المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية - عقد الدرر في أخبار المنتظر

[يوسف بن يحيى السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في بيان أنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته

- ‌الباب الثاني في اسمه وخلقه وكنيته

- ‌الباب الثالث في عدله وحليته

- ‌الباب الرابع في ما يظهر من الفتن الدالة على ولايته

- ‌الفصل الأول في أحاديث متفرقة مشتملة على ما قصدنا بيانه في هذا الباب وبه متعلقة

- ‌الفصل الثاني في الخسف في البيداء وحديث السفياني

- ‌الفصل الثالث في الصوت والهدة والمعمعمة والحوادث

- ‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية

- ‌الباب الخامس في أن الله تعالى يبعث من يوطئ له قبل إمارته

- ‌الباب السادس: في ما يظهر له من الكرامات في مدة خلافته

- ‌الباب السابع في شرفه وعظيم منزلته

- ‌الباب الثامن: في كرمه وفتوته

- ‌الباب التاسع فتوحاته وسيرته

- ‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير

- ‌الفصل الثاني في فتح مدينة القاطع وما يليها ورجوع حلي بيت المقدس إليها

- ‌الفصل الثالث في ما يجري من الملاحم والفتوحات المأثورة خارجاً عن ما سبق آنفاً من الأحاديث المذكورة

- ‌الباب العاشر في صلاة عيسى عليه السلام خلفه

- ‌الباب الحادي عشر في اختلاف الروايات في مدة إقامته

- ‌الباب الثاني عشر في ما يجري من الفتن في أيامه وبعد انقضاء مدته

- ‌المقدمة في ذكر تصرم الأيام المهدية وذهابها وتضرك نار الفتن والتهابها

- ‌الفصل الأول في فتحة الفتن وهي خراب يثرب على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وتركها مذللة لعافية الطير والسباع والهوام

- ‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال

- ‌الفصل الثالث في ما يستدل به على أن الدجال هو ابن صياد وذكر ما ظهر عليه من آثار البغي والعناد

- ‌الفصل الرابع في من ذهب إلى أن الدجال غير ابن صياد وإن كان من وصفه غير عاري مستدلاً على ذلك بما صح من حديث تميم الداري

- ‌الفصل الخامس في خروج يأجوج ومأجوج وكيفية فتحهم للسد في أصناف خرجت عن الحصر وأنواع أربت على العد

- ‌الفصل السادس في خروج الدابة من الأرض مؤذنة بقرب يوم العرض

- ‌الفصل السابع في طلوع الشمس من مغربها وحسم طريق التوبة وسد مذهبها

- ‌الفصل الثامن في أحاديث متفرقة وحوادث مفرقة وآثار مقلقة ومآثر موبقة

- ‌خاتمة الفتن والكتاب هدم الحبشة للكعبة وهلكة الأعراب

الفصل: ‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية

‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية

قد وردت الآثار بتبيين ما يكون لظهور الإمام المهدي، عليه السلام من العلامات، وتواترت الأخبار بتعيين ما يتقدم أمامه من الفتن والحوادث والدلالات.

وقد تضمن هذا الباب جملة جميلة، وشحنت فصوله من أصوله أصيلة.

ثم ذكر في هذا الفصل الأخير منها زبدها صبرة، ليكتفي بها المطلع عليه خبره.

فمن ذلك أحوال كريهة المنظر صعبة المراس، وأهوال أليمة المخبر وفتن الأحلاس، وخروج علج من جهة المشرق يزل ملك بني العباس، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا يتوجه إلى جهة إلا منحها، ولا ترفع إليه راية إلا مزقها، ولا يستولي على قرية حصينة إلا خربها وأحرقها، ولا يحكم على نعمة إلا أزالها، وقل ما يروم من الأمور شيئاً غلا نالها. وقد نزع الله الرحمة من قلبه وقلب الإمام حالفه، وسلطهم نقمة على من عصاه وخالفه، ولا يرحمون من بكى، ولا يجيبون من شكا، يقتلون الآباء والأمهات.

ص: 177

والبنين والبنات، يهلكون بلاد العجم والعراق، ويذيقون الأمة من بأسهم أمر مذاق.

وفي ضمن ذلك حرب وهرب وإدبار، وفتن شداد وكرب وبوار، وكلما قبل انقطعت تمادت وامتدت. ومتى قيل تولت توالت واشتدت حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته. ولا مسلم إلا وصلته.

ومن ذلك سيف قاطع واختلاف شديد وبلاء عام حتى تغبط الرمم البوالي وظهور نار عظيمة من قبل المشرق تظهر في السماء ثلاث ليالي، وخروج ستين كذاباً كل منهم يدعي أنه مرسل من عند الله الواحد المعبود. وخسف قرية من قرى الشام وهدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود. وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في أفقها ولبست كحمرة الشفق المعتاد، وعقد الجسر مما يلي الكرخ لمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها وخسف يهلك فيه كثير من الأنام، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء على أهل الكوفة فيخرب كوفتهم، ونداء من السماء يعم أهل الأرض، ويسمع كل أهل لغة بلغتهم، ومسخ قوم من أهل البدع وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم، وصوت في ليلة النصف من رمضان، يوقظ النائم ويفزع اليقظان، ومعمعة في شوال، وفي ذي العقدة حرب وقتال، ونهب الحاج في ذلك الحجة، ويكثر القتل حتى يسيل الدم على المحجة، وتهتك المحارم في الحرم، وترتكب العظائم عند البيت المعظم، ثم العجب كل العجب، بين جمادى ورجب، ويكثر الهزج ويطول فيه اللبث، ويقتل ثلث

ص: 178

ويموت الثلث، ويكون ولاه الأمر كل منهم جائراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ولعل هذا الكفر مثل كفر العشير، فإنه في بعض الروايات إلى نحو ذلك يشير، وانسياب الترك ونزولهم جزيرة العرب، وتجهز الجيوش ويقتل الخليفة وتشتد الكرب، وينادي مناد على سور دمشق: ويل للعرب من شر قد اقترب.

ومن ذلك رجل من كندة أعرج، يخرج من جهة المغرب، مقرون بألويته النصر، فلا يزال بجيشه وقوة جأشه حتى يظهر على مصر.

ومن ذلك خراب معظم البلاد حتى تعود حصيداً كأن لم تغن بالأمس، واستيلاء السفياني وجنده على الكور الخمس، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وركود الشمس وكسوفها في النصف من شهر الصيام، وخسوف القمر آخر عبرة للأنام، وتلك آيتان لم يكون منذ أهبط الله آدم عليه السلام، وفتن وأهوال كثيرة، وقتل ذريع بين الكوفة والحيرة.

ومن ذلك خروج السفياني ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وعتوه وتجنيده الأجناد ذوي القلوب القاسية والوجوه العوابس، ظهور أمره وتغلبه على البلاد، وتخريبه المدارس والمساجد وإظهاره للظلم والجور والفساد، وتعذيبه كل راكع وساجد، وقتله العلماء والفضلاء والزهاد، مستبيحاً سفك الدماء المحرمة، ومعاندته لآل محمد أشد العناد متجرياً على إهانة النفوس المكرمة، والخسف بجيشه بالبيداء ومن معهم من حاضر وباد جزاء بما عملوا، ويغادرهم غدرهم مثلة للعباد ولم يبلغوا ما أملوا.

وآخر الفتن والعلامات قتل النفس الزكية، فعند ذلك يخرج الإمام

ص: 179

المهدي ذو السيرة المرضية، فيشمر عن سق جده في نضرة هذه الأمة، حاسراً عن ساعد زنده لكشف هذه الغمة، متحركاً لتسكين ثائرة الفتن عند التهابها، متقرباً لتبعيد دائرة المحن بعد اقترابها، صارفاً أعنة العناية لتدارك هذا الأمر، مباشراً بنفسه الكريمة إطفاء هذا الجمر، مخلصاً في تخليص البلاد من أيدي الفسقة الفجرة، كافاً عن صلحاء العباد أكف المقرة الكفرة، وجبريل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، والظفر مقرون ببنوده، والنصر معقود بألويته، وقد فرح أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحش بولايته:

فيسر إلى الشام في طلب السفياني

بجأش قوية وهمة سنية

وجيوش نضرة قد طبقت البرية

ونفحات نشره قد طيبت البرية

فيهزم جيش السفياني ويذبحه عند بحيرة طبرية، فتندرس آثار الظلم وتنكشف حنادس الظلمة، وتعود المحنة منحة واللأواء نعمة.

ويخرج إليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أكرم العرب فرساً وأجودهم سلاحاً يؤيد الله بهم الدين.

وتقبل الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد، يعيد الله تعالى بهم من الإسلام كل حلق جديد.

ثم يسير إلى دمشق في جيشه العرمرم، ويقيم بها مدة مؤيداً منصوراً ومكرم، ويأمر بعمارة جامعها وترميم ما وهي منها وتهدم، وتنعم الأمة في أيامه نعمة لم ينعمها قبلها أحد من الأمم، فيا طوبى لدين أدرك تلك الأيام الغر وتملى بالنظر إلى تلك الغرة الغراء ولتربة تقبل أقدامه لثم

ص: 180

ولنختم هذا الفصل بأبيات من قصيدة طويلة سنية، يرثي قاتلها فيها آل محمد ويذكر في آخرها قتل النفس الزكية، وهي مأثورة عن علامة الأدب عبد الله بن بشار بن عقب، فمنها:

أعيني فيضا عبرة بعد عبرة

فقد جان إِشفاقي وما كنت أحذر

أعيني إلا تدمعا لمصيبتي

فغيركما عني أغض وأصبر

أعيني هذا الركن ورداً تتابعوا

وهم بالسبايا دارعين وحسر

من الأكرمين البيض من آل هاشم

لهم نجم في ذروة المجد تزهر

بهم فجعتنا والفجائع كاسمها

تميم وبكر والسكون وحمير

ففي كل حي بضعة من دمائنا

لها زمن يعلو سناه ويشهر

كأن بني بيت النبي ورهطه

هدايا بدون حول بيت تعقر

غداة التقى أهل العراق عليهم

جلابيب بيض فوقهن السنور

ص: 181

رشوا المال فينا فارتشوا في دمائنا

قليلاً ولو أعطوا القليل تصبروا

لعمرك ما آووا ولا نصروا الهدى

ولا اتبعوا الحق المنير فينظروا

لهم كلَّ عام راكِبٌ وصَحِفَةٌ

بتطريدنا في الأرض تطوي وتنشر

دعتنا إليها عصبة لنجيبها

إلى نفي جور ناره تتسعر

فلما بلغنا علم ذي الموت للتي

دعونا إليها أحجموا وتحيروا

وهزوا القنا والمشرفية واتقوا

بنا حرها عند اللقاء ودخروا

صبرنا وكان الصبر منا حمية

بنو هاشم إنا بذلك أجدر

وإنا متى نفخر عليهم يكن لنا

بأحمد مجد لا يرام ومفخر

وحمزة منا رأس كل شهادة

تعد ومنا ذو الجناحين جعفر

ومنا علي سيد الناس كلهم

وقائدهم بعد النبي مبشر

وأنا خصصنا بالمودة دونهم

وإن لنا الفضل الذي ليس ينكر

فلله قتلانا وسفك دمائنا

وذمتنا إذ نستباح وتخفر

ص: 182

ويقتل من أشياع آل محمد

ويصلب منهم من يسمى ويذكر

وللجيش بالبيدَاء في الخسف عبرة

فيرجع منها مقبل القلب مدبر

وفي قتل نفس بعد ذاك زكية

أمارات حق عند من يتذكر

عن عامر، قال: سألت عبد الله بن بشار، عن النفس الزكية، قال: هو من أهل البيت، وعند قتلها ظهور المهدي عليه السلام.

وآخر عند البيت يقتل ضيعة

يقوم فيدعو للإمام فينحر

وتدخل نار جوف كوفة ضحوة

تسيل بها سيلاً فتخرق أدور

ويبعث أهل الشام بعثاً عليهم

بناحية البيداء خسف مقدر

وخيل تعادى بالكماة كأنها

هي الريح إذ تحت العجاجة تصبر

يقود نواصيها شعيب بن صالح

إلى سيد من آل هاشم يزهر

على شقه شق اليمين علامةً

لدى الخد عند الصدغ خال منور

ص: 183