المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير - عقد الدرر في أخبار المنتظر

[يوسف بن يحيى السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في بيان أنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته

- ‌الباب الثاني في اسمه وخلقه وكنيته

- ‌الباب الثالث في عدله وحليته

- ‌الباب الرابع في ما يظهر من الفتن الدالة على ولايته

- ‌الفصل الأول في أحاديث متفرقة مشتملة على ما قصدنا بيانه في هذا الباب وبه متعلقة

- ‌الفصل الثاني في الخسف في البيداء وحديث السفياني

- ‌الفصل الثالث في الصوت والهدة والمعمعمة والحوادث

- ‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية

- ‌الباب الخامس في أن الله تعالى يبعث من يوطئ له قبل إمارته

- ‌الباب السادس: في ما يظهر له من الكرامات في مدة خلافته

- ‌الباب السابع في شرفه وعظيم منزلته

- ‌الباب الثامن: في كرمه وفتوته

- ‌الباب التاسع فتوحاته وسيرته

- ‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير

- ‌الفصل الثاني في فتح مدينة القاطع وما يليها ورجوع حلي بيت المقدس إليها

- ‌الفصل الثالث في ما يجري من الملاحم والفتوحات المأثورة خارجاً عن ما سبق آنفاً من الأحاديث المذكورة

- ‌الباب العاشر في صلاة عيسى عليه السلام خلفه

- ‌الباب الحادي عشر في اختلاف الروايات في مدة إقامته

- ‌الباب الثاني عشر في ما يجري من الفتن في أيامه وبعد انقضاء مدته

- ‌المقدمة في ذكر تصرم الأيام المهدية وذهابها وتضرك نار الفتن والتهابها

- ‌الفصل الأول في فتحة الفتن وهي خراب يثرب على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وتركها مذللة لعافية الطير والسباع والهوام

- ‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال

- ‌الفصل الثالث في ما يستدل به على أن الدجال هو ابن صياد وذكر ما ظهر عليه من آثار البغي والعناد

- ‌الفصل الرابع في من ذهب إلى أن الدجال غير ابن صياد وإن كان من وصفه غير عاري مستدلاً على ذلك بما صح من حديث تميم الداري

- ‌الفصل الخامس في خروج يأجوج ومأجوج وكيفية فتحهم للسد في أصناف خرجت عن الحصر وأنواع أربت على العد

- ‌الفصل السادس في خروج الدابة من الأرض مؤذنة بقرب يوم العرض

- ‌الفصل السابع في طلوع الشمس من مغربها وحسم طريق التوبة وسد مذهبها

- ‌الفصل الثامن في أحاديث متفرقة وحوادث مفرقة وآثار مقلقة ومآثر موبقة

- ‌خاتمة الفتن والكتاب هدم الحبشة للكعبة وهلكة الأعراب

الفصل: ‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير

‌الباب التاسع فتوحاته وسيرته

وفيه ثلاثة فصول:

‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير

.

إنما سميت القسطنطينية لأنها نسبت إلى منشئها، وهو قسطنطين الملك، وهو أول من أظهر دين النصرانية.

ولها سبعة أسوار، عرض السور السابع منها المحيط بالستة أحد وعشرون ذراعاً، وفيه مائة باب، وعرض السور الأخير الذي يلي البلد عشرة أذرع.

وهي على خليج يصب في البحر الرومي، وهي متصلة ببلاد رومية والأندلس.

وأما رومية فهي أم بلاد الروم، وكل من ملكها منهم يقال له الباب، وهو الحاكم على دين النصرانية، بمنزلة الخليفة في المسلمين، وليس في بلاد الروم مثلها، كثيرة العجائب، محكمة البناء.

ذكر ابن خرداذبه في كتاب المسالك والممالك، أن

ص: 249

عليها سورين من حجارة عرض الأول اثنان وسبعون ذراعاً، وعرض الثاني اثنان وأربعون ذراعاً، ومسافة ما بين السورين من الفضاء ستون ذراعاً.

ولها ألف باب من النحاس الأصفر، سوى العود، والصنوبر، والخشب، والآبنوس المنقوش الذي لا يدري ما قيمته، ومسافة ما بين الباب الغربي منها إلى الباب الشرقي مائة وعشرون ميلاً.

وبين السورين نهر مغطى ببلاط من نحاس، طول كل بلاط سبعة وأربعون ذراعاً.

وهذا النهر الذي بين السورين متصل بالبحر الكبير، تدخل فيه المراكب بقلوعها إلى داخل البلد، فتصف على جانب البحر، فتبيع وتشتري.

وفيها لف ومائتا كنيسة، وأربعون ألف حمام، وفيها طلسمات للحيات والعقارب، تمنعهم من الدخول إليها.

وطلسم يمنع الغريب من الدخول إليها، وفي وسطها سوق يباع فيه الطير، مقدار فرسخ.

ومن جملة ما في داخلها من الكنائس، كنيسة بنيت على اسم بولص وبطرس الحواريين، وهما بها في جرن من الرخام مذفونين، وطول هذه الكنيسة ثلاث آلاف ذراع، وعرضها ثلاثمائة ذراع، وقيل ألف ذراع، وهي مبنية على قناطر من صفر ونحاس، وكذلك أركانها وسقوفها وحيطانها، وهي من العجائب.

وفيها كنيسة أخرى على عرض بيت المقدس وطوله، مرصعة باليواقيت والجواهر والزمرد، وطول مذبحها عشرون ذراعاً من الزمرد الأخضر، وعرضه ستة أذرع، يحمله اثنا عشر تمثالاً من الذهب الإبريز، طول كل تمثال ذراعان ونصف، ولكل تمثال عينان من الياقوت الأحمر، يضيء المكان منهما،

ص: 250

ولها ثمانية وعشرون باباً من الذهب الأحمر.

وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن رومية، فقال: مدينة كثيرة العجائب، ومن عجائبها أن في وسطها كنيسة عظيمة، وفي وسط الكنيسة عمود من الحديد الصيني، عليه تابوت من نحاس وفيه سودانية وهي زرزورة، وفي منقارها زيتونة، وفي مخلبها زيتونتان من نحاس، فإذا كان أيام الزيتون لم تبق سودانية في الدنيا على وجه الأرض إلا حملت في منقارها زيتونة، وفي مخلبيها زيتونتين، فتأتي بهم فتلقيهم في ذلك التابوت، فمنه يأكلون ويأتدمون ويوقدون من السنة إلى السنة من زيته.

وفيها من العجائب ما يطول ذكره في هذا المكان، فلنشرع فيما قصد شرحه في الفصل من البيان، على أننا لم نذكر هذه النبذة من أمرهما على سبيل الاهتمام بقدرهما والاحتفال، ولكن تنبيهاً على تعظيم قدر من يفتحه الله تعال على يديه بغير سلاح ولا قتال.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر "؟ قالوا: نعم، يا رسول الله.

قال: " لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق

ص: 251

فإذا جاؤوها نزلوا عليها فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط جانبها الذي في البحر، ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلوها، فيغنمون، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم مدينة، جانب منها إلى البحر وجانب منها على البر فيأتيهما المسلمون، فيقولون: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فيسقط جانبها الذي إلى البر، فيفتحها المسلمون بالتسبيح والتكبير ".

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تذهب الدنيا يا علي ابن أبي طالب ".

فقال علي:

ص: 252

لبيك يا رسول الله.

قال: " اعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر، ويقاتلهم من بعدكم من المؤمنين، وتخرج إليهم ورقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، حتى يفتح الله عز وجل عليهم قسطنطينية، فيصيبون نيلاً عظيماً، لم يصيبوا مثله قط، حتى إنهم يقتسمون بالترس، ثم يصرخ صارخ: يا أهل الإسلام، قد خرج المسيح الدجال في بلادكم وذراريكم. فينفض الناس عن المال، فمنهم الآخذ منهم والتارك، فالآخذ نادم، والتارك نادم، يقولون: من هذا الصائح؟ فلا يعلمون من هو، فيقولون: ابعثوا طليعة إلى لد، فإن يكن المسيح قد خرج، فيأتونكم بعلمه. فيأتون فينظرون فلا يرون شيئاً، ويروون الناس ساكنين فيقولون: ما صرخ الصارخ إلا لنبإ، فاعتزموا ثم ارشدوا، فيعتزمون أن نخرج بأجمعنا إلى لد، فإن يكن بها المسيح الدجال نقاتله، حتى يحكم الله بيننا وبينه وهو خير الحاكمين، وإن تكن الأخرى فإنها بلادكم وعشائركم، رجعتم إليها ".

أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه على الصحيح.

ص: 253

وعن عمرو بن العاص، قال:" تغزون القسطنطينية ثلاث غزوات، فأما غزوة فتكون بلاء وشدة، والغزوة الثانية يكون بينكم وبينهم صلح حتى يبني فيها المسلمون المساجد وتغزون معهم من وراء القسطنطينية، ثم ترجعون إليها، والغزوة الثالثة يفتحها الله لكم بالتكبير، فتكون على ثلاثة أثلاث، يخرب ثلثها، ويخرق ثلثها، يقسمون الثلث الباقي كيلا ".

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.

وذكر الإمام أبو الحسن محمد بن عبيد الكسائي، في قصص الأنبياء، قال: قال كعب الأخبار: يخرج المهدي إلى بلاد الروم، وجيشه مائة ألف، فيدعو ملك الروم إلى الإيمان فيأبى، فيقتتلان شهرين، فينصر الله تعالى المهدي، ويقتل من أصحابه خلقاً كثيراً، وينهزم، ويدخل إلى القسطنطينية فينزل المهدي على بابها، ولها يومئذ سبعة أسوار، فيكبر المهدي سبع تكبيرات، فيخر كل سور منها، فعند ذلك يأخذها المهدي، ويقتل من الروم خلقاً كثيراً، ويسلم على يديه خلق كثير.

وعن ابن حمير، قال: ليكونن لكم من عدوكم بهذه الرملة رملة أفريقية يوم يقبل الروم في ثمان مائة سفينة، فيقاتلوكم بهذه

ص: 254

الرملة، ثم يهزمهم الله تعالى، فتأخذون سفنهم فتركبونها إلى رومية، فإذا أتيتموها كبرتم ثلاث تكبيرات، ويرتج الحصن من تكبيرتكم فينهار في الثالثة قدر ميل، فتدخلونها فيرسل الله عليهم غمامة تغشاهم فلا تنهنهكم حتى تدخلوها، فلا تنجلي تلك الغبرة حتى تكونوا على فرشهم ".

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في قصة المهدي عليه السلام؟ قال: أخبرنا أنه ليس أحد منكم من ولد آدم غلا وقد ألم بذنب، غلا يحيى بن زكريا، فإنه لم يخط.

قال: فقال إن الله عز وجل من عليكم بتوبة تطهركم من الذنوب، كما يطهر الثوب النقي من الدنس، لم يمرون بحصن من أرض الروم، فيكبرون عليه إلا خر حائطه، فيقتلون مقاتلته حتى يدخلون مدينة الكفر القسطنطينية، فيكبرون عليها أربع تكبيرات، فيسقط حائطها.

قال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يهلك قسطنطينية ورومية، وتدخلونها، فتقتلون بها أربع مائة ألف، وتستخرجون منها كنوزاً كثيرة، ذهباً، وكنوز جوهر، تقيمون في دار البلاط " قال: دار الملك.

ثم تقيمون بها سنة تبنون المساجد، ثم ترحلون منها، حتى تأتوا مدينة يقال لها مرد قاريه، فبينما أنتم فيها

ص: 255

تقسمون كنوزها، إذ سمعتم منادياً ينادي: ألا إن الدجال قد خلفكم في أهليكم بالشام. فترجعون فإذا الأمر باطل، فعند ذلك تأخذون في اقتناء سفن، خشبها من جبل لبنان، وجبالها من نخل بيسان، فتركبون من مدينة يقال لها عكا، في ألف مركب، من ساحل الأردن بالشام، وانتم يومئذ أربعة أجناد، أهل المشرق، وأهل المغرب، وأهل الشام، وأهل الحجاز، كأنكم ولد رجل واحد، قد أذهب الله عز وجل الشحناء والتباغض من قلوبكم، فتسيرون من عكا إلى رومية، فبنما أنتم تحتها معسكرين، إذ خرج إليكم راهب من رومية، عالم من علمائهم صاحب كتب، حتى يدخل عسكركم، فيقول: أين إمامكم؟ فيقال: هذا.

فيقعد إليه، فيسأله عن صفة الجبار تبارك وتعالى، وصفة الملائكة وصفة الجنة والنار، وصفة آدم، وصفة الأنبياء عليهم السلام، حتى يبلغ إلى موسى عليه السلام، فيقول: أشهدكم أن دينكم دين الله، ودين أنبيائه، ولم يرض ديناً غيره.

ويسأل: هل يأكل أهل الجنة ويشربون؟ فيقول: نعم.

فيخر الراهب ساجداً ساعة، ثم يقول: ما ديني غيره، وهذا دين موسى، والله عز وجل أنزله على موسى عليه اللام، وإن صفة نبيكم عندنا في الإنجيل البرقليط صاحب الجمل الأحمر، وأنتم أصحاب هذه المدينة، فدعوني أدخل إليهم فأدعوهم، فإن العذاب قد أظل عليهم.

فيدخل، فيتوسط المدينة، فيصيح: يا أهل رومية، جاءكم ولد إسماعيل بن إبراهيم، الأمة الذين تجدونهم في التوراة والإنجيل، نبيهم صاحب الجمل الأحمر، فأجيبوهم وأطيعوا.

فيثبون إليه فيقتلونه، فيبعث

ص: 256

الله عز وجل إليهم ناراً من السماء، كأنها عمود، حتى تتوسط المدينة، فيقوم إمام المسلمين، فيقول: يا أيها الناس، إن الراهب قد استشهد ".

وذكر باقي الحديث.

أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري، في سننه.

وعن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الملحمة، فسمى الملحمة من عدد القوم، وأنا أفسرها لكم: إنه يحضرها اثنا عشر ملكاً من الروم، أصغرهم وأقلهم مقاتلة صاحب الروم، ولكنهم كانوا هم الدعاة، وهم دعوا تلك الأمم، واستمدوا بهم، وحرام على أحد يرى عليه حقاً للإسلام أن لا ينصر الإسلام يومئذ، وليبلغن مدد المسلمين يومئذ صنعاء الجند، وحرام على أحد يرى عليه حقاً للنصرانية أن لا ينصرها يومئذ، ولتمدنهم يومئذ الجزيرة بثلاثين ألف نصراني، يترك الرجل فدائه، يقول: أذهب أنصر النصرانية، ويسلط الحديد بعضه على بعض، فما يضر رجلاً يومئذٍ كان معه سيف لا يجدع

ص: 257

الأنف ألا يكون مكانه الصمصامة، لا يضع سيفه يومئذ على درع ولا غيره إلا قطعه، وحرام على جيش أن يترك النصر، يلقي الله تعالى الصبر على هؤلاء، وعلى هؤلاء، ويسلط الحديد بعضه على بعض ليشتد البلاء فيقتل يومئذ من المسلمين ثلث، ويفر ثلث، فيقعون في مهيل من الأرض، يعني هؤلاء، لا يرون الجنة، ولا يرون أهلهم أبداً، ويصبر ثلث، فيحرسونهم ثلاثة أيام، لا يفرون كما فر أصحابهم.

فإذا كان يوم الثالث، قال رجل منهم: يا أهل الإسلام، ما تنتظرون، قوموا فادخلوا الجنة كما دخلها إخوانكم.

فيومئذ ينزل الله تعالى نصره، ويغضب الله لدينه، ويضرب بسيفه، ويطعن برمحه، ويرمي بسهمه، لا يحل لنصراني يحمل بعد ذلك اليوم سلاحاً حتى تقوم الساعة، ويضرب المسلمون أقفاهم مدبرين، لا يمرون بحضن إلا فتح، ولا مدينة إلا فتحت، حتى يردوا القسطنطينية، فيكبرون الله تعالى ويقدسونه ويحمدونه، فيهدم الله ما بين اثنى عشر برجاً، ويدخلها المسلمون، فيومئذ تقتل مقاتلتها، وتقتض عذارها، ويأمرها الله فتظهر كنوزها، فآخذ وتارك، فيندم التارك.

فقالوا: وكيف تجتمع ندامتهما؟ قال: يندم الآخذ أن لا يكون ازداد، ويندم التارك أن لا يكون أخذ.

قالوا: إنك لترغبنا في الدنيا في آخر الزمان.

قال: إنه يكون ما أصابوا منها عوناً لهم على سنين شداد، وسنين الدجال.

وال: ويأتيهم آت وهم فيها، فيقول: خرج الدجال في بلادكم.

قال: فينصرفون حيارى، فلا يجدونه خرج.

قال: فلا يلبث إلا قليلاً، حتى يخرج.

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.

ص: 258

وعن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تكون أدنى مسالح المسلمين ببولاء ".

ثم قال: " يا علي، يا علي، يا علي ".

قال: بأبي وأمي! قال: " إنكم ستقاتلون بني الأصفر، ويقاتلونهم الذين من بعدكم، حتى تخرج إليهم روقة الإسلام، من أهل الحجاز، الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فيفتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير، فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها، حتى يقتسموا بالأترسة، ويأتي آت فيقول: إن المسيح قد خرج في بلادكم. ألا وهي كذبة، فالآخذ نادم، والتارك نادم ".

أخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، في سننه.

وعن كعب الأخبار، رضي الله عنه قال: أنصار الله ينصر يوم الملحمة الكبرى أهل الإيمان، ولا غش فيهم، يفتحها الله عز وجل عليهم.

ثم يسيرون فيدخلون أرض الروم، فلا يمرون بحصن إلا استنزلوه، ولا بأرض إلا دانت لهم، حتى ينتهوا إلى الخليج.

فييبسه الله عز وجل لهم، حتى تجوز الخيل.

ثم سيرون حتى ينزلوا على القسطنطينية، فيقاتلونهم، فيقعدون عليهم يوماً، حتى يروا حائطها، فيكبرون تكبيرة، فيضع الله عز وجل لهم ما بين برجين،

ص: 259

حتى ينهضوا إليها، ولا يدخلوها حتى يعودوا ليها في اليوم الثاني، فيفعلون مثل ذلك اليوم الأول، ثم يعودون في اليوم الثالث، حتى ينتهوا إلى حائطها، فيكبرون تكبيرة يضع الله تعالى لهم ما بين برجين، ثم ينهضون إليها، فيفتحها الله تعالى عليهم.

فبينا هم على ذلك، فيأتيهم آت من الشام، فيخبرهم أن الدجال قد خرج، فلا يفزعنكم ذلك، فإنه لا يخرج لسبع سنين بعد فتحها، فخذوا واحتملوا من غنيمتها.

أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري، في سننه.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في قصة المهدي وفتوحاته ورجوعه إلى دمشق، قال: ثم يأمر المهدي، عليه السلام، بإنشاء مراكب، فينشء أربعمائة سفينة في ساحل عكا، وتخرج الروم في مائة صليب، تحت كل صليب عشرة آلاف فيقيمون على طرسوس ويفتحونها بأسنة الرماح، ويوافيهم المهدي، عليه السلام، فيقتل من الروم حتى يتغير ماء الفرات بالدم، وتنتن حافتاه بالجيف، وينهزم من في الروم فيلحقون بأنطاكية.

وينزل المهدي على قبة العباس حذو كفر طورا، فيبعث ملك الروم يطلب الهدنة من المهدي، ويطلب المهدي منه الجزية، فيجيبه إلى ذلك، غير أنه لا يخرج من بلد الروم أحد ولا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج.

ويقيم المهدي بأنطاكية سنته تلك، ثم يسير بعد ذلك ومن تبعه من المسلمين، لا يمرون على حصن من بلد الروم، إلا قالوا عليه: لا إله إلا الله. فتتساقط حيطانه، وتقتل مقاتلته، حتى ينزل على القسطنطينية، فيكبرون عليها تكبيرات، فبنشف خليجها ويسقط سورها، فيقتلون فيها ثلاثمائة ألف مقاتل، ويستخرج منها ثلاث كنوز، كنز جوهر، وكنز ذهب وفضة، وكنز أبكار، فيفتضون ما بدا لهم، بدار البلاط سبعون ألف بكر، ويقتسمون الأموال بالغرابيل.

فبينما هم كذلك إذ سمعوا

ص: 260

الصائح: ألا إن الدجال قد خلفكم في أهليكم، فيكشف الخبر، فإذا هو باطل.

ثم يسير المهدي عليه السلام إلى رومية، ويكون قد أمر يتجهيز أربعمائة مركب من عكا، يقيض الله تعالى لهم الريح.

فلا يكون إلا يومين وليلتين حتى يحطوا على بابها، ويعلقون رحالهم على شجرة على بابها، مما يلي غربيها، فإذا رآهم أهل رومية أحدروا إليهم راهباً كبيراً عنده علم من كتبهم، فيقولون له: انظر ما يريد.

فإذا أشرف الراهب على المهدي، عليه السلام، فيقول: إن صفتك التي هي عندي، وأنت صاحب رومية.

قال: فيسأله الراهب مسائل فيجيبه عنها، فيقول المهدي عليه السلام ارجع.

فيقول: لا أرجع، أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

فيكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فتكون كالرملة على نشز فيدخلونها، فيقتلون بها خمس مائة ألف مقاتل، ويقتسمون الأموال، حتى يكون الناس في الفيء شيئاً واحداً، لكل إنسان منهم مائة ألف دينار، ومائة رأس، ما بين جارية وغلام.

وعن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:" تكون بين الروم وبين المسلمين هدنة وصلح ".

فذكر الحديث، وفي آخره: ويحيط المسلمون بمدينة الكفر ليلة الجمعة بالتحميد والتكبير والتهليل إلى الصباح، ولا يرى فيهم نائم ولا جالس.

فإذا طلع الفخر كبر المسلمون تكبيرة واحدة، فيسقط ما بين البرجين، فيقول لهم الروم: إنما كنا نقاتل العرب، الآن نقاتل ربنا، وقد هدم لهم مدينتنا، فيمكنون بأيديهم، ويكيلون الذهب بالأترسة، ويقتسمون الذراري، ويتمتعون بما في

ص: 261

أيديهم ما شاء الله، ثم يخرج الدجال حقاً، ويفتح الله القسطنطينية على أيدي أقوام هم أولياء الله تعالى، يرفع الله عنهم الموت والمرض والسقم، حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقاتلون معه الدجال ".

أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.

وعن كعب الأخبار، رضي الله عنه، قال: إن أمة تدعى النصرانية في بعض جزائر البحر، تجهز ألف مركبٍ في كل عام، فيقولون: اركبوا إن شاء الله، وإن لم يشأ. فإذا وقعوا في البحر، بعث الله عليهم ريحاً عاصفة كسرت سفنهم.

قال: فيصنعون ذلك مراراً، فإذا أراد الله تعالى اتخذت سفناً لم يوضع على البحر مثلها.

قال: ثم يقولون، اركبوا إن شاء الله. فيركبون، فيمرون بالقسطنطينية.

قال: فيفزعون لم، فيقولون: ما أنتم؟ فيقولون: نحن أمة تدعى النصرانية، نريد هذه الأمة التي أخرجتنا من بلادنا وبلاد آبائنا. فيمدونهم سفناً.

قال: فينتهون إلى عكا، فيخرجون سفنهم ويخرقونها، ويقولون: بلادنا وبلاد آبائنا.

قال: وأمير المسلمين يومئذ ببيت المقدس، فيبعث إلى مصر فيستمدهم، ويبعث إلى أهل اليمن فيستمدهم، ويبعث إلى العراق فيستمدهم.

قال: فيجيئه رسولهم من قبل أهل مصر فيقولون: إنا بحضرة بحر، والبحر حمال. فلا

ص: 262

يمدونه.

قال: فيمر الرسول بحمص، وقد أغلقها أهلها من العجم على من فيها من المسلمين.

قال: ويمده أهل اليمن على قلتهم.

قال: ويكتم الخبر، ويقول: أي شيء تنتظرون؟ الآن يغلق أهل كل مدينة على من فيها من المسلمين.

ويأخذ ثلث بأذناب الإبل، ويلحقون بالبرية، يهلكون في مهيل من الأرض، فلا إلى هليهم يرجعون، ولا إلى الجنة يرونها.

قال: ويفتح الثلث فيتبعونهم في جبل لبنان، حتى ينتهي أمير المسلمين إلى الخليج، ويصير الأمر إلى ما كان الناس عليه، الوالي يحمل لواءه.

قال: فيركز لواءه، ويأتي الماء ليتوضأ منه لصلاة الصبح فيتباعد الماء منه.

قال: فيتبعه فيتباعد منه، فإذا رأى ذلك أخذ لواءه فاتبع الماء حتى يجوز من تلك الناحية، ثم يركزه، ثم ينادي، أيها الناس، اعبروا، فإن الله عز وجل قد فرق لكم البحر، كما فرقه لبني إسرائيل.

قال: فتجوز الناس، فيستقبل القسطنينية.

قال: فيكبرون، فيهتز حائطها، ثم يكبرون فيهتز، ثم يكبرون فيسقط منها ما بين اثنى عشر برجاً، فيدخلونها فيجدون

ص: 263

فيها كنوزاً من ذهب وفضة، وكنوزاً من نحاس، فيقتسمون غنائمهم على الترسة.

أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه.

وعن أبي قبيل، أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، يقول: تذاكرنا فتح القسطنطينية ورومية، أيهما يفتح قبلن فدعا عبد الله بن عمرو بن العاص بصندوق ففتحه، فقال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، فقال:" أي المدينتين تفتح قبل "؟ قيل: يا رسول الله، الله أعلم.

فقال: مدينة هرقل.

يريد مدينة القسطنطينية.

أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه.

وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.

وأخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه بمعناه.

ص: 264