الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في الخسف في البيداء وحديث السفياني
عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن عائشة رضي الله عنها، قالت: عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، فقلنا: يا رسول الله، صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله؟ فقال: العجب إن ناساً من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ".
قلنا: يا رسول الله، إن الطريق قد تجمع الناس.
فقال: " نعم، فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل، يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله تعالى على نياتهم ".
أخرجه الإمام مسلم، في صحيحه.
وفي رواية فيه، قال: فلقيت أبا جعفرِ، فقلت: إنها إنما قالت ببيداء من الأرض! قال أبو جعفر: كلا والله إنها لبيداء المدينة.
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثاً فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال،
ويحمل في الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرائه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون ".
أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم؛ منهم الإمام أبو داود السجستاني، في سننه.
والإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه.
والحافظ الإمام أبو عبد الله بن ماجه القزويني، في سننه.
والحافظ أبو عبد الرحمن النسائي في سننه.
والإمام ابن حنبل في مسنده.
والحافظ أبو بكر البيهقي في البعث والنشور.
رضي الله عنهم أجمعين.
وفي رواية لأبي داود، بدل سبع سنين: تسع.
وعن أم سلمة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يبايع لرجل من أمتي، بين الركن والمقام، كعدة أهل بدر، فتأتيه عصب العراق، وأبدال الشام، فيأتيهم جيش من الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب، فيهزم مهم الله تعالى ".
قال: " وكان يقال إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ".
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: يبعث صاحب المدينة إلى الهاشميين جيشاً فيهزمونهم، فيسمع بذلك الخليفة بالشام، فيبعث إليهم جيشاً فيه ستمائة عريف، فإذا أتو البيداء فنزلوها في ليلة مقمرة أقبل راع ينظر إليهم ويعجب، ويقول: يا ويح أهل مكة مما جاءهم. فينصرف إلى غنمه، ثم يرجع فلا يرى أحداً، فإذا هم خسف بهم، فيقول: سبحان الله، ارتحلوا في ساعة واحدة.
فيأتي منزلهم فيجد قطيفة، فيعرف أنه قد خسف بهم، فينطلق إلى صاحب مكة فيبشره،
فيقول صاحب مكة: الحمد لله، هذه العلامة التي كنتم تخبرون. فيسيرون إلى الشام.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
وعن علقمة، قال: قال ابن مسعود: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحذركم سبع فتن تكون بعدي؛ فتنة تقبل من المدينة، وفتنة بمكة، وفتنة تقبل من اليمن، وفتنة تقبل من الشام، وفتنة تقبل من المشرق، وفتنة تقبل من المغرب، وفتنة من بطن الشام، وهي السفياني ".
قال، فقال ابن مسعود: منكم من يدرك أولها، ومن هذه الأمة من يدرك آخرها.
قال الوليد بن عياش: فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير، وفتنة مكة من قبل عبد الله بن الزبير، وفتنة الشام من قبل بني أمية، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وأخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
وعن خالد بن معدان، قال: يخرج السفياني، وبيده ثلاث قصبات، لا يقرع بهن أحداً إلا مات.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، أيضاً.
وعن أبي مريم، عن أشياخه، قال: يؤتى السفياني في منامه، فيقال له: قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحداً، ثم يؤتى الثانية، فيقال له مثل ذلك، ثم يقال له في الثالثة: قم فاخرج فانظر من على باب دارك. فينحدر في الثالثة إلى باب داره، فإذا هو بسبعة نفر، أو تسعة، ومعهم لواء فيقولون: نحن أصحابك. فيخرج فيهم، ويتبعهم ناس من قريات الوادي اليابس، فيخرج إليه صاحب دمشق ليلقاه ويقاتله، فإذا نظر إلى رايته انهزم.
أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار جذري، بعينه نكتة بياض، يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له الوادي اليابس، يخرج في سبعة نفر، مع رجل منهم لواء معقود، يعرفون به في النصر، يسير بين يديه على ثلاثين ميلاً،
لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلا انهزم.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جنده فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا جاز ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم ".
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.
وعن المهاجر بن القبطية، قال: سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليخسفن بقوم يغزون هذا البيت ببيداء من الأرض ".
فقالت أم سلمة: يا رسول اللهِ، أرأيت إن كان فيهم الكاره؟ قال:" يبعث كل رجل على نيته ".
أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه.
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش الذي يخسف بهم.
فقالت أم سلمة: يا رسول الله، لعل فيهم المكره؟ قال:" إنهم يبعثون على نياتهم ".
أخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، في سننه.
وذكر الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في معنى قوله عز وجل في سورة سبأ: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " فذكر سنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب: فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني، من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين؛ جيشاً إلى المشرق، وجيشاً إلى المدينة، حتى إذا نزلوا بأرض بابل، في المدينة الملعونة، والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويبقرون بها أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس.
ثم ينحدرون إلى الكوفة، فيخربون ما حولها.
ثم يخرجون متوجهين إلى الشام
فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش، منها على مسيرة ليلتين، فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم.
ويحل جيشه الثاني بالمدينة، فينهبونها ثلاثة أيام ولياليها.
ثم يخرجون متوجهين إلى مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء، بعث الله عز وجل جبريل، فيقول: يا جبريل: اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، وذلك قوله عز وجل في سورة سبأ:" ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب "، ولا يفلت منهم إلا رجلان؛ أحدهما بشير، والآخر نذير، وهما من جهينة.
فلذلك جاء القول:
وعند جهينة الخبر اليقين
وذكر هذه القصة أيضاً في تفسيره الإمام أبو جعفر الطبري، عن حذيفة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر الإمام أبو بكر محمد بن الحسن النقاش المقري، في تفسيره، قال: نزلت - يعني هذه الآية - في السفياني، وذلك أنه يخرج من الوادي اليابس في أخواله، وأخواله من كلب، يخطبون على منابر الشام، فإذا بلغوا عين التمر محا الله تعالى الإيمان من قلوبهم، فتجوز حتى ينتهوا إلى جبل الذهب فيقاتلون قتالاً، شديداً فيقتل السفياني سبعين ألف رجل، عليهم المحلاة والمناطق المفضضة.
ثم يدخل الكوفة، فيصير أهلها ثلاثة فرق فرقة تلحق به: وهم أشر خلق الله تعالى، وفرقة تقاتله وهم عند الله تعالى شهداء، وفرقة تلحق الأعراب، وهم العصاة.
ثم يغلب على الكوفة فيفتض أصحابه ثلاثين ألف عذراء، فإذا أصبحوا كشفوا شعورهن، وأقاموهن في السوق يبيعونهن، فعند ذلك كم من لاطمه خدها، كاشفة شعره، بدجلة أو على شاطئ الفرات.
فيبلغ الخبر أهل البصرة، فيركبون إليهم في البر والبحر، فيستنقذون أولئك النساء من أيديهم.
فيصيرون - أصحاب السفياني - ثلاث فرق، فرقة تسير نحو الري، وفرقة تبقى في الكوفة، وفرقة تأتي المدينة، وعليهم رجل من بني زهرة، فيحاصرون أهل المدينة فيقبلون جميعاً.
فيقتل بالمدينة مقتلة عظيمة حتى يبلغ الدم الرأس المقطوع، ويقتل رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وامرأة، واسم الرجل محمد ويقال اسمه علي والمرأة فاطمة،
فيصلبونهما عراة.
فعند ذلك يشتد غضب الله تعالى عليهم، ويبلغ الخبر إلى ولي الله تعالى، فيخرج من قرية من قرى جرش، في ثلاثين رجلاً، فيبلغ المؤمن خروجه، فيأتونه من كل أرض، يحنون إليه كما تحنون إليه كما تحن الناقة إلى فصيلها، فيجيء فيدخل مكة، وتقام الصلاة، فيقولون: تقدم يا ولي الله.
فيقول: لا أفعل، أنتم الذي نكثتم وغدرتم.
فيصلي بهم رجلٌ، ثم يتداعون عليه بالبيعة تداعي الإبل الهيمِ يوم وردوها حياضها، فيبايعونه.
فإذا فرغ من البيعة تبعه الناس، ثم يبعث خيلاً إلى المدينة، عليهم رجل من أهل بيته ليقاتل الزهري، فيقتل أصحابه، فالخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ولو بعقال.
فإذا بلغ الخبر السفياني خرج من الكوفة في سبعين ألف، حتى إذا بلغ البيداء عسكر بها، وهو يريد قتال ولي الله، وخراب بيت الله، فبينما هم كذلك بالبيداء إذ نفر فرس لرجل من العسكر، فخرج الرجل في طلبه، وبعث الله إليه جبريل فضرب الأرض برجله ضربة، فيخسف الله تعالى بالسفياني وأصحابه.
ويرجع الرجل يقود فرسه، فيستقبله جبريل عليه السلام فيقول: ما هذه الضجة في العسكر؟ فيضربه جبريل عليه السلام بجناحه، فيحول وجهه مكان القفا، ثم يمشي القهقرى.
فهذه الآية نزلت فيهم: " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت " فلا يفوتون " وأخذوا من مكان قريب " يقول: من تحت أقدامهم.
وعن كعب الأخبار، رضي الله عنه، قال: لا يعبر السفياني الفرات إلا وهو كافر.
أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه.
وذكر الإمام أبو الحسن محمد بن عبيد الكسائي، في قصص الأنبياء عليهم السلام عن كعب الأخبار رضي الله عنه أنه قال: لا بد من نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض، ولا بد أن يظهر بين يديه علامات وفتن، فأول ما يخرج ويغلب على البلاد الأصهب، يخرج من بلاد الجزيرة، ثم يخرج من بعده الجرهمي من الشام، ويخرج القحطاني من بلاد اليمن.
قال كعب الأخبار: بينما هؤلاء الثلاثة قد تغلبوا على مواضعهم بالظلم، وإذ قد خرج السفياني من دمشق، وقيل: إنه يخرج من واد بأرض الشام، ومعه أخواله من بني كلب، واسمه معاوية بن عتبة، وهو ربعة من الرجال، دقيق الوجه، جهوري الصوت، طويل الأنف، عينه اليمنى يحسبه من يراه يقول أعور، ويظهر الزهد، فإذا اشتدت شوكته محا الله الإيمان
من قلبه، وسفك الدماء، ويعطل الجمعة والجماعة، ويكثر في زمانه الكفر والفسق في كل البلاد، حتى يفجر الفساق، ويكثر القتل في الدنيا.
فعند ذلك يجتمعون أهل مكة إلى السفياني، يخوفونه عقوبة الله عز وجل، فيأمر بقتلهم، وقتل العلماء والزهاد في جميع الآفاق.
فعند ذلك يجتمعون إلى رجل من قريش، له اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم، لهلاك السفياني ويتصل بمكة، ويكونون على عدد أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ثم تجتمع إليه المؤمنون، عدد أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ثم تجتمع إليه المؤمنون، وينكسف القمر ثلاث ليالي متواليات.
ثم يظهر المهدي بمكة، فيبلغ خبره إلى السفياني، فيجيش إليه ثلاثين ألف، وينزلون بالبيداء، فإذا استقروا خسف الله بهم، وتأخذهم الأرض إلى أعناقهم، حتى لا يفلت منهم إلا رجلان يمران، فيخبر السفياني، فإذا وصلوا إلى عسكره أصابهما كما أصابهم، ثم يخسف بأحد الرجلين، والآخر حول الله وجهه إلى قفاه، فيغنم المهدي أموالهم، فذلك قوله تعالى:" ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " وعن حذيفة، رضي عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تكون وقعة بالزوراء ".
قالوا: يا رسول الله، وما الزوراء؟ قال: مدينة بالمشرق، بين أنهار، يسكنها شرار خلق الله، وجبابرة من أمتي، تقذف بأربعة أصناف من العذاب، بالسيف، والخسف، والقذف، والمسخ ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خرجت السودان طلبت العرب، ينكشفون
حتى يلحقوا ببطن الأرض "، أو قال: " ببطن الأردن "، " فبينما هم كذلك إذ خرج السفياني في ستين وثلاثمائة راكب، حتى يأتي دمشق، فلا يأتي عليه شهر حتى يبايعه من كلب ثلاثون ألفاً.
فيبعث جيشاً إلى العراق فيقتل بالزوراء مائة ألف.
ويخرجون إلى الكوفة فينهبونها.
فعند ذلك تخرج راية من المشرق، ويقودها رجل من تميم، يقال له: شعيب بن صالح، فيستنقذ ما في أيديهم من سبي أهل الكوفة ويقتلهم.
ويخرج جيش خر من جيوش السفياني إلى المدينة، فينهبونها ثلاثة أيام.
ثم يسيرون إلى مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله تعالى جبريل عليه السلام، فيقول: يا جبريل عذبهم. فيضربهم برجله ضربة يخسف الجيش، فلا يهوله.
ثم إن رجلان، فيقدمان على السفياني فيخبرانه بخسف الجيش، فلا يهوله.
ثم إن رجالاً من قريش يهربون إلى قسطنطينية، فيبعث السفياني إلى عظيم الروم: أن ابعث بهم في المجامع.
قال: فيبعث بهم إليه، فيضرب أعناقهم على باب المدينة بدمشق.
قال حذيفة: حتى إنه يطاف بالمرأة في مسجد دمشق في الثوب على مجلس مجلس، حتى تأتي فخذ السفياني فتجلس عليه، وهو في المحراب قاعداً، فيقوم رجل مسلم من المسلمين، فيقول: ويحكم، أكفرتم بعد إيمانكم؟ إن هذا لا يحل. فيقوم فيضرِب عنقه في مسجد دمشق، ويقتُل كل من شايعه على ذلك.
فعند ذلك ينادي مناد من السماء: يا أًيها الناس، إن الله عز وجل قد قطع عنكم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم، وولاكم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فالحقوا به بمكة، فإنه المهدي، واسمه أحمد بن عبد الله ".
قال حذيفة: فقام عمران بن الحصين، فقال يا رسول الله، كيف لنا
حتى نعرفه؟ قال: " هو رجل من ولدي، كأنه من رجال بني إسرائيل، عليه عباءتان قطوانيتان، وكأن وجهه الكوكب الدري في اللون، في خده الأيمن خال أسود، ابن أربعين سنة.
فيخرج الأبدال من الشام وأشباههم، وتخرج إليه النجباء من مصر، وعصائب أهل الشرق وأشباههم، حتى يأتوا مكة، فيبايع له بين الركن والمقام.
ثم يخرج متوجهاً إلى الشام، وجبريل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، فيفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش، والحيتان في البحر وتزيد المياه في دولته، وتمد الأنهار، وتضعف الأرض أكلها، وتستخرج الكنوز كلها، فيقدم الشام، فيذبح السفياني تحت الشجرة التي أغصانها إلى بحيرة طبرية، ويقتل كلباً ".
قال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فالخائب من خاب يوم كلب، ولو بعقال ".
قال حذيفة: يا رسول الله، كيف يحل قتالهم وهم موحدون؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا حذيفة، هم يومئذ على ردة، يزعمون أن الخمر حلال، ولا يصلون ".
أخرجه الإمام أبو عمرو عثمان بن سيعد المقري، في سننه.
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" المحروم من حرم غنيمة كلب، ولو عقالاً، والذي نفسي بيده لتباعن نساؤهم على درج دمشق، حتى ترد المرأة من كسر يوجد بساقها ".
أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وعن محمد بن علي، عليهما السلام، قال: إذا سمع العايد
بمكة بالخسف، خرج في اثني عشر ألفاً، فيهم الأبدال، حتى يأتي إيليا، فيقول الذي بعث الجيش حين يبلغه الخبر بإيليا: لعمر الله، لقد جعل الله في هذا الرجل عبرة، بعثت إليه ما هيأت فساحوا في الأرض، إن في هذا لعبرة وبصيرة.
فيؤدي إليه السفياني الطاعة، ثم يخرج حتى يلقى كلباً، وهم أخواله، فيعيرونه، ويقولون: كساك الله قميصاً فخلعته.
فيقول: ما ترون، أستقيله البيعة؟ فيقولون: نعم.
فيأتيه إلى إيليا، فيقول: أقلني.
فيقول: أني غير فاعل.
فيقول: بلى.
فيقول له: أتحب أن أقيلك؟ فيقول: نعم.
فيقيله، ثم يقول: هذا رجل قد خلع طاعتي.
فيأمر به عند ذلك فيذبح على بلاطة إيليا.
ثم يسير إلى كلب فينهبهم، فالخائب من خاب يوم نهب كلب.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن، من طرق كثيرة.
وفي بعضها قال: يسبقه حتى يترك إيليا، ويتابعه الآخر فرقاً منه، ثم يندم فيستقيله، ثم يأمر بقتله وقتل من أمره بالغدر.
وعن عبد الله بن عياس، رضي الله عنهما قال: إذا خسف
بجيش السفياني قال صاحب مكة: هذه العلامة التي كنتم تخبرون بها. فيسيرون إلى الشام، فيبلغ صاحب دمشق، فيرسل إليهم ببيعته ويبايعه، ثم تأتيه كلب بعد ذلك، فيقول: ما صنعت؟ انطلقت إلى بيعتنا فخلعتها وجعلتها له.
فيقول: ما أصنع؟ أسلمني الناس.
فيقولون: فإنا معك، فاستقل بيعتك.
فيرسل إلى الهاشمي، فيستقيله البيعة.
ثم يقاتلونه، فيهزمُهم الهاشمِي، فيكون يومئذ من ركز رمحه على حي من كلب كانوا له، فالخائب من خاب من غنيمة كلب.
أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد، في كتاب الفتن.
وعن أبي جعفر، عليه السلام، قال: إذا استولى السفياني على الكور الخمس، فغدوا له تسعة أشهر، يعني ثم يظهر المهدي عليه السلام.
وزعم هشام أن الكور الخمس: دمشق، وفلسطين، والأردن، وحمص، وحلب. وعن أبي جعفر محمد بن علي، عليهما السلام، أنه قال: السفياني والمهدي في سنة واحدة.
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، أنه قال: السفياني والمهدي في سنة واحدة.
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسيا، حتى تشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم، ثم ينفتق عليهم فتق من خلفهم، فتق من خلفهم، فتقبل طائفة
منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خُراسان، ويقتلون شيعة آل محمد صلى الله عليه وسلم ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي.
دخ الحافظ أبو عبد الله الحاكم، في مستدركه.
وعن أبي عبد الله الحسين بن علي، عليهما السلام أنه قال: إن لله مائدة. وفي رواية: مأدبة بقرقيسيا، يطلع مطلع من السماء، فيندي: يا طير السماء ويا سباع الأرض هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين.
وعن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر، الزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً، حتى ترى علامات أذكرها لك، إن أدركتها؛ أولها اختلاف بني العباس، وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدث به بعدي، وينادي مناد من السماء، يحكم. الصوت من ناحية دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحية الترك، ويعقبها هرج الروم، وتنزل الترك الجزيرة، وتنزل الروم الرملة، فتلك السنة يا جابر فيها اختلاف كثير في كل أرض.
ويختلف في أرض الشام ثلاث رايات، راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني فيلقى الأبقع فيقتتلون، فيقتله السفياني ومن معه، ثم يقتل
الأصهب.
ثم لا يكون لهم هم إلا الإقبال نحو العراق، وتمر جيوشه بقرقيسيا، فيقتتلون بها، فيقتل من الجبارين مائة ألف.
ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة، وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً.
فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من خراسان، تطوي المنازل طياً حثيثاً، وهم نفر من أًحاب المهدي، عليه السلام، فيخرج رجل من موالي أهل الكوفة، في ضعفتها فيقتله أمير جيش السفياني بين الكوفة والحيرة.
ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فينفر المهدي منها إلى مكة فيبلغ أمير جيشه السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على أثره، فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب، على سنة موسى بن عمران، عليهما السلام.
وينزل أمير جيش السفياني بالبيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء أبيدي القوم. فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلا ثلاث نفر، يحول الله تعالى وجوههم إلى أقفيتهم، وهم كلب.
قال: فيجمع الله تعالى للمهدي أصحابه، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، يجمعهم الله تعالى على غير ميعاد وقزع كقزع الخريف، فيبايعونه بين الركن والمقام.
قال: والمهدي، يا جابر، رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة.
ولنختم هذا الفصل بشيء من كلام الإمام علي بن أبي طالب، هازم الأطلاب، فيما تضمنه من الأهوال الشديدة، والأمور الصعاب، وخروج الإمام المهدي، مفرج الكرب، ومفرق الأحزاب، وفي ذلك أدل دليل على فضله وكراماته، بلغه الله تعالى أفضل سلامه وتحياته.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: تختلف ثلاث رايات؛ راية بالمغرب، ويل لمصر وما يحل بها منهم، وراية بالجزيرة وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة.
ثم يخرج رجل من ولد العباس بالشام، حتى تكون منهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم حفاة، أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب الشام وفلسطين، فتجتمع رؤساء الشام وفلسطين، فيقولن: اطلبوا ملك الأول: فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال لها حرستا، فإذا أحس بهم هرب إلى أخواله كلب، وذلك دهاء منه.
ويكون بالوادي اليابس عدة عديدة، فيقولون له: يا هذا، ما يحل لك أن تضيع الإسلام، أما ترى ما الناس فيه من الهوان والفتن؟ فاتق الله واخرُجُ، أما تنصر دينك؟ فيقول: لست بصاحبكم.
فيقولون: ألست من قريش، من أهل بيت الملك القديم، أما تغضب لأهل بيتك، وما نزل بهم من الذل والهوان؟! ويخرج راغباً في الأموال والعيش الرغد، فيقول: اذهبوا إلى حلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدة.
ثم يجيئهم، فيخرج في يوم جمعة، فيصعد منبر دمشق، وهو أول منبر يصعده، فيخطب ويأمرهم بالجهاد، ويبايعهم على أنهم لا يخالفون له أمراً، رضوه أم كرهوه.
فقام رجل فقال: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هو حرب بن عنبسة بن مرة بن كلب بن سلمة بن يزيد بن عثمان بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، ملعون في
السماء، ملعون في الأرض، أشر خلق الله عز وجل أباً، وألعن خلق الله جداً، وأكثر خلق الله ظلماً.
قال: ثم يخرج إلى الغوطة، فما يبرح حتى يجتمع الناس إليه، وتتلاحق به أهل الضغائن، فيكون في خمسين ألفاً، ثم يبعث إلى كلب، فيأتيه منهم مثل السيل، ويكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العباس، فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف الثلاث رايات، رجال ولد العباس هم الترك والعجم، وراياتهم سوداء، وراية البربر صفراء، وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الأردن قتالاً شديداً، فيقتل فيما بينهم ستون ألفاً، فيغلب السفياني، وإنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل: والله ما كان يقال فيه إلا كذب.
والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم منه ما قالوا ذلك.
فلا يزال يعدل حتى يسير، ويعبر الفرات، وينزع الله من قلبه الرحمة.
ثم يسير إلى الموضع المعروف بقرقيسيا، فيكون له بها وقعة عظيمة، ولا يبقى بلد إلا بلغه خبره، فيداخلهم من ذلك الجزع.
ثم يرجع دمشق، وقد دان له الخلق، فيجيش جيشين؛ جيش إلى المدينة، وجيش إلى المشرق، فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً.
وأما جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح به صائح، وهو جبريل، عليه السلام، فلا يبقى منهم أحد إلا خسف الله به.
ويكون في أثر الجيش رجلان، يقال لهما بشير ونذير، فإذا أتيا الجيش لم يريا إلا رؤوساً خارجةً على الأرض، فيسألان جبريل عليه السلام: ما أصاب الجيش؟ فيقول: أنتما منهم؟ فيقولان: نعم.
فيصيح بهما، فتتحول وجوههما القهقهرى.
ويمضي أحدهما إلى المدينة وهو بشير، فيبشرهم بما سلمهم الله عز وجل منه، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني، فيخبره بما نال الجيش عند ذلك.
قال: " وعند جهينة الخبر اليقين " لأنهما من جهينة.
ثم يهرب قوم من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم: رد إلي عبيدي. فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم على الدرج، شرقي مسجد دمشق فلا ينكر ذلك عليه.
ثم يسر في سبعين ألفاً نحو العراق، والكوفة، والبصرة.
ثم يدور الأمصار والأقطار، ويحل عرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم، ويخرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزاهر في الأسواق، والشرب على قوارع الطرق، ويحل لهم الفواحش ويحرم عليهم كل ما افترضه الله عز وجل عليهم من الفرائض، ولا يرتدع عن الظلم والفجور بل يزداد تمرداً وعتواً وطغياناً، ويقتل من كان اسمه محمداً، وأحمد؛ وعلياً، وجعفر، وحمزة، وحسناً، وحسيناً، وحسيناً، وفاطمة، وزينب، ورقية، والإمام كلثوم، وخديجة، وعاتكة حلقاُ وبغضاً لبيت آل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما ذنبنا؟ فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسناً وحسيناً فيصلبهما.
ثم يسير إلى الكوفة، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال، ويصلب على باب مسجد طفلين أسماؤهما حسن وحسين، فتغلي دماؤهما كما غلي دم يحيى بن زكريا، عليهما السلام، فإذا رأى ذلك أيقن بالهلاك والبلاء، فيخرج هارباً منها، متوجهاً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالفه.
فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك.
ويخرج السفياني وبيده حربة، فيأخذ امرأة حاملاً، فيدفعها
إلى بعض أصحابه، ويقول: افجر بها في وسط الطريق.
فيفعل ذلك ويبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك.
فتضطرب الملائكة في السماء، فيأمر الله عز وجل جبريل عليه السلام فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الفرج، وهو المهدي عليه السلام، خارج من مكة، فأجيبوه.
ثم قال عليه السلام: ألا أصفه لكم، لا وإن الدهر فينا قسمت حدوده، ولنا أخذت عهوده، وإلينا ترد شهوده، ألا وإن أهل حرم الله عز وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهدنا، ألا فهو أشبه خلق الله عز وجل برسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه على اسمه، واسم أبيه على اسم أبيه، من ولد ابنة محمد، صلى الله عليه وسلم من ولد الحسين، ألا فمن تولى غيره لعنه الله.
ثم قال عليه السلام: فيجمع الله عز وجل أصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنهم ليوث خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لوهموا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها، الزي واحد، واللباس واحد، كأنما آباؤهم أب واحد.
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: وإني لأعرفهم، وأعرف أسماءهم.
ثم سماهم، وقال: ثم يجمعهم الله عز ودجل، من مطلع الشمس إلى مغربها، في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكة، فيشرف عليهم أهل مكة فلا يعرفونهم، فيقولون: كبسنا أصحاب السفياني.
فإذا تجلى لهم الصبح يرونهم طائعين مصلين، فينكرونهم، فعند ذلك يقيض الله لهم من يعرفهم المهدي عليه السلام، وهو مختف، فيجتمعون إليه، فيقولون له: أنت المهدي؟ فيقول: أنا أنصاري.
والله ما كذب؛ وذلك أنه ناصر الدين.
ويتغيب عنهم فيخبرونهم أنه قد لحق بقبر جده، عليهما السلام فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحس بهم رجع إلى مكة، فلا يزالون به إلى أن يجيبهم، فيقول لهم: إني لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة تلزمكم، لا تغيرون منها
شيئاً، ولكم علي ثمان خصال.
قالوا: قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيخرجون معه إلى الصفا، فيقول: أنا معكم على أن لا تولوا، ولا تسرفوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً إلا بحقه، ولا تكنزوا ذهباً ولا فضة ولا تبراً ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بغير ما تعلمون، ولا تخربوا مسدداً، ولا تقبحوا مسلماً، ولا تعلنوا مؤاجراً إلا بحقه، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها رباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا بمستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حق جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر.
فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا أتخذ حاجباً، ولا ألبس إلا كما تلبسون، ولا أركب إلا كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وأعبد الله عز ودجل حق عبادته، وأفي لكم وتفوا لي.
قالوا: رضينا واتبعناك على هذا.
فيصافحهم رجلاً رجلاً.
ويفتح الله عز وجل له خراسان، وتطيعه أهل اليمن، وتقبل الجيوش أمامه، ويكون همدان وزاراءه، وخولان جيوشه، وحمير أعوانه، ومصر قواده، ويكثر الله عز وجل دمعه بتميم، ويشد ظهره بقيس، ويسير ورايته أمامه، وعلى مقدمته عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتحالفه ثقيف وعداف، وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق، ويلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثني عشر ألف فارس، فيقول: يا ابن عم، أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، وأنا المهدي.
فيقول المهدي عليه السلام: بل أنا المهدي.
فيقول الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟ فيومئ المهدي، عليه السلام إلى
الطير فتسقط على يده، ويغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضر ويورق.
فيقول له الحسني: يا ابن عم هي لك. ويسلم إليه جيشه، ويكون على مقدمته، واسمه على اسمه.
وتقع الضجة بالشام: لا إن أغراب الحجاز قد خرجوا إليكم.
فيجتمعون إلى السفياني بدمشق، فيقولون: أغراب الحجاز قد جمعوا علينا.
فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب العدة والسلاح اخرج بنا إليهم.
فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتى يخرجوه، فيخرج بخيله ورجاله وجيشه، في مائتي ألف وستين ألفاً، حتى ينزلوا ببحيرة طبرية، فيسير المهدي، عليه السلام، بمن معه، لا يحدث في بلد حادثة إلا الأمن والأمان والبشرى، وعن يمينه جبريل، وعن شماله ميكائيل، عليهما السلام، والناس يلحقونه من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية.
ويغضب الله عز وجل على السفياني وجيشه، ويغضب سائر خلقه عليهم، حتى الطير في السماء فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال لترميهم بصخورها، فتكون وقعة يهلك الله فيها جيش السفياني، ويمضي هارباً، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به إلى المهدي عليه السلام، وهو يصلي العشاء الآخرة، فيبشره، فيحفف في الصلاة ويخرج.
ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه وسحب، فيوقفه بين يديه، فيقول السفياني للمهدي: يا ابن عمي، من علي بالحياة كون سيفاً بين يديك، وأجاهد أعداءك.
والمهدي جالس بين أصحابه، وهو أحيى من عذراء فيقول: خلوه.
فيقول أصحاب المهدي: يا ابن بنت رسول الله تمن عليه بالحياة، وقد قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم! ما نصبر على ذلك.
فيقول: شأنكم وإياه، اصنعوا به ما شئتم. وقد كان خلاه وأفلته.
فيلحقه صباح في جماعة، إلى عند السدرة، فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه، ويأتي به المهدي، فينظر شيعته إلى الرأسي، فيكبرون ويهللون، ويحمدون الله تعالى على ذلك.
ثم يأمر المهدي بدفنه، ثم يسير في عساكره، فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه، فيقيم في دمشق مدة، ويأمر بعمارة جامعها.
وإن دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، وهي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت، ألا وفيها آثار النبيين، وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ بها موضعاً ولو مربط شاة فإن ذلك خير من عشر حيطان المدينة تنتقل أخيار العراق إليها، ثم إن المهدي يبعث جيشاً إلى أحياء كلب، والخائب من خاب من سبي كلب.