المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال - عقد الدرر في أخبار المنتظر

[يوسف بن يحيى السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في بيان أنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته

- ‌الباب الثاني في اسمه وخلقه وكنيته

- ‌الباب الثالث في عدله وحليته

- ‌الباب الرابع في ما يظهر من الفتن الدالة على ولايته

- ‌الفصل الأول في أحاديث متفرقة مشتملة على ما قصدنا بيانه في هذا الباب وبه متعلقة

- ‌الفصل الثاني في الخسف في البيداء وحديث السفياني

- ‌الفصل الثالث في الصوت والهدة والمعمعمة والحوادث

- ‌الفصل الرابع في زبد أحاديث مرضية وبيان أن آخر العلامات قتل النفس الزكية

- ‌الباب الخامس في أن الله تعالى يبعث من يوطئ له قبل إمارته

- ‌الباب السادس: في ما يظهر له من الكرامات في مدة خلافته

- ‌الباب السابع في شرفه وعظيم منزلته

- ‌الباب الثامن: في كرمه وفتوته

- ‌الباب التاسع فتوحاته وسيرته

- ‌الفصل الأول في فتح قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير وما تناله جيوش الإسلام منهما من غنيمة، وخير كثير

- ‌الفصل الثاني في فتح مدينة القاطع وما يليها ورجوع حلي بيت المقدس إليها

- ‌الفصل الثالث في ما يجري من الملاحم والفتوحات المأثورة خارجاً عن ما سبق آنفاً من الأحاديث المذكورة

- ‌الباب العاشر في صلاة عيسى عليه السلام خلفه

- ‌الباب الحادي عشر في اختلاف الروايات في مدة إقامته

- ‌الباب الثاني عشر في ما يجري من الفتن في أيامه وبعد انقضاء مدته

- ‌المقدمة في ذكر تصرم الأيام المهدية وذهابها وتضرك نار الفتن والتهابها

- ‌الفصل الأول في فتحة الفتن وهي خراب يثرب على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وتركها مذللة لعافية الطير والسباع والهوام

- ‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال

- ‌الفصل الثالث في ما يستدل به على أن الدجال هو ابن صياد وذكر ما ظهر عليه من آثار البغي والعناد

- ‌الفصل الرابع في من ذهب إلى أن الدجال غير ابن صياد وإن كان من وصفه غير عاري مستدلاً على ذلك بما صح من حديث تميم الداري

- ‌الفصل الخامس في خروج يأجوج ومأجوج وكيفية فتحهم للسد في أصناف خرجت عن الحصر وأنواع أربت على العد

- ‌الفصل السادس في خروج الدابة من الأرض مؤذنة بقرب يوم العرض

- ‌الفصل السابع في طلوع الشمس من مغربها وحسم طريق التوبة وسد مذهبها

- ‌الفصل الثامن في أحاديث متفرقة وحوادث مفرقة وآثار مقلقة ومآثر موبقة

- ‌خاتمة الفتن والكتاب هدم الحبشة للكعبة وهلكة الأعراب

الفصل: ‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال

‌الفصل الثاني في ما جاء من الآثار الدالة على خروج الدجال وما يكون في ضمن ذلك من قحط وفتن وأوجال

عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: إنما سمي الدجال دجالاً لتمويهه. تقول: دخلت السيف، إذا موهته، ودجلت البعير: إذا طليته بالقطران.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من نبي إلا أنذر أمته الدجال الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر ".

أخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بالبخاري، في

ص: 323

صحيحه هكذا.

وأخرجه الإمام مسلم، في صحيحه، وزاد بعد قوله كافر: لم تهجاها ك ف ر. " يقرأه كل مسلم ".

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان؛ أحدهما، رأي العين ماء أبيض، والآخر، رأى الغين، نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً، وليغمض، ثم ليطاطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كل مؤمن كانت وغير كاتب ".

أخرجه الإمام أبو الحسين مسلم، في صحيحه.

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال ".

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 324

الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة، فخفضت ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل.......

فقال: غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج، وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج، ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط، عينيه طافية، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج من حلةٍ بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا ".

قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال:" أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم ".

قلنا: يا رسول فذلك الذي كسنةِ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، أقدروا له قدره ".

قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟

ص: 325

قال: " كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتثبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً، وأسمنه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فيصبحون مملحين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين، رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك. فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء، شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يجل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي بصره، فيطلبه حتى يدركه بباب لذ، فيقتله، ثم يأتي عيسى قوم قد عصمهم الله عز وجل، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم

ص: 326

بدرجاتهم في الجنة، وذكر باقي الحديث.

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال، فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح، مسالح الدجال، فيقولن له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الرجل الذي خرج.

قال: فيولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خلفاء.

فيقولن: اقتلوه.

فيقول بعضهم لبعض. أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يأيها الناس، هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فيأمر الدجال به فيشج.

فيقول: خذوه وشجوه. فيوجع ظهره وبطنه ضرباً.

قال: فيقول: أوما تؤمن بي؟ قال فيؤمر به، فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه.

قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم فيستوي قائماً.

ثم يقول له: أتؤمن بي.

فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة.

قال: ثم يقول: يأيها الناس، إنه لا يفعل هذا بعدي بأحد.

قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاس، فلا يستطيع إليه سبيلاً.

قال: فيأخذ بيديه ورجليه، فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة ".

ص: 327

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ".

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: ما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أحد عن الدجال أكثر مما سألته، فقال:" وما سؤالك "؟.

وفي رواية: " وما ينصبك منه، لا يضرك ".

قال: قلت، يا رسول الله، إنهم يقولون إن معه جبال من خبز ولحم، ونهر من ماء.

قال: هو أهون على الله من ذلك.

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهنالك يهلك ".

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن أسماء بنت يزيد بن السكن، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، فذكر الدجال، فقال: " إن بين يديه ثلاث سنين، سنة تمسك السماء فيها ثلث قطرها، والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك ثلثي قطرها،

ص: 328

والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله، والأرض نباتها كله، فلا يبقى ذات ظلف، ولا ذات خف من البهائم إلا هلكت، وإن من أشر فتنه أنه يأتي الأعرابي، فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك، ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى.

فيتمثل له نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعاً، وأعظمه، وأسمنه.......

قال: ويأتي الرجل قد مات أخوه، ومات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أخاك وأباك، ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى.

فيتمثل له الشيطان نحو أبيه وأخيه ".

قالت: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة ثم رجع، والقوم في اهتمام وغم، مما حدثهم.

قالت: فأخذ بناحيتي الباب، فقال:" مهيم "؟ فقالت أسماء: يا رسول الله، لقد حشيت أفئدتنا بذكر الدجال.

قال: " إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه، وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن ".

فقلت: يا رسول الله، إنا لنعجن عجيناً فما نخبزه حتى نجوع، فكيف بالمؤمنين يومئذ.

قال: " يجزئهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح

ص: 329

والتقديس ".

أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.

وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال في أمتي، فيمكث أربعين " لا أدري أربعين يوماً، أو أربعين شهراً، أو

ص: 330

أربعين عاماً فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة "، وذكر باقي الحديث.

أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة ".

أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق، يقال لها خراسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة ".

ص: 331

أخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، في سننه.

وعن حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة فتح القسطنطينية وغيرها: " ثم تقفلون منها - يعني مدينة القاطع - إلى بيت المقدس، فيبلغكم أن الدجال قد خرج في يهود أصبهان، إحدى عينيه ممزوجة بالدم، والأخرى كأنها لم تخلق، يتناول الطير من الهواء، له ثلاث صيحات، يسمعهن أهل المشرق وأهل المغرب، يركب حماراً أبتر، بين أذنيه أربعون ذراعاً، يستظل تحت أذنيه سبعون ألفاً من اليهود عليهم التيجان، فإذا كان يوم الجمعة من صلاة الغداة، وقد أقيمت الصلاة، فالتفت المهدي، فإذا هو بعيسى ابن مريم، قد نزل من السماء في ثوبين، كأنما يقطر من رأسه الماء " - فقال أبو هريرة: إن خرجته هذه ليست كخرجته الأولى، تلقى عليه مهابة كمهابة الموت - " فيقول له الإمام: تقدم فصل بالناس، فيقول له عيسى: إنما أقيمت الصلاة لك، فيصلي عيسى خلفه ".

ص: 332

قال حذيفة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد أفلحت أمة أنا أولها، وعيسى آخرها ".

أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري، في سننه.

وعن إسماعيل بن رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو، عن أبي أمامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر حديثاً حدثناه عن الدجال، وحذرنا فكان من قوله أن قال: " إنه لم تكن فتنة في الأرض، منذ ذرأ الله تعالى ذرية آدم عليه السلام، أعظم من فتنة الدجال، وإن الله تعالى لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيجه، وإن يخرج بعدي فكل حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فيعيث يميناً، ويعيث شمالاً، يا عباد الله أيها الناس فاثبتوا، فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي، إنه يبدأ فيقول: أنا نبي، لا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا

ص: 333

ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كل مؤمن؛ كاتب، وغير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنة وناراً، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله، وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه برداً وسلاماً، كما كانت النار على إبراهيم، وإن من فتنته يقول لأعرابي: أرأيت إن أبعث لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم.

فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه، فإنه ربك.

وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها، وينشرها بالمنشار حتى تلقى شقتين، لم يقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أنه له رباً غيري.

فيبعثه الله تعالى، فيقول له الخبيث: من ربك؟......

فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله، أنت الدجال، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم ".

قال أبو الحسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي، قال: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة ".

قال: قال أبو سعيد: والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتى مضى لسبيله.

ص: 334

قال المحاربي: ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع، قال: " وإن من فنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت.

وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت.

وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح، مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمده خواصر وأدره ضروعاً.

وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة، فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته، حتى ينزل عند الظريب الأحمر، عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعي ذلك اليوم يوم الخلاص ".

فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: " هم يومئذ قليل، وجلهم ببيته المقدس، وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي الصبح، إذ نزل عيسى ابن مريم للصبح، فيرجع ذلك الإمام ينكص، يمشي القهقرى، ليتقدم عيسى ابن مريم ليصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين

ص: 335

كتفيه، ثم يقول: تقدم فصل؛ فإنه لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم.

فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب. فيفتح ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلىً وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وانطلق هارباً.

فيقول عيسى إن لي فيك ضربةً لن تسبقني بها، فيدركه عند باب لُدِّ الشرقي فيقتله. ويهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، ولا حجر، ولا شجر، ولا حائط - إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال: يا عبد الله المسلم، هذا يهودي، فتعال اقتله ".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، الشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي ".

فقيل له: يا رسول الله، كيف يصلي في تلك الأيام القصار؟ قال:" تقدرون فيها الصلاة، كما تقدرونها في هذا الأيام الطوال، ثم صلوا ".

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدق الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع

ص: 336

الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في فم الحية فلا تضره، وتنفر الوليد الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله عز وجل، وتضع أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نبتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بدريهمات ".

قيل: يا رسول الله، وما يرخص الفرس؟ قال:" لا تركب لحرب أبداً ".

قيل: يا رسول الله، وما يغلي الثور؟ قال:" تحرث الأرض كلها ".

" وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله تعالى السماء السنة الأول أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر الله تعالى السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله تعالى ".

فقيل: وما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: " التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام ".

أخرجه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، في

ص: 337

سننه.

وقال: في آخره: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.......

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن طعام المؤمنين في زمن الدجال، قال:" طعام الملائكة ".

قالوا: وما طعام الملائكة؟ قال: " طعامهم منطقهم بالتسبيح والتقديس، فمن كان منطقه يومئذ التسبيح والتقديس، أذهب الله عنه الجوع، فلا يحس جوعاً ".

أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم، ولم يخرجه.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في قصة الدجال، قال: ألا وإن أكثر أتباعه أولاد الزنا، لابسو التيجان، وهم اليهود،

ص: 338

عليهم لعنة الله، يأكل ويشرب، له حمار أحمر، طوله ستون خطوة مد بصره، أغور اليمين، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، صمد لا يطعم، فيشمل البلاد البلاء، ويقيم الدجال أربعين يوماً، أو يوم كسنة، والثاني كأقل، فلا تزال تصغر وتقصر حتى تكون آخر أيامه كليلة يوم من أيامكم هذه، يطأ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس.

ويدخل المهدي عليه السلام بيت المقدس ويصلي بالناس إماماً، فإذا كان يوم الجمعة، وقد أقيمت الصلاة نزل عيسى ابن مريم عليه السلام بثوبين مشرقين حمر، كأنما يقطر من رأسه الدهن، رجل الشعر، صبيح الوجه، أشبه خلق الله عز وجل بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام فيلتفت المهدي، فينظر عيسى عليه السلام، فيقول لعيسى: يا ابن البتول، صل بالناس. فيقول: لك أقيمت الصلاة، فيتقدم المهدي عليه السلام، فيصلي بالناس، ويصلي عيسى عليه السلام خلفه، ويبايعه.

ويخرج عيسى عليه السلام فيلتقي الدجال، فيطعنه، فيذوب كما يذوب الرصاص، ولا تقبل الأرض منهم أحداً، لا يزال الحجر والشجر يقول: يا مؤمن، تحتي كافر اقتله.

ثم إن عيسى عليه السلام يتزوج امرأة من غسان، ويولد له منها مولد، ويخرج حاجاً، فيقبض الله تعالى روحه في طريقه قبل وصوله إلى مكة.

ص: 339

وذكر الإمام أبو الحسن محمد بن عبيد الله الكسائي، في قصص الأنبياء، قال: قال كعب الأخبار: يخرج المهدي إلى بلاد الروم. فذكر قصة فتح الروم والقسطنطينية، وقال: ثم يأتيه الخبر بخروج الأعور الدجال، وهو رجل عريض، عينه اليمنى مطموسة، وأما اليسرى فكأنها كوكب، مكتوب بين عينيه كافر بالله وبرسوله، يخرج يدعي أنه الرب، ولا يسمعه أحد إلا تبعه إلا من عصمه الله تعالى، ويكون له جنة ونار، فيقول: هذه جنة لمن سجد لي، ومن أبي أدخلته النار.

قال: قال وهب بن منبه: عند خروج الأعور الدجال، تهب ريح قوم عاد، وسماع صيحة كصيحة قوم صالح، ويكون مسخ كمسخ أصحاب الرسِّ، وذلك عند ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسفكون الدماء، ويستحلون الربات، ويعظم البلاء، وتشرب الخمر، ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فعند ذلك يخرج الدجال من ناحية المشرق، من قرية يقال لها درادس، يخرج على حمار مطموس العين، مكسور الطرف، يخرج منه الحيات، محدودب الظهر، وقد صور كل السلاح في يديه، حتى الرمح والقوس، يخوض البحار إلى كعبه، وتكون أجناده أولاد الزنا، وتجيء إليه السحرة، وإذا أتى ببلد يقول: أنا ربكم.

قال: يطوف الأرض جميعاً، حتى يدخل أرض بابل، يلقاه الخضر

ص: 340

فقال: أنا ربكم.

فقال الخضر: كذبت يا دجال، إن رب العالمين رب السموات والأرض.

فيقتله الدجال، ويقول: قل لرب العالمين يحييك.

فيحيي الله تعالى الخضر عليه السلام فيقوم، ويقولك ها أنا يا دجال.

فيقول لأصحاب الدجال: يا ويلكم، لا تعبدوا هذا الكافر الملعون.

فيقتله ثلاث مرات، فيحييه الله تعالى.

ثم يخرج الدجال نحو مكة، فينظر إلى الملائكة محدقين بالبيت الحرام.

ثم يسير إلى المدينة، فيجدها

ص: 341

كذلك، يطوف البلاد إلا أربع مدن، مكة والمدينة، وبيت المقدس، وطرسوس.

وأما المؤمنون فإنهم يصومون ويصلون، غير أنهم تركوا المساجد ولزموا بيوتهم. والشمس تطلع عليهم مرة بيضاء ومرة حمراء، ومرة سوداء، والأرض تزلزل، والمسلمون يصبرون، حتى يسمعوا بمسير المهدي إلى الدجال فيفرحون بذلك.......

ويقال: إن المهدي يسير إلى قتال الدجال، وعلى رأسه عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة بيضاء، فيلتقون ويقتلون قتالاً شديداً، فيقتل من أصحاب الدجال ثلاثين ألفاً، وينهزم الدجال ومن معه نحو بيت المقدس، فيأمر الله تعالى الأرض بإمساك خيولهم، ثم يرسل الله تعالى عليهم ريحاً حمراء، فيهلك منهم أربعون ألفاً.

ثم يسير المهدي في طلبه، فيجد من عسكره نحواً من خمسين ألفاً فيريهم الآيات والمعجزات، ويدعوهم إلى الإيمان، فلا يؤمنون، فيمسخهم الله تعالى قردة وخنازير.

ثم يأمر الله عز وجل جبريل أن يهبط بعيسى، عليهما السلام إلى الأرض وهو في السماء الثانية، فيأتيه، فيقول: يا روح الله وكلمته، ربك يأمرك بالنزول إلى الأرض. فينزل ومعه سبعون ألفاً من الملائكة، وهو بعمامة خضراء، متقلد بسيف على فرس، بيده خربة، فإذا نزل الأرض نادى

ص: 342

منادٍ: يا معشر المسلمين، جاء الحق وزهق الباطل. فأول من يسمع بذلك المهدي فيصير إليه ويذكر الدجال، فيسير إليه فإذا نظر الدجال إليه يرتعد كأنه العصفور في يوم ريح عاصف، فيتقدم إليه عيسى، فإذا رآه الدجال يذوب، كما يذوب الرصاص، فيقول عيسى: ألست زعمت أنك إلهٌ تعبد، فلم لا تدفع عن نفسك القتل؟ ثم يطعنه بحربة، فيموت.

ثم يضع المهدي سيفه وأصحابه في أصحاب الدجال، فيقتلونهم فيملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً، حتى ترعى الوحوش والسباع، وتلعب بهم الصبين، وتأمن النساء في أنفسهن، حتى لو أن امرأة في العراء لم تخف على نفسها، ويظهر الله تعالى كنوز الأرض للمؤمنين، ويستغني كل فقير، بقدرة الله تعالى.

قال وهب بن منبه، وكعب الأخبار، رضي الله عنهما: فعند ذلك يتزوج بامرأة من الرب، فيمكث ما شاء الله، ثم يخرج يأجوج ومأجوج.

ص: 343