بعد أَبِيه فِي الدولة الناصرية سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَكَانَ ذَا وجاهة ومكانة عِنْد الْملك النَّاصِر فَلَمَّا خربَتْ حلب أَيَّام الطاغية هلاكو لَعنه الله كَانَ من جملَة من أُصِيب بِمَالِه وَأَهله فارتحل إِلَى الديار المصرية وفوض إِلَيْهِ تدريس المعزية بِمصْر والهكارية بِالْقَاهِرَةِ قَالَ الذَّهَبِيّ وَكَانَ صَدرا مُعظما وافر الْحُرْمَة مَجْمُوع الْفَضَائِل صَاحب رئاسة ومَكَارِم وأفضال وسؤدد وَولي الْقَضَاء مُدَّة فحمدت سيرته روى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد الدمياطي وَكَانَ يَدْعُو لَهُ لما أولاه من الْإِحْسَان انْتهى وَلما

ص: 128

طابت الْبِلَاد واستقرت الدولة فِي أول السلطنة الظَّاهِرِيَّة عَاد إِلَى قَضَاء الْبِلَاد الحلبية على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي صَدره سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فَلم يقم إِلَّا أشهرا وَمَات فِي شَوَّال ثمَّ عرف جد أَبِيه بالأستاذ لِأَنَّهُ كَانَ يعلم النَّاس الْقُرْآن الْعَظِيم وانتفع بِهِ خلق كثير فَعرف بالأستاذ لذَلِك وَمن تصانيفه شرح الْوَسِيط فِي نَحْو عشر مجلدات فِيهِ نقُول كَثِيرَة ومباحث قَوِيَّة لَكِن عسر وجود شَيْء مِنْهُ فِي هَذَا الْوَقْت وَالظَّاهِر انه عدم فِي الْفِتْنَة الْمَذْكُورَة وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا يسير قَالَ السُّبْكِيّ وَله حواش على فَتَاوَى ابْن الصّلاح تدل على فضل كَبِير واستحضار للْمَذْهَب جيد

429 -

أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ الشَّيْخ جلال الدَّين الدشناوي ولد سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة سمع من الْحَافِظ عبد الْعَظِيم وَأبي الْحسن ابْن الجميزي وتفقه بقوص على الشَّيْخ مجد الدَّين الْقشيرِي وبالقاهرة على الشَّيْخ عز الدَّين بن عبد السَّلَام وَقَرَأَ الْأُصُول على الشَّيْخ شمس الدَّين الْأَصْفَهَانِي

ص: 129

وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها ورعا ويحكى عَنهُ مكاشفات وأحوال صَالِحَة ودرس بالأفرمية بقوص وتفقه عَلَيْهِ بهَا جمَاعَة وَكَانَ هُوَ وَالشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن دَقِيق الْعِيد رَفِيقَيْنِ بِمَدِينَة قوص فَلَمَّا قدما الْقَاهِرَة حضرا عِنْد الشَّيْخ عز الدَّين وتكلما مَعَه فَأثْنى عَلَيْهِمَا الشَّيْخ فَقَالَ الشَّيْخ نصير الدَّين بن الطباخ مَا فِي الصَّعِيد مثل هذَيْن الشابين فَقَالَ ابْن عبد السَّلَام وَلَا فِي المدينتين يَعْنِي مصر والقاهرة توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسبعين وسِتمِائَة بقوص والدشناوي بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وشين مُعْجمَة سَاكِنة ثمَّ نون مَفْتُوحَة مَنْسُوب إِلَى دشنا وَهِي بَلْدَة من صَعِيد مصر الْأَدْنَى وَمن تصانيفه شرح التَّنْبِيه إِلَى كتاب الصّيام فِي مجلدين والمناسك ومختصر فِي أصُول الْفِقْه ومقدمة فِي النَّحْو

430 -

أَحْمد بن يُوسُف بن حسن بن رَافع بن حُسَيْن الشَّيْبَانِيّ الإِمَام الْعَلامَة الزَّاهِد الْكَبِير موفق الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الْموصِلِي الكواشي الْمُفَسّر نزيل الْموصل ولد بكواشة وَهِي قلعة من أَعمال الْموصل سنة تسعين بِتَقْدِيم التَّاء أَو إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة اشْتغل وبرع فِي الْقرَاءَات وَالتَّفْسِير والعربية

ص: 130

والْفَضَائِل وَقدم دمشق وَأخذ عَن أبي الْحسن السخاوي وَغَيره وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَرجع إِلَى بَلَده وَتعبد قَالَ الذهبى وَكَانَ مُنْقَطع القرين عديم النظير زهدا وصلاحا وتبتلا وصدقا واجتهادا كَانَ يزوره السُّلْطَان فَمن دونه وَلَا يعبأ بهم وَلَا يقوم لَهُم ويتبرم بهم وَلَا يقبل لَهُم شَيْئا وَله كشف وكرامات وأضر قبل مَوته بِنَحْوِ من عشر سِنِين صنف التَّفْسِير الْكَبِير وَالتَّفْسِير الصَّغِير وَأخذ عَنهُ الْقرَاءَات مُحَمَّد بن عَليّ بن خزوف الموصلى وتقي الدَّين المقصاتي نَائِب الخطابة بِدِمَشْق توفى فى جُمَادَى الاخرة سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة بالموصل

431 -

إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن على بن عبد الله الشَّيْخ الإِمَام الْوَلِيّ الْعَارِف قطب الدَّين الْحَضْرَمِيّ شَارِح الْمُهَذّب وَله مصنفات غير ذَلِك كَثِيرَة قَالَ الْحَافِظ عفيف الدَّين المطري مصنفاته فِيمَا يتَعَلَّق بِالْمذهبِ بِبِلَاد الْيمن شهيرة وكراماته ظَاهِرَة كَادَت تبلغ التَّوَاتُر سمع من جمَاعَة توفّي فِي حُدُود سنة سِتّ أَو سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة

ص: 131

432 -

حَمْزَة بن يُوسُف بن سعيد التنوخي الْحَمَوِيّ موفق الدَّين أَبُو الْعَلَاء صَاحب كتاب الجوابات عَن الإشكالات الَّتِي أوردت على الْوَسِيط الْمُسَمّى مُنْتَهى الغايات وَله مثل ذَلِك على التَّنْبِيه سَمَّاهُ المبهت ذكره البرزالي فِي وفياته وَفِي كِتَابه الَّذِي على التَّنْبِيه اشياء عَجِيبَة سَاقِطَة توفّي بِدِمَشْق سنة سبعين وسِتمِائَة قَالَ الْإِسْنَوِيّ فِي الْمُهِمَّات لَهُ شرح الْوَسِيط وَهُوَ كتاب مَشْهُور أكبر من حجم الرَّوْضَة

433 -

سلار بن الْحسن بن عمر بن سعيد الإِمَام الْعَلامَة مفتي الشَّام ومعيده كَمَال الدَّين أَبُو الْفَضَائِل الإريلي شيخ الْأَصْحَاب ومفيد الطلاب تفقه على ابْن الصّلاح حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَتقدم وساد وَاحْتَاجَ النَّاس إِلَيْهِ وَكَانَ معيدا بالبادرائية عينه لَهَا واقفها فباشرها إِلَى أَن توفّي يُفِيد وَيُعِيد ويصنف ويعلق

ص: 132

ويؤلف وَيجمع وينشر الْمَذْهَب وَلم يَزْدَدْ منصبا آخر وَقد اختصر الْبَحْر للروياني فِي مجلدات عدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة من الْأَصْحَاب مِنْهُم الشَّيْخ مُحي الدَّين النواوي وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا قَالَ وتفقه على جمَاعَة مِنْهُم أَبُو بكر الماهياني والماهياني على ابْن البزري وَقَالَ الشريف عز الدَّين كَانَ أحد الْفُقَهَاء الْمَشْهُورين والفضلاء الْمَذْكُورين بِالشَّام وَكَانَ عَلَيْهِ مدَار الْفَتْوَى بِالشَّام فِي وقته وَلم يتْرك بعده فِي بِلَاد الشَّام مثله أفتى مُدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبعين وسِتمِائَة فِي عشر السّبْعين وَقيل انه نَيف عَلَيْهَا وَدفن بِبَاب الصَّغِير عِنْد الشُّهَدَاء

434 -

عبد الرَّحْمَن بن اسماعيل بن ابراهيم بن عُثْمَان بن ابى بكر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة ذُو الْفُنُون المتنوعة شهَاب الدَّين أَبُو الْقَاسِم الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي

ص: 133

الْفَقِيه المقرىء النَّحْوِيّ الْمُحدث الْمَعْرُوف بِأبي شامة لشامة كَبِيرَة فَوق حَاجِبه الْأَيْسَر ولد بِدِمَشْق فى أحد الربيعين سنة تسع وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء فيهمَا وَخَمْسمِائة وَختم الْقُرْآن وَله دون عشر سِنِين وأتقن فن الْقِرَاءَة على السخاوي وَله سِتّ عشرَة سنة وَسمع الْكثير وَأخذ عَن الشَّيْخَيْنِ عز الدَّين بن عبد السَّلَام وَابْن الصّلاح قَالَ ابْن كثير وَكَانَ ذَا فنون كَثِيرَة أَخْبرنِي الْحَافِظ علم الدَّين البرزالي عَن الشَّيْخ تَاج الدَّين الْفَزارِيّ أَنه كَانَ يَقُول بلغ الشَّيْخ شهَاب الدَّين أَبُو شامة رُتْبَة الِاجْتِهَاد قَالَ الذَّهَبِيّ وَكتب الْكثير من الْعُلُوم وأتقن الْفِقْه ودرس وَأفْتى وبرع فِي فن الْعَرَبيَّة وَذكر أَنه حصل لَهُ الشيب وَهُوَ ابْن خمس وَعشْرين سنة وَولي مشيخة الْقِرَاءَة بالتربة الأشرفية ومشيخة الحَدِيث بِالدَّار الأشرفية وَكَانَ مَعَ كَثْرَة فضائله متواضعا مطرحا للتكلف رُبمَا ركب الْحمار بَين المداوير قَرَأَ عَلَيْهِ الْقرَاءَات جمَاعَة توفّي فِي رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بِبَاب

ص: 134

الفراديس على يسَار الْمَار إِلَى مرجة الدحداح وَكَانَ قد حصل لَهُ محنة فِي جُمَادَى الْآخِرَة من هذة السّنة وَمن تصانيفه شرح الشاطبية وَاخْتصرَ تَارِيخ دمشق مرَّتَيْنِ الأولى فِي خَمْسَة عشر مجلدا وَالثَّانيَِة فِي خمس مجلدات وَشرح القصائد النَّبَوِيَّة للسخاوي فِي مُجَلد وَكتاب الروضتين فِي اخبار الدولتين النورية والصلاحية وَكتاب الذيل عَلَيْهِمَا وَشرح الحَدِيث المقتفى فِي مبعث الْمُصْطَفى وَكتاب ضوء الْقَمَر الساري الى معرفَة رُؤْيَة الْبَارِي وَكتاب الْمُحَقق من علم الْأُصُول فِيمَا يتَعَلَّق بِأَفْعَال الرَّسُول وَكتاب الْبَسْمَلَة الْأَكْبَر فِي مُجَلد والأصغر لطيف وَكتاب الْبَاعِث على إِنْكَار الْبدع والحوادث وَكتاب السِّوَاك وَكتاب كشف حَال بني عبيد ومفردات الْقُرَّاء ومقدمة فِي النَّحْو ونضم الْمفصل للزمخشري وشيوخ الْبَيْهَقِيّ وَله تصانيف كَثِيرَة وأكثرها لم يفرغها

435 -

عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحسن بن يحيى عماد الدَّين الدمنهوري مولده بدمنهور من أَعمال الديار المصرية فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وسِتمِائَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا وَولي إِعَادَة الْمدرسَة الصالحية بِالْقَاهِرَةِ قَالَ السَّيِّد عز الدَّين وَتَوَلَّى الْعُقُود والفروض مُدَّة وَكَانَ من أكَابِر الْعُدُول ومتميزيهم قَالَ السُّبْكِيّ وَهُوَ المغري

ص: 135

بالاعتراض على الشَّيْخ فِي الْمُهَذّب والتنبيه لَا جرم أَن الله أخمل ذكره وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ صنف كِتَابه الْمَشْهُور على التَّنْبِيه وَلَقَد أَسَاءَ التَّعْبِير فِي مَوَاضِع مِنْهُ توفّي فِي رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم

436 -

عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُونُس بن مَنْعَة الْفَقِيه الْمُحَقق الْعَلامَة تَاج الدَّين أَبُو الْقَاسِم بن الإِمَام رَضِي الدَّين بن الإِمَام عماد الدَّين بن الإِمَام رَضِي الدَّين الْموصِلِي كَانَ من بَيت الْفِقْه وَالْعلم بالموصل ولد بالموصل سنة ثَمَان وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء وَخَمْسمِائة واشتغل بهَا وَأفَاد وصنف ثمَّ دخل بَغْدَاد بعد اسْتِيلَاء التتار عَلَيْهَا فِي رَمَضَان سنة سبعين وَولي قَضَاء الْجَانِب الغربي فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وتدريس البشيرية قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ فَقِيها أصوليا فَاضلا توفّي فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن عِنْد قبَّة الديلم بالمشهد الفاطمي هَكَذَا أرخه الكازروني فِي ذيله على ابْن السَّاعِي وَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ ابْن خلكان توفّي فِي سنة سبعين وَجرى عَلَيْهِ فِي العبر وَقَالَ القطب اليونيني والبرزالي توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَهْمَلَهُ السَّيِّد

ص: 136

عز الدَّين وَمن تصانيفه التَّعْجِيز فِي اخْتِصَار الْوَجِيز وَهُوَ كتاب نَفِيس وَإِنَّمَا خمله اسْمه وَكتاب شرح التَّعْجِيز فِي مجلدين ضخمين وَمَات وَلم يكمله بل بَقِي مِنْهُ اكثر من الرّبع والتطريز فِي شرح الْوَجِيز وَكتاب النبيه فِي اخْتِصَار التَّنْبِيه وَقد غير فِيهِ ألفاظا وَزَاد فِيهِ مسَائِل غربية وَكتاب التنويه على أَلْفَاظ التَّنْبِيه سلك فِيهِ مَسْلَك دقائق الْمِنْهَاج للنووي لكنه أكبر مِنْهُ بِكَثِير ومختصر الْمَحْصُول للْإِمَام فَخر الدَّين ومختصر طَريقَة الطاوسي فِي الْخلاف ومختصر درة الغواص وجوامع الْكَلم الشَّرِيفَة فِي مَذْهَب أبي حنيفَة وَغير ذَلِك قَالَ السُّبْكِيّ وَله مُخْتَصر فِي الْفِقْه سَمَّاهُ نِهَايَة النفاسة قل إِن رَأَيْت مثله فِي عذوبة اللَّفْظ وَكَثْرَة الْمَعْنى وَصغر الحجم لَكِن ذكر فِيهِ مَوَاضِع تخَالف الْمَذْهَب

437 -

عبد الْغفار بن عبد الْكَرِيم بن عبد الْغفار القرويني الشَّيْخ نجم الدَّين صَاحب الْحَاوِي الصَّغِير واللباب والعجاب قَالَ السُّبْكِيّ كَانَ أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْفِقْه والحساب وَحسن الِاخْتِصَار وَقيل إِنَّه إِذا كتب فِي اللَّيْل يضيء لَهُ نور يكْتب عَلَيْهِ توفّي فِي الْمحرم سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَقد شاخ

ص: 137

438 -

عبد الْكَرِيم بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن ابي الْفضل بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الإِمَام الْعَالم القَاضِي خطيب الشَّام وَشَيخ دَار الحَدِيث عماد الدَّين أَبُو الْفَضَائِل بن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدَّين الْأنْصَارِيّ الخزرجي الدِّمَشْقِي ابْن الحرستاني ولد فِي رَجَب سنة سبع وَسبعين بِتَقْدِيم السِّين فيهمَا وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق وَسمع من وَالِده وَجَمَاعَة واشتغل على ابيه فِي الْمَذْهَب وبرع فِيهِ وَتقدم وَأفْتى وناظر ودرس وناب عَن ابيه فِي الحكم ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ بعد ابيه مُدَّة قَليلَة ثمَّ عزل ودرس بالغزالية مُدَّة وباشر الخطابة مُدَّة قَالَ الذَّهَبِيّ وَكَانَ من كبار الْأَئِمَّة وشيوخ الْعلم مَعَ التَّوَاضُع والديانة وَحسن السمت والتجمل وَولي مشيخة الأشرفية بعد ابْن الصّلاح فباشرها إِلَى أَن توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح قاسيون

439 -

عبد الْوَهَّاب بن خلف بن بدر العلامي قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدَّين الشهير بِابْن بنت الْأَعَز والأعز كَانَ وَزِير الْكَامِل بن الْعَادِل ولد فِي رَجَب سنة أَربع

ص: 138

وسِتمِائَة وَقيل سنة أَربع عشرَة وَولي قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية بِتَعْيِين الشَّيْخ عز الدَّين بن عبد السَّلَام والوزارة وَنظر الدَّوَاوِين وتدريس الشَّافِعِي والصالحية ومشيخة الشُّيُوخ والخطابة وَلم تَجْتَمِع هَذِه المناصب لأحد قبله قَرَأَ على الشَّيْخ زكي الدَّين الْمُنْذِرِيّ سنَن أبي دَاوُد وَسمع من غَيره وَحدث قَالَ القطب اليونيني كَانَ إِمَامًا فَاضلا متبحرا وَتقدم فِي الدولة وَكَانَت لَهُ الْحُرْمَة الوافرة عِنْد الْملك الظَّاهِر وَكَانَ ذَا ذهن ثاقب وحدس صائب وجد وَسعد وحزم وعزم مَعَ النزاهة المفرطة وَحسن الطَّرِيقَة والصلابة فِي الدَّين والتثبت فِي الْأَحْكَام وتولية الْأَكفاء لَا يُرَاعِي أحدا وَلَا يداهنه وَلَا يقبل شَهَادَة مريب وَكَانَ قوي النَّفس بِحَيْثُ يرْتَفع على الصاحب بهاء الدَّين بن حنا وَلَا يحتقل بأَمْره وَقَالَ السُّبْكِيّ وَعَن ابْن دَقِيق الْعِيد أَنه قَالَ لَو تفرغ ابْن بنت الْأَعَز للْعلم فاق ابْن عبد السَّلَام وَكَانَ يُقَال إِنَّه آخر قُضَاة الْعدْل وَفِي أَيَّامه قبل مَوته بِسنتَيْنِ جعلت الْقُضَاة أَرْبَعَة فَإِنَّهُ طلب مِنْهُ أَن يُفَوض قَضيته إِلَى حَنَفِيّ لكَونهَا لَا تسوغ إِلَّا على مذْهبه فَامْتنعَ وَكَانَت الْعَادة أَن يَسْتَنِيب من كل مَذْهَب وَاحِدًا ليحكم فِي الْأُمُور السائغة على مذْهبه وَلَكِن بِإِذن فَلَمَّا امْتنع من تِلْكَ الْقَضِيَّة أُشير

ص: 139

بتولية أَرْبَعَة مستقلين من الْمذَاهب فَفعل ذَلِك بِمصْر فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ ثمَّ بِدِمَشْق سنة أَربع وَسِتِّينَ توفّي فِي رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم

440 -

عُثْمَان بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن خَليفَة الصنهاجي الشَّيْخ الإِمَام سديد الدَّين أَبُو عمر التزمنتي مولده سنة خمس وسِتمِائَة وَقدم الْقَاهِرَة واشتغل بهَا وناب فِي الحكم ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ قَالَ السُّبْكِيّ وَكَانَ إِمَامًا مَشْهُورا بِمَعْرِِفَة الْمَذْهَب والتبحر فِيهِ أَخذ عَنهُ ابْن الرّفْعَة توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم

441 -

عَليّ بن أَنْجَب بن عُثْمَان بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحِيم المؤرخ الْكَبِير تَاج الدَّين أَبُو طَالب الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن السَّاعِي ولد فِي

ص: 140

شعْبَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَقَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْبَقَاء العكبري وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة كَانَ فَقِيها قَارِئًا بالسبع مُحدثا مؤرخا شَاعِرًا لطيفا كَرِيمًا لَهُ مصنفات كَثِيرَة فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والتاريخ وَغير ذَلِك مِنْهَا تَارِيخ فِي سِتَّة وَعشْرين مجلدا وَشرح على مقامات الحريري فِي خَمْسَة وَعشْرين مجلدا وشعراء الزَّمَان فِي عشر مجلدات وطبقات الْفُقَهَاء فِي ثَمَان مجلدات وذيل على تَارِيخ ابْن الْأَثِير فِي خمس مجلدات ومعجم الأدباء فِي خمس مجلدات أَيْضا قَالَ الذَّهَبِيّ وَقد أورد الكازروني فِي تَرْجَمَة ابْن السَّاعِي أَسمَاء التصانيف الَّتِي صنفها وَهِي كَثِيرَة جدا لَعَلَّهَا وقر بعير مِنْهَا مشيخته بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة فِي عشر مجلدات وَقَرَأَ على ابْن النجار تَارِيخه الْكَبِير لبغداد وَقد تكلم فِيهِ فَالله أعلم وَله أَوْهَام توفّي بِبَغْدَاد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة ووقف كتبه على النظامية

ص: 141

442 -

عَليّ بن مَحْمُود بن عَليّ القَاضِي الْعَلامَة شمس الدَّين أَبُو الْحسن الشهرزوري الْكرْدِي مدرس القيمرية قَالَ الذَّهَبِيّ شيخ فَقِيه إِمَام عَارِف بِالْمذهبِ مَوْصُوف بجودة النَّقْل حسن الدّيانَة قوي النَّفس ذُو هَيْبَة ووقار بنى الْأَمِير نَاصِر الدَّين القيمري مدرسة بالحريميين وفوض تدريسها إِلَيْهِ وَإِلَى أولي الْأَهْلِيَّة من ذُريَّته وَقد نَاب فِي الْقَضَاء عَن ابْن خلكان وَتكلم بدار الْعدْل بِحَضْرَة الْملك الظَّاهِر عِنْدَمَا اختاط على الغوطة فَقَالَ المَاء والكلاء والمرعى لله لَا يملك وكل من فِي يَده ملك فَهُوَ لَهُ فبهت السُّلْطَان لكَلَامه وانفصل الْموعد على هَذَا الْمَعْنى توفّي فِي شَوَّال سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة

443 -

عمر بن أسعد بن أبي غَالب القَاضِي عز الدَّين أَبُو حَفْص الربعِي بِفَتْح

ص: 142

الرَّاء الإربلي معيد الرواحية وَصَاحب ابْن الصّلاح وَشَيخ النَّوَوِيّ سمع من جمَاعَة قَالَ الذَّهَبِيّ وَكَانَ دينا فَاضلا بارعا فِي الْمَذْهَب وَقد نَاب فِي الْقَضَاء عَن ابْن الصَّائِغ ودرس وأشغل وَكَانَ النَّوَوِيّ يتأدب مَعَه رُبمَا قَامَ وملأ الإبريق وَمَشى بِهِ قدامه إِلَى الطَّهَارَة توفّي فِي رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة

444 -

عمر بن بنْدَار بباء مُوَحدَة بعْدهَا نون سَاكِنة بن عمر القَاضِي كَمَال الدَّين أَبُو حَفْص التفليسي ولد بتفليس سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وتفقه وبرع فِي الْمَذْهَب والأصلين وَغير ذَلِك ودرس وَأفْتى وأشغل وجالس أَبَا عَمْرو ابْن الصّلاح وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْأُصُول الشَّيْخ محيي الدَّين النَّوَوِيّ وَولي الْقَضَاء بِدِمَشْق نِيَابَة وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة وَلما تملك التتار جَاءَهُ التَّقْلِيد من هولاكو بِقَضَاء الشَّام والجزيرة والموصل فباشر مُدَّة يسيرَة وَأحسن إِلَى النَّاس بِكُل مُمكن وذب عَن الرّعية وَكَانَ نَافِذ الْكَلِمَة عَزِيز الْمنزلَة عِنْد التتار لَا يخالفونه فِي شَيْء قَالَ القطب اليونيني

ص: 143

فَبَالغ فِي الْإِحْسَان وسعى فِي حقن الدِّمَاء وَلم يتدنس فِي تِلْكَ الْمدَّة بِشَيْء من الدُّنْيَا مَعَ فقره وَكَثْرَة عِيَاله وَلَا استصفى لنَفسِهِ مدرسة وَلَا اسْتَأْثر بِشَيْء وَكَانَ مدرس العادلية وَسَار محيي الدَّين ابْن الزكي فجَاء بِالْقضَاءِ على الشَّام من جِهَة هولاكو وَتوجه كَمَال الدَّين إِلَى قَضَاء حلب وأعمالها وَلما عَادَتْ الدولة المصرية تعصبوا عَلَيْهِ وَنسب إِلَيْهِ أَشْيَاء برأه الله مِنْهَا وَعَصَمَهُ مِمَّن أَرَادَ ضَرَره وَكَانَ نِهَايَة مَا نالوا مِنْهُ انهم ألزموه بِالسَّفرِ إِلَى الديار المصرية فسافر وَأفَاد أهل مصر قَالَ الشريف عز الدَّين كَانَ مَحْمُود السِّيرَة مشكور الطَّرِيقَة أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة يشغل الطّلبَة بعلوم عدَّة فِي غَالب اوقاته فَوجدَ بِهِ النَّاس فِي ذَلِك نفعا كثيرا ولازمته مُدَّة وقرأت عَلَيْهِ شَيْئا من أصُول الْفِقْه وانتفعت بِهِ وَكَانَ أحد الْعلمَاء الْمَشْهُورين وَالْأَئِمَّة الْمَذْكُورين توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم

445 -

عمر بن عبد الْوَهَّاب بن خلف قَاضِي الْقُضَاة صدر الدَّين بن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدَّين العلامي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن بنت الْأَعَز ولد سنة خمس وَعشْرين

ص: 144

وسِتمِائَة وَسمع من الزكي الْمُنْذِرِيّ والرشيد الْعَطَّار وَولي قَضَاء الديار المصرية فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وعزل فِي رَمَضَان سنة تسع وَقيل انه عزل نَفسه وَاقْتصر على تدريس الصالحية قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ فَقِيها عَارِفًا بِالْمذهبِ يسْلك طَريقَة وَالِده فِي التَّحَرِّي والصلابة وَكَانَ فِيهِ دين وَتعبد ولديه فَضَائِل وَكَانَ عَظِيم الهيبة وافر الْجَلالَة عديم المزاح بارا بالفقهاء مؤثرا متصدقا وَكَانَ أَبوهُ يحترمه ويتبرك بِهِ ودرس بأماكن توفّي يَوْم عاشورا سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة

446 -

الْفَتْح بن مُوسَى بن حَمَّاد بن عبد الله بن عَليّ بن عِيسَى الْفَقِيه نجم الدَّين أَبُو نصر المغربي الجزيري ولد بالجزيرة الخضراء بالأندلس فِي رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة واشتغل بالنحو وَسمع مُقَدّمَة الْجُزُولِيّ عَلَيْهِ وَقدم

ص: 145

دمشق سنة عشر وَسمع من الْكِنْدِيّ واشتغل بحماة على السَّيْف الْآمِدِيّ قَالَ الذَّهَبِيّ نظم الْمفصل للزمخشري ونظم كتاب الإشارات لِابْنِ سينا ونظم السِّيرَة لِأَبْنِ هِشَام على قافية رائية فِي اثْنَي عشر ألف بَيت وَله عدَّة مصنفات وَكَانَ من فضلاء زَمَانه ثمَّ دخل مصر ودرس بالفائزية بسيوط ثمَّ ولي قَضَاء سيوط وَبهَا توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة

447 -

الْمُبَارك بن يحيى بن أبي الْحسن بن أبي الْقَاسِم الْمصْرِيّ الشَّيْخ نصير الدَّين ابْن الطباخ ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ بارعا فِي الْفِقْه مَشْهُور الِاسْم فِيهِ درس بالقطبية بِالْقَاهِرَةِ وَأعَاد بالصالحية عِنْد ابْن عبد السَّلَام وَكَانَ ذكي القريحة حاد الذِّهْن كثير الاعتناء بِكِتَاب التَّنْبِيه يَدعِي انه تخرج مسَائِل الْفِقْه كلهَا مِنْهُ وَقَالَ السَّيِّد عز الدَّين برع فِي الْمَذْهَب ودرس وَأفْتى وصنف وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ أحد الْفُقَهَاء الْمَشْهُورين والفضلاء الْمَذْكُورين وَقَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ من كبار أَئِمَّة الْمَذْهَب واشتغل وصنف وَتخرج

ص: 146

بِهِ جمَاعَة مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن ظَاهر بَاب النَّصْر

448 -

مُحَمَّد بن أَحْمد بن يحيى بن هبة الله بن الْحسن بن سني الدولة قَاضِي الْقُضَاة نجم الدَّين أَبُو بكر بن قَاضِي الْقُضَاة صدر الدَّين أبي الْعَبَّاس بن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدَّين أبي البركات الدِّمَشْقِي ولد فِي الْمحرم سنة خمس عشرَة وَقيل سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة اشْتغل وَتقدم وناب عَن وَالِده ثمَّ ولي قَضَاء حلب ثمَّ ولي قَضَاء دمشق سنة ثمَّ عزل بِابْن خلكان ثمَّ سكن مصر مُدَّة وصودر وتعب وَقد درس بالأمينية وعدة مدارس قَالَ الذَّهَبِيّ وَكَانَ مَوْصُوفا بجودة النَّقْل وَصِحَّته وكثرته مَشْهُورا بالصرامة والهيبة والهمة الْعَالِيَة والتحري فِي الْأَحْكَام توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة بِدِمَشْق وَدفن بسفح قاسيون

449 -

مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن رزين بن مُوسَى بن عِيسَى بن مُوسَى بن نصر الله قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدَّين أَبُو عبد الله العامري الْحَمَوِيّ ولد فِي شعْبَان سنة ثَلَاث

ص: 147

وسِتمِائَة بحماة وَحفظ التَّنْبِيه فِي صغره ثمَّ انْتقل عَنهُ إِلَى الْوَسِيط فحفظه كُله وَحفظ الْمفصل كُله ورحل إِلَى حلب فَقَرَأَ على موفق الدَّين بن يعِيش وَرجع إِلَى حماة وتصدر للإقراء وَالْفَتْوَى وَله ثَمَان عشرَة سنة وَحفظ الْمُسْتَصْفى للغزالي وكتابي ابْن الْحَاجِب فِي الْأُصُول والنحو وَنظر فِي التَّفْسِير وبرع فِيهِ وشارك فِي الْخلاف والْحَدِيث وَالْبَيَان والمنطق وَقدم دمشق سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وَهُوَ من فضلاء وقته فلازم ابْن الصّلاح وَشرح عَلَيْهِ وعلق عَنهُ وَقَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْحسن السخاوي وَسمع مِنْهُمَا وَمن غَيرهمَا وَولي وكَالَة بَيت المَال ودرس بالشامية البرانية ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة وَقت أَخذ التتار حلب وَولي عدَّة جِهَات وَظَهَرت فضائله الباهرة وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ فِي أَيَّام الشَّيْخ عز الدَّين ابْن عبد السَّلَام ثمَّ درس بالظاهرية ثمَّ ولي الْقَضَاء وتدريس الشَّافِعِي وَامْتنع من أَخذ الجامكية على الْقَضَاء دينا وورعا وَكَانَ يقْصد بالفتاوى من النواحي وَله فتاوي مَجْمُوعَة وَتخرج بِهِ القَاضِي بدر الدَّين ابْن جمَاعَة وَغَيره وَحدث عَنهُ الدمياطي وَابْن جمَاعَة والمصريون قَالَ الذَّهَبِيّ وَكَانَ حميد السِّيرَة حسن الدّيانَة كثير الْعِبَادَة كَبِير الْقدر جميل الذّكر وَقَالَ غَيره كَانَ فِيهِ لطافة كتب إِلَيْهِ بعض الطّلبَة يطْلب مِنْهُ شَيْئا من الْوَقْف فَكتب على ورقته حَالَتْ أبنية الْوَقْف بَين العابد والصلة فاستحالت الْمَسْأَلَة وَكَانَ ابْن الرّفْعَة يُبَالغ فِي الثَّنَاء على فقهه وَيَقُول عَنهُ شيخ

ص: 148

مَشَايِخ الْإِسْلَام وَكَانَ القَاضِي بدر الدَّين ابْن جمَاعَة يُبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ انْتهى وَمِمَّا يدل على جلالة قدره ان الشَّيْخ محيي الدَّين النواوي نقل عَنهُ فِي الْأُصُول والضوابط مَعَ تَأَخّر وَفَاته عَنهُ توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بالقرافة

450 -

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مَالك الْعَلامَة الأوحد جمال الدَّين أَبُو عبد الله الطَّائِي الجياني نزيل دمشق ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة هَذَا هُوَ الصَّوَاب فَفِي تَارِيخ حلب للشَّيْخ كَمَال الدَّين ابْن العديم ان الشَّيْخ جمال الدَّين أخبرهُ بذلك وَقيل ولد سنة سِتّمائَة اَوْ سنة إِحْدَى وسِتمِائَة وَسمع من جمَاعَة وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن غير وَاحِد مِنْهُم ثَابت بن عبد الْجَبَّار الجياني وجالس بحلب ابْن عمرون وَغَيره وتصدر بهَا لإقراء الْعَرَبيَّة ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق وَأقَام بهَا يشغل ويصنف وَتخرج بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة قَالَ الذَّهَبِيّ وَصرف همته إِلَى إتقان لِسَان الْعَرَب حَتَّى بلغ فِيهِ الْغَايَة وَحَازَ قصب السَّبق وأربى على الْمُتَقَدِّمين وَكَانَ إِمَامًا فِي الْقرَاءَات وعللها وصنف فِيهَا قصيدة دالية مرموزة فِي مِقْدَار الشاطبية وَأما اللُّغَة

ص: 149

فَكَانَ إِلَيْهِ المنتهي فِي الْإِكْثَار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها وَأما النَّحْو والتصريف فَكَانَ فِيهِ بحرا لَا يجارى وحبرا لَا يُبَارى وَأما أشعار الْعَرَب الَّتِي يستشهد بهَا على اللُّغَة والنحو فَكَانَت الْأَئِمَّة الْأَعْلَام يتحيرون فِيهِ ويتعجبون من أَيْن يَأْتِي بهَا وَكَانَ نظم الشّعْر سهلا عَلَيْهِ هَذَا مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الدَّين المتين وَصدق اللهجة وَكَثْرَة النَّوَافِل وَحسن السمت ورقة الْقلب وَكَمَال الْعقل وَالْوَقار والتؤدة وَقَالَ الشَّيْخ كَمَال الدَّين الأدفوي قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَانَ يمِيل إِلَى مَذْهَب أهل الظَّاهِر وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي أَخْبرنِي الإِمَام شهَاب الدَّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود قَالَ جلس يَوْمًا يَعْنِي ابْن مَالك وَذكر مَا انْفَرد بِهِ صَاحب الْمُحكم عَن الْأَزْهَرِي فِي اللُّغَة قَالَ الصَّفَدِي وَهَذَا أَمر معجز لِأَنَّهُ يُرِيد ينْقل الْكِتَابَيْنِ قَالَ صَلَاح الدَّين وَانْفَرَدَ عَن المغاربة بشيئين الْكَرم وَمذهب الشَّافِعِي توفّي فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن

ص: 150

بالصالحية بتربة ابْن الصَّائِغ ورثاه الْعَلامَة بهاء الدَّين ابْن النّحاس وَمن تصانيفه كتاب تسهيل الْفَوَائِد فِي النَّحْو وَكتاب الضَّرْب فِي معرفَة لِسَان الْعَرَب وَكتاب الكافية الشافية وَكتاب الْخُلَاصَة وَكتاب الْعُمْدَة وَشَرحهَا وَكتاب سبك المنظوم وَفك الْمَخْتُوم وَكتاب إِكْمَال الْأَعْلَام بِتَثْلِيث الْكَلَام والتوضيح على مَا وَقع فِي الصَّحِيح وَغير ذَلِك

451 -

مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن حَمْزَة نجيب الدَّين أَبُو الْفضل الخلاطي مولده فِي ربيع الأول سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة سمع بِبَغْدَاد ودمشق وَسكن الْقَاهِرَة وَولي قَضَاء الشَّارِع خَارج بَاب زويلة وخطب بِجَامِع المقس مُدَّة وَحدث وصنف كتبا مِنْهَا قَوَاعِد الشَّرْع وضوابط الأَصْل وَالْفرع على الْوَجِيز قَالَ السَّيِّد عز الدَّين وَذكر أَنه شرح التَّنْبِيه فِي عشر مجلدات توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة

ص: 151

452 -

مَنْصُور بن سليم بِفَتْح السِّين بن مَنْصُور بن فتوح الإِمَام الْمُحدث وجيه الدَّين أَبُو المظفر الْهَمدَانِي الإسْكَنْدراني محتسب الثغر ولد فِي صفر سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وسِتمِائَة ورحل وَسمع الْكثير قَالَ الذَّهَبِيّ وصنف وَخرج وعني بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَال والتاريخ وَالْفِقْه وَغير ذَلِك ودرس بالإسكندرية وَجمع لنَفسِهِ معجما وَخرج أَرْبَعِينَ حَدِيثا فِي أَرْبَعِينَ بَلَدا وَلَكِن بعض بلدانه قرى ومحال وصنف تَارِيخا للإسكندرية فِي مجلدين وَكَانَ دينا خيرا حميد الطَّرِيقَة كثير الْمُرُوءَة محسنا إِلَى الرحالة كتب عَنهُ الدمياطي والشريف عز الدَّين وَلم يخلف بعده بِبَلَدِهِ مثله توفّي فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بالمينافين والهمداني بِسُكُون الْمِيم نِسْبَة إِلَى الْقَبِيلَة الْمَشْهُورَة

453 -

موهوب بن عمر بن موهوب بن إِبْرَاهِيم الْجَزرِي ثمَّ الْمصْرِيّ القَاضِي صدر الدَّين أَبُو مَنْصُور ولد بالجزيرة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسعين بِتَقْدِيم

ص: 152

التَّاء وَخَمْسمِائة وَأخذ عَن السخاوي وَابْن عبد السَّلَام وَغَيرهمَا قَالَ الذَّهَبِيّ وتفقه وبرع فِي الْمَذْهَب وَالْأُصُول والنحو ودرس وَأفْتى وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَكَانَ من فضلاء زَمَانه وَولي الْقَضَاء بِمصْر وأعمالها دون الْقَاهِرَة مُدَّة وَقَالَ غَيره تخرجت بِهِ الطّلبَة وجمعت عَنهُ الْفَتَاوَى الْمَشْهُورَة بِهِ توفّي بِمصْر فَجْأَة فِي رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم

454 -

يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن جُمُعَة بن حزَام الْفَقِيه الْحَافِظ الزَّاهِد أحد الْأَعْلَام شيخ الْإِسْلَام محيي الدَّين أَبُو زَكَرِيَّا الْحزَامِي النَّوَوِيّ بِحَذْف الْألف وَيجوز إِثْبَاتهَا الدِّمَشْقِي ولد فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن بِبَلَدِهِ وَختم وَقد ناهز الِاحْتِلَام قَالَ ابْن الْعَطَّار قَالَ لي الشَّيْخ فَلَمَّا كَانَ لي تسع عشرَة سنة قدم بِي وَالِدي إِلَى دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين فسكنت الْمدرسَة الرواحية وَبقيت نَحْو سنتَيْن لم أَضَع جَنْبي إِلَى الأَرْض وَكَانَ قوتي بهَا جراية الْمدرسَة لَا غير وحفظت التَّنْبِيه فِي نَحْو أَرْبَعَة

ص: 153

أشهر وَنصف قَالَ وَبقيت أَكثر من شَهْرَيْن أَو أقل لما قَرَأت يجب الْغسْل من إيلاج الْحَشَفَة فِي الْفرج أعتقد ان ذَلِك قرقرة الْبَطن وَكنت أستحم بِالْمَاءِ الْبَارِد كلما قرقر بَطْني وقرأت حفظا ربع الْمُهَذّب فِي بَاقِي السّنة وَجعلت أشرح وأصحح على شَيخنَا كَمَال الدَّين إِسْحَاق المغربي ولازمته فأعجب بِي وأحبني وَجَعَلَنِي اعيد لأكْثر جماعته فَلَمَّا كَانَت سنة إِحْدَى وَخمسين حججْت مَعَ وَالِدي وَكَانَت وَقْفَة الْجُمُعَة وَكَانَ رحيلنا من أول رَجَب فَأَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ نَحوا من شهر وَنصف وَذكر وَالِده قَالَ لما توجهنا من نوى أَخَذته الْحمى فَلم تُفَارِقهُ إِلَى يَوْم عَرَفَة وَلم يتأوه قطّ قَالَ وَذكر لي الشَّيْخ أَنه كَانَ يقْرَأ كل يَوْم اثْنَي عشر درسا على الْمَشَايِخ شرحا وتصحيحا درسين فِي الْوَسِيط ودرسا فِي الْمُهَذّب ودرسا فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ ودرسا فِي صَحِيح مُسلم ودرسا فِي اللمع لِابْنِ جنى ودرسا فِي اصْطِلَاح الْمنطق لِابْنِ السّكيت ودرسا فِي التصريف ودرسا فِي أصُول الْفِقْه تَارَة فِي اللمع لأبي إِسْحَاق وَتارَة فِي الْمُنْتَخب لفخر الدَّين ودرسا فِي أَسمَاء الرِّجَال ودرسا فِي أصُول الدَّين وَكنت أعلق جَمِيع مَا يتَعَلَّق بهَا من شرح مُشكل ووضوح عبارَة وَضبط لُغَة وَبَارك الله لي فِي وقتي وخطر لي الِاشْتِغَال بِعلم الطِّبّ فاشتريت كتاب القانون فِيهِ وعزمت على الِاشْتِغَال فِيهِ فأظلم على قلبِي وَبقيت إياما لَا أقدر على الِاشْتِغَال بِشَيْء ففكرت فِي أَمْرِي وَمن أَيْن دخل عَليّ الدَّاخِل فألهمني الله أَن سَببه اشتغالي بالطب فَبِعْت القانون فِي الْحَال فَاسْتَنَارَ قلبِي وَقد سمع الحَدِيث الْكثير وَأخذ علم الحَدِيث عَن جمَاعَة من الْحفاظ فَقَرَأَ

ص: 154

كتاب الْكَمَال لعبد الْغَنِيّ على أبي الْبَقَاء خَالِد النابلسي وَشرح مُسلم ومعظم البُخَارِيّ على أبي إِسْحَاق الْمرَادِي وَأخذ أصُول الْفِقْه عَن القَاضِي أبي الْفَتْح التفليسي وتفقه على الْكَمَال إِسْحَاق المغربي وشمس الدَّين عبد الرَّحْمَن بن نوح الْمَقْدِسِي وَعز الدَّين عمر بن أسعد الإربلي وَكَمَال الدَّين سلار الإربلي قَرَأَ على ابْن مَالك كتابا من تصانيفه وعلق عَنهُ أَشْيَاء قَالَ القَاضِي عز الدَّين ابْن الصَّائِغ لَو أدْرك الْقشيرِي النَّوَوِيّ وَشَيْخه كَمَال الدَّين إِسْحَاق لما قدم عَلَيْهِمَا فِي ذكره لمشايخها يَعْنِي الرسَالَة أحدا لما جمع فيهمَا من الْعلم وَالْعَمَل والزهد والورع والنطق بالحكمة وَقَالَ ابْن الْعَطَّار ذكر لي شَيخنَا أَنه كَانَ لَا يضيع لَهُ وقتا فِي ليل وَلَا نَهَار إِلَّا فِي وَظِيفَة من الِاشْتِغَال بِالْعلمِ حَتَّى فِي ذَهَابه فِي الطَّرِيق يُكَرر أَو يطالع وَأَنه بَقِي على هَذَا سِتّ سِنِين ثمَّ اشْتغل بالتصنيف والإشغال والنصح للْمُسلمين وولاتهم مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من المجاهدة لنَفسِهِ وَالْعَمَل بدقائق الْفِقْه والحرص على الْخُرُوج من خلاف الْعلمَاء والمراقبة لأعمال الْقُلُوب وتصفيتها من الشوائب يُحَاسب نَفسه على الخطوة بعد الخطوة وَكَانَ محققا فِي علمه وفنونه

ص: 155

مدققا فِي علمه وشؤونه حَافِظًا لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَارِفًا بأنواعه من صَحِيحه وسقيمه وغريب أَلْفَاظه واستنباط فقهه حَافِظًا للْمَذْهَب وقواعده وأصوله وأقوال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَاخْتِلَاف الْعلمَاء ووفاقهم سالكا فِي ذَلِك طَريقَة السّلف قد صرف أوقاته كلهَا فِي أَنْوَاع الْعلم وَالْعَمَل بِالْعلمِ وَكَانَ لَا يَأْكُل فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة إِلَّا أَكلَة بعد عشَاء الْآخِرَة وَلَا يشرب إِلَّا شربة وَاحِدَة عِنْد السحر وَلم يتَزَوَّج وَقد ولي دَار الحَدِيث الأشرفية بعد موت أبي شامة سنة خمس وَسِتِّينَ إِلَى أَن توفّي وَلم يَأْخُذ لنَفسِهِ شَيْئا من معلومها وترجمته طَوِيلَة أفردها تِلْمِيذه ابْن الْعَطَّار بالتصنيف مَاتَ بِبَلَدِهِ نوى بعد مَا زار الْقُدس والخليل فِي رَجَب سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة وَدفن بهَا وَمن تصانيفه الرَّوْضَة والمنهاج وَشرح الْمُهَذّب وصل فِيهِ إِلَى أثْنَاء الرِّبَا وَقَالَ الذَّهَبِيّ وصل فِيهِ إِلَى بَاب الْمُصراة وَهُوَ غلط سَمَّاهُ الْمَجْمُوع والمنهاج فِي شرح مُسلم وَكتاب الْأَذْكَار وَكتاب رياض الصَّالِحين وَكتاب الْإِيضَاح فِي الْمَنَاسِك والإيجاز فِي الْمَنَاسِك وَله أَربع مَنَاسِك أخر وَالْخُلَاصَة فِي الحَدِيث لخص فِيهِ الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي شرح الْمُهَذّب وَكتاب الْإِرْشَاد فِي علم الحَدِيث وَكتاب التَّقْرِيب والتيسير فِي مُخْتَصر الْإِرْشَاد وَكتاب التِّبْيَان فِي آدَاب حَملَة الْقُرْآن وَكتاب المبهمات وَكتاب التَّحْرِير فِي أَلْفَاظ التَّنْبِيه ونكت التَّنْبِيه فِي مجلدة والعمدة فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه وهما من أَوَائِل مَا صنف وَلَا يَنْبَغِي الِاعْتِمَاد على مَا فيهمَا من التصحيحات الْمُخَالفَة للكتب الْمَشْهُورَة والفتاوى وَقد رتبها ابْن الْعَطَّار وَالتَّحْقِيق وصل فِيهِ إِلَى

ص: 156

أثْنَاء صَلَاة الْمُسَافِر ذكر فِيهِ غَالب مَا فِي شرح الْمُهَذّب من الْأَحْكَام ومبهمات الْأَحْكَام وَهُوَ قريب من التَّحْقِيق فِي كَثْرَة الْأَحْكَام إِلَّا أَنه لم يذكر فِيهِ خلافًا وَقد وصل فِيهِ إِلَى أثْنَاء طَهَارَة الْبدن وَالثَّوْب وَشرح مطول على التَّنْبِيه وصل فِيهِ إِلَى الصَّلَاة سَمَّاهُ تحفة طَالب التَّنْبِيه ونكت على الْوَسِيط فِي مجلدين وَشرح على الْوَسِيط سَمَّاهُ التَّنْقِيح وصل فِيهِ إِلَى كتاب شُرُوط الصَّلَاة قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَهُوَ كتاب جليل من أَوَاخِر مَا صنف جعله مُشْتَمِلًا على أَنْوَاع مُتَعَلقَة بِكَلَام الْوَسِيط وَلم يتَعَرَّض فِيهِ لفروع غير فروع الْوَسِيط وَشرح قِطْعَة من البُخَارِيّ وتهذيب الْأَسْمَاء واللغات وطبقات الْفُقَهَاء الملخصة من طَبَقَات ابْن الصّلاح والمنتخب فِي مُخْتَصر التذنيب للرافعي ورؤوس الْمسَائِل وتصنيف فِي الاسْتِسْقَاء وَفِي اسْتِحْبَاب الْقيام لأهل الْفضل وَنَحْوهم وَفِي قسْمَة الْغَنَائِم وَاخْتَصَرَهُ وَالْأُصُول والضوابط وَهُوَ مُشْتَمل على كثير من قَوَاعِده وضوابطه ألف مِنْهُ أوراق قَلَائِل وَكتاب على الرَّوْضَة كالدقائق على الْمِنْهَاج سَمَّاهُ الإشارات إِلَى مَا وَقع فِي الرَّوْضَة من الْأَسْمَاء والمعاني واللغات وَهُوَ كثير الْفَائِدَة وصل فِيهِ إِلَى أثْنَاء الصَّلَاة قَالَ الْإِسْنَوِيّ وينسب إِلَيْهِ تصنيفان ليسَا لَهُ أَحدهمَا مُخْتَصر لطيف يُسمى النِّهَايَة فِي اخْتِصَار الْغَايَة وَالثَّانِي أغاليط على الْوَسِيط مُشْتَمِلَة على خمسين موضعا بَعْضهَا فقهية وَبَعضهَا حَدِيثِيَّةٌ وَمِمَّنْ نسب هَذَا إِلَيْهِ ابْن الرّفْعَة فِي شرح الْوَسِيط فاحذره فَإِنَّهُ لبَعض الحمويين وَلِهَذَا لم يذكرهُ ابْن الْعَطَّار تِلْمِيذه حِين عدد تصانيفه واستوعبها

ص: 157

455 -

يحيى بن عبد الْمُنعم بن حسن الشَّيْخ جمال الدَّين الْمصْرِيّ وَيعرف بالجمال يحيى كَانَ فَقِيها كَبِيرا حَافِظًا للْمَذْهَب دينا خيرا أَخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ أبي الطَّاهِر الْمحلي وَبعد صيته واشتهر اسْمه وَولي قَضَاء الْمحلة ثمَّ درس بمشهد الْحُسَيْنِي بِالْقَاهِرَةِ وناب فِي الحكم ويحكى أَن القَاضِي تَاج الدَّين ابْن بنت الْأَعَز حضر عِنْد جمَاعَة من الْفُقَهَاء المتقنين فَسَأَلَ عَن مَسْأَلَة فَلم يستحضر أحد مِنْهُم فِيهَا نقلا فَقَالَ الْجمال يحيى أنقلها من سَبْعَة عشر كتابا وسردها وَقيل إِنَّه كَانَ لَا يدْرِي أصولا وَلَا نَحوا وَلَا علما غير الْفِقْه وَكَانَ قوي النَّفس توفّي فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ

456 -

يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن القَاضِي أبي سعد بن أبي عصرون الْمدرس الْأَصِيل سعد الدَّين أَبُو يُوسُف سمع وَحدث ودرس بِالْقَاهِرَةِ بِالْمَدْرَسَةِ القطبية مُدَّة قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا رَئِيسا نبيلا توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة بالمحلة وَله مسَائِل جمعهَا على الْمُهَذّب

ص: 158